الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيها الزعماء
…
متى ستبدأون الرحلة الجديدة
وإلى أين
؟!
مضت أربع سنوات الآن على حرب رمضان 1393 هـ - 1973م ورحلة السلم التي قادها الزعماء في هذه السنوات الأربع انتهت إلى فراغ - وهذا في حد ذاته رحمة من الله العلي العظيم، ولقد تغير الوضع في إسرائيل تماماً، وأصبحت الآن من حيث الاستعداد العسكري غير ما كانت، فإذا كان زعماؤنا السياسيون الذين وضعوا آمالهم على السلم وحده، لم يستعدوا للحرب، فإن هذا يعني الكارثة، واليوم علينا أن نبدأ رحلة جديدة فكيف؟ وإلى أين؟..
أظن أولاً أنه لم يصبح هناك مجال لتنازلات جديدة لأن إسرائيل لم تتنازل عن شيء ففلسطين (الجغرافية) اختلت تماماً وأعلنت إسرائيل أنها أرض يهوذا والناصرة، ومعنى ذلك أن شعار (حق شعوب المنطقة في العيش بسلام داخل حدود معترف بها) لا يشمل الفلسطينيين لأنهم في نظر اليهود ليسوا شعباً من شعوب المنطقة!! وكارتر الذي ادعى أنه سيفاوض الفلسطينيين إذا اعترفوا بحق إسرائيل بالبقاء أنبته إسرائيل
تأنيباً عظيماً، وأخبروه بأن منظمة التحرير لا تعدو أن تكون كالمنظمات النازية التي يجب أن يكون مأواها هو السجون والمعتقلات، وسحب كارتر كل وعوده السابقة أو ابتلعها وقد تنبأنا بذلك.
واليوم أهداف إسرائيل واضحة وهي معاهدات جزئية مع كل من مصر وسوريا، يرد لكل منهما جزء من أراضيهما المحتلة في مقابل السلام الدائم ونسيان شيء اسمه قضية فلسطين، وشيء آخر اسمه الفلسطينيين والتكرم بإسكانهم في الدول العربية كمواطنين لا كلاجئين، وتصفية الضفة الغربية أولاً بأول من أهلها.. ولهذا نقول انتهت رحلة السلام إلى فراغ، ويجب أن نفكر في رحلة جديدة؟!
* بالطبع لا يمكن أن نقول بأن قواد الرحلة كانوا يريدون أن يصلوا إلى هذه النهاية، وربما كانوا يعلمونها، وإذا كانوا يعلمونها فلماذا ساروا فيها طيلة هذه المدة.. أربع سنوات.. العلم عند الله.
* نحن الآن أمام رحلتين لا ثالث لهما:
* الرحلة الأولى رحلة إنهاك وإشغال والهاء بمعارك بين الدول العربية الإسلامية تستنفذ فيها الطاقة، ويشغل الناس فيها لا عن إسرائيل فقط، بل حتى عن أنفسهم والنفوس العربية المليئة بالشقوق والأحزان هي أرض صالحة تماماً لهذا وقد تستمر هذه الرحلة سنوات أربع أو خمس حتى تكون إسرائيل قد أقامت هيكلها وأنهت بأسلوب أو آخر وجود العرب في أراضيها وتكون المقاومة في الخارج قد طوقت تماماً، وفقدت مضمونها ومبرر وجودها، وهذا بالطبع إذا لم يتق الزعماء ربهم ويفكروا في حاضر هذه الأمة البائس.
* والرحلة الثانية أن نبدأ بتجميع صفوفنا، ولم
شعثنا ونستعد لتحرير أرضنا استعدادا حقيقيا، وندخل مع اليهود القتلة معركة حياة أو موت نملأ فيها الأرض والبحر والجو على إسرائيل موتاً ودماراً، وهذا الكلام ليس قطعة من خطبة حماسية وإنما هو الحق إذا أردنا الحياة والنجاة، ومازلنا ولن نزال نقول إسرائيل باطل صنعه العرب بأنفسهم.
لقد انتظرنا طويلاً حقاً حتى جرب الزعماء زراعة السلام في أرض إسرائيل التي لا تنبت إلا الحرب والدمار والفساد، وكانت هذه المدة الطويلة كافية لتسترد إسرائيل أنفاسها وترمم جيشها وتبني قوتها بعد أن أشرفت على النهاية ولم يبق إلا التسليم باعترافهم بعد حرب رمضان، ولقد صدقنا في ذلك المخادع كيسنجر، وألقينا ثقلنا مع أمريكا المحكومة بالمعادلات الصهيونية المعقدة وعلينا الآن أن نتخذ قرارنا الجديد من أرضنا ومن داخل نفوسنا، ومن آمال شعوبنا، ومما يمليه علينا ولاؤنا لأمتنا، وقبل ذلك من امتثالنا بديننا الإسلام الذي يفرض علينا أن لا نقبل الذل وأن لا نرضى بالهوان.
* والأمة كلها أمانة في يد من يملكون اتخاذ القرار السياسي، وما الشعوب إلا كركاب في قاطرة أو حافلة يقودها الزعماء، فإما أوصلوهم إلى أهدافهم وغاياتهم، وإما خانوهم وانحرفوا بهم إلى مهاوي الدمار فمتى يا قواد القاطرة ستبدأون الرحلة الجديدة وإلى أين؟!
26 أغسطس 1977م