الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشارُ إليه المشخص بحيث لا يَقْبَلُ الشركة وما هو من هذا القبيل لا يُفيدُ التشخُّص إلا بقرينة تفيدُ تعيينه لاسْتواءِ نسبة الوَضْع إلى المسميات.
قال: ثم اللفظُ مدلوله إما كلي أو مشخص والأول إما ذاتٌ وهو اسم الجنس أو حدَث وهو المصدر أو نسبة بينهما وذلك إما أن يكون يُعْتَبَر من طَرَفِ الذات وهو المشتق أو من طَرَف الحدَث وهو الفِعْل والثاني العلم فالوَضعُ إما كلي أو مشخص والأول مدلولُه إما معنى في غيره يتعيَّنُ بانضمام غيره إليه وهو الحرف أولا فالقرينةُ إن كانت في نحو الخطاب فالضميرُ وإن كانت في غيره فإما حسيَّة وهو اسمُ الإشارة أو عقليَّة وهو الموصول فالثلاثة مشتركة فإن مدلولَها ليس معاني في غيرها وإن كانت تتحصَّل بالغير فهي أسماء.
- المسألة العاشرة - نقلَ أهلُ أُصول الفِقْه عن عباد بن سليمان الصيمري من المعتزلة أنه ذهبَ إلى أنَّ بين اللفظِ ومدلولهِ مناسبة طبيعية حاملة للواضع على أن يضعَ قال: وإلا لكانَ تخصيصُ الاسمِ المُعيّنِ بالمسمَّى المُعيَّن ترجيحا من غير مُرَجِّح.
وكان بعضُ مَنْ يرَى رأْيَه يقول: إنه يعرفُ مناسبةَ الألفاظِ لمعانيها فَسُئِل ما مُسَمَّى (اذغاغ) وهو بالفارسية الحجر فقال: أجدُ فيه يُبْساً شديدا وأراه الحجر.
وأنكَر الجمهور هذه المقالة وقال: لو ثبتَ ما قالَه لاهْتَدَى كلُّ إنسان إلى كل لغةٍ ولما صحَّ وضعُ اللفظِ للضدين كالقَرْءِ للحيض والطهر والجَوْن للأَبيض والأسود وأجابوا عن دليله بأنَّ التخصيص بإرادة الواضع المختار خصوصا إذا قلنا: الواضعُ هو الله تعالى فإن ذلك كتخصيصه وجود العالَم بوقت دون وقت وأما أهل اللغة والعربية فقد كادوا يُطْبقون على ثبوت المناسبة بين الألفاظ والمعاني لكن الفرقَ بين مذهبهم ومذهب عباد أن عبَّاداً يراها ذاتية موجبة بخلافهم.
وهذا كما تقول المعتزلة بمراعاة الأصْلح في أفعالِ الله تعالى وُجوباً وأهل السنة لا يقولون بذلك مع قولهم إنه تعالى يفعل الأصْلَح لكن فضلا منه ومَنَّاً لا وجوبا.
ولو شاء لم يفعله.
مناسبة الألفاظ للمعاني
وقد عقد ابنُ جنِّي في الخصائص بابا لمناسبة الألفاظ للمعاني وقال:
هذا مَوْضع شريف نبَّه عليه الخليل وسيبويه وتلقته الجماعة بالقبول.
قال الخليل: كأنهم تَوَهَّموا في صوت الجُنْدُب استطالة و (مدا) فقالوا: (صَرّ) في صوت البازي تقطيعا فقالوا: (صرصر) .
وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفَعَلَان: إنها تأتي للاضطراب والحرَكة نحو (النقزان) و) الغليان والغَثيان فقابلوا بِتَوَالي حركاتِ الأمثالِ تواليَ حركات الأفعال.
قال ابنُ جني: وقد وجدتُ أشياء كثيرة من هذا النَّمَط من ذلك المصادرُ الرُّباعية المضعفة تأتي للتكرير نحو الزَّعْزَعَة والقَلقلة والصلصلة والقعقعة و (الجرجرة) والقَرْقَرة.
والفَعلى إنما تأتي للسرعة نحو (البَشَكى و) الجمزى والوَلقى.
ومن ذلك باب اسْتفعل جعلوه للطَّلب لما فيه من تَقََدُّم حروفٍ زائدة على الأصول كما يتقدَّم الطلبُ الفعل وجعلوا الأفعالَ الواقعة عن غير طلب إنما تفجأُ حروفها الأصول أو ما ضارع الأصول (فالأصولُ نحو قولهم: طعِم ووهَب ودخل وخرج وصعِد ونزل فهذا إخبار بأصولٍ فاجأت عن أفعال وَقعت ولم يكن معها دلالة تدل على طلبٍ لها ولا إعمال فيها وكذلك ما تقدَّمت الزيادة فيه على سمت الأصل نحو أحس وأكرم وأعطى وأولى فهذا من طريق الصيغة بوزن الأصل في نحو دَحْرج وسَرْهف
…
.)
وكذلك جعلوا تكرير العين نحو فرَّح وبَشَّر فجعلوا قوة اللفظِ لقوة المعنى وخصُّوا بذلك العين لأنها أقْوَى من الفاء واللام إذ هي واسطة لهما ومكنوفةٌ بهما فصارا كأنهما سِيَاج لها ومَبْذولان للعَوارِض دونها ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيهما دونها.
(فأما مقابلةُ الألفاظ بما يُشاكل أصواتها من الأحداث فبابٌ عظيم واسع ونَهْج مُتْلَئِبّ عند عَارِفيه مَأمُوم وذلك أنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على سَمت الأحداث المعبر بها عنها فَيَعدِلونها بها ويَحتذُونها عليها وذلك أكثرُ مما نقدره وأضعافُ ما نستشعره من ذلك قولهم: خَضَم وقضِم ف) الخَضْم لأكل الرَّطْب (كالبِطّيخِ والقِثَّاء وما كان من نحوها من المأكول الرطب) والقضْمُ لأكل اليابس (نحو قَضَمَت الدَّابة شعيرها ونحو ذلك.
وفي الخبر: (قد يُدْرَكُ الخَضْم بالقَضْم) أي قد يُدرك الرخاء بالشدة واللين بالشَّظَف.
وعليه قول أبي الدَّرْداء: يَخْضَمون ونقضَم والموعد الله) فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب والقاف لصلابتها لليابس (حَذْواً لمسموع الأصوات على مَحْسوس الأحْداث)(ومن ذلك قولهم) النَّضْح للماء ونحوه والنَّضْخ أقوى منه (قال اللهُ سُبْحَانه: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضّاخَتَانِ} ) فجعلوا الحاء لرقتها للماءِ الخفيف والخاءَ لِغَلظها لما هو أقوى (منه) ومن ذلك القد طولا والقط عرضا لأن الطاءَ أخفض للصوت وأسرعُ قطعا له من الدَّال فجعلوا لِقَطْع العَرض لِقُرْبِه وسرعته.
والدال المَاطلة لمَا طال من الأثَر وهو قَطْعُهُ طولا.
قال: وهذا الباب واسعٌ جدا لا يمكنُ اسْتِقْصَاؤُه.
قُلت: ومِنْ أَمْثِلة ذلك ما في الجمهرة: الخَنَنَ في الكلام أشدُّ من الغَنَن
والخُنّة أشد من الغُنَّة والأنِيتُ أشد من الأنِين والرَّنين أشد من الحِنين.
وفي (الإبدال) لابن السكيت يقال: القَبْصة أصغرُ من القَبْضة.
قال في الجمهرة: القَبْصُ: (الأخذُ بأطراف الأنامل) والقَبْضُ: الأخذ بالكفِّ كلها.
وفي الغريب المصنف عن أبي عَمْرو: هذا صَوْغُ هذا إذا كان على قَدْره وهذا سَوْغُ هذا إذا وُلِدَ بعد ذاك على أَثره ويقال: نَقَبَ على قومه ينقُب نِقابةً من النَّقيب وهو العَرِيف ونكَب عليهم ينكُب نِكابةً وهو المَنْكِب وهو عَون العَرِيف.
وقال الكسائي: القَضْمُ للفرس والخَضْمُ للإنسان.
وقال غيرُه: القَضْم بأطراف الأسنان والخَضْم بأقْصى الأَضراس.
وقال أبو عمرو: النَّضْح بالضاد المعجمة: الشرب دون الرِّيّ والنَّصْح بالصاد المهملة: الشُّرْب حتى يَرْوَى والنَّشْح بالشين المعجمة دون النَّضْح بالضاد المعجمة.
وقال الأَصْمعيّ من أصوات الخيل: الشّخِيرُ والنَّخِيرُ والكَريرُ فالأوَّل من الفم والثاني من المَنْخَرين والثالث من الصَّدر.
وقال الأصمعي: الهَتْل من المطر أصغرُ من الهَطْل.
وفي الجمهرة: العَطْعَطَةُ بإهمال العين: تتابعُ الأصوات في الحرب
وغيرها.
والغَطْغَطة بالإعجام: صوتُ غَلَيَان القِدْر وما أشبهه.
والجَمْجَمَة بالجيم: أن يُخْفِي الرجلُ في صدره شيئا ولا يبديه.
الحمحمة بالحاء: أن يردِّد الفرسُ صوتَه ولا يَصْهَلِ.
والدَّحْدَاح بالدال: الرجل القصير.
والرَّحْرَاح بالراء: الإناء القصير الواسع.
والجَفْجَفَةُ بالجيم: هَزِيز المَوْكِب وحَفِيفُه في السير.
والحَفْحَفَةُ بالحاء: حفيفُ جَنَاحي الطائر.
ورجل دَحْدَح بفتح الدالين وإهمال الحاءين: قصير ورجل دُخْدُخ بضم الدَّالين وإعجام الخاءين: قصيرٌ ضخْم.
والجَرْجَرَة بالجيم: صوتُ جَرْعِ الماء في جَوف الشَّارب.
والخَرْخَرة بالخاء: صوتُ تردُّد النَّفَس في الصدْر وصوت جَرْي الماء في مضيق.
والدَّرْدَرَة: صوت الماء في بطون الأودية وغيرها إذا تدافع فَسَمِعْتَ له صوتا.
والغَرْغَرَة: صوتُ ترديد الماء في الحَلْق من غير مَجّ ولا إسَاغة.
والقَرْقَرَة: صوتُ الشراب في الحلق.
والهَرْهَرَةُ: صوت تَرْدِيد الأسد زئيرَه.
والكَهْكَهَة: صوتُ تردِيد البعير هَدِيره.
والقَهْقَهَةُ: حكاية استِغْرَاب الضحك.
والوَعْوَعَةُ: صوت نُبَاح الكلب إذا رَدَّده.
والوَقْوَقَةُ: اختلاطُ الطير.
والوَكْوَكَةٌُ: هديرُ الحمام.
والزَّعْزَعَةُ بالزاي: اضطرابُ الأشياء بالريح.
والرَّعْرَعَةُ بالراء: اضطرابُ الماء الصافي والشراب على وجه الأرض.
والزَّغْزَغَةُ بالزاي وإعجام الغين: اضطراب الإنسان في خِفّة ونَزَق.
والكَرْكَرَة بالكاف: الضحك.
والقَرْقَرَة بالقاف: حكاية الضحك إذا اسْتَغْرَب الرجلُ فيه.
والرَّفْرَفَة بالراء: صوت أَجنِحة الطائر إذا حَام ولم يَبْرح.
والزَّفْزَفَة بالزاي: صوتُ حفيف الريح الشديدة الهبوب وسَمِعْتُ زفزفةَ الموكِب إذا سمعت هَزيزِه.
والسَّغْسَغَةُ بإهمال السين: تحريك الشيء من موضعه لِيُقْلَعَ مثل الوَتَدِ وما أشبهه ومثل السن.
والشَّغْشَغَةُ بالإعجام: تحريك الشيء في موضعه ليتَمكَّن يقال: شَغْشَغ السِّنان في الطَّعْنة إذا حرَّكه ليتمكن.
والوَسْوَسَةُ بالسين: حركة الشيء كالحَلْي.
والوَشْوَشة بالإعجام: حركة القوم وهَمْسُ بعضِهم إلى بعض.
فانْظر إلى بديع مناسبةِ الألفاظ لمعانيها وكيف فَاوَتَت العربُ في هذه الألفاظ المُقْتَرنة المتقاربة في المعاني فجعلت الحرفَ الأضْعف فيها والألْين والأخْفَى والأسْهل والأهْمس لِمَا هو أدْنى وأقل وأخف عملا أو صوتا وجعلت الحرفَ الأقْوى والأشد والأظهر والأجهر لِمَا هو أقوى عملا وأعظم حِسّاً ومن ذلك المد والمط فإنَّ فعْلَ المط أقوى لأنه مدٌّ وزيادةُ جَذْب فناسَب الطاء التي هي أَعْلى من الدال.
قال ابن دُريد: المدُّ والمتُّ والمطُّ متقاربةٌ في المعنى.
ومن ذلك الجُفّ بالجيم: وعاءُ الطَّلْعة إذا جَفت.
والخُفُّ بالخاء: الملبوس وخفُّ البعير والنعامة ولا شك أن الثلاثة أقوى وأجلَد من وعاءِ الطَّلعة فخُصَّت بالحاءِ التي هي أعلى من الجيم.
وفي ديوان الأدب للفارابي: الشّازِب: الضَّامر من الإبل وغيرها.
والشاصب: أشد ضُمْراً من الشازب.
وفيه قال الأصمعي: ما كان من الرياح من نفخ فهو برد وما كان من لفح فهو حَرٌّ.
وفي فقه اللغة للثعالبي: إذا انْحَسَرَ الشَّعرُ عن مقَدَّم الرأسِ فهو أَجْلَحُ فإن بلغ الانحسارُ نصف رأسِه فهوَ أَجْلَى وأَجْلَه.
وفيه: النَّقْشُ في الحائط والرَّقْشُ في القِرْطاس والوَشْمُ في اليد والوَسْمُ في الجِلْدِ والرَّشْمُ على الحِنْطَة والشَّعير والوَشْيُ في الثوب.
وفيه الدُّبُر يقال له الاسْت والشّعرُ الذي حوله يقال له الاسْبُ.
وفيه الحَوَص: ضِيقُ العينين.
والخَوَص غُؤُورُهُما مع الضِّيق.
وفيه: اللَّسْب من العقرب واللسع من الحية.
وفيه: وسَخُ الأُذنِ أُفّ ووسَخ الأظفار تُفٌّ.
وفيه: اللِّثَامُ: النِّقاب على حَرْف الشَّفة واللّغَامُ على طرف الأنف.
وفيه: الضَّرْب بالرَّاحة على مُقَدَّم الرأس: صَقْعٌ وعلى القَفَا صَفْعٌ وعلى الخَدِّ بِبَسْطِ الكَفِّ لَطْمٌ وبقَبْضِ الكَفِّ لَكْمٌ وبِكلْتَا اليَدَيْنِ لَدْمٌ وعلى الجَنْبِ بالإصْبَعِ وَخْزٌ (وعلى الصدْر والجَنْبِ وَكْزٌ ولَكْزٌ) وعلى الحَنَكِ والذَّقَنِ وَهْزٌ (ولهْزٌ) .
وفيه يُقَالُ: خَذَفَه بالحَصى وحَذَفَه بالعصا وقَذَفَه بالحجر.
وفيه: إذا أخرجَ المكْروبُ أو المريضُ صوتا رَقِيقاً فهو الرَّنين فإنْ أخْفَاهُ فهو الهَنِينُ فإنْ أَظْهَرَه فخرج خافيا فهو الحَنِينُ فإن زاد فيه فهو الأنين فإن زاد في رَفعه فهو الخَنِين.
فانْظُرْ إلى هذه الفُروق وأشباهها باختلاف الحرف بحسب القوَّة والضَّعف وذلك في اللغة كثيرٌ جدا وفيما أوردناه كفاية.
- المسألة الحادية عشرة - قال ابن جني: الصواب - وهو رأي أبي الحسن الأَخفش - سواءٌ قلنا بالتوقيف أم بالاصطلاح أن اللغة لم تُوضع كلها في وقت واحد بل وقعت متلاحقة متتابعة.
قال الأخفش: اختلافُ لغاتِ العرب إنما جاءَ من قِبَل أنَّ أول ما وُضِع منها وُضِعَ على خلاف وإن كان كله مسوقا على صحة وقياس ثم أَحدثوا من بعدُ أشْيَاء كثيرة للحاجة إليها غير أنها على قياس ما كان وُضِعَ في الأصل مختلفا.
قال: ويجوز أن يكونَ الموضوعُ الأولُ ضَرْباً واحدا ثم رأى مَنْ جاءَ بعد أن خالف قياسَ الأولِ إلى قياسٍ ثانٍ جارٍ في الصحة مَجْرَى الأوَّل.
قالَ: وأما أي الأجناس الثلاثة - الاسم والفعل والحرف - وُضِع قبلُ فلا يُدْرى ذلك ويحتمل في كل من الثلاثة أنه وُضِع قبل وبه صرَّح أبو علي.
قال: وكان الأخفشُ يذهب إلى أن ما غُيِّر لكَثْرة استعماله إنما تصوَّرَتهُ العربُ قبل وضْعِه وعَلِمَت أنه لا بدَّ من كثرة استعمالهما إياه فابتدؤوا بتغييره عِلْماً (منهم) بأنه لا بدَّ من كثرة الداعية إلى تغييره.
قال: ويجوزُ أن تكون كانت قديمة معربة فلما كثرت غُيِّرت فيما بعد.
قال: والمقُول عندي هو الأول لأنه أدل على حِكمتها وأشهدُ لها بعِلْمِها بمصاير أمْرِها فتركوا بعضَ الكلام مبنيا غير معرب نحو أمس (وهؤلاء) وأين وكيف وكم وإذ و (حيث) عِلْماً بأنهم سيستكْثِرُون منها فيما بعد فيجبُ لذلك تغييرها.
- المسألة الثانية عشرة - في الطريق إلى معرفة اللغة:
قال الإمام فخر الدين الرَّازي في المحصول وأتباعه: الطريقُ إلى معرفة اللغة إما النقلُ المحْضُ كأكثرِ اللغة أو استنباطُ العقل من النَّقْل كما إذا نُقِلَ إلينا أنَّ الجمع المعرَّف يدخله الاستثناء ونقل إلينا أن الاستثناءَ إخراجُ ما يتناوله اللفظ فحينئذ يستدلُّ بهذين النَّقْلين على أن صِيَغ الجمع للعموم.
وأما العقل الصِّرف فلا مجالَ له في ذلك.
قال: والنقلُ المحضُ إما تواترٌ أو آحاد.
قلت: وسيأتي بَسْطُ الكلام فيهما في النوع الثالث.
ولم يذكر ابنُ الحاجب في مختصره ولا الآمدي في الأحكام سوى الطريق الأول وهو النقل المَحْضُ: إما تواترا وهو مالا يَقْبَل التشكيك كالسماء والأرض والحرِّ والبَرْدِ ونحوها وإما آحادا كالقُرْءِ ونحوه من الألفاظ العربية.
قال الإمام فخر الدين والآمدي: وأكثرُ ألفاظ القرآن من الأول أي المتواتر.
وقال ابنُ فارس في فقه اللغة: باب القول في مأْخذ اللغة:
تُؤخَذ اللّغُة اعتيادا كالصبيِّ العربيِّ يسمعُ أبويه أو غيرهما فهو يأخذ اللغةَ عنهم على ممر الأوقات وتؤخذ تلقنا من مُلَقِّن وتؤخذُ سماعا من الرواة الثقات ذوي الصدق والأمانة ويُتَّقَى المظنون.
وستأتي بقيةُ كلامه في نوع من تقبل روايته ومن ترد وكذا كلامُ ابن الأنباري في ذلك ويؤْخذ من كلامهما أن ضابط الصحيح من اللغة ما اتََّصل سَنَدُه بنَقْل العَدْل الضابط عن مِثله إلى منتهاه على حدِّ الصحيح من الحديث.