الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَوَضْعِهِمُ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ، ثُمَّ بُطْلَانِ ذَلِكَ (1) وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَلِمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَيَضَعُونَ الْخَرَاجَ عَلَى الأَْرْضِ وَلَمْ يُرْشِدْهُمْ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ، بَل قَرَّرَهُ وَحَكَاهُ لَهُمْ، وَلِذَلِكَ قَال يَحْيَى بْنُ آدَمَ: يُرِيدُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الْقَفِيزَ وَالدِّرْهَمَ قَبْل أَنْ يَضَعَهُ عُمَرُ عَلَى الأَْرْضِ ". (2)
ب - رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَال: قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ، نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ وَحَاجَتِهِ، وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا. (3)
فَالْحَدِيثُ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَا وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ خَيْبَرَ حَيْثُ وَقَفَ نِصْفَهَا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً.
3 - الْمَصْلَحَةُ:
رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
(1) الشوكاني: نيل الأوطار 8 / 98 - مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة - الطبعة الأخيرة.
(2)
يحيى بن آدم: الخراج ص 72 - دار المعرفة ببيروت.
(3)
حديث: " سهل بن أبي حثمة: " قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين ". أخرجه أبو داود (3 / 410 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . ونقل الزيلعي عن ابن عبد الهادي أنه جود إسناده. نصب الراية (3 / 398 - ط المجلس العلمي بالهند) .
أَنَّ مِنَ الْمَصْلَحَةِ عَدَمَ تَقْسِيمِ الأَْرَاضِي الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً، وَوَقْفَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَضَرْبَ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا. وَأَهَمُّ مَا تَقْضِي بِهِ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ.
أ -
تَأْمِينُ مَوْرِدٍ مَالِيٍّ ثَابِتٍ لِلأُْمَّةِ الإِْسْلَامِيَّةِ
بِأَجْيَالِهَا الْمُتَعَاقِبَةِ وَمُؤَسَّسَاتِهَا الْمُخْتَلِفَةِ:
نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى مُسْتَقْبَل الأُْمَّةِ الإِْسْلَامِيَّةِ وَأَجْيَالِهَا الْقَادِمَةِ، فَرَأَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا سَيَقَعُ فِي شَظَفِ الْعَيْشِ وَالْحِرْمَانِ، إِذَا مَا قُسِمَتْ تِلْكَ الأَْرَاضِي الْمَفْتُوحَةُ عَنْوَةً وَوُزِّعَتْ عَلَى الْفَاتِحِينَ. وَلِهَذَا رَأَى عَدَمَ التَّقْسِيمِ، وَوَقَفَ الأَْرَضِينَ، وَضَرَبَ الْخَرَاجَ عَلَيْهَا لِيَكُونَ مَوْرِدًا مَالِيًّا ثَابِتًا لِلأَْجْيَال الْقَادِمَةِ.
وَقَال: لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا (1) لَيْسَ لَهُمْ مِنْ شَيْءٍ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَاّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَلَكِنْ أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ (2) .
ب -
تَوْزِيعُ الثَّرْوَةِ وَعَدَمُ حَصْرِهَا فِي فِئَةٍ مُعَيَّنَةٍ:
كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (3)
وَقَدْ أَشَارَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه عَلَى
(1) الخراج لأبي يوسف ص 24 وبيانا - أي معدما لا شيء له.
(2)
نيل الأوطار للشوكاني 8 / 18 - مطبعة الحلبي بالقاهرة.
(3)
سورة الحشر / 7.