الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خدعوك فقالوا "اعرف عدوك
"
* يبدو أننا الآن بحاجة إلى الاعتقاد بأن اليهود هم أخطر عدو نجابهه في الوقت الحاضر، فهذا العدو بلا نزاع هو السبب الأكبر لمشكلاتنا الاقتصادية والسياسية وكذلك النفسية والخلقية وبيان ذلك أن مشترياتنا من السلاح ما هو موجود بحوزتنا، وما ضاع منه في جبهات القتال، وما ينتظر أن ننفق فيه بلايين الدولارات ما هو إلا لمواجهة هذا الخطر الأكبر، وما فقدناه من شهداء وقتلى ومشردين ومن ديار وأوطان لا تقدر بأموال ويستحيل التعويض عنها، واليهود هم أكبر مشاكلنا السياسية فالزوابع السياسية التي تتعرض لها منطقتنا الإسلامية العربية مرتبطة أساساً بالأوضاع الصهيونية اليهودية، فالانقلابات والانقلابات المضادة - كانت تحمل شعار إخراج اليهود من فلسطين ولا تقدم مبرراً لاستيلائها على الحكم أعظم وأحظى عند العامة من عزمها على ما يسمى باسترداد (الكرامة العربية) وتخليص الأمة من شر اليهود، وكذلك الثورات وثورات التصحيح، وتصحيح التصحيح، والأحزاب السياسية على اختلاف انتماءاتها من اليمين إلى اليسار وقد ركب جميعها الموجة الفلسطينية للوصول إلى الشهرة والحكم، وبقاء أي حاكم في العالم العربي على كرسيه منوط بتمسكه دائماً بالحق
الفلسطيني وحرب اليهود وتحقيق النصر عليها، باختصار مشاكلنا السياسية كلها مرتبطة بوضعنا مع اليهود وستظل هذه المشاكل السياسية ما بقي اليهود في هذه الأرض وسيكون البيان الأول في كل ثورة وانقلاب في المستقبل متضمناً حرب اليهود وإخراجهم من فلسطين.. وكذلك الأمر في مشاكلنا النفسية فالآثار النفسية التي أحدثتها الهزائم المتكررة أمام اليهود ماثلة دائماً أمام أعيننا، والانفصام النفسي بين الشعوب والحكام لا يحدثه إلا التهاون في هذه القضية، والشعوب العربية تتقبل ظلم الحكام وبطشهم وتجويعهم ولا تتقبل ولن تتقبل سكوتهم عن بقاء اليهود في فلسطين.
هذه جوانب سريعة توضح إلى أي مدى تؤثر المشكلة اليهودية على حياتنا الاقتصادية والسياسية والنفسية.
* ولأن هذه المشاكل بهذا الحجم والتأثير لا أقول على نواح من حياتنا فقط، بل على وجودنا وبقائنا في هذه الأرض، فنحن الآن مع اليهود على مفترق الطرق: فإما إلى الخلوص من هذه المشاكل بإقرار اليهود في فلسطين، وإبرام صك الشرعية اليهودية لهم في هذه الأرض وقد ذكرنا في مقالات كثيرة ماذا يعني هذا وباختصار لا يعني هذا إلا نهاية لهذه الأمة وإدخالها في نير الاستعباد ما بقيت.. ويأبى الله والمؤمنون ذلك، وأما مواصلة السعي في طريق إزالة هذه الجرثومة الخبيثة والمرض الفتاك وهنا لابد من وقفة وسؤال كيف يمكن ذلك والمشاهد أنه في خلال ربع قرن تتعاظم قوة اليهود بإزاء قوتنا ولولا أن الله قدر لنا قوة ما سعينا إليها ولا حسبنا لها حساباً وهي قوة النفط لكان اليهود معنا اليوم في شأن آخر؟.
والجواب أن تعاظم قوة اليهود كان مردها في كل الأحوال إلينا لا إلى اليهود، فإسرائيل وهم صنعناه بأيدينا، وثبتناه بأخطائنا، وبخيانة الخائنين منا، هذا نقوله أولاً قبل
أن نلقي اللوم على الاستعمار الإنجليزي ثم الأمريكي، فلا ينكر إلا مكابر دور انجلترا ومعها دول الاستعمار الأوروبي قاطبة ثم دور أمريكا بعد ذلك، ولا ينكر إلا عميل كذاب دور المعسكر الشيوعي في خلق إسرائيل ومساندتها والحفاظ عليها إلى اليوم، أقول قبل أن نلوم أولئك جميعاً فلنقف أولاً مع أنفسنا ولنعدد أخطاءنا ولنستفد من دروس الماضي وأولى هذه الأخطاء في نظري تحتاج إلى مراجعة هذه العبارة الصادقة "اعرف عدوك" والتي استخدمها أناس لا يعرفون العدو فضلُّوا وأضلُّوا وساهموا في الهزائم المتكررة لنا أمام العدو عسكرياً وسياسياً وإعلامياً.. فالمعلومات التافهة والمبتورة أفسدت رؤية شعوبنا لليهود، والمعلومات المبالغ فيها أيأست كثيراً منا في تحقيق النصر على اليهود وساعدت في خلق اليهودي الخرافي عندنا، وكذلك المعلومات المشوهة لليهودي الجبان ولقوته واستعداداته الهزيلة ولقوة العرب الهائلة وذلك قبل هزيمة سنة 1967 كانت من أهم أسباب تلك الهزيمة، ولذلك أصيبت مجموعة المثقفين وقراء الصحف وكتاب المقالات والأدباء بالانهيارات العصبية والاهتزازات النفسية بعد الهزيمة وذلك للصورة المشوهة والمعلومات المغلوطة عن قوة اليهود وقوة العرب، ولو كنا نرى الأمور على حقائقها لما أصيب منا هذا العدد الضخم بما أصيب والذين كانوا يفهمون الواقع كما هو قالوا لن ننتصر في معركة سنة 1967م وكان كاتب هذه السطور بحمد الله واحداً من هؤلاء، المهم أن الرؤية الزائفة التي يخلقها الإعلام في البلاد العربية لليهود هي من أكبر عوامل الهزيمة، بل لعلها أكبر عوامل الهزيمة على الإطلاق، وذلك أن المواقف العسكرية والسياسية لا تتخذ إلا وفق المعرفة بالعدو وإذا كانت هذه المعرفة معرفة زائفة مغشوشة كان الموقف العسكري فاشلاً وكذلك الموقف السياسي.
وبالرغم من أنني لن أقدم رؤيا صحيحة وتصوراً كاملاً عن اليهود في مقالي هذا -ولا أزعم أيضاً- أنني أملك هذه الرؤيا وهذا التصور، ولكنني أعتقد أنني أستطيع أن أقدم جوانب صحيحة علمية لهذه الرؤيا ولعل ما قدمته سابقاً في هذا المنبر ساهم إلى حد ما في هذا وأرجو أيضاً أن أوفق مستقبلاً في بيان جوانب جديدة أقول بالرغم من كل ذلك فأنني أحذر من الإعلام الناقص والمغشوش والمزور الذي يقدم تحت عنوان "اعرف عدوك" ومن هذا الإعلام المغشوش أن إسرائيل منهارة اقتصادياً وأنها لا تستطيع أن تبقى إلا بالمساعدات، فالحقيقة غير ذلك فهي أغنى دولة أوروبية وعجزها في مدفوعاتها غير حقيقي، وذلك للتسليح الخرافي الذي تتسلح به، وهي دولة مصدرة للسلاح وتستطيع أن تعيش على ذلك، وكذلك من الإعلام المزور أن إسرائيل هي بنت الاستعمار أو (ولد) أمريكا المدلل وهذا لا يمثل من الحق شيئاً، وقد فصلنا هذا بحمد الله في مقال آخر فإسرائيل لص وعميل يعمل للآخرين، ويسرق لنفسه، وهي دولة مستقلة، بل لعلها أعظم استقلالاً من دولة كبريطانيا الآن، ومن أكبر الكذب والافتراء والإعلام الزائف أن إسرائيل دولة تبحث عن السلام، وترضى به، بل هي دولة وشعب لا يعيش إلا بالحروب، وللحروب والفتن، ولذلك فالسلام لا يعني إلا نهاية هذه الدولة، وتفرق هذا الشعب، ومن أكبر الغش التفريق المزعوم بين الصهيونية واليهودية فمع إيماننا أنه ليس كل يهودي صهيوني فنحن نؤمن أيضاً أن اليهود الذين [لا] يعتقدون بالصهيونية هم في إسرائيل قلة وشذوذ والشاذ لا يخدش القاعدة وهم يوصمون بالخيانة داخل المجتمع الإسرائيلي، ولذلك فالتزوير الذي مارسه شيوعيو البلاد العربية والذين روجوا لهذه الأكذوبة قد ساهم في إشاعة القول بإمكان تخليص إسرائيل الصهيونية والبرجوازية الحاكمة..
الخ هذه الترهات ومن الإعلام
الناقص أيضاً إطلاق القول بامتلاك إسرائيل للأسلحة الذرية دون بيان جوانب الصورة الإسرائيلية الكاملة وهي أن هذه الدولة وإن ملكت الأسلحة الذرية، فإنها تملك موقفاً هشاً وواقعاً أليماً وستقضي على نفسها قبل أن تقضي على غيرها، ولذلك فالقنبلة الذرية لن تمد في عمر إسرائيل ولن تمنع بطش الله بها يوم يتجه المؤمنون به في الطريق الصحيح، وهذا وغيره كثير نسمعه كل يوم وهو يشوه الصورة الحقيقية للدولة اليهودية وللإنسان اليهودي وبذلك نخطئ في وضع حساباتنا مع هذا العدو، فمتى يوضع لنا إعلام سليم صادق لنعرف أعداءنا؟ وما القواعد التي يجب أن يتبعها هذا الإعلام لتعريفنا باليهود؟ ولهذا مقال آخر إن شاء الله تعالى.