الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
559 - (45) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وإثم من تولى غير مواليه
3667 -
(1432)(192) حدثنا يَحيَى بْنُ يَحيَى التمِيمِيُّ. أَخبَرَنَا سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ، عن عَبْدِ الله بن دِينَارٍ، عَنِ ابن عُمَرَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ الولاءِ وَعَن هِبَتِهِ
ــ
559 -
(45) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وإثم من تولى غير مواليه
3667 -
(1432)(192)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (أخبرنا سليمان بن بلال) التيمي المدني (عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم مولى ابن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى) نهي تحريم (عن بيع الولاء وعن هبته) ولا يصح عقدهما لو عُقدا وإنما لم يجز بيع الولاء ولا هبته للنهي عن ذلك ولأنه أمر وجودي لا يتأتى الانفكاك عنه كالنسب ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب" لا يباع ولا يوهب رواه الشافعي والحاكم وابن حبان والبيهقي، واللحمة بضم اللام القرابة وخلاف السدى من نسج الثوب ومعنى هذا الحديث كما في التيسير الولاء اشتراك واشتباك كالسدى واللحمة في النسخ فهو بمنزلة القرابة فكما لا يمكن الانفصال عنها لا يمكن الانفصال عنه أي فكما لا تنتقل الأبوة والجدودة كذلك لا ينتقل الولاء وقد علم أن ولاء العتق هو إذا مات العتيق ورثه معتقه أو ورثة معتقه كانت العرب كما في النهاية تبيعه وتهبه فنهي عنه لأن الولاء كالنسب فلا يزول بالإزالة غير أنه يصح في الولاء جر ما يترتب عليه الميراث مثاله أن يتزوج عبد معتقته فيولد له منها ولد فيكون حرًّا بحرية أمه ويكون ولاءه لمواليها ما دام أبوه عبدًا فلو أعتقه سيده عاد ولاؤه لمعتق أبيه بالاتفاق، وللولاء أحكام خاصة ثبتت بالسنة منها أنه لا يرث به إلا العصبات الذكور ولا مدخل للنساء فيه إلا فيما أعتقن أو أعتق من أعتقن كما قال صاحب الرحبية:
وليس في النّساء طرًا عصبة
…
إلا التي منت بعتق الرقبة
ومنها أنه لا يورث إلا بالكبر فلا يستحق البطن الثاني منه شيئًا ما بقي من البطن الأول شيء وتفصيل ذلك في الفروع وقد حكي عن بعض السلف أن الولاء ينتقل ولعله إنما يعني به الجر المذكور آنفًا والله تعالى أعلم اهـ من المفهم بزيادة.
قَال مسلم: الناسُ كُلهم عِيَالٌ، عَلَى عَبدِ الله بنِ دِينَار، فِي هذَا الحَدِيثِ.
3668 -
(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكر بن أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بن حَربٍ. قَالا: حدثنا ابن عُيَينَةَ. ح وَحَدثَنَا يَحيَى بن أَيوبَ وَقُتَيبَة بن سَعِيد وَابنُ حُجرٍ. قَالوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن جَعفَرٍ. ح وَحَدثَنَا ابن نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سُفيَان بن سَعِيدٍ. ح وَحَدثَنَا ابْنُ المُثَنى. حَدَّثَنَا محمد بن جَعفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ. ح وَحَدثَنَا ابن المُثَنى. قَال: حَدَّثَنَا عَبدُ الوهابِ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله. ح وَحَدثَنَا
ــ
(قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى (الناس) أي المحدثون (كلهم عيال) أي مجتمعون (على عبد الله بن دينار) في رواية (هذا الحديث) عنه فإنه تفرد برواية هذا الحديث عن أبي هريرة والناس كلهم رووا عنه يعني أن هذا الحديث لم يبلغ الناس إلا بواسطته وقد اعتنى أبو نعيم الأصبهاني بجمع طرقه من عبد الله بن دينار فأورده عن خمسة وثلاثين نفرًا ممن حدث به عن عبد الله بن دينار وحكى الترمذي في الولاء والهبة عن شعبة أنه قال: وددت أن عبد الله بن دينار لما حدث بهذا الحديث أذن لي حتى كنت أقوم إليه فأقبل رأسه، وذكر الحافظ في الفتح [12/ 37] أن أبا عوانة أخرج هذا الحديث في صحيحه عن نافع مقرونًا مع عبد الله بن دينار وأخرجه ابن حبان في الثقات في ترجمة أحمد بن أبي أوفى عن عبد الله بن دينار وعمرو بن دينار جميعًا والله تعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 9] ، والبخاري [6756] ، والترمذي [1236]، وابن ماجه [2747].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
3668 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا: حدثنا ابن عيينة (ح) وحدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي، ثقة، من (10)(وقتيبة بن سعيد و) علي (بن حجر) بن إياس السعدي المروزي، ثقة، من (9) (قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) (ح وحدثنا) محمد (بن نمير حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا سفيان بن سعيد) الثوري (ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة ح وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص (ح وحدثنا)
ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابن أَبِي فُدَيكٍ. أَخبَرَنَا الضحاكُ (يَعنِي ابن عُثمَانَ). كُلْ هؤُلاءِ عن عَبدِ الله بن دِينَارٍ، عَنِ ابن عُمَرَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم، بِمِثلِهِ، غيرَ أن الثقَفِي لَيسَ فِي حَدِيثِهِ عن عُبَيدِ الله، إِلا البَيعُ، وَلَم يَذكُرِ: الهِبَةَ.
3669 -
(1433)(193) وحدثني محمد بن رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبدُ الرزاقِ. أَخبَرَنَا ابن جُرَيجٍ. أَخبَرَنِي أَبُو الزبَيرِ؛ أَنهُ سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبدِ الله يَقُولُ: كَتَبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُل بَطنٍ عُقُولَهُ
ــ
محمد (بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) مصغرًا اسمه يسار الذيلي المدني صدوق، من (8)(أخبرنا الضحاك يعني ابن عثمان) بن عبد الله الأسدي الحزامي المدني صدوق، من (7)(كل هؤلاء) الستة يعني ابن عيينة وإسماعيل بن جعفر وسفيان الثوري وشعبة وعبيد الله بن عمر والضحاك بن عثمان، وهذه الأسانيد الستة الأولان منهما من رباعياته والأربعة الأخيرة من خماسياته غرضه بسوقهما بيان متابعة هؤلاء الستة لسليمان بن بلال أي كلهم رووا (عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله) أي بمثل ما روى سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار (غير أن) أي لكن أن عبد الوهاب (الثقفي ليس في حديثه) أي في روايته (عن عبيد الله إلا البيع ولم يذكر الهبة) وهذا بيان لمحل المخالفة بينه وبين غيره.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
3669 -
(1433)(193)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (أخبرني أبو الزبير) المكي محمد بن مسلم الأسدي (أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (يقول: كتب النبي صلى الله عليه وسلم أي فرض وأثبت (على كل بطن) والبطن دون القبيلة والفخذ دون البطن (عقوله) أي دياتهم والعقول جمع عقل والعقل الدية والهاء فيه ضمير البطن والديات لا تختلف باختلاف البطون أي أوجب عليهم غرم دية وجبت على من جنى منهم على
ثم كَتَبَ: "أنهُ لا يَحِلُّ لِمسلمٍ أَن يَتَوَالى مَولى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيرِ إِذْنِهِ"
ــ
غيرهم أي أوجب عليهم تحملها عن الجاني والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الدية في الخطإ شبه العمد على عاقلة الجاني وعصباته غير الأصول والفروع أي ضم البطون بعضها إلى بعض فيما بينهم من الحقوق والغرامات لأنه كانت بينهم دماء وديات بحسب الحروب السابقة قبل الإسلام فرفع الله سبحانه ذلك عنهم وألف بين قلوبهم ببركة الإسلام وببركته صلى الله عليه وسلم كذا في شرح الأبي مع زيادة (ثم كتب) صلى الله عليه وسلم إلى كل بطن وقبيلة من قبائل العرب (أنه) أي أن الشأن والحال (لا يحل لمسلم أن يتوالى) أي أن ينسب إلى نفسه (مولى رجل مسلم) أي عتيق رجل آخر (بغير إذنه) أي بغير إذن معتقه يعني لا يحل لرجل مسلم أن يحدث ولاء مع أن من أعتقه غيره لأن الولاء لحمة كلحمة النسب ولا يثبت شرعًا إلا للمعتق ولا يجوز لعبد معتق أن يقول أنا مولى فلان إذا كان فلان لم يعتقه فكما أن الرجل لا يحل له أن ينتمي إلى غير أبيه فكذلك لا يحل له أن يتوالى غير مولاه، وقوله:(بغير إذنه) ظاهر مفهومه منه أنه يجوز للعبد المعتق أن ينتمي إلى غير مولاه ويحدث معه الولاء إذا أذن له السيد بذلك ولكنه غير مراد في مذهب جمهور العلماء لأنهم اتفقوا على أن مثل هذا التوالي لا يجوز وإن أذن السيد بذلك لأنه إن أذن في ذلك بعوض فهو بيع للولاء وإن أذن بغير عوض فهو هبة له وكلاهما لا يجوز كما مر في الحديث السابق وأما قوله صلى الله عليه وسلم إلا بإذنه فقد خرج مخرج الغالب لأنهم كانوا يفعلون ذلك بغير إذن غالبًا فمفهومه غير مراد عند الجمهور.
قال القرطبي: (قوله: كتب على كل بطن عقوله) أي أوجب عليهم تحمل الدية التي وجبت على من جنى منهم في الخطإ وشبه العمد وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة واستقر أمره فيها آخى بين المهاجرين والأنصار وصالح من كان فيها من اليهود وميز القبائل بعضها عن بعض وضم البطون بعضها إلى بعض فيما ينوبهم من الحقوق والغرامات وكان بينهم دماء وديات بسبب الحروب العظيمة التي كانت بينهم قبل الإسلام فرفع الله تعالى كل ذلك عنهم وألف بين قلوبهم ببركة الإسلام وبركة النبي صلى الله عليه وسلم حتى صاروا كما قال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران / 103] وقوله: (أن يتوالى مولى رجل مسلم) هذا يقتضي تحريم أن ينسب أحد مولى رجل لنفسه وحديث أبي هريرة يقتضي تحريم
ثم أُخبِرتُ؛ أَنهُ لَعَنَ فِي صَحِيفَتِهِ مَن فَعَلَ ذلِكَ.
3670 -
(1434)(194) حدثنا قُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعقُوبُ (يَعنِي ابن عَبدِ الرحمن القَارِي) عن سُهَيلٍ، عَنْ أبِيهِ،
ــ
نسبة العتيق لغير معتقه وكلاهما محرم هنا كما هو محرم في النسب وسوى النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في الردع والوعيد فقال: "من ادعى إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه فالجنة عليه حرام" رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان قوله: (بغير إذنه) وفي الحديث الآخر: (بغير إذنهم) أي بغير إذن السادة ودليل خطابه يدل على أن السيد إذا أذن في ذلك جاز كما قد ذهب إليه بعض الناس وليس بصحيح والجمهور على منع ذلك وإن أذن السيد كما مر تعليله اهـ من المفهم.
قال أبو الزبير: (ثم) بعد هذا الحديث (أُخبرت) بالبناء للمفعول أي أخبرت عن جابر (أنه) صلى الله عليه وسلم (لعن في صحيفته) ورسالته التي كتبها إلى البطون أي طلب من الله تعالى اللعن والطرد من رحمته (من فعل ذلك) التوالي أي الانتساب إلى غير مواليه فقوله: (ثم أخبرت) الخ الظاهر أنه من كلام أبي الزبير لأن أحمد أخرج هذا الحديث في مسنده [3/ 342] من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير قال: سألت جابرًا عن الرجل يتولى مولى الرجل بغير إذنه فقال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقولهم ثم كتب أنه لا يحل أن يتولى مولى رجل مسلم بغير إذنه ثم أخرج من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن في صحيفته من فعل ذلك والمراد من الصحيفة صحيفة بعثها إلى البطون ويمكن أن يكون المراد منها صحيفة علي بن أبي طالب وسيأتي ذكرها في الحديث الآتي والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 321 و 342] ، والنسائي في القسامة صفة شبه العمد، ولم أجده في الأمهات إلا في مسلم والنسائي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3670 -
(1434)(194)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن عبد الله (القاري) بتشديد الياء نسبة إلى قارة بتخفيف الراء اسم قبيلة المدني، ثقة، من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح المدني (عن أبيه) أبي صالح السمان
عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "مَن تَوَلى قَومًا بِغيرِ إِذنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيهِ لَعنَةُ الله وَالمَلائكَةِ. لا يُقبَلُ مِنهُ عَدل ولا صَرف".
3671 -
(00)(00) حدثنا أَبُو بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حُسَينُ بن عَلِي الجُعفِيُّ، عن زَائِدَةَ، عن سُلَيمَانَ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيرَةَ،
ــ
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد فإنه بلخي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تولى تومًا) أي اتخذهم أولياء له وانتمى إليهم، قال النووي ومعناه أن ينتمي العتيق إلى ولاء غير معتقه وهذا حرام لتفويته حق المنعم عليه لأن الولاء كالنسب فيحرم تضييعه كما يحرم تضييع النسب وانتساب الإنسان إلى غير أبيه (بغير إذن مواليه) أي ساداته (فعليه لعنة الله والملائكة) والناس أجمعين، وقد تقدم أن اللعنة أصلها الطرد والبعد فلعنة الله تعالى هي إبعاده للملعون عن رحمته وإحلاله في وبيل عقوبته ولعنة الملائكة والناس هي دعاؤهم عليه بذلك وذمهم له وطرده عنهم (لا يُقبل منه عدل) أي فرض (ولا صرف) أي ولا نفل، وحكى صاحب المحكم الصرف الوزن والعدل الفدية وبهذا جزم البيضاوي وقيل الصرف الرشوة والعدل الكفيل قاله أبان بن تغلب وأنشد:
لا نُقبل الصرف وهاتوا عدلًا
وحديث أبي هريرة هذا قطعة من الحديث الطويل الذي سيأتي في الحديث الآتي من رواية علي رضي الله عنه كما يظهر من مراجعة مسند أحمد [2/ 499] فإنه روى حديث أبي هريرة بعين لفظ علي رضي الله عنه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [5114].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3671 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي) بن الوليد (الجعفي) مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة، من (9)(عن زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن سليمان) بن مهران الكاهلي الكوفي المعروف بالأعمش (عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة كوفيون واثنان مدنيان، غرضه بيان متابعة سليمان الأعمش لسهيل بن أبي صالح
عَنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال: "من تولى قَومًا بِغَيرِ إِذنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيهِ لَعنَةُ الله وَالمَلائكَةِ وَالناسِ أَجمَعِينَ. لا يُقْبَلُ مِنهُ، يَوْمَ القِيَامَةِ، عَدْل ولا صَرف".
3672 -
(00)(00) وَحَدثَنِيهِ إِبراهِيمُ بن دِينَار. حَدَّثَنَا عُبَيدُ الله بن مُوسَى. حَدَّثَنَا شَيبَانُ، عَنِ الأَعمَشِ، بِهذَا الإِسنَادِ. غَيرَ أَنهُ قَال:"ومن وَالى غَيرَ مَوَالِيهِ بِغَيرِ إِذْنِهِمْ".
3673 -
(1435)(195) وحدثنا أَبُو كُرَيب. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ. حَدَّثَنَا الأعمَشُ، عن إِبرَاهِيمَ التيمِي، عن أَبِيهِ
ــ
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تولى) أي من اتخذ (قومًا) أولياء (بغير إذن مواليه) أي سادته (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدل) أي فرض (ولا صرف) أي ولا نفل، وكرر المتن لما في هذه الرواية من المخالفة للأولى بالزيادة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
3672 -
(00)(00)(وحدثنيه) أي حدثني هذا الحديث يعني حديث أبي هريرة (إبراهيم بن دينار) التمار أبو إسحاق البغدادي ثقة ثبت من (10)(حدثنا عبيد الله بن موسى) العبسي بموحدة مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي مولاهم أبو معاوية البغدادي، ثقة، من (7)(عن) سليمان (الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه غرضه بيان متابعة شيبان بن عبد الرحمن لزائدة بن قدامة (غير أنه) أي لكن أن شيبان (قال) في روايته (ومن والى غير مواليه بغير إذنهم) أي بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جابر بحديث علي رضي الله عنهما فقال:
3673 -
(1435)(195)(وحدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم (حدثنا الأعمش عن إبراهيم) بن يزيد بن شريك (التيمي) تيم الرباب أبي أسماء الكوفي الكوفي، ثقة، من (5)(عن أبيه) يزيد بن شريك بن طارق التيمي الكوفي،
قَال: خَطَبَنَا عَلِي بْنُ أَبِي طَالِب فَقَال: من زَعَمَ أن عِنْدَنَا شَيئًا نَقرَؤُهُ إِلا كِتَابَ الله وَهذِهِ الصحِيفَةَ. (قَال: وَصَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي قِرَابِ سَيفِهِ) فَقَد كَذَبَ. فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ. وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَفِيهَا قَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَينَ عَيرٍ إِلَى ثَوْرٍ. فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا. فَعَلَيهِ لَعنَةُ الله والملائكة وَالناسِ أَجْمَعِينَ. لا يَقْبَلُ الله مِنهُ، يَوْمَ القِيَامَةِ، صَرْفًا ولا عَدْلًا
ــ
ثقة، من (2)(قال) يزيد بن شريك (خطبنا علي بن أبي طالب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا علي بن أبي طالب (فقال) علي في خطبته (من زعم) وقال والزعم القول بالظن بلا دليل فيه رد على من كان يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم خص عليًّا بأمور كثيرة من أسرار الشريعة وأوصى إليه في أمر الخلافة (أن عندنا) أهل البيت (شيئًا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة) أي وهذه الورقة (قال) يزيد بن شريك (و) عنده (صحيفة) أي ورقة مكتوبة (معلقة) أي محمولة معه (في قراب سيفه) أي في غلافه والقراب هو الغلاف الذي يجعل فيه السيف بغمده، وقوله:(فقد كذب) جواب من الشرطية (فيها) أي في تلك الصحيفة (أسنان الإبل) أي بيان أسنان الإبل التي تؤدى في الدية كعشرين بنت مخاض وعشرين بنت لبون مثلًا (وأشياء من الجراحات) أي وفيها بيان أشياء من أروش بعض الجراحات كأرش الموضحة وأرش الهاشمة، قال النووي: هذا تصريح من علي رضي الله عنه بإبطال ما تزعمه الرافضة والشيعة ويخترعونه من قولهم إن عليًّا أوصى إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأمور كثيرة من أسرار العلم وقواعد الدين وكنوز الشريعة وأنه صلى الله عليه وسلم خص أهل البيت بما لم يطلع عليه غيرهم، وهذه دعاوى باطلة واختراعات فاسدة ولا أصل لها ويكفي في إبطاله قول علي رضي الله عنه هذا اهـ (وفيها) أي في تلك الصحيفة لفظة (قال النبي صلى الله محليه وسلم: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور) هما جبلان على طرفي المدينة المنورة جنوبها وشمالها كما مر بسط الكلام عليهما في أواخر كتاب الحج باب فضل المدينة (فمن أحدث) أي فعل وأظهر (فيها) أي في المدينة (حدثًا) أي أمر حادثًا منكرًا مخالفًا للسنة والشريعة أي من أظهره فيها كما في النهاية (أو آوى) أي ضم وحمى وحفظ (محدثًا) أي من يفعل أمرًا حادثًا منكرًا في الشرع ورضي بعمله (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا) أي فرضًا (ولا عدلًا)
وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. وَمَنِ ادعَى إلَى غَيرِ أَبِيهِ، أَو انْتَمَى إلَى غير مَوَالِيهِ، فَعَلَيهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلائكَةِ وَالناسِ أَجْمَعِينَ. لا يَقبَلُ الله مِنهُ، يَومَ الْقِيَامَةِ، صَرْفًا ولا عَدْلًا"
ــ
أي نفلًا، أي لا يكون له خير يُقبل منه أحسن القبول (وذمة المسلمين) أي عهدهم وأمانهم (واحدة) أي كالشيء الواحد لا يختلف باختلاف المراتب ولا يجوز نقضها لتفرد العاقد بها مع الكفار، وكان الذي ينقض ذمة أخيه التي عقدها مع الكفار كالذي ينقض ذمة نفسه كأنهم كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى بعضه اشتكى كله، والذمة في الأصل ما يُذم الرجل على إضاعته من عهد وأمان كما في المرقاة (يسعى) أي يتولى (بها) بعقدها مع الكفار ويلي أمرها (أدناهم) أي أدنى المسلمين مرتبة وأقلهم درجة بينهم فإذا أمن أحد من المسلمين كافرًا لم يحل لأحد منهم نقضه وإن كان المؤمن وضيعًا اهـ من المرقاة (ومن ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه) المعروف (أو انتمى) أي انتسب (إلى غير مواليه) أي إلى غير من لهم الولاء عليه بأن قال العتيق لغير معتقه أنت مولاي (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا) وهذا الحديث بلفظه تقدم في كتاب الحج في باب فضل المدينة وقد بسطنا الكلام عليه هناك فراجعه إن شئت.
وشارك المؤلف في روايته أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث: الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث جابر وذكر فيه متابعتين، والرابع: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكره للاستشهاد به ثانيًا لحديث جابر رضي الله عنه والله سبحانه وتعالى أعلم.
***