الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
541 - (27) باب الحث على نكاح ذات الدين ونكاح البكر
3515 -
(1392)(152) حدثنا زُهَيرُ بْنُ حَربٍ وَمُحَمدُ بْنُ المُثَنى وَعُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيد، عَن عُبَيدِ اللهِ. أَخبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أبِي سَعِيدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال: "تُنْكَحُ المَرأَةُ لأَربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا. فَاظفَر بِذَاتِ الدينِ
ــ
541 -
(27) باب الحث على نكاح ذات الدين ونكاح البكر
3515 -
(1392)(152)(حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري النيسابوري (قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان البصري (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري المدني (أخبرني سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري المدني (عن أبيه) أبي سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان أو بصري ونسائي أو بصري ونيسابوري (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تُنكح المرأة) بضم التاء وفتح الكاف مبنيًّا للمفعول، والمرأة مرفوع على النيابة عن المفعول، أي يرغب في تزوج المرأة إلى) إحدى (أربع) خصال إما المالها) بأن كانت موسرة بالنسبة إلى أمثالها (و) إما (لحسبها) أي لشرفها، والحسب بفتح المهملتين في الأصل الشرف بالآباء والأقارب، مأخوذ من الحساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فمن زاد عدده على غيره سبق الاخرين في المفاخرة، وقيل المراد بالحسب هنا الفعال الحسنة، وقيل المال وهو مردود بذكره قبله في عمدة القاري، ويؤخذ منه أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج نسيبة إلا إن تعارض نسيبة غير دينة وغير نسيبة دينة فتقدم ذات الدين وهكذا في كل الصفات (ولجمالها) يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلا إن تعارض الجميلة الغير المدينة والغير الجميلة المدينة، نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولى ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق (ولدينها) أي ولكونها دئنة ذات دين علمًا وعملًا (فاظفر بذات الدين) أي فُز بنكاحها والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية، والمراد أن الناس يتزوجون المرأة لإحدى هذه الخصال الأربع في العادة فاختر
تَرِبَتْ يَدَاكَ".
3516 -
(1393)(153) وحدثنا مُحَمدُ بن عَبدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بن أبِي سُلَيمَانَ، عَن عَطَاءِ. أَخبَرَنِي جَابِرُ بن عَبدِ اللهِ. قَال:
ــ
أنت أيها المؤمن المرأة الديّنة الصالحة ولا تطمح لشيء آخر، وأخرج ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوّجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل" وأخرج أحمد وأبو يعلى والبزار عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا "تُنكح المرأة على إحدى الخصال لجمالها ومالها وخلقها ودينها فعليك بذات الدين والخُلق".
(تربت يداك) أي افتقرت يداك ولصقت بالتراب إن لم تحصلها وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به؛ والمراد بها الحث والتحريض على الجد والتشمير في طلب المأمور به وليس معنى هذه الأحاديث أن لا يلتفت الرجل إلى الحسب والجمال أصلًا وإنما المعنى أن يُقدم الدين على كل شيء ولا يرغب في امرأة لمحض جمالها إن كانت غير متدينة وإلا فقد ثبت في عدة أحاديث أن الجمال من موجبات الرغبة في النكاح لأن العفة وغض البصر والتحصين لا يحصل إلا بأن يطمثن الرجل بزوجته، وظاهر هذا الحديث إباحة النكاح لقصد مجموع هذه الخصال الأربع أو الواحدة منها لكن قصد الدين أولى وأهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 428]، والبخاري [5090]، وأبو داود [2047]، والنسائي [6/ 68]، وابن ماجه [1858].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
3516 -
(1393)(153)(وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان) ميسرة الفزاري الكوفي، صدوق، من (5)(عن عطاء) بن أبي رباح المكي (أخبرني جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مكي (قال)
تَزَوَّجتُ امْرَأَةً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَقِيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "يَا جَابِرُ! تَزَوَّجْتَ؟ " قُلتُ: نَعَمْ. قَال: "بِكْرٌ أَمْ ثَيبٌ؟ " قُلتُ: ثَيبٌ. قَال: "فَهَلَّا بِكرًا تُلاعِبُهَا؟ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِن لِي أخَوَاتٍ. فَخَشِيتُ أَن تَدْخُلَ بَينِي وَبَينَهُنَّ. قَال: "فَذَاكَ إِذَنْ. إِن الْمَرأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا. فَعَلَيكَ
ــ
جابر: (تزوجت امرأة) اسمها سهلة بنت مسعود بن أوس بن مالك الأنصارية الأوسية اهـ من فتح الباري (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمن حياته (فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم أي رأيته، وكان ذلك اللقاء عند القفول من غزوة تبوك أو غزوة ذات الرقاع (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا جابر تزوجت) أي هل تزوجت؟ بتقدير الاستفهام كما هو مصرح به في الرواية الآتية (قلت) له: (نعم) تزوجت يا رسول الله (قال) لي (بكر أم ثيب) بالرفع فيهما مع حذف همزة الاستفهام، أي أهي بكر أم ثيب؟ وفي بعض الرواية بالنصب فيهما والتقدير أي أتزوجت بكرًا أم ثيبًا؟ (قلت ثيب) بالرفع أي قلت هي ثيب، وبالنصب أي تزوجت ثيبًا (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فهلا) تزوجت (بكرًا) توبيخ له على تزوجه ثيبًا، وقوله:(تلاعبها) وتلاعبك، تعليل لتزوج البكر أي لأنك تلاعبها وتلاعبك لما فيها من الألفة التامة فإن الثيب قد تكون متعلقة القلب بالزوج الأول فلم تكن محبتها كاملة بخلاف البكر، قال النووي: وفيه فضيلة تزوج الأبكار وثوابهن أفضل، وفيه ملاعبة الرجل امرأته وملاطفته لها ومضاحكتها وحسن العشرة، وفيه سؤال الإمام والكبير أصحابه عن أمورهم وتفقد أحوالهم وإرشادهم إلى مصالحهم اهـ. وفي العون: وفي الحديث دليل على استحباب نكاح الأبكار إلا لمقتض لنكاح الثيب كما وقع لجابر فإنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال له ذلك هلك أبي وترك سبع بنات إلخ، كما ذكره بقوله:(فلت) له صلى الله عليه وسلم اعتذارًا عن تزوج الثيب (يا رسول الله أن لي أخوات) سبعًا أو تسعًا (فخشيت) أي خفت (أن تدخل) بكر خرقاء لا تعرف القيام بمصالحهن (بيني وبينهن) أي وبين أخواتي فتفرّق بيننا (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذاك) أي فتزوجك الثيب حسن (إذن) أي إذا كانت الحال على ما أخبرت من النظر لمصالح أخواتك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أن المرأة تنكح على دينها) أي لأجل دينها (و) لأجل (مالها و) لأجل (جمالها) والفاء في قوله: (فعليك) للإفصاح، أي إذا عرفت ما
بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ".
3517 -
(00)(00) حدثنا عُبَيدُ اللهِ بن مُعَاذ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَن مُحَارِب، عَن جَابِرِ بن عَبدِ اللهِ. قَال: تَزَوجتُ امرأة. فَقَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَل تَزَوَّجتَ؟ " قُلْتُ: نَعَم. قَال: "أَبِكرا أَم ثَيبًا؟ " قُلْتُ: ثَيبًا. قَال: "فَأينَ أَنتَ مِنَ العَذَارَى وَلِعَابِهَا؟ "
ــ
قلته لك وأردت بيان الأهم لك منها فأقول لك: الزم (بذات الدين) واظفر بها لأنها خير متاع الدنيا إن لم تظفر بها (تربت) أي افتقرت (يداك) والتصقت بالتراب، وهذا الحديث يدل على فضل عقل جابر فإنه راعى مصلحة أخواته وآثرها على حق نفسه ونيل لذته ولذلك استحسنه منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:"فبارك الله لك" وفيه ما يدل على جواز قصد الرجل من الزوجة القيام له بأمور وبمصالح ليست لازمة لها في الأصل ولا يُعاب من قصد شيئًا من ذلك اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2097]، والنسائي [6/ 65]، وابن ماجه [1860].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3517 -
(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن محارب) بن دثار السدوسي الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد كوفي، غرضه بيان متابعة محارب لعطاء بن أبي رباح.
(قال) جابر: (تزوجت امرأة) في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال في تنبيه المعلم: والذي في حفظي أنها سهيمة بنت مسعود مصغرًا، ووقع في الفتح وغيره أنها سهيلة كما مر آنفًا وهو خطأ تتابع عليه النساخ والطباع من قديم الزمان إلى الآن، والصواب سهيمة بالميم، فجزاه الله خيرًا على هذا التنبيه (فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تزوجت) يا جابر فـ (قلت) له: (نعم) تزوجت (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (1) تزوجت (بكرًا أم) تزوجت (ثيبًا؟ قلت) له: تزوجت (ثيبًا، قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأين أنت) يا جابر، (من) تزوج (العذارى) بوزن الأسارى؛ أي فما المانع لك من تزوج العذارى والأبكار (و) التمتع بـ (لعابها) أي
قَال شُعبَةُ: فَذَكَرتُهُ لِعَمرِو بنِ دِينَار. فَقَال: قَد سَمِعتُهُ مِن جَابِر. وإنمَا قَال: "فَهَلَّا جَارِيةَ تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ؟ ".
3518 -
(00)(00) حدثنا يَحيَى بن يَحيَى وَأَبُو الربِيعِ الزهرَانِي. قَال يَحيَى: أَخبَرَنَا حَمَّادُ بن زَيد، عَن عَمرِو بنِ دِينَارٍ، عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ؛ أَن عَبدَ اللهِ هَلَكَ
ــ
ملاعبتها معك، والعذارى بفتح العين وبالقصر جمع عذراء ذات عذرة، وعُذرة الجارية بالضم بكارتها، قال الأبي: وليست العذراء بمرادفة للبكر لأن العذراء هي التي لها ما يفتض، والبكر هي التي لم تر الرجل سواء كانت عذرتها باقية أم لا، بأن قفزت وسقطت على الأرض، أو سقطت من سلم فزالت بكارتها، فالعذراء على هذا أخص من البكر فكل عذراء بكر دون عكس، وقوله:(ولعابها) بكسر اللام أي ملاعبتها فهو مصدر للاعب يلاعب لعابًا وملاعبة من باب فاعل كقاتل قتالًا ومقاتلة، ورُوي لعابها بالضم يعني ريقها عند التقبيل وفيه بُعد، والصواب الأول اهـ مفهم.
قال معاذ بن معاذ: (قال) لنا (شعبة: نذكرته) أي فذكرت هذا الحديث الذي سمعته من محارب (لعمرو بن دينار) الجمحي (فقال) عمرو بن دينار: (قد سمعته) أي قد سمعت هذا الحديث (من جابر) ولم يقل جابر هذا اللفظ الذي قلته (وإنما قال) جابر لفظة (فهلا جارية) أي شابة بكرًا (تلاعبها وتلاعبك).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3518 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وأبو الربيع الزهراني) سليمان بن داود البصري (قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عمرو بن دينار لعطاء بن أبي رباح (أن) والدي (عبد الله) بن عمرو بن حرام (هلك) أي قتل يوم أحد -كما صرح به في رواية سفيان عند البخاري في المغازي أنه قتل يوم أحد وبهذه المناسبة أخرجه البخاري في المغازي- واستشهد، فيه اختلف عليه أسياف المسلمين وهم يظنونه من الكفار فكان جابر يقول أبي أبي فلم يسمعوه حتى استشهد فتصدق ابنه بدمه على المسلمين كذا قاله القرطبي في المفهم.
وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ (أَوْ قَال: سَبْعَ) فَتَزَوَّجتُ امرَأَةَ ثَيِّبًا. فَقَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا جَابِرُ! تَزَوَّجْتَ؟ " قَال: قُلْتُ: نَعَم. قَال: "فَبِكْرٌ أَم ثَيبٌ؟ " قَال: قُلْتُ: بَلْ ثَيبٌ. يَا رَسُولَ اللهِ! قَال: "فَهَلَّا جَارِيةَ تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ"(أَوْ قَال: تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ) قَال: قلْتُ لَهُ: إِن عَبْدَ اللهِ هَلَكَ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتِ (أَوْ سَبْعَ) وَإِنِّي كَرِهتُ أَن آتِيَهُن أَوْ أَجِيئَهُن بِمِثْلِهِن. فَأحببتُ أَنْ أجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيهِن وَتُصْلِحُهُن
ــ
وهذا وهم في أن عبد الله والد جابر قتله المسلمون وأن جابرًا حضر أُحدًا ولم يحضرها محققًا إنما كان ذلك اليمان بن حسيل أبا حذيفة بن اليمان، والقائل أبي أبي حذيفة وهو المتصدق بدم أبيه على المسلمين رضي الله عنهم أجمعين اهـ من هامش المفهم.
(وترك) والدي عبد الله (تسع بنات أو قال) جابر ترك (سبع) بنات، والشك من عمرو أو ممن دونه، ووقع في رواية الشعبي عند البخاري في المغازي (ست بنات) وجمع بينهما الحافظ في الفتح أن ثلاثا منهن كن متزوجات أو بالعكس (فتزوجت امرأة ثيبًا) والثيب المرأة التي دخل بها الزوج وكأنها ثابت إلى غالب أحوال كبار النساء اهـ مفهم (فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر) هل (تزوجت؟ قال) جابر: (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (نعم) تزوجت (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أ (فبكر) هي (أم ثيب؟ قال) جابر: (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (بل) هي (ثيب يا رسول الله، قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهلا) تزوجت (جارية) أي شابة بكرًا (تلاعبها) أنت (وتلاعبك) هي (أو قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أو جابر أو من دونه فهلا تزوجت جارية (تضاحكها) أنت (وتضاحكك) هي (قال) جابر: (قلت له) صلى الله عليه وسلم: (أن عبد الله) بن عمرو بن حرام والدي (هلك) أي مات (وترك تسع بنات أو) قال جابر: (سبع) بنات (وإني كرهت أن آتيهن) أي أن أضم إليهن (أو) قال جابر: (أجيئهن) أي أن أضم إليهن (بمثلهن) أي بخرقاء مثلهن (فأحببت أن أجيء) وأضم إليهن (بامرأة) عاقلة (تقوم) بالرعاية والمراقبة (عليهن وتصلحهن) أي تصلح أمورهن بغسل ثيابهن وتسريح شعورهن وخياطة دروعهن، وفي رواية سفيان عن
قَال: "فَبَارَكَ اللهُ لَكَ" أو قَال لِي خَيرًا. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الرَّبيعِ: "تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ".
3519 -
(00)(00) وحدثناه قُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا سُفيَانُ، عَنْ عَمرٍو،
ــ
عمرو في مغازي البخاري: فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تقوم عليهن وتمشطهن. وفي رواية نُبيح العنزي عند أحمد: فكرهت أن أضم إليهن جارية كإحداهن، فتزوجت ثيبًا تقصع قملة إحداهن وتخيط درع إحداهن إذا تخرق. (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فبارك الله لك) الفاء للإفصاح لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره إن صدقت فيما أخبرت فقد أصبت في زواجك وبارك الله لك فيه (أو قال لي) النبي صلى الله عليه وسلم إن صدقت فيما أخبرت جعل الله لك في زواجك (خيرًا) أي بركة، والشك من جابر فيما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، قال الأبي: وفي تصويبه اعتذاره ترجيح مصالح النفس والأولاد على لذات الدنيا وشهواتها، وفيه ما يلزم المرأة من القيام بمصالح زوجها وما تندب إليه من بر أهله اهـ منه (وفي رواية أبي الربيع) الزهراني (تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك) بلا ذكر أو الدالة على الشك.
(فائدة مهمة): وفي هذا الحديث دلالة على أن الاهتمام البليغ في الدعوة إلى مجلس النكاح كما يفعل في زماننا ليس بمطلوب شرعا فانظر إلى جابر رضي الله عنه تزوج امرأة ولم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلس زواجه مع ماله من علاقة وصحبة قوية برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انظر إليه صلى الله عليه وسلم كيف دعا له بخير ولم ينكر عليه أنه لم يدعه عند عقد النكاح، ولو كان الاهتمام مطلوبًا في الشرع لم يكن جابر ليذهل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى عقد النكاح، ولو قيل: إن الحفل الحادث في هذا الزمان حرام لم يبعد لما فيه من إسراف الأطعمة والأشربة، وفي أقمشة المرأة المزوجة مما لا فائدة فيه وفي إجارة المحافل بأجرة غالية، وفيه اجتماع الفسقة وتشغيل الملاهي وتضييع وقت صلاة الصبح والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3519 -
(00)(00)(وحدثناه قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بن
عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَال: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَل نَكحْتَ يَا جَابِرُ؟ " وَسَاقَ الحَدِيثَ. إِلَى قَوْلِهِ: امرَأَةَ تَقُومُ عَلَيهِن وَتَمشُطُهُن. قَال: "أَصَبْتَ" وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
3520 -
(00)(00) حدثنا يَحْيَى بن يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَن سَيارٍ، عَنِ الشعْبِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللهِ. قَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاه
ــ
دينار الجمحي (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان بن عيينة لحماد بن زيد (قال) جابر:(قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نكحت) أي تزوجت (يا جابر، وساق) سفيان أي ذكر (الحديث) السابق يعني حديث حماد بن زيد (إلى قوله) أي إلى قول جابر فأحببت أن أجيء بـ (امرأة تقوم عليهن وتمشطهن) بضم الشين المعجمة من باب نصر بدل قول حماد "وتصلحهن" أي تُسرح شعورهن (قال) لي النبي صلى الله عليه وسلم: (أصبت) أي وافقت الصواب في زواجك (ولم يذكر) سفيان في روايته (ما بعده) أي ما بعد قول حماد وتصلحهن من الدعاء وبيان رواية أبي الربيع.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3520 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(عن سيار) بن وردان العزي الواسطي، ثقة، من (6)(عن الشعبي) عامر بن شراحيل الحميري الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (19) بابًا (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الشعبي لمن روى عن جابر (قال) جابر (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة) اختلفت الروايات في تعيين هذه الغزوة فعلق البخاري في باب الشروط عن جابر اشتراه بطريق تبوك، وبمثله أخرج في رواية أبي المتوكل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجابر في غزوة تبوك، ولكن أخرج أحمد من طريق محمد بن إسحاق عن جابر قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، وكذا أخرجه الواقدي من طريق عطية بن عبد الله عن جابر ورجحه الحافظ ابن حجر بوجوه؛
فَلَما أقبَلنَا تَعَجَّلتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ. فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ خَلْفِي. فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةِ كَانَتْ مَعهُ. فَانطَلَقَ بَعِيرِي كَأجوَدِ مَا أَنتَ رَاءٍ مِنَ الإِبلِ. فَالتَفَت فَإذَا أنا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "مَا يُعجِلُكَ
ــ
منها أنه مرويّ من طريق محمد بن إسحاق والواقدي وإن أهل المغازي أضبط لذلك من غيرهم، ومنها أنه وقع في رواية الطحاوي أن ذلك كان في رجوعهم من طريق مكة إلى المدينة، وليست طريق تبوك ملاقية لطريق مكة بخلاف غزوة ذات الرقاع، ومنها أن جابرًا في كثير من طرق هذا الحديث اعتذر لتزوج الثيب بأن أباه استشهد يوم أحد فأشعر بأن ذلك كان بالقرب من وفاة أبيه فيكون وقوع القصة في ذات الرقاع أظهر من وقوعها في تبوك لأن ذات الرقاع كانت بعد أحد بسنة واحدة على الصحيح وتبوك كانت بعدها بسبع سنين ولا جرم جزم البيهقي في الدلائل بما قال ابن إسحاق كذا في فتح الباري [5/ 235] في كتاب الشروط، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة (فلما أقبلنا) ورجعنا من تلك الغزوة (تعجلت) أي أسرعت السير (على بعير لي قطوف) بفتح القاف أي بطيء في السير، يقال: قطف البعير يقطف بكسر الطاء وضمها من بابي ضرب ونصر إذا أبطأ في السير مع تقارب الخطو، والقطاف تقارب الخطو في سرعة كذا في مجمع البحار، ووقع عند البزار من طريق أبي المتوكل أن الجمل كان أحمر كذا في الفتح (فلحقني راكب) يسير (خلفي) أي من ورائي (فنخس بعيري) أي طعنه (بعنزة كانت معه) هي عصا نحو نصف الرمح في أسفلها زج أي حديدة (فانطلق بعيري) أي أسرع في سيره (كأجود ما أنت راءٍ من الإبل) أي كأسرع بعير أنت تراه من الإبل، أي أسرع إسراعًا كإسراع أجود بعير أنت تراه من الإبل، وهذا من بركات دعائه صلى الله عليه وسلم ومن معجزاته. قال القرطبي: والقطوف هو البعير البطيء المشي المتقارب الخطو قاله الخليل وغيره، قال الثعالبي: إذا كان الفرس يمشي وثبًا وثبًا فهو قطوف، فإن كان يرفع يديه ويقوم على رجليه فهو شبوب، فإن كان يلتوي برأسه حتى يكاد يسقط عنه راكبه فهو قموص، فإذا كان مانعًا ظهره فهو شموس. و (العنزة) عصا مثل نصف الرمح أو أكثر وفيها زج قاله أبو عيد، قال الثعالبي: فإن طالت شيئًا فهي النيزك ومطرد فإذا زاد طولها وفيها سنان عريض نهي ألَّةٌ وحربة اهـ من المفهم. قال جابر: (فالتفت) إلى ورائي التفاتة (فإذا أنا) راءٍ (برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يُعجلك)
يَا جَابِرُ؟ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِني حَدِيثُ عَهْدِ بِعُرْسٍ. فَقَال: "أَبِكرًا تَزَوَّجْتهَا أَمْ ثيِّبًا؟ " قَال: قُلْتُ: بَلْ ثيِّبًا. قَال: "هَلَّا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ؟ ".
قَال: فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِندْخُلَ. فَقَال: "أَمْهِلُوا حَتى نَدْخُلَ لَيلًا (أَي عِشَاءً) كَي تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِد الْمُغِيبَةُ"
ــ
بضم الياء وكسر الجيم من أعجل الرباعي، أي أي شيء أعجلك (يا جابر) أي جعلك مستعجلًا إلى المدينة (قلت) له:(يا رسول الله إني حديث عهد) أي قريب زمن (بعرس) أي بزواج (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبكرًا تزوجتها أم) تزوجت (ثيبًا؟ قال) جابر: (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (بل) تزوجت (ثيبًا، قال) لي (هلا) تزوجت (جارية) أي فتاة بكرًا (تلاعبها وتلاعبك) وهلا هنا للتوبيخ على تزوجه ثيبًا قبل اعتذاره (قال) جابر: (فلما قدمنا المدينة) أي قاربنا القدوم والدخول فيها (ذهبنا) أي شرعنا وتهيأنا (لندخل) فيها (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمهلوا) أي أنظروا الدخول وأخروه (حتى ندخل ليلًا أي عشاء) تفسير مدرج من جابر أو ممن دونه، وقوله: كي تمتشط) وتُسرِّح (الشعثة) شعرها بيان لوجه تأخير الدخول، والشعثة بفتح المعجمة وكسر المهملة؛ هي المرأة المتغير حالها وهيئتها المتفرق شعر رأسها لعدم تعهده أي لتتزين لزوجها (وتستحد المغيبة) أي ولتزيل المرأة التي غاب زوجها عانتها بالحديد والموسى، من الاستحداد وهو استعمال الحديدة في شعر العانة وهو إزالته بالموسى، والمراد إزالته كيفما أمكن حلقًا أو نتفًا أو حرقًا، والمغيبة هي التي غاب عنها زوجها منذ أيام يقال: أغابت فهي مغيبة بالهاء وأشهدت إذا حضر زوجها فهي مشهد بغيرها، قال في المرقاة: فالسنة أن لا يدخل المسافر على أهله حتى يبلغهم خبر قدومه، وخبر (نُهي أن يطرق الرجل أهله ليلًا) فمحمول على أنه من غير إعلام اهـ، وفي هذا من التنبيه على رعاية المصالح الجزئية في الأهل والإرشاد إلى مكارم الأخلاق وتحسين المعاشرة ما لا يخفى، وذلك أن المرأة تكون في حالة غيبة زوجها على حالة بذاذة وقلة مبالاة بنفسها وشعث، فلو قدم الزوج عليها وهي في تلك الحال ربما نفر وزهد فيها وهانت عليه، فنبه على ما يزيل ذلك. ولا يعارض قوله:(حتى ندخل ليلًا) نهيه في الحديث الآخر عن أن يطرق الرجل أهله لأن ذلك إذا لم يتقدم إليهم خبره لئلا يستغفلهم ويرى منهم ما يكرهه، وقد ذُكر هذا مبينًا في الجهاد إذ قال:(كان لا يطرق أهله ليلًا وكان يأتيهم غدوًا وعشيًا)
قَال: وَقَال: لا إِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيسَ! الْكَيسَ! ".
3521 -
(00)(00) حدثنا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهابِـ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثقَفِي). حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيسَانَ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ. فَأبْطَأَ بِي جَمَلِي
ــ
رواه أحمد والبخاري، وقد جاء في حديث النهي عن الطروق التنبيه على علة أخرى وهو أنه لا يطرقهم يتخونهم ويطلب عثراتهم وهو معنى آخر غير الأول وينبغي أيضًا أن يجتنب الطروق لأجل ذلك اهـ من المفهم.
(قال) جابر: (وقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قدمت) المدينة، وقوله:(فالكيس) منصوب على الإغراء أي فالزم الكيس أي الجماع (الكيس) أي العقل والحذق بأن تقصد به رزق الولد لا مجرد الشهوة، والاحتياط لدينك بأن لا تجامعها في حالة الحيض، قال ابن الأعرابي: الكيس الأول الجماع والكيس الثاني العقل؛ والمراد حثه على ابتغاء الولد فكأنه جعل ابتغاء الولد عقلًا، ومنه الحديث "أي المؤمنين أكيس! أي أعقل رواه ابن ماجه [4259]، وقال الكسائي: يقال كاس الرجل إذا وُلد له ولد كيس أي صاحب عقل وقيل معنى قوله: (فالكيس الكيس) أي فباشر الكيس واستعمل العقل حتى لا تقع في ممنوع كالتقرب في المحيض لطول العزوبة بامتداد الغربة اهـ من المفهم مع زيادة من بعض الهوامش. وشارك المؤلف في هذه الرواية أحمد [3/ 375]، والبخاري [2097].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3521 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى) البصري (حدثنا عبد الوهاب يعني ابن عبد المجيد الثقفي) البصري (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العدوي المدني (عن وهب بن كيسان) القرشي الأسدي مولاهم أبي نعيم المدني المعفم المكي، ثقة، من (4)(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان، غرضه بيان متابعة وهب بن كيسان لمن روى عن جابر (قال) جابر:(خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة) تقدم بيان الخلاف فيها، والراجح أنها غزوة ذات الرقاع (فأبطأ بي جملي) أي صار على بطيئًا غير مسرع
فَأتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال لِي: "يَا جَابرُ! " قُلْتُ: نَعَم. قَال: "مَا شأنكَ؟ " قُلتُ: أَبطَأ بِي جَمَلِي وَأَعيا فتَخَلقتُ. فَنَزَلَ فَحَجنَهُ بِمِحجَنِهِ. ثُم قَال: "اركب فَرَكبتُ. فَلَقَدْ رَأَيتُنِي أَكُفُّهُ عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "أتزَوَّجتَ؟ " فَقُلتُ: نَعَمْ. فَقَال: "أَبِكرا أَم ثَيبًا؟ " فَقُلتُ: بَل ثَيبٌ. قَال: "فَهَلا جَارِيَة تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ؟ " قُلتُ: إِن لِي أَخَوَات. فَأحبَبتُ أَن أتزَوجَ امرَأَة تَجمَعُهُن وَتَمشُطُهُن وَتَقُومُ عَلَيهِن. قَال:
ــ
في السير، والباء للتعدية أي أخرني من الإياب إلى المدينة (فأتى على) أي وقف على (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي): هل أنت هنا (يا جابر! تلت: نعم، قال: ما شأنك) أي ما حالك وشأنك مستأخرًا عن المدينة (قلت) له: (أبطأ) أي تأخر (بي جملي وأعيا) أي عجز عن السير (فتخلفت) عن الناس (فنزل) رسول صلى الله عليه وسلم من ناقته (فحجنه) أي نخسه وجره (بمحجنه) والمحجن عصا معوَج الرأس يلتقط بها الراكب الشيء من الأرض ويلوي بها عنق الشاة وتحبس إذا نَدَّتْ اهـ من الأبي (ثم قال) لي: (اركب فركبتـ) ـه (فلقد رأيتني) أي فوالله لقد رأيت نفسي (أكفه) أي أمنعه أي أمنع جملي (عن) ناقة (رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتقدم عليها بالسبق في السير، وفي شروط البخاري (فسار سيرًا ليس يسير مثله) وهذا أثر بركته صلى الله عليه وسلم ففي باب بيع البعير واستثناء ركوبه من بيوع مسلم (كيف ترى بعيرك؟ قال: قلت: بخير قد أصابته بركتك) يعني أنه أسرع في السير حتى كنت أكفه لئلا أبعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل على هذا المعنى ما سيأتي عند المؤلف وما أخرجه (فكان بعد ذلك يكون في أول الركاب إلا ما كففته) وما أخرج ابن سعد (فكنت بعد ذلك أحبس خطامه لأسمع حديثه) ذكره الحافظ في الشروط (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أتزوجت) أي هل تزوجت يا جابر (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (نعم) تزوجت يا رسول الله (فقال) لي (أ) تزوجت (بكرًا أم ثيبًا نقلت) له صلى الله عليه وسلم: (بل) هي (ثيب) فـ (قال) لي: (فهلا) تزوجت (جارية) أي شابة بكرًا (تلاعبها) أي تلاعب معها (وتلاعبك) أي تلاعب معك فـ (قلت) له: (إن لي أخوات) سبعًا أو تسعًا تحتاج إلى من يصلحهن ويمشط لهن (فأحببت) أي وددت (أن أتزوج امرأة) كبيرة (تجمعهن) أي تصلح جميع أمورهن (وتمشطهن) أي تسرِّحُ شعورهن بالمشط (وتقوم عليهن) بالخدمة فـ (قال) رسول الله صلى
"أَمَا إنكَ قَادِمٌ. فَإِذَا قَدِمْت فَالكَيسَ! الكَيس! "، . ثُم قَال:"أتبِيعُ جمَلَكَ؟ " قلتُ: نَعَم. فَاشتَرَاهُ مِني بِأوقِيةٍ. ثُم قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِمْتُ بِالغَدَاةِ. فَجِئتُ المسجِدَ فَوَجَدتُهُ عَلَى بَابِ المسجِدِ. فَقَال: "الآنَ حِينَ قَدِمتَ؟ " قُلْتُ: نَعَم. قَال: "فَدع جَمَلَكَ وَادخُل فَصَل رَكعَتَينِ" قَال: فَدَخَلتُ فَصَليتُ ثُم رَجَعتُ. فَأمَرَ بِلالًا أَن يَزِنَ لِي أُوقِية. فَوزَن لِي بِلالٌ. فَأرْجَحَ فِي المِيزَانِ. قَال: فَانطَلَقتُ. فَلَما ولَّيت قَال: "ادع لِي جَابِرًا" فَدُعِيتُ. فَقُلتُ: الآنَ يَرُد عَلَى
ــ
الله عليه وسلم: (أما) أي انتبه واستمع ما أقول لك (إنك قادم) على أهلك في المدينة (فإذا قدمت) عليهم (فـ) افعل (الكيس) والجماع، والزم (الكيس) والاحتياط لدينك ولا تقربها إذا كانت حائضًا (ثم قال) لي:(أتبيع جملك) هذا (قلت) له: (نعم) أبيعه (فاشتراه) أي فاشترى ذلك الجمل (مني) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بأوقية) أي بأربعين درهمًا، وفي رواية البخاري في الجهاد قال:(أتبيعنيه -فاستحييت- ولم يكن لنا ناضح غيره فقلت: نعم) وللنسائي وكانت لي إليه حاجة شديدة (ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قبلي (وقدمتـ) ـها أنا (بالغداة) أي في غداة أي في صباح الليلة التي جاءوا فيها (فجئت المسجد) النبوي (فوجدته) صلى الله عليه وسلم (على باب المسجد فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الآن) أي هذا الزمن الحاضر، وهو مبتدأ، والظرف في قوله:(حين قدمت) في محل الرفع خبر المبتدإ، والتقدير أي هذا الزمن الحاضر وقت قدومك من السفر (قلت) له:(نعم) الآن قدمت (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فدع) أي فاترك (جملك) خارج المسجد (وادخل) أنت المسجد (فصل ركعتين) صنة القدوم من السفر، وفي رواية نبيح المذكورة عند أحمد (فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاومًا رجلًا يكلمه، قال: قلت: دونك يا نبي الله جملك، قال: فأخذ بخطامه ثم نادى بلالًا) الخ (قال) جابر: (فدخلت) المسجد (فصليت) ركعتين (ثم رجعت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج المسجد (فأمر بلالًا) بـ (أن يزن لي أوقية فوزن لي بلال فأرجح) أي زاد (في الميزان) على الأوقية (قال) جابر: (فانطلقت) أي ذهبت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلما وليت) وأدبرت أي ذهبت من عنده موليًا ظهري إليه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن عنده (ادع لي جابرًا فدُعيت) إليه بالبناء للمجهول (فقلت) في نفسي (الآن يرد على)
الْجَمَلَ. وَلَمْ يَكُنْ شَيء أَبْغَضَ إِلي مِنهُ. فَقَال: "خذ جَمَلَكَ. وَلَكَ ثَمنُهُ".
3522 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعلَى. حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ. قَال: سَمِعْتُ أَبِي
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم (الجمل، ولم يكن شيء) من كل مبغوض لي (أبغض إلي) أي أكثر مبغوضية عندي (منه) أي من ذلك الجمل يعني بعدما بعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أكره أن أكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم البعير والثمن كليهما، وإلا فقد رُوي أنه كان من أحب النواضح إلى جابر (فـ) لما جئته (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خذ جملك) أي الذي بعته لي (ولك) باقي (ثمنه) الذي قضيته لك.
وفي رواية نبيح المذكورة عند أحمد قال: فبينما هو كذلك، إذ ذهبت إلى بيتي ولا أشعر، قال فنادى: أين جابر؟ قالوا: ذهب إلى أهله، قال: أدرك ائتني به، قال: فأتاني رسوله يسعى، قال: يا جابر يدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأتيته، فقال:"فخذ جملك" قلت: ما هو جملي، وإنما هو جملك يا رسول الله، قال:"خذ جملك" قلت: ما هو جملي، إنما هو جملك يا رسول الله، قال:"خذ جملك" فأخذته قال فقال: "لعمري ما نفعناك لننزلك عنه" قال: فجئت إلى عمتي بالناضح معي وبالأوقية قال فقلت لها: ما ترين رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني أوقية ورد على جملي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد على الأوقية قيراطًا وبقي هذا القيراط عند جابر إلى يوم الحرة فقد أخرج أحمد من طريق سالم بن أبي الجعد قال: فقال: يا بلال زن له وقية وزده قيراطًا، قال: قلت: هذا قيراط زادنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقني أبدًا حتى أموت قال: فجعلناه في كيس فلم يزل عندي حتى جاء أهل الشام يوم الحرة فأخذوه فيما أخذوا، وفي رواية وهب بن كيسان عند أحمد: وزاد بي شيئًا يسيرًا قال: فوالله ما زال ينمي عندنا ونرى مكانه من بيتنا حتى أُصيب فيما أصاب الناس يعني يوم الحرة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
3522 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الأعلى) القيسي البصري، ثقة، من (10)(حدثنا المعتمر) بن سليمان التيمي البصري، ثقة، من (9) (قال: سمعت أبي)
حَدَّثَنَا أَبُو نَضرَةَ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ. قَال: كُنا فِي مَسِيرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَنا عَلَى نَاضِحٍ. إِنمَا هُوَ فِي أُخرَيَاتِ الناسِ. قَال: فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أوْ قَال نخَسهُ. (أُرَاهُ قَال) بِشَيء كَانَ مَعَهُ. قَال: فَجَعَلَ بَعْدَ ذلِكَ يَتَقَدمُ الناسَ. يُنَازعُني حتى إِني لأكُفَّهُ. قَال: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أتبِيعُنيهِ بِكَذَا وَكَذَا؟ واللهُ يَغْفِرُ لَكَ" قَال: قُلتُ: هُوَ لَكَ. يَا نَبِي اللهِ! قَال: "أَتَبِيعُنِيهِ بِكَذَا وَكَذَا؟ وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ" قَال: قُلْتُ: هُوَ لَكَ. يَا نَبِيَّ اللهِ! قَال: وَقَال لِي: "أَتَزَوَّجْتَ بَعدَ أَبِيكَ؟ " قُلتُ: نَعَمْ. قَال: "ثَيِّبًا
ــ
سليمان بن طرخان التيمي البصري، ثقة، من (4)(حدثنا أبو نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري، ثقة، من (3)(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي نضرة لوهب بن كيسان (قال) جابر:(كنا في مسير) أي في سفر، والراجح أنه سفر غزوة ذات الرقاع (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا) أي والحال أني (على ناضح) وهو البعير الذي يستقى عليه (إنما هو) أي ذلك الناضح (في أخريات الناس) أي في أواخرهم يعني لبطئه وعدم إسراعه (قال) جابر:(فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجن في يده (أو قال) جابر: (نخسه) بمحجنه، والنخس الطعن كما مر قريبًا، والشك من أبي نضرة، قال أبو نضرة:(أراه) أي أظن جابرًا (قال) ضربه (بشيء كان معه) صلى الله عليه وسلم أي في يده (قال) جابر: (فجعل) أي شرع البعير (بعد ذلك) أي بعد أن ضربه النبي صلى الله عليه وسلم (يتقدم الناس) أي أن يتقدم على أبعرة الناس حالة كونه (ينازعني) أي يعارضني ويجاذبني لإسراعه (حتى إني لأكفه) أي لأمنعه من الإسراع لئلا يبعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) جابر: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتبيعنيه) أي هل تبيعني هذا البعير (بكذا وكدا) درهمًا (والله يغفر لك) يا جابر (قال) جابر: (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (هو) أي هذا البعير الك) بلا عوض (يا نبي الله، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة ثانية: (أَتبيعُنِيه) يا جابر (بكذا وكذا والله يغفر لك، قال) جابر: (قلت) له صلى الله عليه وسلم: (هو لك) بلا عوض (يا نبي الله، قال) جابر: (وقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتزوجت) أي هل تزوجت يا جابر (بعد) وفاة (أبيك؟ قلت) له: (نعم) تزوجت يا رسول الله (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تزوجت (ثيبًا
أَم بِكرًا؟ " قَال: قُلْتُ: ثَيِّبًا. قَال: (فَهَلا تَزَوَّجتَ بكرًا تُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا، وَتُلاعِبُكَ وَتُلاعِبُهَا؟ ".
قَال أَبُو نَضرَةَ: فَكَانَتْ كَلِمَةً يَقُولُهَا المسلِمُونَ. افعَل كَذَا وَكَذَا. وَاللهُ يَغفِرُ لَكَ
ــ
أم بكرًا؟ قال) جابر: (قلت) له: تزوجت (ثيبًا، قال) لي: (فهلا تزوجت بكرًا تضاحكك وتضاحكها وتلاعبك وتلاعبها) وهذا كما مر يدل على تفضيل نكاح الأبكار كما قال في الحديث الآخر: (فإنهن أطيب أفواهًا وأنتق أرحامًا) وتلاعبها من اللعب بدليل قوله: وتضاحكها اهـ مفهم (قال أبو نضرة) بالسند السابق (فكانت كلمة) بالنصب خبر كان مقدم على اسمها، وجملة (يقولها المسلمون) صفة لكلمة، وقوله:(افعل كذا وكذا والله يغفر لك) اسم كان مؤخر محكي، والتقدير فكانت لفظة افعل كذا وكذا والله يغفر بعد ذلك اليوم كلمة جارية على ألسنة الناس يقولها المسلمون بعضهم لبعض في محاوراتهم والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال، والثاني: حديث جابر ذكره للاستشهاد وذكر فيه ست متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.
***