المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثحكم زواج المسيار - المسائل الفقهية المستجدة في النكاح مع بيان ما أخذ به القانون الكويتي

[بدر ناصر مشرع السبيعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ أهمية الموضوع:

- ‌ أهداف الموضوع:

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌ منهج البحث:

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولالتعريف بمفردات البحث

- ‌المطلب الأولتعريف المسائل

- ‌الفرع الأول: المسائل لغة:

- ‌الفرع الثاني: المسائل اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيتعريف الفقه

- ‌الفرع الأول: تعريف الفقه لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف الفقه اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثالثتعريف المستجدة

- ‌الفرع الأول: تعريف المستجدة لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف المستجدة اصطلاحًا:

- ‌المطلب الرابعتعريف النكاح

- ‌الفرع الأول: تعريف النكاح لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف النكاح اصطلاحًا:

- ‌المبحث الثانيمشروعية النكاح وحكمه والحكمة منه

- ‌المطلب الأولمشروعية النكاح في الإسلام

- ‌أولاً: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعا: المعقول:

- ‌المطلب الثانيحكم النكاح

- ‌المطلب الثالثالحكمة من النكاح

- ‌الفصل الأولالمسائل المستجدة في أحكام الخطبة

- ‌المبحث الأولالمسائل المستجدة قبل الخطبة

- ‌المطلب الأولإعلان المرأة للزواج في وسائل الاتصال الحديثة

- ‌المطلب الثانيرؤية المخطوبة من خلال الإنترنت

- ‌المطلب الثالثمحادثة المخطوبة من خلال الإنترنت أو الهاتف

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌المطلب الرابعمراسلة المخطوبة من خلال الإنترنت أو الهاتف

- ‌المطلب الخامسحفل الخطوبة

- ‌المبحث الثانيالمسائل المستجدة بعد الخطبة

- ‌المطلب الأولأحكام الشبكة

- ‌الفرع الأول: تعربف الشبكة

- ‌المسألة الأولى: تعريف الشبكة لغة:

- ‌المسألة الثانية: تعريف الشبكة اصطلاحًا:

- ‌الفرع الثاني: التكييف الفقهي للشبكة:

- ‌الفرع الثالث: حكم رد الشبكة

- ‌الفرع الرابع: رأي القانون الكويتي في رد الشبكة

- ‌المطلب الثانيحكم إجراء الفحص الطبي

- ‌الفرع الأول: تعريف الفحص الطبي لغة واصطلاحًا

- ‌المسألة الأولى: تعريف الفحص الطبي لغة:

- ‌المسألة الثانية: تعريف الفحص الطبي اصطلاحًا:

- ‌الفرع الثاني: إيجابيات الفحص الطبي وسلبياته

- ‌المسألة الأولى: إيجابيات الفحص الطبي

- ‌المسألة الثانية: سلبيات الفحص الطبي:

- ‌الفرع الثالث: الفحص الطبي قبل الزواج

- ‌الفرع الرابع: رأي القانون الكويتي في الفحص الطبي قبل الزواج:

- ‌الفصل الثانيالمسائل المستجدة في أنواع عقود النكاح

- ‌المبحث الأولحكم إجراء عقد الزواج عبر وسائل الاتصال الحديثة (الإنترنت)

- ‌المطلب الأولتعريف وسائل الاتصال الحديثة

- ‌المطلب الثانيحكم الزواج عبر وسائل الاتصال الحديثة

- ‌الحالة الأولى: أن يكون عقد النكاح عن طريق الكتابة

- ‌الحالة الثانية: وهي العقد مشافهة بوسائل الاتصال الحديثة:

- ‌الحالة الثالثة: أن يكون العقد بالصوت والصورة عن طريق الإنترنت:

- ‌المطلب الثالثرأي القانون الكويتي

- ‌المبحث الثانيحكم الزواج للحصول على امتيازات مادية

- ‌المطلب الأولالمراد بالامتيازات المادية

- ‌الفرع الأول: تعريف الامتيات المادية لغة

- ‌الفرع الثاني: تعريف الامتيازات المادية اصطلاحا

- ‌المطلب الثاني: حكم الزواج للحصول على امتيازات مادية

- ‌المطلب الثالثرأي القانون الكويتي بالنسبة للقرض الاجتماعي الذي يُعطى للمواطنين المتقدمين للزواج

- ‌المبحث الثالثالزواج العرفي

- ‌المطلب الأولتعريف الزواج العرفي

- ‌الفرع الأول: تعريف الزواج العرفي لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف الزواج العرفي اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيالفرق بين الزواج العرفي والزواج الشرعي

- ‌المطلب الثالثحكم الزواج العرفي

- ‌المطلب الرابعرأي القانون الكويتي

- ‌المبحث الرابعزواج "الفرند" (زواج الأصدقاء)

- ‌المطلب الأول:تعريف زواج "الفرند

- ‌الفرع الثاني: تعريف زواج "الفرند" اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيالفرق بين زواج "الفرند" والزواج الشرعي

- ‌المطلب الثالثحكم زواج "الفرند

- ‌المطلب الرابعرأي القانون الكويتي

- ‌المبحث الخامسالزواج السياحي

- ‌المطلب الأولتعريف الزواج السياحي

- ‌الفرع الأول: تعريف الزواج السياحي لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف الزواج السياحي اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيالفرق بين الزواج السياحي والزواج الشرعي

- ‌المطلب الثالثحكم الزواج السياحي

- ‌المطلب الرابعرأي القانون الكويتي

- ‌المبحث السادسالزواج المدني

- ‌المطلب الأولتعريف الزواج المدني

- ‌الفرع الأول: تعريف الزواج المدني لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف الزواج المدني اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيالفرق بين الزواج المدني والزواج الشرعي

- ‌المطلب الثالثحكم الزواج المدني

- ‌مسألة عدم اشتراط الدِّين:

- ‌المسألة الثانية: الشهود لم يتطرق لهم عقد النكاح المدني:

- ‌المطلب الرابعرأي القانون الكويتي

- ‌المبحث السابعزواج المسيار

- ‌المطلب الأولتعريف زواج المسيار

- ‌الفرع الأول: تعريف زواج المسيار لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف زواج المسيار اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيالفرق بين زواج المسيار والزواج الشرعي

- ‌المطلب الثالثحكم زواج المسيار

- ‌المطلب الرابعرأي القانون الكويتي

- ‌المبحث الثامنعقد الزواج عن طريق المراكز الإسلامية للأقليات المسلمة

- ‌المطلب الأولتعريف المراكز الإسلامية

- ‌الفرع الأول: تعريف المراكز الإسلامية لغة:

- ‌الفرع الثاني: تعريف المراكز الإسلامية اصطلاحًا:

- ‌المطلب الثانيحكم عقد الزواج عن طريق المراكز الإسلامية

- ‌المطلب الثالثرأي القانون الكويتي

- ‌الفهارس الفنية

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الثالثحكم زواج المسيار

‌المطلب الثالث

حكم زواج المسيار

اختلف العلماء المعاصرون في حكمه على خمسة أقوال:

القول الأول: الجواز مع الكراهة. وهو قول الدكتور يوسف القرضاوي (1)، والدكتور وهبة الزحيلي (2)، والشيخ سعود الشريم (3) - إمام الحرم- والدكتور أحمد الكردي (4)، والدكتور أحمد موسى السهلي (5)، وهو اختيار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي (6).

أدلة أصحاب القول الأول:

الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت امرأة أحب إليّ أن أكون في مسلاخها (7) من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حِدَّة،

(1) المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 150 وما بعدها.

(2)

عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 29.

(3)

مجلة الأسرة، العدد (46)، ص 15، سنة 1418.

(4)

الزواج، للكردي ص 207.

(5)

عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 26.

(6)

زواج المسيار، للمطلق، ص 112، وموقع رابطة العالم الاسلامي.

(7)

مسلاخها: أي في هديها وطريقتها، ومسلاخ الحية: جلدها، والسلخ بالكسر الجلد. النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير (2/ 389).

ص: 232

قالت: فلمَّا كَبِرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة، قالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة (1).

وجه الاستدلال من الحديث:

أن إسقاط بعض الحقوق من حق المرأة، مثل المبيت والنفقة؛ لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ما تصرفت به سودة بنت زمعة، كما هو حال زواج المسيار (2).

مناقشة وجه الاستدلال من وجوه:

الأول: أن سودة بنت زمعة رضي الله عنها هي المتنازلة، أما في المسيار فالرجل يشترط ذلك (3).

الرد على الوجه الأول:

أننا لا نسلم لكم بهذا، بل هو مبالغ فيه، فإن المرأة هي التي تتنازل بمحض إرادتها (4).

الوجه الثاني:

أن سودة رضي الله عنها تنازلت بعد العقد، أما في زواج المسيار فالتنازل قبل العقد (5).

(1) رواه مسلم (4/ 174)، كتاب الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها، ح (1463).

(2)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 173، وزواج المسيار، للمطلق، ص 146.

(3)

زواج المسيار، للمطلق، ص 148.

(4)

عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 32، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 174.

(5)

زواج المسيار، للمطلق، ص 148.

ص: 233

الرد على الوجه الثاني:

أنه لا فرق بين ما كان من تنازل قبل العقد أو بعده طالما أنه حق لها تملكه (1).

الوجه الثالث:

أن سودة رضي الله عنها تنازلت عن ليلتها بعدما كبرت ولم يكن لها حاجة في الرجال، فأرادت المحافظة على أمومتها للمؤمنين، ولو كانت شابة لما وهبت ليلتها (2).

الرد على الوجه الثالث:

هذا تحكم لا دليل عليه، فإن الله عز وجل قال: وَإِلَى امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) (3).

فالمهر والنفقة والمسكن والمبيت كلها حقوق للمرأة لها التنازل عنها كليًّا أو جزئيًّا إن وجدت ذلك خيرًا لها، ولم تحدد الآية كبيرة أو صغيرة (4).

الدليل الثاني:

عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على صفية بنت حيي في شيء، فقالت صفية: يا عائشة، هل لك أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني، ولك يومي؟ قالت: نعم، فأخذت خمارًا لها مصبوغًا بزعفران، فرشته بالماء ليفوح ريحه، ثم قعدت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، إليك عني، إنه ليس

(1) زواج المسيار، للمطلق، ص 148.

(2)

زواج المسيار، للمطلق، ص 148.

(3)

سورة النساء، آية:128.

(4)

زواج المسيار، للمطلق، ص 149.

ص: 234

يومك»، فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فأخبرته بالأمر، فرضي عنها (1).

وجه الاستدلال من الحديث:

أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن نساءه أن يتنازل عن حقهن في المبيت ليبيت عند عائشة (2)، فدل على أن للمرأة أن تتنازل، وإلا لما استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما نفذ ذلك بمبيته عند عائشة رضي الله عنها (3).

الدليل الثالث: أنه زواج مستكمل الأركان والشروط، فهو زواج شرعي (4).

مناقشة الدليل:

نسلم لكم باستكماله للشروط والأركان، ولكنه اقترن ببعض الشروط التي تخالف مقتضى العقد؛ كاشتراط ألا تُنجب، وأن لها الخيار في النكاح أو لهما، كما أن العقد يشتمل على بعض الشروط الباطلة وإن كانت لا تخل بالمقصود الأصلي من النكاح (5).

(1) رواه ابن ماجه في سننه (2/ 475)، كتاب النكاح، باب المرأة تهب يومها لصاحبتها، ح (1973)، قال البوصيري:"ضعيف سمية البصرية لا تعرف. وقال الألباني: "رجاله ثقات رجال مسلم غير سمية هذه، وهي مقبولة عند الحافظ ابن حجر". إرواء الغليل، للألباني (7/ 85).

(2)

رواه البخاري (3/ 183)، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها ح (2588) ..

(3)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 179.

(4)

زواج المسيار، للمطلق، ص 146، وعقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 29، وعقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 24.

(5)

عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 30.

ص: 235

الرد على المناقشة:

أن إسقاط المرأة لبعض حقوقها ليس شروطًا منافية لمقتضى العقد، مثل إسقاط المبيت، وإنما تنازلٌ تملكه، وهو جائز شرعًا (1).

الدليل الرابع:

قياس زواج المسيار على غيره من أنواع الزواج المشابهة له؛ كزواج النهاريات والليليات (2)، فقد اتفق بعض الفقهاء على جوازه، فكذلك المسيار (3).

مناقشة الدليل:

أما الاستدلال بجواز نكاح النهاريات والليليات، فلا نسلم لكم به؛ لأنه مما اختلف فيه العلماء بين مجيز ومانع، فلا يصح الاستدلال؛ لأنه ليس محل اتفاق (4).

الرد على المناقشة:

نسلم لكم بأنه محل خلاف، وكما يؤخذ بالاعتبار القول بعدم الإباحة، فيجب أن يؤخذ بالاعتبار أيضًا قول من قال بالإباحة؛

(1) المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 180.

(2)

كلمة النهاريات مأخوذة من النهار، والليليات مأخوذة من الليل، وهي صورة من صور الزواج، وهي أن يأتي الزوج زوجته أو تأتيه هي نهارًا فقط، أو ليلاً فقط. حاشية الدسوقي، للدسوقي (2/ 237 - 238).

(3)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 181، عقود الزواج المستحدثة ص 30.

(4)

المرجعين السابقين.

ص: 236

لأنها مسألة اجتهادية (1).

كما استدلوا على أنه خلاف الأولى أو بكراهته بما يلي:

الدليل الأول: أن زواج المسيار لا يحقق الأهداف المنشودة من الزواج إلا المتعة والأنس، والزواج في الإسلام له مقاصد منها: السكن والمودة والرحمة وإنجاب الذرية، ولكن عدم تحقق هذه الأهداف لا يلغي العقد، ولا يبطل الزواج، وإنما يخدشه وينال منه (2).

الدليل الثاني: أن زواج المسيار فيه إهانة للمرأة، وخدش لكرامتها وشخصيتها، إلا أنه ليس فيه شبهة حرام (3).

القول الثاني: جواز نكاح المسيار مطلقًا. وهو قول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (4) رحمه الله وسماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ (5)، والشيخ عبد الله الجبرين (6) رحمه الله والشيخ عبد الله

(1) المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 182، وعقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 234.

(2)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان ص 185، وعقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 26.

(3)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 185، وعقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 26.

(4)

الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية، للجريسي، ص 564، ومجلة الدعوة، عدد (1639).

(5)

زواج المسيار، للمطلق، ص 113.

(6)

المرجع السابق.

ص: 237

المنيع (1)، ولجنة الفتوى الكويتية (2) وغيرهم.

استدل أصحاب هذا القول بما استدل به أصحاب القول الأول، إلا أنهم لا يرون الكراهة فيه.

القول الثالث: تحريم زواج المسيار مع صحة العقد. وهو قول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (3) رحمه الله والدكتور عمر الأشقر (4)، وغيرهما.

أدلة القول الثالث:

الدليل الأول: أن زواج المسيار ينافي مقاصد الشريعة التي تدعو إلى تكوين أسرة مستقرة آمنة، فلا سكن ولا مودة لامرأة تعيش في قلق وتوتر؛ لا تعلم متى طلاقها من زوجها، أم يبقيها عنده (5).

مناقشة الدليل:

مع فرض التسليم- ونحن لا نسلم لكم- فإنه يحصل به الإعفاف للزوجة حتى لا تقع في المحذور الذي نريد أن نفر منه (6).

الدليل الثاني: زواج المسيار يتخذه ضعاف النفوس ذريعة إلى

(1) مجموع فتاوى وبحوث، للمنيع، (4/ 262).

(2)

مجموع الفتاوى الشرعية (13/ 242).

(3)

موقع الألباني على الإنترنت:

http://www.alalbany.net/

(4)

مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، للأشقر، ص 162.

(5)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 189، وعقود الزواج المستحدثة، للزحيلي، ص؟ ؟ ؟ ، وزواج المسيار، للمطلق، ص 121، وزواج المسيار، لحسونة، ص 12.

(6)

زواج المسيار، للمطلق، ص 140.

ص: 238

الفساد والإفساد، فمن الممكن أن تقول المرأة: إن هذا الرجل الذي يطرق بابي هو زوجي مِسيارًا، وهو ليس كذلك، فيُغلق هذا الباب سدًّا للذريعة (1).

مناقشة الدليل:

لا نسلم لكم بهذا؛ لأن الزوجة لها ولِيٌّ، وعندها عقد زواج يمنع المفاسد ويقللها، والتي يمكن أن تترتب على هذا النوع من الزواج، وهذه المفاسد ليست مقتصرة على هذا النوع من الزواج، بل قد تدخل على غيره وعلى الزواج المعتاد (2).

الدليل الثالث: أن هذا النوع من الزواج فيه إهانة للمرأة، واستغلال لظروفها، وفيه تهديد لها بالطلاق إذا طلبت المساواة (3).

مناقشة الدليل:

نسلم لكم أن فيه نوعًا من الإهانة، وهو مجرب ومحسوس، وأما تهديدها بالطلاق إذا طلبت المساواة فهي التي رضيت وألزمت نفسها من البداية، وأما الاستغلال ليس على إطلاقه فمن النساء من تريد المسيار لظروفها، والبعض لا تريده ولكنها لا تذكر الحب والمودة والتفاهم فأين الاستغال (4).

القول الرابع: تحريم زواج المسيار مع بطلان العقد. قال به

(1) زواج المسيار، للمطلق، ص 121.

(2)

عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 36.

(3)

زواج المسيار، للمطلق، ص 142.

(4)

المرجع السابق.

ص: 239

بعض العلماء المعاصرين؛ كالدكتور عجيل النشمي، وعبد الله الجبوري (1)، وغيرهما.

أدلة القول الرابع: استدلوا بمثل ما استدل به أصحاب القول السابق القائل بالتحريم، وزادوا عليه بطلان العقد.

الدليل الأول: أن زواج المسيار تنطوي تحته محاذير كثيرة، فقد تتخذه بعض النساء وسيلة لارتكاب الفاحشة؛ بدعوى أنها متزوجة مسيارًا، لذا يجب منعه ولو استكمل الأركان والشروط (2).

مناقشة الدليل:

أن استغلال زواج المسيار من النساء أو الرجال لارتكاب الزنى لا يقتضي تحريمه وبطلانه، فالفاسد من الرجال أو النساء يستطيع تحقيق ما يريد بأي وسيلة دون النظر إلى المسيار، ثم المسيار ليس كلمة تقال، بل هو عقد مكتمل، وبشهود وولي وتوثيق (3).

الدليل الثاني: أن زواج المسيار فيه شروط تخالف مقتضى العقد؛ كشرط إسقاط حق المبيت، وإسقاط حق النفقة؛ فيبطل

(1) مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، للأشقر، ص 245.

(2)

زواج المسيار، للمطلق، ص 125، وعقود الزواج المستحدثة، ص 29، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 203.

(3)

زواج المسيار، للمطلق، ص 144، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 204.

ص: 240

الشرط والعقد معًا (1).

مناقشة الدليل:

أن الأئمة قالوا بصحة العقد إذا تنازلت المرأة عن بعض حقوقها، مثل الوطء، فالنفقة من باب أولى (2).

الدليل الثالث: زواج المسيار يشبه زواج المتعة من حيث الصحة شكلاً، والحرمة شرعًا (3).

الرد على الدليل:

أنه قياس مع الفارق، إذ لا تأقيت فيه لا تصريحًا ولا تلميحًا، بينما المتعة مؤقتة بزمن محدد متفق عليه، فلا يصح القياس (4).

الدليل الرابع: أن زواج المسيار يشبه زواج المحلل، فلا يجوزُ قياسًا عليه (5).

كذلك هذا قياس مع الفارق؛ إذ لا نية مبيتة في المسيار

(1) عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 35، عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 30، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 202.

(2)

بدائع الصنائع، للكاساني (2/ 492)، وحاشية الخرشي، للخرشي (4/ 406)، وروضة الطالبين، للنووي (3/ 373)، والشرح الكبير، لابن قدامة (20/ 422).

(3)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 204، وعقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 29.

(4)

المختار في زواج المسيار، للجحيلان، ص 204.

(5)

عقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 29، وزواج المسيار، للمطلق، ص 125، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 205.

ص: 241

للطلاق، بخلاف الزواج بنية الطلاق، بل الأصل فيه أنه مُؤبَّد، فزواج المحلل فيه مقصود لذاته، بل حيلة لتحل المرأة لزوجها، أما زواج المسيار فإنه مقصود فيه الزواج لذاته، لذا فلا يصح قياسكم (1).

الدليل الخامس: أن العبرة في العقود بالمقاصد والنيات لا الألفاظ؛ فزواج المسيار وإن كان مكتمل الشروط والأركان إلا أنه يقصد به أحيانًا أمورًا غير مشروعة، فلا يجوز قياسًا على بيع السلاح في وقت الفتنة (2).

الرد على الدليل:

أما القاعدة فنسلم لكم بها، ولكن لا نسلم تطبيقها على المسيار، وأن تطبيقكم لها على المسيار غير دقيق؛ لأنه زواج شرعي غير أن المسيار خالفه في إسقاط بعض الحقوق، وسبق الإشارة إلى ذلك، وأما قياسه على بيع السلاح وقت الفتنة فغير مسلم له، فهو قياس مع الفارق؛ لأن الأضرار والمفاسد المترتبة على بيع السلاح وقت الفتنة كثيرة وظاهرة وعامة، والمسيار إن وُجدت به أضرارٌ فمحدودة وخاصة، وتكون برضا مَن وقَّعت عليه، وهي الزوجة، ويقابلها مصالح قد تكون أكثر وأهم، لذا قال بإباحته جماعة من المعاصرين؛ فلا يصح القياس (3).

(1) عقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 29، وزواج المسيار، للمطلق، ص 125، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 205 ا.

(2)

عقود الزواج المستجدة، للنجيمي، ص 35، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 205.

(3)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 206.

ص: 242

القول الخامس: التوقف في حكم زواج المسيار. وهم قلة من المعاصرين، منهم الشيخ محمد صالح العثيمين، والدكتور عمر سعود العيد (1).

دليل القول: أن بعض الناس تجاوزوا في هذا النوع من الزواجِ الحدَّ الشرعي، وتم استغلاله من بعض ضعاف النفوس، وتبنته مكاتب، وحدَّدت أسعار عمولة له، مما يدعو إلى التوقف عن القول بإباحته (2).

مناقشة الدليل: أن الأدلة واضحة في جواز زواج المسيار، أما الذين لا يخافون الله فلا يردعهم إلا العقاب والتأديب، مِن قِبل سنِّ قوانين في الأحوال الشخصية تنص على عقوبة هؤلاء لمثل هذه الأفعال، سواء كان في المسيار أو العرفي أو بنية الطلاق (3).

القول المختار- والله أعلم- أن زواج المسيار جائز، ولكن الأولى عدم إتيانه إلَاّ لِمَن احتاج إليه، أما غيره فالأولى له الزواج الاعتيادي، واخترت جوازه لما يلي:

1 -

لأنه زواج مكتمل الشروط والأركان.

2 -

لأن الحق للمرأة، فلها أن تسقطه.

(1) عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 37، والمختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 207، وزواج المسيار، للمطلق، ص 124.

(2)

المراجع السابقة.

(3)

المختار في زواج المسيار، للحجيلان، ص 207.

ص: 243

وقلت: الأَولَى عدم إتيانه لما يلي:

1 -

لأنه ليس فيه قرار للمرأة في بيت الزوجية.

2 -

وأن الزوج قد تطول به المدة عن زوجته في المسيار.

3 -

وأن القوامة فيه أضعف منها في الزواج العادي.

ص: 244