الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
547 - (33) باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ولا سكنى
3577 -
(1408)(168) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ؛ أَنَّ أبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا ألْبَتَّةَ. وَهُوَ غَائِبٌ. فَأَرْسَلَ إِلَيهَا وَكِيلهُ
ــ
547 -
(33) باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ولا سكنى
3577 -
(1408)(168)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس (عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان) المدني المخزومي أبي عبد الرحمن المقرئ، ثقة، من (6)(عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (3)(عن فاطمة بنت قيس) بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر الفهرية المدنية أخت الضحاك بن قيس، ولي العراق ليزيد بن معاوية يقال إنها كانت أكبر منه بعشر سنين، الصحابية المشهورة من المهاجرات الأول لها أربعة وثلاثون (34) حديثًا اتفقا على حديث وانفرد (م) بثلاث، يروي عنها (ع) وأبو سلمة بن عبد الرحمن في الطلاق، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في الطلاق، والشعبي في الطلاق والفتن، وأبو بكر بن أبي الجهم في الطلاق، والبهي في الطلاق، وعروة بن الزبير في الطلاق، وكانت فاطمة هذه ذات جمال وعقل وكمال، وفي بيتها اجتمع أصحاب الثوري عند قتل عمر بن الخطاب وخطبوا خطبتهم المأثورة، وقال الزبير: وكانت امرأة نجودًا يعني نبيلة. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أن) زوجها (أبا عمرو) عبد الحميد (بن حفص) القرشي المخزومي وهو ابن عم خالد بن الوليد بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فبعث إليها بتطليقة ثالثة بقيت لها ومات هناك، وقيل: بقي إلى خلافة عمر رضي الله عنه ورجح الحافظ الأول في فتح الباري [9/ 421](طلّقها ألبتة) أي طلاقًا بانت بها عنه وصارت مبتوتة أي مقطوعة من النكاح من البت وهو القطع، والذي يتخلص من مجموع الروايات أنه كان طلّقها قبل هذه المرة طلقتين ثم طلّقها هذه المرة الطلقة الثالثة فبانت بها منه (وهو) أي والحال أن زوجها (غائب) عنها في اليمن فيه أن حضور المرأة ليس بشرط لوقوع الطلاق (فأرسل إليها) أي إلى فاطمة (وكيله) أي وكيل أبي عمرو وهو الحارث بن هشام وعياش بن أبي
بِشَعِيرٍ. فَسَخِطَتْهُ. فَقَال: وَاللهِ، مَا لَكِ عَلَينَا مِنْ شَيءٍ. فَجَاءَت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَت ذلِكَ لَهُ. فَقَال:"لَيسَ لَكِ عَلَيهِ نَفَقَةٌ". فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيتِ أُمِّ شَرِيكٍ
ــ
ربيعة كما سيأتي عند المؤلف من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال القرطبي: قوله: (وكيله) الصواب أن يقول: (وكيلاه) بالتثنية لأنهما الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة كما جاء مفسرًا في الرواية الأخرى، وفيه دليل على العمل بالوكالة وشهرتها عندهم وكأن إرساله بهذا الشعير كان منه متعة فحسبته هي نفقة واجبة عليه ولذلك سخطته ورأت أنها تستحق عليه أكثر من ذلك وأطيب فحين تحقق الوكيلان منها ذلك أخبراها بالحكم فلم تقبل منهما حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها:"لا نفقة لك" على ما رواه مالك وأكثر الرواة من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة، وعلى ما رواه الزهري عن عبيد الله بن عتبة ولم يذكروا فيها قوله:(ولا سكنى) على أنها رواية مرسلة على ما قاله أبو مسعود اهـ من المفهم (بشعير) متعة لها وفصلته في طريق أبي بكر بن أبي الجهم بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير كما سيأتي وقد وقع في طريق ابن أبي الجهم عند النسائي عشرة أقفزة خمسة شعير وخمسة تمر، وعند الترمذي عشرة أقفزة خمسة شعيرًا وخمسة برًا، قال الأبي: وكان إرسال هذا الشعير متعة فحسبته هي النفقة الواجبة عليه اهـ من التكملة (فسخطته) أي فسخطت وكرهت فاطمة ما أرسله الوكيل أي ما رضيت به لكونه شعيرًا أو لكونه قليلًا أي لم ترض بهذا القدر وتقالته كما سيأتي (فقال) الوكيل: (والله ما لك) يا فاطمة (علينا) أي على موكلنا (من شيء) من النفقة (فجاءت) فاطمة (رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك) الذي جرى بينهما وبين زوجها وبينها وبين وكيله (له) صلى الله عليه وسلم (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس لك) يا فاطمة (عليه) أي على زوجك (نفقة) لأنه طلقك طلاقًا بائنًا باتًا، والمراد نفي النفقة التي تريدها منه كما في المبارق لا المتعة (فأمرها) أي فأمر فاطمة بنت قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن تعتد) أي أن تستوفي عدتها (في بيت أم شريك) الأنصارية قيل هي بنت أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد، وقيل بنت خالد بن حبيش الخزرجية، وقيل هي بنت أبي العكر بن سمي، وذكرها ابن أبي خيثمة من طريق قتادة قال: وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم شريك الأنصارية النجارية،
ثُمَّ قَال: "تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي. اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى. تَضَعِينَ ثِيَابَكِ
ــ
قيل اسمها غزية، وقيل غزيلة بنت دودان بن عمرو بن عامر، ويقال: إنها هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال:"إني أحب أن أتزوج من الأنصار" ثم قال: "إني أكره غيرة الأنصار" فلم يدخل بها، وقد أخرج مسلم في قصة الجساسة في آخر الكتاب أنها كانت امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله عز وجل ينزل عليها الضيفان اهـ من الإصابة، وأما أمره صلى الله عليه وسلم لها بالاعتداد في غير بيت زوجها فلما يُفهم من صحيح البخاري وسنن النسائي أن مسكن زوجها كان في مكان وحش خيف عليها أن يُقتحم من دخول سارق ونحوه، وقيل إنها كانت امرأة لسنة تستطيل على أهل مطلقها فلا يصلح السكنى لها معهم، وعلى كل لا يتم الاستدلال بالحديث على نفي السكن للمبتوتة، وقد قال عمر رضي الله عنه كما ذُكر في كتب الأصول والفروع: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت. وعبارة الكشاف لقول امرأة نسيت أو شُبّه لها سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة ومراده بكتاب ربنا قوله تعالى في سورة الطلاق: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيثُ سَكَنْتُمْ} الآية، وقال في أول السورة:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنّ} وأما النفقة فلأنها محبوسة عليه كما أن الحوامل منصوص عليهن فيها اهـ من بعض الهوامش.
(ثم) بعد ما أمرها بالاعتداد في بيت أم شريك (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تلك) المرأة التي أمرتك بالاعتداد في بيتها الخطاب لفاطمة بنت قيس فالكاف مكسورة والمشار إليها أم شريك وهو مبتدأ خبره (امرأة يغشاها) أي يأتي إليها (أصحابي) كثيرًا ويدخل عليها أقاربها وأولادها فلا يصلح لك بيتها فـ (اعتدي) أي كملي عدتك (عند ابن أم مكتوم) وكان ابن عم لها، وفي رواية (عند ابن عمك عمرو بن أم مكتوم) واختلفوا في اسم ابن أم مكتوم فقيل عمرو كما ذكر، وقيل عبد الله، وكذا ذكره في الموطإ، وفي آخر الكتاب والخلاف في ذلك كثير قاله القاضي عياض (فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك) عنده فلا يراك، أمرها بالانتقال للعدة إلى بيته وهو كما يأتي ابن عمهما لتكون آمنة من نظر الأجانب لأن صاحب البيت أعمى ولا يبصر ولا يتردد إلى بيته أحد غيره فتكون المرأة فيه آمنة كالقاعدة في بيتها، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي" قَالتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ؛ أَنَّ مُعَاوَيةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ
ــ
"تضعين ثيابك"، وفيه دليل على أن المرأة يجوز لها أن تطلع من الرجل على ما لا يجوز للرجل أن يطلع عليه من المرأة كالرأس ومعلق القرط ونحو ذلك فأما العورة فلا ولكن هذا يعارضه ما ذكره الترمذي من قول النبي صلى الله عليه وسلم لميمونة وأم سلمة وقد دخل عليهما ابن أم مكتوم فقال:"احتجبا منه" فقالتا: إنه أعمى، فقال:"أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه" والجواب عنه من وجهين: أحدهما: أن هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لا يحتج بحديثه، وثانيهما على تقدير صحته فذلك منه صلى الله عليه وسلم تغليظ على أزواجه لحرمتهن كما غلظ عليهن أمر الحجاب، وإلى هذا أشار أبو داود وغيره من الأئمة اهـ من المفهم. ثم قال الحافظ: ويُقوّي الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال ولا يؤمر الرجال بالانتقاب لئلا يراهم النساء فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين وبهذا احتج الغزالي على الجواز فقال: لسنا نقول إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه بل هو كوجه الأمرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط وإن لم تكن فتنة فلا اهـ فتح الباري [9/ 277]. (فإذا حللت) أي انقضت عدتك (فآذنيني) أي فأعلميني وأخبريني بانقضاء عدتك، وفي لفظ آخر (فلا تبدئيني بنفسك) وكل ذلك بمعنى واحد أي لا تزوجي نفسك حتى تعرفيني وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يخطبها من يومئذٍ لأسامة بن زيد فدل الحديث على جواز التعريض بالخطبة أثناء العدة.
(قالت) فاطمة: (فلما حللت) بانقضاء عدتي (ذكرت له) صلى الله عليه وسلم (أن معاوية بن أبي سفيان) صخر بن حرب الأموي (وأبا جهم) بالتكبير، ابن حذيفة القرشي العدوي صاحب الأنبجانية المذكور في الصحيحين من طريق عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام فقال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي" أخرجه البخاري في باب الأكسية والخمائص، قال الزبير بن بكار: كان من مشيخة قريش: وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم النسب قال: وقال عمي كان من المعمرين حضر بناء الكعبة مرتين حين بنتها قريش وحين بناها ابن الزبير وهو أحد
خَطَبَانِي. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ. وَأَمَّا مُعَاويَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَال لَهُ. انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيد"
ــ
الأربعة الذين تولوا دفن عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين (خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فـ) إن سألتني عن حاله فإنه (لا يضع عصاه عن عاتقه) أي عن منكبه وهو كناية عن كثرة ضربه للنساء كما وقع التصريح بذلك فيما سيأتي من رواية ابن أبي الجهم عند المصنف ولفظه (وأما أبو جهم فرجل ضرّاب للنساء) وبهذا يتبين خطأ من قال إنه كناية عن كثرة الأسفار، والعاتق هو ما بين العنق والمنكب، قال القرطبي: وفيه ما يدل على جواز تأديب النساء بالضرب لكن غير المبرح ولا خلاف في جواز ذلك على النشوز وهو الامتناع من الزوج، واختلف في ضربهن على خدمة بيوتهن وهذا إنما يتمشى على قول من أوجب ذلك عليهن ولا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يجلد أحدكم زوجته جلد العبد ثم يضاجعها" رواه البخاري ومسلم والترمذي لأن هذا النهي إنما يقتضي المنع من الضرب المبرح الذي لا يجوز وهو الشديد المفرط ولا خلاف في منع مثله اهـ من المفهم (وأما معاوية) بن أبي سفيان (فصعلوك) بضم الصاد واللام بينهما مهملة ساكنة أي فقير (لا مال له) ولا اعتماد ولا احتمال كما في مجمع البحار أطلقه على معاوية مجازًا ومبالغة في قلة ماله ويؤخذ منه جواز المبالغة، والمعنى فقير في غاية الفقر، وقوله لا مال له صفة كاشفة وأبوه أبو سفيان وإن كان متمولًا كان شحيحًا على امرأته وولده كما مر في الزكاة، وفي رواية النسائي "ترب لا مال له" وفي أخرى له:"رجل أملق من المال" وفي أخرى له: "غلام من غلمان قريش لا شيء له" وفي الحديث ما يدل على أن ذكر مساوي الخاطب أو من يعامل أو من يحتاج إلى قبول قوله أو فتياه جائز ولا يعد ذلك غيبة ولا بهتانًا إذ لا يذكر ذلك على جهة التنقيص وإضافة الغيب إليه لكن على جهة التعريف وأداء النصيحة وأداء الأمانة كما فعله أهل الحديث وغيرهم اهـ من المفهم، ودل أيضًا على أن المرأة لا بأس لها أن تنظر في مال خاطبها هل يقدر على تكلفها أم لا؟ فإن كان قليل المال بما يتعسر عليه أن يعول امرأة أعرضت عنه، وفيه أيضًا فضيلة ظاهرة لمعاوية لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في وجه الإعراض عنه إلَّا قلة المال، ثم قال لي:(انكحي أسامة بن زيد) بن حارثة، فيه ما يدل على جواز نكاح المولى للقرشية فإن أسامة مولى وفاطمة قرشية كما تقدم وإن الكفاءة المعتبرة هي كفاءة الدين لا النسب كما هو مذهب مالك، وقد روى