الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد أرضي بذلك ربه، وأسعد حياته ومن لم يقبل بالدخول فيه طوعاً كان لابد أن يحمل عليه كرهاً، وإنما سبيل ذلك الجهاد.
فمن قال لك: إن الناس أحرار يدينون بما يشاؤون، ويحكمون بما يريدون، فقل،: أي دولة من دول الأرض تقبل هذا المنطق من رعاياها عندما تلزمهم بقانونها المصنوع، وتشريعها الموضوع، وكيف جاز لهذه الدول أن تهدد المتمردين إن تمردوا ثم تقتلهم وتسوي بهم الأرض إن هم أصروا وعاندوا، ثم لا يجوز لرب هذه الأمم والدول كلها أن يلزمهم بتشريعه، وأن يحكمهم بقانونه؟!
3 -
درء أسباب الشقاق والخصومات الناتجة عن الإعراض عن تشريع الله وحكمه، والاستعاضة عنهما بتشريعات البشر وأحكامهم، فإن الناس إذا لم يدخلوا خاضعين تحت حكم خالقهم الفرد الصمد جل جلاله، اضطروا إلي أن يتواضعوا فيما بينهم على تشريعات هم الذين يؤلفونها، ولا بد أن تتدخل في الخلاف، وتتصارع الاتهامات، ثم لابد أن يتحول الشقاق إلي حرب مستمرة وشقاق لا نهاية له، وإنما المفر من ذلك تحكيم شرع الله، وليس من سبيل لذلك في كثير من الظروف إلا الجهاد وقد عبر البيان الآلهي عن هذه الحكمة أروع تعبير في هذه الآية:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلَا عُدْوَانَ إِلَاّ عَلَى الظَّالِمِينَ} (سورة البقرة: 193).
شروط وجوب الجهاد:
هناك شروط تتعلق بالمجاهدين، وشروط تتعلق بالكفار.
أولاً: الشروط التي تتعلق بالمجاهدين:
إنما يجب الجهاد (عندما يكون فرض كفاية) على من توفرت فيه الشروط التالية:
1 -
الإسلام: فلا يجب على كافر أصلي وجوب مطالبة في دار الدنيا، لأن الجهاد عبادة وهي لا تصح من كافر، شأنه في ذلك كشأن الصلاة والصوم ونحوهما.
2 -
التكليف: فلا يجب الجهاد على صبي، ولا علي مجنون وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرد صغاراً لم يصلوا إلي سن التكليف عن الاشتراك في الغزو.
روي البخاري [2521] في الشهادات، باب: بلوغ الصبيان وشهادتهم، ومسلم [1868] في الإمارة، باب: بيان سن البلوغ، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه، قال:(عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني) أي فأذن لي بالخروج والاشتراك في القتال.
3 -
الذكورة: فلا يجب الجهاد على أنثي، لضعفها عن القتال، ولأن الأمر فيه سعة، بسبب كونه فرض كفاية، فيكفي أن يقوم به الرجال، وهم أقدر عليه من النساء بغير شك.
روي البخاري [1762] في الإحصار وجزاء الصيد، باب: حج النساء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نغزوا ونجاهد معكم؟ فقال: لكن أحسن الجهاد وأجمله، حج مبرور.
وروي ابن خزيمة [3074] في الحج، باب الدليل على أن جهاد النساء الحج والعمرة، وغيره بأسانيد صحيحة عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: يا رسول الله، هل على النساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة.
4 -
الاستطاعة: وتشمل الاستطاعة الجسمية مطلقاً، والاستطاعة المالية إذا لم يكن لدي الدولة ما تغني به المجاهدين من ركوب وعتاد ونفقة، ونحو ذلك، فلا يجب الجهاد على من ليس مستطيعاً على نحو ما ذكرنا كالأعمى والأعرج، وفاقد النفقة، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:{لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَاّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} (سورة التوبة: 91 - 92).
[الحرج: الإثم والذنب، ونفي الحرج نفي للإثم والذنب، وهو يتضمن نفي الوجوب]