الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً والغامدية بإقرارهما. (أخرجه مسلم [1695] في الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنى).
ودليل صحة الرجوع عن الإقرار، وسقوط الحد بالرجوع عنه أنه صلى الله عليه وسلم عرض لماعز بالرجوع عن الإقرار.
روى البخاري [6438] في المحاربين، باب: هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أتى ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت"، قال: لا يا رسول الله.
فلو لم يسقط الحد بالرجوع عن الإقرار؛ لما كان لهذا القول أي معنى.
وأما البينة فهي شهادة أربعة رجال عدول على الزنى، بتعبير صريح غير قابل للاحتمال، مع تعيين المكان الذي جرى فيه، واتفاقهم جميعاً عليه، فلو لم يذكروا المكان، أو اختلفوا في تعيينه لم تثبت البينة ويقام الحد على هؤلاء الشهود، حد القذف الذي يأتي الحديث عنه.
والدليل على اشتراط شهود أربعة قوله تعالى: {وَاللَاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ} (سورة النساء: 15)، وقوله تعالى:{لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (سورة النور: 13).
حد الأمة والرقيق:
إذ زنت الأمة أو العبد وثبت ذلك في حقهما أقيم عليهما الحد، وحد الأمة والعبد خمسون جلدة وتغريب نصف عام، سواء كانا محصنين أم غير محصنين، وذلك لقوله تعالى في حق الإماء:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (سورة النساء: 25) وقيس العبد على الأمة في ذلك بجامع الرق فيهما.
حكم ما يتبع الزنى اللواط ونحوه:
اللواط هو الإتيان في الدبر، سواء أكان المأتي ذكراً أم أنثى، والصحيح من المذهب أن حكمه حكم الزنى، بالنسبة إلى الفاعل، فإن قامت البينة أو أقر، فإن
كان محصناً رجم حتى الموت، وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة، وغرب عن بلده عاماً كاملاً.
ودليل ذلك العموم في قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} . مع قوله سبحانه في عمل لوط: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ} (سورة الأعراف: 80).
وقد ورد في الحديث تسمية من يفعل ذلك زانياً. فقد روى البيهقي [8/ 233] في الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أتى الرجل فهما زانيان".
أما المفعول به غير الزوجة فيجلد ويغرب كالبكر وإن كان محصناً، سواء أكان ذكراً أم أنثى، لأن المحل لا يتصور فيه إحصان. وقيل ترجم المرأة المحصنة.
وفي قول للشافعي أن من يفعل ذلك يقتل، أخذاً من الحديث الذي رواه أصحاب السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"(أخرجه الترمذي [1456] في الحدود، باب: في حد اللواط؛ وأبو داود [2561] في الحدود، باب: من عمل عمل قوم لوط).
وهناك رأي لغير الشافعية أنه يحرق بالنار لما أخرجه البيهقي "أنه اجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريق الفاعل والمفعول به"(سنن البيهقي [8/ 233] كتاب الحدود، باب: ما جاء في حد اللوطي).
وقال الحافظ المنذري: حرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك (الترغيب والترهيب [3/ 289]).
هذا وأما إتيان الزوجة في الدبر فهو حرام ومن الكبائر لما ورد فيه من الأحاديث الكثيرة التي تلعن من يفعل ذلك:
فمن هذه الأحاديث التي وردت في التنفير من ذلك ما روي عن أبي هريرة