الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
حكم الزواج السياحي
اختلف العلماء في حكمه على ثلاثة أقوال:
تحرير محل النزاع:
إذا نصَّ على الوقت في العقد فهو نكاح المتعة المُحرَّم (1).
وإذا لم يحدد الوقت، ولكن نوى بقلبه أن يطلق بعد مدة، فقد اختلف فيه العلماء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: جواز النكاح بنية الطلاق. وهو قول الجمهور من الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، وابن قدامة (5)
(1) وهذا على القول برجوع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله بجوازها. المبسوط، للسرخسي (5/ 156)، وشرح فتح القدير، لابن الهمام (3/ 347)، والاستذكار، لابن عبد البر (16/ 301).
(2)
شرح فتح القدير، لابن الهمام (3/ 349)، وفتح باب العناية، للقاري (2/ 28).
(3)
الاستذكار، لابن عبد البر (16/ 301).
(4)
نهاية المحتاج، للرملي (6/ 214).
(5)
المغني، لابن قدامة (5/ 573).
وابن تيمية (1) من الحنابلة، وقال به الطنطاوي وتقي الدين العثماني (2).
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: أن العقد اكتملت فيه جميع أركانه وشروطه، والنية المستقبلية للتطليق لا تضر، فهي احتمالية، فربما يتغير رأيه فيُبقي على زوجته (3).
الرد على الدليل من وجوه:
الوجه الأول: المجيزون نقضوا هذا الأصل الذي جروا عليه هنا من الحكم بالظاهر، وعدم تأثير النية، فقد قال ابن قدامة:«وإن نوى التحليل من غير شرط؛ فالنكاح باطل» (4)، مع أن الصورة الظاهرة التي عقد عليها المحلل مستوفية لمتطلبات الصحة، إلا أن النية أثرت على العقد بالبطلان، فلزمهم تأثير النية في الزواج بنية الطلاق، لاسيما ومدار البطلان على نية التوقيت والناكحان مشتركان فيه (5).
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (32/ 147).
(2)
عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 47.
(3)
عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 49، وعقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 46، والزواج السياحي، للحجيلان، ص 141، والزواج بنية الطلاق، للمنصور، ص 114.
(4)
المغني، لابن قدامة (7/ 573).
(5)
عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 53، والزواج بنية الطلاق، للمنصور، ص 117.
الوجه الثاني: اتفاق أهل الملة على تحريم الغش والخداع وارتكاب الحيل لنيل الشهوات (1).
الوجه الثالث: أن الإرادة الجازمة يؤاخذ بها المرء في الأفعال كما في الحديث: «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» (2)، فأدخل العزمُ على القتلِ صاحبَه في النار (3).
الدليل الثاني: أن النكاح بنية الطلاق لا ينطبق عليه تعريف نكاح المتعة الذي ينكح فيه الزوجة إلى أجل، ومقتضى ذلك أنه إذا انتهى الأجل انفسخ النكاح، ولا خيار فيه للزوج ولا للزوجة، وليس فيه رجعة؛ لأنه ليس طلاقًا، بل هو انفساخ وإبانة للمرأة (4).
الرد على الدليل:
ويمكن الرد عليه بأنه صحيح أن هناك فرقًا بين الزواج بنية الطلاق، فإنه فيه طلاق، والمتعة فسخ، ولكنهما يشتركان في التوقيت.
(1) الحاوي الكبير، للماوردي (5/ 345)، والفتاوى الكبرى، لابن تيمية (3/ 345)، طبعة دار المعرفة، وعقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 53، والزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 180.
(2)
رواه البخاري (1/ 16)، كتاب الإيمان، باب «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما» ، فسماهم المؤمنين، ح (31)، ومسلم (8/ 170)، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، ح (7434).
(3)
عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 53.
(4)
مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، للأشقر، ص 221.
الدليل الثالث: أن الزواج بنية الطلاق يحقق مصالح حتى لو قيل بعدم جوازه خصوصًا للمغتربين (1).
الرد على الدليل: دعوى أنه يحقق مصالح قد تضيع غير مُسلَّمٍ؛ لأن مفاسده وآثاره السيئة تربو بكثير على المصلحة، لتأثيره على أهداف الزواج السامية ومقاصده، فلا مودة ولا رحمة ولا نسل ولا تعاون على بناء كنوز المستقبل (2).
الدليل الرابع: الزواج بنية الطلاق لم يرد في حكمه نص شرعي يدل على تحريمه ولا على إباحته؛ لكونه من الأحكام المستجدة، وعليه فإن الحكم في هذه المسألة اجتهادي (3).
الرد على الدليل الرابع:
لا نسلم لهذا الكلام، بل قد نص عليه بعض العلماء المتقدمين، كما سنذكر في القول الثاني (4)(5)، ثم قد سبق الكلام على النية وتأثيرها عند الرد على الدليل الأول (6).
الدليل الخامس: أن الزواج بنية الطلاق قال الأئمة الأربعة بجوازه، وكذا جمهور السلف، وعلماء الاجتهاد قديمًا وحديثًا (7).
(1) عقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 46.
(2)
عقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 53، والزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 183.
(3)
عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 46، والزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 194.
(4)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 181.
(5)
انظر: ص 199 وما بعدها.
(6)
انظر: ص 196.
(7)
عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 46.
الرد على الدليل الخامس:
أما قولك قال به الأئمة الأربعة، فغير صحيح؛ فقد خالف الإمام أحمد (1)، وكذلك السلف منهم من خالف، وكذلك الحال في العلماء والمعاصرين (2).
الدليل السادس: أن الزواج بنية الطلاق فيه طلب للحصانة والعفة، وإشباع الرغبة الجنسية بطريق مشروع، ومن المعلوم شرعًا أن الإسلام يكره العزوبة، وينهي عن التبتل (3).
الرد على الدليل السادس من وجوه:
الوجه الأول: الحصانة والعفة لا يتمخضان عن زواج شهر أو أيام، وإنما ينتجان عن الزواج الدائم الذي رتَّب الله عليه الأحكام، وبنَى عليه المقاصد، بل إن من وقع في مثل هذا فإنه في الغالب تفسد طبيعته، بحيث يريد زوجة جديدة كل فترة، ولا يصبر أن يقتصر على أم أولاده، بل كل فترة يريد واحدة، وهذا هو الواقع لمن يفعلون مثل هذه النوع من الزواج (4).
الوجه الثاني: إشباع الرغبة الجنسية ليس له إلا طريقان؛ الزواج الشرعي الدائم الذي تترتب عليه الأحكام، أو التسري بما ملكت اليمين من الإماء- إن وجد- وما سوى ذلك ليس طريقًا
(1) الانصاف، للمرداوي (20/ 407).
(2)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 185.
(3)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 185، والزواج بنية الطلاق، للمنصور، ص 78، والزواج السياحي، للجحيلان، ص 144.
(4)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 185.
شرعيًّا لإشباع الرغبة، والدليل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} (1)(2).
الوجه الثالث: صحيح أن الدين نهى عن التبتل، ولكنه لم يدُع إلى المتعة العارضة، واللذة المؤقتة لكسر طوق الرهبنة والعزوبية، بل أمر بالزواج الدائم الذي تترتب عليه المقومات الأساسية، والمقاصد الشرعية (3)، والزواج بنية الطلاق ليس حلاًّ، بل هو مشكلة؛ لأن في الغالب لا ينتهي صاحبه عما يفعل بكثرة الزوجات، وهو في الواقع لا يرضى ذلك على أخته أو ابنته أن تتزوج فترة محددة ثم تُطلَّق.
القول الثاني: أن الزواج بنية الطلاق حرام، وهو مذهب الحنابلة في المشهور (4)، وقول الأوزاعي (5)(6)، ومن المعاصرين: الشيخ رشيد رضا (7)، والشيخ محمد صالح العثيمين (8)، واللجنة
(1) سورة النور، آية: 5، 6.
(2)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 187.
(3)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 187.
(4)
الشرح الكبير، لابن قدامة (20/ 407)، والإنصاف، للمرداوي (20/ 407).
(5)
هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمر الأوزاعي، ينسب إلى الأوزاع، بطن من همدان، وهو أمام أهل الشام. ولد ببعلبك، وتوفي سنة 157 هـ. الطبقات الكبرى، لابن سعد (1/ 88).
(6)
الاستذكار، لابن عبد البر (16/ 301).
(7)
تفسير القرآن الكريم الشهير بتفسير المنار، لرشيد رضا (5/ 17).
(8)
شرح منظومة أصول الفقه وقواعده، لابن عثيمين ص 287.
الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية (1)، والمجمع الفقهي الإسلامي (2)، والشيخ صالح محمد اللحيدان، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني (3).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: الزواج بنية الطلاق نكاح متعة أو شبيه به، فتشلمه أدلة تحريم المتعة (4).
الرد الأول على الدليل الأول:
الزواج بنية الطلاق يخالف المتعة في التعريف، وأنه طلاق، أما المتعة ففسخ بعدها (5).
مناقشة الرد على الدليل الأول:
سبق مناقشته في الرد على الدليل الثاني (6)، وأنهما يشتركان في التأقيت الذي ترتب عليه الحكم، وإن اختلفا في أن أحدهما طلاق، والآخر فسخ.
الرد الثاني على الدليل الأول:
قال شيخ الإسلام: «ليس بنكاح متعة، ولا يحرم، وذلك أنه
(1) فتاوى اللجنة الدائمة (18/ 446 - 448).
(2)
موقع رابطة العالم الاسلامي.
(3)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص (46 - 50).
(4)
عقود الزواج المستحدثة، للسهلي، ص 51، والزواج السياحي، للحجيلان، ص 129.
(5)
عقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 49، ومستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، للأشقر، ص 222.
(6)
انظر: ص 196.
قاصد للنكاح وراغب فيه، بخلاف المحلل، لكن لا يريد دوام المرأة معه، وهذا ليس بشرط؛ فإن دوام المرأة معه ليس بواجب؛ بل له أن يطلقها، فإذا قصد أن يطلقها بعد مدة، فقد قصد أمرًا جائزًا، بخلاف المتعة» (1).
الرد على الرد الثاني من وجوه:
الوجه الأول: أما قوله: "ليس بنكاح متعة ولا يحرم" إلى قوله "دوام المرأة معه"، فنعم صحيح، ولكنه ليس قاصدًا للدوام والاستمرار، وهل مقصود الشارع من شرعه للنكاح كونه قاصدًا وراغبًا فيه، كلا، وإنما المقصود من النكاح دوامه واستمراره، وذلك لما يترتب على الدوام من فوائد عظيمة يحبها الله تعالى، ولذلك رغب الشارع فيه، ونهى عن التبتل، وشرح الوسائل التي يكون بها دوام النكاح، وحذر من الطلاق، وأمر بإمساك المرأة مع كراهتها، قال تعالى: فَإِنِ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (2)، وأما قصده للنكاح دون قصد الدوام، فيشاركه فيه نكاح المتعة والتحليل، حيث إن كلاًّ منهما قاصد للنكاح وراغب فيه، ولكن لا يريد الدوام، فلو كانت الرغبة قصد النكاح وحدها مسوغًا، لجاز نكاح التحليل والمتعة أيضًا (3).
الوجه الثاني:
أما قوله ليس بشرط، فإن دوام المرأة معه ليس بواجب، بل له أن يطلقها.
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (32/ 147).
(2)
سورة النساء، آية:19.
(3)
الزواج بنية الطلاق، للمنصور، ص 83.
نعم، صحيح ليس بشرط، ولكن وجوده يضر بالمقصد الأصلي الذي من أجله شرع النكاح، أما دوام المرأة معه، ففرق بين أن يتزوج إنسان بنية دوام العشرة ثم لا يوفق؛ لأن القلوب بين يدي الله، وبين إنسان تزوج ونيته عدم الدوام، بل أراده ليقضي منها وطرًا عاجلاً أو منفعة ثم يطلقها، ليذهب إلى أخرى؛ فالأول لا أحد يقول بعدم صحة نكاحه، ومشروعية طلاقه، والثاني كيف نقول بجواز نكاحه ونية الطلاق موجودة قبل العقد ومع العقد (1).
الوجه الثالث: قصد أمرًا جائزًا.
بل هو غير جائز؛ لأنه شبيه بالمتعة من حيث قصد كل منهما الطلاق بعد مدة، وغاية ما في الأمر أن المتعة صرح فيها بالمدة، وعدم التصريح بمدة لا يجعل العقد مشروعًا، ولابد من اكتمال الشروط، وانتقاء الموانع، والزواج بنية الطلاق وُجد فيه مانع يمنع كونه مشروعًا، ألا وهو النية التي تنافي مقصد الشارع، فالنية كافية في تحريمه (2).
الدليل الثالث: كتمان النية المستقبلية عن الزوجة أو أهلها يعتبر من الخداع والخيانة والغش، مما يجعله أجدر بالبطلان من العقد المؤقت والمتعة (3).
(1) الزواج بنية الطلاق، للمنصور، ص 85.
(2)
الزواج بنية الطلاق، للمنصور، ص 84، بتصرف. وقد رد على قول شيخ الإسلام ردًا كاملاً، وهذا ملخص منه كيلا أطيل.
(3)
مستجدات فقهية، للأشقر، ص 224، وعقود الزواج المستحدثة، للنجيمي، ص 54.
الرد على الدليل:
ويمكن الرد عليه بأننا نسلم لكم بالغش والخداع والخيانة، ولماذا تصل إلى البطلان؟ ولِمَ لا يكون صحيحًا مع حرمة ما نواه؟ .
الدليل الرابع: تحريم الزواج بنية الطلاق يدخل تحت القاعدة الفقهية: إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام (1)(2).
الرد على الدليل:
ويمكن الرد عليه بأننا لا نسلم لكم بأنه حرام حتى يدخل تحت القاعدة، وإن سلمنا فلِمَ يلزم بطلان العقد؟ لما لا نقول: الفعل حرام، والعقد صحيح؟
الدليل الخامس: ومما يرجح تحريم الزواج بنية الطلاق قاعدة: الخروج من الخلاف مستحب (3)(4).
الرد على الدليل:
ويمكن الرد عليه بأننا لا نخالف في هذه القاعدة، بل هي موافقة لقولنا، ودليل لنا في الحقيقة؛ لأن العلماء يرون الكراهة في هذه القاعدة إذا خالف، وليس التحريم.
الدليل السادس: استدلوا بجملة من القواعد الفقهية، مثل: إذا
(1) الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص 164، والمواهب السنية، للفاداني (2/ 51).
(2)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 54.
(3)
الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص 207، والمواهب السنية، للفاداني (2/ 170).
(4)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 59.
تعارض المانع والمقتضي قدم المانع (1)، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح (2)، وقاعدة سد الذريعة (3)(4).
الرد على الدليل:
سبق الرد على مثل هذه الأدلة في الرد على الدليل الرابع سواء بالتسليم وعدم التسليم.
الدليل السابع: من الأدلة على تحريم الزواج بنية الطلاق قاعدة: لا ضرر ولا ضرار (5)(6).
الرد على الدليل:
ويمكن الرد عليه بأنه نسلم لكم إذا ثبت الضرر على من يتزوج بنية الطلاق، وإلا لم يدخل تحت هذه القاعدة.
(1) الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص 178، والمواهب السنية، للفاداني (2/ 84)، والمنثور في القواعد، للزركشي (1/ 348).
(2)
شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص 205، والأشباه والنظائر، للسيوطي، ص 138، والمواهب السنية، للفاداني (1/ 282).
(3)
نثر الورود، للشنقيطي (2/ 575)، وتقريب الوصول، لابن جزي، ص 415، وأصول مذهب الإمام أحمد، للتركي، ص 497.
(4)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 61 - 64، وعقود الزواج المستجدة، للنجيمي، ص 54.
(5)
شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص 165، والأشباه والنظائر، للسيوطي، ص 132، والمجموع المذهب، للعلائي (2/ 375)، والمواهب السنية، للفاراني (1/ 266).
(6)
الزواج بنية الطلاق، للسهلي، ص 62، وعقود الزواج المستجدة، للنجيمي، ص 54، وقد أطال الدكتور أحمد السهلي بالأدلة لمن أراد، وفصَّل فيها جزاه الله خيرًا.
القول الثالث: أن الزواج بنية الطلاق مكروه. وهو قول لمالك (1)، ومذهب الشافعية (2).
أدلة القول الثالث: مثل أدلة القول الثاني ترى التحريم، غير أنهم حملوا التحريم على الكراهة، سواء التنزيهية أو التحريمية (3).
القول الراجح- والله أعلم- القول الثاني، وهو التحريم، وذلك لما يلي:
1 -
أن العبرة في العقود بالمقاصد لا بالألفاظ والمباني، وأن هناك أمورًا اكتملت أركانها وشروطها وقد حرمها الشارع، مثل: بيع السلاح في وقت الفتنة، وقد ظهر المقصود بهذا النكاح عيانًا للناس، ولا يرضاه أحد لبناته أو أخواته (4).
2 -
لتأثير النية على العقد صحةً وبطلانًا، كما في الحديث السابق: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه (5)، فأثرت النية عليه مع أنه لم يعمل.
3 -
ظهور فساد هذا الزواج واقعيًّا، حتى إنه قد يصل إلى ليلة واحدة، وهذا من استغلال هذا النوع من الزواج في الواقع للشهوة وقضاء وطره.
(1) المنتقى، للباجي (5/ 142).
(2)
نهاية المحتاج، للرملي (6/ 214)، والحاوي الكبير، للماوردي (9/ 333).
(3)
عقود الزواج المستجدة، للنجيمي، ص 56.
(4)
المرجع السابق، ص 57.
(5)
سبق تخريجه ص 196.
4 -
أن النكاح المؤقت أسوأ حالاً من نكاح المتعة؛ لأنه بني على الخداع والغش والتدليس والتحايل على مقصود الشارع في أضيق الأبواب، فكان القصد حرامًا، والوسيلة باطلة، أما نكاح المتعة فإن كلا الطرفين قد عرف حاله ومآله (1).
5 -
مبنى العقود زواجًا أو غيره على التراضي وعدم الغش، وإن احتال أحد المتعاقدين بحيلة خفية لا يفطن لها الطرف الآخر ثبت الخيار، وأمثلته كثيرة، مثل: بيع المصراة وغيرها، وإذا كان هذا في البيوع محرمًا، ويثبت الخيار، فكيف بمن يدلس في الأبضاع التي فيها مزيد من الاحتياط؟ فهل رضا المرأة وأوليائها متحقق إن أطلعهم على عزم فراقها؟ (2).
6 -
المحتال بالباطل يعامل بنقيض قصده شرعًا وقدرًا، وهو تحايل على الشرع ليتوصل بحيلته إلى ما لا يجوز له فعله، وإلى ما لا ترضاه المرأة ولا أولياؤها لو علموا الحال، وهذا من الممقوت شرعًا (3).
(1) عقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 55.
(2)
عقود الزواج المستجدة، للسهلي، ص 56.
(3)
المرجع السابق.