المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌548 - (34) باب جواز خروج المعتدة في النهار لقضاء حاجتها وانقضاء العدة بوضع الحمل - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٦

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌534 - (20) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها ونَشْرِ أحدِهما سِرَّ الآخر وبيان حكم العزل

- ‌535 - (21) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع وذكر الغيلة وهو وطء المرضع وكراهة العزل

- ‌ أبواب الرضاع

- ‌536 - (22) باب تحرم الرضاعة ما تحرمه الولادة وتحريمها من قبل الفحل وتحريم بنت الأخ من الرضاعة

- ‌537 - (23) باب تحريم أخت المرأة والربيبة ولا تحرم المصة والمصتان ونسخ عشر رضعات بخمس

- ‌538 - (24) باب رضاعة الكبير، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الرضاعة من المجاعة

- ‌539 - (25) باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وأن الولد للفراش وقبول قول القافة في الولد

- ‌540 - (26) باب قدر المقام عند البكر أو الثيب والقسم بين الزوجات وجواز هبة المرأة نوبتها لضرتها

- ‌541 - (27) باب الحث على نكاح ذات الدين ونكاح البكر

- ‌542 - (28) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة ومداراة النساء وخيانتهن الأزواج

- ‌فائدة في الصفات المطلوبة في الزوجة

- ‌ كتاب الطلاق

- ‌543 - (29) باب في طلاق السنة

- ‌544 - (30) باب إمضاء الطلاق الثلاث ووجوب الكفارة في تحريم ما أحل الله له من امرأة وغيرها ولم يقصد طلاقها

- ‌545 - (31) باب بيان أن تخيير الرجل امرأته لا يكون طلاقًا لا بالنية

- ‌تتمة ذكر من اختارت نفسها

- ‌546 - (32) باب إيلاء الرجل من نسائه وتأديبهن باعتزالهن مدة

- ‌فائدتان

- ‌547 - (33) باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها ولا سكنى

- ‌مسألة النفقة والسكنى للمبتوتة

- ‌548 - (34) باب جواز خروج المعتدة في النهار لقضاء حاجتها وانقضاء العدة بوضع الحمل

- ‌549 - (35) باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك فوق ثلاثة أيام

- ‌ أبواب اللعان

- ‌550 - (36) باب بيان سببه

- ‌551 - (37) باب بيان كيفية اللعان ووعظ المتلاعنين

- ‌552 - (38) باب ما يتبع اللعان من الأحكام إذا كمل من التفريق وإلحاق الولد بالمرأة

- ‌553 - (39) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في اللعان بقوله: اللهم افتح، وبيان أول من لاعن وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدًا بغير بينة لرجمت هذه

- ‌554 - (40) باب إذا وجد رجل على امرأته رجلًا لا يقتله بل يشهد عليه أربعة شهداء إن أمكن وإلا لاعن

- ‌555 - (41) باب لا ينتفي الولد بمخالفة لون أبيه

- ‌ أبواب العتق

- ‌556 - (42) باب فيمن أعتق شركًا له في عبد وذكر الاستسعاء

- ‌557 - (43) باب إنما الولاء لمن أعتق

- ‌558 - (44) باب كان في بريرة ثلاث سنن

- ‌559 - (45) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وإثم من تولى غير مواليه

- ‌560 - (46) باب ما جاء في فضل عتق الرقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

الفصل: ‌548 - (34) باب جواز خروج المعتدة في النهار لقضاء حاجتها وانقضاء العدة بوضع الحمل

‌548 - (34) باب جواز خروج المعتدة في النهار لقضاء حاجتها وانقضاء العدة بوضع الحمل

3602 -

(1409)(169) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. ح وَحَدَّثَنِي هارُونُ بن عَبْدِ الله (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَال: قَال ابنُ جُرَيجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالتِي. فَأرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا. فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ. فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "بَلَى. فَجُدِّي نَخْلَكِ

ــ

548 -

(34) باب جواز خروج المعتدة في النهار لقضاء حاجتها وانقضاء العدة بوضع الحمل

3602 -

(1409)(169)(وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون) السمين البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي القطان البصري (عن ابن جريج ح وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا ابن جريج ح وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي (واللفظ) الآتي (له) أي لهارون (حدثنا حجاج بن محمد) البغدادي المصيصي (قال) حجاج بن محمد (قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير) المكي (أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما. وهذه الأسانيد كلها من خماسياته، حالة كون جابر (يقول: طُلّقت خالتي) قال الدميري: اسمها أسماء، وقال الحافظ في التلخيص: ذكرها أبو موسى في ذيل الصحابة في المبهمات كذا في بذل المجهود (فأرادت أن) تخرج و (تجد) أي تصرم وتقطع (نخلها) أي ثمرها، يقال: جد النخل يجد بالضم لأنه من المضاعف المعدى جدًّا وجدادًا بالفتح والكسر صرام النخل وهو قطع ثمرتها (فزجرها) أي منعها (رجل) لم أر من ذكر اسمه من (أن تخرج) من مسكنها، وإنما زجرها ظنًّا منه أنه لا يحل لها الخروج لكونها في العدة (فأتت النبي صلى الله عليه وسلم أي جاءته فأخبرته بحالها وضرورتها إلى جداد نخلها، فقالت له: ما يجوز لي أن أخرج لجداد نخلي (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى) يجوز لك (فـ) فاخرجي و (جدي نخلك) أي اصرمي واقطعي ثمرها، هذا لفظ مسلم وابن ماجه وأحمد، ولفظ أبي داود والدارمي: اخرجي فجدي نخلك،

ص: 292

فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا".

3603 -

(1410)(170) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ

ــ

قال القرطبي: وإباحته لها الخروج لجد نخلها دليل مالك والشافعي وأحمد والليث على قولهم إن المعتدة تخرج بالنهار في حوائجها وإنما تلزم منزلها بالليل وسواء عند مالك كانت رجعية أو بائنة، وقال الشافعي في الرجعية: لا تخرج ليلًا ولا نهارًا، وإنما تخرج نهارًا المبتوتة. وقال أبو حنيفة: ذلك في المتوفى عنها زوجها، وأما المطلقة فلا تخرج ليلًا ولا نهارًا، وقال الجمهور: بهذا الحديث إن الجداد بالنهار عرفًا وشرعًا أما العرف فهو عادة الناس في مثل ذلك الشغل، وأما الشرع فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن جداد الليل ولا يقال فيلزم من إطلاقه أن تخرج بالليل إذ قد يكون نخلها بعيدًا تحتاج إلى المبيت فيه لأنا نقول لا يلزم ذلك من هذا الحديث لأن نخلهم لم يكن الغالب عليها البعد من المدينة بحيث يحتاج إلى المبيت وإنما هي بحيث يخرج إليها ويرجع منها بالنهار.

وقوله: (فإنك عسى) أي يرجى (أن تصدّقي) منه (أو تفعلي معروفًا) ليس تعليلًا لإباحة الخروج إليها بالاتفاق، وإنما خرج هذا مخرج التنبيه لها والحض على فعل الخير والله أعلم اهـ من المفهم. ولفظ أبي داود والدارمي (لعلك أن تصدّقي منه) ولفظ أبي داود أيضًا وتفعلي خيرًا ولفظ الدارمي (أو تصنعي معروفًا) ولعل وجه الفرق بين الصدقة والمعروف أن يكون المراد من الصدقة الصدقة الواجبة، ومن المعروف صدقة التطوع، ويمكن الفرق بينهما بأن الصدقة ما يحتاج إلى التمليك والمعروف ما لا يحتاج إليه، وإنما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه كان يعلم أنها صاحبة خير عهد منها المعروف أو أجابها بما فيه إرشاد لها إلى الصدقة والتطوع ولا يخفى ما فيه من لطف وحكمة، وقال النووي: فيه استحباب الصدقة عند الجداد.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [1297]، والنسائي [6/ 209]، وابن ماجه [2034].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث سبيعة الأسلمية رضي الله تعالى عنها فقال:

3603 -

(1410)(170)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي

ص: 293

وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ)(قَال حَرْمَلَةُ: حَدَّثَنَا. وَقَال أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبِ) حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ. حَدَّثَنِي عُبَيدُ الله بْنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الله بنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَال لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. حِينَ اسْتفْتَتْهُ

ــ

المصري (وحرملة بن يحيى) التجيبي المصري (وتقاربا في اللفظ قال حرملة: حدثنا وقال أبو الطاهر: أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (حدثني يونس بن يزيد) الأموي الأيلي (عن) محمد (بن شهاب) الزهري المدني (حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) الهذلي المدني، ثقة، من (3)(أن أباه) عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني ابن أخي عبد الله بن مسعود، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فله رؤية، روى عن عبد الله بن مسعود في التفسير، وعن أبيه في العدة، ويروي عنه (خ م د س ق) وأبو إسحاق السبيعي وابناه عبيد الله وعون وابن سيرين، قال ابن سعد: كان ثقة رفيعًا فقيهًا، وقال في التقريب: وثقه العجلي وجماعة، وهو من كبار الثانية، مات سنة (94) أربع وتسعين في ولاية بشر بن مروان على العراق (كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم) بن عبد يغوث (الزهري) المدني، روى عن سبيعة بنت الحارث الأسلمية فرد حديث عندهم في الطلاق، ويروي عنه (خ م د س) وعبد الله بن عتبة بن مسعود كتب إليه إجازة، وقال في التقريب: مقبول، من الثامنة، أي كتب عبد الله بن عتبة إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم رسالة حالة كون عبد الله (يأمره) أي يأمر عمر في تلك الرسالة بـ (أن يدخل) عمر (على سبيعة بنت الحارث الأسلمية) زوجة سعد بن خولة الصحابية المشهورة المدنية، لها اثنا عشر حديثًا، اتفقا على حديث روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدتها في عدة المتوفى عنها زوجها، ويروي عنها (خ م د س ق) وعمر بن عبد الله بن الأرقم في الطلاق ومسروق بن الأجدع وغيرهم، وهذا السند من ثمانياته رجاله خمسة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي (فيسألها) أي فيسأل عمر لسبيعة بالنصب معطوف على يدخل (عن حديثها) أي عن قصتها في وفاة زوجها (وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته) أي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عدتها، ولعل كتابة عبد الله إلى عمر لأنه كان بالكوفة وعمر بالمدينة

ص: 294

فَكَتَبَ عُمرُ بن عَبْدِ الله إِلَى عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ؛ أَنَّ سُبَيعَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بنِ خَوْلَةَ. وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا. فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَهِيَ حَامِلٌ. فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ. فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَت لِلْخُطَّابِ. فَدَخَلَ عَلَيهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ

ــ

وكانت سبيعة أيضًا بالمدينة، وقوله:(فكتب عمر بن عبد الله) بن الأرقم معطوف على كتب الأول (إلى عبد الله بن عتبة) بن مسعود رسالة، حالة كونه (يخبره) أي يخبر لعبد الله بن عتبة إجازة (أن سبيعة) الأسلمية (أخبرته) أي أخبرت لعمر (أنها كانت تحت سعد بن خولة) القرشي العامري كما قال (وهو) سعد بن خولة (في بني عامر) في بمعنى من أي من بني عامر (بن لؤي) قال الحافظ في الإصابة: من بني مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وقيل في حلفائهم، وقيل من مواليهم، قال ابن هشام: هو فارسي من اليمن حالف بني عامر بن لؤي، وكان من السابقين إلى الإسلام هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية كما في أسد الغابة (وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها) بمكة سنة عشر (في حجة الوداع) وهو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص (لكن البائس سعد بن خولة) أخرجه البخاري وعقد له بابا في الجنائز، وسيأتي عند مسلم في الوصية، وإنما رثى له صلى الله عليه وسلم لكونه مات بمكة في حجة الوداع ولم يرجع إلى دار هجرته أي مات عنها (وهي حامل فلم تنشب) بفتح التاء من نشب الثلاثي من باب فتح وبضم التاء من باب الإفعال أي لم تمكث زمنًا كثيرًا ولم تتأخر عن (أن وضعت) وولدت (حملها بعد وفاته) أي بعد وفاة زوجها سعد أي لم تمكث كثيرًا حتى وضعت حملها بعد وفاته بليال (فلما تعلت) أي طهرت (من نفاسها) أي من دم ولادتها، قال في الفائق: أي قامت وارتفعت. قال جرير:

فلا حملت بعد الفرزدق حرة

ولا ذات بعل من نفاس تعلت

ويحتمل أن يكون المعنى سلمت وصحت، وأصله تعللت مطاوع عللها الله أي أزال علتها، وقال في النهاية: ويروى تعالت أي ارتفعت وطهرت، ويجوز أن يكون من قولهم تعلى الرجل من علته إذا برأ أي خرجت من نفاسها وسلمت (تجملت) أي تزينت (للخطاب فدخل عليها أبو السنابل) بفتح السين اسمه عمرو، وقيل حبة بالباء الموحدة، وقيل حنة بالنون، وقيل عامر، وقيل أصرم كما في الإصابة (بن بعكك) بموحدة مفتوحة

ص: 295

(رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ) فَقَال لَهَا: مَا لِي أرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ. إِنَّكِ، وَاللهِ، مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالتْ سُبَيعَةُ: فَلَمَّا قَال لِي ذلِكَ، جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيتُ. فَأَتَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذلِكَ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ

ــ

ثم عين ساكنة ثم كافين الأولى مفتوحة على وزن جعفر أي ابن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق بن عبد الدار كذا نسبه ابن الكلبي وابن عبد البر، وقيل في نسبه غير هذا، وذكر ابن الأثير في أسد الغابة أنه من مسلمة الفتح وكان من المؤلفة قلوبهم وكان شاعرًا، وقيل إنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمنًا أي دخل عليها بعدما خطبها لنفسه فأبت أن تنكحه كما في صحيح البخاري، ثم خطبها من هو أشب منه فأجابته، فلما رأى أبو السنابل أنها تجملت لغيره، قال لها ما ذكره مسلم وقد ورد في رواية البخاري: أن أبا السنابل نفسه كان قد خطبها من قبل ولكنه قال ذلك لما خطبها أبو البشر بن الحارث وهو رجل أشب منه فخاف أبو السنابل أنها تركن إليه وكان أهلها غائبين، ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها وكل ذلك مصرح في رواية مالك في موطئه وهو (رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي) أي أي شيء ثبت لي (أراك متجملة) أي متزينة (لعلك ترجين النكاح) وتأملين الزواج (إنك والله ما أنت بناكح) أي لست بمتزوجة (حتى تمر عليك) وتنقضي (أربعة أشهر وعشر) ليال التي هي مدة عدة الوفاة، قال القاضي: حمل الآية على العموم في الحامل والحائل كما حملها غيره، ويحتمل أنه قال لها ذلك لأن أولياءها كانوا غيبًا فأمرها بالتربص حتى يقدموا فلعل منهم من يزوجها له أو ترجع إلى رأيه (قالت سبيعة فلما قال لي) أبو السنابل (ذلك) الكلام (جمعت علي ثيابي) ولبستها (حين أمسيت) أي دخلت في المساء، فيه أن خروج المرأة للحاجة يستحب أن يكون في الليل لكونه أستر لها فإن سبيعة انتظرت إلى المساء ثم خرجت للاستفتاء (فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك) أي عن انقضاء عدتي (فأفتاني) أي أجابني النبي صلى الله عليه وسلم (بأني قد حللت) للزواج وفرغت من عدتي، فيه حجة ظاهرة لقول جمهور الفقهاء إن المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضع الحمل إذا كانت حاملة حين وفاة زوجها وهو مذهب الأئمة الأربعة، وجمهور فقهاء الأمصار من السلف والخلف، إلا ما رُوي عن علي وابن عباس وسحنون من المالكية فإنهم يقولون: عدتها آخر الأجلين من وضع الحمل ومن أربعة أشهر وعشر

ص: 296

حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي. وَأَمَرَنِي بِالتَّزوُّجِ إِنْ بَدَا لِي.

قَال ابْنُ شِهَابٍ: فَلَا أَرى بَأسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ. وَإنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا. غَيرَ أَنْ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ

ــ

ومعناه أنها إن وضعت قبل مضي أربعة أشهر وعشر تربصت إلى انقضائها ولا تحل بمجرد الوضع، وإذا انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن علي بسند صحيح كما حكاه الحافظ في الفتح والسبب الحامل لهم على ذلك الحرص على العمل بالآيتين اللتين تعارض عمومهما فقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} الآية يشمل الحامل وغيرها كما أن قوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] عام أيضًا يشمل المطلقة والمتوفى عنها فجمع هؤلاء بين العمومين بقصر الثانية على المطلقة بقرينة ذكر عدد المطلقات كالآيسة والصغيرة قبلها ثم لم يهملوا ما تناولته الآية الثانية من العموم لكن قصروه على من مضت عليها المدة ولم تضع فكان تخصيص بعض العموم أولى وأقرب إلى العمل بمقتضى الآيتين من إلغاء أحدهما في حق بعض من شمله العموم.

ولكن حجة الجمهور حديث سبيعة فإنه صريح في ذلك، وذكر الحافظ في الفتح عن ابن مسعود: أن آية الطلاق نزلت بعد آية البقرة يعني أنها مخصصة لها فإنها أخرجت منها بعض متناولاتها.

(حين وضعت) وولدت (حملي) دل على أن انقضاء العدة يكون لمجرد الوضع على أي صفة كان من مضغة أو علقة أو سقط سواء استبان الآدمي أم لا؟ وهو قول الجمهور، وقال الشافعي في أحد قوليه: لا تنقضي العدة بوضع قطعة لحم ليس فيها سورة بينة ولا خفية، ولكن رد عليه الحافظ في الفتح وانتصر لمذهب الجمهور (وأمرني بالتزويج) أمر إباحة (إن بدا لي) التزوج، وظهر (قال ابن شهاب) بالسند السابق (فلا أرى بأسًا) ومنعًا من (أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها) أي في دم الولادة (غير أن) أي لكن أنه (لا يقربها) بالرفع لأن أن مخففة من الثقيلة لا مصدرية (زوجها) بالجماع (حتى تطهر) من نفاسها وبه قال جمهور الفقهاء، وخالفهم الشعبي والحسن وحماد بن سلمة وإبراهيم النخعي كما حكى عنهم النووي والحافظ فقالوا: لا يصح زواجها حتى تطهر من نفاسها واحتجوا بأن سبيعة إنما تزوجت بعدما تعلت من نفاسها، وحجة

ص: 297

3604 -

(1411)(171) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنِي سُلَيمَانُ بْنُ يَسَارٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ وَابْنَ عَبَّاسٍ اجْتَمَعَا عِنْدَ أَبِي هُرَيرَةَ. وَهُمَا يَذكُرَانِ الْمَرْأَةَ تُنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ. فَقَال ابْنُ عبَّاسِ: عِدَّتُهَا آخِرُ الأَجَلَينِ. وَقَال

ــ

الجمهور في قولها فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي قال القرطبي: وفي حديث سبيعة هذا دليل على جواز المنازعة والمناظرة في المسائل الشرعية وعلى قبول أخبار الآحاد وعلى الرجوع في الوقائع إلى من يظن علم ذلك عنده، وإن كان امرأة إلى غير ذلك اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [2306]، والنسائي [6/ 196]، وابن ماجه [2027].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث سبيعة بحديث أم سلمة رضي الله عنهما فقال:

3604 -

(1411)(171)(حدثنا محمد بن المثنى العنزي) البصري (حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (قال: سمعت يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (أخبرنا سليمان بن يسار) الهلالي المدني مولى ميمونة أحد الفقهاء السبعة، ثقة، من (3)(أن أبا سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف (وابن عباس) رضي الله عنهما (اجتمعا عند أبي هريرة) رضي الله عنه (وهما) أي والحال أنهما (يذكران المرأة) التي (تُنفس) بالبناء للمجهول مع أن المعنى للمعلوم كماضيه أي تلد (بعد وفاة زوجها بليال) أي عقب ليال كذا أبهم الراوي المدة في روايات مسلم، وبعضهم عينوا المدة واختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا، فروي أنها وضعت بعد وفاة زوجها بشهرين كما في رواية أحمد، وروى البخاري بعد أربعين ليلة، وروى النسائي بعد عشرين ليلة، وروي غيرها، قال الحافظ بعدما ساق هذه الروايات: والجمع بين هذه الروايات متعذر لاتحاد القصة ولعل هذا هو السر في إبهام من أبهم المدة كمسلم (فقال ابن عباس عدتها) أي انقضاء عدتها التي تحل به (آخر الأجلين) أي انقضاء أبعد العدتين وأطولهما وأكثرهما زمنًا يعني عدة الوفاة وعدة الحمل عملًا بالآيتين كما مر، فإن تأخر الوضع انقضت عدتها بالوضع، وإن تأخرت الأشهر كما في هذه المرأة انقضت عدتها بتمام الأشهر، قال الحافظ: ويقال إنه رجع عنه ويقويه أن المنقول عن أتباعه وفاق الجماعة في ذلك (وقال

ص: 298

أَبُو سَلَمَةَ: قَدْ حَلَّتْ. فَجَعَلا يَتَنَازَعَانِ ذلِكَ. قَال: فَقَال أَبُو هُرَيرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي (يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ) فَبَعَثُوا كُرَيبًا (مَوْلَى ابْنِ عَبَّاس) إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذلِك؟ فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالت: إِنَّ سُبَيعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ. وإنَّهَا ذَكَرَتْ ذلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ

ــ

أبو سلمة: قد حلت) تلك المرأة لمن يتزوجها بمجرد الوضع ولا اعتبار للأشهر، وفي هذا أن المفضول يسع له خلاف الأفضل في الفقهيات فإن أبا سلمة من التابعين وابن عباس من الصحابة (فجعلا) أي فجعل ابن عباس وأبو سلمة أي شرعا (يتنازعان ذلك) أي يتناقشان في ذلك أي فيما قال في المرأة (قال) سليمان بن يسار (فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي) عبد الرحمن بن عوف يريد أخوة الدين فيما (قال)(يعني) أبو هريرة بابن الأخ (أبا سلمة، فبعثوا) أي فبعث ابن عباس وأبو سلمة وأبو هريرة قطعًا للنزاع بينهم (كريبًا مولى ابن عباس إلى أم سلمة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم حالة كون كريب (يسألها) أي يسأل أم سلمة (عن ذلك) أي عما اختلفا فيه من عدة المرأة (فجاءهم) كريب بعدما سأل أم سلمة (فأخبرهم أن أم سلمة) رضي الله تعالى عنها (قالت إن سبيعة) بنت الحارث (الأسلمية) زوجة سعد بن خولة (نفست) بضم النون على المشهور، وفي لغة فتحها، وهما لغتان في الذي بمعنى الولادة. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان لأنه عن سليمان بن يسار عن كريب عن أم سلمة؛ أي ولدت (بعد وفاة زوجها) سعد بن خولة (بليال) أي عقب ليال قلائل، قيل إنها شهر، وقيل إنها خمس وعشرون ليلة، وقيل دون ذلك اهـ نووي (وإنها) أي وإن سبيعة (ذكرت ذلك) الذي وقع لها من وضعها، وقول أبي السنابل لها (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها) رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر إباحة (أن تتزوج) وتنكح إن بدا لها ذلك، واستدلت الحنفية بهذا على أن النكاح يصح بدون ولي وبعبارات النساء لما تقدم من رواية مالك في موطئه أن أهلها كانوا غيبًا فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزوج قبل مجيء أوليائها، وقد مرت المسألة بتفاصيلها في كتاب النكاح اهـ من التكملة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5318 و 5319]، والترمذي [1193]، ، والنساني [6/ 191].

ص: 299

3605 -

(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُفحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ. كِلاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّ اللَّيثَ قَال فِي حَدِيثِهِ: فَأَرْسَلُوا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ. وَلَمْ يُسَمِّ كُرَيبًا

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها فقال:

3605 -

(00)(00)(وحدثناه محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (ح وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (قالا: حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (9)(كلاهما) أي كل من الليث ويزيد بن هارون رويا (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (بهذا الإسناد) يعني عن سليمان بن يسار عن كريب عن أم سلمة (غير أن الليث) أي لكن أن ليث بن سعد (قال في حديثه) أي في روايته (فأرسلوا) بصيغة الماضي (إلى أم سلمة) بدل قول عبد الوهاب (فبعثوا كريبًا)(ولم يسم) أي لم يذكر ليث (كريبًا) في روايته. غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة الليث ويزيد بن هارون لعبد الوهاب الثقفي.

وجملة ما ذكره في هذا الباب ثلاثة أحاديث: الأول: حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث سبيعة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث: حديث أم سلمة ذكره للاستشهاد به لحديث سبيعة وذكر فيه متابعة واحدة.

***

ص: 300