الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدليل الذي اقتضي التخصيص ما رواه البخاري ومسلم عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة أنهما حدثا أن عبدالله بن سهل ومحيصة بن مسعود أتيا خيبر فتفرقا في النخل، فقتل عبدالله بن سهل، فجاء عبدالرحمن بن سهل وخويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبدالرحمن وكان أصغر القوم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" كبر الكبر" قال يحيى: يعني ليل الكلام الأكبر، فتكلموا في أمر صاحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أتستحقون قتيلكم أو قال صاحبكم بأيمان خمسين منهم؟ " قالوا: يا رسول الله قوم كفار، ففداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله، قال سهل: فأدركت ناقة من تلك الإبل فدخلت مربدا لهم فركضتني برجلها. (رواه البخاري [5791] في الأدب، باب إكرام الكبير؛ ومسلم [1669] في القسامة، باب: القسامة).
ولهذا الحديث روايات أخرى وألفاظ أخري ولكنها كلها تتفق على غرض واحد.
فكان هذا الحديث مخصصاً لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "البينة على المدعي. . " فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم في دعوى الدم الاعتماد على أيمان المدعي، إن لم يكن معه بينة، وكان ثمة لوث يقوي دليل الاتهام.
كيفية القسامة:
يثبت حكم القسامة في ظل الأمور التالية:
أولا: أن يوجد قتيل في مكان، ولم يتيسر معرفة قاتله بيقين.
ثانياً: أن يدعي أولياؤه أن رجلاً معيناً أو جماعة معينة قتلوه، وليس مع أوليائه بينة تثبت صحة دعواهم.
ثالثاً: أن يكون هناك لوث (أي قرينة) يقرب احتمال الصدق في دعوى أولياء المقتول، كأن وجد قتيلاً بين أعدائه وليس فيهم غيرهم، أو وجد على ثوب المتهم رشاش دم، أو عثر في يده على سكين ملوثة بالدم، أو اجتمع قوم في بيت أو صحراء وتفرقوا عن قتيل، أو شهد عدل واحد أن فلاناً قتله، أو قاله جماعة من
العبيد والنسوان جاؤوا متفرقين بحيث يؤمن تواطؤهم على الكذب أو نحو ذلك من أمارات وعلامات يغلب على القلب صدق المدعي بما ادعاه.
فعندئذ يستغني عن البينة التي يطالب بها المدعي، بأن يحلف خمسين يميناً أن هذا هو القاتل، أو هؤلاء هم القتلة لفلان، يسمي كلاً باسمه أو يشير إليه باسم الإشارة.
فإذا حلف المدعي ـ وهو ولي المقتول ـ هذه الأيمان استحق الدية من المدعى عليه، وكانت هذه الأيمان بمثابة البينة.
وإذا كان للقتيل أولياء متعددون يرثون منه، واتهموا شخصاً أو جماعة بالقتل ووجد لوث يؤيدهم في اتهامهم؛ اشتركوا جميعاً في الحلف ووزعت الأيمان بينهم على حسب ميراثهم من المقتول، لأن ما يثبت بأيمانهم من الدية يوزع عليهم، فوجب على كل منهم من الأيمان بقدر نسبة ما يرثه من المقتول.
فأما إن اتهم ولي المقتول شخصاً أو جماعة، ولم يكن هناك لوث يرجح صدق المدعي في اتهامه؛ فاليمين تحول إلى المدعى عليه ـ أي المتهم ـ عملاً بالفقرة الثانية من قاعدة "البينة على المدعى واليمين على من أنكر". فيحلف المدعى عليه خمسين يميناً أنه لم يقتل فلاناً، ويسميه باسمه أو يشير إليه معبراً عنه باسم الإشارة.
فإن حلف الأيمان برئت ساحته، وإن لم يحلف أعيدت الأيمان إلى المدعى فحلفها بدلاً عنه، واستحق بذلك الدية.
وعلى المدعى وهو يحلف أن يبين نوع القتل هل كان خطأ أو عمداً أو شبه عمد، فإن لم يبين ذلك لم يعتد بأيمانه.
ولا يثبت بالقسامة القصاص، لقيام نوع من الشبهة فيها، بل تثبت بها الدية، فإن كان القتل عمداً استحقها المدعي في مال المدعى عليه، وإن كان القتل خطاً أو شبه عمد استحقها المدعى على عاقلة المدعى عليه.