الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ماله، لا من عينه بحيث يبقي ماله بذلك أشبه ببيت يستقر فيه، لا يأتي عليه نقصان ولا تلف.
فإن راعي الولي وجه الغبطة والحيطة في تنمية مال موليه، فخسر المال لسبب لا بد له فيه، لم يضمن، ويصدق الولي بيمينه، إن وقع خلاف بينه وبين المحجور عليه بعد الرشد.
وهل يجوز للولي أن يأخذ أجراً على رعايته لمال المحجور؟ الصحيح أنه إن كان غنياً لم يجز له ذلك، ،إن كان فقيراً، وشغلته هذه الرعاية عن كسبه والتفرغ لشأن نفسه، جاز له أن يأخذ أجراً على ذلك بالمعروف. وإنما يعين القدر الذي يقضي به العرف الحاكم أو من يقوم مقامه. ودليل هذا الحكم قول الله عز وجل:{وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً} (سورة النساء: 6).
أحكام الحجر على المفلس:
المفلس في اللغة، مأخوذ من الفلس، وهو أقل النقود قيمة، ويقصد به من تحولت أمواله إلي فلوس، كناية عن افتقاره.
أما المفلس في اصطلاح الشريعة الإسلامية، فهو من تراكمت عليه ديون حالة زائدة على ماله.
وللحجر على المفلس أحكام مختلفة نجمل أهمها فيما يلي:
أولاً: لا يجوز الحجر علي المفلس إلا إذا زادت الديون التي عليه عن الأموال التي يملكها، فإذا تساويا، أو زادت ممتلكاته عليها لم يجز الحجر عليه، سواء كانت نفقاته من هذه الأموال ذاتها، أم من كسب يومي يكتسبه، لأن الأدلة التي دلت على مشروعية الحجر على المفلس خاصة بما إذا زادت الديون التي عليه على ممتلكاته، ومنها حديث حجره عليه الصلاة والسلام على معاذ بن جبل السابق ذكره، عند عرض الأدلة.
ثانياً: لا يحجر على المفلس إلا بسؤال الغرماء ذلك، فإن اختلفوا فيما بينهم استجيب لرغبة طالبي الحجر يشرط أن تزيد ديونهم بمفردها على مجموع ماله.
ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حجر على معاذ طلب غرماؤه ذلك، ولأن الحجر إنما هو لمصلحة الغرماء، فإذا لم يصرحوا بطلب الحجر، فإن ذلك يعني أنه لم يتبين لهم مصلحة في الحجر، فلا يضار المفلس بذلك.
ثالثاً: إذا أوقع الحاكم الحجر على المفلس، تحولت حقوق الغرماء من التعلق بذمته إلي التعلق بأمواله: أي إن شأنها يصبح كشأن العين المرهونة التي يتعلق بها حق المرتهن.
ولذلك يعطيهم الشارع حق التسلط على هذه الأموال، باستيفاء حقوقهم وديونهم منها.
رابعاً: يسن للحاكم أن يشهر قرار الحجر على المفلس حتى يتقلي الناس من التعامل المطلق معه.
خامساً: يجيب على الحاكم أو من ينيبه عنه أن يبيع ماله، ثم يقسم القيمة بين الغرماء حسب دين كل منهم، ويسن أن يبادر بذلك قدر الإمكان، وعليه أن يتبع مصلحة المحجور عليه في طريقة البيع وكيفيته، كأن يقدم أولاً بيع ما يسرع فساده، كالطعام ونحوه، ثم المنقول، ثم العقار، وكأن يبيع كل شيء في سوقه وثمنه الذي يستحقه ويسن أن يكون ذلك بمشهد من المحجور عليه، وأصحاب الحقوق.
ويجب أن يبقي له الحاكم حاجاته، وحاجات أهله الضرورية بالمستوي اللائق به، من ثياب وقوت ومسكن، فإن كان يمتع نفسه من ذلك ما يزيد على اللائق به نزل به إلي الحد الذي يرى أنه اللائق به
سادساً: إذا قسم المال أو ثمنه على الغارمين، كل منهم بنسبة وجب عليهم أن يمهلوه فيما بقي لهم عليه، إلي أن تحل عقدة عسرته، وذلك عملاً بقول الله عز وجل:{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة: 280)، ولما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثرت ديونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تصدقوا عليه "، فتصدق الناس عليه، ولم يبلغ ذلك وفاء دينه،