الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِقْرَارَيْنِ كَانَ أَوَّلًا جَازَ الْأَوَّلُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ مِنْ الْآخِرِ يُقْضَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ذِمِّيٌّ فِي يَدِهِ أَرْضٌ أَقَرَّ بِأَنَّ مُسْلِمًا وَقَفَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْغَزْوِ أَوْ سَمَّى وَجْهًا آخَرَ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، جَازَ إقْرَارُهُ وَيَجْرِي عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي سَمَّاهَا، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ وَقَفَهَا عَلَى الْبِيَعِ أَوْ سَمَّى وَجْهًا لَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، بَطَلَ إقْرَارُهُ وَأُخْرِجَتْ الْأَرْضُ مِنْ يَدِهِ وَجُعِلَتْ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي غَصْبِ الْوَقْفِ]
(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي غَصْبِ الْوَقْفِ) رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا أَوْ دَارًا وَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ وَوَلَّاهُ الْقِيَامَ بِذَلِكَ فَجَحَدَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَهُوَ غَاصِبٌ يُخْرِجُ الْأَرْضَ مِنْ يَدِهِ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْوَاقِفُ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مَيِّتًا وَجَاءَ أَهْلُ الْوَقْفِ يُطَالِبُونَ بِهِ نَصَّبَ الْقَاضِي قَيِّمًا يُخَاصِمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ دَخَلَهَا نَقْصٌ ضَمِنَ مَا كَانَ مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ جُحُودِهِ وَيُعَمَّرُ بِهِ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ، وَلَوْ غَصَبَهَا مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ وَالِيهَا غَاصِبٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ أَبَى وَثَبَتَ غَصْبُهُ عِنْدَ الْقَاضِي حَبَسَهُ حَتَّى رَدَّ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ الْوَقْفَ نَقْصٌ غَرِمَ النُّقْصَانَ وَيُصْرَفُ إلَى مَرَمَّةِ الْوَقْفِ وَيُعَمَّرُ بِهِ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ وَلَا يُقَسَّمُ بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَادَ فِي الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِأَنْ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ أَوْ أَلْقَى فِي ذَلِكَ السِّرْقِينَ وَاخْتَلَطَ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَرِدُّ الْأَرْضَ مِنْ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَرَدِّ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ أَضَرَّ بِالْوَقْفِ بِأَنْ خَرَّبَ الْأَرْضَ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَالدَّارَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْفَعَ الْبِنَاءَ أَوْ يَقْلَعَ الشَّجَرَ إلَّا أَنَّ الْقَيِّمَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ مَقْلُوعًا وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ مَرْفُوعًا إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي يَكْفِي لِذَلِكَ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَيُعْطَى الضَّمَانُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ قَطْعَ الْأَشْجَارِ مِنْ أَقْصَى مَوْضِعٍ لَا يُخَرِّبُ الْأَرْضَ كَانَ
لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ يَضْمَنُ الْقَيِّمُ لَهُ قِيمَةَ مَا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ صَالَحَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْغَرْسِ عَلَى شَيْءٍ جَازَ إذَا كَانَ فِيهِ صَلَاحُ الْوَقْفِ وَكَذَا فِي الْعِمَارَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِنْ غَصَبَ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ رَجُلٌ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ مَا صَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَالْقَيِّمُ لَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ إنَّمَا يَتْبَعُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ إذَا كَانَ الثَّانِي مَلِيًّا يُرِيدُ بِهِ إذَا غَصَبَهَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ يَدِ ثَالِثٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَى مِنْ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ وَإِذَا اتَّبَعَ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا بِالضَّمَانِ بَرِئَ الْآخَرُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا يَشْتَرِي بِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَيَقِفُهَا مَكَانَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ رَدَّ الْقِيمَةَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى حَالِهَا وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَبْسُهَا إلَى أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ الْقِيمَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْغَاصِبِ فَضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَإِنْ ضَاعَتْ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْقَيِّمِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا أَرْضًا أُخْرَى ثُمَّ رُدَّتْ أَرْضُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى مَا كَانَتْ وَضَمِنَ الْقَيِّمُ الْقِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْقَيِّمُ بِذَلِكَ فِي غَلَّاتِ الْوَقْفِ اسْتِحْسَانًا وَلَكِنْ يَرْجِعُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ سِوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ حِينَ أَخَذَ الْقِيمَةَ اشْتَرَى بِهَا أَرْضًا أُخْرَى لِلْوَقْفِ ثُمَّ رُدَّتْ الْأَرْضُ الْأُولَى عَلَيْهِ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى حَالِهَا وَخَرَجَتْ الْأَرْضُ عَنْ الْوَقْفِيَّةِ وَكَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيُوفِيَ مِنْ ثَمَنِهَا الْقِيمَةَ الَّتِي قَبَضَهَا فَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْقَيِّمِ فِي مَالِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي غَلَّاتِ الْوَقْفِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ بِهَا فَبَاعَهَا الْقَيِّمُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ ثُمَّ رُدَّتْ الدَّارُ الْأُولَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ ضَمِنَ الْقَيِّمُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَبِيعُ أَرْضَ الْوَقْفِ الَّتِي رُدَّتْ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي غَرِمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا غَصَبَ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ أَوَالْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ فَهَدَمَ بِنَاءَ الدَّارِ وَقَلَعَ الْأَشْجَارَ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخِيلِ وَالْبِنَاءِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ الْغَاصِبُ عَلَى رَدِّهَا وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَقِيمَةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخِيلِ ثَانِيًا فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَتْ الدَّارُ وَالْأَرْضُ وَالنَّقْصُ وَالْأَشْجَارُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ظَهَرَتْ الدَّارُ، قَدَرَ
الْغَاصِبُ عَلَى رَدِّ الدَّارِ وَالنَّقْضِ وَالْأَشْجَارِ فَالْغَاصِبُ يَرُدُّ الْعَرْصَةَ عَلَى الْوَاقِفِ وَأَمَّا النَّقْصُ وَالشَّجَرُ فَيَكُونُ لِلْغَاصِبِ وَيَرُدُّ الْقَيِّمُ عَلَى الْغَاصِبِ حِصَّةَ الْعَرْصَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ جَنَى عَلَى الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ جَانٍ وَأَخَذَ الْغَاصِبُ مِنْهُ قِيمَتَهُ وَالْغَاصِبُ مُعْدِمٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُضَمِّنَ الْجَانِيَ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَرَعَ الْأَرْضَ فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ يُجْعَلُ فِي عِمَارَتِهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ نَخِيلٌ وَأَشْجَارٌ اسْتَغَلَّهَا الْغَاصِبُ سِنِينَ يَعْنِي الْأَشْجَارَ وَالنَّخِيلَ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ رَدَّ الْغَلَّةَ مَعَهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً ضَمِنَ مِثْلَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا أُخِذَ مِنْ الْغَاصِبِ مِنْ بَدَلِ الْغَلَّةِ فُرِّقَ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي سَبَّلَهَا عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
غَصَبَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَفِيهَا نَخِيلٌ وَأَشْجَارٌ فَقَلَعَ الْأَشْجَارَ وَالنَّخِيلَ رَجُلٌ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ فَالْقَيِّمُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ وَالنَّخِيلُ ثَابِتًا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَالِعَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْقَالِعِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْقَالِعَ لَمْ يَرْجِعْ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْ الْقَيِّمُ أَحَدَهَا حَتَّى ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْقَالِعَ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا قَلَعَ فَجَاءَ الْقَيِّمُ وَأَرَادَ تَضْمِينَ الْقَالِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ غَصَبَ ضَيْعَةً مَوْقُوفَةً فَخَاصَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَتُرَدُّ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ غَصَبَ الْوَقْفَ أَحَدٌ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَقُّ الْخُصُومَةِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَقْفٌ عَلَى نَفَرٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ لَا يُمْكِنُ انْتِزَاعُهُ مِنْ يَدِهِ فَادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ هَذَا الظَّالِمِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَأَرَادُوا تَحْلِيفَهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَتْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الدُّورِ وَالْعَقَارِ الْمَوْقُوفَةِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ، كَمَا أَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا وَمَتَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ فَيُشْتَرَى بِهَا ضَيْعَةٌ أُخْرَى فَتَكُونُ وَقْفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَقَفَ مَوْضِعًا فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَاصِبٌ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُؤْخَذُ مِنْ الْغَاصِبِ قِيمَتُهُ وَيُشْتَرَى بِهَا مَوْضِعٌ آخَرَ فَيُوقَفُ عَلَى
شَرَائِطِهِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا جَحَدَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا، وَالشَّيْءُ الْمُسَبَّلُ إذَا صَارَ مُسْتَهْلَكًا وَجَبَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ كَالْفَرَسِ الْمُسَبَّلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذَا قُتِلَ فَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ الْمَشَايِخُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً لَهُ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ زَرَعَهَا وَأَنْفَقَ فِيهَا وَأَخْرَجَتْ زَرْعًا وَالْبُذُورُ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ فَقَالَ: أَنَا زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي بِبَذْرِي، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: زَرَعْتَهَا لِلْوَقْفِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ الزَّارِعِ وَالزَّرْعُ لَهُ فَإِنْ سَأَلَ أَهْلُ الْوَقْفِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَقَدْ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ وَلَكِنْ يَتَقَدَّمُ فِي زِرَاعَتِهَا لِلْوَقْفِ فَإِنْ احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَقْفِ عِنْدَهُ مَالٌ وَلَا بَذْرٌ، قَالَ الْقَاضِي: اسْتَدِنْ عَلَى الْوَقْفِ وَاجْعَلْ مَا تَسْتَدِينُ بِهِ فِي الْبُذُورِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ، فَإِنْ قَالَ: لَا يُمْكِنُنِي؛ قَالَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ: اسْتَدِينُوا أَنْتُمْ مَا تَشْتَرُونَ بِهِ بَذْرًا وَمَا يَكُونُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَأْخُذُوا ذَلِكَ مِمَّا يَجِيءُ بِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، فَإِنْ قَالُوا: لَا نَأْمَنُ أَنْ نَسْتَدِينَ نَحْنُ وَنَشْتَرِيَ الْبَذْرَ، وَكَمَا صَارَ فِي يَدِ الْوَاقِفِ جَحَدَ ذَلِكَ، لَكِنْ نَحْنُ نَزْرَعُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَقَفَ أَحَقُّ بِالْقِيَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا عَلَيْهِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُتْلِفَهُ فَإِنْ زَرَعَ الْوَاقِفُ الْأَرْضَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ مِنْ غَرَقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَذَهَبَ الزَّرْعُ فَقَالَ: اسْتَدَنْت وَزَرَعْت هَذَا الزَّرْعَ الَّذِي عَطِبَ لِلْوَقْفِ وَجَاءَتْ غَلَّةٌ أُخْرَى فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ اسْتَدَانَهُ لِذَلِكَ، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: إنَّمَا زَرَعَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْوَاقِفِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْغَلَّةِ مَا اسْتَدَانَ لِهَذَا الزَّرْعِ فَإِنْ قَالَ الْوَاقِفُ: اسْتَدَنْت أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَيْت بِهَا بَذْرًا وَأَنْفَقْت عَلَيْهِ، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: إنَّمَا أَنْفَقْتَ مِنْ ثَمَنِ الْبَذْرِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ خَمْسُمِائَةٍ، قَالَ: يُصَدَّقُ الْوَاقِفُ فِي مِقْدَارِ مَا يُنْفَقُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفَ وَالِي الْوَقْفِ يَعْنِي الْقَيِّمَ وَأَهْلُ الْوَقْفِ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ الْوَالِي: زَرَعْتُهَا لِنَفْسِي بِبَذْرِي وَنَفَقَتِي، وَقَالَ أَهْلُ الْوَقْفِ: بَلْ زَرَعْتَهَا لَنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَالِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.