المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر جملة من الأمثال - المزهر في علوم اللغة وأنواعها - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌وهذا فهرست انواعه

- ‌(تصدير)

- ‌النوع الأول

- ‌معرفة الصحيح ويقال له الثابت والمحفوظ

- ‌(رأي ابن جني)

- ‌(آراء في علم اللغات)

- ‌تنبيهات

- ‌أقسام العرب

- ‌(حد الوضع)

- ‌مناسبة الألفاظ للمعاني

- ‌(شرائط اللغة)

- ‌(سعة اللغة)

- ‌(أبنية الكلام)

- ‌(بداية التصنيف في اللغة)

- ‌ذِكْرُ قَدْحِ الناس في كتاب العين

- ‌النوع الثاني

- ‌معرفة ما روي من اللغة ولم يصح ولم يثبت

- ‌النوع الثالث

- ‌معرفة المتواتر والآحاد

- ‌(ألفاظ مستعملة أصلها أعجمي)

- ‌النوع الرابع

- ‌معرفة المرسل والمنقطع

- ‌النوع الخامس

- ‌معرفة الأفراد

- ‌النوع السادس

- ‌معرفة من تُقْبَل روايته ومَن تُرَد

- ‌النوع السابع

- ‌معرفة طرق الأخذ والتحمل

- ‌(القراءة على الشيخ)

- ‌(السماع على الشيخ)

- ‌(الإجازة)

- ‌النوع الثامن

- ‌معرفة المصنوع

- ‌ذكر أمثلة من الألفاظ المصنوعة:

- ‌النوع التاسع

- ‌معرفة الفصيح

- ‌الفصل الأول في معرفة الفصيح من الألفاظ المفردة

- ‌ الغَرَابة

- ‌(التنافر)

- ‌(مخالفة القياس)

- ‌الفصل الثاني في معرفة الفصيح من العرب

- ‌النوع العاشر

- ‌معرفة الضعيف والمنكر والمتروك من اللغات

- ‌أسماء الأيام في الجاهلية

- ‌(أسماء الشهور)

- ‌النوع الحادي عشر

- ‌معرفة الردىء المذموم من اللغات

- ‌النوع الثاني عشر

- ‌معرفة المطرد والشاذ

- ‌النوع الثالث عشر

- ‌معرفة الحوشي والغرائب والشواذ والنوادر

- ‌ذكر أمثلة من النوادر

- ‌النوع الرابع عشر

- ‌النوع الخامس عشر

- ‌(معرفة المفاريد)

- ‌النوع السادس عشر

- ‌معرفة مختلف اللغة

- ‌فوائد:

- ‌النوع السابع عشر

- ‌معرفة تداخل اللغات

- ‌النوع الثامن عشر

- ‌معرفة توافق اللغات

- ‌النوع التاسع عشر

- ‌معرفة المعرَّب

- ‌ذكر أمثلة من المُعرَّب

- ‌فصل في المعرب الذي له اسم في لغة الغرب

- ‌ذكر ألفاظ شك في أنها عربية أو معربة

- ‌النوع العشرون

- ‌معرفة الألفاظ الإسلامية

- ‌النوع الحادي والعشرون

- ‌معرفة المولد

- ‌النوع الثاني والعشرون

- ‌معرفة خصائص اللغة

- ‌النوع الثالث والعشرون

- ‌معرفة الاشتقاق

- ‌النوع الرابع والعشرون

- ‌معرفة الحقيقة والمجاز

- ‌النوع الخامس والعشرون

- ‌معرفة المشترك

- ‌النوع السادس والعشرون

- ‌معرفة الأضداد

- ‌النوع السابع والعشرون

- ‌معرفة المترادف

- ‌فوائد

- ‌ذكر أمثلة من ذلك

- ‌النوع الثامن والعشرون

- ‌معرفة الإتباع

- ‌ذكر أمثلة من الإتباع

- ‌النوع التاسع والعشرون

- ‌معرفة العام والخاص

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌النوع الثلاثون

- ‌معرفة المطلق والمقيد

- ‌النوع الحادي والثلاثون

- ‌معرفة المشجر

- ‌النوع الثاني والثلاثون

- ‌معرفة الإبدال

- ‌النوع الثالث والثلاثون

- ‌معرفة القلب

- ‌النوع الرابع والثلاثون

- ‌معرفة النحت (معرفته من اللوازم)

- ‌النوع الخامس والثلاثون

- ‌معرفة الأمثال

- ‌ذكر جملة من الأمثال

- ‌النوع السادس والثلاثون

- ‌معرفة الآباء والأمهات والأبناء والبنات والإخوة والأخوات والأذواء والذوات

- ‌الفصل الأول

- ‌في الآباء

- ‌الفصل الثاني

- ‌في الأمهات

- ‌الفصل الثالث

- ‌في الأبناء

- ‌الفصل الرابع

- ‌في البنات

- ‌الفصل الخامس

- ‌في الإخوة

- ‌الفصل السادس

- ‌في الأذواء والذوات

- ‌النوع السابع والثلاثون

- ‌معرفة ما ورد بوجهين بحيث يؤمن فيه التصحيف

- ‌النوع الثامن والثلاثون

- ‌معرفة ما ورد بوجهين بحيث إذا قرأه الألثغ لا يعاب

- ‌النوع التاسع والثلاثون

- ‌معرفة الملاحن والألغاز وفتيا فقيه العرب والثلاثة متقاربة وفي النوع ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول

- ‌في الملاحن

- ‌الفصل الثاني

- ‌في الألغاز

- ‌الفصل الثالث

- ‌في فتيا فقيه العرب

الفصل: ‌ذكر جملة من الأمثال

وقال المرزوقي: من شرط المثل ألَاّ يغيَّر عما يقع في الأصل عليه ألَا ترى أن قولهم (أعط القوس بارِيها) تُسكَّن ياؤه وإن كان التحريك الأصللوقوع المثل في الأصل على ذلك وكذلك قولهم (الصيفَ ضيعتِ اللبن) .

لمَّا وقع في الأصل للمؤنث لم يُغيَّر من بعد وإن ضُرِب للمذكر.

وقال التبريزي في تهذيبه: تقول: (الصيف ضيعتِ اللبن) مكسورة التاء إذا خوطب بها المذكر والمؤنث والاثنان والجمعلأن أصلَ المثل خوطبت به امرأة وكذلك قولهم: (أَطِرِّي فإنَك ناعِلِه) يضرَبُ للمذكر والمؤنث والاثنين والجمع على لفظ التأنيث.

‌ذكر جملة من الأمثال

قال القالي في أماليه: من أمثال العرب: (مَنْ أَجْدَب انْتَجَع) يقال عند كراهة المنزل والجوار وقلة المال.

ومن أمثالهم: (الجحْشَ لما بَذَّكَ الأعيارُ) .

يضرب لمن يطلب الأمر الرفيع فيفوته فيقال له: اطلب دون ذلك.

ص: 376

ومن أمثالهم: (يا حبَّذَا التُّرَاثُ لولا الذَّلة) .

أي الميراث حُلو لولا أن أهلَ بيته يِقّلون.

ومنها: (أصلح غَيْثٌ ما أفسد بَرَدُه) .

يضرب لمن يكون فاسدا ثم يصلح.

(هذا ولما تَردى تِهَامة) .

يُضرب لمن يَجْزَع قبل وقت الجزَع.

(عرف حَمِيق جَمَله) .

يُضْرب لمن عرف خصمه فاجترأ عليه.

(من استرعى الذئب ظَلم) .

يُضرب لمن وَلّى غيرَ الأَمين.

(خَرْقَاء وجدت صُوفا) .

يضرب للسفيه يقع في يده مالٌ فيعبَث فيه.

(الذَّوْد إلى الذَّوْد إبل) .

أي إذا اجتمع القليل إلى القليل صار كثيرا.

(ربَّ عجَلة تَهَبُ ريثا) .

أي ربما استعجل الرجل فألقاه استعجاله في بُطء.

ص: 377

(بفلان تقرن الصَّعْبة) .

أي أنه يذل المستصعب.

(حيث لا يضعُ الرَّاقي أنفَه) .

أي أن ذلك الأمر لا يُقْرَب ولا يُدنى منه وأصله أن ملسوعا لسع في اسْتِه فلم يقدر الراقي أن يقرب أنفه مما هنالك.

(أهون هالكٍ عجوزُ في عامِ سَنَةٍ) .

مثل للشيءُ يستخف بهلاكه.

(لا يُعْجَب للعروس عام هِدَائِها) .

يُراد أن الرجل إذا استأنف أمرا تحمل له.

(الشرُّ ألجأ إلى مخِّ العراقيب) .

يقال عند مسألة اللئيم أَعْطَى أو مَنَع.

(سكت ألفا ونطق خَلْفاً) .

أي سكت عن ألف كلمة ونطق بواحدة رديئة.

(تَفْرقُ من صَوْتِ الغراب وتفترسُ الأسد المَشبَّم) .

وهو الذي قد شُدّ فوه وذلك أن امرأة افترست أسدا وسمعت صوت غراب ففزعت منه يقال للذي يَخَاف اليسير من الأمر وهو جريء على الجسيم.

ص: 378

(رُوغِي جَعَارٍ وانظري أينَ المفر) .

يقال للذي يَهْرب ولا يقدر أن يَغْلب صاحبه.

(أسمع جعجعة ولا أرى طِحْناً) .

أي اسمع جَلَبة ولا أرى عملا ينفع والجعجعة: صوت الرحى والطِّحْنُ: الدقيق.

(إِن البِغَاثَ بأرضنا يَسْتَنْسر) .

يضرب مثلا للرجل يكون ضعيفا ثم يقوى.

قال القالي: سمعت هذا المثل في صباي من أبي العباس وفسره لي فقال: يعود الضعيف بأرضنا قويا.

ثم سألت عن أصل هذا المثل أبا بكر بن دريد فقال: البَغَاث: ضِعاف الطَّير والنسر قوي فيقول: إن الضعيف يصير كالنسر في قوته.

(لو أَجِد لِشَفْرَةٍ محزا) .

أي لو أجد للكلام مساغا.

(كأنما قُدّ سيْرُه الآن) .

يقال للشيخ إذا كان في خِلْقة الأحداث.

(يجري بُلَيْقٌ ويُذَمّ) .

يقال للرجل يحسن ويُذَمْ.

(لا يَبِضْ حَجَرُه) .

أي لا يخرُج منه خير يقال: بَضَّ الماء إذا خرَج قليلا قليلا.

ص: 379

(الحُسْنُ أَحْمَرُ) .

أي من أراد الحسن صَبَر على أشياء يكرهُها.

(يداك أوْكَتَا وفُوك نَفخ) .

يقال لمن فعل فَعَلَةً أخطأ فيها يُراد بذلك أنك من قِبَلك أُتِيت وأصلُه أن رجلا قطع بحرا بزق فانفتح فقيل له ذلك.

(العير أوقى لدَمِه) .

يقال ذلك للرجل أي أنه أشد إبقاء على نفسه.

(عبدٌ صريخُه أَمَة) .

يضرب مثلا للضعيف يستصرخ بمثله.

(النَّقْدُ عند الحافِر) .

يراد به عند أوَّل كلمة قال بعض اللغويين: كانت الخيل أفضلَ ما يباع فإذا اشترى الرجل الفرس قال له صاحبه: النَّقد عند الحافر أي عند حافِر الفرس في موضعه قبل أن يزولَ.

(خُبَأةٌ خيرٌ من يَفَعَة سَوْءٍ) .

أي بنت تلزم البيت تَخَبأُ نفسها فيه خيرٌ من غلام سَوْء لا خير فيه.

// من الخفيف //

(طلَب الأبَلقَ العَقوق فلما

لم يَجدْه أرادَ بيض الأنوق)

ص: 380

يضرب مثلا لمن طلب ما لا يقدِر عليه والأنوق: الذكر من الرخم ولا بيضَ له وقيل بل الأنثى لأنها لا تبيض إلا في مكان لا يُوصَل فيه إلى بيضها.

وفي أمالي ثعلب: إذا سُئِل الرجل ما لا يكون أو ما لا يقدر عليه يقول: (كلفتني الأبلق العقوق) و (كلفتني سلى جمل) و (كلفتني بَيْضَ الأنوق) وهي الرخمة لا يُقْدَر على بَيْضها (وكلفتني بيض السماسم) وهو طير مثل الخطَاف والعَقوق: الحامل والأبلق ذكر فهذا ما لا يكون.

والسَّلى ما تلقيه الناقة إذا وضعت وهذا لا يكون في الحمل والسماسم لا يقدر لها على بيض.

انتهى.

وقال القالي: ومن أمثالهم (برّقٌ لمن لا يعرفك) .

يقال للذي توعد من يعرفه أي اصنع هذا بمن لا يعرفك.

(شرَّاب بأنْقُع) أي معاود للأمور يأتيها مرَّة بعد أخرى.

(مخرنبق لِيَنْبَاع) .

أي مطرق ساكت لِيَثِبَ.

ص: 381

وقال ثعلب في أماليه: (ضرَب أخماسا لأسْداس) يضرب مثلا في المكر.

قال الشاعر: // من البسيط //

(إذا أرادَ امرؤٌ مكرا جنى عللا

وظلَّ يضرب أخماسا لأسْدَاس)

وأصله أن قوما كانوا في إبل لأبيهم غرابافكانوا يقولون للرِّبْع من الإبل: الخِمْس وللخِمْس السِّدْس فقال أبوهم: إنما تقولون هذا لترجعوا إلى أهليكم فصرات مثلا في كل مكر.

وقال ابن دريد في أماليه أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: سئل يونس يوما عن المثل (مُجِير أم عامر) فقال: خرج فتيان من العرب للصيد فأثاروا ضبعا فانفلتت من بين أيديهم ودخلت خباء بعض فخرج إليهم فقال: واللَّه لا تَصِلون إليها فقد استجارت بي فخلوا بينه وبينها فلما انصرفوا عمد إلى خبز ولبن وسمن فثرده وقرَّبه إليها فأكلت حتى شبعت وتمددت في جانب الخباءوغلب الأعرابيَّ النوم فلما استثقل وثبت عليه فقرضت حَلْقه وبقَرَتْ بطنه وأكلت حُشْوته وخرجت تسعى وجاء أخٌ للأعرابي فلما نظر إليه أنشأ يقول: // من الطويل //

(ومن يصنع المعروف في غير أهله

يلاقِ الذي لا قى مجيرُ ام عامر)

(أعد لها لما استجارت ببيته

قِراها من اَلبان اللقاح البَهَازِر)

(فأشبعها حتى إذا ما تمطَّرَت

فَرَتْه بأنيابٍ لها وأظافر)

ص: 382

(فقل لذي المعروف: هذا جزاء من

يجودُ بمعروف إلى غير شاكر)

ومن الأمثال المشهورة (مَوَاعيده عُرٍقوب) .

قال أبو علي أحمد بن إسماعيل القمي النحوي في كتاب جامع الأمثال: (هو رجلٌ من خَيبر كان يهوديا وكان يَعِد ولا يَفي فضَرَبت به العربُ المثلَ.

قال المتلمس: // من الكامل //

(الغدر والآفات شيمتُه

فافهمْ فعرقوبٌ له مَثَل)

وقال كعب بن زهير: // من البسيط //

(كانت موعيدُ عُرْقُوب لها مثلا

وما مواعيدُها إلا الأباطيل)

وقال أبو عبيد: عُرْقوب رجل من العماليق أتاه أخٌ له يسألُه فقال له عرقوب: إذا أطْلعت هذه النخلة فَلك طلعها.

فلما أطلعت أتاه فقال: دَعْها حتى تصيرَ بلحا.

فلما أبَلَحَت قال: دعها حتى تصير زهوافلما أزهت قال: دعها حتى تصير رطبافلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمرافلما أَتْمَرت عمَد إليها عُرْقُوب من الليل فجذَّها ولم يعط أخاه شيئافصار مثلاوفيه يقول الأشجعي: // من الطويل //

(وعدتَ وكان الخُلْفُ منك سَجيّةً

مواعيدَ عُرْقُوبٍ أخاه بيثرب)

وقال آخر // من الطويل //

وأكذُب من عُرْقُوب يَثْرب لهجة

وأبين شؤما في الحوائج من زُحَلْ)

ص: 383

ومن الأمثال المشهورة (تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي خيرٌ من أن تراه) .

قال أبو عبيد: أخبرني ابن الكلبي أن هذا المثلَ ضُربَ للصقعب بن عمرو النهدي قاله له النعمان بن المنذر.

وقال الفضل: المثل للمنذر بن ماء السماءقاله لشقة بن ضَمْرة سَمع بذكره فلما رآه اقتحمته عينه فقال: تسمع بالمُعَيْدِيّ خيرٌ من أن تراه فأرسلها مثلا فقال: له شقة: أبيت اللعنإن الرجال ليسوا بجزُر يراد منهم الأجسام (وإِنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه) فذهب مثلاوأعجب المنذر بما رأى من عَقْله وبيانه ثم سماء باسم أبيه فقال: أنت ضَمْرة بن ضَمْرة.

وقال ابن دريد في أماليه: أخبرنا السكن بن سعيد الجرموزي عن محمد بن عباد عن الكلبي قال: وفد الصَّقْعب بن عمرو النهدي في عشرة من بني نهد على النِعمان بن المنذر وكان الصَّقْعب رجلا قصيرا دميما تقتحمُه العين شريفا بعيدَ الصوت وكان قد بلغ النعمان حديثُه فلما أخبر النعمان بهم قال للآذن: ائذن للصَّقْعب فنظر الآذِن إلى أعظمهم وأجملهم فقال: أنت الصعقب قال لا. فقال للذي يليه في العِظِم والهيئة أأنت هو فقال لا

فاستحيا فقال: أيكم الصقعبفقال الصقعب: هأنذافأدخله إلى النعمان فلما رآه قال: تَسْمعُ بالمُعيديّ خير من أن تراهفقال له الصقعب: أبيت اللعنإن الرجال ليسوا بالمُسُوك يُسْتَقى فيها إنما الرجل بأصغرَيه بلسانه وقلبه إنْ قاتل قاتل بجَنَان وإن نطق نطق ببَيان.

فقال له النعمان: فلله أبوكفكيف بصرك بالأمورفقال: أَنْقض منهما المفتول وأُبرم منها المَسْحول وأُحيلها حتى تحول وليس لها بصاحب مَنْ لم ينظر في العواقب.

قال: قد أحلت وأحسنت فأخْبرني عن العَجْزِ الظاهر والفَقْر الحاضر.

قال: أما العجز الظاهر فالشاب الضعيف الحيلة التَّبوع للحليلة الذي يحوم حولها إن غَضِبَت ترضَّاها وإن رضيت تفداها فذاك الذي لا كان ولا ولد النساءُ مِثْله.

وأما

ص: 384

الفقرُ الحاضر فالذي لا تشبعُ نفسه وإن كان له قنطارٌ من ذهب.

قال: فأخبرني عن السوءة السوءاء والداء العَيَاء.

قال: أما السوءة السوءاء فالمرأةَ السَّليطة التي تَعجب من غير عَجب وتغضَب من غير غضَب فصاحبُها لا يَنْعَمُ بالُه ولا يَحْسُن حالُه إن كان ذا مال لم ينفعْه وإن كان فقيرا عيِّر به فأراح اللَّه منها بعْلَها ولا متَّع بها أهلها.

وأما الداء العَياء فالجارُ جارُ البيت إن شهِدَك سافَهك وإن غِبْتَ عنه سَبَعك وإِن قاولتَه بهتَك وإن سكت عنه ظلمك.

فقال له النعمان: أنت أنتفأحسن صلَته وصلةَ أصحابه.

ومن الأمثال المشهورة قولهم: (يعرف من أين تُؤْكل الكتف) قال المطرزي في شرح المقامات: يضرب للداهية الذي يأتي الأمور من مأتاه الأن أكل الكتف أعسر من غيرها وقيل: أكلها من أسفلها لأنه يسهل انحدار لحمها ومن أعلاها يكون متعقدا ملتويا لأنه غُضروف مشتبك باللحم وبعضهم يقول: المرقة تجري بين لحم الكتف والعَظْم فإذا أخذتها من أعلى خرت عليك المرقة وانصبتو إذا أخذتها من أسفلها انقشر من عظمها خاصة والمرقة مكانها ثابتة.

وقال الأصمعي: العرب تقول للضعيف الرأي (إنه لا يُحسن أكل الكتف) وأنشد: // من المنسرح //

(إني على ما ترين من كبرى

أعلم من أين تُؤكل الكتف)

وفي شرح المقامات لسلامة الأنباري قيل: إن في الكتف موضعا إذا أمسكه الإنسان سقط جميع لحمها.

ومن الأمثال المشهورة (إِنما سُمِّيَت هانئا لِتَهْنَأ) أي لتُفضل على الناس وتعطف عليهم.

ص: 385

ومن الأمثال المشهورة قولهم (عند جُهَينة الخبر اليقين) وكان الأصمعي يرويه: عند جُفَينة بالجيم والفاءوكان أبو عبيدة يقول: حُفَينة بحاء غير معجمة قال أبو عبيد: كان ابنٌ الكلبي في هذا النوع أكبرَ من الأصمعي وكان يرويه: جُهينة.

وكان من حديثه أن حُصَين بن عمرو بن معاوية بن كلاب خرج ومعه رجل من جهينة يقال له الأخنس فنزلا منزلافقام الجهني إلى الكلابي فقتله وأخذ مالَه وكانت أخته صَخْرَةُ بنتَ عمروٍ تَبْكيه في المواسم وتسألُ عنه فلا تجد من يخبرها فقال الأخنس فيها: // من الوافر //

(كصَخْرَة إذ تُسائل في مِرَاح

وفي جَرْمٍ وعِلْمُهما ظُنونُ)

(تُسَائل عن حُصَيْنٍ كلَّ رَكْبٍ

وعند جُهَينةَ الخبرُ اليقينُ)

قال البطليوسي في شرح الفصيح: الصحيح جهينة.

وقال ابن خالويه في شرح الدريدية قيل: جهينة اسم امرأة وقيل القبيلة وقيل اسم خمار.

ومن أمثالهم المشهورة قولهم (بِمِثْلِ جَارية فلْتَزْن الزَّانية) وذلك ان جارية ابن سليط بن الحارث بن يربوع بن حنظلة كان أحسنَ الناس وجْهاً وأمدهم قامة وأنه أتَى سوقَ عُكاظ فأبصرته فتاةٌ من خثعم فأعجبها فتلطَّفت له حتى وقع عليها فَعلقت منه فلما ولدت أقبلت هي وأمها وخالتها تلتمسه بعُكاظ فلما رأته الفتاةُ قالت: هذا جارية فقالت أمها: بمثل بمثل جارية فلْتَزْن الزانية (سرا أو علانية) فذهب مثلا.

ومن الأمثال المشهورة قولهم (لا تَعْدَمُ الحسناء ذَاماً) أي لا يسلم أحدٌ من أن يكون فيه شيء من عيب والذَّام: العَيْب.

وأصله أن حُبّى بنت مالك بن عمرو

ص: 386

العدوانية كانت من أجمل النساءفتزوجها مالك بن غسان فقالت أمها لِتبَّاعها: إن لنا عند الملامسة رشحة فيها هنة.

فإذا أردتنَّ إدخالها على زوجها فطيِّبْنها بما في أصدافها - تعني الطيب (فلما كان الوقت أعجلهن زوجها) .

فغَفْلن عن ذلك.

فلما أصبح قيل له: كيف رأيتَ طَرُوقَتك البارحة فقال: ما رأيت كالليلة قط لولا رويحة أنكرتهافقالت (هي من خَلْف الستر) : (لا تعدَم الحسناء ذَاماً) .

وفي الجمهرة من أمثالهم: (لا يعرف الهِرّ من البِرّ) وقد كثر كلام العلماء في هذا المثلفذكر أبو عثمان أن الهر: السنور والبِرّ الفأرة في بعض اللغات أو دويبة تشبهها ولا أعرف صحة ذلك وأخبرني أبو حاتم بن طرفة عن بعض علماء الكوفة أنه فسر هذا فقال: لا يعرف مَن يَهُرّ عليه ممن يَبِرّه.

قال ابن خالويه في شرح الدريدية وقال آخرون: لا يعرف سَوْق الشاء من دُعائه.

وفي المجمل لابن فارس: هذا المثل مختلف فيهفقال قوم: الهِرّ دعاء الغنم والبِرّ: سَوْقها وقال قوم: الهر: ولد السنوروالبر: ولد الثعلب.

وقال آخرون: لا يعرف من يكرهه ممن يَبِرّه.

وقالوا: (جاء بالطِّمِّ والرِّمّ) قال ابن دريد: أحسنُ ما قالوا فيه: إن الطم: ما حمله الماءوالرم: ما حملته الريح.

وقالوا: (ما يعرف قَبيلَه من دَبِيره) .

قال قوم: أي لا يعرف نسب أبيه من نسب أمه.

ص: 387

وقال آخرون القبيل: الخيط الذي يفتل إلى قدام والدبير الذي يفُتْل إلى خلف.

قال ثعلب في أماليه: أي لا يدري فُتِل إلى فوق أو إلى أسفل.

وفي أمالي ثعلب قولهم: (لا يدري الحو من اللَّوّ) والحي من اللي أي لا يعرف الكلامَ الذي يُفْهم من الذي لا يُفْهَم.

وقال في موضع آخر: هو الكلام البين وغير البين.

قلت: رضي الله عن سيدي عمر بن الفارضما كان أوسع علمه باللغة قال في قصيدته اليائية: // من الرمل //

(صار وصف الضر ذاتيا له

من عناء والكلام الحي لي)

ولما شرحت قصيدته هذه ما وجدتُ من يعرف منها إلا القليل ولقد سألت خَلقاً من الصوفية عن معنى قوله: والكلام الحي لي فلم أجد من يعرف معناه حتى رأيتُ هذا الكلام في أمالي ثعلب.

وفي جامع الأمثال لأبي علي أحمد بن إسماعيل القمي النحوي قال هشام بن الكلبي: أول مَثَلٍ جري في العرب قولهم: (المرأة من المرء وكلُّ أدْماء من آدمَ) .

ومن الأمثال المشهورة قولهم: (سكَت ألفا ونطق خَلْفاً) .

قال أبو عبيد: والخَلْف من القول: السَّقط الرديء والمثل للأحنف بن قيس كان يجالسه رجل يُطيل الصَّمت حتى أُعجب به ثم إنه تكلم فقال للأحنف: يا أبا بحرهل تقدر أن تمشي على شرف المسجدفعندها تمثل بذلك.

وقال ابن دريد في أماليه: حدثنا العكلي عن أبيه عن سليط بن سعد قال

ص: 388

كان أكثم بن صيفي يقول: (ربَّ عَجَلةٍ تَهَب ريثا) .

(ادَّرعوا الليلَ فإن الليلَ أخْفى للويل) .

(المرءُ يَعْجز لا المحالة) .

(لا جماعة لمن اختلف)(لكل امرىء سلطان على أخيه حتى يأخذ السلاح فإنه كفى بالمشرفية واعظا) .

(أسرع العقوبات عقوبة البَغْي)(وشر النصرة التعدي)(وآلم الأخلاق أضيقها)(وأسوأ الآداب سُرْعَةُ العِقاب)(ورُب قول أنفذ من صول) .

(والحر حرٌّ وإن مسَّه الضر) . (والعَبْد عَبد وإن ساعده الجد)(وإذا فزع الفؤاد ذهب الرقاد) . (رُبّ كلامٍ ليس فيه اكتتام) .

(حافظ على الصَّديق ولو في الحريق) .

(ليس من العَدْل سرعة العَذل) . (ليس بيَسيرٍ تقويمُ العسير)(إذا بالغت في النَّصيحة هجمت بك على الفضيحة)(لو أنصف المظلوم لم يبق فينا مَلوم) .

(قد يبلغ الخَضْم بالقضم) .

(أسْتأْنِ أخاك فإن مع اليوم غدا) .

(كل ذات بَعْلٍ سَتئِيم) .

(النفس عروف فلا تطمع في كل ما تَسْمع) .

ومن الأمثال قولهم: (إن فلانا من رَطاتِه لا يعرفُ قطاتَه من لطاتِه) الرطاة: الحمق والقطاة: أسفل الظهر واللَّطاة: الجَبْهة.

ص: 389

فصل - فيما جاء على أفعل في أمالي القالي يقال: (أجْوَدُ من لافِظة) أي البحر (أجبن من صافر) وهو ما يصفر من الطيرلأنه ليس من سِباعها.

(أحذر من ضَبٍّ) .

(أسمع من قُراد) .

(أبْصَرُ من عُقاب) .

(أحْذَرُ من غُراب) .

(أنَوْمَ من فَهْد)(أخَفُّ رأسا من الذئب ومن الطائر) .

(أفحش من فاسِية) وهي الخُنْفُساء إذا حركوها فَسَتْ فأنتنت القوم بخبث ريحها.

إنه (لأ صنع من

ص: 390

سُرْفة) وهي دابة غَبْراء من الدود تكون في الحَمْضِ فتتَّخِذ بيتا من كُسار عيدانه ثم تُلْزِقه بمثل نَسْج العنكبوت إلا أنه أصْلب ثم تلزقه بعوُد من أعواد الشجر وقد غطَّت رأسها وجميعها فتكون فيه.

(أصنع من تَنَوُّطة) وهي طائر تركب عشَّها على عودين ثم تطيل عشها فلا يصل الرجل إلى بيضها حتى يدخلَ يدهُ إلى المنكب.

(أخْرق من حمامة) .

وذلك أنها تبيض بيضها على الأعواد البالية فربما وقع بيضُها فتكَسَّر.

(أظْلم من أفْعى) .

وذلك أنها لا تَحْتَفِرُ جحراإنما تهجم على الحيات في حِجَرَتها وتدخل في كل شَقّ وثَقْب.

وفي جامع الأمثال للقمي: (أبلغ من قُسّ) : وهو قس بن ساعِدة الإيادي وكان من حكماء العرب وأعقل من سمع به منهم وأول من قال: (أما بعد) وأول من أقر بالبعث من غير عِلم ويقال: هو أنطق من قس وأدْهى من قس.

(أعيا من بَاقِل) .

وهو رجل من إياد وقيل من ربيعة.

اشترى ظَبياً بأحد عشر درهمافمر بقوم فقالوا له: بكم اشتريت الظبيفمد يديه وأخرج لسانه يريد أحد عشرفشرد الظَّبْي حين مدَّ يديه وكان تحتَ إبطِه.

ص: 391

(أحمَق من هَبّنقة) : وهو يَزيد بن ثَرْوان أحد بني قيس بن ثعلبة ضل له بعير فجعل ينادي: من وجد بعيرا فهو لهفقيل له: فلم تنشدهقال: فأين حلاوة الوجدان. واختصمت إليه بنو الطُّفَاوة وبنو راسب في مولودٍ ادَّعاه كلٌّ منهم فقال: الحُكم في هَذا يذهبُ به إلى نهر البصرة فيلقى فيهفإن كان راسبيا رسب وإن كان طُفاويّاً طفا.

(فقال الرجل: لا أريد أن أكون من هذين الحيين) ويقال: إنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السمان في العشب وينحي المهازيل.

فقيل له: ويحكما تصنعقال: لا أُصْلِح ما أفسد الله ولا أفسِد ما اصلح الله وقال الشاعر: // من الخفيف //

(عِش بجَدٍّ ولا يضرك نَوْكٌ

إنما عيشُ مَنْ تَرى بالجدُود)

(عِش بَجَدٍّ وكُنْ هَبَنَّقة القيسي

نوكا أو شَيْبَةَ بن الوليد)

(أبْخَل من مادِر) .

(أخْطب من سَحْبان وائل) .

(أنْسَب من دَغْفَل) وهو رجل من بني ذهل كان أنسب أهل زَمانه سأله مُعاوية عن أشياء فخبره بها فقال: بمَ علمت. قال بلسان سَؤُول وقَلْب عقول غيرَ أن للعلم آفة وإضاعة ونكدا واسِتجاعة فآفتُه النسيان وإضاعته أن يحدث به مَنْ ليس مِن أهله ونكده الكذب فيه واستجاعته أن صاحبه منهوم لا يشبَع.

(أجود من حاتم) .

(أجود من كعب

ص: 392

ابن مامة الإيادي) .

(أحلم من الأحنف بن قيس) .

(أغزل من امرىء القيس) .

وفي الصحاح: (أبرد من عَضْرس) وهو البَرد.

(أبَرّ من العَمَلّس) وهو رجل كان يحجُّ بأمه على ظهره.

(أسألُ من فَلْحَس) وهو رجل كان يسأل سَهْماً في الجيش وهو في بيته فيعْطَى لعزِّه وسُودَده فإذا أعطيه سألَ لامرأتِه فإذا أعطيَه سأل لبعيره.

(أسمَح من لافظَِة) يقال هي العنز لأنها تشلى للحلب وهي تجتز فتلفظ بجرتها وتقبل فَرَحاً منها بالحلب ويقال: هي التي تزق فرخاها من الطيرلأنها تُخرج ما في جوفها وتطعمه ويقال: هي الرحى ويقال: الديك ويقال: البحرلأنه يلفظ بالعنبر والجواهر والهاء فيه للمبالغة.

(أشأم من خَوْتَعة) وهو رجل من بني غُفَيلة بن قاسط دل على بني الزَّبّان الذُّهْلي حتى قُتلوا وحملت رؤوسهم على الدُّهيم.

وفي نوادر ابن الأعرابي: يقال: (أخْدَع من ضبَ) .

وذلك أنه إذا دخَل في جُحْره لم يقدر عليه.

ص: 393