الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكمة من وجود أربعة شهداء في الزنى:
الحكمة من طلب أربعة شهداء على ثبوت حد الزني، أن الزني لما كان يقوم بين اثنين: الرجل والمرأة، صار كالشهادة على فعلين، فاحتاج إلي أربعة من الشهود.
وكذلك فإن الزني من أغلظ الفواحش، فغلظت الشهادة فيه ليكون أستر على الناس. وإنما تقبل شهادة الشهود في الزني، إذا قالوا: حانت منا التفاته فرأينا ذلك كاملاً، أو قالوا: إنا تعمدنا النظر لأداء الشهادة.
الضرب الثاني: وهذا يقبل فيه رجلان اثنان، وهو ما سوى الزني من حقوق الله عز وجل، مثل الردة، وقطع الطريق، وقتل النفس، والسرقة، وشرب الخمر.
ودليل ذلك عموم قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} (سورة البقرة: 282). وقوله عز وجل: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} (سورة الطلاق: 2). وقوله صلى الله عليه وسلم: " شاهداك أو يمينه ". (رواه مسلم: [138]).
وقول الزهري: (مضت السنة بأنه لا يجوز شهادة النساء في الحدود).
الضرب الثالث: وهذا يقبل فيه شهادة رجل واحد، وهو هلال رمضان بالنسبة للصوم، وذلك احتياطاً له. إذ الخطأ في فعل العبادة أقل مفسدة من الخطأ في تركها، ولذلك لا يقبل في هلال شوال أقل من شاهدين رجلين.
روي أبو داود [2342] في الصوم، باب: شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، عن أبي عمر رضي الله عنهما، قال: تراءي الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رايته فصامه وأمر الناس بصيامه.
النوع الثاني: حق العباد:
وهذا النوع أيضاً على ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين، وهو مالا يقصد منه المال، ويكون مما يطلع عليه الرجال: كالطلاق، والرجعة، والإسلام والردة، والجرح، والتعديل، والوقف والوصية، ونحو ذلك.
ودليل ذلك أن الشريعة نصت علي شهادة الرجلين في النكاح والطلاق والوصية، وقيس عليها ما لم يذكر فيها نص، مما هو مثلها من كل حق لآدمي لا يقصد به المال. قال تعالى، في الطلاق:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} (سورة الطلاق: 2)
وقال عز وجل في الوصية: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} (سورة المائدة: 106).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزواج: " لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل ". (رواه الشافعي في مسنده، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إنه اصح شيء في الباب ـ انظر: مغني المحتاج 3/ 155 ـ ورواه ابن حبان [1247] وقال: لا يصح في ذكر الشاهدين غيره).
وقال الزهري رحمه الله: مضت السنّة بأن لا يجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح والطلاق.
الضرب الثاني: يقبل فيه شاهدان رجلان، أو رجل وامرأتان، أو شاهد ويمين المدعى، وهو كل حق كان القصد منه المال، من عين أو دين أو منفعة، كالبيع، والإقالة، والحوالة، والضمان، والإجارة، والرهن، والشفعة، ونحوهما.
ودليل ذلك قول الله عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} (سورة البقرة: 282).
وروي مسلم [1712] في الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد. وفي مسند الشافعي: قال عمرو ـ أي ابن دينار راويه عن ابن عباس ـ: في الأموال. [الأم: 6/ 156 هامش]. وقيس ما ذكر غيرها من كل حق فيه مال.
الضرب الثالث: يقبل فيه شهادة رجلين، أو شهادة رجل وامرأتين، أو أربع نسوة، وذلك في كل حق للآدمي لا يطلع عليه الرجال غالباً، وذلك مثل الولادة، والرضاعة، والبكارة، وعيوب النساء.