الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا نكاد نلمس من هذه العلامات شيئًا في الشعر المتهم بأنه شعر مسروق. وإنما نجده من قبيل توارد الخاطر لا غير، أسرع نقاد الشعر، فجعلوه سطوًا وسرقة.
ونحن لا نعلم من أمر نقد الشعر عند الجاهليين إلا ما جاء في الموارد الإسلامية وهو شيء قليل، وهو شيء لا ندري أيضًا مكانه من الصحة، وكل ما لدينا من تقسيم للشعراء إلى طبقات ومن تفضيل شاعر على شاعر، ومن تفضيل شعر على شعر هو مما عمل في الإسلام، صنع وفق قواعد نقد دونها العلماء. وقد ظهرت بواكير النقد العلمي للشعر الجاهلي عند علماء اللغة والنحو والعروض، ثم تولاها علماء راعوا أصول البيان والبلاغة والبديع في نقد الشعر، ولما كان هذا النقد لا يخص موضوعنا بالذات، وقد كتب عنه المتخصصون، فأنا أترك أمره إليهم، وقد وضعت فيه مؤلفات حديثة، وضعها عرب ومستشرقون.
أَشْعَرُ النَّاسِ حيًّا:
ويروي أهل الأخبار أن أشعر الناس حيًّا هذيل. وقيل: "أفصح الشعراء لسانًا وأعذبهم أهل السروات، وهن ثلاث وهي: الجبال المطلَّة على تهامة مما يلي اليمن، فأولها هذيل، وهي تلي السهل من تهامة، ثم بجيلة في السراة الوسطى وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد، أزد شنوءة، وهم: بنو الحارث بن كعب بن الحارث بن نصر بن الأزد. وقيل: أفصح الناس: عُلْيَا تميم وسُفْلى قيس، وقيل: سافلة العالية وعالية السافلة، يعني: عجز هوازن، وأهل العالية: أهل المدينة ومن حولها ومن يليها ودنا منها، ولغتهم ليست بتلك عند "أبي زيد"1".
ويلاحظ أن هنالك قبائل كثيرة لم يروِ علماء الشعر لها شعرًا، أو أنهم رووا شعرًا قليلا لها، بينها قبائل كبيرة معروفة، كان لها تقدم ونفوذ، مثل: الغساسنة وتنوخ ولخم وبهراء، وكلب، ولا يعقل أن يكون الله قد حرم هذه القبائل من قول الشعر، فلم ينبت في أرضها شاعر، ولم يقم بينها من جاري القبائل الأخرى في قول الشعر، وهم عرب مثل غيرهم،
1 العمدة "1/ 88 وما بعدها".