المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الرابع عشر - المزهر في علوم اللغة وأنواعها - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌وهذا فهرست انواعه

- ‌(تصدير)

- ‌النوع الأول

- ‌معرفة الصحيح ويقال له الثابت والمحفوظ

- ‌(رأي ابن جني)

- ‌(آراء في علم اللغات)

- ‌تنبيهات

- ‌أقسام العرب

- ‌(حد الوضع)

- ‌مناسبة الألفاظ للمعاني

- ‌(شرائط اللغة)

- ‌(سعة اللغة)

- ‌(أبنية الكلام)

- ‌(بداية التصنيف في اللغة)

- ‌ذِكْرُ قَدْحِ الناس في كتاب العين

- ‌النوع الثاني

- ‌معرفة ما روي من اللغة ولم يصح ولم يثبت

- ‌النوع الثالث

- ‌معرفة المتواتر والآحاد

- ‌(ألفاظ مستعملة أصلها أعجمي)

- ‌النوع الرابع

- ‌معرفة المرسل والمنقطع

- ‌النوع الخامس

- ‌معرفة الأفراد

- ‌النوع السادس

- ‌معرفة من تُقْبَل روايته ومَن تُرَد

- ‌النوع السابع

- ‌معرفة طرق الأخذ والتحمل

- ‌(القراءة على الشيخ)

- ‌(السماع على الشيخ)

- ‌(الإجازة)

- ‌النوع الثامن

- ‌معرفة المصنوع

- ‌ذكر أمثلة من الألفاظ المصنوعة:

- ‌النوع التاسع

- ‌معرفة الفصيح

- ‌الفصل الأول في معرفة الفصيح من الألفاظ المفردة

- ‌ الغَرَابة

- ‌(التنافر)

- ‌(مخالفة القياس)

- ‌الفصل الثاني في معرفة الفصيح من العرب

- ‌النوع العاشر

- ‌معرفة الضعيف والمنكر والمتروك من اللغات

- ‌أسماء الأيام في الجاهلية

- ‌(أسماء الشهور)

- ‌النوع الحادي عشر

- ‌معرفة الردىء المذموم من اللغات

- ‌النوع الثاني عشر

- ‌معرفة المطرد والشاذ

- ‌النوع الثالث عشر

- ‌معرفة الحوشي والغرائب والشواذ والنوادر

- ‌ذكر أمثلة من النوادر

- ‌النوع الرابع عشر

- ‌النوع الخامس عشر

- ‌(معرفة المفاريد)

- ‌النوع السادس عشر

- ‌معرفة مختلف اللغة

- ‌فوائد:

- ‌النوع السابع عشر

- ‌معرفة تداخل اللغات

- ‌النوع الثامن عشر

- ‌معرفة توافق اللغات

- ‌النوع التاسع عشر

- ‌معرفة المعرَّب

- ‌ذكر أمثلة من المُعرَّب

- ‌فصل في المعرب الذي له اسم في لغة الغرب

- ‌ذكر ألفاظ شك في أنها عربية أو معربة

- ‌النوع العشرون

- ‌معرفة الألفاظ الإسلامية

- ‌النوع الحادي والعشرون

- ‌معرفة المولد

- ‌النوع الثاني والعشرون

- ‌معرفة خصائص اللغة

- ‌النوع الثالث والعشرون

- ‌معرفة الاشتقاق

- ‌النوع الرابع والعشرون

- ‌معرفة الحقيقة والمجاز

- ‌النوع الخامس والعشرون

- ‌معرفة المشترك

- ‌النوع السادس والعشرون

- ‌معرفة الأضداد

- ‌النوع السابع والعشرون

- ‌معرفة المترادف

- ‌فوائد

- ‌ذكر أمثلة من ذلك

- ‌النوع الثامن والعشرون

- ‌معرفة الإتباع

- ‌ذكر أمثلة من الإتباع

- ‌النوع التاسع والعشرون

- ‌معرفة العام والخاص

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌الفصل الثالث

- ‌الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامس

- ‌النوع الثلاثون

- ‌معرفة المطلق والمقيد

- ‌النوع الحادي والثلاثون

- ‌معرفة المشجر

- ‌النوع الثاني والثلاثون

- ‌معرفة الإبدال

- ‌النوع الثالث والثلاثون

- ‌معرفة القلب

- ‌النوع الرابع والثلاثون

- ‌معرفة النحت (معرفته من اللوازم)

- ‌النوع الخامس والثلاثون

- ‌معرفة الأمثال

- ‌ذكر جملة من الأمثال

- ‌النوع السادس والثلاثون

- ‌معرفة الآباء والأمهات والأبناء والبنات والإخوة والأخوات والأذواء والذوات

- ‌الفصل الأول

- ‌في الآباء

- ‌الفصل الثاني

- ‌في الأمهات

- ‌الفصل الثالث

- ‌في الأبناء

- ‌الفصل الرابع

- ‌في البنات

- ‌الفصل الخامس

- ‌في الإخوة

- ‌الفصل السادس

- ‌في الأذواء والذوات

- ‌النوع السابع والثلاثون

- ‌معرفة ما ورد بوجهين بحيث يؤمن فيه التصحيف

- ‌النوع الثامن والثلاثون

- ‌معرفة ما ورد بوجهين بحيث إذا قرأه الألثغ لا يعاب

- ‌النوع التاسع والثلاثون

- ‌معرفة الملاحن والألغاز وفتيا فقيه العرب والثلاثة متقاربة وفي النوع ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول

- ‌في الملاحن

- ‌الفصل الثاني

- ‌في الألغاز

- ‌الفصل الثالث

- ‌في فتيا فقيه العرب

الفصل: ‌النوع الرابع عشر

الأعرابي قال: وهو من أغْرَب الأشياء والمشهور أنه اسمٌ للذباب ولِدَاء يأخذ الإبل في حُلُوقها ولِنَبْت.

وفي شرح المقامات لسلامة الأنباري: الوَطْبُ: وِعاء اللبن مشهور وكذا المِحْقَن وهو غريب.

وقال ابن خالويه في شرح الدريدية في قول الشاعر: // من البسيط //

(بِسَرْوِ حِمْيرَ أَبوالُ البِغَالِ بهِ

أَنَّى تَسَدَّيتِ وَهْنَاً ذلكِ البِينَا)

أبوال البغال في هذا البيت: السراب قال: وهذا حرف غريب حدثناه أبو عمر الزاهد.

وفي المجمل لابن فارس: الإبرة معروفة وأَبْرَتْه العقرب: ضربته بإبْرَتها وإبْرَة الذراع مستدقها والإبَار: تلقيح النخل ونخلة مَأْبورة ومُؤَبَّرة وتأبَّر النخل قَبِل الإبار وذلك مشهور.

ومما يستغرب قليلا: المآبر وهي النَّمائم الواحد مِئْبَرَة.

وفيه: الجُود: الجوع سمعت القطان يقول: سمعت عليا يقول: هذا أغربُ حَرْفٍ فيه يريد في باب الجوع.

‌النوع الرابع عشر

معرفة المستعمل والمهمل

تقدم في النوع الأول عدَّة الأبنية المستعملة والمهمَلة وكان هذا محله قال ابن فارس:

المهمل على ضربين: ضربٌ لا يجوز ائتلاف حروفه في كلام العرب البتة

ص: 191

وذلك كجيم تؤلف مع كاف أو كاف تقدم على جيم وكعين مع غين أو حاء مع هاء أو غين فهذا وما أشبَهه لا يأْتَلِف.

والضَّرْبُ الآخر: ما يجوزُ تألف حروفه لكنَّ العرب لم تقل عليه وذلك كإرادة مُرِيد أن يقول (عضخ) فهذا يجوز تألفه وليس بالنافر ألا تراهم قد قالوا في الأحرف الثلاثة: خضع لكن العرب لم تقل عضخ فهذان ضربان للمهمل.

وله ضربٌ ثالث وهو أن يريد مريدٌ أن يتكلم بكلمةٍ على خمسة أحرف ليس فيها من حروف الذُّلْق أو الإطباق حرف وأي هذه الثلاثة كان فإنه لا يجوز أن يسمى كلاما.

وأهل اللغة لم يذكروا المهمَل في أقسام الكلام وإنما ذكروه في الأبنية المهمَلة التي لم تقل عليها العرب.

وقال ابن جني في الخصائص: أما إهمالُ ما أُهْمِل مما تحتمله قسمةُ التركيب في بعض الأصول المتصورة أو المستعملة فأكثرهُ متروكٌ للاستثقال وبقيتُه ملحقةٌ به ومقَفَّاة على إثْره.

فمن ذلك ما رُفِض استعماله لتَقَارُب حروفه نحو سص وصص وطت وتط وضش (وشض وهذا حديث واضح) لنُفور الحسِّ عنه والمشقَّة على النفس لتكلفه وكذلك (نحو) قج وجق وكق وقك وكج وجك وكذلك حروف أعني حروف الحَلق هي من الائتلاف أبْعَدُ لتَقَارُب مَخارجها عن مُعظَم الحروف أعني حروف الفم وإن جُمع بين اثنين منها يقدَّم الأقوى على الأضعف نحو: أهل وأحَدٍ وأخٍ وعَهد (وعَهْر) وكذلك متى تقاربَ الحرفان لم يُجْمَع بينهما إلا بتقديم الأقوى منهما نحو أُرُل وَوَتِد وَوطْد يدل على أن الراء أقْوَى من اللام أن القَطع عليها أقوى من القَطع على اللام وكأنَّ ضَعْف اللام إنما أتاها لما تُشْرَبه من الغُنَّة عند الوقوف عليها ولذلك لا تكاد تَعْتاص اللام.

وقد ترى إلى كثرة اللَّثْغَة في الكلام بالراء.

وكذلك الطاء والتاء هما أقوى من الدال (وذاك) لأن جَرْس الصوت بالتاء والطاء عند الوقوف عليهما أقْوَى منه وأظهر عند الوقوف على الدال.

وأما ما رُفِض أن يُسْتَعْمل وليس فيه إلا ما استُعمِل من أصله فالجوابُ عنه تابع

ص: 192

لما قبله وكالمحمُول على حُكمه وذلك أن الأصولَ ثلاثة: ثلاثي ورباعي خماسيِ فأكثرُها استعمالا وأَعْدَلُهَا تركيبا الثلاثي وذلك لأنه حرفٌ يُبْتدأ به وحَرْفٌ يُحْشَى به وحرف يُوقَف عليه وليس اعتدالُ الثلاثي لقلَّةِ حروفه فحسب.

ولو كان كذلك لكان الثنائي أكثرَ منه (اعتدالا) لأنه أقلُّ حروفا وليس (الأمر) كذلك.

ألا ترى أن ما جاء من ذوات الحرفين جزءٌ لا قَدْر له فيما جاء من ذوات الثلاثة وأقلُّ منه ما جاء على حرفٍ واحد فتمكُّن الثلاثي (إذن) إنما هو لقلَّة حروفه ولشيء آخر وهو حَجْز الحَشْو الذي هو عينُه بين فائه ولامه وذلك لتباينهما وتعادي حاليهما ألا ترى أن المُبْتدأ (به) لا يكون إلا متحرِّكاً وأن الموقوف عليه لا يكون إلا ساكنا فلما تنافرت حالاهما وسَّطوا العين حاجزا بينهما لئلَاّ يفجؤوا الحس بضدِّ ما كان آخذا فيه ومُنصبّاً إليه فقد وضح بذلك خفَّة الثلاثي.

وإذا كان كذلك فذوات الأربعة مستثقلةٌ غيرُ متمكنة تمكَّن الثلاثي لأنه إذا كان الثلاثي أخف وأمْكَنَ من الثنائي على قلَّة حروفه فلا محالة أنه أخفُّ وأمكن من الرباعي لكَثْرة حروفه ثم لا شك فيما بعد في ثِقَل الخماسي وقوة الكلْفة به فإذا كان كذلك ثقُل عليهم مع تناهيه وطوله أن يَسْتَعملوا في الأصل الواحد جميعَ ما تنقسم إليه به جهات تركيبه وذلك أن الثلاثي يتركب منه ستة أصول.

نحو جَعْلَ جَلْع علج ولجع ولعج عِجْل.

والرباعي يتركب منه أربعة وعشرون أصلا وذلك أنك تضرب الأربعة في التراكيب التي خرجت عن الثلاثي وهي ستة فيكون ذلك أربعة وعشرين تركيبا المستعملُ منها قليلٌ وهي: عَقْرب وبُرْقع وعَرْقَب وعَبْقَر ولو جاء منه غيرُ هذه الأحرف فعسى أن يكونَ ذلك والباقي مهملٌ كله وإذا كان الرباعي مع قُرْبه من الثلاثي إنما استُعْمل منه الأقل النَّزْر فما ظنك بالخماسي على طوله وتقاصر الفِعل الذي هو مِئَنّة من التصرف والثقل عنه فلذلك قلَّ الخماسي أصلا.

ثم لا تجد أصلا مما رُكِّب منه قد تُصُرّف فيه بتغيير نَظْمه ونَضَده كما تُصُرف في باب عَقْرب (بَعَبْقر وعرقب) وبُرْقع ألا ترى أنك لا تجد شيئا من نحو سَفَرْجل قالوا فيه: سَرَفجل ولا نحو ذلك مع أن تقليبه يبلغ مائة وعشرين أصلا.

ثم لم يُسْتعمل من ذلك إلا (سفرجل) وحده.

ص: 193

(فأما قول بعضهم: زبردج فَقَلْبٌ لَحِق الكلمة ضرورة في بعض الشعر ولا يقاس) فدلَّ ذلك على استكراههم ذوات الخمس لإفراط طولها فأوجبت الحالُ الإقلالَ منها وقَبْضَ اللسان عن النُّطْق بها إلا فيما قلَّ ونَزُر ولما كانت ذوات الأربعة تليها وتتجاوز أعدل الأصول - وهو الثلاثي - إليها مسَّها بقُرْبها منه قلةُ التصرف فيها غيرَ أنها في ذلك أحسنُ حالا من ذواتِ الخمسة لأنها أدنى إلى الثلاثة منها.

وكان التصرُّفُ فيها دون تصرف الثلاثي وفوقَ تصرف الخماسي ثم إنهم لما أمسُّوا الرباعي طرفا صالحا من إهمال أصوله (وإعدام حال التمكن في تصرفه) تخطَّوا بذلك إلى إهمال بعض الثلاثي لا من أجل جفاء تراكيبه لتقارُبه (نحو سص وصس) لكن من قِبل أنهم حَذَوه على الرُّباعي كما حَذوا الرباعي على الخماسي ألأ ترى أن (لجع) لم يُهْمل لثِقله فإن اللام أخت الراء والنون وقد قالوا: نجع (فيه) ورجع (عنه واللام أخت الحرفين وقد أُهملت في باب اللجع) فدلَّ على أن إهمالَ (لجع) ليس للاستثقال بل لإخلالهم ببعض أصول الثلاثي لئلا يخلو هذا الأصلُ من ضَرْبٍ من الإهمال مع شِياعه (واطراده) في الأصلين اللذين فوقه كما أنهم لم يُخْلوا الخماسي من بعض تصرف بالتحقير والتكسير والترخيم فعُرِف أن ما أُهْمِل من الثلاثي لغير قُبْحِ التأليف نحو: (ضث) و (ثض) و (ثذ) و (ذث) إنما هو لأن محله من الرباعي محلُّ الرباعي من الخماسي فأتاه ذلك القَدْر من الجمود من حيث ذلك كما أتى الخماسي ما فيه من التصرف (في التكسير والتحقير والترخيم) من حيث كان محله من الرباعي محلَّ الرباعي من الثلاثي وهذه عادةٌ للعرب مألوفة وسنّةٌ مسلوكة إذا أعطوا شيئا من شيء حُكْماً ما قابلوا ذلك بأن يُعْطُوا المأخوذ منه حكما من أحكام صاحبه أمارة بينهما وتتميما للشَّبَه الجامع لهما (ألا تراهم لما شبهوا الاسم بالفعل فلم يصرفوه كذلك شبهوا الفعل بالاسم فأعربوه) .

وإذ قد ثبت أن الثلاثي في الإهمال محمولٌ على حكم الرباعي فيه لقُربه من الخماسي (بقي علينا أن نورد العلة) التي لها استعمل بعض الأصول من الثلاثي والرباعي والخماسي دون بعض.

وقد كانت الحالُ في الجميع متساوية.

فنقول: اعلم أن واضعَ اللغة لما أراد صَوْغَها وترتيبَ أحوالها هجَم بِفِكره على جميعها ورأى بعين تَصَوِّره وجوه جُمَلها وتفاصيلها فعلِم أنه لا بد من رفْض ما

ص: 194

شَنُع تأليفه منها نحو: هع وقخ وكق فنَفَاه عن نفسه ولم يَمْزجه بشيء من لفظه وعَلِم أيضا أن ما طال وأملَّ بكثرة حروفه لا يمكنُ فيه من التصَرُّف ما أمكن في أعدَل الأصول وأخفها وهو الثلاثي وذلك أن التصرف في الأصل وإن دعا إليه قياسٌ - وهو الاتساع به في الأسماء والأفعال والحروف - فإن هناك من وجْهٍ آخر ناهيا عنه ومُوحِشاً منه وهو أنَّ في نَقل الأصل إلى أصلٍ آخر - نحو صبر وبصر وضرب وربض - صورة الإعلال (نحو قولهم: ما أطيبه وأيْطَبَه واضمحل وامضحل وقِسِيّ وأَينق وهذا كله إعلالٌ لهذه الكلِم وما جرى مجراها فلما كان انتقالهم من أصل إلى أصل نحو صبر وبصر) مشابها للإعلال (من حيث ذكرنا) كان عذرا لهم في الامتناع من استيفاء جميع ما تحتمِله قسمةُ التركيب (في الأصول) فلما كان (الأمر) كذلك واقتضت الضرورةُ رفْضَ البعض واستعمال البعض جرت موادُّ الكلم عندهم مَجْرى مالٍ مُلقًى بين يَدَيْ صاحبه وقد عزم على إنفاق بعضه دون بعض فميَّزَ رديئه وزائفه فنفاه البتة كما نَفَوّْا عنهم تركيب ما قَبُح تأليفه ثم ضرب بيده إلى ما لطُف له من جيده فتناوله للحاجة إليه وترك البعض الآخر لأنه لم يُرِد استيعاب جميعَ ما بين يديه منه لما قدمنا ذِكْره وهو يرى أنه لو أخذ ما ترك مكان (أخْذ) ما أَخذ لأغْنى عن صاحبه وأدَّى في الحاجة إليه تأديته ألا ترَى أنهم لو استعملوا (لجع) مكان (نجع) لقام مقامه (وأغنى مَغْناه) .

ثم قد يكون في بعض ذلك أعراض لهم لأجلها عدَلوا إليه على ما تقدَّمت الإشارةُ إليه في مناسبةِ الألفاظ للمعاني.

وكذلك امتناعُهم في الأصل الواحد من بعض مُثُله واستعمال بعضها كرَفْضِهم في الرباعي مثل فَعْلُل وفَعلِل (وفُعْلَل) لما ذكرناه فكما توقَّفوا عن استيفاء جميع تراكيب الأصول كذلك توقفوا عن استيفاء جميع أمثلة الأصل الواحد من حيثُ كان الانتقال في الأصل الواحد من مثالٍ إلى مثال في النّقْص والاختلال كالانتقال في المادة الواحدة من تركيبٍ إلى تركيب لكنَّ الثلاثي جارٍ فيه لخِفَّته جميع ما تحتملُه القِسمةُ وهي الاثنا عشر مثالا إلا مثالا واحدا وهو فِعُل فإنه رُفِض للاستثقال لما فيه من الخروج من كَسْرٍ إلَى ضم.

انتهى كلام ابن جني.

ص: 195