الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حقوق الري:
وللجاهليين أعراف محلية قامت مقام القوانين في الاستفادة من الماء. والمياه عندهم، أما مياه طبيعية لا دخل ليد الإنسان في استنباطها، مثل مياه الأمطار والعيون والأنهار. وإما مياه وجدت باستنباط الإنسان لها، باستخدام ماله ويده في تذليلها، كمياه الآبار والعيون التي يفجرها الإنسان ومياه الصهاريج والكهاريس والمياه التي تتجمع من إقامة السدود وما شاكل ذلك مما للإنسان يد وعمل في الاستفادة منها.
وطبيعي أن تختلف هذه الأعراف باختلاف مواضع جزيرة العرب. فالمياه في العربية الجنوبية من أمطار ومن مياه مستخرجة أو نابعة هي أكثر بكثير من مياه أي منطقة أخرى من جزيرة العرب. ولهذا نجد لها ذكرًا في الكتابات العربية الجنوبية، حيث نجد فيها إشارات إلى أحكام وإلى كيفية السقي وحقوق أصحاب الأرض في الماء وحقوق المستأجرين للأرض في الماء وإلى خصومات وقعت بينهم في موضوع حقوق التصرف بالماء.
ولدينا في الوقت الحاضر كتابات، هي قوانين صدرت من حكومات العربية الجنوبية في تنظيم حقوق السقي والاستفادة من الماء ومن حق الانتفاع من الآبار، كما تعرضت لموضوع حقوق شراء الأرض، وكيفية بيعها وما إلى ذلك مما يتعلق بالري والزراعة.
وأما في الحجاز، فقد استخدمت الآبار المحفورة، يحفرها أهلها ليستفيدوا من مياهها في الشرب وفي إسقاء الزرع والمواشي، وقد يكرونها لغيرهم مقابل كراء يعين. لهذا وضعوا أعرافًا خاصة بالنسبة إلى الاستفادة من حقوق ملكية الآبار.
الخصومات بسبب الماء:
وطالما وقعت مشاحنات وخصومات بين أصحاب المزارع بسبب اشتراكهم في الماء، في مثل الشراج والجعافر والأنهار وأمثالها، إذ كان يستأثر بعضهم به، ولا يدع الماء يسيل إلى غيره إلا بعد أن يسقي زرعه سقيًا كاملًا، وكان أصحاب
المزارع الذين تقع مزارعهم في أعالي منابع الماء يستأثرون به، بتوجيهه إلى مزارعهم، أو بوضع سكر يحبس الماء عن البساتين الواقعة خلف السكر، فيذهب الماء إلى مزارعهم ولا ينال المزارع الأخرى إلا القليل منه ونجد مثل هذه الخصومات في العربية الجنوبية وفي منطقة يثرب وفي مواضع الحسي وعيون الماء. وقد خاصم أنصاري "الزبير بن العوام" عند النبي في شراج الحرة، وهي مسايل الماء التي يسقون بها النخل، فقضى النبي، أن يسقى الأعلى ثم الأسفل1.
1 إرشاد الساري "4/ 197 وما بعدها".