الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الأنواع الرئيسية التي سوف نتناولها في هذا الباب، فهي الأنواع التالية:
1 -
الحجر على الصبي ومن في حكمه، كالسفيه والمجنون.
2 -
الحجر على المفلس.
3 -
الحجر على المريض المخوف عليه الموت.
وسندرس فيما يلي كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة على حدة مع إيضاح الأحكام المتعلقة به.
أحكام الحجر على الصبي ومن هو في حكمه:
ونقصد بمن كان في حكم الصبي كلاً من السفيه والمجنون.
فأما الصبي:
فهو من لم يحتلم، أو يبلغ سن الحلم، وهو خمس عشرة سنة.
وأما السفيه:
فهو من لم يكن رشيداً، بحيث لا يقيم مصالح دينه ودنياه: بأن يكون مبذراً لا يبالي أن يغبن غبناً فاحشاً في معاملاته، أو أن يرمي ماله في غير طائل، أو أن ينفقه في المحرمات التي لا وجه لها.
وأما المجنون:
فهو فاقد التمييز سواء كان بشكل جزئي أو كلي، إذا كان ذلك يسرى بالاضطراب إلي تصرفاته المالية.
أهم الأحكام المتعلقة بالحجر على هؤلاء:
هناك أحكام تعلق بالحجر على هؤلاء الأصناف الثلاثة من الناس نجملها فيما يلي:
أولاً: لا يصح تصرف الصبي ولا السفيه ولا المجنون في بيع أو شراء أو رهن، أو هبه أو نكاح ونحوها، أي لا يصح أن يكون أحدهم طرفاً مستقلاً في أي عقد من العقود، إذ هو ثمرة الحجر الذي دل عليه نص الكتاب الكريم والسنة المشرفة. وترتب علي هذا الحكم:
أأنه لو اشتري أو اقترض مثلاً، وقبض المال، ثم تلف تحت يديه بآفة، أو أتلفه بتقصير منه، لم يضمنه المحجور عليه، ولم يكن للبائع، او لمقرض حق في تضمينه ومطالبته، سواء علم حاله أم لم يعلم، لأن عليه ان يتحرى لمصلحته، ولأنه هو المفرط في حق نفسه، إذ هو الذي سلط المحجور عليه على إتلافه بإقباضه إياه.
نعم يضمن المحجور عليه في ثلاث حالات:
الحالة الأولي: أن يقبضه ممن هو مثله في عدم الرشد.
الحالة الثانية: أن يقبضه من رشيد، ولكن بدون إذنه.
الحالة الثالثة: أن يطالبه البائع، أو المقرض بالتسليم، فلا يستجيب المحجور عليه ثم يتلف المال المقبوض بعد ذلك.
ففي هذه الحالات الثلاث يضمن المحجور عليه، أي يثبت في ذمته قيمة المتلف، لعدم وقوع أي تقصير من جانب المقبض.
ب ـ وترتب على ذلك أيضاً أنه لا يعتد بشيء من إقراراته المتعلقة بالمال، سواء كانت عائدة إلي ما قبل الحجر، أو بعده، كإقراره بدين، أو إتلاف مال، إذ إن المحجور عليه بما ذكرنا لا يتمتع بأهلية تمكنه من أن يتعلق به أي التزامات ماليه، بخلاف ما إذا اقر بموجب حد أو قصاص، فهو إقرار صحيح تترتب عليه أحكامه، لأنه غير مستوجب لأي التزام مالي من حيث الأصل.
نعم إذا أقر بعد رشده بأي التزام مالي كان قد لزمه أثناء الحجر صح إقراره قطعاً، وكلف بدفعه.
ثانياً: يعتد بجميع التصرفات التي لا تتعلق بالمال، ولا تترتب عليها ذمم مالية، من الصبي ومن في حكمه، وهو السفيه والمجنون. فتصح عباداتهم على اختلافها، إلا المجنون المطبق فيما يشترط فيه التمييز. ولكن ليس لهؤلاء أن يتولوا
تفريق زكاة أموالهم بأنفسهم، إذ هو تصرف مالي لا ينفذ إلا ممن كان ذا أهلية ورشد، وإنما يتولي ذلك عنه وليه، أو يأذن له وليه، ويعين له الأشخاص الذين ينبغي أن يدفع زكاته إليهم، على أن يدفع المحجور عليه إليهم بحضرة الولي وإشرافه، خشية أن يتلف المال إذا خلا به.
ثالثاً: إذا كان مصدر السفه هو الصغر، أي بحيث لم يكن مسبوقاً برشد، ترتبت الأحكام المذكورة عليه بدون الحاجة إلي أدعاء، ولا إلي حكم قاض بذلك، فإذا ارتفع السفه، وتحقق الرشد، وانتهي الحجر بموجب ذلك، ثم عاد السفه لسبب عارض، لم تعد هذه الأحكام المذكورة إلا بموجب حكم يصدره القاضي، ومثل السفه في ذلك الجنون.
رابعاً: ولي الصبي ومن في حكمه، ممن لم يطرأ موجب الحجر عليه عرضاً، بل نشأ معه منذ صغره، وهو الأب، ثم الجد للأب وإن علا، ثم وصيهما، بشرط العدالة في كل منهما، فإن فسق الولي بعد أن كان عدلاً نزع القاضي الولاية منه، واختار لها من يراه، أو باشرها بذاته، وذلك لما رواه الترمذي [1102] في النكاح، باب: ما جاء لا نكاح إلا بولي، بسند حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" السلطان ولي من لا ولي له ".
أما من طرأ عليه السفه أو الجنون بعد رشد، فإن وليه القاضي، أو من ينيبه عنه، إذ هو الذي يملك ضرب الحجر عليه، فكان حق الولاية له.
خامساً: يجب على الولي أيا كان أن يتصرف بمال المحجور عليه حسب ما تقتضيه المصلحة، بأن يحفظه عن التلف، وينميه بالوسائل الممكنة، التي لا مقامرة فيها، فيتاجر به، أو يبتاع به عقاراً، أو يسخره في غير ذلك من وجوه التنمية التي يغلب فيها احتمال الغبطة والربح، وذلك لقوله تعالى:{وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} (سورة النساء: 5).
ومكان الاستدلال في الآية: قوله تعالى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} فقد عدى الفعل (بفي) ولم يعده (بمن) تنبيهاً إلي أن على الولي أن ينفق على موليه من ريع