الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حد السرقة:
إذا ثبتت السرقة بالشروط الآتي ذكرها أمام القضاء، وجب إقامة الحد على هذا السارق، والحد هو قطع اليد من مفصل الكوع ـ والكوع طرف الزند الذي يلي الإبهام ـ أي تقطع اليد من مفصل الكف، ودليل ذلك قوله تعالى:: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (سورة المائدة: 38). وحديث عمرو بن شعيب: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق فقطع يده من مفصل الكف. (رواه الطبراني، انظر: مغني المحتاج [4/ 77]).
وروى البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قام فاختطب فقال: أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها". (رواه البخاري [6406] في الحدود، باب: كراهية الشفاعة في الحدود إذا رفع إلى السلطان؛ ومسلم [1688] في الحدود، باب: قطع السارق الشريف، عن عائشة رضي الله عنها.
تقطع يد السارق اليمنى ـ كما قلنا ـ إن سرق أول مرة، فإن سرق ثانية بعد قطع اليمنى تقطع رجله اليسرى، فإن سرق ثالثة بعد قطع رجله اليسرى قطعت يده اليسرى، فإن سرق رابعة بعد قطع يده اليسرى قطعت رجله اليمنى، فإن سرق بعد ذلك يعزر، فيعاقبه الحاكم بما يراه رادعاً.
روى الشافعي في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السارق: "إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله". (الأم [6/ 138]).
شروط إقامة الحد على السارق:
ليس كل سارق تقطع يده، بل لا بد لإقامة حد القطع من استيفاء ثمانية شروط:
الأول: البلوغ، فلا تقطع يد الصبي الذي لم يبلغ، لأنه رفع التكليف عنه، لحديث "رفع القلم عن ثلاثة. . . " ومنها الصبي حتى يحتلم. (رواه ابن ماجه [2045] في الطلاق، باب: طلاق المكره).
الثاني: العقل، فلا تقطع يد المجنون، لأنه رفع التكليف عنه للحديث السابق أما السكران الذي زال عقله بسبب السكر، فإنه يقام عليه إن كان متعدياً في سكره، وإلا فلا.
الثالث: أن لا يكون مكرهاً، لأن المكره رفع القلم عنه كما في الحديث.
الرابع: أن يبلغ المال الذي سرقه نصاباً، والنصاب ما يساوي ربع دينار فصاعداً، والدينار الواحد يساوي ثلاثة دراهم، لأن صرف الدينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اثني عشر درهماً، فربع الدينار يساوي ثلاثة دراهم.
روى البخاري [6407] في الحدود، باب: قول الله {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} ؛ ومسلم [1684] في الحدود، باب: حد السرقة ونصابها ـ واللفظ لمسلم ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً".
وروى البخاري [6411] في الحدود، باب: وفي كم يقطع؛ ومسلم [1686] في الحدود، باب: حد السرقة ونصابها، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.
[والمجن: الترس].
الخامس: أن يؤخذ المال المسروق من حرز مثله، وحرز المثل هو المكان الذي يحفظ فيه أو في مثله عادة المال المسروق، فالنقود إنما تحفظ في الصناديق وما على شاكلتها، والثياب تحفظ في الخزائن ونحوها، ومرجع ذلك كله إلى العرف وأهله.
فلو سرق المال من مكان لم يجر العرف والعادة بوضعه فيه وجعله حرزاً له، لم يجز معاقبة السارق بالقطع، دليل ذلك خبر أبي داود [4390] في الحدود، باب: ما لا قطع فيه، عن عبدالله بن العاص رضي الله عنهما؛ وغيره،