الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
543 - (29) باب في طلاق السنة
3532 -
(1398)(158) حدثنا يَحْيَى بن يَحيَى التَّمِيمِي قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنّهُ طَلقَ امرَأَتَه وَهِيَ حَائِض. فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَ عُمَرُ بن الْخَطابِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ؟ فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مُرهُ فَليُرَاجِعْهَا
ــ
543 -
(29) باب في طلاق السنة
وهو الطلاق الجائز وهو أن يوقع الزوج الطلاق في طهر غير مجامع فيه فخرج به طلاق البدعة وهو الطلاق الحرام وهو أن يوقع الزوج الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه كما هو مبسوط في كتب الفروع.
3532 -
(1398)(158)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير (التميمي) النيسابوري (قال: قرأت على مالك بن أنس) الأصبحي المدني (عن نافع) العدوي مولاهم (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أنه) أي أن ابن عمر (طلق امرأته) أي زوجته. ذكر النووي في تهذيب الأسماء: أن اسمها امنة بنت غفار -بكسر الغين وتخفيف الفاء- وقيل آمنة بنت عمار، ووقع في مسند أحمد بسند على شرط الشيخين أن عبد الله طلق امرأته النوّار، ويمكن الجمع بينهما بان يكون اسمها آمنة ولقبها النوّار هذا ملخص ما في فتح الباري وتلخيص الحبير (وهي) أي والحال أنها (حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمن حياته، متعلق بطلق (فسأل) والده (عمر بن الخطاب) رضي الله عنهما (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك) أي عن طلاقه في حالة الحيض هل هو جائز أم لا؟ وهل هو واقع أم لا؟ أي سأله عن حكمه، أي طلق امرأته تطليقة كما صرح به في بعض الرواية فذكر ذلك لوالده عمر فذكر عمر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال له) أي لعمر (رسول الله صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ) أي مُرْ ولدك عبد الله برجعتها إلى نكاحه (فليراجعها) إلى نكاحه، وفي الرواية الأخرى (أن أباه عمر لما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم تغيظ ثم أمره بمراجعتها) فيه دليل على أن الطلاق في الحيض يحرم فإنه أنكره بتغيظه عليه مع أن ابن عمر لم يكن عرف تحريم ذلك عليه فتغيظ بسبب ذلك وأمره بالمراجعة وهو مذهب الجمهور اهـ من المفهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: (فسأل عمر بن الخطاب) قال ابن العربي: سؤال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك يحتمل وجوها منها أنهم لم يروا قبل هذه النازلة مثلها فأراد السؤال ليعلموا الجواب، ويحتمل أن يكون ذلك معلومًا عنده بالقرآن وهو قوله تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} وقد عدم أن هذا ليس بقرء فافتقر إلى معرفة كيفية الحكم فيه، ويحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهي فجاء ليسأل عن الحكم بعد ذلك، كذا في عارضة الأحوذي [5/ 126].
قال القرطبي: واختلف في منع الطلاق في الحيض فقيل هو تعبدي غير معقول المعنى، وقيل هو معلل بتطويل العدة وهذا على أصلنا في أن الأقراء هي الأطهار وينبني على هذا الخلاف الخلاف في المطلقة قبل الدخول والحامل في حال الحيض فإذا قلنا هو تعبدي لم يجز أن يطلقا وهما حائضان، وإذا قلنا هو للتطويل جاز ذلك لأن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها، ولأن عدة الحامل وضع حملها، وقيل إن علة ذلك خوف الإسراع إلى الطلاق والتساهل فيه بسبب أنه لا يتلذذ الزوج بوطئها لأجل الحيض بل تنفر نفسه منها ويهون عليه أمرها غالبًا فقد تحمله تلك الحالة على الإسراع إلى الطلاق والتساهل فيه، و (الطلاق أبغض الحلال إلى الله) كما قاله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وابن ماجه، لأنه نقيض الألفة المطلوبة شرعا، وإنما شُرع الطلاق تخلصًا من الضرر اللاحق بالزوج، ولذلك كره الطلاق من غير سبب، وإلى هذا الإشارة بقوله:(لا يفرك مؤمن مؤمنة) وبقوله: (والمرأة خُلقت من ضلع أعوج) الحديثين المتقدمين اهـ من المفهم.
وقوله: (مُرْه) أصله أأمره بهمزتين أولاهما للوصل مضمومة تبعًا للعين مثل اقتل والثانية فاء الكلمة ساكنة تبدل تخفيفا من جنس حركة سابقتها فتقول أومر فإذا وصل الفعل بما قبله زالت همزة الوصل وسُكنت الهمزة الأصلية كما في قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} لكن استعملها العرب بلا همزة فقالوا: مُرْ لكرة الدوران على الألسنة ولأنهم حذفوا أولًا الهمزة الثانية تخفيفًا ثم حذفوا همزة الوصل استغناء عنها لتحرك ما بعدها وكذا حُكم أأخذ وأ أكل كما بسطنا الكلام على ذلك في شرحنا مناهل الرجال على لامية الأفعال فراجعه إن شئت. (فليراجعها) ظاهره وجوب الرجعة على من طلق امرأته وهي حائض طلاقًا رجعيًّا وهو قول مالك وداود الظاهري وإحدى الروايتين عن أحمد
ثُمَّ لْيتركْهَا حَتَّى تطْهُرَ. ثُمَّ تَحِيضَ. ثُمَّ تَطْهُرَ. ثُمَّ، إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ. فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ"
ــ
وهو المختار عند الحنفية، وقال الشافعي: لا تجب الرجعة، وإنما هي مستحبة وهو المختار عند الحنابلة كما في المغني.
واحتج القائلون بالوجوب بصيغة الأمر، وبأن الطلاق في حالة الحيض معصية فوجب التخلص عنها بالقدر الممكن وتعذر ارتفاع المعصية لا يصلح صارفًا للصيغة عن الوجوب لجواز إيجاب رفع أثرها وهو العدة وتطويلها إذ بقاء الشيء بقاء ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة واحتج القائلون بالاستحباب بأن ابتداء النكاح غير واجب فاستدامته كذلك، وأما صيغة الأمر في حديث الباب فمحمولة عندهم على الاستحباب اهـ تكملة.
وفيه دليل على أن الطلاق في الحيض يقع ويلزم وهو مذهب الجمهور خلافًا لمن شذ وقال إنه لا يقع لأنه غير مأذون فيه وهُمْ بعض الظاهرية، ثم إذا حكمنا بوقوعه اعتد له بها من عدد الطلاق الثلاث كما قال نافع وابن عمر في هذا الحديث على ما يأتي (ثم ليتركها) أي ليمسكها كما هو رواية أبي داود (حتى تطهر) من الحيضة التي طلقها فيها (ثم تحيض) حيضة أخرى (ثم تطهر) أي من الحيضة الثانية (ثم) بعدما طهرت من الحيضة الثانية (أن شاء) إمساكها في نكاحه (أمسكـ) ـها في نكاحه (بعد) بالبناء على الضم لقطعه عن المضاف إليه ونية معناه أي بعد الطهر من الحيضة الثانية (وإن شاء) تطليقها (طلقـ) ـها في الطهر الثاني (قبل أن يمسـ) ـها أي يجامعها (فإن قلت): الأمر بالرجعة كان لدفع المعصية فما فائدة الأمر بتأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي الحيض؟ قلنا فائدته لئلا تكون الرجعة لأجل الطلاق في الطهر لأنها حينئذٍ مكروهة كما يكره النكاح للطلاق اهـ مبارق، وفي التأخير المذكور فائدة أخرى وهي امتداد مقامه معها فلعله يجامعها فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها فيمسكها فبقاء الزواج أحب من وقوع الفراق على أنها ما كانت راضية بالطلاق اهـ منه، والإشارة في قوله:(فتلك) راجعة إلى الحالة التي عينها بقوله المتقدم لجواز إيقاع الطلاق وهي أن تكون في طهر لم تمس فيه، وهو مبتدأ خبره (العدة) أي فتلك الحالة التي هي الطهر الثاني زمن الشروع في العدة (التي أمر الله عز وجل أن يُطلّق لها) أي فيها (النساء) بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
3533 -
(00)(00) حدثنا يَحيَى بن يَحْيَى وَقُتَيبَةُ وَابْنُ رُمحٍ (وَاللفظُ لِيَحْيَى). (قَال قُتَيبَةُ: حَدَّثَنَا لَيثٌ. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا الليثُ بن سَعْدٍ) عَن نَافِع، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنهُ طَلقَ امرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. تَطلِيقَةً وَاحِدَةً. فَأمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَاجِعَهَا
ــ
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 6]، والبخاري [5332]، وأبو داود [2179]، والنسائي [6/ 138]، وابن ماجه [2019].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3533 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (و) محمد (بن رمح) بن المهاجر المصري (واللفظ) الآتي (ليحيى) بن يحيى (قال قتيبة: حدثنا ليث، وقال الآخران؛ أخبرنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله) بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ليث بن سعد لمالك بن أنس (أنه) أي أن ابن عمر (طلق امرأة) أي زوجة (له) آمنة بنت غفار، وقوله:(وهي حائض) جملة حالية من امرأة لتخصصها بالجار والمجرور أي طلقها حالة كونها حائضًا، وقوله:(تطليقة واحدة) مفعول مطلق لطلق مبين لعدد عامله فظهر من هذه الرواية أن ابن عمر إنما طلقها طلقة واحدة، ولو طلقها ثلاثًا لكان طلاقه بائنًا، فما وقع في بعض الروايات أنه كان طلقها ثلاثًا وهم بلا شبهة وسيأتي تأكيد ذلك عند المصنف في رواية محمد بن سيرين أنه مكث عشرين سنة يزعم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثًا ثم أخبره يونس بن جبير بخلاف ذلك، وقال الدارقطني بعد نقل رواية التطليقات الثلاث: هؤلاء كلهم من الشيعة، والمحفوظ أن ابن عمر طلق امرأته واحدة في الحيض كذا في سنن الدارقطني [4/ 7]، وقد تظاهرت روايات مسلم بأنها طلقة واحدة (فأمره) أي فأمر ابن عمر بواسطة والده عمر بن الخطاب (رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها) أي أن يراجع امرأته المطلقة إلى نكاحه بلفظ الرجعة استدامة لنكاحه، والأمر بالندب عند الشافعية والحنابلة والحنفية، وقال المالكية وصححه صاحب الهداية من الحنفية للوجوب ويجبر على مراجعتها ما بقي من العدة شيء.
قال ابن القاسم وأشهب وابن المواز: يُجبر عندنا بالضرب والسجن والتهديد اهـ
ثُم يُمسِكَهَا حَتى تَطهُرَ. ثم تَحِيضَ عِندَهُ حَيضَة أخرَى. ثُم يُمهِلَهَا حَتى تَطهُرَ مِن حَيضَتِهَا. فَإِن أرَادَ أَن يُطَلقَهَا فَليُطَلقهَا حِينَ تَطهُرُ مِن قَبلِ أن يُجَامِعَهَا. فَتِلكَ العِدةُ التِي أَمَرَ اللهُ أَن يُطَلقَ لَهَا النسَاءُ.
وَزَادَ ابنُ رُمح فِي رِوَايَتِهِ: وَكَانَ عَبدُ اللهِ إِذَا سُئِلَ عَن ذلِكَ، قَال لأَحَدِهِم: أَما أنْتَ طَلَّقتَ امرَأتَكَ مَرَّةَ أَو مَرتَينِ. فَإن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
ولنا قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وغيره من الآيات المقتضية للتخيير بين الإمساك بالرجعة أو الفراق بتركها فجُمع بين الآيات والحديث بحمل الأمر على الندب ولأن المراجعة لاستدراك النكاح وهو غير واجب في الابتداء، قال الإمام: ومع استحباب الرجعة لا نقول إن تركها مكروه، لكن قال في الروضة: فيه نظر وينبغي كراهته لصحة الخبر فيه ولدفع الإيذاء، ويسقط الاستحباب بدخول الطهر الثاني اهـ من الإرشاد (ثم يمسكها) في نكاحه، والمراد الأمر باستمرار الإمساك لها وإلا فالرجعة إمساك، وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع الآتية (ثم ليدعها) (حتى تطهر) من الحيضة التي طلقت فيها (ثم تحيض عنده) مرة ثانية (حيضة أخرى) أي غير الأولى (ثم) بعد أن تحيض حيضة أخرى (يمهلها) أي ينتظرها (حتى تطهر من حيضتها) الأخيرة ثم بعد طهرها من الحيضة الثانية (فـ) ـليختر بين طلاقها وإمساكها (أن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر) من الحيضة الثانية (من قبل أن يجامعها) في الطهر الثاني (فتلك) الحالة يعني حالة الطهر من الحيضة الثانية (العدة) أي زمن الشروع في عدة الطلاق الثاني إن طلقها (التي أمر الله) تعالى؛ أي أذن (أن يطلق لها) أي فيها (النساء) في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} .
(وزاد) محمد (بن رمح في روايته) على غيره لفظة (وكان عبد الله) بن عمر (إذا سئل عن ذلك) أي عن طلاق المرأة في الحيض (قال لأحدهم) أي لأحد السائلين له (أما أنت) قال القاضي عياض: هذا اللفظ مشكل فقيل تقديره إن كنت (طلقت امرأتك مرة أو مرتين) أي طلقة أو طلقتين، وجواب إن الشرطية محذوف تقديره فراجعها فحذفت (كنت) وعوضت عنها ما الزائدة وفتحت همزة إن الشرطية للتخفيف وأدغمت نونها في ما الزائدة فأتي بأنت بدل تاء المخاطب في (كنت)، ويدل على هذا قوله بعده:(وإن كنت طلقتها ثلاثًا) والفاء في قوله: (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم معللة للجواب
أَمَرَنِي بِهذَا. وإن كُنْتَ طَلقْتَهَا ثَلاثًا فَقَد حَرُمَت عَلَيكَ حَتى تَنكِحَ زَوْجا غَيرَكَ. وَعَصيتَ اللهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِن طَلاقِ امرَأَتِكَ.
قَال مُسلِمٌ: جَودَ الليثُ فِي قَولِهِ: تَطلِيقَةً وَاحِدَةً
ــ
المحذوف، والتقدير إن كنت طلقت امرأتك طلقة أو طلقتين فراجعها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرني بهذا) أي بالرجعة (وإن كنت طلقتها ثلاثًا فقد) بانت منك فلا رجعة لك عليها و (حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك) وجامعها وطلقها ثلاثًا فتعتد من طلاقه فيكون محللًا لك (وعصيت الله) تعالى أي خالفته (فيما أمرك) به (من طلاق امرأتك) في حالة الطهر حيث قال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي في زمن استقبال عدتهن وهو حالة الطهر فأنت طلقتها في حالة الحيض فليس طلاقك طلاق السنة بل هو طلاق البدعة الذي كان حرامًا (قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى: (جود الليث) بن سعد (في) رواية الحديث و (قوله) أي زيادته على غيره لفظة (تطليقة واحدة) يعني أنه حفظ وأتقن قدر الطلاق الذي طلق به ابن عمر امرأته وعدده الذي لم يتقنه ولم يحفظه غيره أي لم يهمله كما أهمله غيره ولا غلط فيه وجعله ثلاثًا كما غلط فيه غيره، وقد تظاهرت رواية مسلم بأنها تطليقة واحدة اهـ من بعض الهوامش.
قال القرطبي: قوله: (إما أنت طلقت امرأتك) هو بكسر الهمزة كقوله:
أبا خراشة إما أنت ذا نفر
…
فإن قومي لم تأكلهم الضبع
أي إن كنت فحذفوا الفعل الذي يلي (إن) الشرطية وجعلوا (ما) الزائدة عوضًا منه وأدغموا (إن) في (ما) ووضعوا (أنت) مكان (التاء) في (كنت) هذا قول النحويين فقد ظهر مما ذكره القاضي والقرطبي أن (أما) فيه روايتان فتح الهمزة كما ذكره القاضي وكسرها كما ذكره القرطبي.
وقوله: (وعصيت ربك) يعني بالطلاق ثلاثًا في كلمة واحدة وظاهره أنه حرام وهو قول ابن عباس المشهور عنه وعمر بن الخطاب وعمران بن حصين وإليه ذهب مالك، وقال الكوفيون: إنه غير جائز وإنه للبدعة، وقال الشافعي: له أن يطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا كل ذلك سنة، ومثله قال أحمد بن حنبل إلا أنه قال أحب إليّ أن يوقع واحدة وهو الاختيار، والأول أولى لما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقوله: (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا) إشارة إلى أمره صلى الله
3534 -
(00)(00) حدثنا مُحَمدُ بن عَبدِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَن نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ. قَال: طَلقتُ امرَأَتِي عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:"مُرهُ فَلْيُرَاجِعهَا. ثُم ليَدَعها حَتى تَطهُرَ. ثُم تَحِيضَ حَيضَةً أُخْرَى. فَإذَا طَهُرَت فَليُطَلقهَا قَبلَ أَن يُجَامِعَهَا. أَو يُمسِكهَا. فَإنهَا العِدةُ التِي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلقَ لَهَا النسَاءُ"
ــ
عليه وسلم بالمراجعة فكأنه قال للسائل إن طلقت تطليقة أو تطليقتين فأنت مأمور بالمراجعة لأجل الحيض وإن طلقت ثلاثا لم يكن لك مراجعة لأنها لا تحل لك إلا بعد زوج آخر، وكذا جاء مفسرًا في رواية أخرى في الأم.
وقوله: (وإن كنت طلقت ثلاثًا فقد حرمت عليك) الخ، دليل على أن الطلاق من كلمة واحدة محرم لازم وهو مذهب الجمهور اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3534 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص العدوي المدني (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لمالك وليث بن سعد (قال) ابن عمر:(طلقت امرأتي) أي زوجتي آمنة بنت غفار (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمن حياته (وهي) أي والحال أنها (حائض) أي ذات حيض فذكرت ذلك لوالدي عمر بن الخطاب (فذكر ذلك) أي طلاقي في الحيض (عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (مُرْه) أصله أأمره كما مر أي مُرْ ابنك يا عمر بمراجعة زوجته (فليراجعها) إلى نكاحه (ثم ليدعها) أي يتركها بلا قربان لها (حتى تطهر) من الحيضة التي طلقت فيها (ثم تحيض) ثانيًا (حيضة أخرى فإذا طهرت) من الحيضة الثانية (فليطلقها) إن شاء (قبل أن يجامعها أو يمسكها) في نكاحه إن لم يشأ طلاقها (فإنها) أي فإن تلك الحالة يعني حالة الطهر من الحيضة الثانية (العدة) أي زمن استقبال العدة إن طلقها (التي أمر الله) أي أذن الله (أن يُطلّق لها) أي فيها (النساء) بقوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} .
قَال عُبَيْدُ اللهِ: قُلتُ لِنَافِعٍ: مَا صَنَعَتِ التطلِيقَةُ؟ قَال: وَاحِدَةٌ اعتَدَّ بِهَا.
3535 -
(00)(00) وحدَّثناه أَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ وَابنُ المُثَنى قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن إِدرِيس، عَن عُبَيدِ اللهِ، بِهذَا الإِسنَادِ، نَحوَهُ. وَلَم يَذكُر قَولَ عُبَيدِ اللهِ لِنَافِع.
قَال ابنُ المُثَنى فِي رِوَايَتِهِ: فَليَرجِعهَا. وَقَال أَبُو بَكرٍ: فَليُرَاجِعهَا.
3536 -
(00)(00) وحدثني زُهَيرُ بن حَربٍ. حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ، عَن أَيوبَ، عَن نَافِع؛ أَن ابنَ عُمَرَ
ــ
(قال عبيد الله) بن عمر بالسند السابق (قلت لنافع: ما صنعت التطليقة) التي أوقعها ابن عمر في الحيض وأُمر بالمراجعة بعدها، ما حكمها هل هي واقعة محسوبة من الطلاق الثلاث أم لا؟ (قال) نافع في جواب سؤال عبيد الله: نعم هي (واحدة) أي هي تطليقة واحدة (اعتد بها) أي أدخل بها ابن عمر في العد والحساب فهي معتد بها محسوبة غير ساقطة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:
3535 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد (بن المثنى قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد الأودي الكوفي، ثقة ثبت، من (8) روى عنه في (18) بابا (عن عبيد الله) بن عمر (بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن ابن عمر (نحوه) أي نحو ما حدّث عبد الله بن نمير، غرضه بيان متابعة ابن إدريس لابن نمير (و) لكن (لم يدكر) عبد الله بن إدريس (قول عبيد الله لنافع) ما صنعت التطليقة الخ و (قال ابن المثنى في روايته) عن عبد الله بن إدريس (فليرجعها) من رجع الثلاثي (وقال أبو بكر) في روايته عن ابن إدريس (فليراجعها) من راجع الرباعي والمعنى واحد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3536 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية، ثقة، من (8)(عن أيوب) السختياني (عن نافع أن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لمن
طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فَسَأل عُمَرُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَأمَرَهُ أنْ يَرجِعَهَا ثم يُمهِلَهَا حَتى تَحِيضَ حَيضَةً أُخْرَى. ثُم يُمهِلَهَا حَتى تَطْهُرَ. ثُم يُطَلقَهَا قَبْلَ أنْ يَمَسَّهَا. فَتِلْكَ الْعِدةُ التِي أَمَرَ اللهُ أَن يُطَلِّقَ لَهَا النِّسَاءُ. قَال: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرجُلِ يُطَلِّقُ امرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ يَقُولُ: أما أَنْتَ طَلقتَهَا وَاحِدَة أَو اثْنَتَينِ. إِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا. ثُم يُمْهِلَهَا حَتى تَحِيضَ حَيضَةً أُخْرَى. ثُم يُمهِلَهَا حَتى تَطهُرَ. ثُم يُطَلقَهَا قَبلَ أنْ يَمَسهَا. وَأما أَنْتَ طَلقْتَهَا ثَلاثًا. فَقَد عَصَيتَ رَبكَ فِيمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلاقِ امرَأَتِكَ. وَبَانَتْ مِنْكَ
ــ
روى عن نافع (طلق امرأته) آمنة بنت عمار (وهي حائض) فأخبر ذلك لوالده عمر بن الخطاب (فسأل عمر) بن الخطاب (النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الطلاق (فأمره) أي فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بواسطة عمر بن الخطاب بـ (أن يرجعها) إلى نكاحه (ثم يمهلها) أي ينتظرها ويؤخرها (حتى تحيض حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر) طهرًا ثانيًا (ثم يطلقها قبل أن يمسها) ويطأها (فتلك) الحالة يعني حالة الطهر هي (العدة) أي زمن العدة (التي أمر الله) تعالى وأذن (أن يُطلق لها) أي فيها (النساء) بقوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} واستدل به على أن القُرء المذكور في قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} المراد به الطهر كما ذهب إليه مالك والشافعي (قال فكان ابن عمر إذا سئل عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض يقول أما أنت) مر بسط الكلام فيه أي إن كنت (طلقتها) تطليقة (واحدة أو) طلقتها (اثنتين) والجواب محذوف تقديره فراجعها إلى نكاحك، وإنما أجاب ابن عمر السائل بهذا الجواب (أن رسول الله) أي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره) أي أمر ابن عمر (أن يرجعها) أي أن يراجع مطلقته إلى نكاحه، والمراجعة لا تصح إلا بعد الطلاق فالأمر بالمراجعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل كاف على أنه عدَّ ذلك طلاقًا وهو مذهب الجمهور بخلاف ابن حزم ومن وافقه القائلين بأن الطلاق في الحيض لا يقع ويقولون: إن المراد بالرجعة ها هنا هو معناها اللغوي وهذا تأويل بارد لا يَنْهض حجة (ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها) ويجامعها إن أراد طلاقها (وأما أنت) أي وإن كنت (طلقتها ثلاثًا فقد عصيت ربك) وخالفته (فيما أمرك به من طلاق امرأتك) في طهرها (وبانت) أي فارقت (منك) بالطلاق الثلاث وانفصلت فلا رجعة لك عليها.
3537 -
(00)(00) حدثني عَبدُ بن حُمَيدٍ. أَخبَرَنِي يَعقُوبُ بن إِبرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا مُحَمدَ (وَهُوَ ابنُ أَخِي الزهرِي) عَن عَمِّهِ. أَخبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبدِ اللهِ؛ أَن عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ قَال: طَلَّقتُ امرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ. فَذَكَرَ ذلِكَ عُمَرُ للنبِي صلى الله عليه وسلم. فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ثُم قَال: "مُرهُ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3537 -
(00)(00)(حدثني عبد بن حميد) الكسي، ثقة، من (11)(أخبرني يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (9)(حدثنا محمد) بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني، صدوق، من (6) كما ذكره بقوله:(وهو) أي محمد المذكور (ابن أخي) الإمام (الزهري) المعروف بجلالته وذلك الأخ عبد الله بن مسلم المذكور (عن عمه) محمد بن مسلم الزهري المدني، ثقة، من (4)(أخبرنا سالم بن عبد الله) بن عمر، ثقة، من (3)(أن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سالم بن عبد الله لنافع (قال) عبد الله:(طلقت امرأتي) آمنة (وهي حائض ردكر ذلك) أي طلاقي لها في الحيض (عمر) بن الخطاب اللنبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ) أي غضب (رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك أي لطلاقي في الحيض، وفيه دليل على حرمة الطلاق في الحيض لأنه صلى الله عليه وسلم لا يغضب بغير حرام اهـ ملا علي، قال الحافظ ابن حجر: لم أر هذه الزيادة في رواية غير سالم وهو أجل من روى الحديث عن ابن عمر، وفيه إشعار بأن الطلاق في الحيض كان تقدم النهي عنه وإلا لم يقع التغيظ على أمر لم يسبق النهي عنه ولا يعكر على ذلك مبادرة عمر بالسؤال عن ذلك لاحتمال أن يكون عرف حكم الطلاق في الحيض وأنه منهي عنه ولم يعرف ماذا يصنع من وقع له ذلك، وقال ابن دقيق العيد: وتغيظ النبي صلى الله عليه وسلم إما لأن المعنى الذي يقتضي المنع كان ظاهرًا فكان مقتضى الحال التثبت في ذلك أو لأنه كان مقتضى الحال مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إذا عزم عليه كذا في فتح الباري [9/ 302]، وعلى ما قال ابن دقيق العيد يستنبط من الحديث أن الرجل ينبغي له مشاورة أستاذه أو مفتيه قبل الوقوع في الحادثة الجديدة اهـ تكملة.
(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (مُره) أي مر ابنك عبد الله
فَلْيُرَاجِعْهَا. حَتَّى تَحِيضَ حَيضَةً أُخْرَى مُسْتقْبَلَة، سِوَى حَيضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا. فَإنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيضَتِهَا. فَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا. فَذلِكَ الطَّلاقُ لِلْعِدَّةِ كمَا أَمَرَ اللَّهُ".
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ طَلَّقَهَا تَطلِيقَةً وَاحِدَةً. فَحُسِبَتْ مِن طَلاقِهَا. وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
3538 -
(00)(00) وَحَدثَنِيهِ إِسحَاقُ بْنُ مَنصُورٍ. أَخبَرَنَا يَزِيدُ بن عَبدِ رَبهِ. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بن حَرب. حَدثَنِي الزبَيدِي،
ــ
بالمراجعة (فليراجعها) إلى نكاحه (حتى تحيض حيضة أخرى) أي غير الحيض الذي طُلقت فيه، وقوله:(مستقبلة) منها بصيغة اسم المفعول أي آتية لها صفة ثانية لحيضة وكذا قوله: (سوى حيضتها التي طلّقها فيها) صفة ثالثة (فإن بدا) وظهر (له أن يطلقها) بعد الحيضة الثانية (فليطلقها) حالة كونها (طاهرًا من حيضتها) الثانية (قبل أن يمسها) ويجامعها في ذلك الطهر (فذلك) الطلاق في الطهر قبل أن يمسها فيه، وهو مبتدأ خبره (الطلاق) أي هو الطلاق (للعدة) أي في زمن الشروع في العدة (كما أمر الله) تعالى بقوله:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} قال سالم بالسند السابق (وكان عبد الله بن عمر طلقها) أي طلق امرأته (تطليقة واحدة فحسبت) بالبناء للمجهول أي حسبت تلك الطلقة التي أوقعها في الحيض (من طلاقها) أي صارت محسوبة من الطلاق الثلاث الذي يملكها عليها، والظاهر أن الذي حسبها منه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
3538 -
(00)(00)(وحدثنيه إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري ثقة، من (11) روى عنه في (17) بابا (أخبرنا يزيد بن عبد ربه) الزبيدي بضم الزاي، أبو الفضل الحمصي المؤذن، ثقة، من (10) روى عنه في (2) بابين الصلاة والطلاق (حدثنا محمد بن حرب) الخولاني الحمصي، ثقة، من (9) مات ممنة (194) روى عنه في (4) أبواب (حدثني الزبيدي) بالزاي والباء مصغرًا، محمد بن الوليد بن
عَنِ الزهْرِيِّ، بِهذَا الإِسنَادِ. غَيرَ أَنهُ قَال: قَال ابنُ عُمَرَ: فَرَاجَعتُهَا. وَحَسَبتُ لَهَا التَّطْلِيقَةَ التِي طَلَّقْتُهَا.
3539 -
(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بن حَرب وَابنُ نُمَيرٍ. (وَاللفظُ لأَبِي بَكرٍ) قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيع، عَن سُفيَانَ، عَن مُحَمدِ بْنِ عَبدِ الرحمَنِ (مَولَى آلِ طَلحَةَ) عَن سَالِم، عَنِ ابنِ عُمَرَ؛ أَنّهُ طَلقَ امرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِض. فَذَكَرَ ذلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَال:"مُرهُ فَليُرَاجِعهَا. ثُم ليُطَلِّقهَا طَاهِرًا أَو حَامِلًا"
ــ
عامر الحمصي، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن الزهري) محمد بن مسلم المدني. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة الزبيدي لابن أخي الزهري في الرواية عن الزهري (بهذا الإسناد) يعني عن سالم عن عبد الله (غير أنه) أي لكن أن الزبيدي (قال) في روايته (قال ابن عمر فراجعتها وحسبت) بتاء المتكلم في الفعلين (لها التطليقة التي طلقتها) من الثلاث.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابعًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3539 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب و) محمد (بن نمير واللفظ) الآتي (لأبي بكر قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن محمد بن عبد الرحمن) بن عبيد التيمي مولاهم (مولى آل طلحة) بن عبيد الله، الكوفي، روى عن سالم بن عبد الله في الطلاق، وكريب مولى ابن عباس في الأدب والدعاء، وأبي سلمة بن عبد الرحمن في الرؤيا، والسائب بن يزيد، ويروي عنه (م عم) والسفيانان ومسعر وشعبة، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم وأبو زرعة وأبو داود: صالح الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات (عن سالم عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمد بن عبد الرحمن للزهري (أنه طلق امرأته وهي حائض فدكر ذلك) أي طلاقه (عمر) والده (للنبي صلى الله عليه وسلم فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر:(مُره فليراجعها ثم ليطلقها) إن شاء طلاقها (طاهرًا) كانت (أو حاملًا) لا حائضًا، دل الحديث على أن الحامل كالحائل الطاهر في جواز تطليقها وهي في مدة الحمل طاهرة لا تحيض فإن عادة الله سبحانه جرت بانسداد
3540 -
(00)(00) وحدثني أَحمَدُ بن عُثمَانَ بنِ حَكِيم الأَوْدِي. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدثَنِي سُلَيمَانُ (وَهُوَ ابنُ بِلالٍ). حَدثَنِي عَبدُ اللهِ بن دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنهُ طَلَّقَ امرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فَسَأل عُمَرُ عَن ذلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:"مُرْهُ فَليُرَاجِعهَا حَتى تَطهُرَ. ثُم تَحِيض حَيضَةً أُخرَى. ثُم تَطهُرَ. ثُم يطَلقُ بَعْدُ، أَوْ يُمْسِكُ"
ــ
باب الرحم فيها إلى أن تضع وما رأته من الدم على تقدير وقوعه فهو استحاضة اهـ من بعض الهوامش. قال الحافظ: تمسك بهذه الزيادة من استثنى من تحريم الطلاق في طهر جامع فيه ما إذا ظهر الحمل فإنه لا يحرم، والحكمة فيه أنه إذا ظهر الحمل قد أقدم على ذلك على بصيرة فلا يندم على الطلاق فإنه يدل على رغبته عنها كذا في الفتح.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامنًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
3540 -
(00)(00)(وحدثني أحمد بن عثمان بن حكيم) بن دينار (الأودي) أبو عبد الله الكوفي، روى عن خالد بن مخلد في الزكاة والطلاق وفضائل الصحابة وغيرها، ويروي عنه (خ م س ق) والمحاملي وخلق، وثقه النسائي، وقال في التقريب: ثقة، من (11) مات سنة (261)(حدثنا خالد بن مخلد) البجلي مولاهم أبو الهيثم الكوفي، صدوق، من كبار (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثني سليمان وهو ابن بلال) التيمي مولاهم أبو محمد المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثني عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم مولى ابن عمر أبو عبد الرحمن المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (6) أبواب (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لسالم بن عبد الله (أنه) أي أن ابن عمر (طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر) بن الخطاب (عن) حكم (ذلك) أي عن حكم طلاقه في الحيض (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لعمر:(مُرْه) أي أأمر ابنك برجعتها (فليراجعها) ثم ليمسكها (حتى تطهر) من تلك الحيضة (ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ثم يُطلق بعد) أي بعد الطهر الثاني إن شاء طلاقها (أو يمسكـ) ـها بلا طلاق إن شاء أمر كما مر بإمساكها في الطهر الأول، وجووز تطليقها في الطهر الثاني للتنبيه على أن المراجع ينبغي أن لا يكون قصده بالمراجعة تطليقها كما مر.
3541 -
(00)(00) وحدثني عَلِيُّ بن حُجْرٍ السعدِي. حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أيُّوبَ، عَنِ ابنِ سِيرِينَ. قَال: مَكَثْتُ عِشْرينَ سَنةً يُحدِّثُنِي مَن لَا أَتَّهِمُ؛ أَن ابنَ عُمَرَ طَلَّقَ امرَأتَهُ ثَلاثًا وَهِيَ حَائِض. فَأُمِرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا. فَجَعَلتُ لا أتهِمُهُم،
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسعًا في هذا الحديث فقال:
3541 -
(00)(00)(وحدثني علي بن حجر) بن إياس (السعدي) أبو الحسن المروزي، ثقة، من (9)(حدثنما إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية، ثقة، من (8)(عن أيوب) السختياني العنزي البصري، ثقة، من (5)(عن) محمد (بن سيرين) الأنصاري مولاهم البصري، ثقة، من (3) (قال) ابن سيرين:(مكثت) أي لبثت (عشربن سنة) حالة كوني (يحدثني من لا أتهم) ولا أشك في حديثه أي من هو معتمدي لا أتهمه بشيء يشككني في حديثه وهذا منه توطئة لما سيحدثه من تطليق ابن عمر امرأته في حيضها ثلاثًا ثم كونه مأمورًا بمراجعتها، والحال أن الطلاق إذا تم ثلاثًا لا يبقى للزوج حق الرجعة، قال القاضي: احتج به من يقول إن المطلق ثلاثًا في كلمة واحدة إنما تلزمه واحدة، والصحيح من الرواية أن تطليق ابن عمر كان طلقة واحدة كما ذكره فيما تداركه، وقوله:(أن ابن عمر) مفعول ثان ليحدثني أي يحدثني أن ابن عمر (طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي غلاب لمن روى عن ابن عمر، واعلم أن رواية الثلاث قد أخرجها الدارقطني من طريق محمد بن أحمد بن يوسف الكوفي وأحمد بن أبي دارم، نا أحمد بن موسى بن إسحاق، نا أحمد بن صبيح الأسدي، نا طريف بن ناصح، عن معاوية، عن عمار الدهني، عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض؟ فقال: أتعرف ابن عمر؟ قلت: نعم، قال طلقت امرأتي ثلاثًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السنة. ثم قال الدارقطني بعد إخراجه: هؤلاء كلهم من الشيعة، والمحفوظ أن ابن عمر طلق امرأته واحدة في الحيض راجع سنن الدارقطني [4/ 7] حديث رقم [14] من كتاب الطلاق اهـ تكملة (فأُمر) ابن عمر بالبناء للمجهول أي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن يراجعها) قال ابن سيرين (فجعلت) أي كنت (لا أتهمهم) أي لا أتهم بالكذب من روى لي أنه طلق امرأته
وَلَا أَعرِفُ الحَدِيثَ، حَتى لَقِيتُ أَبَا غلابٍ، يُونُسَ بنَ جُبَير البَاهِلِي. وَكَانَ ذَا ثَبَتٍ. فَحَدثَنِي؛ أَنهُ سَأَلَ ابنَ عُمَرَ. فَحَدَّثَهُ؛ أَنهُ طَلقَ امرَأَتَه تَطلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ. فَأُمِرَ أَن يَرجِعَهَا. قَال: قُلتُ: أَفَحُسِبَت عَلَيهِ؟ قَال: فَمه. أَوَ إِن عَجَزَ وَاستَحمَقَ؟
ــ
ثلاثًا (ولا أعرف الحديث) أي حقيقة الحديث من طلاقه طلقة واحدة يعني لا أعرف وجهه، وأنه كيف أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمراجعة بعدما تلفظ بالثلاث، ويحتمل أن يكون معناه لا أعرف الحديث الصحيح والله أعلم. (حتى لقيت) ورأيت (أبا غلاب) بالمعجمة المفتوحة واللام المشددة وبموحدة (يونس بن جبير الباهلي) البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (وكان) يونس (ذا ثبت) بفتحتين أي صاحب ثبات في الحديث أي مثبتًا فيه كذا في مجمع البحار، والثبت بفتحتين بمعنى الثبات في الأمر يقال رجل به ثبت عند الحملة أي ثبات وتقول لا أحكم بكذا إلا بثبت أي بحجة كذا في مختار الصحاح (قال) محمد بن سيرين (فحدثني) يونس بن جبير (أنه سأل ابن عمر فحدّثه أنه طلق امرأته تطليقة) واحدة (وهي حائض فأمر) بالبناء للمجهول أي أمره النبي صلى الله عليه وسلم (أن يرجعها) أي يراجعها إلى نكاحه (قال) أبو غلاب: فـ (قلت) لابن عمر: (أفحسبت) بالبناء للمجهول أو للمعلوم أي أفحسبت تلك التطليقة (عليه) أي على ابن عمر ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة أو أفحسبت أنت تلك التطليقة عليك أي من الثلاث التي تملك عليها (قال) لي ابن عمر (فمه) أصله فما وهو استفهام، فيه تقرير أي فماذا يكون إن لم تحتسب، والهاء على هذا للوقف، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية وهي كلمة تقال للزجر أي كف عن هذا الكلام فإنه لا بد من وقوع الطلاق بذلك، قال ابن عبد البر: قول ابن عمر فمه معناه فأي شيء يكون إذا لم يعتد بها، إنكارًا لقول السائل أيعتد بها فكأنه قال: هل من ذلك بد لا بد من وقوعه كذا في فتح الباري [9/ 307] والهمزة في قوله: (أو أن عجز واستحمق) للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف تقديره أتقول لا يقع الطلاق وإن عجز ابن عمر عن إيقاع الطلاق على وجهه يعني في حالة الطهر وفعل فعل الأحمق بتطليقه في حالة الحيض أي لا يعذر بعجزه عن إيقاع الطلاق في الطهر وباستحماقه بإيقاعه في الحيض فلا بد من وقوع الطلاق عليه هكذا فسره أكثر الشراح، وقال الحافظ: أي إن عجز عن فرض فلم يقمه وهو الطلاق في الطهر أو استحمق فلم يأت به أيكون ذلك عذرًا له اهـ، وقال الخطابي: في الكلام
3542 -
(00)(00) وحدثناه أَبُو الربِيعِ وَقُتَيبَةُ قَالا: حَدَّثَنَا حَماد، عَن أَيوبَ، بِهذَا الإِسنَادِ، نَحوَهُ. غَيرَ أَنهُ قَال: فَسَأل عُمَرُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَأمَرَهُ.
3543 -
(00)(00) وحدثنا عَبدُ الوَارِثِ بن عَبدِ الصمَدِ. حَدثنِي أَبِي، عَن جَدِّي، عَن أيُّوبَ، بِهذَا الإِسنَادِ. وَقَال فِي الحَدِيثِ: فَسَألَ عُمَرُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَن ذلِكَ؟ فَأمَرَهُ أَن يُرَاجِعَهَا حَتى يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِن غَيرِ جِمَاعٍ
ــ
حذف أي أرأيت إن عجز واستحمق أيسقط عنه الطلاق حمقه أو يبطله عجزه وحُذف الجواب لدلالة الكلام عليه اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عاشرًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3542 -
(00)(00)(وحدثناه أبو الربيع) الزهراني سليمان بن داود البصري (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (قالا: حدثنا حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري (عن أيوب) السختياني (بهذا الإسناد) يعني عن ابن سيرين عن أبي غلاب عن ابن عمر (نحوه) أي نحو ما حدث إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب (غير أنه) أي لكن أن حمادًا (قال) في روايته لفظة (فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره) بدل قول إسماعيل (فسأل عمر عن ذلك) الخ.
ثم ذكر المؤلف المتابعة حادي عشرها في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:
3543 -
(00)(00)(وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من (11)(حدثني أبي) عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من (9)(عن جدي) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم البصري، ثقة، من (8)(عن أيوب) السختياني (بهذا الإسناد) يعني عن ابن سيرين عن أبي غلاب عن عبد الله، غرضه بيان متابعة عبد الوارث بن سعيد لإسماعيل بن إبراهيم (و) لكن (قال) عبد الوارث (في الحديث فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمره أن يراجعها حتى يطلقها طاهرًا من غير جماع) في ذلك الطهر
وَقَال: "يُطَلقُهَا فِي قُبُلِ عِدتهَا".
3544 -
(00)(00) وحدثني يَعْقُوبُ بن إِبْرَاهِيمَ الدورَقِي، عَنِ ابنِ عُلَيةَ، عَنْ يُونُسَ، عَن مُحَمدِ بنِ سِيرِينَ، عَن يُونُسَ بْنِ جُبَيرٍ. قَال: قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: رَجُل طَلَّقَ امْرَأَتهُ وَهِيَ حَائِض. فَقَال: أَتعرِفُ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ؛ فَإِنَّهُ طَلقَ امرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأتَى عُمَرُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ؟ فَأمَرَهُ أَن يَرجِعَهَا. ثُم تَستَقْبِلَ عِدتَهَا
ــ
الذي طلق فيه ليحسب من العدة (وقال) عبد الوارث أيضًا (يطلقها في قبل) بضمتين أي في زمن استقبال (عدتها) أي في وقت تستقبل وتستانف فيه العدة وتشرع فيها وهو وقت طهرها يعني في بداية عدتها وهذا اللفظ يؤيد أن العدة عدتان عدة الطلاق الأول وعدة الطلاق الثاني إن أراد تطليقها.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثاني عشرها في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
3544 -
(00)(00)(وحدثني يعقوب بن إبراهيم) بن كثير العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي، ثقة، من (15)(عن) إسماعيل بن إبراهيم المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه الأسدي البصري (عن يونس) بن عبيد بن دينار العبدي مولاهم أبي عبيد البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم البصري، ثقة، من (3)(عن يونس بن جبير) الباهلي أبي غلاب البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (3) أبواب (قال) يونس:(قلت لابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يونس بن عبيد لأيوب السختياني، وقوله:(رجل) مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة وصفه بما بعده أي رجل (طلق امرأته وهي حائض) والخبر محذوف تقديره ما حكم طلاقه هل يقع أم لا؟ قال يونس بن عبيد: (فقال) لي ابن عمر: (أتعرف عبد الله بن عمر) ما وقع له في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي هل تعرف ذلك أم لا؟ (فإنه) أي فإن ابن عمر (طلق امرأته) امنة بنت غفار (وهي حائض فأتى) والده (عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله) صلى الله عليه وسلم عمر ما حكم طلاقه وماذا يفعل الآن؟ (فأمره) أي فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بأن يأمر ولده بـ (أن يرجعها) إلى نكاحه (ثم) انقطاع حيضها الذي طُلقت فيه (تستقبل) أي تستأنف (عدتها)
قَال: فَقُلتُ لَهُ: إِذَا طَلَّقَ الرجُلُ امرَأَتهُ وَهِيَ حَائِضٌ، أَتعْتَد بِتِلكَ التطْلِيقَةِ؟ فَقَال: فَمَهْ. أَوَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟ .
3545 -
(00)(00) حدثنا مُحَمدُ بْنُ المُثَنى وَابْنُ بَشارٍ. قَال ابنُ المُثَنى: حَدَّثَنَا مُحَمدُ بن جَعفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَن قَتَادَةَ. قَال: سَمِعتُ يُونُسَ بْنَ جُبَيرٍ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: طَلقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ. فَأتَى عُمَرُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ. فَقَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "لِيُرَاجِعهَا. فَإِذَا
ــ
من هذه الطلقة من الطهر الذي بعد هذا الحيض ثم تحيض ثانيًا ثم تطهر ثانيًا ففي الطهر الثاني إن شاء طلقها أو أمسكها (قال) يونس بن جبير: (فقلت له) أي لابن عمر: (إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض أتعتد) أي هل تجب عليها العدة (بتلك التطليقة) الواقعة في الحيض؟ وفي بعض الهوامش: قوله: (أتعتد بتلك التطليقة) أي أتعدها أنت يا ابن عمر تلك التطليقة واحدة من أعداد الطلقات المملوكة لك عليها وتجعلها محسوبة منها أم لا؟ وجه السؤال عدم مصادفتها وقتها، والشيء يبطل قبل أوانه لا سيما وقد لحقتها الرجعة اهـ (فقال) ابن عمر (فمه) أي فأي شيء يكون إذا لم يعتد بها إنكارًا لقول السائل أيعتد بها فكأنه قال هل من ذلك بد؟ (أو إن عجز واستحمق) أي أو لا يقع الطلاق لمجرد أن ابن عمر عجز عن إيقاع الطلاق على وجهه وفعل فعل الأحمق في التطليق في حالة الحيض كما مر تفسيره.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالث عشرها في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
3545 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار) البصريان (قال ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر ربيب شعبة (حدثنا شعبة عن قتادة قال) قتادة: (سمعت) أبا غلاب الباهلي (يونس بن جبير) البصري (قال: سمعت ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا ابن عمر، غرضه بسوقه بيان متابعة قتادة لمحمد بن سيرين في الرواية عن يونس بن جبير حالة كون ابن عمر (يقول: طلقت امرأتي) امنة (وهي حائض فأتى) والدي (عمر) بن الخطاب (النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك) أي تطليقي لها في الحيض وأخبره (له) صلى الله عليه وسلم (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليراجعها فإذا
طَهَرَتْ، فَإنْ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا". قَال: فَقُلتُ لابنِ عُمَرَ: أَفَاحتَسَبتَ بِهَا؟ قَال: مَا يَمْنَعُهُ. أَرَأَيتَ إِن عَجَزَ وَاستَحْمَقَ؟
3546 -
(00)(00) حدثنا يَحْيَى بن يَحيَى. أَخبَرَنَا خَالِدُ بن عَبدِ اللهِ، عَن عَبدِ الْمَلِكِ، عَنْ أنسِ بنِ سِيرِينَ. قَال: سَألتُ ابنَ عُمَرَ عَنِ امرَأَتِهِ التِي طَلقَ؟ فَقَال: طَلَّقتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ. فَذُكِرَ ذلِكَ لِعُمَرَ. فَذَكَرَهُ لِلنبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "مُرْهُ فَليُرَاجِعهَا. فَإذَا طَهَرَت فَليُطَلِّقهَا لِطُهرِهَا"
ــ
طهرت) من حيضتها (فإن شاء) تطليقها (فليطلقها) استدل بهذا أحمد على أن الطلاق يجوز في الطهر الذي يلي الحيضة التي وقع فيها الطلاق. وأجيب عنه بأن هنا اختصارًا من أحد الرواة والحفاظ إنما رووه بزيادة (حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلق بعد أو يمسك)(قال) يونس بن جبير: (فقلت لابن عمر: أفاحتسبت بها) أي بتلك التطليقة الواقعة في الحيض من الطلقات الثلاث (قال) ابن عمر: (ما يمنعه) أي أي شيء يمنع حسبانها من الثلاث (أرأيت) أي أخبرني (إن عجز) ابن عمر عن إيقاع الطلاق في الطهر (واستحمق) أي فعل فعل الأحمق الذي لا فكر له بإيقاعه في الحيض أيكون ذلك عذرًا مانعًا من وقوع الطلقة لا يكون ذلك عذرًا لا جرم في وقوعها.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابع عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3546 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي الطحان، ثقة، من (8)(عن عبد الملك) بن أبي سليمان ميسرة الفزاري الكوفي، صدوق، من (5)(عن أنس بن سيرين) أخي محمد بن سيرين الأنصاري مولاهم مولى أنس بن مالك أبي عبد الله البصري، ثقة، من (3) (قال) أنس:(سألت ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أنس بن سيرين ليونس بن جبير أي سألته (عن امرأته التي طلقـ) ـها أي عن حالها وما وقع لها (فقال) ابن عمر:(طلقتها وهي حائض فدكر) عبد الله (ذلك) أي طلاقها في الحيض (لعمر فذكره) أي فذكر عمر طلاقه في الحيض اللنبي صلى الله عليه وسلم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (مُرْه) أي مر عبد الله (فليراجعها فإذا طهرت) من حيضها الذي طُلِّقت فيه ثم حاضت ثم طهرت ثانيًا (فليطلقها لطهرها) أي
قَال: فَرَاجَعتُهَا ثُم طَلَّقتُهَا لِطُهْرِهَا. قُلْتُ: فَاعتَددتَ بِتِلكَ التَّطلِيقَةِ التِي طَلّقتَ وَهِيَ حَائضٌ؛ قَال: مَا لِيَ لَا أَعْتَدُّ بِهَا؟ وَإِن كُنْتُ عَجَزتُ وَاسْتَحمَقْتُ؟
3547 -
(00)(00) حدثنا مُحَمدُ بن المُثَنى وَابْنُ بَشارٍ. قَال ابنُ المُثَنى: حَدَّثَنَا مُحَمدُ بن جَعفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ، عَن أنسِ بنِ سِيرِينَ؛ أنهُ سَمِعَ ابنَ عُمَرَ قَال: طَلّقتُ امرَأتِي وَهِيَ حَائِض. فَأتَى عُمَرُ النبِي صلى الله عليه وسلم فَأخبَرَهُ. فَقَال: "مُرهُ فَلْيُرَاجِعهَا. ثُمً إِذَا طَهَرَت فَليُطَلقهَا". قُلتُ لابنِ عُمَرَ: أفَاحتَسَبتَ بِتِلكَ التطلِيقَةِ؟ قَال: فَمَه
ــ
في طهرها الثاني (قال) ابن عمر: (فراجعتها ثم طلقتها لطهرها) الثاني، وفي هذه الرواية اختصار أيضًا كالرواية التي قبلها، قال ابن سيرين:(قلت) لعبد الله بن عمر: (فاعتددت) أي أفحسبت (بتلك التطليقة التي طلقـ) ـها (وهي حائض) من الطلقات الثلاث (قال) ابن عمر: (ما لي) أي أي شيء ثبت لي (لا أعتد بها) ولا أحسبها من الطلقات الثلاث (وإن كنت عجزت) عن إيقاعها في الطهر (واستحمقت) أي فعلت فعل الحمقى بإيقاعها في الحيض فلا بد من حسبانها من الطلقات الثلاث.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامس عشرها فقال:
3547 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين أنه سمع ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لعبد الملك بن أبي سليمان (قال) ابن عمر:(طلقت امرأتي وهي حائض) فأخبرته لوالدي عمر بن الخطاب (فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره) بطلاقي في الحيض (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (مُره فليراجعها ثم إذا طهرت) من حيضتها (فليطلقها) إن شاء، قال أنس:(قلت لابن عمر: أفاحتسبت) أي أفحسبت (بتلك التطليقة) التي وقعت في الحيض من الثلاث (قال) ابن عمر (فمه) أي فلأي شيء لا أحسبها من الثلاث لا جرم أنها محسوبة منها.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادس عشرها في هذا الحديث فقال:
3548 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. ح وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الرَّحمَنِ بْنُ بِشرٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ. قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثهِمَا "لِيَرْجِعْهَا". وَفِي حَدِيثهِمَا: قَال: قُلْتُ لَهُ: أَتَحْتَسِبُ بِهَا؟ قَال: فَمهْ.
3549 -
(00)(00) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فَقَال: أَتَعْرِفُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَإِنهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا. فَذَهَبَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخبَرَهُ
ــ
3548 -
(00)(00)(وحدثنيه يحيى بن حبيب) بن عربي الحارثي البصري، ثقة، من (10)(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد الهجيمي البصري (ح وحدثنيه عبد الرحمن بن بشر) بن الحكم بن حبيب العبدي النيسابوري، ثقة، من (10)(حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9) (قالا) أي قال كل من خالد وبهز (حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن أنس عن ابن عمر (غير أن في حديثهما) أي في حديث خالد وبهز لفظة (ليرجعها) من رجع الثلاثي بدل قول محمد بن جعفر (فليراجعها) (وفي حديثهما) أيضًا لفظة (قال: قلت له) أي لابن عمر (أتحتسب بها قال: فمه) بدل قول محمد بن جعفر (قلت لابن عمر: أفحسبت بتلك التطليقة قال فمه) غرضه بيان متابعة خالد وبهز لمحمد بن جعفر مع بيان محل المخالفة بين الروايتين.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سابع عشرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3549 -
(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا ابن جريج) المكي (أخبرني) عبد الله (بن طاوس) اليماني (عن أبيه) طاوس بن كيسان اليماني (أنه) أي أن طاوسًا (سمع ابن عمر يسأل عن رجل طلق امرأته حائضًا) ولعل هذا السائل عبد الرحمن بن أيمن كما هو مصرح به في الرواية الآتية. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة طاوس لأنس بن سيرين (فقال) ابن عمر للسائل:(أتعرف) أي هل تعرف (عبد الله بن عمر؟ قال) السائل: (نعم) أعرف عبد الله بن عمر فـ (ـقال) ابن عمر للسائل (فإنه) أي فإن ابن عمر نفسه (طلق امرأته حائضًا فذهب) والده (عمر) بن الخطاب (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره) أي أخبر عمر
الْخَبَرَ. فَأمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا.
قَال: لَمْ أسْمعْهُ يَزِيدُ عَلَى ذلِكَ (لأَبِيهِ).
3550 -
(00)(00) وحدّثني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَال: قَال ابْنُ جُرَيج: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيمَنَ (مَولَى عَزَّةَ) يَسْألُ ابْنَ عُمَرَ، وَأبُو الزُّبَيرِ يَسْمَعُ ذلِكَ. كَيفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فَقَال:
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم (الخبر) أي خبر ابن عمر من طلاق زوجته في الحيض (فأمره) أي فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بواسطة عمر (أن يراجعها) أي أن يراجع امرأته إلى نكاحه، قال ابن جريج (قال) ابن طاوس:(لم أسمعه) أي لم أسمع أبي طاوسًا (يزيد على ذلك) القدر المذكور من الحديث، قال ابن جريج: يعني ابن طاوس بضمير لم أسمعه (لأبيه) يعني لم أسمع أباه طاوسًا يزيد على ذلك القدر من الحديث واللام زائدة في المفعول.
قال النووي: قوله: (لأبيه) معناه أن ابن طاوس قال: لم أسمعه أي لم أسمع أبي طاوسًا يزيد على هذا القدر من الحديث، والقائل لأبيه هو ابن جريج، وأراد تفسير الضمير في قول ابن طاوس لم أسمعه واللام زائدة ولو قال ابن جريج يعني أباه لكان أوضح اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثامن عشرها في هذا الحديث فقال:
3550 -
(00)(00)(وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي البزاز، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا حجاج بن محمد) الأعور البغدادي ثم المصيصي الترمذي الأصل، ثقة، من (9)(قال) الحجاج (قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير) المكي محمد بن مسلم الأسدي (أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن) المخزومي المكي (مولى عزة) ويقال مولى عروة، وعزة هو الأصح كما سيأتي، قال في التقريب: لا بأس به، من الثالثة، له ذكر بلا رواية عنه (يسأل ابن عمر) عما سيأتي (وأبو الزبير يسمع ذلك) السؤال وقوله:(كيف ترى) يا ابن عمر بيان لذلك السؤال أي كيف ترى وتحكم يا ابن عمر (في رجل طلق امرأته حائضًا؟ فقال) ابن عمر في جواب السائل
طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: إِن عَبدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. فَقَال لَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "لِيُرَاجِعْهَا" فَرَدَّهَا. وَقَال: "إِذَا طَهَرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ".
قَال ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ"
ــ
(طلق ابن عمر امرأته وهي حائض) ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة أو تجريد بياني (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر طلاقه لوالده عمر بن الخطاب (فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم الطلاق في الحيض (فقال) عمر في سؤاله (إن) ولدي (عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض فقال له) أي لعمر (النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها) أي ليراجع ابنك زوجته إلى نكاحه، وقوله:(فردها) أي رد ابن عمر زوجته إلى نكاحه، من كلام ابن عمر فاصل بين كلام النبي صلى الله عليه وسلم للإخبار عما وقع منه (وقال) له النبي صلى الله عليه وسلم، فهو معطوف على قال الأول على سبيل التأكيد اللفظي (إذا طهرت) امرأته من الحيضة الثانية (فليطلق) في طهرها الثاني إن شاء طلاقها (أو ليمسكـ) ـها في نكاحه إن لم يرد طلاقها، قال أبو الزبير (قال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم استدلالًا على قوله:(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل) بضمتين أي زمن استقبال وبداية (عدتهن) وشروعهن فيها وهو زمان الطهر من الحيض، قال النووي: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآنًا بالإجماع، قال الأبي: وفي قراءة ابن مسعود (لقبل طهرهن) أي في بداية طهرهن، قال القشيري وغيره: وهي قراءة تفسير وكان بعض الصحابة يزيدون في ألفاظ القرآن شيئًا لتفسيرها لما يضاح معناها ولما كان القرآن محفوظًا في الزبر والصدور لم يكن يُخاف من ذلك أي تحريف في القرآن فمثل هذه الزيادة يقال لها قراءة تفسير، والصحيح أنها ليست من القرآن ولا من قراءتها وإنما هي تفسير من الصحابي للقرآن وإطلاق لفظ القراءة عليها تجوّز، راجع لتحقيقه (كتاب النشر في القراآت العشر لابن الجوزي، وشرح الموطإ للزرقاني، والإتقان للسيوطي).
3551 -
(00)(00) وحدَّثني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. نَحْوَ هذِهِ الْقِصَّةِ.
3552 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَندُ الرَّزَّاقِ. أَخبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيمَنَ (مَوْلى عُرْوَةَ) يَسْألُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَبُو الزُّبَيرِ يَسْمَعُ. بِمِثلِ حَدِيثِ حَجَّاجِ. وَفِيهِ بَعْضُ الزِّيَادَةِ.
قَال مُسْلِمٌ: أَخْطَأ حَيثُ قَال: عُرْوَةَ. إِنَّمَا هُوَ مَوْلَى عَزَّةَ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة تاسع عشرها في هذا الحديث فقال:
3551 -
(00)(00)(وحدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي (حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد البصري، ثقة ثبت، من (9)(عن ابن جريج عن أبي الزبير عن ابن عمر) رضي الله عنهما. غرضه بيان متابعة أبي عاصم لحجاج بن محمد وساق أبو عاصم (نحو هذه القصة) التي ذكرها حجاج بن محمد عن ابن جريج.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة عشريها في هذا الحديث فقال:
3552 -
(00)(00)(وحدثنيه محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) الصنعاني (أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة) وتقدم لك أن الصواب مولى عزَّة بفتح المهملة والزاي المشددة حالة كون عبد الرحمن (يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع) سؤاله وجواب ابن عمر وساق عبد الرزاق (بمثل حديث حجاج) بن محمد، غرضه بيان متابعة عبد الرزاق لحجاج بن محمد (وفيه) أي وفي المثل الذي رواه عبد الرزاق (بعض الزيادة) على حديث حجاج بن محمد وتلك الزيادة هي التي أخرجها أبو داود بقوله:(قال عبد الله: فردها على ولم يرها شيئًا) وأشار الحافظ ابن حجر في الفتح [9/ 308]: إلى أن مسلمًا طوى هذه الزيادة عمدًا لأنها مخالفة لما رواه أكثر الحفاظ فلم يذكرها في صحيحه لكونها شاذة أو منكرة وصنيع مسلم دليل للجمهور على أن الطلاق في الحيض واقع والله أعلم.
(قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى: (أخطأ) عبد الرزاق (حيث قال) في روايته مولى (عروة إنما هو) أي عبد الرحمن بن أيمن (مولى عزة) لا مولى عروة يريد مسلم أن عبد الرحمن بن أيمن إنما هو مولى لعزة، وقد أخطأ الراوي في هذا الطريق حيث جعله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مولى لعروة وإن هذا الخطأ إنما نشأ من عبد الرزاق لأنه هو الذي أخرجه في مصنفه [6/ 309] رقم [10960] هكذا، وأما ابن جريج فقد مر أنه قد روى عنه الحجاج بن محمد (مولى عزة) دون عروة فضمير الفاعل في قول مسلم أخطأ عائد على عبد الرزاق اهـ تكملة.
ولم يذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب إلا حديث ابن عمر رضي الله عنهما وذكر فيه عشرين متابعة (20) والله أعلم.
***