الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
558 - (44) باب كان في بريرة ثلاث سنن
3660 -
(1430)(190) حدثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمدُ بْنُ الْعَلاءِ (وَاللفْظُ لِزُهَيرٍ) قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ. حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عُروَةَ، عن عَبدِ الرحْمنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالت: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ قَضِيَّاتٍ: أرَادَ أَهْلُهَا أن يَبِيعُوهَا ويشتَرِطُوا وَلاءَهَا. فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِلنبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "اشْتَرِيهَا وَأَعتِقيهَا. فَإِن الْوَلاءَ لِمَن أَعْتَقَ" قَالت: وَعَتَقَتْ. فَخَيرَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
ــ
558 -
(44) باب كان في بريرة ثلاث سنن
3660 -
(1430)(195)(حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن العلاء واللفظ لزهير قالا: حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة القاسم بن محمد لعروة بن الزبير (قالت) عائشة:(كان في بريرة) مولاة عائشة رضي الله تعالى عنها (ثلاث قضيات) أي ثلاث سنن تعني به أن هذه الثلاث هي أظهر ما في حديثها من القضايا والسنن وإلا فقد تبين أن فيه من ذلك العدد الكثير حتى قد بلغت سننه إلى مائة أو أكثر ويحتمل أن يكون تخصيصها هذه الثلاث بالذكر لكونها أصولًا لما عداها مما تضمنه الحديث أو لكونها أهم والحاجة إليها أمس والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
وقد ذكر العلماء في قصة بريرة هذه فوائد كثيرة تبلغ إلى مائة فائدة، وذكر النووي أن ابن خزيمة وابن جرير قد صنفا فيها تصنيفين كبيرين أكثرا فيهما من استنباط الفوائد، وذكر الحافظ في الفتح أن بعض المتأخرين قد أبلغوا فوائد هذا الحديث إلى أربعمائة، وساق الحافظ في الفتح [5/ 141 و 142] منها كثيرًا اهـ. فإحدى القضيات الثلاث عتقها والثانية تخييرها والثالثة أكل النبي صلى الله عليه وسلم مما تُصدق به عليه اهـ من المفهم. فذكرت عائشة الأول من الثلاث بقولها إنه (أراد أهلها) ومواليها (أن يبيعوها) لي (ويشترطوا ولاءها) لأنفسهم إذا أعتقتها (فذكرت ذلك) الذي أرادوه اللنبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم:(اشتريها وأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق، قالت) عائشة في بيان القضية الثانية (وعتقت) بريرة بعتقي لها (فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المقام
فَاختَارَتْ نَفسَهَا. قَالت: وَكَانَ الناسُ يَتَصَدقُونَ عَلَيهَا وَتُهدِي لَنَا. فَذَكَرتُ ذلِكَ للنبي صلى الله عليه وسلم فَقَال: "هُوَ عَلَيهَا صدَقَة. وَهُوَ لكم هدية. فَكُلُوهُ"
ــ
مع زوجها ومفارقته (فاختارت) بريرة (نفسها) أي بمفارقة زوجها، هذه الرواية فيها إجمال وإطلاق وقد زال إجمالها وتقيد إطلاقها بالروايتين المذكورتين بعدها فإن فيهما أن بريرة كان لها زوج حين أعتقت وأن زوجها كان عبدًا ومقتضى هذا الحديث بقيوده مجمع عليه وهو أن الأمة ذات الزوج العبد إذا أعتقت مخيرة بين الرضا بالبقاء مع زوجها أو مفارقته لشرف الحرية التي حصلت لها على زوجها ولدفع مضرة المعرة اللاحقة لها بملك العبد لها ولما كان هذا راجعًا لحقها لا لحق الله تعالى خترها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن تأخذ بحقها فتفارقه أو تسقطه فترضى بالمقام معه، وعلى هذا فلو كان زوجها حرًّا لم يكن لها خيار للمساواة بينهما ولنفي الضرر اللاحق بها هذا مذهب جمهور العلماء وقد شذ أبو حنيفة فأثبت لها الخيار وإن كان زوجها حرًّا متمسكًا بما قال الحكم بن عيينة إن زوج بريرة كان حرًّا وكذلك قال الأسود وكلاهما لا يصح، قال البخاري: إن قول الحكم مرسل وقول الأسود منقطع قال وقول ابن عباس كان عبدًا أصح وكذلك رواه جماعة عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة أنه كان عبدًا وهو الصحيح عنها (قالت) عائشة في بيان القضية الثالثة (وكان الناس بنصدقون عليها وتهدي لنا) معاشر أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الصدقة، قالت عائشة:(فذكرت ذلك) أي إهداءها لنا من صدقتها اللنبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم: (هو) أي ذلك اللحم الذي أهدته لكم (عليها صدقة وهو) أي ذلك الطعام الكم هدية) منها إليكم (فكلوه) يعني أنها كانت معلومة الفقر فكانت تقصد بالصدقات واجبها وتطوعها وفي بعض ألفاظ هذا الحديث (يهدون لها) ولا تناقض فيه فإنه كان يفعل معها الوجهان الصدقة والهدية وقد يجوز أن تسمى الصدقة هدية كما قد أطلق عليها ذلك بعض الرواة فقال: (أهدي لها لحم) يعني تُصدق عليها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "هو لها صدقة ولنا هدية" وقد اضطربت ألفاظ الرواة لهذا الحديث فقال بعضهم: (أهدي لها لحم) وقال بعضهم: (تُصدق عليها بلحم بقر) وقال بعضهم قالت عائشة: (تصدق على مولاتي بشاة من الصدقة) وقال بعضهم: (قالت عائشة: بعث النبي صلى الله عليه
3661 -
(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حُسَينُ بن عَلِيٍّ، عن زَائدَةَ، عن سِمَاكٍ، عن عَبدِ الرحمن بنِ القَاسِمِ، عن أَبِيهِ، عن عَائِشَةَ؛ أَنهَا اشتَرَتْ بَرِيرَةَ مِنْ أُناسٍ مِنَ الأَنصَارِ. وَاشتَرَطُوا الوَلاءَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"الوَلاءُ لِمَن وَلي النعمَةَ" وَخَيرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا. وَأَهدَتْ لِعَائِشَةَ لَحمًا. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَو صَنَعتم
ــ
وسلم إلى بريرة بشاة من الصدقة). (قلت): وهذان اللفظان أنص ما في الباب فليُعتمد عليهما اهـ من المفهم وفيه قبول هدية الغير ومن المعتق لمعتقه وفيه الأكل مما أهدي إليه أو تصدق به عليه اهـ أبي قال القاضي وفيه أن الصدقة إذا تغيرت صفتها تغير حكمها فيجوز للغني أكلها وشراؤها وكذلك للهاشمي اهـ إكمال المعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 45 - 46]، والنسائي [6/ 162 - 163].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عائشة هذا فقال:
3661 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي) بن الوليد الجعفي الكوفي، ثقة، من (9)(عن زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي، ثقة، من (7) (عن سماك) بن حرب بن أوس الذهلي الكوفي صدوق من (4) (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن أبيه) القاسم بن محمد (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة سماك بن حرب لهشام بن عروة (أنها) أي أن عائشة (اشترت بريرة من أناس من الأنصار واشترطوا) عليها (الولاء) أي كون الولاء لهم (فقال رسول الله صلى الله محليه وسلم: الولاء لمن ولي النعمة) أي نعمة الإعتاق معناه لمن أعتق لأن ولاية النعمة التي يستحق بها الميراث لا تكون إلا بالعنق، ومطابقة هذا الحديث لحديث الولاء لمن أعتق أن صحة العتق تستدير سبق ملك والملك يستدعي ثبوت العوض اهـ من العيني والمناوي (وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المقام عند زوجها وبين مفارقته (وكان زوجها عبدًا) اسمه مغيث كما مر (وأهدت) بريرة (لعائشة لحمًا) مما تُصدق عليها فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اللحم عند بعض الخدم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم:(لو صنعتم)
لنا مِنْ هذَا اللَّحْمِ؟ " قَالت عَائِشَةُ: تُصُدقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. فَقَال: "هُوَ لَهَا صَدَقة وَلَنَا هَدِيَة".
3662 -
(00)(00) حدثنا محمد بن المُثَنى. حَدَّثَنَا محمد بن جَعْفَرٍ
ــ
وأصلحتم (لنا في هذا اللحم) إدامًا لكان حسنًا ويصح كون لو للتمني فـ (قالت عائشة) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا لحم (تُصدق به على بريرة) فلا تحل لكم الصدقة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (هو) أي هذا اللحم (لها) أي لبريرة (صدقة ولنا هدية) فيحل لنا أكل الهدية فلا مانع لنا من أكله، وقوله:(لو صنعتم لنا من هذا اللحم) يعارض ما يأتي من أنه صلى الله عليه وسلم دخل والبُرمة على النار لأن قوله لو صنعتم يقتضي عدم الطبخ، وقوله على النار يقتضي طبخه ويُجاب عنه بأنه اختلف المخاطب بذلك لجواز أن يُخاطب بقوله لو صنعتم بعض الخدم ثم دخل على عائشة بعد ذلك فوجد اللحم قد طبخ اهـ من الأبي، قوله:(تصدق به على بريرة) قال القاضي: إن كانت هذه الصدقة تطوعًا فيحتج بها من يجيزها لموالي قريش أو لجميعهم كان كانت واجبة يحتج به من يجيزها لمواليهم أو يخصص المنع ببني هاشم وبني المطلب اهـ إكمال المعلم، وقوله:(لها صدقة ولنا هدية) فبه دليل على أن تحريم الصدقة للغني والهاشمي ليس لعينها بل لصفتها فإنه يجوز للمتصدق عليه أن يتصرف فيما تُصدق به عليه كيف شاء فيجوز له البيع والهبة والهدية بعد ما دخل ذلك الشيء في ملكه وحينئذٍ يجوز لكل من أهدي إليه ذلك الشيء أن يأكله، وبمثل هذه الواقعة ما أخرجه البخاري في الزكاة (باب إذا تحولت الصدقة) عن أم عطية الأنصارية رضي الله تعالى عنها (قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة فقال: هل عندكم من شيء؟ فقالت: لا إلا شيء بعثت به نسيبة من الشاة بُعثت بها من الصدقة، فقال: إنها بلغت محلها) وهذا إذا دخل الشيء في ملك الواهب أو المُهدي أما إذا لم يدخل في ملكه فلا يسع له أن يهديه إلى غيره أو يهبه له ولا يحل لذلك الغير أن يأخذ منه فبطل بذلك ما استدل به بعض جهلة عصرنا على جواز قبول الهدية من آكل الربا فإن الربا لا يدخل في ملكه فكيف تصح هبته فليتنبه والله أعلم اهـ من التكملة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
3662 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي (حدثنا محمد بن جعفر)
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال. سَمِعْتُ عَبدَ الرحمن بن القَاسِمِ قَال: سَمِعتُ القَاسِمِ يُحَدِّثُ، عن عَائِشَةَ؛ أنها أرَادَت أن تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ. فَاشْتَرَطُوا وَلاءَهَا. فَذَكَرَت ذلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَال:"اشتَرِيهَا وَأَعتِقِيهَا. فأن الْوَلاءَ لمن أَعْتَقَ". وَأُهْدِيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لَحم. فَقَالُوا للنبي صلى الله عليه وسلم: هذَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. فَقَال: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ. وَهُوَ لَنَا هَدِيةٌ". وَخُيِّرت، فَقَال عَبدُ الرحْمنِ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا. قَال شُعبَةُ: ثم سَألتُهُ عن زَوْجِهَا؟ فَقَال: لا أَدرِي.
3663 -
(00)(00) وحدثناه أَحمَدُ بن عُثمَانَ
ــ
الهذلي (حدثنا شعبة قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد (قال سمعت) والدي (القاسم) بن محمد (يحدّث عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة شعبة لهشام بن عروة (أنها) أي أن عائشة (أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاءها) أي اشترط أهلها أن يكون ولاؤها لهم (فذكرت) عائشة (ذلك) أي اشتراطهم كون الولاء لهم (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتريها وأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق) هذه قضية واحدة (وأُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هذا) اللحم لحم (تُصدّق به على بريرة فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو) أي هذا اللحم (لها صدقة وهو لنا هدية) فهو حلال لنا وهذه قضية ثانية (وخيرت) بريرة بين المقام مع زوجها وبين مفارقته، قال شعبة:(فقال عبد الرحمن) بن القاسم (وكان زوجها حرًّا، قال شعبة: ثم سألته) أي سألت عبد الرحمن (عن زوجها) أي عن حاله هل هو حر أم لا؟ (فقال) عبد الرحمن: (لا أدري) ولا أعلم هل هو حر أم عبد؟ وعبارة أسد الغابة ولما اشترتها عائشة كان زوجها مغيث حرًّا وقيل عبدًا اهـ من بعض الهوامش قال الأبي: والرواية عن عائشة قد اختلفت هل كان عبدًا أو حرًّا وأنها عن ابن عباس لم تختلف بل قال: إنه كان عبدًا فرواية عائشة محمولة على رواية ابن عباس اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في هذا الحديث فقال:
3663 -
(00)(00)(وحدثناه أحمد بن عثمان) بن أبي عثمان عبد النور بن
النَّوْفَلِي. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَه.
3664 -
(00)(00) وحدثنا محمد بْنُ الْمُثَنى وَابْنُ بَشار. جَمِيعًا عن أبِي هِشَامٍ. قَال ابنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ المَخزُومي أَبُو هِشَامٍ. حَدَّثَنَا وُهَيب. حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُروَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالت: كَانَ زَوجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا
ــ
عبد الله بن سنان (النوفلي) نسبة إلى أحد أجداده أبو عثمان البصري، ثقة، من (11)(حدثنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج، غرضه بيان متابعة أبي داود لمحمد بن جعفر (بهذا الإسناد) يعني عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة (نحوه) أي نحو ما حدث ابن جعفر عن شعبة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عائشة هذا رضي الله تعالى عنها فقال:
3664 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (و) محمد (بن بشار) العبدي البصري (جميعًا) أي كلاهما رويا (عن أبي هشام) مغيرة بن سلمة (قال ابن المثنى) في روايته: (حدثنا مغيرة بن سلمة المخزومي أبو هشام) القرشي البصري وثقه ابن المديني وقال في التقريب: ثقة ثبت من صغار (9) مات سنة (250) روى عنه في (6) أبواب، وفي بعض النسخ (وأبو هشام) بواو العطف وهو تحريف من النساخ (حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي أبو بكر البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني (عن يزيد بن رومان) الأسدي مولاهم مولى آل الزبير أبي روح المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها (قالت: كان زوج بريرة عبدًا) وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مدنيون وثلاثة بصريون غرضه بيان متابعة عروة للقاسم بن محمد وهذه الرواية جزمت كونه عبدًا وهي المرجحة على رواية الشك لموافقتها رواية ابن عباس كما مر آنفًا.
قال القرطبي: وقد أخرج البخاري حديث بريرة هذا عن ابن عباس فقال فيه: (إن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها يطوف يبكي ودموعه تسيل على
3665 -
(00)(00) وحدثني أَبُو الطَّاهِرِ. حَدَّثَنَا ابن وَهبٍ. أَخبَرَنِي مَالِكُ بن أَنسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بن أَبِي عَبدِ الرحمنِ، عَنِ القَاسِمِ بن مُحَمد، عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنهَا قَالت: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ:
ــ
لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو راجعته") قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: "إنما أشفع" قالت: (فلا حاجة) رواه البخاري وأبو داود والدارقطني وزاد عليه أبو داود وأمرها أن تعتد وزاد الدارقطني عدة الحرة وأخرجه أبو داود من حديث عائشة فقال: إن بريرة عتقت وهي تحت مغيث عبد لآل أبي أحمد بن جحش فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إن قربك فلا خيار لذلك" وهذه الطرق فيها أبواب من الفقه زيادة على ما ذكره مسلم فمنها جواز إظهار الرجل مخبة زوجته وجواز التذلل والرغبة والبكاء بسبب ذلك إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على مغيث من ذلك ولا نبهه عليه وفيه جواز عرض الاستشفاع والتطلف فيه وتنزل الرجل الكبير للمشفوع عنده وإن كان نازل القدر وفيه ما يدل على فقه بريرة حيث فرقت بين الأمر والاستشفاع وأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان محمولًا عندهم على الوجوب بحيث لا يرد ولا يخالف وفيه النصوص على أن الزوج كان عبدًا وفيه ما يدل على أن تمكين المخيرة من نفسها طائعة يبطل خيارها ويفهم منه أن كل من له الخيار في شيء فتصرف فيه تصرف المُلاك مختارًا إنه قد أسقط خياره وفيه جواز تصريح المرأة بكراهة الزوج وفيه ما يدل على أن نفس اختيارها لنفسها كان في وقوع الطلاق إذا لم تصرح بلفظ طلاق ولا غيره لكن حاله دل على ذلك فاكتفى به ووقع الطلاق عليها وحينئذٍ أمرها أن تعتد عدة الحرة اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديثها رضي الله تعالى عنها فقال:
3665 -
(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو المصري (حدثنا) عبد الله (ابن وهب) المصري (أخبرني مالك بن أنس) المدني (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ التيمي المدني المعروف بربيعة الرأي، ثقة، من (5) (عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر (عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان مصريان غرضه بيان متابعة ربيعة الرأي لعبد الرحمن بن القاسم (أنها) أي أن عائشة (قالت: كان في بريرة ثلاث سنن) أي ثلاث قضايا، وفي
خُيِّرَت عَلَى زَوجِهَا حِينَ عَتَقَت. وَأُهدِيَ لَهَا لحم فَدَخَلَ عَلَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَالبُرمَةُ عَلَى النارِ. فَدَعَا بِطَعَامٍ. فَأتِيَ بِخُبزٍ وَأُدُمٍ مِن أُدُمِ البَيتِ. فَقَال: "أَلَم أَرَ بُرمَةً عَلَى النارِ فِيهَا لحم؟ " فَقَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ الله! ذلِكَ لحم تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. فَكَرِهنَا أن نُطعِمَكَ مِنهُ. فَقَال:"هُوَ عَلَيهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنهَا لَنَا هَدِيةٌ" وَقَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا: "إنمَا الوَلاءُ لمن أَعتَقَ"
ــ
حديث ابن عباس عند أبي داود وأحمد (قضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أربع قضيات) فذكر نحو حديث عائشة وزاد (وأمرها أن تعتد عدة الحرة) وهذه الزيادة أخرجها الدارقطني اهـ تكملة (خُيّرت على زوجها) أي خُيرت في المقام مع زوجها أو مفارقته (حين عتقت وأُهدي لها لحم) بضم الهمزة على صيغة المجهول (فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم والبُرمة) بضم الموحدة وسكون الراء أي والحال أن البرمة تطبخ (على النار) وهي القدر المنحوتة من الصخرات (فدعا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بطعام) أي طلب بطعام يأكله (فأتي) بالبناء للمجهول أي أتي النبي صلى الله عليه وسلم (بخبز وأُدم) بضمتين جمع إدام على وزن كتاب وكتب وهو ما يؤتدم به أي أتاه خادم بخبز وإدام (من أُدم) أهل (البيت فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالاستفهام التقريري (ألم أر بُرمة) تُغلى (على النار فيها لحم) أفلا تعطوني منه (فقالوا) أي قال أهل البيت (بلى) أي نعم على النار بُرمة (يا رسول الله ذلك) اللحم الحم تُصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه) أي من ذلك اللحم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو) أي ذلك اللحم (عليها صدقة وهو منها لنا هدية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيها) أي في شأن بريرة (إنما الولاء لمن أعتق) أي لمن باشر العتق، قال القاضي عياض:(قوله ألم أر بُرمة على النار فيها لحم) فيه أن سؤال الرجل عما يرى في بيته ليس بمذموم ولا مناف لمكارم الأخلاق، وقوله في حديث أم زرع ولا يُسئل عما عهد ليس من هذا وإنما ذاك أن يقول فيما عهد أين ذاك وما صنع به، أما شيء يجده فيقول ما هذا فليس منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان ليبين حكم ما جهلوا لأنه صلى الله عليه وسلم علم أنهم لم يقدموا له إدام البيت ويبخلوا عنه بسيد الإدام بل إنما تركوه لأمر اعتقده كما وقع فبين لهم اهـ.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما:
3666 -
(1431)(191) وحدثنا أَبُو بَكرِ بن أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخلَدٍ، عن سُلَيمَانَ بن بِلالٍ. حَدثَنِي سُهَيلُ بن أَبِي صَالِحٍ، عن أبِيهِ، عن أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: أَرَادَت عَائِشَةُ أن تَشتَرِيَ جَارِيةً تُعْتِقُهَا. فَأبى أَهلُهَا إِلَّا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْوَلاءُ. فَذَكَرَتْ ذلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "لا يَمنَعُكِ ذلِكِ فَإنمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعتق"
ــ
3666 -
(1431)(191)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد) البجلي مولاهم أبو الهيثم الكوفي، صدوق من (10)(عن سليمان بن بلال) التيمي مولاهم أبي محمد المدني، ثقة، من (8) (حدثني سهيل بن أبي صالح) السمان (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان كوفيان (قال) أبو هريرة (أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها فأبى أهلها) أي امتنع موالي بريرة بيعها لعائشة (إلا أن يكون لهم الولاء) أي ولاء عتقها لهم (فذكرت) عائشة (ذلك) الشرط الذي شرطوا عليها (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يمنعك) من شرائها وعتقها (ذلك) الشرط الذي شرطوه عليك (فإنما الولاء) أي ثمرته وفائدته (لمن أعتق) أي باشر العتق.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان: الأول: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر في خمس متابعات، والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث عائشة رضي الله عنها فقال:
***