الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قَال: "انْكِحِي أُسَامَةَ" فَنَكَحْتُهُ. فَجعَلَ اللهُ فِيهِ خَيرًا، وَاغْتَبَطْتُ
ــ
الدارقطني عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت: رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال رواه الدارقطني اهـ من المفهم.
استدل به الترمذي على أن خطبة الرجل على خطبة أخيه إنما يحرم إذا عُلم من المرأة ركونها إلى الخاطب الأول فأما إذا لم يعلم ذلك فلا بأس وإلا لما خطبها صلى الله عليه وسلم لأسامة بعد ما علم بخطبة أبي جهم ومعاوية رضي الله عنهم، ولكن سيأتي أن أسامة كان قد خطبها مع معاوية وأبي جهم وأنها قد ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة هؤلاء الثلاثة جميعًا فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لها أسامة بن زيد، وعليه فلا ينهض الاستدلال بهذا الحديث للترمذي قالت:(فكرهته) لعلها كرهته لعدم كفاءته لها في النسب لأنها قرشية وهو من الموالي أو لكون أسامة دميمًا أسود، وبهذا تبين أن النكاح لغير الكفؤ لا بأس به إذا كان لأجل الدين والعلم والخُلق اهـ تكملة.
(ثم قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انكحي أسامة فنكحته) كان ذلك منها بعد أن صدر منها توقف وما يدل على كراهتها لذلك كما جاء في رواية في الأم: فقالت بيدها هكذا أسامة أسامة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طاعة الله وطاعة رسوله خير لك" قالت: (فنكحته) أي نكحت أسامة وتزوجته (فجعل الله) سبحانه لي (فيه) أي في أسامة (خيرًا) كثيرًا ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم (واغتبطت) بالبناء للفاعل أي فرحت بزواجه ونلت المسرة، وفي بعض النسخ (واغتبطت به) بالبناء للمجهول أي صرت مغبوطة لها تغبط النساء لي لحظ كان لي من أسامة رضي الله عنهما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 412]، وأبو داود [2285 - 2289]، والترمذي [1180]، والنسائي [6 /. برقم (3244)].
مسألة النفقة والسكنى للمبتوتة
واعلم أن العلماء قد اتفقوا على وجوب النفقة والسكنى للمعتدة الرجعية واختلفوا في المبتوتة على ثلاثة أقوال مشهورة:
(1)
قال أبو حنيفة وأصحابه: لها النفقة والسكنى على كل حال سواء كانت حاملًا أو غير حامل وهو مذهب عمر بن الخطاب وابن مسعود وبه قال حماد وشريح والنخعي
3578 -
(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ).
وَقَال قُتَيبَةُ أَيضًا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيء) كِلَيهِمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
ــ
والثوري وابن شبرمة والحسن بن صالح وعثمان البتي وهو رواية عن ابن أبي ليلى وحجتهم الكتاب والأحاديث والآثار والقياس كقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} فالمطلقات ها هنا تعم الرجعية والمبتوتة إلى آخر ما قالوا.
(2)
وقال أحمد وإسحاق وأهل الظاهر: لا نفقة لها ولا سكنى احتجوا على عدم وجوبها بحديث الباب حديث فاطمة بنت قيس فإنه صريح في عدم وجوبها.
(3)
وقال الشافعي ومالك: لها السكنى على كل حال ولا نفقة لها إذا كانت حاملًا وبه قال الأوزاعي والليث بن سعد وعبد الرحمن بن مهدي وأبو عبيدة، ورُوي ذلك عن ابن أبي ليلى أيضًا، واستدلا بقول الله عز وجل {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} فإنه تعالى جعل لها السكنى مطلقًا، وقيد وجوب النفقة بأن تكون حاملًا، والمفهوم حجة عند الشافعي فظهر أنه لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا اهـ ملخصًا من عمدة القاري وأحكام القرآن للجصاص.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث فاطمة رضي الله تعالى عنها فقال:
3578 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم) سلمة بن دينار المخزومي مولاهم المدني، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: صدوق، من (8) روى عنه في (4) أبواب، مات وهو ساجد في الحرم النبوي سنة (184) (وقال قتيبة أيضًا: حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله المدني (القاري) بتشديد الياء نسبة إلى قارة بتخفيف الراء اسم قبيلة، ثقة، من (8) روى عنه في (7) أبواب يعني (كليهما) أي كلًّا من عبد العزيز ويعقوب بن عبد الرحمن، هكذا وقع في النسخ كلها وهو صحيح بالنصب على القطع، والأصح الأوفق كلاهما لأنه توكيد لعبد العزيز ويعقوب بن عبد الرحمن (عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج المخزومي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (12) بابا (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ؛ أَنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيهَا نَفَقَةَ دُونٍ. فَلَمَّا رَأَتْ ذلِكَ قَالتْ: وَاللهِ، لأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَإِنْ كَانَ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيئًا. قَالتْ: فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى".
3579 -
(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ،
ــ
فاطمة بنت قيس) القرشية الفهرية المدنية الصحابية الشهيرة رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلَّا قتيبة بن سعيد، غرضه بيان متابعة أبي حازم لعبد الله بن يزيد مولى الأسود (أنه) أي أن الشأن والحال (طلّقها زوجها) أبو عمرو بن حفص (في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان) زوجها (أنفق عليها) بواسطة وكيله وهو غائب (نفقة دون) أي دون الواجب لها وأقل منه وهو شيء من شعير وهو هكذا (نفقة دون) في جميع النسخ بالإضافة وهو من قيل إضافة الموصوف إلى الصفة، والدون الرديء الحقير إما في القدر أو في الجنس أو الصفة (فلما رأت) فاطمة (ذلك) أي ذلك الإنفاق الدون (قالت: والله لأعلمن) أي لأخبرن هذا الإنفاق (رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان لي نفقة) واجبة (أخذت) الإنفاق (الذي يصلحني) بضم الياء وكسر اللام أي يجب لي (وإن لم تكن لي نفقة) واجبة (لم آخذ منه) أي من زوجي (شيئًا) لا قليلًا ولا كثيرًا (قالت) فاطمة: (فذكرت ذلك) الدون (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نفقة لك ولا سكنى) لك؛ لأنك مبتوتة عنه لا عُلقة بينك وبين زوجك لأنه لا يستحق عليك الرجعة، قال القاضي عياض: وفي الحديث استفتاء النساء وسماع كلامهن في ذلك.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها فقال:
3579 -
(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري (عن عمران بن أبي أنس) القرشي العاهمري مولاهم المصري، ثقة، من (5) وحكى ابن أبي شيبة أن أبا أنس كان مولى لعبد الله بن أبي سرح واسمه نوفل اهـ من تهذيب التهذيب
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ؛ أَنَّهُ قَال: سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيسٍ. فَأَخبَرَتنِي؛ أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخزُومِيَّ طَلَّقَهَا. فَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيهَا. فَجَاءَت إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا نَفَقَةَ لَكِ. فَانتَقِلِي. فَاذهَبِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَكُوني عِنْدَهُ. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى. تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ"
ــ
(عن أبي سلمة أنه قال: سألت فاطمة بنت قيس) رضي الله عنها عن قصة طلاقها (فأخبرتني) فاطمة (أن زوجها) أبا عمرو بن حفص (المخزومي) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عمران بن أبي أنس لأبي حازم (طلّقها فأبى أن ينفق عليها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نفقة لك) ولا سكنى (فانتقلي) من مسكن زوجك (فاذهبي إلى) بيت (ابن أم مكتوم فكوني عنده فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده) ولا يراك، وفي الرواية الأخرى (فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك) هذه الرواية مفسرة للأولى ومعناه لا تخافين من رؤية رجل لك، قال القرطبي: وإنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أن تخرج من البيت الذي طُلّقت فيه لما ذكره مسلم في الرواية الأخرى من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها أن يُقتحم عليها، وفيه دليل على أن المعدة تنتقل لأجل الضرورة وهذا أولى من قول من قال إنها كانت لَسِنَةً تؤذي زوجها وأحماءها بلسانها فإن هذه الصفة لا تليق بمن اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبه ابن حبه، وتواردت رغبات الصحابة عليها حين انقضت عدتها، ولو كانت على مثل تلك الحال لكان ينبغي أن لا يُرغب فيها ولا يحرص عليها أيضًا فلم يثبت بذلك نقل مسند صحيح وإنما الذي تمسك به في ذلك قول عائشة ما لفاطمة خير أن تذكر هذا، وقول عمر: لا ندع كتاب الله لقول امرأة لا نعلم حفظت أو نسيت، وقول بعضهم: امرأة فتنت الناس وليس في شيء من ذلك دليل على ذلك.
ويا للعجب كيف يجترئ ذو دين أن يقدم على غيبة مثل هذه الصحابية التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لحبه ابن حبه لسبب خبر لم يثبت، وأعجب من ذلك قول بعض المفسرين في قوله تعالى:{وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} إنها نزلت في فاطمة لأنها كانت فيها بذاذة لسان وأذى للأحماء وهذا لم يثبت فيه نقل ولا يدل عليه نظر فذكر ذلك عنها ونسبته إليها غيبة أو بهتان، وأحسن ما قيل في التفسير قول ابن عمر
3580 -
(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيبَانُ، عَنْ يَحْيَى (وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ). أَخبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ قَيسٍ. أُخْتَ الضَّحَّاك بْنِ قَيسٍ، أَخْبرَتْهُ؛ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلاثًا. ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْيَمَنِ. فَقَال لَهَا أَهْلُهُ: لَيسَ لَكِ عَلَينَا نَفَقَةٌ. فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ
ــ
رضي الله عنهما: إن الفاحشة الزنا فيخرجن لإقامة الحد عليهن وتعليله منع اعتدادها في بيت أم شريك بدخول أصحابه دليل على أن المرأة ممنوعة من التعرض لموضع يشق عليها فيه التحرز من أن يطلع منها على ما لا يجوز اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثها ثالثًا فقال:
3580 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا حسين بن محمد) بن بهرام التميمي المروذي نسبة إلى مروذ مدينة بخراسان بتشديد الواو وبذال معجمة، البغدادي، ثقة، من (9) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي البغدادي، ثقة، من (7)(عن يحيى وهو ابن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي، ثقة، من (5)(أخبرني أبو سلمة أن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس أخبرته) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن أبي كثير لعبد الله بن يزيد (أن أبا حفص) عبد الحميد بن عمرو (بن المغيرة المخزومي) وهو ابن عم خالد بن الوليد بن المغيرة، ويقال له أبو عمرو بن حفص كما سبق في الرواية أول الباب، وقوله:(طلقها ثلاثًا) قال النواوي: اختلفت الروايات في هذا الحديث، ففي هذه الرواية أنه طلقها ثلاثًا، وفي رواية أنه طلقها ألبتة، وفي رواية طلقها آخر ثلاث تطليقات، وفي رواية طلقها طلقة كانت بقيت من طلاقها، وفي رواية طلقها ولم يذكر عددًا ولا غيره، فالجمع بين هذه الروايات أنه كان طلقها قبل هذا طلقتين ثم طلقها هذه المرة الطلقة الثالثة، فمن روى أنه طلقها مطلقًا أو طلقها واحدة أو طلقها آخر ثلاث تطليقات فهو ظاهر، ومن روى ألبتة فمراده طلقها طلاقًا فصارت مبتوتة بالثلاث، ومن روى ثلاثًا أراد تمام الثلاث اهـ.
(ثم انطلق) زوجها وذهب (إلى اليمن) حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله عنه (فقال لها): أي لفاطمة بنت قيس (أهله) أي أقارب زوجها (ليس لك علينا نفقة) لأنك طُلقت طلاقًا بائنًا، قالت فاطمة:(فانطلق) ابن عم زوجي (خالد بن
الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ. فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِ مَيمُونَةَ. فَقَالُوا: إِنَّ أَبَا حَفْصٍ طَلَّقَ امْرأَتَهُ ثَلاثًا. فَهَلْ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ. وَعَلَيهَا الْعِدَّةُ". وَأَرْسَلَ إِلَيهَا: "أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ". وَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيهَا: "أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ. فَانْطَلِقِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى. فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ، لَمْ يَرَكِ" فَانْطَلَقَتْ إِلَيهِ. فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ بْنَ زيدِ بْنِ حَارِثَةَ.
3581 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
ــ
الوليد) بن المغيرة (في نفر) أي مع نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستفتاء في حكم طلاقي (فأتوا) أي فأتى خالد مع أولئك النفر (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (في بيت ميمونة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها (فقالوا: إن أبا حفص طلّق امرأته ثلاثًا) أي آخر ثلاث تطليقات (فهل لها من نفقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليست لها نفقة وعليها العدة وأرسل إليها أن لا تسبقيني بـ) تزويج (نفسك) أي لا تفعلي شيئًا من تزويج نفسك قبل إعلامك لي بذلك، وإنما قال لها ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يريد أن يخطبها لأسامة وهذا هو التعريض بالخطبة وهو جائز لقوله تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235](وأمرها أن تنتقل) من مسكن زوجها الذي طلقت فيه (إلى) بيت (أم شريك) الأنصارية الخزرجية (ثم أرسل إليها) أي إلى فاطمة بنت قيس (أن أم شريك يأتيها) أي يأتي بيتها (المهاجرون الأولون) والضيفان لأنها كانت كثيرة الإنفاق في سبيل الله تعالى فليس محل خلوة (فانطلقي إلى) بيت عبد الله (بن أم مكتوم الأعمى) المكفوف بصره (فإنك إذا وضعت خمارك) وكشفت رأسك (لم يرك) هو ولا أحد من الرجال، قال الراوي:(فانطلقت) فاطمة (إليه) أي إلى بيت ابن أم مكتوم (فلما مضت عدتها) وانقضت (أنكحها) أي زوّجها (رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة) الهاشمي مولاهم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه رضي الله عنهما.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديثها فقال:
3581 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد
وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو. حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. قَال: كَتَبْتُ ذلِكَ مِنْ فِيهَا كِتَابًا. قَالتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي الْبَتَّةَ. فَأَرْسَلْتُ إِلَى أَهْلِهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ. وَاقْتَصُّوا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو:"لَا تَفُوتِينَا بِنَفْسِكِ"
ــ
و) علي (بن حجر) بن إياس السعدي المروزي، ثقة، من (9) (قالوا: حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر) بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم المدني، ثقة، من (8)(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق له أوهام، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر) العبدي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا محمد بن عمرو) بن علقمة (حدثنا أبو سلمة عن فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة محمد بن عمرو ليحيى بن أبي كثير (قال) أبو سلمة بن عبد الرحمن:(كتبت ذلك) الحديث (من فيها) أي من فم فاطمة بنت قيس، وقوله:(كتابًا) أي كتبته كتابة من فمها مفعول مطلق لكتبت مؤكد لعامله؛ والمراد أني كتبت هذا الحديث بعد سماعه من فمها (قالت) فاطمة: (كنت) متزوجة (عند رجل من بني مخزوم) وهو أبو عمرو بن حفص (فطلقني ألبتة) أي طلاقًا باتًا بائنًا وهو غائب في اليمن (فأرسلت إلى أهله) حالة كوني (أبتغي) أي أطلب منهم أن يعطوني (النفقة) من ماله، وقوله:(واقتصوا الحديث) تحريف من النساخ والصواب (واقتص) محمد بن عمر (الحديث) السابق أي ذكر (بمعنى حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة) لا بلفظه (غير أن) أي لكن أن (في حديث محمد بن عمرو لا تفوتينا بـ) زواج (نفسك) حتى تعلمينا وهو في معنى لا تسبقيني بنفسك وفي مغزاه، وقال في الرواية السابقة: فإذا حللت فآذنيني أي إذا خرجت من العدة لتمامها فأعلميني وأخبريني حتى ننظر في إنكاحك ونطلب لك زوجًا صالحًا اهـ من بعض الهوامش.
3582 -
(00)(00) حدَّثنا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخبَرَهُ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيسٍ أَخبَرَتْهُ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلاثِ تَطلِيقَاتٍ. فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَفْتِيهِ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيتِهَا. فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكتُومٍ الأَعْمَى. فَأَبَى مَرْوَانُ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها فقال:
3582 -
(00)(00)(حدثنا حسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي الخلال (الحلواني) المكي، ثقة، من (11)(وعبد بن حميد) بن نصر الكسي (جميعًا عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (9)(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد الزهري المدني، قاضيها، ثقة، من (5)(عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني، ثقة، من (4)(عن ابن شهاب) الزهري المدني، ثقة، من (4)(أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني، ثقة، من (3)(أخبره أن فاطمة بنت قيس) القرشية الفهرية رضي الله تعالى عنها (أخبرته) أي أخبرت لأبي سلمة. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة ابن شهاب ليحيى بن أبي كثير (أنها كانت تحت أبي عمرو) عبد الحميد (ابن حفص بن المغيرة) المخزومي (فطلقها آخر ثلاث تطليقات) يعني أنه كان قد طلقها طلقتين ثم راجعها وكانت هذه الطلقة ثالثة، قال أبو سلمة:(فزعمت) فاطمة بنت قيس (أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونها (تستفتيه) أي تسأله صلى الله عليه وسلم (في) حكم (خروجها من بيتها) الذي طلقت فيه وجه استفتائها على ما سبق عدم تمكنها من السكنى في المسكن الذي طُلقت فيه إما لكونها لسنة بذية تستطيل على أحمائها أو لكون المسكن في مكان وحش تخاف الاقتحام عليها ورواية مسلم فيما يأتي مقصورة على السبب الثاني اهـ من الهوامش (فأمرها) أي فلما استفتته عن ذلك أمرها (أن تنتقل) من مسكنها (إلى) بيت عبد الله (بن أم مكتوم الأعمى فأبى) أي امتنع (مروان) بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي كنيته أبو عبد الملك لم يصح سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلف
أنْ يُصَدِّقَهُ فِي خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ بَيتِهَا. وَقَال عُرْوَةُ: إِنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَت ذلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنتِ قَيسٍ.
3583 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا حُجَينٌ. حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَنْ عُقَيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. مَعَ قَوْلِ عُرْوَةَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ ذلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ.
3584 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ (وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ) قَالا: أَخْبَرَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ. أَخبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ؛
ــ
في رؤيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مولده في السنة الثانية من الهجرة اهـ تقرير المفهم (أن يصدقه) أي أن يصدّق خبرها (في خروج المطلقة) البائنة (من بيتها) الذي طُلّقت فيه (وقال عروة) وهو عند مروان (إن عائشة) رضي الله تعالى عنها (أنكرت ذلك) أي خروج المطلّقة البائنة من بيتها بلا عذر (على فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها يعني أنكرت على فاطمة استدلالها في ذلك بحديث نفسها لأنها إنما أذن لها الرسول صلى الله عليه وسلم لعذر كون مسكنها وحشًا يخاف عليها فيه فلا يصح الاستدلال به على خروج المطلقة البائنة مطلقًا.
3583 -
(00)(00)(وحدثنيه محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا حجين) مصغرًا ابن المثنى اليمامي البغدادي، ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا الليث) بن سعد الفهمي المصري، ثقة، من (7)(عن عقيل) مصغرًا، ابن خالد بن عقيل الأموي المصري ثقة، من (6)(عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن فاطمة (مثله) أي مثل ما روى صالح بن كيسان عن ابن شهاب، غرضه بيان متابعة عقيل بن خالد لصالح بن كيسان (مع) ذكر (قول عروة إن عائشة أنكرت ذلك عن فاطمة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثها سابعًا فقال:
3584 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعبد بن حميد) الكسي (واللفظ لعبد قالا: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن
أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَرَجَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ إِلَى الْيَمَنِ. فَأَرْسَلَ إِلَى امْرأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلاقِهَا وَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثَ بْنَ هِشَام وَعيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبيعَةَ بِنَفَقَةٍ فَقَالا لَهَا: وَاللهِ، مَا لَكِ نَفَقةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا. فَأتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ قَوْلَهُمَا. فَقَال:"لَا نَفَقَةَ لَكِ" فَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا
ــ
مسعود الهذلي المدني الأعمى، ثقة، من (3) وهو مرسل على ما قاله أبو مسعود الدمشقي اهـ من المفهم. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لأبي سلمة في الرواية عن فاطمة بنت قيس (أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة) رضي الله عنه يقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة، وقيل أبو حفص بن المغيرة، ويقال أبو عمرو بن حفص بن عمرو بن المغيرة القرشي المخزومي اختلف في اسمه فقيل أحمد، وقيل عبد الحميد، وقيل اسمه كنيته، وهو الذي كلم عمر بن الخطاب وواجهه بما يكره لما عزل خالد بن الوليد اهـ من أسد الغابة (خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأرسل) أبو عمرو (إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها) طلقتين أولًا فراجعها (وأمر لها) أبو عمرو (الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة) هما كما في أسد الغابة: أخوا أبي جهل بن هشام، الأول لأبويه وتأخر إسلامه إلى يوم الفتح، والثاني لأمه وهو قديم الإسلام والذي تقدم في الرواية السابقة فأرسل إليها وكيله بشعير وسيأتي قولها (أرسل إلي زوجي أبو عمرو بن حفص عياش بن أبي ربيعة) وتقدم هناك أن الصواب ما هنا من التثنية يعني إرساله إليها نفرين أي وأمرهما (بنفقة) أي بصرف نفقة لها (فقالا لها: والله ما لك نفقة) لأنك مبتوتة (إلا أن تكوني حاملًا فأتت) فاطمة (النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له) صلى الله عليه وسلم (قولهما) من أنها لا نفقة لها إلَّا إن كانت حاملًا (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نفقة لك) لأنك مبتوتة (فاستأذنته) صلى الله عليه وسلم (في الانتقال) من مسكنها الذي طلّقت فيه لعذر خوفها على نفسها (فأذن لها) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتقال، قال النووي: هذا محمول على أنه أذن لها في الانتقال لعذر هو البذاءة على أحمائها أو خوفها أن يقتحم عليها أو نحو ذلك، وقد سبقت الإشارة إلى هذا في أوائل هذا الباب، وأما لغير حاجة فلا يجوز لها الخروج والانتقال ولا يجوز نقلها قال الله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلا
فَقَالتْ: أَينَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَال: "إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ" وَكَانَ أَعْمَى. تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ وَلَا يَرَاهَا. فَلَمَّا مَضَتْ عِدَّتُهَا أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ بْنَ زَيدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيهَا مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيبٍ يَسْأَلُهَا عَنِ الْحَدِيثِ. فَحَدَّثَتْهُ بِهِ. فَقَال مَرْوَانُ: لَمْ نَسْمَعْ هذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنِ امْرَأَةٍ
ــ
أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} قال ابن عباس وعائشة: المراد بالفاحشة هنا النشوز وسوء الخلق، وقيل هو البذاءة على أهل زوجها وقيل معناه إلَّا أن يأتين بفاحشة الزنا فيخرجن لإقامة الحد ثم ترجع إلى المسكن اهـ (فقالت) فاطمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى (أين) أنتقل (يا رسول الله فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: انتقلي (إلى) بيت (ابن أم مكتوم وكان) ابن أم مكتوم (أعمى) لا يبصر (تضع ثيابها) أي تكشف خمارها (عنده ولا يراها فلما مضت) وانقضت (عدتها) وتمت (أنكحها) أي زوّجها (النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد) بن حارثة حبه ومولاه، قال عبيد الله بن عبد الله (فأرسل إليها) أي إلى فاطمة بنت قيس (مروان) بن الحكم بن أبي العاص القرشي الأموي وكان أميرًا على المدينة (قبيصة بن ذؤيب) مصغرًا ابن حلحلة الخزاعي المدني نزيل دمشق من أولاد الصحابة وله رؤية، حالة كون قبيصة (يسألها عن) هذا (الحديث) الذي جرى لها فسألها قبيصة (فحدّثته) أي فحدثَتْ فاطمة لقبيصة (به) أي بهذا الحديث الذي جرى لها فرجع قبيصة إلى مروان فحذثه به (فقال مروان لم نسمع بهذا الحديث إلَّا من امرأة) تفردت به فلا نحتج به وسبب دخول مروان في هذه القصة ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال: "أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلق وهو غلام شاب في إمرة مروان ابنة سعيد بن زيد وأمها ابنة قيس فطلقها ألبتة فأرسلت إليها خالتها فاطمة بنت قيس فأمرتها بالانتقال من بيت زوجها عبد الله بن عمرو فسمع ذلك مروان فأرسل إليها فأمرها أن ترجع إلى مسكنها فسألها ما حملها على الانتقال قبل أن تنقضي عدتها فأرسلت تخبره أن فاطمة بنت قيس أفتتها وأخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتاها بالخروج أو قال بالانتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي فأرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة بنت قيس ليسألها عن ذلك. ثم ساق عبد الرزاق الحديث بمثل ما ذكره المؤلف.
وقصة إرسال مروان قبيصة إلى فاطمة مذكورة في سنن النسائي ولفظه قال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلق ابنة سعيد بن
سَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيهَا. فَقَالت فَاطِمَةُ، حِينَ بَلَغَهَا قَوْلُ مَرْوَانَ: فَبَينِي وَبَينَكُمُ الْقُرْآنُ. قَال اللهُ عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1]
ــ
زيد وأمها حمنة بنت قيس ألبتة فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو وسمع ذلك مروان فأرسل إليها فأمرها أن ترجع إلى مسكنها حتى تنقضي عدتها فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة أفتتها بذلك وأخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتاها بالانتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي فأرسل مروان إلى فاطمة قبيصة بن ذؤيب فسألها عن ذلك فزعمت أنها كانت تحت أبي عمرو ولما أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن خرج معه فأرسل إليها بتطليقة وهي بقية طلاقها فأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقتها فأرسلت إلى الحارث وعياش تسألهما النفقة التي أمر لها بها زوجها فقالا: والله ما لها علينا نفقة إلَّا أن تكون حاملًا وما لها أن تسكن في مسكننا إلَّا بإذننا، فزعمت فاطمة أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فصدقهما، قالت: فقلت: أين أنتقل يا رسول الله؟ فقال: "عند ابن أم مكتوم" فانتقلت عنده اهـ.
ولكن (سنأخذ بالعصمة) أي بالسنة والشريعة (التي) اعتصم وتمسك بها الناس وعملوا بها و (وجدنا الناس) أي معظم الناس (عليها) أي على تلك العصمة والسنة أي على العمل بها، قال القاضي عياض: أي سنأخذ بالأمر الذي اعتصم الناس به وعملوا عليه يعني بذلك أنها لا تخرج من بيتها ولا نفقة لها كما قاله عمر رضي الله عنه، ورواه السمرقندي (بالقضية) بل (العصمة) وله معنى يتجه، والصواب الأول اهـ وفيه دليل على أن تعامل الناس كان بخلاف حديث فاطمة بنت قيس في أمر السكنى فهو حجة على من ينفي السكنى للمطلقة وقد احتج المارديني بقول مروان هذا على نفي النفقة أيضًا ولكنه ضعيف لأن سياق قول مروان في أمر السكنى والخروج فإنه أوجب عليها السكنى وعدم الخروج من مسكنها، وسيأتي قول فاطمة (فكيف تقولون لا نفقة لها) فهو يدل على أن مروان ومن وافقه لا يوجبون النفقة للمبتوتة والله أعلم اهـ من التكملة.
(فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان) أو نقل لها عنه أنه يمنع البائن من الخروج مطلقًا أي قالت فاطمة (فبيني وبينكم) الخطاب لمروان ومن وافقه حين منعوا البائن من الخروج مطلقًا (القرآن) كتاب الله حيث (قال الله عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ})
الآيَةَ. قَالتْ: هذَا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ. فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلاثِ؟ فَكَيفَ تَقُولُونَ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا؟ فَعَلامَ تَحْبِسُونَهَا؟
ــ
أتم الآية أي تلت هذه (الآية) إلى آخرها و (قالت) في الاستدلال عليهم (هذا) النهي المفهوم من أول الآية بقوله: لا تخرجوهن (لمن) أي لزوج (كانت له مراجعة) عليها أرادت به الرد على قول مروان من منعه المبتوتة من الانتقال من بيتها، واستدلت عليه بأن الآية إنما تضمنت نهي غير المبتوتة من الخروج بقرينة قول الله سبحانه:{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} تقول: (فأي أمر يحدث بعد) تمام الطلقات (الثلاث فكيف) تمنعونها من الخروج ثم (تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا فعلام تحبسونها) في المسكن أي فلأي شيء تمنعونها من الخروج والانتقال إذا لم تكن عليها رجعة بخلاف غير المبتوتة فإنها بصدد أن يحدث لمطلقها أمر إما بالارتجاع أو باستئناف النكاح. قال القرطبي: ظاهر كلامها هذا إنما هو رد على مروان في منعه البائن من الانتقال من بيتها لأنها كانت تجيز الخروج للبائن على نحو ما أباحه لها النبي صلى الله عليه وسلم وكأنها فهمت من مروان أو نُقل إليها أنه يمنع البائن من الخروج مطلقًا فاستدلت بأن الآية التي تلتها إنما تضمنت النهي عن خروج المطلقة الرجعية لأنها بصدد أن يحدث لمطلقها رأي في ارتجاعها ما دامت في عدتها فكأنها تحت تصرف الزوج في كل وقت، وأما البائن فليس لها شيء من ذلك فيها فيجوز لها أن تخرج إذا دعتها إلى ذلك حاجة أو خافت عورة كما أباح لها ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ظاهر صدر كلامها مع مروان غير أن عجز كلامها هذا يظهر منه أن منازعتها لمروان إنما كانت في النفقة لها فكان مروان لا يراها لها وهي تراها لها وهو ظاهر قولها فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا، وليس كذلك فإنها قد نصت في أول الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نفقة لك" فكيف تخالف هي هذا النص وتقول إن النفقة لها، وهذا محال وكان هذا وهم من بعض الرواة في قوله فكيف يقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا، وقولها:(فعلام تحبسونها) معناه فلأي شيء تمنعونها من الانتقال إذا لم تكن عليها رجعة، وقد دل على هذا قوله فاستأذنته في الانتقال فأذن لها وهذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم. وعلى الجملة فحديث فاطمة كثرة اضطرابه قاصمة فما أولاه لاختلاف معناه ولفظه بقول عمر الذي جعل الله تعالى الحق على لسانه وقلبه من قوله ولها السكنى لا النفقة وهذا مذهبه اهـ من المفهم. وأجاب الجصاص عن اعتراضها في أحكام القرآن (3/ 564) بأن
3585 -
(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ وَحُصَينٌ وَمُغِيرَةُ وَأَشْعَثُ
ــ
أول الآية ينتظم المبتوتة والرجعية جميعًا، وهو قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} والدليل على ذلك كل من أراد طلاق امرأته فهو مأمور بهذه الآية أن يطلقها للعدة ويدخل فيه من لم يبق من طلاقها إلَّا واحدة فهو مأمور أيضًا بأن يطلقها في طهرها فتبين أن أول الآية شامل لكل من أراد الطلاق سواء أراد الطلاق الرجعي أو البائن فكذلك قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ} يشمل الجميع، أما قوله تعالى بعد ذلك:{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} بيان لصورة مخصوصة مما سبق وهو ما إذا طلقها طلاقًا رجعيًّا وهو مثل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} فإنه عام في البائن والرجعي ولكن أعقبه الله سبحانه بقوله {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} وإنما هو حكم خاص في الرجعي ولم يمنع ذلك أن يكون قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} عامًا في الجميع. قوله: (فعلام تحبسونها) اعتراض منها على مروان بأنه يوجب للمبتوتة السكنى دون النفقة وحاصل اعتراضها أنكم لا توجبون النفقة فكيف تمنعونها من الخروج مع أن النفقة جزاء الاحتباس وهذا الاعتراض منها واقع على مذهب الشافعية، وأما الحنفية فإنهم يوجبون النفقة مع السكنى فلا ينهض قولها عليهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:
3585 -
(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا هشيم) بن بشير بن القاسم السلمي الواسطي البغدادي، ثقة، من (7)(أخبرنا سيار) بن وردان العنزي الواسطي، ثقة، من (6)(وحصين) بن عبد الرحمن السلمي الكوفي، ثقة، من (5)(ومغيرة) بن مقسم الضبي الكوفي، ثقة، من (6)(وأشعث) بن سوار الكندي الأفرق (من كان شعر لحيته أو ناصيته مفروقًا) الأثرم (من كانت سنه متفتتة أي متفرقة) الكوفي ضعيف، من السادسة، مقرون مع سيار وحصين ومغيرة وغيرهم، روى عن الشعبي في الطلاق، والحسن وابن سيرين وطائفة، ويروي عنه (م ت س ق) وهشيم وشعبة وحفص بن غياث
وَمُجَالِدٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالدٍ وَدَاوُدُ. كُلُّهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ. قَال: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيهَا. فَقَالتْ: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ألْبَتَّةَ. فَقَالتْ: خَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ. قَالتْ: فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ. وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.
3586 -
(00)(00) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هُشَيمٌ، عَنْ حُصَينٍ وَدَاوُدَ وَمُغِيرَةَ وَإِسْمَاعِيلَ وَأَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ أَنَّهُ قَال: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ
ــ
(ومجالد) بن سعيد بن عمير الهمداني أبو سعيد الكوفي، روى عن الشعبي في الطلاق وقيس بن أبي حازم وزياد بن علاقة وغيرهم، ويروي عنه (م عم) ضعيف مقرون بحصين ومغيرة وأشعث وغيرهم، من السادسة، مات سنة (144) أربع وأربعين ومائة في ذي الحجة (وإسماعيل بن أبي خالد) اسمه سَعْد أو فيروز الأحمسي الكوفي، ثقة، من (4)(وداود) بن أبي هِند دينار القشيري مولاهم أبو بكر البصري، ثقة، من (5)(كلهم) أي كل هؤلاء السبعة رووا (عن الشعبي) عامر بن شراحيل الحميري الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (19) بابا (قال) الشعبي:(دخلت على فاطمة بنت قيس) القرشية الفهرية الصحابية المشهورة رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الشعبي لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة (فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقالت) فاطمة:(طلقها زوجها ألبتة) أي طلاقًا بائنًا (فقالت خاصمته) أي خاصمت وكيله ورافعته (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، قالت) فاطمة: (فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في حديثها فقال:
3586 -
(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا هشيم) بن بشير السلمي الواسطي (عن حصين) بن عبد الرحمن (وداود) بن أبي هند القشيري البَصْريّ (ومغيرة) بن مقسم (وإسماعيل) بن أبي خالد (وأشعث) بن سوار (عن الشعبي أنه قال: دخلت على فاطمة بنت قيس) وساق يحيى بن يحيى (بمثل حديث
زُهَيرٍ، عَنْ هُشَيمٍ.
3587 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيمِيُّ. حَدَّثَنَا قُرَّةُ. حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ. حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ. قَال: دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَابٍ. وَسَقَتْنَا سَويقَ سُلْتٍ. فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا أَينَ تَعْتَدُّ؟ قَالتْ: طَلَّقَنِي بَعْلِي ثَلاثًا. فَأَذِنَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي
ــ
زهير) بن حرب (عن هشيم) بن بشير، غرضه بيان متابعة يحيى بن يحيى لزهير بن حرب.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثها عاشرًا فقال:
3587 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن حبيب) بن عربي الحارثي البصري، ثقة، من (10)(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد بن سليم (الهجيمي) مصغرًا نسبة إلى هجيم بن عمرو أبي قبيلة، أبو عثمان البصري ثقة ثبت، من (8)(حدثنا قرة) بن خالد السدوسي أبو خالد البصري، ثقة ضابط، من (6)(حدثنا سيار) بن وردان (أبو الحكم) العنزي الواسطي، ثقة، من (6) (حدثنا الشعبي) عامر بن شراحيل (قال: دخلنا على فاطمة بنت قيس) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة قرة بن خالد لهشيم بن بشير أي دخلنا عليها (فأتحفتنا) أي أطعمتنا (برطب ابن طاب وسقتنا) أي أشربتنا (سويق سلت) أي ضيّفتنا بهذا الطعام والشراب، والإتحاف إكرام القادم عليك بأنواع القرى، وابن طاب نوع من أنواع تمر المدينة النبوية، وذكر النواوي أن أنواع تمر المدينة مائة وعشرون، وأفضلها العجوة والسلت بضم السين وسكون اللام نوع من الحبوب طبعه طبع الشعير في البرودة ولونه لون الحنطة، ومن ثم اختلف الفقهاء في بيعه بالحنطة أو الشعير متفاضلًا وهي المسماة عندنا الحنطة البيضاء وهي التي لا شعور على سنبلها وضدها السميراء وهي الحنطة الحمراء، وفيه إكرام النساء القواعد للرجال والإفضال على الزائرين القاصدين لطلب العلم، قال الشعبي:(فسألتها عن المطلقة ثلاثًا أين تعتد) هل في المسكن الذي طلقت فيه أو في بيت أقاربها (قالت) فاطمة (طلقني بعلي) أي زوجي أبو عمرو بن حفص (ثلاثًا) من التطليقات على التدريج (فأذن لي النبي صلى الله عليه وسلم أن أعتد في) بيوت (أهلي) وأقاربي لأنها لا سكنى ولا نفقة لها، وهذا
3589 -
(00)(00) وَحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا. قَال:"لَيسَ لَهَا سُكنَى وَلَا نَفَقَةٌ".
3590 -
(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزيقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ
ــ
محمول على أنه أجاز لها ذلك لعذر في الانتقال من مسكن الطلاق كما سبق إيضاحه اهـ نووي.
ثم ذكر المؤلف المتابعة حادي عشرها في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها فقال:
3589 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (و) محمد (بن بشار) العبدي البصري (قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة حجة، من (7)(عن سلمة بن كهيل) الحضرمي أبي يحيى الكوفي، ثقة، من (4)(عن الشعبي) الحميري الكوفي، ثقة، من (3) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سلمة بن كهيل لمن روى عن الشعبي (عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثًا قال: ليس لها سكنى ولا نفقة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثاني عشرها في حديثها فقال:
3590 -
(00)(00)(وحدثني إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (أخبرنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا عمار بن رزيق) بتقديم الراء مصغرًا الضبي الكوفي، وثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال ابن المديني: ثقة، وقال في التقريب: لا بأس به، من (8)(عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من (3)(عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي إسحاق لسلمة بن
قَالتْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلاثًا. فَأَرَدْتُ النُّقْلَةَ. فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "انْتَقِلِي إِلَى بَيتِ ابْنِ عَمِّكِ عَمْرِو بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَاعْتَدِّي عِنْدَهُ".
3591 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ. حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزيقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: كُنْتُ مَعَ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ. وَمَعَنَا الشعْبِيُّ. فَحَدَّثَ الشَّعْبِيُّ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ
ــ
كهيل في الرواية عن الشعبي (قالت) فاطمة: (طلقني زوجي ثلاثًا) من الطلقات (فأردت النقلة) والتحول من المسكن الذي طلقني فيه (فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم للاستئذان (فقال) لي: (انتقلي) وتحولي (إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم) هكذا وقع هنا، وكذا جاء في صحيح مسلم في آخر الكتاب وزاد فقال: هو رجل من بني فهر من البطن الذي هي منه، قال القاضي: والمشهور خلاف هذا وليس هما من بطن واحد هي من بني محارب بن فهر وهو من بني عامر بن لؤي. قلت: هو ابن عمها مجازًا يجتمعان في فهر، واختلفت الرواية في اسم ابن أم مكتوم فقيل عمرو، وقيل عبد الله، وقيل غير ذلك (فاعتدي عنده) أي عند ابن أم مكتوم لأنه ما يراك.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالث عشرها في هذا الحديث فقال:
3591 -
(00)(00)(وحدثناه محمد بن عمرو) بن عباد (بن جبلة) بن أبي روّاد العتكي أبو جعفر البصري، قال أبو داود: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يغرب ويخالف، وقال في التقريب: صدوق، من (11) مات سنة (234)(حدثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي الزبيري مولاهم أبو أحمد الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا عمار بن رزيق) الضبي الكوفي، ثقة، من (8) (عن أبي إسحاق) السبيعي (قال: كنت مع الأسود بن يزيد) بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(جالسًا في المسجد الأعظم) أي الأكبر من مساجد الكوفة، وهو مسجد الجامع فإن أبا إسحاق والأسود والشعبي كلهم كوفيون (ومعنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي أحمد الزبيري ليحيى بن آدم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً. ثُمَّ أَخَذَ الأَسْوَدُ كَفًّا مِنْ حَصَّى فَحَصَبَهُ بِهِ. فَقَال: وَيلَكَ! تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هذَا. قَال عُمَرُ: لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ امْرَأَةٍ. لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ. قَال اللهُ عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
3592 -
(00)(00) وحدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ
ــ
يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم أخذ الأسود) بن يزيد (كفًّا من حصى) أي حفنة من الحصى (فحصبه) أي حصب الأسود الشعبي ورماه (به) أي بالحصى إنكارًا منه عليه بهذا الحديث (فقال) الأسود للشعبي: (ويلك) أي ألزمك الله الويل والهلاك هي كلمة جرت على ألسنة العرب لم يقصدوا بها الدعاء، أ (تحدث بمثل هذا) الحديث الذي أنكره بعض الصحابة فإنه (قال) فيه (عمر: لا نترك كتاب الله) تعالى (و) لا (سنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة) يعني فاطمة بنت قيس (لا ندري) ولا نعلم (لعلها حفظت) على وجهه (أو نسيت) ولم تحفظه على وجهه، ونقول على خلاف ما حدّثته (لها) أي للمطلقة ثلاثًا (السكنى والنفقة) فإنه (قال الله عز وجل:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ) قوله: (وسنة نبينا) قال الدارقطني: وسنة نبينا غير محفوظة لم يذكرها جماعة من الثقات، قال القاضي إسماعيل: الذي في كتاب ربنا النفقة لذوات الأحمال وبحسب الحديث، ولها السكنى لأن السكنى موجود في كتاب الله تعالى لقوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ} وزاد أهل الكوفة في الحديث عن عمر: والنفقة. (قلت): ويظهر من كلام هؤلاء الأئمة أن الثابت عن عمر رضي الله عنه في حكم المبتوتة قوله لها السكنى لا غير ولم يثبتوا قوله والنفقة وليس بمعروف عند أهل المدينة ولذلك قال مالك: إنه سمع ابن شهاب يقول: المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل وليس لها نفقة إلَّا أن تكون حاملًا، قال مالك: وهذا الأمر عندنا وإلى هذا أشار مروان بقوله: سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها أي بالأمر الذي اعتصم الناس به وعملوا عليه يعني بذلك أنها لا تخرج من بيتها ولا نفقة لها اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابع عشرها في حديثها فقال:
3593 -
(00)(00)(وحدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى (الضبي) البصري، ثقة،
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أحْمَدَ، عَنْ عَمَّارِ بنِ رُزَيقٍ، بِقِصَّتِهِ.
3593 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ صُخَيرٍ الْعَدَويِّ
ــ
من (10)(حدثنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة، من (9)(حدثنا سليمان) بن قرم بفتح القاف وسكون الراء (بن معاذ) الضبي أبو داود البصري، ومنهم من ينسبه إلى جده معاذ، روى عن أبي إسحاق في الطلاق، وابن المنكدر وسماك بن حرب، ويروي عنه (خ م ت س) وأبو داود الطيالسي ويعقوب الحضرمي وغيرهم، قال النسائي وابن معين: ضعيف، وقال أبو زرعة: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: ليس بالمتين، وقال أحمد: لا أرى به بأسًا، وقال في التقريب: سيئ الحفظ يتشيع، من السابعة (عن أبي إسحاق) السبيعي (بهذا الإسناد) يعني عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس (نحو حديث أبي أحمد عن عمار بن رزيق بقصته) يعني قصة إنكار الأسود على الشعبي حديث فاطمة بنت قيس، غرضه بيان متابعة سليمان بن معاذ لعمار بن رزيق في رواية هذا الحديث عن أبي إسحاق ففي كلام المصنف تحريف من النساخ، وصواب العبارة (نحو حديث عمار بن رزيق عن أبي إسحاق بقصته) أي مع القصة الواقعة في الحديث من إنكار الأسود على الشعبي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثها خامس عشرها فقال:
3593 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع) بن الجراح (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن أبي بكر) بن عبد الله (بن أبي الجهم بن صخير العدوي) هكذا هو بالتصغير، ووقع في بعض النسخ صخر مكبرًا، والصواب المشهور هو الأول وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، وأبو بكر اسمه كنيته نسب هنا إلى جده أبي الجهم، وأبو الجهم اسمه صخير، ويقال عبيد بالتصغير، وقوله هنا بن صخير تحريف من النساخ، والصواب (عن أبي بكر بن أبي الجهم صخير العدوي) الكوفي، وفي بعض النسخ إسقاط صخير، روى عن فاطمة بنت قيس في الطلاق، وعمه محمد بن أبي الجهم وابن عمر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهم، ويروي عنه (م ت س ق) والثوري في الطلاق، وشعبة وحجاج بن أرطاة وغيرهم، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صدوق،
قَال: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيسٍ تَقُولُ: إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلاثًا. فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً. قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَلَلْتِ فآذِنِينِي" فَآذَنْتهُ. فَخَطَبَهَا مُعَاوَيةُ وَأَبُو جَهْمٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا مُعَاويَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَال لَهُ. وَأمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ. وَلكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ" فَقَالتْ بِيَدِهَا هكَذَا: أُسَامَةُ! أُسَامَةُ! فَقَال لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "طَاعَةُ الله وَطَاعَةُ رَسُولهِ خَيرٌ لَكِ" قَالتْ: فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ
ــ
وقال في التقريب: ثقة فقيه، من الرابعة (قال) أبو بكر بن عبد الله:(سمعت فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي بكر بن أبي الجهم لعامر الشعبي، حالة كون فاطمة (تقول إن زوجها) أبا عمرو بن حفص (طلقها ثلاثًا) أي ثلاث تطليقات على التدريج (فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة، قالت) فاطمة: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حللت) وانقضت عدتك (فآذنيني) أي فأعلميني وأخبريني انقضاءها (فآذنته) صلى الله عليه وسلم انقضاء عدتي أي أخبرته أنه انقضت عدتها (فخطبها معاوية) بن أبي سفيان (وأبو جهم) بن حذيفة القرشي العدوي صاحب الأنبجانية الصحابي المشهور رضي الله عنه (وأسامة بن زيد) بن حارثة (فقال) لها (رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل النصيحة لها (أما معاوية فرجل ترب) -بفتح التاء الفوقية وكسر الراء المهملة- أي رجل فقير فأكده بقوله: (لا مال له) أصلًا لأن الفقير قد يطلق على من له شيء يسير لا يقع موقعًا من كفايته (وأما أبو جهم فرجل ضراب) أي كثير الضرب (للنساء ولكن أسامة بن زيد) خير لك (فقالت) فاطمة أي أشارت (بيدها هكذا) أي أشارت بيدها إلى كراهتها له قائلة (أسامة) لا أحبه (أسامة) لا أحبه كررته للتأكيد لأنها قرشية وأسامة من الموالي فليس كفؤًا لها في النسب (فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طاعة الله وطاعة رسوله خير لك) من مخالفتهما (قالت) فاطمة: (فتزوجته) أي فتزوجت أسامة طاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم مع أنه ليس كفؤًا لي في النسب (فاغتبطت) بالبناء للفاعل أي فرضيت زواجه وتمنيت دوامه لي لما رأيت فيه من الخير الكثير.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثها سادس عشرها فقال:
3594 -
(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ. قَال: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيسٍ تَقُولُ: أَرْسَلَ إلَيَّ زَوْجِي، أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِطَلاقِي. وَأَرْسَلَ مَعَهُ بِخَمْسَةِ آصُعِ تَمْرٍ، وَخَمْسَةٍ آصُعِ شَعِيرٍ. فَقُلْتُ: أَمَا لِي نَفَقَةٌ إلا هذَا؟ وَلا أَعْتَدُّ فِي مَنْزِلِكُمْ؟ قَال: لَا. قَالتْ: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي. وَأَتَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "كَمْ طَلَّقَكِ؟ " لا قُلْتُ: ثَلاثًا. قَال: "صَدَقَ. لَيسَ لَكِ نَفَقَةٌ. اعْتَدِّي فِي بَيتِ ابْنِ عَمِّكِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ. تُلْقِي ثَوْبَكِ عِنْدَهُ
ــ
3594 -
(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن أبي بكر) بن عبد الله (بن أبي الجهم) صخير العدوي الكوفي، ثقة، من (4) (قال) أبو بكر:(سمعت فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الرحمن بن مهدي لوكيع بن الجراح، حالة كون فاطمة (تقول أرسل إليّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي وأرسل معه) أي مع عياش بن أبي ربيعة (بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير) متعة لي (فقلت) لعياش وقد حسبت أن الذي جاء به نفقة لي (أما لي) أي أليس لي (نفقة إلا هذا) الطعام القليل الذي جئت به أ (ولا أعتد) أي ولا أكمل عدتي (في منزلكم قال) عياش بن أبي ربيعة رسول زوجها (لا) أي لا نفقة لك ولا سكنى (قالت) فاطمة:(فشددت) أي ربطت (علي ثيابي) ولبستها (وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته خبر ما جرى بيني وبين زوجي ورسوله (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كم طلقك قلت) طلقني (ثلاثًا قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صدق) رسول زوجك عياش بن أبي ربيعة فيما قال لك لأنه (ليس لك نفقة) لأنك بائنة منه لا علقة بينكما ولا سكنى وتحولي من منزلهم و (اعندي) أي كملي عدتك (في بيت ابن عمك) عبد الله (بن أم مكتوم، فإنه ضرير البصر) أي مكفوف البصر لا يراك، سمي الأعمى ضريرًا لأنه به ضرر ذهاب البصر (تلقي ثوبك) وتضعي خمارك (عنده) فلا يراك، قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ (تلقي) وهي لغة صحيحة، والمشهور تلقين بالنون أصله تلقيين لأنه مرفوع بثبات النون
فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَآذِنِينِي" قَالتْ: فَخَطَبَنِي خُطَّابٌ. مِنْهُمْ مُعَاويةُ وَأَبُو الْجَهْمِ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مُعَاويةَ تَرِبٌ خَفِيفُ الْحَالِ. وَأَبُو الْجَهْمِ مِنْهُ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ. (أَوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ، أَوْ نَحْوَ هذَا) وَلكِنْ عَلَيكِ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ".
3595 -
(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ. قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. فَسَأَلْنَاهَا فَقَالتْ:
ــ
(فإذا انقضت عدتك) وكملت (فآذنيني) أي فأخبريني بانقضاء عدتك (قالت) فاطمة فانقضت عدتي (فخطبني خطّاب) كثير (منهم معاوية) بن أبي سفيان (وأبو الجهم) بن حذيفة فأخبرته صلى الله عليه وسلم خبر ما جرى لي من انقضاء العدة وخطبة الخطّاب لي (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن معاوية ترب) بفتح التاء وكسر الراء أي فقير (خفيف الحال) أي خفيف اليد من المال كأنه لا شيء عنده إلا التراب فلا يصلح لك (وأبو الجهم منه شدة) أي تشديد (على النساء) بكثرة ضربهن (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو فاطمة بنت قيس وأبو الجهم (يضرب النساء) كثيرًا (أو) قال (نحو هذا) أي مثل هذا المذكور من الألفاظ كقوله فرجل ضراب النساء، والشك من فاطمة فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم أو ممن دونها فيما قالته (ولكن عليك) أي الزمي أو تزوَّجي (بأسامة بن زيد) بن حارثة فإن فيه خيرًا ولك فيه خير والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث فاطمة بنت قيس سابع عشرها رضي الله تعالى عنها فقال:
3595 -
(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام (أخبرنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد بن الضحاك الشيباني البصري، ثقة، من (9)(حدثنا سفيان) بن سعيد (الثوري) الكوفي، ثقة حجة، من (7) (حدثني أبو بكر) بن عبد الله (بن أبي الجهم) صخير العدوي الكوفي (قال) أبو بكر بن عبد الله:(دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (على فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي عاصم لعبد الرحمن بن مهدي، قال أبو بكر:(فسألناها) عن قصة ما جرى بينها وبين زوجها الذي طلقها (فقالت) لنا فاطمة:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ نَجْرَانَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْو حَدِيثِ ابْنِ مَهْدِيٍّ. وَزَادَ: قَالتْ: فَتَزَوَّجْتُهُ فَشّرَّفَنِي الله بِأبِي زيدٍ. وَكَرَّمَنِي الله بِأبي زَيدٍ.
3569 -
(00)(00) وحدّثنا عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ. قَال: دَخَلْتُ أَنا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ، زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيرِ. فَحَدَّثَتْنَا؛ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلاقًا بَاتًّا. بِنَحْو حَدِيثِ سُفْيَانَ
ــ
(كنت) أنا (عند أبي عمرو) عبد الحميد (بن حفص بن المغيرة) المخزومي وهو ابن عم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي (فخرج) أبو عمرو زوجي إلى اليمن (في غزوة نجران) بلدة معروفة في اليمن مع علي بن أبي طالب (وساق) أي ذكر أبو عاصم (الحديث) السابق (بنحو حديث) عبد الرحمن (بن مهدي و) لكن (زاد) أبو عاصم على عبد الرحمن لفظة (قالت) فاطمة (فتزوجته) أي نكحت أسامة بن زيد (فشرفني الله) تعالى أي جعلني الله تعالى شريفة محترمة عند الناس (بأبي زيد) أي بتزوجي أبا زيد وهو كنية أسامة بن زيد (وكرمني الله بأبي زيد) أي جعلني مكرمة معظمة عنده تعالى بتزوجي أبا زيد لأن فيه طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ بأبي زيد في الموضعين لأن أسامة كنيته أبو زيد، وفي بعضها بابن زيد بالنون في الموضعين، وادعى القاضي أنها رواية الأكثرين وكلاهما صحيح لأنه هو أسامة بن زيد، وكنيته أبو زيد ويقال أبو محمد اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث فاطمة بنت قيس ثامن عشرها رضي الله تعالى عنها فقال:
3569 -
(00)(00)(وحدثنا عبيد الله بن معاذ) التميمي (العنبري) البصري، ثقة، من (10)(حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري، ثقة، من (9) (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (حدثني أبو بكر) بن أبي الجهم الكوفي (قال) أبو بكر:(دخلت أنا وأبو سلمة) بن عبد الرحمن (على فاطمة بنت قيس زمن) إمرة عبد الله (بن الزبير فحدثتنا) فاطمة (أن زوجها طلقها طلاقًا باتًا) أي قاطعًا العلقة من بين الزوجين بحيث لا تحل له إلا بمحلل، وساق شعبة (بنحو حديث سفيان) الثوري، غرضه بيان متابعة شعبة لسفيان الثوري.
3597 -
(00)(00) وحدّثني حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. قَالتْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلاثًا. فَلَمْ يَجْعَلْ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً.
3598 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي. قَال: تَزَوَّجَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسع عشرها في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها فقال:
3597 -
(00)(00)(وحدثني حسن بن علي) بن محمد (الحلواني) المكي، ثقة، من (11)(حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا حسن بن صالح) بن صالح بن مسلم بن حيان -ولقبه حيّ- ابن شُفي الهمداني الكوفي، ثقة، من (7)(عن السدي) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة أبي محمد الكوفي، نسبة إلى سدة مسجد الكوفة كان يبيع بها المقانع والسدة الباب والمقانع ما تلف به المرأة على رأسها، صدوق، من (4) مات سنة (177) سبع وسبعين ومائة (عن البهي) عبد الله بن يسار مولى مصعب بن الزبير أبي محمد المدني، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: صدوق يخطئ، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها، وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة البهي لمن روى عن فاطمة بنت قيس (قالت) فاطمة:(طلقني زوجي ثلاثًا فلم يجعل في رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى العشرين من المتابعة في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها فقال:
3598 -
(00)(00)(وحدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن هشام) بن عروة (حدثني أبي) عروة بن الزبير (قال) عروة: (تزوج يحيى بن سعيد بن العاص) الأموي الكوفي المعروف بالأشدق، وكان أبوه سعيد أمير المدينة لمعاوية وهو أخو عمرو بن سعيد، ثقة، من (3)
بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَكَمِ. فَطَلَّقَهَا فَأَخْرَجَهَا منْ عِنْدِهِ. فَعَابَ ذلِكَ عَلَيهِم عُرْوَةُ. فَقَالُوا: إِنَّ فَاطِمَةَ قَدْ خَرَجَتْ. قَال عُرْوَةُ: فَأتَيتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا بِذلِكَ فَقَالتْ: مَا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ خَيرٌ فِي أَنْ تَذْكُرَ هذَا الْحَدِيثَ
ــ
(بنت عبد الرحمن بن الحكم) بن العاص الأموي، اسمها عمرة، وعبد الرحمن هذا هو أخو مروان بن الحكم بن العاص، ومروان إذ ذاك أمير المدينة (فطلقها) يحيى بن سعيد (فأخرجها من عنده) أي من سكنه (فعاب ذلك) أي إخراجها من مسكنها (عليهم) أي على يحيى ومن معه أي على الأمويين (عروة) بن الزبير أي عاب عليهم عروة بن الزبير إخراجهم إياها من عندهم (فقالوا) أي قال الأمويون يعني يحيى بن سعيد ومن معه؛ أي قالوا اعتذارًا له عن فعلهم (إن فاطمة) بنت قيس (قد خرجت) من مسكنها حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص، وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد ومن معه لمن روى عن فاطمة بنت قيس.
قوله: (فأخرجها من عنده) وفي رواية البخاري فانتقلها عبد الرحمن فأرسلت عائشة إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة: اتق الله وارددها إلى بيتها، قال مروان في حديث سليمان إن عبد الرحمن بن الحكم غلبني فالظاهر من رواية البخاري أن الذي أخرجها هو أبوها دون زوجها، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن زوجها أخرجها في مبدإ الأمر ثم أمسكها أبوها ولم يرض بأن يردها بعد إخراجها والله سبحانه وتعالى أعلم (قال عروة) بن الزبير:(فأتيت عائشة) رضي الله تعالى عنها (فأخبرتها بذلك) الذي ذكروه لي من استدلالهم بحديث فاطمة بنت قيس في إخراجها أي أخبرت عائشة بالذي جرى بيني وبينهم واعتذارهم عن أفعالهم (فقالت) عائشة: (ما لفاطمة بنت قيس خير) أي أجر (في أن تذكر هذا الحديث) للناس لأنهم يستدلون به في إخراجهم المبتوتة من سكنها الذي طلقت فيه قبل انقضاء عدتها وهو خلاف نص القرآن حيث قال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} تعني عائشة أن فاطمة تذكر هذا الحديث بما يوهم أن حكم عدم النفقة والسكنى عام لسائر المبتوتات مع أنه كان خاصًّا بها لأنها انتقلت من بيت زوجها لعذر الوحشة أو لاستطالة لسانها وإنما مُنعت من النفقة لعدم الاحتباس ولكنها لا تذكر هذه الأعذار وتعمم الحديث، وقد أخرج البيهقي في كتاب العدد [7/ 433] أن عائشة كانت تقول لها:(اتق الله يا فاطمة فقد علمت في أي شيء كان ذلك) اهـ من التكملة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الحادي والعشرين من المتابعة في حديثها فقال:
3599 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيسٍ. قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلاثًا. وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ. قَال: فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ.
3600 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالتْ: مَا لِفَاطِمَةَ خَيرٌ أَنْ تَذْكُرَ هذَا. قَال: تَعْنِي قَوْلَهَا: لَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ
ــ
3599 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8)(حدثنا هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن فاطمة بنت قيس) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عروة بن الزبير لمن روى عن فاطمة (قالت) فاطمة:(قلت: يا رسول الله زوجي طلقني ثلاثًا وأخاف أن يُقتحم عليّ) أي أن يهجم على بعض الظلمة من السراق والفساق (قال) عروة أو قالت هي على سبيل الالتفات (فأمرها) بالتحول (فتحولت) عن ذلك المسكن؛ أي أمرني بالتحول فتحولت.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الثاني والعشرين من المتابعة في حديثها فقال:
3600 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني، ثقة، من (4)(عن أبيه) القاسم بن محمد التيمي المدني، ثقة، من (3)(عن عائشة أنها قالت) حين أخبرها القاسم بن محمد الحديث الذي سمعه من فاطمة بنت قيس، وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة القاسم لمن روى هذا الحديث عن فاطمة بنت قيس (ما لفاطمة) بنت قيس (خير) في (أن تدكر) وتحدث (هذا) الحديث للناس (قال) القاسم:(تعني) عائشة بقولها أن تذكر هذا (قولها) أي قول فاطمة (لا سكنى ولا نفقة) للمطلقة ثلاثًا.
قال القرطبي: ولا يلتفت إلى فهم من فهم من قول عائشة هذا نقصًا في حق فاطمة ولا تكذيبًا من عائشة لها وإنما أنكرت عليها قولها: (لا سكنى لها ولا نفقة) كما نص عليه الراوي ويظهر من إنكار عائشة أنها ترى لها السكنى والنفقة كما رآه عمر تمسكًا
3601 -
(00)(00) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: قَال عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَي إِلَى فُلانةَ بِنْتِ الْحَكَمِ؟ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ألْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ. فَقَالتْ: بِئسَمَا صَنَعتْ. فَقَال: أَلَمْ تَسْمَعِي إِلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ فَقَالتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا خَيرَ لَهَا فِي ذِكْرِ ذلِكَ
ــ
منها بما تمسك هو به والله أعلم، ويحتمل أنها أنكرت قولها لا سكنى فقط والظاهر الأول ويغفر الله تعالى لسعيد بن المسيب ما وقع فيه حيث قال في هذه الصحابية المختارة: تلك امرأة فتنت الناس إنها كانت لسنة فوضعت على يد ابن أم مكتوم، ورُوي عنه أيضًا أنه قال: تلك امرأة استطالت على أحمائها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقل، فلقد أفحش في القول واغتابها ولا بد لها معه من موقف بين يدي الله تعالى اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الثالث والعشرين من المتابعة في حديث فاطمة رضي الله تعالى عنها فقال:
3601 -
(00)(00)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام التميمي النيسابوري، ثقة، من (11)(أخبرنا عبد الرحمن) بن مهدي الأزدي البصري (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد (قال) القاسم (قال عروة بن الزبير لعائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لشعبة بن الحجاج في الرواية عن عبد الرحمن (ألم تري) يا أم المؤمنين وتنظري (إلى فلانة بنت الحكم) أي إلى عمرة بنت عبد الرحمن بن الحكم بن العاص نسبها إلى جدها وإلا فاسم أبيها عبد الرحمن بن الحكم كما مر (طلقها زوجها) يحيى بن سعيد بن العاص طلاقًا (ألبتة) أي بائنًا (فخرجت) عمرة من مسكنها الذي طُلقت فيه بإخراج زوجها لها (فقالت) عائشة (بئسما صنعت) عمرة من خروجها من مسكنها قبل انقضاء العدة أي بئس خروجها وقبح شرعًا وعقلًا (فقال) عروة لعائشة:(ألم تسمعي) يا أم المؤمنين (إلى قول فاطمة) بنت قيس، وهو ذكرها الخروج والانتقال من المنزل الذي طلقت فيه (فقالت) عائشة: نعم سمعته وضعها (أما) أي انتبهوا (إنه) أي إن الشأن والحال (لا خير لها) أي لفاطمة (في ذكر ذلك) الحديث للناس على جهة التعميم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث فاطمة بنت قيس وذكر فيه ثلاثًا وعشرين متابعة.
(فائدة): قال النووي رحمه الله تعالى: واعلم أن في حديث فاطمة بنت قيس فوائد كثيرة: إحداها: جواز طلاق الغائب، والثانية: جواز التوكيل في الحقوق في القبض والدفع، الثالثة: لا نفقة للبائن وقالت طائفة: لا نفقة ولا سكنى، الرابعة: جواز سماع كلام الأجنبية والأجنبي في الاستفتاء ونحوه، الخامسة: جواز الخروج من منزل العدة للحاجة، السادسة: استحباب زيارة النساء الصالحات للرجال بحيث لا تقع خلوة محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم في أم شريك: "تلك امرأة يغشاها أصحابي"، السابعة: جواز التعريض لخطبة المعتدة البائن بالثلاث، الثامنة: جواز الخطبة على خطبة غيره إذا لم يحصل للأول إجابة لأنها أخبرته أن معاوية وأبا الجهم وغيرهما خطبوها، والتاسعة: جواز ذكر الغائب بما فيه من العيوب التي يكرهها إذا كان للنصيحة ولا يكون حينئذٍ غيبة محرمة، العاشرة: جواز استعمال المجاز لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يضع العصا عن عاتقه ولا مال له"، الحادية عشر: استحباب إرشاد الإنسان إلى مصلحته وإن كرهها وتكرار ذلك عليه لقولها قال: "انكحي أسامة" فكرهته ثم قال: "انكحي أسامة" فنكحت، الثانية عشر: قبول نصيحة أهل الفضل والانقياد إلى إشارتهم وأن عاقبتها محمودة، الثالثة عشر: جواز نكاح غير الكفء إذا رضيت به الزوجة والولي لأن فاطمة قرشية وأسامة مولى، الرابعة عشر: الحرص على مصاحبة أهل التقوى والفضل وإن دنت أنسابهم، الخامسة عشر: جواز إنكار المفتي على مفت آخر خالف النص أو عمم ما هو خاص لأن عائشة أنكرت على فاطمة بنت قيس تعميمها أن لا سكنى للمبتوتة وإنما كان انتقال فاطمة من مسكنها لعذر من خوف اقتحام الفسقة عليها أو لبذاءتها أو نحو ذلك، السادسة عشر: استحباب ضيافة الزائر وإكرامه بطيب الطعام والشراب سواء كان المضيف رجلًا أو امرأة اهـ منه والله أعلم.
***