الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
534 - (20) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها ونَشْرِ أحدِهما سِرَّ الآخر وبيان حكم العزل
3418 -
(1362)(112) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثنَّى وَابْنُ بَشارٍ (وَاللَّفْظُ لابنِ الْمُثَنَّى) قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: لا إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلائكَةُ
ــ
534 -
(20) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها ونشر أحدهما سر الآخر وبيان حكم العزل
3418 -
(1362)(112)(وحدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار) البصريان (واللفظ) الآتي (لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر (حدثنا شعبة) بن الحجاج (قال: سمعت قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (يُحدّث عن زرارة) بضم أوله (ابن أوفى) العامري الحرشي بمهملة وراء مفتوحتين ثم معجمة نسبة إلى الحريش بن كعب بن ربيعة، أبي حاجب البصري، ثقة عابد، من (3) مات فجأة في الصلاة سنة (93) روى عنه في (6) أبواب، وليس في مسلم من اسمه زرارة إلا هذا التابعي الثقة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا أبا هريرة، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه التحديث والقول والعنعنة والسماع والمقارنة (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة) أي استمرت في الليل (هاجرة) أي مفارقة (فراش زوجها) أي اتصفت بهجران وفراق فراش زوجها طول الليل ممتنعة من استمتاعه، وفي البخاري مهاجرة قال الحافظ: هو على ظاهره في لفظ المفاعلة بل المراد أنها هي التي هجرت وقد تأتي لفظ المفاعلة ويراد بها نفس الفعل ولا يتجه عليها اللوم إلا إذا بدأت هي بالهجر فغضب هو لذلك أو هجرها وهي ظالمة فلم تستنصل من ذنبها وهجرته أما لو بدأت هو بهجرها ظالمًا لها فلا. (لعنتها الملائكة) أي دعت عليها بالطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى، قال المهلب: هذا الحديث يوجب أن منع الحقوق في الأبدان كانت أو في الأموال مما يوجب سخط الله إلا أن يتغمدها الله تعالى بعفوه، وفيه جواز لعن العاصي المسلم إذا كان على وجه الإرهاب عليه لئلا بواقع الفعل فإذا واقعه فإنما يدعى له بالتوبة والهداية
حَتَّى تُصْبحَ".
3419 -
(00)(00) وحَدَّثَنِيهِ يَحْيى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ)
ــ
(قلت): ليس هذا التقييد مستفادًا من هذا الحديث بل من أدلة أخرى، وفي الحديث أن الملائكة تدعو على أهل المعصية ما داموا فيها وذلك يدل على أنهم يدعون لأهل الطاعة ما داموا فيها كذا قال المهلب: وفيه نظر، قال ابن أبي جمرة: وهل الملائكة التي تلعنها هم الحفظة أو غيرهم يحتمل الأمرين (قلت): يحتمل أن يكون بعض الملائكة موكلًا بذلك ويرشد إلى التعميم قوله في رواية مسلم الذي في السماء إن كان المراد به سكانها كذا في الفتح أي يستمرون على لعنتها (حتى تصبح) أي تدخل في الصباح بطلوع الفجر أو ترجع إلى فراشه، وفي الرواية التي تليها (حتى ترجع) وهي أكثر فائدة والأولى محمولة على الغالب، قال النووي: هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي وليس الحيض بعذر في الامتناع لأن له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار، ومعنى الحديث أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش اهـ، قال ابن أبي جمرة: وظاهر الحديث اختصاص اللعن بما إذا وقع منها ذلك ليلًا لقوله حتى تصبح وكأن السر تأكد ذلك الشأن في الليل وقوة الباعث عليه ولا يلزم من ذلك أنه يجوز لها الامتناع في النهار، وإنما خص الليل بالذكر لأنه المظنة لذلك اهـ. وفيه دليل على أن سخط الزوج يوجب سخط الرب وإذا كان كذلك في قضاء الشهوة فكيف إذا كان في أمر الدين وإنما غيّا اللعنة بالصباح لأن الزوج يستغني عنها عنده لحدوث المانع عن الاستمتاع فيه غالبًا اهـ ابن الملك، قال النووي: لا خلاف في حرمة امتناعها وهي في ذلك بخلاف الزوج لو دعته لم يجب عليه إجابتها إلا أن يقصد مضارتها، والفرق هو أن الرجل هو الذي ابتغى بماله فهو المالك للبُضع وللدرجة التي له عليها وأيضًا فإنه قد لا ينشط في الوقت الذي دعته إليها اهـ، فلا ينتشر ولا يتهيا له ذلك بخلاف المرأة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [15193]، وأبو داود [2141]، والنسائي [184] في عِشرة النساء.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
3419 -
(00)(00)(وحدثنيه يحيى بن حبيب) بن عربي الحارثي البصري (حدثنا خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي مصغرًا نسبة إلى هجيم بن عمرو أبو
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"حَتَّى تَرْجعَ".
3420 -
(00)(00) حدَّثنا ابْنُ أبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ يَزِيدَ (يَعْنِي ابْنَ كَيسَانَ)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيهِ، إِلَّا
ــ
قبيلة أبو عثمان البصري، ثقة، من (8)(حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة خالد بن الحارث لمحمد بن جعفر (و) لكن (قال) خالد بن الحارث في روايته لفظة (حتى ترجع) إلى فراشه بدل قوله في الرواية الأولى حتى تصبح.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3420 -
(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا مروان) بن معاوية بن الحارث الفزاري الكوفي، ثقة، من (8)(عن يزيد يعني ابن كيسان) اليشكري أبي إسماعيل الكوفي، صدوق، من (6)(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الكوفي، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي حازم لزرارة بن أوفى (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده) أي أقسم بالإله الذي نفسي وروحي بيده المقدسة، قال القرطبي: وهذا قسم بالله تعالى أي والذي هو مالك نفسي أو قادر عليها ففيه دليل على أن الحلف بالألفاظ المبهمة المراد بها اسم الله تعالى يمين جائزة حكمها حكم الأسماء الصريحة اهـ من المفهم (ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها) قال السندي: أي إلى موضع اضطجاعها معه أو إلى ما هو موضع اضطجاعها من فراشه فسمى ذاك فراشها. وقال ابن أبي جمرة: الظاهر أن الفراش كناية عن الجماع، ويقويه قوله: الولد للفراش أي لمن يطأ في الفراش، والكناية عن الأشياء التي يستحيى منها كثيرة في القرآن والسنة اهـ فتح الملهم (فتأبى عليه) أي تمتنع عنه، عداه بعلى لتضمنه معنى السخط اهـ ابن الملك، وفي الرواية التي بعدها فلم تأته فبات غضبان عليها، قال الحافظ: وبهذه الزيادة يتجه وقوع اللعن لأنها حينئذٍ يتحقق ثبوت معصيتها بخلاف ما إذا لم يغضب من ذلك فإنه يكون إما لأنه عذرها وإما لأنه ترك حقه من ذلك اهـ (إلا
كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيهَا، حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا".
3421 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجِّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظ لَهُ) حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. كُلُّهُمْ عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ،
ــ
كان) الإله (الذي في السماء ساخطًا) أي غضبان (عليها حتى يرضى) الزوج (عنها) أي عن امرأته وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً"(قلت): والكون في السماء صفة ثابتة لله نثبته ونعتقده ولا نؤوله ولا نكيفه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وهذا مذهب السلف الأسلم الأعلم، قال السندي: وهذا كناية عن الملائكة كما هو مقتضى الروايات الأخر والإفراد والتذكير بإرادة النوع أي إلا كان النوع الذي في السماء من المخلوقات ساخطًا، ويحتمل أنه كناية عن الله تعالى فالمراد أي الذي في العلو والجلال والرفعة والكمال أو الذي في السماء ملكه وسلطانه وهذا كما سأل جارية فقال: أين الله؟ فأشارت إلى السماء والله تعالى أعلم اهـ، ولابن خزيمة وابن حبان من حديث جابر رفعه:"ثلاثة لا تُقبل لهم صلاة ولا يصعد لهم إلى السماء حسنة؛ العبد الآبق حتى يرجع، والسكران حتى يصحو، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى". قال ابن أبي جمرة: فيه الإرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب مرضاته، وفيه أن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة قال: وفيه أن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح ولذلك حض الشارع على مساعدة الرجال في ذلك أو السبب فيه الحض على التناسل ويرشد إليه الأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك كما تقدم في أوائل النكاح كذا في الفتح.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3421 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية ح وحدثني أبو سعيد الأشج) الكندي عبد الله بن سعيد بن حصين الكوفي (حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي (ح وحدثني زهير بن حرب واللفظ) الآتي (له حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (كلهم) أي كل من أبي معاوية ووكيع وجرير رووا (عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي (عن أبي حازم) سلمان
عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ".
3422 -
(1363)(123) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوَيةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ الْعُمَرِيِّ. حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعدٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ:
ــ
الأشجعي الكوفي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذه الأسانيد من خماسياته، غرضه بسوقها بيان متابعة الأعمش ليزيد بن كيسان (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ذا دعا الرجل امرأته) أي زوجته أي طلبها (إلى فراشه فلم تأته) أي فلم تجبه (فبات) الرجل (غضبان) أي ساخطًا (عليها) وفي بعض النسخ غضبانًا بالتنوين وهو تحريف من النساخ لأنه ممنوع من الصرف للوصفية وزيادة الألف والنون (لعنتها الملائكة حتى تصبح) بطلوع الفجر أو تتوب من إبائها بالطاعة.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3422 -
(1363)(123)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا مروان بن معاوية) الفزاري الكوفي (عن عمر بن حمزة) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (العمري) المدني، روى عن عبد الرحمن بن سعد في النكاح، وسالم بن عبد الله بن عمر في البيوع والفضائل وغيرها، وأبي غطفان المري في الأطعمة، ويروي عنه (م دت ق) ومروان بن معاوية وأبو أسامة، قال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه، وذكره ابن حبان وقال: كان ممن يُخطئ، وقال النسائي: ضعيف، وقال في التقريب: ضعيف، من السادسة، وفي التهذيب: وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان ممن يخطئ وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه (قلت): وأخرج الحاكم حديثه في المستدرك وقال: أحاديثه كلها مستقيمة اهـ منه (حدثنا عبد الرحمن بن سعد) القرشي مولاهم مولى أبي سفيان المدني، روى عن أبي سعيد الخدري في النكاح، وأبي هريرة، ويروي عنه (م دق) وعمر بن حمزة العمري وهشام بن عروة وابن أبي ذئب، وثقه النسائي، وقال العجلي: تابعي مدني، ثقة، له في الكتب الثلاثة ثلاثة أحاديث. وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان
قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا"
ــ
كوفيان (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس) أي من أخسِّ الناس (عند الله منزلة) أي درجة (يوم القيامة) قال القاضي: هكذا وقعت الرواية أشر بالألف وأهل النحو يقولون: لا يجوز أشر وأخير، وإنما يقال: هو شر منه وخير منه بدون ألف وهو مشهور كلام العرب قال تعالى: {مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} وقد وردت الأحاديث الصحيحة باللغتين جميعًا، وهي حجة في جوازهما جميعًا، وأنهما لغتان، وقال الجوهري: شر فيه معنى التفضيل لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، ولا يقال أشر إلا في لغة رديئة وكذا خير اهـ، وذكر الفيومي أنها لغة بني عامر وقُرئ في الشاذ {مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} بفتح الشين المعجمة اهـ، وقال القاضي: الرواية وقعت بالألف وهي تدل على عدم رداءتها اهـ (الرجل) بالنصب على أنه اسم إن مؤخرًا، وجملة (يُفضي إلى امرأته) أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة قال تعالى:{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} صفة للرجل، قال السندي: الظاهر أن تعريف الرجل للجنس، ولم يقصد به معين فهو في حكم النكرة فلذلك وصف بالجملة المصدرة بالمضارع، ومثله قوله تعالى:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} ، وقول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
…
فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
والله تعالى أعلم
أي من أخس الناس الرجل يفضى إلى امرأته ويجامعها (وتفضي) أي وتصل هي (إليه) بالتمكين له، قال في لسان العرب: والإفضاء في الحقيقة الانتهاء (ثم ينشر) ويفشي (سرها) بأن يتكلم للناس ما جرى بينه وبينها قولًا وفعلًا أو يُفشي عيبًا من عيوبها أو يذكر من محاسنها ما يجب شرعًا أو عرفًا سترها اهـ من المرقاة.
قال النووي: وهذا في الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل أو نحو ذلك، فأما مجرد ذكر الجماع فإن لم تكن فيه فائدة ولا إليه حاجة فمكروه لأنه خلاف المروءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" وإن كان إليه حاجة أو ترتب عليه فائدة بأن ينكر عليها إعراضه عنها أو تدعي
3423 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُقضِي إِلَى امْرَأَتِهِ
ــ
عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك فلا كراهة في ذكره كما قال صلى الله عليه وسلم: "إني لأفعله أنا وهذه" وقال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: "أعرستم الليلة" وقال لجابر: "الكيس الكيس" والله أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [4870].
ومقصود هذا الحديث هو أن الرجل له مع أهله خلوة وحالة يقبح ذكرها والتحدث بها وتحمل الغيرة على سترها ويلزم من كشفها عار عند أهل المروءة والحياء فإن تكلم بشيء من ذلك وأبداه كان قد كشف عورة نفسه وزوجته إذ لا فرق بين كشفها للعيان وكشفها للأسماع والآذان إذ كل واحد منهما يحصل به الاطلاع على العورة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "لا تعمد المرأة فتصف المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها" فإن دعت الحاجة إلى ذكر شيء من ذلك فليذكره مبهمًا غير معين بحسب الحاجة والضرورة كما قال صلى الله عليه وسلم: "فعلته أنا وهذه" رواه البخاري ومسلم وكقوله: "هل أعرستم الليلة" رواه البخاري ومسلم أيضًا، وكقول بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم:"كيف وجدت أهلك" والتصريح بذلك وتفصيله ليس من مكارم الأخلاق ولا من خصال أهل الدين اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:
3423 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب) محمد بن العلاء (قالا: حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن عمر بن حمزة) العمري (عن عبد الرحمن بن سعد) القرشي مولاهم المدني (قال: سمعت أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه (يقول): وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي أسامة لمروان بن معاوية (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أعظم الأمانة) الكلام على حذف مضاف تقديره إن من أعظم خيانة الأمانة ونقضها وهتكها (عند الله يوم القيامة الرجل) هو على حذف مضاف أيضًا أي خيانة الرجل وهتكه سر الزوجة (يفضي) ويصل (إلى امرأته)
وَتُفْضِي إِلَيهِ، ثُمَّ يَنْشُر سِرَّهَا".
وَقَال ابْنُ نُمَيرٍ: "إِنَّ أَعْظَمَ".
3424 -
(1364)(124) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِيُّ بْنُ
حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ
حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيرِيزٍ؛ أَنَّهُ قَال: دَخَلْتُ أَنَا وأَبُو صِرْمَةَ
ــ
ويجامعها (وتفضي) هي (إليه) أي تصل إليه بالتمكين له (ثم ينشر) ويفشي (سرها) بين الناس، قال القاضي عياض: والمراد بالسر وصف ما يجري بين الزوجين من أمور الاستمتاع وما يجري من المرأة من قول أو فعل حالة الجماع، جاءت في النهي عنه أحاديث كثيرة ووعيد شديد لأنه من كشف العورة إذ لا فرق بين كشفها بالنظر أو الوصف اهـ (وقال ابن نمير) في روايته:(إن أعظم) الأمانة بحذف من الجارة، قال القرطبي: والصواب إثباتها فإنها تفيد أن هذه الأمانة من جنس الأمانات العظيمة وهو صحيح، وإسقاطها يُشعر بأن هذه الأمانة أعظم الأمانات كلها وليس بصحيح فإن الأمانة على صحيح الإيمان أعظم وكذلك على الطهارة وغيرها مما يؤتمن عليه الإنسان من خفي الأعمال اهـ من المفهم. ومعنى (إن أعظم الأمانة) أي أوكد وأكبر في مقصود الشرع؛ والمراد بالأمانة الجنس أي الأمانات، وقد تقدم أن الأمانة ما يوكل إلى حفظ الإنسان وقيامه به اهـ منه.
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3424 -
(1364)(124)(وحدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي، ثقة، من (10)(وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر) بن إياس السعدي المروزي، ثقة، من (9) (قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8)(أخبرني ربيعة) بن أبي عبد الرحمن فروخ التيمي المدني المعروف بربيعة الرأي، ثقة، من (5)(عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة، بن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني المدني، ثقة، من (4)(عن) عبد الله (بن محيريز) -بمهملة وراء آخره زاي مصغرًا- ابن جنادة بن وهب الجمحي المكي، ثقة، من (3) (أنه قال: دخلت أنا وأبو صرمة) بكسر المهملة وسكون الراء، مالك بن قيس، وقيل: قيس بن مالك بن أبي
عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. فَسَأَلَهُ أَبُو صِرْمَةَ فَقَال: يَا أَبَا سَعِيدٍ! هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْعَزْلَ؟ فَقَال: نَعَمْ. غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ بَلْمُصْطَلِقِ
ــ
أنس الأنصاري المازني المدني الصحابي المشهور شهد بدرًا وما بعدها، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي أيوب الأنصاري في التوبة، ويروي عنه (م عم) وعبد الله بن محيريز ومحمد بن كعب القرظي وغيرهم، قال الحافظ في النكاح: صحابي مشهور، ثم قال في القدر: مختلف في صحبته (على أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد مكي وواحد إما بغدادي أو بلخي أو مروزي (فسأله أبو صرمة فقال) له في سؤاله: (يا أبا سعيد هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر العزل) أي حكمه هل هو جائز أم حرام؟ وهو نزع الذكر من الفرج قبيل وقت الإنزال لينزل خارج الفرج خوفًا من حصول الولد (فقال) أبو سعيد الخدري: (نعم) سمعته صلى الله عليه وسلم وذلك إنا نحن (فزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بلمصطلق) أي غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع، وهذا نظير قولهم في بني العنبر بلعنبر، قال أهل الحديث: هذا أولى من رواية موسى بن عقبة أنه كان في غزوة أوطاس، والمصطلق -بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف- وبنو المصطلق بطن شهير من خزاعة، قال أبو عمر: وغزوة المريسيع كانت سنة ست من الهجرة، قال أبو عمر: بنو المصطلق قوم من خزاعة كانت الوقعة بهم في موضع يقال له المريسيع من نحو قديد في سنة ست من الهجرة، وتُعرف هذه الغزوة بـ (غزوة المصطلق) وبـ (غزوة المريسيع) قال: وقد روى هذا الحديث موسى بن عقبة عن ابن محيريز عن أبي سعيد قال: أصبنا سبيًا من سبي أوطاس، قال: وهو سبي هوازن، وكان ذلك يوم حنين في سنة ثمان من الهجرة، قال: فوهم ابن عقبة في ذلك والله تعالى أعلم، وقد رواه أبو إسحاق السبيعي عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: لما أصبنا سبي حنين سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ فقال: "ليس من كل الماء يكون الولد" الحديث (قلت): الذي ذكره مسلم في كتابه عن علي بن أبي طلحة عن أبي الوداك عن أبي سعيد في هذا الحديث سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ فقال: "ليس من كل الماء يكون الولد" ولم يذكر فيه سبي حنين ولا غيره وكذلك ما ذكره أبو عمر من
فَسَبَينَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ. فطَالتْ عَلَينَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ. فَأْرَدْنَا أَنْ نَسْتَمتِعَ وَنَعْزِلَ. فَقُلْنَا: نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَينَ أَظهُرِنَا لَا نَسْأَلُهُ! فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "لَا عَلَيكُم أَنْ لَا تَفْعَلُوا
ــ
رواية ابن عقبة عن ابن محيريز ذكره مسلم أيضًا ولم يذكر فيه من سبي أوطاس ولا غيره وإنما ذكر مسلم يوم أوطاس في حديث أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد في قضية تحرج أصحابه من وطء المسبيات من أجل أزواجهن على ما يأتي وهي قصة أخوى في زمان آخر غير زمان بني المصطلق، والصحيح في الحديث الأول رواية من رواه بني المصطلق والله تعالى أعلم اهـ من المفهم (فسبينا) أي غنمنا (كرائم العرب) أي النفيسات من نساء العرب (فطالت علينا العُزبة) بضم العين أي قلة الجماع أي تعذر علينا النكاح لتعذر أسبابه، وليس المراد أنه طالت الغزبة لطول إقامتهم في تلك الغزوة فإن غيبتهم فيها عن المدينة لم تكن طويلة (ورغبنا في الفداء) أي في أخذ المال عوضًا عنهن يقال:(فدى أسيره) إذا دفع فيه مالًا وأخذه و (فاداه) إذا دفع فيه رجلًا، والفداء يكون بالمال والمفاداة تكون بالرجال على ما حكاه أبو عمر (فأردنا أن نستمتع) بالمسبيات (ونعزل) عنهن منينا، والمعنى احتجنا إلى وطئهن لطول العُزبة وخفنا من حبلهن فتصير أم ولد لنا يمتنع علينا بيعها وأخذ الثمن فيها، ويستنبط منه منع بيع أم الولد وإن هذا كان مشهورًا عندهم اهـ نووي (فقلنا) أي قال بعضنا لبعض: أ (نفعل) العزل (ورسول الله صلى الله عليه وسلم أي والحال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم موجود (بين أظهرنا) أي موجود فينا، فلفظ أظهر مقحم، والحال أننا (لا نسأله) عن حكم العزل (فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم العزل هل يجوز أم لا؟ قال المازري: سألوه لأنه وقع في نفوسهم أن ذلك -أي العزل- من جنس (الموءودة) كما في الأم، بعد هذا أنه سُئل عن العزل فقال: ذلك الوأد الخفي لأنه كالفرار من القدر اهـ وقد علمت أن العزل هو أن يُنحي الرجل ماءه عند الجماع عن الرحم فيلقيه خارجه، والذي حركهم للسؤال عنه أنهم خافوا أن يكون محرما لأنه قطع للنسل ولذلك أطلق عليه الوأد الخفي اهـ من المفهم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالنا:(لا) ضرر (عليكم) في (أن لا تفعلوا) العزل، أي ما عليكم ضرر في ترك العزل لأن كل نفس قدر الله خلقها لا بد أن يخلقها سواء عزلتم أم لا؟ ! وما لم يقدّر خلقها لا يقع سواء عزلتم أم لا؟ ! فلا فائدة في
مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إلَّا سَتَكُونُ"
ــ
عزلكم فإنه إن كان الله قدر خلقها سبقكم الماء إلى الرحم فلا ينفع حرصكم أي عزلكم في منع الخلق اهـ نووي، وفيه دلالة على أن العزل لا يمنع الإيلاد فلو استفرش أمة وعزل عنها فاتت بولد لحقه إلا أن يدعي عدم الاستبراء اهـ ملا علي، وعلى هذا المعنى فلا نافية أي لا جناح في ترك العزل ولا في فعله فكلاهما سواء، وهذا التأويل أولى بدليل قوله:(ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة (لا ستكون) وقوله: "لا عليكم أن لا تفعلوا فإنما هو القدر" وقوله: "إذا أراد الله خلق الشيء لم يمنعه شيء" وهذه الألفاظ كلها مصرحة بأن العزل لا يرد القدر ولا يضره فكأنه قال: لا بأس يالعزل، وبهذا تمسك من رأى إباحة العزل مطلقًا عن الزوجة والسرية وبه قال كثير من الصحابة والتابعين والفقهاء، وقيل (لا) هنا ناهية فيكون المعنى النهي والزجر عن العزل فكأنه قال: لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا تأكيدًا لذلك النهي وبهذا تمسك من رأى كراهة العزل من الصحابة وغيرهم كما حُكي عن الحسن ومحمد بن المثنى متمسكين بقوله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الوأد الخفي" رواه أحمد ومسلم وابن ماجه، والحاصل أن في العزل قولين الإباحة مطلقًا أي في الحرة وفي الأمة، والحرمة أو الكراهة مطلقًا، والثالث التفصيل وهو الحرمة في الحرة، والإباحة في الأمة وهو ما ذهب إليه مالك والشافعي من أن العزل عن الحرة لا يجوز إلا بإذنها وكأنهم رأوا أن الإنزال من تمام لذتها ومن حقها في الولد، ولم يريا ذلك في الموطوءة بالملك فله أن يعزل عنها بغير إذنها إذ لا حق لها في شيء مما ذكر. (قلت): ويمكن على هذا المذهب الثالث أن يُجمع بين الأحاديث المتعارضة في ذلك فتصير الأحاديث التي يفهم منها المنع إلى الزوجة الحرة إذا لم تأذن والتي يُفهم منها الإباحة إلى الأمة والزوجة إذا أذنت فيصح الجميع ويرتفع التعارض والله تعالى أعلم اهـ من المفهم. وقوله: (ما كتب الله خلق نسمة) أي في الأزل، والنسمة بفتحات هي النفس أي ما من نفس (هي كائنة) تقديرًا (إلى يوم القيامة) أي قدر الله كونها (إلا) وهي (ستكون) أي وجودًا سواء عزلتهم أو لا؟ أي ما قدر الله وكتب وجوده إلى يوم القيامة لا يمنعه العزل اهـ فتح الملهم بتصرف. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 68]، والبخاري [2542]، وأبو داود [2172].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3425 -
(00)(00) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، فِي مَعْنَى حَدِيثِ رَبِيعَةَ. غَيرَ أَنَّهُ قَال:"فَإِن اللهَ كتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"
ــ
3425 -
(00)(00)(حدثني محمد بن الفرج) بن عبد الوارث الهاشمي (مولى بني هاشم) أبو جعفر البغدادي جار أحمد بن حنبل، روى عن خاله محمد بن الزبرقان في النكاح، وزيد بن الحباب في الفضائل وابن عيينة وهشيم، ويروي عنه (م د) دمابراهيم الحربي وعبد الله بن أحمد وأبو زرعة الرازي وغيرهم، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال السّراج: بغدادي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من العاشرة، مات سنة (206) ست ومائتين (حدثنا محمد بن الزبرقان) -بكسر الزاي وسكون الموحدة وكسر الراء وبقاف- أبو همام الأهوازي بالزاي نسبة إلى الأهواز بلدة مشهورة، روى عن موسى بن عقبة في النكاح، وسليمان التيمي وابن عون، ويروي عنه (خ م دس ق) ومحمد بن الفرج وابن بشار وابن المديني وغيرهم، وثقه ابن المديني والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم، من الثامنة (حدثنا موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن محمد بن يحيى بن حبان بهذا الإسناد) يعني عن ابن محيريز عن أبي سعيد، ولفظة (في) في قوله:(في معنى) بمعنى الباء متعلقة بحدثنا موسى، والتقدير حدثنا موسى بن عقبة عن محمد بن يحيى بمعنى (حدثنا ربيعة) لا لفظه (كير أنه) أي لكن أن موسى بن عقبة (قال) في روايته:(فإن الله) سبحانه وتعالى (كتب) وقدّر أزلًا (من هو) سبحانه (خالقه)(إلى يوم القيامة) أي الذي يخلقه إلى يوم القيامة، فلا فائدة في عزلكم فإنه تعالى إن كان قد خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم حرصكم في منع الخلق. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة موسى بن عقبة لربيعة بن أبي عبد الرحمن في الرواية عن محمد بن يحيى بن حبان.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3426 -
(00)(00) حدّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ. حَدَّثَنَا جُوَيرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابنِ مُحَيرِيزٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَال: أَصَبْنَا سَبَايَا فَكُنَّا نَغزِلُ. ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ؟ فَقَال لَنَا: "وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ
ــ
3426 -
(00)(00)(حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي) بضم المعجمة وفتح الموحدة -نسبة إلى ضبيعة اسم قبيلة- أبو عبد الرحمن البصري (حدثنا جويرية) مصغرًا بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري، صدوق، من (7) وكان يشارك مالكًا في الرواية عن نافع وتفرد عنه بهذا الحديث وبغيره، وهو من الثقات الأثبات اهـ من فتح الملهم (عن مالك) بن أنس الإمام المدني (عن الزهري عن) عبد الله (بن محيريز عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة الزهري لمحمد بن يحيى بن حبان في الرواية عن ابن محيريز (أنه) أي أن أبا سعيد (أخبره) أي أخبر لابن محيريز (قال) أبو سعيد فهو بدل من أخبره (أصبنا) أي وطئنا (سبايا) أي نساء مسبيات (فكنا نعزل) أي ننحي ونبعد عنها المني فننزله خارج الفرج خوفًا من العلوق فتصير أمّ ولد لنا فيفوتنا بيعها والانتفاع بثمنها (ثم سالنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) العزل هل يجوز أم لا؟ (فقال لنا: وإنكم) بتقدير همزة الاستفهام الإنكاري أي أو إنكم (لتفعلون) ذلك كما هو لفظ البخاري (وإنكم لتفعلون وإنكم لتفعلون) قالها ثلاث مرات، قال الحافظ في الفتح: هذا الاستفهام يُشعر بأنه صلى الله عليه وسلم ما كان اطلع على فعلهم ذلك، قال الأبي: وظاهر هذا الاستفهام الإنكاري (ما من نسمة) أي نفس (كائنة) تقديرًا (إلى يوم القيامة إلا هي كائنة) أي وجودًا أي كل نفس كائنة تقديرًا كائنة وجودًا فلا إشكال اهـ فتح الملهم. قال القرطبي: قوله: (إنكم لتفعلون) ثلاثًا ظاهره الإنكار والزجر غير أنه يضعفه، قوله ما من نسمة كائنة إلا هي كائنة فإذا معناه الاستبعاد لفعلهم له بدليل ما جاء في الرواية الأخرى (ولم يفعل ذلك أحدكم) قال الراوي: ولم يقل فلا يفعل ذلك أحدكم ففهم أنه ليس بنهي وهو أعلم بالمقال وأقعد بالحال اهـ من المفهم. وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
3427 -
(00)(00) وحدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ أنسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ؟ قَال: نَعَمْ. عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا عَلَيكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا. فَإِنمَا هُوَ الْقَدَرُ"
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3427 -
(00)(00)(وحدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي البصري (الجهضمي) ثقة ثبت، من (10)(حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي، ثقة، من (8)(حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري، ثقة إمام، من (7)(عن أنس بن سيرين) الأنصاري البصري، ثقة، من (3)(عن معبد بن سيرين (الأنصاري مولاهم البصري مولى أنس كان أكبر الإخوة الثلاثة محمد وأنس ومعبد وأقدمهم موتًا، روى عن أبي سعيد الخدري في النكاح والطب، وعمر بن الخطاب، ويروي عنه (خ م دس) وأخواه أنس ومحمد، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة وقد روى أحاديث، وقال ابن معين: يُعرف ويُنْكر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من (3) مات على رأس المائة (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا أبا سعيد الخدري فإنه مدني، غرضه بسوقه بيان متابعة معبد بن سيرين لعبد الله بن محيريز (قال) أنس بن سيرين:(قلت له) أي لمعبد بن سيرين أ (سمعته) بتقدير همزة الاستفهام التقريري أي أسمعت هذا الحديث (من أبي سعيد) الخدري (قال) معبد: (نعم) سمعته من أبي سعيد حالة كونه راويًا (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) صلى الله عليه وسلم: (لا) جناح (عليكم) في (أن لا تفعلوا) العزل أي في ترككم العزل كما لا حرج عليكم في فعله فهو جائز مباح مطلقًا كما مر أنه القول الصحيح أي ما عليكم ضرر في الترك فأشار إلى أن ترك العزل أحسن (فإنما هو) أي المؤثر في وجود الولد وعدمه (القدر) أي تقدير الله تعالى أزلًا لا العزل فأي حاجة إليه اهـ سندي على النسائي، قال الأبي: معناه عند المجيز لا ضرر عليكم في ترك العزل لأنه ليس من كل الماء يكون الولد، فكم من رجل لا يعزل ولا يكون له ولد وإنما ذلك القدر فما أراد الله سبحانه كونه فلا بد منه وإن
3428 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). ح وَحَدَّثَنِي مُحَمدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَبَهْزٌ. قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَنس بْنِ سِيرِينَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثلَهُ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي العَزْلِ: قالا عَلَيكُمْ أَنْ لَا تَفعَلُوا ذَاكُمْ. فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ".
وَفِي رِوَايَةِ بَهْزٍ:
ــ
عزلتم لأن الماء قد ينفلت أو يُسلب الواطئ إرادة العزل فيكون الولد، وما لا يريد كونه لا يكون وإن لم تعزلوا، فالحاصل اعزلوا أو لا تعزلوا فليس إلا القدر وبعبارة أخرى لا ضرر عليكم في ترك العزل لأنكم إنما تعزلون خوف الولد، والولد إنما الأمر فيه للقدر فاعزلوا أو لا تعزلوا، وقد مر تقريره على قول من فهم منه الكراهة التحريمية والله أعلم اهـ منه، وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3428 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي المعروف بغندر (ح وحدثنا يحيى بن حبيب) بن عربي الحارثي البصري (حدثنا خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي البصري (ح وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي أبو سعيد البصري (وبهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9) (قالوا: جميعًا) أي قال: كل من محمد بن جعفر وخالد بن الحارث وعبد الرحمن بن مهدي وبهز حالة كونهم جميعا (حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين بهذا الإسناد) يعني عن معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري، وساق كل من هؤلاء الأربعة (مثله) أي مثل حديث بشر بن المفضل، غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الأربعة لبشر بن المفضل (غير أن في حديثهم) أي لكن أن في حديث هؤلاء الأربعة لفظة عن أبي سعيد (عن النبي صلى الله عليه وسلم تال في العزل لا) ضرر (عليكم) في (أن لا تفعلوا ذاكم) العزل (فإنما هو) أي فإنما المؤثر في خلق الولد وعدمه (القدر) أي قدر الله تعالى وقضاؤه الأزلي (وفي رواية بهز) بن أسد
قَال شُعْبَةُ: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ؟ قَال: نَعَنم.
3429 -
(00)(00) وحدّثني أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ (وَاللَّفْظُ لأَبِي كَامِلٍ). قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيدٍ). حَدَّثَنَا أَيوبُ، عَنْ مُحمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَدَّهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ؟ فَقَال: "لَا عَلَيكُمْ أَنَّ لَا تَفعَلُوا ذَاكُمْ. فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ".
قَال مُحَمَّدٌ: وَقَوْلُهُ:
ــ
(قال شعبة قلت له): أي لأنس بن سيرين أ (سمعته) أي هل سمعت هذا الحديث (من أبي سعيد) الخدري (قال) أنس: (نعم) سمعته من أبي سعيد الخدري، وهذا بيان لمحل المخالفة بين الروايتين ولا تعارض بين الروايتين لأن أنسًا يمكن سماعه من أبي سعيد كما سمعه من معبد بن سيرين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3429 -
(00)(00)(وحدثني أبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (وأبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (واللفظ) الآتي الأبي كامل قالا: حدثنا حماد وهو ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري (حدثنا أيوب) بن أبي تميمة كيسان العنزي البصري (عن محمد) بن سيرين (عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود) الأنصاري المدني الأزرق، روى عن أبي سعيد الخدري في النكاح، وأبي هريرة وأبي مسعود البدري، ويروي عنه (م د س) ومحمد بن سيرين في النكاح، وإبراهيم النخعي، قال ابن سعد: كان قليل الحديث وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب مقبول، من الثالثة (رده) أي رد عبد الرحمن بن بشر الحديث أي رفعه (إلى أبي سعيد الخدري) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد الرحمن بن بشر لمعبد بن سيرين (قال) أبو سعيد:(سئل) بالبناء للمجهول، والسائل هو أبو سعيد الخدري كما في المبهمات، (النبي صلى الله عليه وسلم عن) حكم (العزل فقال) النبي صلى الله عليه وسلم:(لا) ضرر (عليكم) في (أن لا تفعلوا ذاكم) العزل (فإنما هو) أي المؤثر (القدر) أي قدر الله الأزلي إن سبق بخلقه خُلق وإلا لم يُخلق (قال محمد) بن سيرين: (وقوله) صلى الله عليه وسلم:
"لَا عَلَيكُمْ" أَقْرَبُ إِلَى النَّهْيِ.
3430 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ الأَنْصَارِيِّ. قَال: فَرَدَّ الْحَدِيثَ حَتَّى رَدَّهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: ذُكِرَ الْعَزْلُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "وَمَا ذَاكُمْ؟ " قَالُوا: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ فَيُصِيبُ مِتهَا. وًيكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ. وَالرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الأَمَةُ فَيُصِيبُ مِنْهَا. ويكْرَهُ أنْ تَحْمِلَ مِنْهُ. قَال: "فَلَا
ــ
(لا عليكم أقرب إلى النهي) والزجر من قربه إلى الإباحة وهذا الكلام أعني قوله لا عليكم أقرب إلى النهي مقول لقال محمد فكأنه فهم من لا النهي عما سألوه عنه فكان بعد لا حذفًا تقديره لا تعزلوا وعليكم أن لا تفعلوا، ويكون قوله عليكم تأكيدًا للنهي اهـ من فتح الباري.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3430 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن معاذ) التميمي العنبري أبو المثنى البصري، ثقة، من (9)(حدثنا) عبد الله (بن عون) المزني البصري، ثقة، من (6) (عن محمد) بن سيرين (عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري) المدني (قال) محمد بن سيرين:(فرد) عبد الرحمن بن بشر (الحديث) أي رفعه، وقوله:(حتى رده) تفسير لما قبله وحتى بمعنى الفاء أي فرد عبد الرحمن الحديث ورفعه (إلى أبي سعيد الخدري) أي لم يجعله موقوفًا على نفسه، وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن عون لأيوب السختياني (قال) أبو سعيد الخدري:(ذُكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما ذاكم) الذي ذكرتموه (قالوا) الذي ذكرناه هو (الرجل تكون له المرأة) أي هو الرجل الذي كانت امرأته (تُرضع) الولد (فيصيب منها) أي فيطؤها (وبكره أن تحمل) أي يخاف أن تحبل (منه) أي من وطئه فيضر به الرضيع فيعزل عنها منيه (والرجل تكون له الأمة فيصيب منها) أي فيطؤها (ويكره) أي يخاف (أن تحمل منه) ولدا فتصير أم ولد له فيفوته بيعها والانتفاع بثمنها فيعزل عنها، فهل يجوز ذلك العزل في الموضعين أم لا؛ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فلا)
عَلَيكُمْ أَنْ لَا تَفعَلُوا ذَاكُمْ. فَإنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ".
قَال ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثتُ بِهِ الحَسَنَ فَقَال: وَاللهِ! لَكَان هذَا زَجْرٌ.
3431 -
(00)(00) وحدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. قَال: حَدَّثتُ مُحَمَّدًا، عَنْ إِبرَاهِيمَ بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ
ــ
ضرر (عليكم) في (أن لا تفعلوا ذاكم) العزل (فإنما هو) أي، المؤثر في خلق الولد وعدمه (القدر) أي قدر الله الأزلي وقضاؤه، فيه إشارة إلى أن سبب العزل شيئان أحدهما: كراهة مجيء الولد من الأمة وهو إما أنفة من ذلك وإما لئلا يتعذر بيع الأمة إذا صارت أم ولد وإما لغير ذلك كما ذكرناه قبل، والثاني: كراهة أن تحمل الموطوءة وهي ترضع فيضر ذلك بالولد المرضع اهـ فتح الملهم.
وقال القرطبي: فيه دليل على أن قوله: (فلا عليكم أن لا تفعلوا) إنما خرج جوابًا عن سؤالين العزل عن الحرة وعن الأمة فلا بُعد أن يذكر الراوي في وقت أحد السؤالين ويسكت عن الآخر ويذكرهما جميعا في وقت آخر كما قد جاء في هذه الروايات ولا يعد مثل هذا اضطرابًا في الحديث فيضعفه اهـ من المفهم.
(قال ابن عون: فحدثت به) أي بهذا الحديث (الحسن) البصري (فقال) الحسن: (والله لكأن هذا) أي قوله صلى الله عليه وسلم: فلا عليكم أن لا تفعلوا (زجر) ونهي عن العزل، فقد فهم من الحديث ما فهمه ابن سيرين من معنى النهي كما سبق من فتح الباري. والمعنى عليه (فلا) تعزلوا (عليكم أن لا تفعلوا) العزل.
وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى [131].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا فقال:
3431 -
(00)(00)(وحدثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي أبو محمد المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11) روى عنه في (13) بابا (حدثنا سليمان بن حرب) الأزدي أبو أيوب البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا حماد بن زيد) الأزدي البصري (عن) عبد الله (بن عون) المزني البصري (قال) ابن عون:(حدثت محمدًا) ابن سيرين (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي (بحديث عبد الرحمن بن بشر
(يَعْنِي حَدِيثَ الْعَزلِ) فَقَال: إِيَّايَ حَدَّثَهُ عَندُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشرٍ.
3432 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِييرينَ. قَال: قُلْنَا لأَبِي سَعِيدٍ: هَل سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ فِي الْعَزلِ شَيئًا؟ قَال: نَعَمْ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ. إِلَى قَوْلِهِ: "الْقَدَرُ".
3433 -
(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبدَةَ (قَال ابْنُ عَبْدَةَ: أَخْبَرَنَا. وَقَال عُبَيدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
ــ
يعني) ابن عون بحديث عبد الرحمن (حديث العزل) المذكور (فقال) محمد بن سيرين (إياي) نفسي بلا واسطة (حدّثه) أي حدّث حديث العزل (عبد الرحمن بن بشر) بنفسه. وهذا السند أيضًا من سداسياته، غرضه بيان متابعة حماد بن زيد لمعاذ بن معاذ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا فقال:
3432 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري، ثقة، من (8)(حدثنا هشام) بن حسان الأزدي القردوسي نسبة إلى بطن من الأزد أبو عبد الله البصري، ثقة، من (6) (عن محمد) بن سيرين (عن معبد بن سيرين قال) معبد:(قلنا لأبي سعيد) الخدري. وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة هشام لابن عون (هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في) حكم (العزل شيئًا؟ ) من الإباحة أو الحرمة (قال) أبو سعيد:(نعم) سمعته صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئًا من الحكم (وساق) هشام أي ذكر (الحديث) أي حديث العزل (بمعنى حديث) عبد الله (بن عون إلى قوله): فإنما هو (القدر) لا بلفظه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا فقال:
3433 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن عمر) بن ميسرة الجشمي مولاهم أبو شعيب (القواريري) البصري، ثقة، من (10)(وأحمد بن عبدة) بن موسى الضبي البصري، ثقة، من (10) (قال ابن عبدة: أخبرنا وقال عبيد الله: حدثنا سفيان بن عيينة عن) عبد الله (بن أبي نجيح) يسار المكي أبي يسار الثقفي مولاهم، ثقة، من (6) (عن
مُجَاهِدٍ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: ذُكِرَ الْعَزْلُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "وَلِمَ يَفْعَلُ ذلِكَ أَحَدُكُمْ؟ (وَلَمْ يَقُلْ: فَلَا يَفْعَلْ ذلِكَ أَحَدُكُمْ) فإِنهُ لَيسَتْ نَفْسْ مَخْلُوقَةٌ إلَّا اللهُ خَالِقُهَا".
3434 -
(00)(00) حدّثني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ
ــ
مجاهد) بن جبر المخزومي مولاهم أبي الحجاج المكي المقرئ المفسر، ثقة، من (3)(عن قزعة) -بفتحات- ابن يحيى البصري مولى زياد بن أبي سفيان، ثقة، من (3)(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة قزعة لمن روى عن أبي سعيد الخدري (قال) أبو سعيد:(ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولِمَ يفعل ذلك) العزل (أحدكم) بكسر اللام في لِمَ وفتح الميم لأن اللام حرف جر ومَ اسم استفهام أصله ما حُذفت منه الألف فرقًا بينها وبين ما الموصولة إذا دخل عليها الجار، والجار والمجرور متعلق بما بعده، والمعنى ولأي شيء فعل أحدكم ذلك العزل أفرارًا من خلق الولد منه أم لا؟ قال أبو سعيد:(ولم يقل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا يفعل ذلك) العزل (أحدكم) بصيغة النهي أي لم يصرح لهم بالنهي وإنما أشار إلى أن الأولى ترك ذلك، ثم علل الاستفهام المذكور بقوله:(فإنه) أي فإن الشأن والحال (ليست نفس مخلوقة) أي مقدرة الخلق أو معلومة الخلق عند الله تعالى أزلًا (إلا الله خالقها) أي إلا أن الله مبرزها في عالم الوجود أي لا بد من إبرازها إلى الوجود، قال ابن بطال: الخالق في هذا الباب يراد به المبدع المنشئ لأعيان المخلوقين وهو معنى لا يشارك الله سبحانه فيه أحد، قال: ولم يزل مسميًا نفسه خالقا على معنى أنه يخلق لاستحالة قدم الخلق اهـ فتح الملهم، والمعنى ما من نفس مقدرة الخلق في الأزل إلا الله خالقها أي مبرزها من العدم إلى الوجود، وكلمة ليس قد تحمل على ما النافية في الإهمال عند انتقاض النفي بإلا كما تُحمل ما على ليس في الإعمال عند استيفاء الشروط اهـ من بعض الهوامش. وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3434 -
(00)(00)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) السعدي
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي مُعَاويةُ (يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. سَمِعَهُ يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ؟ فَقَال: "مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ. وَإِذَا أَرَادَ اللهُ خَلْقَ شَيءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيءٌ"
ــ
مولاهم نزيل مصر، ثقة، من (10)(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري، ثقة، من (9)(أخبرني معاوية يعني ابن صالح) بن حدير مصغرًا بالمهملة الحضرمي الحمصي، صدوق، من (7)(عن علي بن أبي طلحة) سالم الهاشمي مولاهم أبي الحسن الحمصي، روى عن أبي الوذاك في النكاح، وابن عباس مرسلًا ومجاهد والقاسم، ويروي عنه (م د س ق) ومعاوية بن صالح والثوري وغيرهم، قال أحمد: له أشياء منكرات، وقال الفسوي: ضعيف، وقال النسائي: لا بأس به، له في (م) حديث واحد، وفي (دس ق) حديث آخر، وقال في التقريب: صدوق قد يخطئ، من السادسة، مات سنة (143) ثلاث وأربعين ومائة (عن أبي الوداك) بفتح الواو وتشديد الدال آخره كاف، جبر بن نوف بفتح النون اخره فاء، الهمداني بسكون الميم، البكالي بكسر الموحدة وتخفيف الكاف، نسبة إلى بني بكال من حمير الكوفي، روى عن أبي سعيد في النكاح والفتن، وشريح، ويروي عنه (م عم) وعلي بن أبي طلحة وقيس بن وهب ويونس بن أبي إسحاق ومجالد، وثقه ابن معين، وقال النسائي: صالح، وقال في التقريب: صدوق له أوهام، من الرابعة. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي الوداك لمن روى (عن أبي سعيد الخدري سمعه) أي سمع أبو الوداك أبا سعيد حالة كونه (يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل) أي عن حكمه هل هو حرام أم جائز؟ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من كل الماء يكون) أي يحصل (الولد) فكم من صب لا يحصل منه الولد ومن عزل محدث له، فقدم خبر كان ليدل على الاختصاص، وهذا معنى قوله:(وإذا أراد الله) سبحانه وتعالى (خلق شيء) أي تكوينه وإيجاده (لم يمنعه) أي لم يمنع خلقه وإيجاده (شيء) من الأسباب يعني أن تكوين الولد بمشيئة الله تعالى لا بالماء وكذا عدمه بها لا بالعزل اهـ من المرقاة قال القرطبي: يعني أن الولد ينعقد في الرحم من جزء من الماء لا يشعر العازل بخروجه فيظن أنه قد عزل كل الماء وهو إنما عزل بعضه فيخلق الله الولد من ذلك الجزء اللطيف الذي بادر بالخروج اهـ من المفهم.
3435 -
(00)(00) حدّثني أَحْمَدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْبَصْرِيُّ. حَدَّثَنَا زيدُ بْنُ الحُبَابٍ. حَدَّثَنَا مُعَاويةُ. أَخبَرَنِي عَلِي بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ.
3436 -
(1365)(125) حدَّثنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّ لِي جَارِيَةً
ــ
وهذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة حادي عشرها في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3435 -
(00)(00)(حدثني أحمد بن المنذر) بن الجارود (البصري) أبو بكر القزاز روى عن زيد بن الحباب، ويروي عنه (م) وإبراهيم بن فهد والدورقي، صدوق، من (11) قديم الموت، روى عنه في (5) أبواب (حدثنا زيد بن الحباب) بضم أوله وبموحدتين، العكلي -بضم المهملة وسكون الكاف- نسبة إلى عكل بطن من تميم، أبو الحسين الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (11) بابا (حدثنا معاوية) بن صالح الحضرمي الحمصي (أخبرني علي بن طلحة) سالم (الهاشمي) الحمصي (عن أبي الوداك) جبر بن نوف الهمداني الكوفي (عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق زيد بن حباب (بمثله) أي بمثل ما روى ابن وهب عن معاوية بن صالح، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة زيد بن حباب لعبد الله بن وهب.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي سعيد الخدري بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
3436 -
(1365)(125)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي، ثقة، من (10)(حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج مصغرًا الجعفي أبو خيثمة الكوفي ثقة، من (7)(أخبرنا أبو الزبير) الأسدي محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق، من (4) (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني. وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم كوفيان وواحد مدني وواحد مكي (أن رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي جاءه (فقال: أن لي) يا رسول الله (جارية
هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا. وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيهَا وَأَنَا أَكْرهُ أَنَّ تَحْمِلَ. فَقَال: "اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ. فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا" فَلَبِثَ الرَّجُلُ. ثُمَّ أَتَاهُ فَقَال: إِنَّ الْجَارِيةَ قَدْ حَبِلَتْ. فَقَال: "قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا"
ــ
هي خادمنا) الخادم يستوي فيه المذكر والمؤنث، والخادمة بالهاء في المؤنث قليل، وقولهم: فلانة خادمة غدًا ليس بوصف حقيقي، والمعنى ستصير كذلك كما يقال حائضة غدًا اهـ فيومي (وسانيتنا) أي ناضحتنا التي تسقي لنا الماء شبهها بالبعير في ذلك اهـ نووي (وأنا أطوف عليها) أي أجامعها (وأنا أكره أن تحمل) مني بولد فتكون أم ولد فيمتنع بيعها عليّ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اعزل) أي أبعد (عنها) منيك (إن شئت) العزل، قال في المبارق: وهذا محمول على الغضب بدليل قوله بعده (فإنه سيأتيها ما قُدّر لها) وفيه مؤكدات أن وضمير الشأن وسين الاستقبال اهـ ملا علي، قال ابن الملك: فيه جواز العزل وأنه في الأمة بمشيئة الواطئ اهـ، قال الحافظ: ولكن السياق يُشعر أنه خلاف الأولى. وتقدم تفصيل المذاهب فيه. قال الطيبي: قوله: إن شئت أي أن لا تحبل وذلك لا ينفعك كما يظهر من التعليل بقوله: (فإنه سيأتيها ما قُدِّر لها) أي من الحمل وغيره سواء عزلت أو لا وفيه مؤكدات كما مر آنفًا (فلبث الرجل) أي مكث زمانًا (ثم أتاه) صلى الله عليه وسلم مرة ثانية (فقال): يا رسول الله (أن الجارية) التي أخبرتك عنها أولًا (قد حبلت) وحملت ولدًا، وحبل من باب فرح كما في القاموس وغيره (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(قد أخبرتك) أولًا (أنه سيأتيها ما قُدِّر لها) في المرقاة: قال النووي: فيه دلالة على إلحاق النسب مع العزل اهـ لأن الماء قد يسبق، قال ابن الهمام: ثم إذا عزل بإذن أو بغير إذن وظهر بها حبل هل يحل نفيه؟ قالوا: إن لم يعد إليها أو عاد ولكن بال قبل العود حل نفيه، وإن لم يبل لا يحل كذا رُوي عن علي رضي الله عنه لأن بقية المني في ذكره يسقط فيها وكذا قال أبو حنيفة فيما إذا اغتسل من الجنابة قبل البول ثم بال فخرج المني وجب إعادة الغسل اهـ فتح الملهم، قال القرطبي: قوله: (قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها) دليل على إلحاق الولد بمن اعترف بالوطء وادعى العزل في الحرائر والإماء وسببه انفلات الماء ولا يشعر به العازل، ولم يُختلف عندنا في ذلك إذا كان الوطء في الفرج فإن كان في غير الفرج مما يقاربه أو كان العزل البين الذي لا شك فيه لم يلحق، وفيه حجة على كون الأمة فراشًا
3437 -
(00)(00) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشعَثِيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ حَسَّان، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَال: سأَلَ رَجُلٌ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّ عِنْدِي جَارِيَةً لِي. وَأَنا أَعْزِلُ عَنْهَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ ذلِكَ لَنْ يَمْنَعَ شَيئًا أَرَادَهُ اللهُ" قَال: فَجَاءَ الرَّجُلُ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! إِن الْجَارِيَةَ التِي كُنْتُ ذَكَرْتُهَا لَكَ حَمَلَت. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ"
ــ
إذا كان الوطء اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [2173].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3437 -
(00)(00)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10) انفرد مسلم بالرواية عنه (حدثنا سفيان بن عيينة عن سعيد بن حسان) المخزومي المكي القاص، روى عن عروة بن عياض في النكاح، ومجاهد وسالم بن عبد الله وغيرهم، ويروي عنه (م ت س ق) وسفيان بن عيينة وأبو أحمد الزبيري والثوري، وثقه ابن معين وأبو داود والنسائي، وقال في التقريب: صدوق له أوهام من السادسة (عن عروة بن عياض) بن عمرو بن عدي بن الخيار القرشي المكي، كان واليها لعمر بن عبد العزيز، روى عن جابر بن عبد الله في النكاح، وعائثة وأبي سعيد الخدري، ويروي عنه (م س) وسعيد بن حسان وعمرو بن دينار وابن جريج وغيرهم، وثقه أبو زرعة والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، ويقال فيه: عياض بن عروة (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان مكيان وواحد مدني، غرضه بسوته بيان متابعة عروة بن عياض لأبي الزبير المكي (قال) جابر:(سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندي جارية) مملوكة (لي وأنا أعزل) أي أنحي المني (عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ذلك) العزل (لم يمنع شيئًا أراده الله) تعالى من علوق الولد (قال) جابر: (فجاء) ذلك (الرجل) مرة ثانية (فقال: يا رسول الله إن الجارية التي كنت ذكرتها لك حملت) ولدًا (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك (أنا عبد الله ورسوله) وما أقول لكم حق فاعتمدوه واستيقنوه فإنه يأتي
3438 -
(00)(00) وحدّثنا حَجَّاجُ بْنُ الشاعِرِ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيرِيُّ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَسَّانَ، قَاصُّ أَهْلِ مَكَّةَ. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ عَدِيٍّ بْنِ الْخِيَارِ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ.
3439 -
(1366)(126) حدَّثنا أَبُو بَكرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا وَقَال أَبُو بَكْر: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) عَنْ عَمْرٍو،
ــ
مثل فلق الصبح اهـ نووي، قال القرطبي: وهذا تنبيه منه على صدقه وصحة رسالته كما قال عند تكثير الطعام "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" رواه مسلم اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3438 -
(00)(00)(وحدثنا حجاج) بن يوسف بن الحجاج الثقفي البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11)(حدثنا) محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم (أبو أحمد الزبيري) مولاهم الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا سعيد بن حسان) المخزومي المكي (قاص أهل مكة) أي واعظهم الذي يعظ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا (أخبرني عروة بن عياض بن عدي بن الخيار) القرشي (النوفلي) ثقة، من (4) قال المازري: كذا هو عروة بن عياض فذكر عروة، وقال البخاري: أخشى أن لا يكون عروة محفوظًا لأن عروة هو ابن عياض بن عبد القاري، ورواه أبو نعيم عن سعيد بن حسان عن ابن عياض ولم يسمه اهـ فتح الملهم (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الزبيري لسفيان بن عيينة (قال) جابر:(جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وساق الزبيري (بمعنى حديث سفيان) بن عيينة لا بلفظه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي سعيد الخدري بحديث آخر لجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم فقال:
3439 -
(1366)(126)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه (قال إسحاق: أخبرنا وقال أبو بكر: حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بن دينار
عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِر. قَال: كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ.
زَادَ ْإسْحَاقُ: قَال سُفْيَانُ: لَوْ كَان شَيئًا يُنْهَى عَنْهُ. لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ
ــ
الجمحي المكي (عن عطاء) بن أبي رباح المكي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان كوفيان أو كوفي ومروزي وواحد مدني (قال) جابر: كنا) معاشر الصحابة (نعزل) أي ننزل المني في الوقاع خارج الفرج خوف الولد (والقرآن) جملة حالية أي والحال أن القرآن (ينزل) بتفاصيل الأحكام ولم يمنعنا والله تعالى أعلم بأحوالنا وأفعالنا فيكون كالتقرير لأفعالنا (زاد إسحاق) بن إبراهيم على أبي بكر لفظة (قال سفيان) بن عيينة استنباطًا أو قال سفيان بسنده قال جابر: (لو كان) العزل (شيئًا يُنهى عنه) شرعًا (لنهانا عنه) أي عن العزل (القرآن) لكن ليس كل المناهي ينهى القرآن فما في الطريق التالي أقوى من هذا، قال الحافظ: هذا ظاهر في أن سفيان قاله استنباطًا وأوهم كلام صاحب العمدة ومن تبعه أن هذه الزيادة من نفس الحديث فأدرجها في الحديث وليس الأمر كذلك فإني تتبعته من المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان لا يذكرون هذه الزيادة، وشرحه ابن دقيق العيد على ما وقع في العمدة فقال: استدلال جابر بالتقرير من الله غريب ويمكن أن يكون استدل بتقرير الرسول لكنه مشروط بعلمه بذلك اهـ، ويكفي في علمه به قول الصحابي إنه فعله في عهده، والمسألة مشهورة في الأصول وفي علم الحديث وهي أن الصحابي إذا أضافه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حكم الرفع عند الأكثر لأن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام وإذا لم يضفه فله حكم الرفع عند قوم وهذا أولى من الأول، فإن جابرًا صرح بوقوعه في عهده صلى الله عليه وسلم وقد وردت عدة طرق تصرح باطلاعه على ذلك، والذي يظهر لي أن الذي استنبط ذلك سواء كان هو جابرًا أو سفيان أراد بنزول القرآن ما يُقرأ أعم من المتعبد بتلاوته أو غيره مما يوحى إليه صلى الله عليه وسلم فكأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع، ولو كان حرامًا لم نقر عليه، وإلى ذلك يشير قول ابن عمر كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا هيبة أن ينزل فينا شيء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تكلمنا وانبسطنا أخرجه البخاري في طرق الباب السابقة واللاحقة ما أغنى عن الاستنباط فإن في بعضها التصريح باطلاعه صلى الله
3440 -
(00)(00) وحدّثني سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ عَطَاءٍ. قَال: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَقَدْ كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
3441 -
(00)(00) وحدّثني أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبي عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَبَلَغَ ذلِكَ نَبِي اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ يَنْهَنَا
ــ
عليه وسلم وفي أخرى إذنه في ذلك وإن كان مرجوحًا والله أعلم اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 377]، والبخاري [5207]،
والترمذي ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر هذا رضي الله عنه فقال:
3440 -
(00)(00)(وحدثني سلمة بن شبيب) المسمعي النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا الحسن) بن محمد (بن أعين) الحراني، صدوق، من (9)(حدثنا معقل) بن عبيد الله العبسي مولاهم الحراني، صدوق، من (8) (عن عطاء قال: سمعت جابرًا يقول): وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة معقل لعمرو بن دينار (لقد كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر هذا رضي الله عنه فقال:
3441 -
(00)(00)(وحدثني أبو غسان) مالك بن عبد الواحد (المسمعي) نسبة إلى أحد أجداده البصري (حدثنا معاذ يعني ابن هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي البصري نزيل اليمن، صدوق، من (9)(حدثني أبي) هشام الدستوائي البصري (عن أبي الزبير) المكي (عن جابر) بن عبد الله رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي الزبير لعطاء بن أبي رباح (قال) جابر:(كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك) العزل أي وصل خبره (نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا) عنه، ولو كان حرامًا لنهانا عنه، وفي بعض النسخ (فلم ينهنا عنه) بزيادة الجار والمجرور
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي لم يُصرِّح لنا بتحريمه، قال القرطبي: وهذا حجة واضحة على إباحة العزل مطلقًا ولكن محمله على ما إذا لم يعارضه حق الزوجة كما ذكرنا والله تعالى أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث خمسة أحاديث، الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث أبي سعيد الخدري الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه إحدى عشرة متابعة، والرابع: حديث جابر ذكره للاستشهاد به لحديث أبي سعيد الخدري وذكر فيه متابعتين، والخامس: حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد به ثانيًا وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
***