الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكفر في الأصل، ويظهر هذا العجز الحكمي، بفقدان أهليه التملك، وفقدان الحقوق المدنية.
الحكمة من مشروعية الرق:
عرفت أن حكم الاسترقاق والمن والفداء داخل في أحكام السياسة الشرعية، ومنوط برأي الحاكم المسلم، يراعي فيه المصلحة العامة للمسلمين.
والحكمة في أن يتخذ الاسترقاق محله بين هذه الخصال التي يخير بينها هي أنه سلاح موجود في أيدي الأعداء بالنسبة لأسرانا عندهم.
فكان من أسس العدالة أن يملك المسلمون هذا السلاح نفسه، ثم يعطي الحاكم صلاحية استعماله، بمجرد أن يري ضرورة لذلك، كأن يجد أعداءنا قد استرقوا أسرانا، وأنت تعلم أن القانون الدولي يقر مبدأ التعامل بالمثل فيما يتعلق بالأسري.
وكان من الإجحاف أن ينسخ هذا السلاح (الاسترقاق الناتج عن الحرب) نسخاً شاملاً، مع استعمال الأعداء له، وشعورهم بالسعادة لكونهم وحدهم الذين يملكون هذا السلاح.
مصير حكم الاسترقاق اليوم:
لا يزال ضرب الرق على أسري الحرب إلي اليوم، حكماً شرعياً من أحكام الإمامة، أي أن الإمام يرى في ذلك رأيه، بناءً على المصلحة العامة للمسلمين.
غير أنه منذ حين بعيد، أبعد هذا الحكم عن التنفيذ، وذلك لعدم وجود مصلحة تدعو إلي ذلك، ولأن دول العالم اتفقت فيما بينها على عدم استرقاق الأسري، فكان في هذا الاتفاق ما أبعد المصلحة الإسلامية عن ضرب الرق عليهم.
واعلم أن أحكام السياسة الشرعية المتعلقة بأبواب الجهاد أشبه ما يكون بما يسمي بأحكام الطوارئ، فكما يجوز لرئيس الدولة أن يعلق القانون، ويعلن حالة الطوارئ، ويقرر ما يشاء تحت هذا العنوان، فكذلك يجوز لإمام المسلمين أن يمارس صلاحيات معينة، وضعها الشارع تحت يده ليستفيد منها عند الضرورة
واللزوم كحكم الرق، وقتل الأسري، وقطع أشجار الكفار وتحريق بيوتهم، ونحو هذا مما يري فيه مصلحة المسلمين.
ومما يجب أن يعلم أن من أسلم من الكفار قبل الأسر، ولو بعد الهزيمة فقد أحرز دمه من القتل، ونفسه من الرق، وصغر أولاده من السبي والاسترقاق، يدل على ذلك قول الله عز وجل:{َإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (سورة التوبة: 5) وقول الله عز وجل: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {(سورة التوبة: 11).
ولا شك أن هذه الأخوة تستلزم المحافظة على أرواحهم وأموالهم وأولادهم ما داموا قد أسلموا قبل وقوعهم أسرى في أيدي المسلمين.
ويدل على هذا أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله " (رواه البخاري [25] في الإيمان، باب: فإن تابوا
…
، ومسلم [22] في الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وهذا ويُحكم على الصغر من الأولاد بالإسلام عند وجود ثلاثة أسباب:
1 -
إسلام أحد أبويهم، فإنه يتبع أشرف أبويه في الدين، تغليباً لجانب الإسلام، وترجيحاً لمصلحة الصغير، وما هو أنفع له، فإن الإسلام صفة كمال وشرف وعلو، قال عليه الصلاة والسلام:" الإسلام يعلو ولا يعلي ". (رواه الدارقطني في سننه، كتاب النكاح، ورواه البخاري تعليقاً في الجنائز، باب: إذا اسلم الصبي. انظر العيني [8/ 169]).
2 -
أن يسبيه مسلم وهو منفرد عن أبويه، فيحكم عندئذ بإسلامه تبعاً لدين من سباه، ترجيحاً لمصلحته كما قلنا.
3 -
أن يوجد لقيطاً في دار الإسلام، فيحكم بإسلامه تبعاً للمكان الذي وجد فيه وتغليباً لجانب الخير بالنسبة له.