الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالفصل في الخصومات، وتعيين الأولياء، وإعلان الحجر، والحرب وإقرار الصلح
…
إلخ، فكان لا بد، لكي تنزل الأحكام الشرعية منزلتها الصحيحة المقبولة عند الله عز وجل من وجود إمام يقوم بشأنها، ويرعى تنفيذها.
جـ- في الشريعة الإسلامية طائفة كبيرة من الأحكام المعلقة التي لم يجزم الشارع بوجه معين ثابت فيها، بل وكل أمر البت فيها إلى بصيرة الإمام أو اجتهاده طبقاً لما تقتضيه مصالح المسلمين وظروفهم التي يمرون فيها، مثل كثير من التنظيمات المالية، وكتسيير الجيوش، وسياسة الأسرى، فإذا لم يكن ثمة إمام يتبوأ منصبة الإمامة عن كفاءة وجدارة، بقيت هذه الأمور معلقة لا مجال للبت فيها بحكم.
د- الأمة الإسلامية معرضة في كل وقت لظهور طائفة فيها تبغي وتشق عصا المسلمين بسائق من الأهواء أو الأفكار الجانحة باسم الدين والإصلاح.
ولا سبيل إلى إطفاء نار مثل هذه الفتنة إلا بواسطة إمام مسلم عادل، يوضح للأمة المنهج السليم، ويحذرها من الانصياع للسبل الأخرى، فإن الأمة عندئذ لا يمكن أن تقع ـ بسبب الجهالة ـ في الحيرة أو اللبس، لأن ما يأمر به الإمام هو الذي يجب العمل به في حكم الله عز وجل.
أما عند غياب هذا الإمام، فإن أصحاب الدعوات المختلفة من شأنهم أن يوقعوا أشتات المسلمين في حيرة مهلكة، لا مناص منها، إذ سرعان ما ينقسم المسلمون شيعاً وأحزاباً متطاحنة، وما هو إلا أن يفنيها الشقاق، ويهلكها الخلاف.
شروط الإمامة:
يشترط لمن يتبوأ منصب الإمامة أن تتوفر فيه الصفات التالية:
أولاً: الإسلام، فلا تصح إمامة غير المسلم، لأنها من الأحكام الشرعية المتعلقة بتنظيم شؤون المسلمين، فلا يمكن أن تسند إلى من لا يؤمن بهذه الأحكام.
ثانياً: الذكورة، فلا تصح إمامة الأنثى، لما ثبت في الحديث الصحيح أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لن يفلح قوم ولوا أمورهم امرأة ". (أخرجه البخاري [4163] في المغازي، باب: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسري وقيصر، عن أبي بكرة رضي الله عنه، ولأن الإمامة العظمي من شأنها أن تستوعب حل المشكلات المختلفة التي قد يتعرض لها المسلمون، وفي هذا المشكلات ما لا تقوي المرأة على مجابهتها وحلها.
ثالثاً: الرشد، فلا تصح إمامة الصبي والسفيه ونحوهما، وإن توفر مستشارون من حولهما، وقد روي الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تعوذوا بالله من إمارة الصبيان ". [2/ 326].
رابعاً: العدالة، والعدل: هو من لم يرتكب كبيرة، كالقتل والزنى وأكل الربا، ولم يلازم ارتكاب صغيرة من الصغائر، فلا يصح تنصيب الفاسق، وهو من لم تتوفر فيه شروط العدالة.
خامساً: أن يكون لديه من العلم بأحكام الدين وأدلتها ما يجعله ذا بصيرة نافذة تمكنه من الاجتهاد فيها عندما تقتضي الحاجة. إذ إن في الشريعة الإسلامية مسائل كثيرة، لا يجوز أن يبت في أحكامها ـ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إلا إمام المسلمين، وإنما يبت فيها اجتهاداً ونظراً إلى ما تقتضيه مصالح المسلمين.
سادساً: سلامة كلٍّ من حاسة السمع والبصر واللسان، بحيث لا يكون مصاباً بعاهة في واحدة منها، إذ من شأن ذلك أن يعيقه عن فصل الأمور، والنظر فيها على وجه الدقة المطلوبة.
سابعاً: النباهة والوعي العام، بحيث يتوفر له من ذلك ما يجعله كفؤاً لإدارة الحكم وحراسة البلاد والأمة من أي شر قد يتهددها. وإنما يدرك هذه النباهة ويقدرها أصحاب النظر وأهل الشورى، ومن كان له سبق معاناة لهذا الأمور.
ثامناً: أن يكون قرشي النسب، وذلك لما رواه أحمد في مسنده [3/ 129] عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الأئمة من قريش ".
وقد روي البخاري [3309] في الأنبياء: مناقب قريش، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن هذا الأمر في قريش ".