الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
535 - (21) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع وذكر الغيلة وهو وطء المرضع وكراهة العزل
3442 -
(1367)(127) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيرٍ. قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ. فَقَال:"لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا؟ "
ــ
535 -
(21) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع وذكر الغيلة وهو وطء المرضع وكراهة العزل
3442 -
(1367)(127)(وحدثني محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي المعروف بغندر (حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير) - بمعجمة مصغرًا - ابن يزيد الهمداني الزبادي -بفتح الزاي والموحدة- أبي عمرو الحمصي، صدوق، من (5) روى عنه المؤلف في (3) أبواب (قال: سمعت عبد الرحمن بن جبير) مصغرًا ابن نفير بنون وفاء مصغرًا الحضرمي أبا حميد الشامي، ثقة، من (4) روى عنه في (8) أبواب (يحدّث عن أبيه) جبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي أبي عبد الرحمن الحمصي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (10) أبواب (عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد الشامي الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم شامبون وثلاثة بصريون (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى) قال الأبي: ضبطناه بفتح الهمزة على صيغة المعلوم أي مر (بامرأة) في بعض أسفاره، وقوله:(مجح) بضم الميم وكسر الجيم بعدها حاء مهملة مشددة، صفة لامرأة وهي القريبة الولادة، وترك التاء فيه لأنه من الصفات المخصوصة بالنساء كحائض وطاهر وحامل ونحوها كحائل ويقال على أصل التأنيث مجحة كما في النهاية، وقوله:(على باب فسطاط) أي واقفة على باب خيمة صفة ثانية لامرأة، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم مر في بعض أسفاره على امرأة حامل قريب ولادها واقفة على باب خيمة وخباء، والفسطاط الخباء وهو البيت من الشعر، وفيه ست لغات فسطاط بطاءين وبإبدال الأولى تاء وبحذفها جملة لكن مع شد السين بضم الفاء وكسرها في الثلاث (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لعله) أي لعل صاحبها (يريد) ويقصد (أن يلم) بضم أوله وكسر ثانيه وتشديد الميم أي أن يطأ (بها) أي بتلك
فَقالُوا: نَعَمْ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ. كَيفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيفَ يَسْتَخدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ "
ــ
الحامل المسبية، وفي الكلام حذف تقديره فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقالوا: أمة فلان أي مسبيته فقال: لعله يريد أن يلم بها أي أن يطأها وكانت الحامل المسبية لا يحل جماعها حتى تضع، وقد وقع في حديث أبي سعيد مرفوعًا عند أبي داود قال في سبايا أوطاس:"لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة" ولفظ المشكاة أيلم بها بهمزة الاستفهام قالوا: نعم، قال ملا علي: والإلمام من كنايات الوطء، وأصل معناه النزول كما قال الحطيئة:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا
…
تجدْ حطبا جزْلًا ونارًا تأجّجَا
أي متى تنزل معنا في ديارنا اهـ من المفهم (فقالوا) أي قال الحاضرون: (نعم) يريد أن يطأها يا رسول الله (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله (لقد هممت) وقصدت (أن ألعنه لعنًا) شديدًا (يدخل معه قبره) أي يوصله إلى جهنم والعياذ بالله تعالى منها، وإنما لم يوقع ما هم به لأنه لم يكن تقدم منه نهي في ذلك، وأما بعد هذا فالفاعل متعرض للعن مدخل معه قبره حتى يوصله إلى جهنم، وقوله: كيف يورثه) -بضم الياء وتشديد الراء المكسورة مبني للفاعل- من التوريث أي كيف يورّث ذلك الواطئ الولد عن نفسه مع ورثته فيما إذا أقر الوطء واستلحقه (وهو) أي والحال أن استلحاقه وتوريثه من نفسه (لا يحل له) أي لذلك الواطئ (كيف يستخدمه) أي كيف يستخدم ذلك الواطئ الولد استخدام العبيد (وهو) أي والحال أن ذلك الاستخدام (لا يحل له) أي لذلك الواطئ لكونه ولده، تعليل لاستحقاق ذلك الرجل اللعن، والاستفهام فيه معنى التعجب المتضمن للذم يعني إذا وطئها ثم جاءت بولد لستة أشهر من وطئه يحتمل أن يكون الولد من زوجها الأول فإن أقر هذا الواطئ بالنسب واستلحقه بأن يقول هذا ولدي ولد على فراشي يكون مورثًا لنفسه ولد الغير وهو لا يحل له لكونه ليس منه ولا يحل توارثه ومزاحمته لباقي الورثة وإن لم يقر هذا الواطئ بالنسب ولم يستلحقه، والحال أن الولد يحتمل أن يكون من هذا السابي بأن يكون الحمل الظاهر أولًا نفخًا، يبقى الولد غلامًا يستخدمه استخدام العبيد ويجعله عبدًا يتملكه مع أنه لا يحل له ذلك فيجب عليه الامتناع من وطئها حذرًا من هذين المحظورين، هذا ما يستفاد من شرح النووي مع
3443 -
(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ. فِي هذَا الإِسْنَادِ
ــ
المبارق والمرقاة، قال القرطبي: قوله: (لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه قبره) هذا وعيد شديد على وطء الحُبالى حتى يضعن حملهن وهو دليل على تحريم ذلك مطلقًا سواء كان الحمل من وطء صحيح أو فاسد أو زنى فإنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن سبب الحمل ولا ذكر أنه يختلف حكمه وهذا موضع لا يصح فيه تأخير البيان، وإلى الأخذ بظاهر هذا ذهب جماهير العلماء غير أن القاضي عياضًا قال في المرأة تزني فتحمل ويتبين حملها أن أشهب أجاز لزوجها وطأها، قال: وكرهه مالك وغيره من أصحابه قال: فاتفقوا على كراهته ومنعه من وطئها في ماء الزنا ما لم يتبين الحمل، وهذا الذي حكاه أشهب يرده هذا الحديث وكراهة مالك لذلك بمعنى التحريم والله تعالى أعلم. وقوله: كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يستخدمه وهو لا يحل له، وهذا تنبيه منه صلى الله عليه وسلم على أن واطئ الحامل له مشاركة في الولد، وبيانه أن ماء الوطء يُنمي الولد ويزيد في أجزائه وينعمه فتحصل مشاركة هذا الواطئ للأب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره" رواه أحمد وأبو داود والدارمي، فإذا وطئ الأمة الحامل لم يصح أن يحكم لولدها بأنه ابن لهذا الواطئ لأنه من ماء غيره نشأ، وعلى هذا لا يحل له أن يرثه ولا يصح أيضًا أن يحكم لذلك الولد بأنه عبد للواطئ لما حصل في الولد من أجزاء مائه فلا يحل له أن يستخدمه استخدام العبيد إذ ليس له بعبد لما خالطه من أجزاء الحر، وفيه من الفقه ما يتبين به استحالة اجتماع أحكام الحرية والرق في شخص واحد، وفيه أن السباء يهدم النكاح وهو مشهور مذهبنا سواء سبيا مجتمعين أو متفرقين اهـ من المفهم.
وانفرد الإمام مسلم رحمه الله تعالى بهذا الحديث لكنه شاركه أحمد [6/ 446].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:
3443 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (19) بابا (ح وحدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري (جميعًا) أي كل من يزيد وأبي داود رويا (عن شعبة في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد
3444 -
(00)(00) وحدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى (وَاللَّفْظُ لَهُ). قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الأَسَدِيَّةِ؛ أَنَّهَا سَمِعَت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ
ــ
يعني عن يزيد بن خمير عن ابن جبير عن أبيه عن أبي الدرداء مثله أي مثل ما روى محمد بن جعفر عن شعبة، غرضه بيان متابعتهما له.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث جدامة بنت وهب الأسدية رضي الله تعالى عنها فقال:
3444 -
(1368)(128)(وحدثنا خلف بن هشام) بن ثعلب البغدادي (حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) النيسابوري (واللفظ له قال قرأت على مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل) بن الأسود الأسدي المدني يتيم عروة، ثقة، من (6)(عن عروة) بن الزبير (عن عائشة عن جدامة) -بضم الجيم وفتح الدال المهملة- هذا هو الصحيح، وقال الدارقطني: جذامة بالذال المعجمة تصحيف (بنت وهب الأسدية) المدنية، أخت عكاشة بن محصن الأسدي المشهور وتكون أخته من أمه، وفي عكاشة لغتان سبقتا في كتاب الإيمان، تشديد الكاف وتخفيفها، والتشديد أفصح وأشهر كذا في الشرح روت عنها عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو نيسابوري، وفيه رواية صحابية عن صحابية (أنها) أي أن جدامة (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): والله (لقد هممت) وقصدت (أن أنهى) وأزجر الناس (عن الغيلة) بكسر الغين اسم للهيئة، وبفتحها اسم للمرة الواحدة، وهي كما في الترجمة أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وسبب همه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها خوف إصابة الضرر للولد لما اشتهر عند العرب أنه يضر الولد وأن ذلك اللبن داء، إذا شربه الولد يضره.
قال أهل اللغة: الغيلة هنا بكسر الغين ويقال لها الغيل بفتح الغين مع حذف الهاء، والغيال بكسر الغين كما ذكره مسلم في الرواية الأخيرة، وقال جماعة من أهل اللغة: الغيلة بالفتح المرة الواحدة، وأما بالكسر فهي الاسم من الغيل، وقيل إن أريد بها وطء
حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذلِكَ فَلَا يضُرُّ أَوْلادَهُمْ".
قَال مُسْلِمٌ: وَأَمَّا خَلَفٌ فَقَال: عَنْ جُذَامَةَ الأَسَدِيَّةِ. وَالصَّحِيحُ مَا قَالهُ يَحْيَى: بِالدَّالِ
ــ
المرضع جاز الغيلة، والغيلة بالكسر والفتح، واختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث وهي الغيل، فقال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة: أن يجامع امرأته وهي مرضع يقال منه أغال الرجل وأغيل إذا فعل ذلك، وقال ابن السكيت: هي أن ترضع المرأة وهي حامل يقال منه غالت وأغيلت، وعلى الأول فوجه كراهته خوف مضرته لأن الماء يكثر اللبن وقد يغيره، والأطباء يقولون في ذلك اللبن: إنه داء، والعرب تكرهه وتتقيه ولأنه قد يكون منه حمل ولا يُفطن له أولًا فيرجع إلى إرضاع الحامل المتفق على مضرته، قال ابن حبيب: سواء أنزل الرجل أو لم ينزل لأنه إن لم ينزل فقد تنزل المرأة فيضر ذلك باللبن (حتى ذكرت) أي تذكرت (أن الروم وفارس يصنعون ذلك) أي جماع المرضع (فلا يضر) ذلك الجماع (أولادهم) وعبارة الجامع الصغير: حتى تذكرت، والرواية التالية فنظرت، وهذا بيان لتركه النهي ورجوعه عنه بتحقق عدم الضرر في أناسي كثير كفارس والروم (قال) المؤلف:(مسلم) بن الحجاج رحمه الله تعالى (وأما) شيخي (خلف) بن هشام (فقال) في روايته: (عن جذامة الأسدية) بالذال المعجمة (والصحيح) المشهور عند الجمهور (ما قاله يحيى) بن يحيى في روايته جدامة بنت وهب (بالدال) المهملة، قال القرطبي: جدامة الأسدية رويناه بالدال المهملة وهكذا قاله مالك وهو الصواب، قال أبو حاتم: الجدامة هو الذي لم يندق من السنبل، وقال غيره: الجدامة هو ما يبقى في الغربال بعد تصفية الدقيق به من نصبة أي بقية من النخالة، وقال غير مالك: بالذال المنقوطة وهو من الجذم الذي هو القطع، وهي جدامة بنت وهب بن محصن الأسدية تُكنى أم قيس وهي ابنة أخي عكاشة بن محصن أسلمت عام الفتح اهـ من المفهم، قال النووي: وفي الحديث جواز الغيلة فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها وبيّن سبب ترك النهي، وفيه جواز الاجتهاد له صلى الله عليه وسلم، قال الأبي: ووجه الاجتهاد فيه أنه لما علم برأي أو استفاضة أنه لا يضر فارس والروم قاس العرب عليهم للاشتراك في الحقيقة اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3882]، والترمذي [2078]، والنسائي [106 - 107].
3445 -
(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالا: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ. حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، أُخْتِ عُكَّاشَةَ. قَالتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ:"لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ. فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ. فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلادَهُمْ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلادَهُمْ ذلِكَ شَيئًا". ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ذلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ"
ــ
ثم ذكر المتابعة في هذا الحديث فقال رحمه الله تعالى:
3445 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري النيسابوري، ثقة، من (10)(ومحمد) بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10) (قالا: حدثنا المقرئ) عبد الله بن يزيد القصير مولى آل عمر أبو عبد الرحمن المصري نزيل مكة، ثقة فاضل، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا سعيد بن أبي أيوب) مقلاص الخزاعي مولاهم أبو يحيى المصري، ثقة، من (7) روى عنه في (5) أبواب (حدثني أبو الأسود) محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود الأسدي المدني، يتيم عروة بن الزبير، ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) أم المؤمنين (عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة) والصواب أنها جدامة بنت وهب بن محصن الأسدية فهي بنت أخي عكاشة بن محصن الأسدي لأنها بنت وهب بن محصن الأسدي. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن أبي أيوب لمالك بن أنس في الرواية عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود (قالت) جدامة بنت وهب:(حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس) أي حضرت مجلسه مع أناس من جماعتنا فسمعته (وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (يقول): والله (لقد هممت) وقصدت (أن أنهى) وأزجر الناس (عن الغيلة) أي عن جماع المرضع (فنظرت في) أحوال غير العرب الذي يصنعون الغيلة من (الروم وفارس فإذا هم) أي الروم وفارس (يغيلون أولادهم) بضم أوله من أغال الرباعي يغيل على وزن [قال: ] أي يجامعون مرضعات أولادهم (فلا يضر أولادهم) الرضعاء (ذلك) الجماع (شيئًا) من الضرر فتركت النهي عن الغيلة (ثم سألوه) صلى الله عليه وسلم (عن العزل) أي عن إنزال المني خارج الفرج (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك) العزل (الوأد الخفي) أي كالوأد أي
زَادَ عُبَيدُ اللهِ فِي حَدِيثِهِ عنِ الْمُقْرِئِ وَهِيَ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} .
3446 -
(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ
ــ
كوأد البنات ودفنهن حيات، جعل العزل بمنزلة الوأد لأن من يعزل عن امرأته إنما يعزل هربًا من الولد إلا أنه خفي يعني أن العزل يشبه الوأد وهو دفن البنت وهي حية، وكان بعض العرب يفعله خشية الإملاق أو خوف العار ووجه الشبه تفويت الحياة، والموءودة المذكورة في الآية هي البنت المدفونة حية اهـ، وفي المرقاة شبه صلى الله عليه وسلم إضاعة النطفة التي أعدها الله تعالى ليكون الولد منها بالوأد لأنه يسعى في إبطال ذلك الاستعداد بعزل الماء عن محله اهـ، قال الحافظ: واستند ابن حزم في تحريم العزل إلى حديث الباب أي حديث جدامة بنت وهب وهذا معارض بحديثين عند النسائي وغيره ففي حديث جابر قال: كانت لنا جواري وكنا نعزل، فقالت اليهود: إن تلك الموءودة الصغرى، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"كذبت اليهود لو أراد الله خلقه لم تستطع رده" وجمع بينه وبين حديث جدامة بحمل حديث جدامة على التنزيه، ومنهم من ادعى أنه منسوخ اهـ فتح الملهم باختصار، قال بعضهم: وهذا التشبيه كقوله: "الرياء الشرك الخفي ".
(زاد عبيد الله) بن سعيد (في حديثه) أي في روايته (عن) عبد الله بن يزيد (المقرئ) المصري أي زاد على ابن أبي عمر لفظة (وهي) أي الفعلة القبيحة المسماة بالعزل مندرجة في وعيد قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)} وفي فتح الملهم: معناه أن العزل يشبه الوأد المذكور في هذه الآية اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جدامة رضي الله عنها فقال:
3446 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن إسحاق) البجلي أبو زكرياء السَّيلحيني -بفتح المهملة واللام بينهما تحتية ساكنة ثم مهملة مكسورة ثم تحتية ساكنة ثم نون مكسورة- نسبة إلى سيلحين موضع في سواد العراق، وقيل السالحيني نسبة إلى سالحين وهو لغة في الأول، البغدادي أي نزيلها، مات بها في شعبان سنة (220) عشرين ومائتين، روى عن يحيى بن أيوب في النكاح، وفليح بن
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبِ الأَسَدِيَّةِ؛ أَنَّهَا قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أبِي أَيُّوبَ، فِي الْعَزْلِ وَالْغِيلَةِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال:"الْغِيَالِ".
3447 -
(00)(00) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَزُهَيرُ بنُ حَرْبِ (وَاللَّفْظُ لابْنِ نُمَيرٍ) قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ المُقْرِئُ. حَدَّثَنَا حَيوَةُ
ــ
سليمان والليث والحمادين وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل والحسن بن علي الخلال وأحمد بن منيع وعلي ابن المديني وخلق، وثقه ابن سعد وقال: كان حافظًا لحديثه، وقال ابن معين: صدوق مسكين، وقال في التقريب: صدوق، من كبار العاشرة (حدثنا يحيى بن أيوب) الغافقي أبو العباس المصري، صدوق، من (7) (عن) أبي الأسود (محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي) المدني (عن عروة عن عائشة عن جدامة بنت وهب الأسدية) المدنية (أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) يحيى بن أيوب (بمثل حديث سعيد بن أبي أيوب في العزل والغيلة غير أنه) أي لكن أن يحيى بن أيوب (قال) في روايته: (الغيال) بدل الغيلة وهو بمعناها كما قررناه في أوائل الحديث، قوله: الغيال بكسر الغين ولم يذكره اللغويون وإنما المذكور في كتبهم الغيل بالفتح والغيلة بالكسر والإغالة على الإفعال والإغيال بتصحيح الياء اهـ من بعض الهوامش. وهذا السند من سباعياته أيضًا، غرضه بيان متابعة يحيى بن أيوب لسعيد بن أبي أيوب في الرواية عن النوفلي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جدامة بنت وهب بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهم فقال:
3447 -
(00)(00)(حدثني محمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب واللفظ لابن نمير قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد) القصير العدوي مولاهم أبو عبد الرحمن المصري (المقرئ) بضم الميم وسكون القاف وكسر الراء آخره همزة، وما في أكثر النسخ الموجودة في زماننا من قوله:(المقبري) غلط أو تحريف من النساخ، والصواب ما كتبناه كما في نسخة الأبي، نزيل مكة، ثقة، من (9)(حدثنا حيوة) بن شريح بن
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ؛ أَن أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيدٍ أَخبَرَ وَالِدَهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ؛ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِمَ تَفْعَلُ ذلِكَ؟ " فَقَال الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا،
ــ
صفوان التجيبي أبو زرعة المصري، ثقة ثبت فقيه زاهد، من (7) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا عياش) بالتحتانية المشددة والشين المعجمة (بن عباس) بالباء الموحدة المشددة والسين المهملة، القتباني بكسر القاف وسكون المثناة الفوقية، نسبة إلى قتبان بطن من رُعين الحميري أبو عبد الرحيم المصري، روى عن أبي النضر سالم في النكاح، وأبي عبد الرحمن الحُبُليّ في الجهاد، وأبي سلمة وأبي الخير اليزني مرثد، ويروي عنه (م عم) وحيوة بن شريح وسعيد بن أبي أيوب والمفضل بن فضالة، وثقه ابن معين وأبو داود، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة (133)(أن أبا النضر) سالم بن أبي أمية القرشي التيمي مولاهم المدني، ثقة ثبت، من (5) روى عنه في (9) أبواب (حدثه عن عامر بن سعد) بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (أن أسامة بن زيد) بن حارثة الكلبي المدني حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه الصحابي المشهور رضي الله عنه (أخبره والده) أي والد عامر (سعد بن أبي وقاص) مالك بن أهيب الزهري المدني، الصحابي الجليل أحد العشرة المبشرة رضي الله عنهم. وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وثلاثة مصريون وواحد كوفي أو نسائي (أن رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (جاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) الرجل:(إني أعزل) وأُبعد مائي (عن امرأتي) عند الجماع فهل عليّ جناح؟ أراد العزل المعهود أو عزل نفسه عن مجامعتها (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِمَ) بكسر اللام الجارة وفتح الميم الاستفهامية المحذوفة ألفها للفرق أي لأي غرض (تفعل ذلك) العزل (فقال الرجل: أُشفق) بضم الهمزة وكسر الفاء من الإشفاق وهو الخوف على مكروه أي أخاف (على ولدها) أي أخاف عليه الهزال والاعتلال وكان سؤاله عن عزله في مجامعته مدة إرضاع امرأته كما هو الظاهر من جوابه صلى الله عليه وسلم اهـ من بعض الهوامش، وقال القاري: إني أخاف على ولدها الذي في البطن لئلا يصير توأمين فيضعف كل منهما أو على ولدها الذي ترضعه لما سبق أن الجماع يضره اهـ
أَوْ عَلَى أَوْلادِهَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ ذلِكَ ضَارًّا، ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ".
وَقَال زُهَيرٌ فِي رِوَايَتِهِ: "إِنْ كَانَ لِذلِكَ فَلَا. مَا ضَارَ ذلِكَ فَارِسَ وَلَا الرُّومَ"
ــ
وهذا الثاني هو الراجح وقيل: أخاف إن لم أعزل عنها أن تحمل وحينئذٍ يضر الولد الإرضاع في حال الحمل اهـ فتح الملهم (أو) قال الراوي: إني أشفق (على أولادها) بلفظ الجمع، والشك من عامر أو ممن دونه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان ذلك) أي مجامعة المرضع (ضارًا) للولد (ضر) ذلك الجماع (فارس والروم) أي أولادهما لأنهم كانوا يجامعون المرضع، والواقع ليس كذلك (وقال زهير) بن حرب (في روايته إن كان) عزلك (لذلك) أي للإشفاق على ولدها (فلا) تفعل العزل لأنه (ما ضار ذلك) أي ما ضر ذلك أي جماع المرضع (فارس ولا الروم) أي أولادهما فلا ضرورة إلى العزل في مجامعتك، وقوله ما ضار ذلك يقال ضاره يضيره ضيرًا من باب باع ويقال ضره يضره ضرًّا وضرًا من باب شد كلاهما بمعنى واحد.
وقوله: (لو كان ذلك ضارًا ضر فارس والروم) دليل على أن الأصل في نوع الإنسان المساواة في الجبلات والخلق وإن جاز اختلاف العادات والمناشئ، وفيه حجة عدى إباحة العزل كما تقدم والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث، الأول: حديث أبي الدرداء ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث جدامة بنت وهب ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني والثالث: وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث أسامة بن زيد ذكره للاستشهاد به لحديث جدامة بنت وهب والله سبحانه وتعالى أعلم.
***