الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العروض، ونظم غيره من فحول هذا العلم، ومن فحول اللغة شعرًا، لم يعد من عيون الشعر العربي، ونظم الفقهاء شعرًا عرف بين نقاد الشعر، وأهل البصر به بـ"شعر الفقهاء" ازدراء به. بل نجد الشعراء الإسلاميين يهزءون من قواعد العروض.
أَلْقَابُ الشُّعَرَاءِ:
ويذكر أهل الأخبار ويؤكدون أن أهل الجاهلية لقبوا شعراءهم بألقاب، مثل: المهلهل، والمرقش، وذا القروح، والمثقب، والمنخل، والمتنخل، والأفوه، والنابغة قيل عن المهلهل، أنه إنما سمي مهلهلا لهلهة شعره، أي رقته وخفته، وقيل لاختلافه، وقيل: بل سمي بذلك لقوله:
لما توقل في الكراع شريدهم
…
هلهلت أثأر جابرًا أو صنبلا
وقيل لأنه كان أول من هلهل الشعر وأرقه وألان ألفاظه1.
وذكر أن "المرقش" الأكبر، إنما عرف بذلك، بقوله:
الدار قفر والرسوم كما
…
رقش في ظهر الأديم قلم
أو لأنه كان قد عني بتنميق شعره ورقشه2.
وروي أن لقب "المثقب" العبدي، إنما جاءه من قوله:
رددن تحية وكَنَنَّ أخرى
…
وثقبن الوصاوص للعيون3.
وعرف المتلمِّس بهذا الاسم بقوله:
فهذا أوان العِرض حيًّا ذبابه
…
زنابيره والأزرق المتلمِّس4
1 العمدة "86"، "ويروى: لما توغر" و"لما توعر في الكلاب هجينهم"، و"توعر"، المزهر "2/ 434"، الأغاني "5/ 57".
2 الشعر والشعراء "1/ 138"، تابع العروس "4/ 314"، "رقش"، البيان والتبيين "1/ 375"، المفضليات "1/ 410، 485".
3 الشعر والشعراء "1/ 311".
4 الشعر والشعراء "1/ 114"، البيان والتبيين "1/ 375".
وعرف الممزِّق بهذا اللقب لقوله:
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل
…
وإلا فأدركني ولما أمزق1
وعرف "النابغة" بالنابغة بقوله:
وحلت في بني القين بن جسر
…
وقد نبغت لنا منهم شئون2
وذكر أن "منبه بن سعد"، إنما عرف بـ"أعصر"، بقوله:
أعمير إن أباك غيَّر لونه
…
مر الليالي واختلاف الأعصر
وأن معاوية بن تميم، إنما عرف بـ"الشقر" بقوله:
قد أحمل الرمح الأصم كعوبه
…
به من دماء القوم كالشقرات3
وأن "خالد بن عمرو بن مرة"، إنما قيل له "الشريد"، بقوله
وأنا الشريد لمن يعرفني
…
حامي الحقيقة ما له مثل
وأن صريم بن معشر الغلبي، إنما عرف بـ"أفنون" بقوله:
منيتنا الود يا مضنون مضنونا
…
أزماننا إن للشباب أفنونا4
وأن معاوية بن مالك، سمي معود الحكام لقوله:
أعوّد مثلها الحكام بعدي
…
إذا ما الأمر في الأشياع نابا5
وذكر "الجاحظ" أن "عمرو بن رباح" السُّلمي أبا خنساء ابنة عمرو، غلب عليه الشريد، لقوله:
تولي إخوتي وبقيت فردًا
…
وحيدًا في ديارهم شريدا6.
1 الشعر والشعراء "1/ 314"، البيان والتبيين "1/ 375".
2 الشعر والشعراء "1/ 98"، المزهر "2/ 432، 436".
3 المزهر "2/ 434".
4 المزهر "2/ 435".
5 المزهر "2/ 436".
6 البيان والتبيين "1/ 375".
وعرف "خداش بن بشر"، "خداش بن لبيد بن بيية"، "خداش بن بشر بن خالد بن بيبة" من بني مجاشع بالبعيث، لقوله:
تبعث مني ما تبعث بعدما
…
أمرت حبالي كل مرتها شزارا1
وذكروا أن "الفند"، واسمه "شهل بن شيبان"، إنما سمي الفند، لأنه قال يوم "قضة": ما ترضون أن أكون لكم فندًا. وأن طفيلا الغنوي، إنما عرف بالمحبر، لتحسينه الشعر2، وأن علقمة بن عبدة، إنما لقب بالفحل، لأنه تزوج امرأة امرئ القيس، بعد أن حكمت له بتفوقه على زوجها في الشعر أو لأنه كان في قومه علقمة آخر عرف بـ"علقمة" الخصي، وأن "الأعشى" إنما عرف بصناجة العرب، لكثرة ما تغنت العرب بشعره 3، وأن عنترة إنما لقب بالفلحاء لفلحة كانت به4.
وأما الأغربة من الشعراء، فهم عنترة، وخفاف بن ندبة السلمي، وأبو عمير بن الحباب السلمي، وسُلَيك بن السُّلَكَة، وتأبَّط شرًّا، والشَّنْفَرى، وكلهم من الشعراء الجاهليين5.
إلى آخر ما ذكروه من تعليلات عن أسباب تلقيب الشعراء الجاهليين بألقابهم التي عرفوا بها، تجد بقيتها مدونة في كتب الأدب واللغة والأخبار6.
ولعلماء الشعر بعد، آراء في أحسن وأجود ما قيل من شعر في فن واحد من فنون الشعر، فقيل أرثى بيت قيل في الجاهلية، قول أوس بن حجر:
أيتها النفس أجملي جزعا
…
إن الذي تحذرين قد وقعا
1 وقيل: سمي البعيث لقوله:
تبعث مني ما تبعث بعدما
استمر فؤادي واستمر عزيمي
البيان والتبيين "1/ 204، 374"، المؤتلف "56".
2 المزهر "2/ 430".
3 المزهر "1/ 431".
4 المزهر "2/ 432".
5 المزهر "2/ 431".
6 المزهر "2/ 436 وما بعدها".
وهذا على رأي الأصمعي1، وقدم غيره قول عبدة:
فما كان قيسٌ هُلْكَهُ هلْكَ واحدٍ
…
ولكنه بنيانُ قومٍ تهدَّما2
ومنهم من قدم شعر الخنساء3.
وقيل إن قول امرئ القيس في الماء، هو أحسن ما قيل فيه4. وإن وصف "أوس بن حجر" للسحاب، هو أحسن ما قيل فيه5، وإن أهجى بيت قالته العرب، قول الأعشى:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم
…
وجاراتكم غرثى يبتن خمائصًا6
وأن أمْدَحَ بيت قالته العرب قول زهير:
تراه إذا ما جئته متهللا
…
كأنك معطيه الذي أنت سائلُه
وبيت النابغة:
بأنك شمس والملوك كواكب
…
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب7
ولكنك لو أطلت النظر في كتب الأدب، تراها تختلف في هذا الاختيار وفي اسم الشاعر، وسبب ذلك اختلاف أمزجة العلماء، واختلاف وجهات نظرهم في نقد الشعر8.
وللعلماء كلام في أَوْصَفِ الشعراء للدِّرع، أو للفرس، أو للنجوم والكواكب، أو الدنيا إلى غير ذلك من أشياء9
1 ديوان أوس "13"، المصون "16"
2 المصون "16".
3 المصون "17".
4 المصون "18"، ديوان امرئ القيس "111".
5 المصون "19".
6 ديوان الأعشى "19".
7 "كأنك"، "لأنك"، ديوان النابغة "13"، المصون "21 وما بعدها".
8 راجع المصون "22 وما بعدها"، ترى العلماء يختلفون في أمدح بيت ورد في شعر الجاهليين.
9 المصون "ص24 فما بعدها".