الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
محادثة المخطوبة من خلال الإنترنت أو الهاتف
محادثة المخطوبة لا تخلو من حالتين:
إما أن تكون مع المكالمة صورة ينظر إليها، سواء كان عن طريق الكمبيوتر، أو عن طريق الهواتف الحديثة، فإنها في هذه الحالة تدخل مسألتنا هذه في حكمها تحت مسألة النظر إلى صورة المخطوبة السابقة (1)، وإما أن تكون المكالمة صوتية فقط، أي: بدون رؤية صورتها.
تحرير محل النزاع:
- إن كان الخاطب قد عقد على المخطوبة، فإنه يجوز له ذلك، سواء كان بصورة أو بدون صورة؛ لأنها أصبحت زوجته بمجرد العقد عليها، وتحل له.
- إن كانت المكالمة قبل الخطبة وللتعارف، ولم يعزم على خطبتها، ولا يعرف هل يقبل به أهل المخطوبة، فلا يجوز له مكالمتها (2).
(1) انظر: ص 63.
(2)
أحكام الخطبة في الفقه الإسلامي، لرجوب ص 208.
واختلف العلماء في مكالمة الخاطب للمخطوبة بعد الموافقة عليه على قولين.
القول الأول: لا يجوز محادثه الخاطب لمخطوبته. وهو قول الشيخ ابن العثيمين (1).
أدلة القول الأول:
1 -
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها
…
» (2).
وجه الاستدلال: «أن ينظر منها» ، ولم يقل أن يسمع منها (3).
الرد: يمكن أن يرد على وجه الاستدلال أن الشرع قد أذن له بالرؤية، وهي أعظم من الكلام، فالكلام من باب أولى.
المناقشة: يمكن أن يناقش الرد بأننا نسلم لكم في الرؤية، وقد بين الشرع العلة منها، ولكن لا نسلم لكم في المحادثة، أي بعد الخطبة والرؤية الشرعية، وأما المحادثة في أثناء الرؤية، فقد وردت
(1) الشرح الممتع، للعثيمين (12/ 21)، فتاوى اللجنة الدائمة (17/ 67)، الفتوى نصت على المراسلة، ويقاس عليها المكالمة، وأن الصوت أعظم فتنة من الرسالة. موقع الإسلام سؤال وجواب، رقم الفتوى (13791)، http://islamqa.info/ar/ref/13791. وفتوى الشيخ صالح الفوزان بعدم الجواز.
(2)
سبق تخريجه ص 64.
(3)
الشرح الممتع (12/ 21).
بذلك أحاديث (1). وبعد الرؤية لا يجوز له مكالمتها؛ لأنه رجل أجنبي عنها، فلا يحل له أن يكلمها، وقد جاء في الحديث (2) أن المشروع للمرأة التصفيق إذا سها الإمام وهي في المسجد، وفي جمع من الرجال والنساء، فما بالك في غيرها.
2 -
أنه ليس هناك حاجة لمخاطبتها في الهاتف؛ لأن الحاجة قد انقضت برؤيته لها، وأنه رأى ما يدعوه إلى نكاحها (3).
3 -
أنها مدخل للشيطان، وتدفعهما إلى معصية الله تعالى بالتلذذ بصوتها وهي أجنبية عنه، أو الدخول في كلام فاحش بعد استدراج الشيطان لهما.
4 -
أن المكالمات قد تكون سببًا لخروجها معه، وخلوته بها وهي محرمة عليه، والخلوة بها كذلك.
5 -
الإسراف في الجلوس على المكالمات لساعات طويلة تضييع لوقت المسلم.
6 -
أن المكالمة قد تسجل، وإذا لم تتم الخطبة فقد يهدد
(1) رواه البخاري (6/ 147) في كتاب النكاح، باب إلى من ينكح؟ وأي النساء خير؟ وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب، ح (5082)، ومسلم (7/ 182) في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل نساء قريش، ح (2527)، واللفظ لمسلم.
(2)
رواه البخاري (2/ 76) في كتاب العمل في الصلاة، باب التصفيق للنساء، ح (1203)، ومسلم (2/ 27) في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، ح (953).
(3)
أحكام الخطبة في الفقه الإسلامي، لرجوب، ص 208.
الخاطب المخطوبة بنشر صوتها وما قالته له، فتستغل استغلالاً سيئًا.
القول الثاني: يجوز للخاطب محادثة مخطوبته. وهو قول الشيخ صالح الفوزان (1). ويرى الشيخ الأشقر (2) والشيخ عبد الله بن جبرين- رحمه الله (3) - أن تكون في حدود الحاجة.
أدلة القول الثاني:
1 -
كان النساء يراجعن الرجال في شأن الزواج ويحادثنهم (4).
الرد: يمكن أن يرد على هذا الدليل بأن هذه المحادثات كانت وقت الرؤية الشرعية، وكلامنا عن المكالمات التي بعد الخطبة والرؤية.
2 -
أنه يمكن للخاطبين التشاور في المكالمة لإعداد بيت الزوجية، والتعاون على كثير من القضايا التي تهمهما.
(1) المنتقى للفوزان (3/ 145)، رقم الفتوى (349)، وأحكام الزواج في الكتاب والسنة، للأشقر، ص 62، وموسوعة الزواج الإسلامي السعيد، للمصري، ص 295، وموقع الإسلام سؤال وجواب، فتوى 13704، http://islamqa.info/ar/ref/13704، وموقع إسلام ويب، رقم الفتوى:(15127): http://www.islamweb.net/mainpage/nindex.php? page=result&q، وشروط جواز الكلام والتنزه مع الخطيبة. خطبة النساء في الشريعة الإسلامية والتشريعات العربية، للعطار، ص 125، والزواج وموجباته في الشريعة والقانون، فيض الله، ص 25 - 26.
(2)
أحكام الزواج في الكتاب والسنة للأشقر، ص 62.
(3)
موقع الإسلام سؤال وجواب، فتوى ابن جبرين على موقع إسلام ويب، رقم الفتوى 15127.
(4)
أحكام الزواج في الكتاب والسنة للأشقر، ص 62.
شروط من أجاز محادثة المخطوبة:
1 -
أن تكون بعلم من ولي المخطوبة وبموافقته.
2 -
أن تكون بقدر الحاجة.
3 -
ألا تخضع بالقول، ولا تتكلم إلا بالمعروف.
4 -
ألا يجد طريقًا آخر يبلغها عبره بما يريده؛ كأخته أو أخيها أو رسالة (1).
الترجيح:
الراجح- والعلم عند الله-: عدم جواز مكالمة الخاطب للمخطوبة بعد الرؤية لأمور:
1 -
قوة أدلة القول الأول، ومناقشتهم لأدلة القول الثاني.
2 -
صعوبة توفر الشروط كاملة في حال المكالمة.
3 -
المخاطر التي تجلبها المكالمة على المرأة في حال عدل الخاطب عن الخطبة.
(1) فتوى ابن جبرين على موقع الإسلام سؤال وجواب، رقم الفتوى 13704، وأحكام الزواج في الكتاب والسنة للأشقر ص 62.