الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْسِب بكسر السين في المستقبل عن قوم من العرب يقولون: حسَب يحسِب فكأنَّ حَسِب من لُغتهم في أنفسهم ويَحْسِب لغة لغيرهم سَمِعوها منهم فتكلَّموا بها ولم يقَعْ أصل البناء على فعِل يَفْعِل.
وقال الفراء: قوَّى هذا الذي ذكره الكسائي عندي أني سمعتُ بعضَ العرب يقول: فَضِل يفضُل.
قال أبو بكر يذهبُ - الفراء - إلى أن يَفْعُل لا يكون مستقبلا لفعِل وأن أصل يَفْضُل من لغة قوم يقولون فضَل يَفْضُل فأخذ هؤلاء ضم المستقبل عنهم.
وقال الفراء: الذين يقولون: مِتَّ أمُوت ودِمت أدوم أخذوا الماضي من لغة الذين يقولون: مت أمات ودمت أداملأن فَعِل لا يكون مستقبله يفعُل.
قال أبو بكر: فهذا قولٌ ظريف حسن.
انتهى.
النوع السابع والعشرون
معرفة المترادف
قال الإمام فخرُ الدين: هو الألفاظ المفردةُ الدالة على شيء واحد باعتبارٍ واحد.
قال: واحترزنا بالإفراد عن الاسم والحدِّ فليسا مُترادفين وبوَحْدة الاعتبار عن المتباينين كالسيف والصارم فإنهما دَلَاّ على شيءٍ واحد لكنْ باعتبارين: أحدُهما على الذَّات والآخر على الصفة والفرقُ بينه وبين التوكيد أنَّ أحد المترادفين يُفيدُ ما أفاده الآخر كالإنسان والبشر وفي التوكيد يفيد الثاني تقوية الأولوالفرق بينه وبين التابع أن التابع وحدَه لا يفيد شيئا كقولنا: عَطْشان نطْشان.
قال: ومن الناس من أنْكره وزعم أن كلَّ ما يظن من المترادفات فهو من المتبايناتإما لأن أحدَهما اسمُ الذات والآخر اسمُ الصفة صفةُ الصفة.
قال: والكلامُ معهم إما في الجواز ولا شك فيهأو في الوقوع إما من لغتين وهو أيضا معلوم بالضرورة أو من لغةٍ واحدة
كالحنطة والبر والقمحوتعسفات الاشتقاقيين لا يشهد لها شُبْهةٌ فضلا عن حُجَّة.
انتهى.
وقال التاج السبكي في شرح المنهاج: ذهب بعضُ الناس إلى إنكار المترادف في اللغة العربية وزعم أن كلَّ ما يُظن من المترادفات فهو من المتباينات التي تتباين بالصفات كما في الإنسان والبشرفإن الأول موضوع له باعتبار النسيان أو باعتبار أنه يُؤْنِس والثاني باعتبار أنه بادي البشرة.
وكذا الخندريس العقارفإن الأول باعتبار العتق والثاني باعتبار عَقْر الدَّنِّ لِشدَّتها.
وتكلَّف لأكثر المترادفات بمثلِ هذا المقال العجيب.
قال التاج: وقد اختارَ هذا المذهبَ أبو الحسين أحمد بن فارس في كتابه الذي ألَّفه في فقه اللغة والعربية وسنن العرب وكلامها ونقلَه عن شيخه أبي العباس ثعلب.
قال: وهذا الكتابُ كَتب منه ابن الصلاح نكتا منها هذه.
وعلقتُ أنا ذلك من خطِّ ابن الصلاح.
انتهى.
قلت: قد رأيتُ نسخة من هذا الكتاب مقروءة على المصنف وعليها خطُّه وقد نقلتُ غالبَ ما فيه في هذا الكتاب.
وعبارتُه في هذه المسألة: يُسَمّى الشيء الواحدُ بالأسماء المختلفة نحو السيف والمُهَنَّد والحُسام.
والذي نقوله في هذا أن الاسم واحدٌ وهو السيفُ وما بعده من الألقاب صفاتٌ ومذهُبنا أن كلَّ صفةٍ منها فمعناها غيرُ معنى الأخْرى.
وقد خالف في ذلك قومفزعموا أنها وإن اختلفت ألفاظُها فإنها ترجع إلى معنى واحد وذلك قولنا: سيف وغضب وحُسام.
وقال آخرون: ليس منها اسمٌ ولا صفةٌ إلا ومعناه غيرُ معنى الآخر.
قالوا: وكذلك الأفعالُ نحو مضى وذَهب وانْطَلق وقعَد وجلس ورقد ونام وهجعقالوا: ففي قعد معنى ليس في جلس وكذلك القول فيما سواه وبهذا نقولوهو مذهب شيخنا أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب.
واحتجَّ أصحابُ المقالة الأولى بأنه لو كان لكل لفظة معنى غير الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارة وذلك أنا نقول في {لا ريب فيه} : لا شك فيهفلو كان الريبُ غيرَ الشك لكانت العبارةُ
عن معنى الريب بالشك خطأفلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد. قالوا: وإنما يأتي الشاعرُ بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكان واحدتأكيدا ومبالغة كقوله: // من الطويل //
(وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد)
قالوا: فالنَّأْيُ هو البعد.
ونحن نقول: إن في قعد معنى ليس في جلسألا ترى أنا نقول: قام ثم قعد وأخذه المقيم والمقعد وقعدت المرأة عن الحيض وتقول لناسٍ من الخوارج قَعَد ثم تقول كان مضطجعا فجلسفيكون القعودُ عن قيام والجلوسُ عن حالة هي دون الجلوسلأن الجلس المرتفع والجلوس ارتفاع عما هو دونهوعلى هذا يجري الباب كلُّه.
وأما قولُهم: أن المعنيين لو اختلفا لما جاز أن يعبَّر عن بالشيءفإنا نقول: إنما عُبِّر عنه من طريق المُشاكلة ولسنا نقول: إن اللَّفْظَتين مختلفتان فيلزمنا ما قالوهوإنما نقولُ: إن في كل واحدةٍ منها معنى ليس في الأخْرى.
انتهى كلام ابنِ فارس.
وقال العلامة عز الدين بن جماعة في شرح جمع الجوامع: حكى الشيخ القاضي أبو بكر بن العربي بسنده عن أبي علي الفارسي قال: كنتُ بمجلس سيف الدولة بحلَب وبالحضرة جماعة من أهل اللغة وفيهم ابن خالويه فقال ابن خالويه: أحفظ للسيفِ خمسين اسمافتبسم أبو علي وقال: ما احفظ له إلا اسما واحداوهو السيف. قال ابن خالويه: فأين المُهَنَّد والصَّارِم وكذا وكذافقال أبو علي: هذه صفاتوكأن الشيخ لا يفرقُ بين الاسْمِ والصِّفة.
وقال الشيخ عز الدين: والحاصلُ أن من جَعَلها مترادفة انظر إلى اتحادِ دلالتها على الذاتِ ومن يمنع ينظر إلى اختصاص بعضها بمزيدِ معنى فهي تُشْبه المترادفة في الذات والمتباينة في الصفات.
قال بعض المتأخرين: وينبغي أن يكون هذا قسما آخر وسماه المتكافئة.
قال: وأسماءُ الله تعالى وأسماءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا النوعفإنك إذا قلت: إن الله غفور رحيم قديرتطلقها دالة على الموصوف بهذه