الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
حكم الزواج المدني
بعدما مرَّ من الفروق بين الزواج المدني والزواج الشرعي، فإن هناك مسائل كثيرة، وسأتطرق إلى أهمها، وهو عدم اشتراط الدِّين، وعدم اشتراط الشهود، أما مسألة الولي فستأتي في آخر البحث- إن شاء الله- وذلك حتى لا أطيل، والله الموفق.
مسألة عدم اشتراط الدِّين:
أجمع العلماء على تحريم النكاح بين المسلمين والمشركين ممن لا كتاب لهم،
ويحرم كذلك زواج الكافر بالمسلمة مطلقًا، سواء كتابيًّا أم لا (1)؛ لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)(2).
وأما زواج المسلم بالكتابية، فالجمهور على جوازه من السلف
(1) أحكام القرآن، للجصاص (1/ 403)، والمبسوط، للسرخسي (5/ 45)، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (3/ 461)، والأم، للشافعي (5/ 9)، والحاوي الكبير، للمارودي (4/ 258)، والمغني، لابن قدامة (7/ 363)، والكافي، لابن قدامة (4/ 315).
(2)
سورة الممتحنة، آية:10.
والخلف (1)؛ لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (2).
وخالف ابن عمر رضي الله عنهما وقال بحرمة نكاح المسلم للكتابية (3).
دليل القول:
عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية يقول:«إن الله تعالى حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى. وهو عبد من عباد الله» (4).
وجه الدلالة:
حمل بعض العلماءِ قولَه على الكراهة، وأنه كان متوقفًا في ذلك (5).
الرد على وجه الدلالة:
على فرض ثبوته فهو فهمٌ منه واجتهادٌ، ولا يقوى على
(1) أحكام القرآن، للجصاص (1/ 403)، والمبسوط، للسرخسي (5/ 45)، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (3/ 461)، والأم، للشافعي (5/ 9)، والحاوي الكبير، للمارودي (4/ 258)، والمغني، لابن قدامة (7/ 363)، والكافي، لابن قدامة (4/ 315).
(2)
سورة المائدة، آية:4.
(3)
أحكام القرآن، للجصاص (1/ 403).
(4)
رواه البخاري (6/ 211)، كتاب الطلاق، باب قوله تعالى:(وَلَا تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)، ح (5285).
(5)
ولأن هناك أثرًا آخر ذكره الجصاص، أن ابن عمر كرهه، فلذلك حمل حديث التحريم على الكراهة. أحكام القرآن، للجصاص (1/ 403).