الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودليل ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن الزهري رحمه الله تعالى، قال: مضت السنة بأنه يجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن، من ولادة النساء وعيوبهن. [الإقناع: 2/ 297].
ومثل هذا القول من التابعي حجة، لأنه في حكم الحديث المرفوع، إذ لا يقال مثله من قبيل الرأي والاجتهاد. وقيس بما ذكر غيره مما يشاركه في معناه وضابطه، واشترط العدد لأن الشارع جعل شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد، وإذا قبلت شهادة النساء منفردات في شؤونهن، فقبولها مع اشتراك رجل، وامرأتين أولي، لأن الأصل في الشهادة الرجال، وكذلك إذا انفرد الرجال بالشهادة.
تنبيه:
قال العلماء: لا تقبل شهادة على فعل من الأفعال، كالزنى وشرب الخمر ونحوهما، إلا بالإبصار والمعاينة لذلك الفعل مع فاعله، لأنه بذلك يصل به إلي العلم اليقين، فلا يكفي فيه السماع من الغير، قال الله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (سورة الإسراء: 36).
إلا أنه في الحقوق اكتفي فيها بالنظر المؤكد، لتعذر اليقين فيها، والحاجة تدعو إلي إثباتها، كالعدالة والإعسار، فلا سبيل لمعرفة ذلك يقيناً، فاكتفي فيه بغلبة الظن.
شروط الشهادة:
الشهادة قسمان: شهادة تحمل، وشهادة أداء.
أولاً: شروط تحمل الشهادة:
لا يشترط عند تحمل الشهادة إلا شرط واحد، ألا وهو التمييز، لأنه به يعي الإنسان ما شاهده، ويحفظ ما يراه.
ثانياً: شروط أداء الشهادة:
يشترط في الشاهد عند أداء الشهادة الشروط التالية:
1 -
الإسلام، فلا تقبل شهادة كافر على مسلم، ولا على كافر. ودليل ذلك قول الله
تعالي: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} (سورة البقرة: 282) والكافر ليس من رجالنا. وقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} (سورة الطلاق: 2) والكافر ليس بعدل، كما أنه ليس منا أيضاً، لأنه لا يؤمن كذبه، وأيضا فالشهادة ولاية، ولا ولاية للكافر.
2 -
البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي، ولو مميزاً، لأن الله عز وجل قال:{من رجالكم} والصبي لم يبلغ مبلغ الرجال، ولأنه لا يؤمن كذبه، لأنه غير مكلف.
3 -
العقل، فلا تقبل الشهادة من مجنون، لعدم معرفته بما يقول، وللإجماع أيضاً على عدم جواز شهادته.
4 -
الحرية، فلا تقبل شهادة العبد، لأن الشهادة فيها معنى الولاية، والعبد مسلوب الولاية.
5 -
العدالة، فلا تقبل شهادة الفاسق، لقوله تعالي:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} (سورة الحجرات: 6)، ولقوله عز وجل:{واستشهدوا ذوي عدل منكم} (سورة الطلاق: 2)، وقوله تبارك وتعالى:{ممن ترضون من الشهداء} (سورة البقرة: 282) وغير العدل ممن لا يرضي ولا يؤمن كذبه.
6 -
أن يكون غير متهم في شهادته، لقول الله عز وجل:{ذلكم اقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدني أن لا ترتابوا} (سورة البقرة: 282) والريبة حاصلة بالمتهم.
وبناء على ذلك لا تقبل شهادة عدو على عدوه، ولا شهادة والد لولده، ولا والد لوالده، لتهمة التحامل على العدو، والمحاباة للوالد، أو الولد.
روي أبو داود [3600] في الأقضية، باب: من ترد شهادته، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه ".
وفي رواية عند الترمذي [2299] في الشهادات، باب: ما جاء فيمن لا تجوز عن عائشة رضي الله عنها: " ولا