الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تأكل الغثَّ والسمين ولا تتركُ
…
فيه لذي الجناحين ريشا)
(هكذا في البلاد حي قريش
…
يأكلون البلادَ أكلا كميشا)
(ولهم آخرُ الزمان نبي
…
يكثر القَتْل فيهم والخموشا)
(تملأُ الأرض خيلُه ورجالٌ
…
يحشرون المطي حشرا كشيشا)
وأخرج ابنُ عساكر في تاريخه من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أبي ريحانة العامري قال: قال: معاوية لابنِ عباس: لِمَ سميت قريش قريشاقال: بدابة تكون في البحر من أعْظم دوابِّه يقال لها القِرْش لا تمرُّ بشيء من الغثِّ والسمين إلا أكلَتْه قال فأنشدني في ذلك شيئافأنشده شعرَ الحميري فذكر الأبيات.
النوع الثالث والعشرون
معرفة الاشتقاق
قال ابن فارس في فقه اللغة: باب القول على لغة العربهل لها قياسوهل يشتق بعضُ الكلام من بعض
أجمع أهل اللغة - إلَاّ من شذَّ منهم - أن للغةِ العرب قياساوأن العرب تشتقُّ بعض الكلام من بعض واسم الجنِّ مشتقٌّ من الاجْتِنان وأن الجيم والنون تدلان أبدا على السترتقول العرب للدِّرْع: جُنَّة وأجَنَّه الليلُ وهذا جَنين أي هو في بَطْن أمِّه.
وأن الإنس من الظهوريقولون: آَنسْتُ الشيء: أبْصَرْتُه.
وعلى هذا سائرُ كلام العرب عَلِم ذلك مَن عَلِم وجَهِله من جهل.
قال: وهذا مبنيٌّ أيضا على ما تقدم من أن اللغة توقيففإن الذي وَقَّفَنا على أن الاجتِنان: الستر هو الذي وقفنا على أن الجن مشتق منهوليس لنا اليوم أن
نخترع ولا أن نقول غيرَ ما قالوه ولا أن نقيس قياسا يقيسوهلأن في ذلك فساد اللغة وبُطلانَ حقائقها.
قال: ونكتةُ الباب أن اللغة لا تُؤْخذ قياسا نقيسه الآن نحن.
انتهى كلام ابن فارس.
وقال ابن دحية في التنوير: الاشتقاقُ من أغْرَب كلام العرب وهو ثابت عن الله تعالى بنقل العدول عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأنه أُوتي جَوامعَ الكَلِم وهي جمعُ المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة فمن ذلك قوله فيما صح عنه: يقولُ الله: (أنا الرحمن خلقتُ الرُّحم وشققت لها من اسمي) .
وغير ذلك من الأحاديث.
وقال في شرح التسهيل: الاشتقاقُ أخْذُ صيغةٍ من أخرى مع اتفاقهما معنى ومادة أصلية وهيئة تركيب لهاليدل بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة لأجلها اختلفا حروفا أو هيئة كضارب من ضرب وحَذِرٌ من حَذِر.
وطريقُ معرفته تقليبُ تصاريفِ الكلمة حتى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصيغ دلالة اطراد أو حروفا غالباكضرب فإنه دال على مُطلق الضرب فقط أما ضارب ومضروب ويَضْرب واضْرِب فكلُّها أكثرُ دلالة وأكثر حروفاوضرب الماضي مساوٍ حروفا وأكثرُ دلالة وكلها مشتركة في (ض ر ب) وفي هيئة تركيبها وهذا هو الاشتقاق الأصْغر المحتجُّ به.
وأما الأكبرُ فيحفظ فيه المادّةُ دون الهيئة فيجعل (ق ول) و (ول ق) و (وق ل) و (ل ق و) وتقاليبها الستة بمعنى الخفة والسرعة.
وهذا مما ابتدعه الإمامُ أبو الفتح ابن جني وكان شيخه أبو علي الفارسي يأنس به يسيراوليس معتَمداً في اللغة ولا يصح أن يُستنبط به اشتقاق في لغة العربوإنما جعله أبو الفتح بيانا لقوة ساعده ورده المختلفات إلى قَدْرٍ مشترك مع اعترافه وعِلْمِه بأنه ليس هو موضوع تلك الصيغ وأن تراكيبها تفيد أجناسا من المعاني مغايرة للقَدْر المشتركوسبب إهمال العرب وعدمِ التفات المتقدمين إلى معانيه أن الحروف قليلةٌ وأنواع المعاني المتفاهمة لا تكاد تتناهى فخصوا كل تركيب بنوع منهاليفيدوا بالتراكيب والهيئات أنواعا كثيرة ولو اقتصروا على تغاير المواد حتى لا يدلوا على معنى
الإكرام والتعظيم إلا بما ليس فيه من حروف الإيلام والضربلمنافاتهما لهما لضاق الأمر جداولاحتاجوا إلى ألوف حروفٍ لا يجدونها بل فرقوا بين مُعْتِق ومُعْتَق بحركةٍ واحدة حصل بها تمييزٌ بين ضدين.
هذا وما فعلوهُ أخْصر وأنسب وأخفولسنا نقولُ: إن اللغةَ أيضا اصطلاحيةٌ بل المرادُ بيان أنها وقعت بالحكمة كيف فرضتففي اعتبار المادة دون هيئة التركيب من فساد اللغة ما بينت لكولا يُنْكَر مع ذلك أن يكونَ بين التراكيب المتحدة المادة معنى مشترَكٌ بينها هو جنسٌ لأنواع موضوعاتهاولكن التحيُّل على ذلك في جميع مواد التركيبات كطلبٍ لعنقْاء مُغرب ولم تُحْمل الأوضاعُ البشرية إلا على فهوم قريبةٍ غير غامضة على البديهة فلذلك إن الاشتقاقات البعيدة جدا لا يقبلها المحققون.
واختلفوا في الاشتقاق الأصغرفقال سيبويه والخليل وأبو عمرو وأبو الخطاب وعيسى بن عمروالأصمعي وأبو زيد وابن الأعرابي والشيباني وطائفة: بعضُ الكَلِم مشتقٌّ وبعضُه غيرُ مشتق.
وقالت طائفة من المتأخرين اللغويين: كل الكلم مشتقونسب ذلك إلى سيبويه والزجاج.
وقالت طائفة من النظار: الكلم كلُّه أصلٌ والقول الأوسط تخليط لا يعد قولالأنه لو كان كل منها فرعا للآخر لدار أو تسلسل وكلاهما محالبل يلزم الدور عينالأنه يثبت لكل منها أنه فرْع وبعضُ ما هو فرع لا بد أنه أصلضرورة أن المشتقَّ كلَّه راجع إليه أيضا.
لا يقال: هو أصل وفرع بوجهينلأن الشرط اتحاد المعنى والمادة وهيئة التركيبمع أن كلا منها مفرَّع عن الآخر بذلك المعنى.
ثم التغييرات بين الأصل المشتق منه والفرع المشتق خمسة عشر:
الأول - زيادة حركة كعلم وعلم.
الثاني - زيادة مادة كطالب وطلب.
الثالث - زيادتهما كضارب وضرب.
الرابع - نقصان حركة كالفرس من الفرس.
الخامس - نقصان مادة كثبت وثبات.
السادس - نقصانهما كنَزَا ونزوان.
السابع - نقصان حركة وزيادة مادة كغضبى وغضب.
الثامن: - نقص مادة وزيادة حركة كحرم وحرمان.
التاسع - زيادتهما مع نقصانهما كاسْتَنْوقَ من الناقة.
العاشر - تغاير الحركتين كبَطِر بَطَراً.
الحادي عشر - نقصان حركة وزيادة أخرى وحرف كاضْرِب من الضرب.
الثاني عشر - نقصان مادة وزيادة أخرى كراضع من الرضاعة.
الثالث عشر - نَقْص مادة بزيادة أخرى وحركة كخاف من الخوفلأن الفاء ساكنة في خوف لعدم التركيب.
الرابع عشر - نقصان حركة وحرف وزيادة حركة فقد كعد من الوعدفيه نقصان الواو وحركتها وزيادة كسرة.
الخامس عشر - نقصان حركة وحرف وزيادة حرف كفاخَر من الفخارنقصت ألف وزادت ألف وفتحة.
وإذا ترددت الكلمةُ بين أَصْلين في الاشتقاق طلب الترجيح وله وجوه:
أحدها - الأمكنية كمَهْدَد علما من الهد أو المهد فيرد إلى المهدلأن باب كرم أمْكنُ وأوسع وأفصحُ وأخف من باب كر فيرجح بالأمكنية.
الثاني - كون أحد الأصلين أشرفلأنه أحق بالوضْع له والنفوس أذكر له وأقبل كدَوَران كلمة (الله) - فيمن اشتقها - بين الاشتِقاق من (أَلِه) أو (لوه) أو (وَلِه) فيقال: من أله أشرف وأقرب.
الثالث - كونه أظهر وأوضح كالإق بال والقبل.
الرابع - كونه أخص فيرجح على الأعم كالفضل والفضيلة وقيل عكسه.
الخامس - كونه أسهل وأحسن تصرفاكاشتقاق المعارضة من العرض بمعنى الظهور أو من العُرْض وهو الناحية فمن الظهور أولى.
السادس - كونه أقرب والآخر أبعدكالعقار يرد إلى عَقْر الفهم لا إلى أنها تسكر فتعقر صاحبها.
السابع - كونه أليقكالهداية بمعنى الدلالة لا بمعني التقدم من الهوداي بمعنى المتقدمات.
الثامن - كونه مطلقا فيُرجّح على المقيدكالقرب والمقاربة.
التاسع - كونه جوهرا والآخر عرَضاً لا يصلح للمصدرية ولا شأنه أن يشتق منهفإن الرد إلى الجوهر حينئذ أولى لأنه الأسبقفإن كان مصدرا تعين الردُّ إليه
لأن اشتقاق العرب من الجواهر قليل جداوالأكثر من المصادر ومن الاشتقاق من الجواهر قولهم: استَحْجَر الطين واستَنْوق الجمل.
فوائد - الأولى - قال في شرح التسهيل: الأعلام غالبُها منقولٌ بخلاف أسماء الأجناسفلذلك قل أن يشتق اسم جنسلأنه أصل مُرْتَجَل.
قال بعضهم: فإن صح فيه اشتقاقٌ حمل عليه.
قيل: ومنه غُرَاب من الاغتراب وجراد من الجَرْد.
وقال في الارتشاف: الأصل في الاشتقاق أن يكونَ من المصادر وأصدقُ ما يكون في الأفعال المزيدة والصفات منها وأسماء المصادر والزمان والمكان ويغلبُ في العَلَم ويقل في أسماء الأجناس كغُراب يمكن أن يُشتق من الاغتراب وجراد من الجَرْد.
الثانية - قال في شرح التسهيل أيضا: التصريفُ أعم من الاشتقاقلأن بناء مثل قردد من الضرب يسمى تصريفاولا يسمى اشتقاقالأنه خاصٌّ بما بنَتْه العرَب.
الثالثة - أَفْرَد الاشتقاق بالتأليف جماعةٌ من المتقدمين منهم الأصمعي وقُطْرب وأبو الحسن الأخفش وأبو نصر الباهلي والمفضل بن سلمة والمبرد وابن دُريد والزَّجاج وابن السراج والروماني والنحاس وابن خالويه.
الرابعة - قال الجواليقي في (المعرب) قال ابن السراج في رسالته في الاشتقاق: مما ينبغي أن يُحْذَر كل الحذَر أن يشتق من لغة العرب لشيء من لغة العَجَمِ قال: فيكونُ بمنزلةِ مَن ادَّعى أن الطيرَ وَلَد الحوت.
الخامسة - في مثال من الاشتقاق الأكبر: مما ذكره الزجاج في كتابه قال: قولهُم: شجَرتُ فلانا بالرمح تأويله جعلته فيه كالغُصْن في الشجرة وقولهم: للحلقوم وما يتصل به شجرلأنه مع ما يتصل به كأغصان الشجرة وتشاجر القوم إنما تأويلُه اختلفوا كاختلاف أغصان الشجرة وكل ما تفرع من هذا الباب فأصله الشجرة.
ويروى عن شيبة بن عثمان قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يوم حُنين فإذا العباس آخذ بلجام بَغْلَته قد شجرها.
قال أبو نصر صاحب الأصمعي: معنى قوله: (قد شجرها) أي رفع رأسها إلى فوق.
يقال: شجرَتُ أغصان الشجرة إذا تدلت فرفعتُها.
والشِّجار مَرْكب يُتَّخذ للشيخ الكبير ومَنْ مَنَعَته العلة من الحركة ولم يؤمن عليه السقوطتشبيها بالشجرة الملتفة والنخل يسمى الشجرقال الشاعر: // من الطويل //
(وأخبث طَلْع طلعكن لأهله
…
وأنكر ما خيرت من شَجَرات)
والمرعى يقال له الشجر لاختلاف نَبته وشجر الأمر إذا اختلط وشجَرني عن الأمر كذا وكذا معناه صرفنيوتأويله أنه اختلَف رأيي كاختلاف الشجر والباب واحد وكذلك شجر بينهم فلان أي اختلف بينهم وقد شجر بينهم أمرأي وقع بينهم.
انتهى.
وفي قوله: والنخلُ يسمى الشجر فائدة لطيفة فإني رأيت في كتاب (عمل من طب لمن حب) للشيخ بدر الدين الزركشي بخطه: إن النخلة لا تسمى شجرة وأن قوله صلى الله عليه وسلم فيها: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها
…
الحديث) .
على سبيل الاستعارة لإرادة الإلغاز وما ذكره الزجاجي يرده ويمشي الحديثُ على الحقيقة.
فائدة - قال ابن فارس في المجمل: اشتَبه علي اشتقاقُ قولهم: (لا أبالي به) غاية الاشتباه غيرَ أني قرأت في شعر ليلى الأخيلية: // من الطويل //
(تبالى رواياهم هبالة بعد ما
…
ورَدْن وحول الماء بالجم يرتمي)
وقالوا في تفسير التبالي: المبادرة بالاستقاءيق ال تبالى القوم: إذا تبادروا الماء فاستقوهوذلك عند قلة الماء قال بعضهم تبالى القوم.
وذلك إذا قل الماء ونزح استقى هذا شيئاوينتظر الآخر حتى يجم الماء فيسقي فإن كانَ هذا هكذا فلعل قولهم لا أبالي به: أي لا أبادر إلى اقتنائه والانتظار به بل أنبذه ولا أعتد به.
فائدة - قال ابن دريد: قال أبو عثمان: سمعتُ الأخفش يقول: اشتقاقُ الدُّكان من الدَّكْدَك وهي أرضٌ فيها غلظ وانبساط ومنه اشتقاق ناقة دَكَّاء إذا كانت مفترشة السَّنام في ظهرها أو مجْبُوبَته.
لطيفة - قال أبو عبد الله محمد بن المعلى الأزدي في كتاب الترقيص: حدثني هارون بن زكريا عن البلعي عن أبي حاتم قال: سألت الأصمعي لِمَ سُمِّيت مِنًى منى: قال: لا أدْري.
فلقيت أبا عبيدة فسألته فقال: لم أكن مع آدم حين علمه الله الأسماءفأسأله عن اشتقاق الأسماءفأتيت أبا زيد فسألته.
فقال: سمِّيت منى لما يُمْنى فيها من الدماء.
وقال ابن خالويه في شرح الدريدية: سمعتُ ابنَ دريد يقول: سألت أبا حاتم عن (ثادق) اسم فرسمن أي شيء اشتقفقال: لا أدري.
فسألت الرياشي عنه فقال: يا معشر الصبيانإنكم لتتعمقون في العلمفسألت أبا عثمان الأشنانداني عنه فقال: يُقال: ثَدَق المطر إذا سال وانصب فهو ثادقفاشتقاقه من هذا.
فائدة - قال أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين: سُئِل أبو عمرو بن العلاء عن اشتقاق الخيل فلم يعرف فمرَّ أعرابي مُحرِم فأراد السائلُ سؤالَ الأعرابي فقال له أبو عمرو: دعْني فإني ألطفُ بسُؤَاله وأعرف فسأله.
فقال الأعرابي: استفاد الاسمَ من فِعْل السير فلم يعرف مَنْ حَضَر ما أراد الأعرابيُّ فسألوا أبا عمرو عن ذلك فقال: ذهبَ إلى الخُيَلاء التي في الخيل والعُجْب ألا تراها تمشي العََرضْنَة خيلاء وتكبرا.
فائدة - قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في كتاب (الموازنة) : كان الزَّجَّاج يزعُم أن كل لفظتين اتفقتا ببعض الحروف وإن نَقَصت حروفُ إحداهما عن حروف الأخرى فإن إحداهما مشتقةٌ من الأخرى فتقول: الرحل مشتق من الرحيل والثور