الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
(19)
-
أبواب اللعان
3622 -
(1418)(187) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهابٍ؛ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ
ــ
19 -
أبواب اللعان
550 - (36) باب بيان سببه
وهو موضوع لحفظ الأنساب ودفع المضرة من الأزواج، واللعان لغة: مصدر لاعن يلاعن لعانًا وملاعنة كما قال ابن مالك: لفاعل الفعال والمفاعَلَة. وشرعًا: ألفاظ مخصوصة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به، وتلك الألفاظ هي الكلمات الخمس المعلومة في اللعان، وسميت تلك الكلمات لعانًا لقول الرجل فيها: وعليه لعنة الله إن كان من الكاذبين، وهو من باب التغليب لأن اللعن لم يذكر إلا في الخامسة فهو من باب تغليب الأقل على الأكثر ولم ينظر للفظ الغضب في وجوده في اللعان لقول المرأة: وعليها غضب الله إن كان من الصادقين لأن اللعن متقدم في الآية على الغضب ولأن لعانه قد ينفك عن لعانها ولا ينعكس ولأنه من جانب الزوج وذاك من جانب الزوجة، ومعنى كون الكلمات الأربع حجة للمضطر لأن كل كلمة منها بمنزلة شاهد فالكلمات الأربع بمنزلة الشهود الأربعة الذين هم حجة في الزنا ونحوه.
والحاصل أن الزوج يبتلى بقذف امرأته لدفع العار الذي ألحقته به والنسب الفاسد إن كان هناك ولد ينفيه وقد يتعذر عليه إقامة البينة فجعل اللعان بينة له وإن تيسرت له البينة لأن الغالب أن لا يجد بينة اهـ بيجوري على ابن قاسم، وشُرع اللعان في السنة التاسعة من الهجرة في شعبان قاله الطبري وابن أبي حاتم وجزم به غير واحد من المتأخرين، واستظهر الحافظ ابن حجر أنه في شعبان سنة عشر لا تسع راجع الفتح [9/ 397].
3622 -
(1418)(187)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب أن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري
السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عُوَيمِرًا الْعَجْلانيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ فَقَال لَهُ: أَرَأَيتَ، يَا عَاصِمُ! لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا. أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيفَ يَفْعَلُ؟
ــ
الخزرجي (الساعدي) أبا العباس المدني، يقال: كان اسمه أولًا حزنًا فغيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى سهل حكاه ابن حبان، مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، مات سنة (91) إحدى وتسعين رضي الله عنه روى عنه المؤلف في ثلاثة أبواب تقريبًا. وهذا السند من رباعياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى (أخبره) أي أخبر لابن شهاب (أن عويمرًا) بضم العين مصغر عامر (العجلاني) وقع اسمه في رواية عند مالك، وعند أبي داود عويمر بن أشقر، وسماه ابن عبد البر في الاستيعاب عويمر بن أبيض، وذكره الخطيب في المبهمات فقال: عويمر بن الحارث واعتمد عليه في الفتح وذكر أن الطبري نسبه في تهذيب الآثار فقال: هو عويمر بن الحارث بن زيد بن الجعد بن عجلان فلعل أباه كان يلقب أشقر أو أبيض (جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري) هو ابن عمّ والد عويمر وأخو معن بن عدي والد أبي البداح بن عاصم وسيد بني عجلان، وقد ذكر ابن الكلبي أن امرأة عويمر هي بنت عاصم وأن اسمها خولة وذكر مقاتل بن سليمان أنها خولة بنت قيس، وذكر ابن مردويه أنها بنت أخي عاصم، وعاش عاصم مائة وعشرين سنة، ومات سنة خمس وأربعين قتل باليمامة رضي الله عنه اهـ من فتح الباري في الطلاق، وعمدة القاري في التفسير (فقال) عويمر:(له) أي لعاصم (أرأيت) أي أخبرني (يا عاصم لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا) أجنبيًّا منها كنى به عن الزنا، وفيه استحباب الكناية في أمثاله (أيقتله) أي هل يقتل زوج المرأة الرجل الموجود معها (فنقتلونه) أي فتقتلون زوج المرأة قصاصًا، فهو متقدم العلم بحكم القصاص إلا أنه حمله على هذا السؤال طرو احتمال أن يخص من ذلك ما يقع بالسبب الذي لا يقدر على الصبر عليه غالبًا من الغيرة التي في طبع البشر ولأجل هذا قال: أم كيف يفعل؟ ومعناه أم يصبر على ما به من المضض والتألم اهـ من بعض الهوامش (أم كيف) مفعول لقوله: (يفعل) أي أي شيء يفعل به، وإنما خص عويمر عاصمًا بالسؤال لأنه كبير قومه وصهره على ابنته أو ابنة أخيه، ولعله كان اطّلع على مخايل ما سأله عنه لكن لم يتحققه فلذلك لم يفصح به أو
فَسَلْ لِي عَنْ ذلِكَ. يَا عَاصِمُ! رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. فَكَرِه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا. حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ
ــ
اطلع على حقيقته لكن خشي إذا صرح به من عقوبة القذف أشار إلى ذلك ابن العربي كما حكى عنه الحافظ (فسل) أي فاسأل (لي عن) حكم (ذلك) المذكور (يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل) التي سألوه عنها، قال النووي: المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أر مسلمة أو إشاعة فاحشة، وإنما كان سؤال عاصم في هذا الحديث عن قصة لم تقع بعد ولم يحتج إليها، وفيه شناعة على المسلمين والمسلمات وتسليط اليهود والمنافقين ونحوهم على الكلام في أعراض المسلمين.
وقال الخطابي في معالم السنن [3/ 160] وقد وجدنا المسألة في كتاب الله عز وجل على وجهين: أحدهما ما كان على وجه التبين والتعلم فيما يلزم الحاجة إليه من أمر الدين، والآخر ما كان على طريق التكلف والتعنت فأباح النوع الأول وأمر به وأجاب عنه فقال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وقال تعالى: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94] وقال في تصة موسى والخضر: {فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} وقال: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} فأوجب على من يسأل عن علم أن يجيب عنه وأن يبين ولا يكتم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار" وقال عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} ، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} وقال في النوع الآخر:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 42، 43] وعاب مسألة بني إسرائيل في قصة البقرة لما كان على سبيل التكلف لا حاجة بهم إليه وقد كانت الغنية وقعت بالبيان المتقدم فيها وكل ما كان من المسائل على هذا الوجه فهو مكروه وإذا وقع السكون عن جوابه فإنما هو زجر وردع للسائل وإذا وقع الجواب فهو عقوبة وتغليظ اهـ من التكملة (وعابها) أي عيب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل التي لا حاجة إليها (حتى كبُر) بضم الموحدة أي حتى عظم (على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعييبها (فلما رجع عاصم)
إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيمِرٌ فَقَال: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَال لَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَال عَاصِمٌ لِعُوَيمِرٍ: لَمْ تَأتِني بِخَيرٍ. قَدْ كَرِهَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَسْأَلَةَ التِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَال عُوَيمِرٌ: وَاللهِ، لا أَنْتَهِي حَتَّى أسْأَلَهُ عَنْهَا. فَأَقْبَلَ عُوَيمرٌ حَتى أَتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ. فَقَال: يَا رَسُولَ الله! أَرَأَيتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا. أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ؟ أَمْ كَيفَ يَفْعَلُ؟ فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ
ــ
من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى أهله جاءه) أي جاء عاصمًا (عويمر) العجلاني (فقال) عويمر: (يا عاصم ماذا قال لك رسول الله على الله عليه وسلم؟ قال عاصم لعويمر: لم تأتني) ولم تأمرني يا عويمر (بخير قد كره رسول الله على الله عليه وسلم المسألة التي) أمرتني بالسؤال عنها فـ (سألته) صلى الله عليه وسلم (عنها، قال عويمر: والله لا أنتهي) ولا أترك السؤال عنها (حتى أسأله) صلى الله عليه وسلم (عنها) إنما عزم عويمر على ذلك بعدما سمع من كراهية النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال لأنه كان يعلم علة الكراهية وهي المسألة من غير حاجة ولما كان متيقنًا بأن له إليها حاجة لم ير بالرجوع إليه صلى الله عليه وسلم بأسًا اهـ (فأقبل عويمر) أي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كون رسول الله صلى الله عليه وسلم (وسط) بفتح السين (الناس فقال) عويمر: (يا رسول الله أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله) بهمزة الاستفهام الاستخباري (فتقتلونه) الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه، وفي بعض النسخ فيقتلوه أي يقتله أهل القتيل اهـ من العون (أم كيف يفعل) معناه إذا وجد رجلًا مع امرأته وتحقق أنه زنى بها فإن قتله قتلتموه وإن تركه صبر على عظيم فكيف طريقه (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل فيك) يا عويمر (وفي صاحبتك) أي زوجتك خولة القرآن، ظاهر هذا الحديث أن آية اللعان نزلت في قصة عويمر العجلاني وهو سبب لنزول الآية، ولكن يعارضه ما سيأتي من قصة هلال بن أمية فإنه صريح في أن الآيات نزلت فيه، ومن هنا اختلف أهل العلم في سبب نزولها ولكن جمع الحافظ ابن حجر في الفتح [9/ 397] بين هذه الروايات جمعًا حسنًا فقال: يحتمل أن يكون عاصم سأل قبل النزول ثم جاء هلال فنزلت عند سؤاله فجاء عويمر في المرة الثانية التي قال فيها إن الذي سألتك عنه قد
فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا".
قَال سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا. وَأَنَا مَعَ النَّاسِ، عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا فَرَغَا قَال عُوَيمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيها، يَا رَسُولَ الله، إِنْ أَمْسَكتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.
قَال ابْنُ شِهَاب: فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاعِنَينِ
ــ
ابتليت به فوجد الآية نزلت في شأن هلال فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بأنها نزلت فيه يعني أنها نزلت في كل من وقع له ذلك لأن ذلك لا يختص بهلال، وكذا يجاب على سياق حديث ابن مسعود يحتمل أنه لما شرع يدعو بعد توجه العجلاني جاء هلال فذكر قصته فنزلت فجاء عويمر فقال:"قد نزل فيك وفي صاحبتك" اهـ والذي نزل هو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ} إلى آخر الآيات (فاذهب) إلى بيتك (فأت بها) بصاحبتك (قال سهل: فتلاعنا) في الكلام حذف، والتقدير فذهب عويمر فأتى بها فسأله فقذفها وسألها فأنكرت الزنا، وأصر كل واحد منهما على قوله، فأمر باللعان فتلاعنا يوم الجمعة بعد العصر في المسجد النبوي، وسيأتي صفة التلاعن في حديث ابن عمر إن شاء الله تعالى، قال سهل: فتلاعنا (وأنا) في ذلك المجلس (مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا) من تلاعنهما (قال عويمر: كذبت عليها) فيما قلت لها: (يا رسول الله إن أمسكتها) في نكاحي (فطلقها ثلاثًا) ظنًّا منه أن اللعان لا يحرّمها عليه فأراد تحريمها بالطلاق فقال: هي طالق ثلاثًا (قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلاقها (قال ابن شهاب) بالسند المذكور (فكانت) أي الفرقة بينهما (سنة) أي طريقة شرعية لمن بعدهما من (المتلاعنين) فلا يجتمعان بعد الملاعنة أبدًا فيحرم عليه بمجرد اللعان نكاحها تحريملًا مؤبدًا ظاهرًا وباطنًا سواء صدقت أو صدق ووطؤها بملك اليمين لو كانت أمة فملكها لحديث البيهقي (المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5308]، وأبو داود [2245]، والنسائي [6/ 144]، وابن ماجه [2066].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما فقال:
3623 -
(00)(00) وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَهْلُ بن سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ؛ أَنَّ عُوَيمِرًا الأَنْصَارِي مِنْ بَنِي الْعَجْلانِ، أَتى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَأَدْرَجَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلَهُ: وَكَانَ فِرَاقُهُ إيَّاهَا، بَعْدُ، سُنَّةً فِي الْمُتَلاعِنَينِ، وَزَادَ فِيهِ: قال سَهْلٌ: فَكَانَتْ حَامِلًا. فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعى إِلَى أُمِّهِ. ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ الله لَهَا
ــ
3623 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي الأموي (عن ابن شهاب أخبرني سهل بن سعد الأنصاري) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد أيلي، غرضه بيان متابعة يونس بن يزيد لمالك بن أنس (أن عويمرًا) ابن الحارث (الأنصاري من بني العجلان) حليف بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس (أتى عاصم بن عدي) الأنصاري لأنه رئيس قومه (وساق) أي ذكر يونس (الحديث) السابق (بمثل حديث مالك) بن أنس (و) لكن (أدرج) يونس (في الحديث قوله) أي قول ابن شهاب (وكان فراقه) أي فراق عويمر (إياها) أي امرأته خولة (بعد) أي بعد تلاعنهما (سنة) شرعية (في المتلاعنين، وزاد) يونس (فيه) أي في الحديث على مالك قوله: (قال سهل) بن سعد (فكانت) امرأة عويمر (حاملًا فـ) ولدت و (كان ابنها يدعى) أي ينسب (إلى أمه) لأنه وإن انتفى عن الزوج بنفيه في لعانه متحقق كونه منها لا يقبل الانفكاك عنها (ثم جرت السنة) الشرعية (أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها) من الثلث أو السدس، قال النووي: ففي الحديث أن اللعان يكون بحضرة الإمام أو القاضي وبمجمع من الناس، وهو أحد أنواع تغليظ اللعان فإنه يغلظ بالزمان والمكان والجمع، فأما الزمان فبعد العصر، والمكان ففي أشرف موضع في ذلك البلد، والجمع فبطائفة من الناس أقلهم أربعة، وهل هذه التغليظات واجبة أم مستحبة؟ فيه خلف عندنا والأصح الاستحباب اهـ.
(تتمة): قد أجمع العلماء على جريان التوارث بين الملاعنة وولدها وبين أصحاب الفروض من جهة أمه وهم إخوته وأخواته من أمه وجداته من أمه واختلفوا فيما بقي بعد سهم ذوي الفروض، فقال أبو حنيفة: ما بقي بعد أهل السهام رد على ورثته فإذا لم ترث
3624 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهاب عَنِ المُتَلاعِنَينِ وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهِمَا. عَنْ حَدِيثِ سَهلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ الله، أَرَايتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأتِهِ رَجُلًا؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ. وَزَادَ فِيهِ:
ــ
ولد الملاعنة إلا أمها أخذت الجميع لكن الثلث بالفرض والباقي بالرد، وقال الشافعي: الباقي لموالي أمه إن كان عليها ولاء فإن لم يكن فلبيت المال وبه قال مالك والزهري وأبو ثور كما حكى عنهم النووي وعن أحمد روايتان إحداهما أن عصبته عصبة أمه واختارها الخرقي، والثانية أن أمه عصبته فإن لم تكن فعصبتها عصبته.
(والمسألة): مختلف فيها منذ عهد الصحابة فقد أخرج البيهقي وسعيد بن منصور عن الشعبي أن عليًّا قال في ابن الملاعنة: ترك أخاه وأمه لأمه الثلث ولأخيه الثلث ولأخيه السدس وما بقي فهو رد عليهما بحساب ما ورثا، وقال عبد الله: للأخ السدس وما بقي فللأم وهي عصبته، وقال زيد: لأمه الثلث ولأخيه السدس وما بقي ففي بيت المال كذا في كنز العمال، فأخذ الحنفية يقول علي، والحنابلة يقول ابن مسعود، والشافعية والمالكية يقول زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم أجمعين اهـ من التكملة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما فقال:
3624 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (أخبرني ابن شهاب عن) حديث (المتلاعنين وعن السنة) الشرعية (فيهما عن حديث) أي حال كونه من حديث (سهل بن سعد أخي بني ساعدة) الأنصاري المدني. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن جريج لمالك بن أنس (أن رجلًا من الأنصار) اسمه عويمر العجلاني حليف بني عمرو بن عوف بن مالك بن أوس (جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلًا) أي أخبرني عن حكم رجل (وجد مع امرأته رجلًا) يزني بها (وذكر) ابن جريج (الحديث) السابق (بقصته) أي مع قصته من ذهاب عويمر إلى عاصم وعاصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم (وزاد) ابن جريج (فيه) أي في
فَتَلاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَا شَاهِدٌ. وَقَال فِي الْحَدِيثِ: فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا قَبْلَ أَنْ يَأمُرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَينَ كُلِّ مُتَلاعِنَينِ"
ــ
الحديث على مالك لفظة (فتلاعنا) أي فتلاعن عويمر وامرأته (في المسجد) النبوي (وأنا شاهد) أي حاضر في المسجد معهما مع الناس، وفيه مشروعية تلاعن المسلم في المسجد الجامع، وأما زوجته الذمية فتلاعن فيما تعظمه من بيعة أو كنيسة أو غيرهما فإن رضي زوجها بلعانها في المسجد وقد طلبته جاز، والحائض تلاعن بباب المسجد الجامع لتحريم مكثها في المسجد ومثلها النفساء والجنب والمتحيرة (وقال) ابن جريج (في الحديث فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله على الله عليه وسلم) بالطلاق (ففارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاكم) الخطاب للحاضرين عنده أي هذا (التفريق) المؤبد الذي ذكره عويمر سنة شرعية (بين كل المتلاعنين) إلى يوم القيامة.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث سهل بن سعد وذكر فيه متابعتين والله أعلم.
***