المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌554 - (40) باب إذا وجد رجل على امرأته رجلا لا يقتله بل يشهد عليه أربعة شهداء إن أمكن وإلا لاعن - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌534 - (20) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها ونَشْرِ أحدِهما سِرَّ الآخر وبيان حكم العزل

- ‌535 - (21) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع وذكر الغيلة وهو وطء المرضع وكراهة العزل

- ‌ أبواب الرضاع

- ‌536 - (22) باب تحرم الرضاعة ما تحرمه الولادة وتحريمها من قبل الفحل وتحريم بنت الأخ من الرضاعة

- ‌537 - (23) باب تحريم أخت المرأة والربيبة ولا تحرم المصة والمصتان ونسخ عشر رضعات بخمس

- ‌538 - (24) باب رضاعة الكبير، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الرضاعة من المجاعة

- ‌539 - (25) باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وأن الولد للفراش وقبول قول القافة في الولد

- ‌540 - (26) باب قدر المقام عند البكر أو الثيب والقسم بين الزوجات وجواز هبة المرأة نوبتها لضرتها

- ‌541 - (27) باب الحث على نكاح ذات الدين ونكاح البكر

- ‌542 - (28) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة ومداراة النساء وخيانتهن الأزواج

- ‌فائدة في الصفات المطلوبة في الزوجة

- ‌ كتاب الطلاق

- ‌543 - (29) باب في طلاق السنة

- ‌544 - (30) باب إمضاء الطلاق الثلاث ووجوب الكفارة في تحريم ما أحل الله له من امرأة وغيرها ولم يقصد طلاقها

- ‌545 - (31) باب بيان أن تخيير الرجل امرأته لا يكون طلاقًا لا بالنية

- ‌تتمة ذكر من اختارت نفسها

- ‌546 - (32) باب إيلاء الرجل من نسائه وتأديبهن باعتزالهن مدة

- ‌فائدتان

- ‌547 - (33) باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ولا سكنى

- ‌مسألة النفقة والسكنى للمبتوتة

- ‌548 - (34) باب جواز خروج المعتدة في النهار لقضاء حاجتها وانقضاء العدة بوضع الحمل

- ‌549 - (35) باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك فوق ثلاثة أيام

- ‌ أبواب اللعان

- ‌550 - (36) باب بيان سببه

- ‌551 - (37) باب بيان كيفية اللعان ووعظ المتلاعنين

- ‌552 - (38) باب ما يتبع اللعان من الأحكام إذا كمل من التفريق وإلحاق الولد بالمرأة

- ‌553 - (39) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في اللعان بقوله: اللهم افتح، وبيان أول من لاعن وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدًا بغير بينة لرجمت هذه

- ‌554 - (40) باب إذا وجد رجل على امرأته رجلًا لا يقتله بل يشهد عليه أربعة شهداء إن أمكن وإلا لاعن

- ‌555 - (41) باب لا ينتفي الولد بمخالفة لون أبيه

- ‌ أبواب العتق

- ‌556 - (42) باب فيمن أعتق شركًا له في عبد وذكر الاستسعاء

- ‌557 - (43) باب إنما الولاء لمن أعتق

- ‌558 - (44) باب كان في بريرة ثلاث سنن

- ‌559 - (45) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وإثم من تولى غير مواليه

- ‌560 - (46) باب ما جاء في فضل عتق الرقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

الفصل: ‌554 - (40) باب إذا وجد رجل على امرأته رجلا لا يقتله بل يشهد عليه أربعة شهداء إن أمكن وإلا لاعن

‌554 - (40) باب إذا وجد رجل على امرأته رجلًا لا يقتله بل يشهد عليه أربعة شهداء إن أمكن وإلا لاعن

3640 -

(1424)(184) حدَّثنا قُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ) عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيَّ قَال: يَا رَسُولَ الله! أَرَأَيتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا" قَال سَعْدٌ: بَلَى، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ!

ــ

554 -

(40) باب إذا وجد رجل على امرأته رجلًا لا يقتله بل يشهد عليه أربعة شهداء إن أمكن وإلا لاعن

3640 -

(1424)(184)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد الجهني أبو محمد (يعني الدراوردي) المدني، صدوق، من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح السمان (عن أبيه) أبي صالح الزيات ذكوان المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد (أن سعد بن عبادة الأنصاري) الخزرجي الصحابي المشهور رضي الله عنه سيد بني خزرج، وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له في المشاهد كلها رايتان راية المهاجرين مع علي، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، وكان من الأسخياء المعروفين بسخائهم، وعن محمد بن سيرين: كان سعد بن عبادة يعشي كل ليلة ثمانين من أهل الصفة وروى الدارقطني في كتاب الأسخياء: عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان منادي سعد ينادي على أطمه من كان يريد شحمًا ولحمًا فليأت سعدًا، وقصته في تخلفه عن بيعة أبي بكر مشهورة، وخرج إلى الشام فمات بحوران سنة خمس عشرة (15) كذا في الإصابة.

(قال: يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (الرجل يجد مع امرأته رجلًا) يزني بها (أيقتله) عليها أم يتركه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا) يقتله (قال سعد) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى) يقتله يا رسول الله (والذي كرمك بالحق) أي أقسمت لك بالإله الذي أكرمك وشرفك ببعثك بالحق والشريعة القديمة، قال الخطابي في معالم السنن [6/ 332] ويمكن أن تكون مراجعة سعد للنبي صلى الله عليه وسلم طمعًا في الرخصة لا ردًّا لقوله صلى الله عليه وسلم فلما أبي ذلك رسول الله صلى الله

ص: 352

فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ".

3641 -

(00)(00) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسى. حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ

ــ

عليه وسلم وأنكر عليه قوله سكت سعد وانقاد، ومما يدل على ذلك ما أسلفنا من رواية ابن عباس عند أحمد، وفيها فقال سعد: والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله تعالى ولكني تعجبت الخ.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا إلى ما يقول سيدكم) عدى السمع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء أي اسمعوه مصغين إلى قوله، ولعل الحاضرين كانوا خزارجة وكان سعد وجيهًا في الأنصار ذا رياسة وسيادة كما في أسد الغابة، قال ملا علي: وفي ذكر السيد هنا إشارة إلى أن الغيرة من شيمة كرام الناس وساداتهم اهـ وفيه أيضًا إشارة إلى أن سعد بن عبادة إنما يقول هذا من غيرته المحمودة التي جبل عليها ولا يقصد بذلك مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى الحديث تعجبوا من قول سيدكم اهـ نواوي، قال ابن الأنباري: السيد الذي يفوق قومه في الفخر (قلت) وذلك لا يكون حتى يجتمع له من خصال الشرف والفضائل والكمال ما يبرز بها عليهم ويتقدمهم بسببها وهو أيضًا الحليم وهو أيضًا الحسن الخلق وهو أيضًا الرئيس كما قال الشاعر:

فإن كنت سيدنا سدتنا

وإن كنت للخال فاذهب فخل

وأنشد ابن قتيبة:

نحن قتلنا سيد الـ

ـخزرج سعد بن عباده

ورميناه بس هـ

ـمين فلم نخطئ فؤاده

اهـ من الأبي والمفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [4532 - 4533].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3641 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثني إسحاق بن عيسى) بن نجيح البغدادي، صدوق، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا مالك) بن أنس (عن سهيل) بن أبي صالح (عن أبيه عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة مالك لعبد العزيز الدراوردي (أن سعد بن عبادة

ص: 353

قَال: يَا رَسُولَ الله! إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَال:"نَعَمْ".

3642 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخلَدٍ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ بِلالٍ. حَدَّثَنِي سُهَيلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ الله! لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا، لَمْ أَمَسَّهُ حَتى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ" قَال: كَلَّا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! إِنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بِالسَّيفِ قَبْلَ ذلِكَ. قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا

ــ

قال: يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلًا) يزني بها (أأمهله) أي هل أتركه وأنظره (حتى آتي) أنا (بأربعة شهداء) يشهدون عليه بالزنا أم أقتله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) تمهله وتتركه حتى تحضر أربعة شهود يشهدون عليه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيه المتابعة ثانيًا فقال:

3642 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد) البجلي مولاهم أبو الهيثم الكوفي، صدوق، من (10) روى عنه في (9) أبواب (عن سليمان بن بلال) التيمي مولاهم أبي محمد المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة سليمان بن بلال لمالك وعبد العزيز (قال) أبو هريرة:(قال سعد بن عبادة: يا رسول الله لو وجدت مع أهلي) وامرأتي (رجلًا) يزني بها (لم أمسه) بالضرب ولا بالقتل بحذف همزة الاستفهام الاستبعادي أي لم أضربه ولم أقتله (حتى آتي) أي أجيء (بأربعة شهداء) اهـ مرقاة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم) لا تمسه بضرب ولا قتل (قال) سعد بن عبادة: (كلا) حرف ردع وزجر أي ارتدع وانزجر يا رسول الله عن قولك نعم (والذي) أي أقسمت لك بالإله الذي (بعثك بالحق إن كنت) إن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير للشأن (لأعاجله) أي لآخذه عجلة (بالسيف) انتقامًا منه (قبل ذلك) أي قبل إحضار الشهود، واللام في قوله لأعاجله هي الفارقة اهـ مرقاة، وفي المبارق وقول سعد كلا ليس برد لقول النبي صلى الله عليه وسلم بل كان إخبارًا عن صفته في تلك الحالة أو طمعًا بالرخصة في قتله اهـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا) يا

ص: 354

إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ. إِنَّهُ لَغَيُورٌ. وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي".

3643 -

(1425)(185) حدّثني عُبَيدُ الله بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ فُضَيلُ بْنُ حُسَين

ــ

معاشر الخزارجة (إلى ما يقول سيدكم) ورئيسكم من قوله إن كنت لأعالجه بالسيف قبل ذلك (إنه) أي إن سيدكم (لغيور) بفتح الغين المعجمة وضم الياء المخففة أي شديد الغيرة (وأنا أغير منه) أي أشد غيرة من سيدكم (والله) سبحانه وتعالى (أغير) أي أشد غيرة (مني) والغيرة في حقنا هيجان وانزعاج يجده الإنسان من نفسه يحمله على صيانة الحرم ومنعهم من الفواحش ومقدماتها، والله تعالى منزه عن مثل ذلك الهيجان فإنه تغير يدل على الحدوث فإذا أُطلقت لفظ الغيرة على الله تعالى فإنما معناه أنه تعالى منع من الإقدام على الفواحش بما توعد عليها من العقاب والزجر والذم وبما نصب عليها من الحدود، وقد دل على صحة هذا قوله في حديث آخر:(وغيرة الله أن لا يأتي المؤمن ما حرمه الله عليه) رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي اهـ من المفهم.

والقول الأعلم الأسلم مذهب السلف وهو أن غيرة الله عندهم صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها أثرها منع الله تعالى عن حرماته.

وفي بعض الهوامش قوله صلى الله عليه وسلم: (إنه لغيور) فيه اعتذار منه صلى الله عليه وسلم لسعد وأن ما قاله سعد قاله لغيرته اهـ ملا علي. والغيرة بفتح الغين أصلها المنع، والرجل غيور على أهله أي يمنعهم من التعلق بأجنبي أو حديث أو غيره اهـ نووي. وفي المبارق هي كراهية شركة الغير في حقه والمراد بها ها هنا شدة المنع لأن الغائر على أهله مانع عنه عادة فالمنع من لوازم الغيرة اهـ وهي صفة كمال ولذلك أتبعه بقوله وأنا أغير منه والله أغير مني، وفي حديث مسلم كما في المشارق: المؤمن يغار والله أشد غيرًا اهـ لكن الغيرة في حق الناس يقارنها تغير حال الإنسان وانزعاجه وهذا مستحيل في غيرة الله تعالى اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنهما فقال:

3643 -

(1425)(185)(حدثني عبيد الله بن عمر) بن ميسرة الجشمي (القواريري) أبو شعيب البصري، ثقة، من (10)(وأبو كامل) البصري (فضيل بن حسين

ص: 355

الْجَحْدَرِيُّ (وَاللَّفْظُ لأبِي كَامِلٍ) قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنْ وَرَّادٍ (كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ)، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قَال: قَال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيفِ غَيرَ مُصْفَحٍ عَنْهُ. فَبَلَغَ ذلِكَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَال: "أتعْجَبُونَ مِنْ غَيرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللهِ، لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ. وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي

ــ

الجحدري واللفظ) الآتي (لأبي كامل قالا): أي قال كل منهما (حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن عبد الملك بن عمير) الفرسي اللخمي أبي عمر الكوفي، ثقة، من (3)(عن وراد) الثقفي أبي سعيد الكوفي (كاتب المغيرة) بن شعبة ومولاه، ثقة، من (3)(عن المغيرة بن شعبة) بن أبي عامر بن مسعود الثقفي أبي محمد الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد واسطي وواحد بصري، وفيه رواية تابعي عن تابعي (قال) المغيرة:(قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلًا على امرأتي) امرأة سعد بن عبادة هي فُكيهة بنت عبيد بن دليم بن حارثة اهـ من تنبيه المعلم (لضربته بالسيف غير مصفح) بفتح الفاء حال من السيف أي حالة كون السيف غير مصفح (عنه) أي غير ممال عنه على صفحه وجانبه بل أضربه بحده لا بعرضه كمن يريد قتله، وبكسرها حال من الضارب أي حالة كوني غير مميل عنه السيف على صفحه وجانبه بل أضربه بحده كما يريد قتله يعني غير ضارب بصفح السيف وهو عرضه وجانبه والذي يضرب بحد السيف يقصد القتل بخلاف الذي يضرب بالصفح فإنه يقصد التأديب، وأما قوله:(عنه) فلم يثبت في رواية البخاري وأحمد والدارمي، وقد نبه مسلم أيضًا في الرواية الآتية على كونه ساقطًا، وادعى ابن الجوزي أنه وهم من أحد الرواة وكان راويًا من الرواة ظن أنه من الصفح بمعنى العفو فأتى له بصلة عن، والأمر ليس كما ظن هو فإنما هو من صفح السيف حكاه الحافظ عن ابن الجوزي في الفتح، في باب الغيرة من كتاب النكاح اهـ تكملة.

(فبلغ ذلك) الذي قاله سعد من القول المذكور آنفًا (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم إعذارًا له من غيرته (أتعجبون من غيرة سعد فوالله لأنا أغير منه والله أغير مني) قال القاضي عياض وغيره في تفسيره الغيرة: هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما يكون ذلك بين

ص: 356

مِنْ أَجْلِ غَيرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ. وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ. وَلَا شَخْصَ أَحَبَّ إِلَيهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ"

ــ

الزوجين، ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغير حال فاعل ذلك، وقال ابن العربي: التغير محال على الله بالدلالة القطعية فيجب تأويله بلازمه كالوعيد أو إيقاع العقوبة بالفاعل، ومن أشرف وجوه غيرته تعالى اختصاصه قومًا بعصمته يعني فمن ادعى شيئًا من ذلك لنفسه عاقبه، وأشد الآدميين غيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يغار لله ولدينه ولهذا كان لا ينتقم لنفسه، هذا ملخص ما في فتح الباري في باب الغيرة من كتاب النكاح.

(قلت): والمذهب الأسلم الأعلم مذهب السلف من إجراء صفات الله تعالى على ظاهرها من غير تأويل كما ذكرنا آنفًا هـ من الفهم السقيم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أجل) شدة (غيرة الله) سبحانه وتعالى (حرم الفواحش) والمعاصي (ما ظهر منها) كالموبقات السبع (وما بطن) كالأدواء القلبية من العجب والكبر والحسد والرياء والسمعة إلى غير ذلك تفسير لغيرة الله تعالى بمعنى أنه منع الناس من المحرمات ورتب عليها العقوبات، وإلا فالغيرة تغير يعتري الإنسان عند رؤية ما يكرهه على الأهل وهو على الله سبحانه محال أفاده النووي. وفي المشارق عن ابن مسعود:(ولا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش)(ولا شخص أغير من الله) تعالى، والشخص في الحقيقة جرم الإنسان والشخص بهذا التفسير محال على الله سبحانه فالمراد لا أحد كذا حققه الأبي. (قلت) والتعبير به للتفنن (ولا شخص أحب إليه العذر) أي الإعذار أي قطع الاعتذار عمن أراده (من الله) سبحانه وتعالى (من أجل ذلك) أي من أجل قطع الاعتذار إليه عن المكلفين (بعث الله المرسلين مبشرين) لمن آمن بالجنة (ومنذرين) لمن كفر بالنار؛ يعني أنه سبحانه وتعالى مع شدة غيرته يحب أن لا يعذب أحدًا حتى يعذره ولذلك بعث الأنبياء والمرسلين (ولا شخص أحب إليه المدحة) أي المدح فالمدحة إذا ثبتت الهاء كسرت الميم وإذا حذفت فتحت، والمدح هو الثناء على الله تعالى بذكر أوصاف الكمال والإفضال (من الله) تعالى يعني أنه تعالى وعد الجنة ورغب فيها ليكثر الناس مدحه ويسألوه إياها (من أجل ذلك وعد الله الجنة).

ص: 357

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: (ولا شخص أغير من الله) ولفظ البخاري في حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق (لا شيء أغير من الله) قال ابن الملك في شرح حديث ابن مسعود: قوله: (أغير) بالرفع على أنه خبر لا، ويجوز أن يكون صفة أحد، والخبر محذوف اهـ تقديره موجود، ونحوه فيكون إعراب أغير النصب تبعًا لمحل اسم لا، وذكر ملا علي عن الطيبي أن لا هنا بمعنى ليس وقد ذكر الاسم والخبر جميعًا وكأن النحويين غفلوا عن هذا الحديث فيقرأ شخص مرفوعًا وأغير منصوبًا، وكذا الكلام في قوله:(ولا شخص أحب إليه العذر من الله) قال النووي: والشخص مستعار من أحد، والعذر بمعنى الإعذار اهـ أي إزالة العذر وقطعها وهو فاعل لأحب والمسألة كحيلة، قوله:(المدحة) بكسر الميم وهو المدح بفتحها كما مر، ومعنى قوله:(من أجل ذلك وعد الله الجنة) أي من سبب حبه للمدح وعد عليه الجنة ليمدحوه أي إنه لما وعدها ورغب فيها كثر سؤال العباد إياها منه والثناء عليه اهـ نووي. واعلم أن هذه المحبة في الحقيقة لمصلحة عباده لأنهم يثبتون عليه فيثيبهم فينتفعون به لا أن في مدحه نفعًا عائدًا إليه تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا اهـ مبارق.

قال القرطبي: قال بعض أهل المعاني: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا أحد أغير من الله ولا أحد أحب إليه العذر من الله) ليكون منبهًا لسعد ورادعًا له من الإقدام على قتل من وجده مع امرأته فكأنه قال إذا كان الله تعالى مع شدة غيرته يحب الإعذار ولم يؤاخذ أحدًا إلا بعد إنهاء الإعذار فكيف تقدم على قتل من وجدته على تلك الحال، وإنما ذكر المدح مقرونًا مع ذكر الغيرة والإعذار تنبيهًا لسعد على أن لا يعمل غيرته ولا يعجل بمقتضاها بل يتأنى ويترفق ويتثبت حتى يحصل على وجه الصواب من ذلك، وعلى كمال الثناء والمدح بالتأني والرفق والصبر وإيثار الحق وقمع النفس عند هيجانها وغلبتها عند منازلتها، وهذا نحو من قوله صلى الله عليه وسلم:(ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه أحمد والبخاري ومسلم والله تعالى أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 248]، والبخاري [7416].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

ص: 358

3644 -

(00)(00) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُميرٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَقَال: غَيرَ مُصْفَحٍ. وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُ

ــ

3644 -

(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي) بن الوليد الجعفي الكوفي، ثقة، من (9)(عن زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الكوفي، ثقة، من (3)(بهذا الإسناد) يعني عن وراد عن مغيرة (مثله) أي مثل ما روى أبو عوانة عن عبد الملك (و) لكن (قال) زائدة (غير مصفح) فقط (ولم يقل) زائدة لفظة (عنه) فأشار بإسقاطها إلى أن ذكرها وهم من بعض الرواة كما تقدم البحث عنها، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة زائدة لأبي عوانة في الرواية عن عبد الملك بن عمير.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان: الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني: حديث مغيرة بن شعبة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة.

* * *

ص: 359