الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَال: وَقَال بَعْضُهُمُ: الْغَلَطُ أَنْ يَسْهَى تَرْتِيبَ الشَّيْءِ وَأَحْكَامَهُ، وَالْخَطَأُ أَنْ يَسْهَى عَنْ فِعْلِهِ، أَوْ أَنْ يُوقِعَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ وَلَكِنْ لِغَيْرِهِ (1) .
وَهَذَا الْبَحْثُ يَشْمَل مُصْطَلَحَيْ (خَطَأٌ، وَغَلَطٌ) بِاعْتِبَارِهِمَا يَرِدَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يُعَبِّرُونَ عَمَّا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بِلَفْظِ الْخَطَأِ، كَمَا فِي بَيْعِ الْمُخْطِئِ وَطَلَاقِهِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ يُعَبِّرُونَ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالاِعْتِقَادِ بِلَفْظَةِ الْغَلَطِ، كَمَا فِي الْغَلَطِ فِي الْمَبِيعِ، وَتَأْتِي تَعْبِيرَاتُهُمْ مُخْتَلِفَةً أَحْيَانًا، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ بِلَفْظَةِ الْخَطَأِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ ذَاتِ الْمَسْأَلَةِ بِلَفْظَةِ الْغَلَطِ، كَمَا فِي الْحَجِّ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِل كَمَسَائِل الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
النِّسْيَانُ وَالسَّهْوُ وَالْغَفْلَةُ وَالذُّهُول:
4 -
هَذِهِ الأَْلْفَاظُ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ.
فَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ شَرْحِ التَّحْرِيرِ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ.
وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ (2) .
(1) الفروق اللغوية ص 41
(2)
تيسير التحرير 2 / 263، شرح فتح القدير 1 / 395، وحاشية ابن عابدين 1 / 614، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 302
وَصَرَّحَ الْبَيْجُورِيُّ بِأَنَّ السَّهْوَ مُرَادِفٌ لِلْغَفْلَةِ، وَأَمَّا الذُّهُول فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَعَلَهُ مُسَاوِيًا لِلْغَفْلَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ أَعَمَّ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ أَخَصَّ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ تَرْجِعُ إِلَى عُيُوبٍ فِي الإِْرَادَةِ لِمَنْ فَاتَهَا الْعِلْمُ، وَمَا كَانَ مُنَافِيًا لِلْعِلْمِ كَانَ مُنَافِيًا لِلإِْرَادَةِ، وَصِلَتُهَا بِالْخَطَأِ أَنَّهَا أَسْبَابٌ تُؤَدِّي إِلَيْهِ وَالْخَطَأُ يُنْتَجُ عَنْهَا (1) .
ب -
الإِْكْرَاهُ:
5 -
الإِْكْرَاهُ هُوَ حَمْل الْغَيْرِ عَلَى مَا لَا يَرْضَاهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَلَا يَخْتَارُ الْمُكْرَهُ مُبَاشَرَتَهُ لَوْ خُلِّيَ وَنَفْسَهُ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى مُلْجِئٍ وَغَيْرِ مُلْجِئٍ وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(إِكْرَاهٌ)
قَال الآْمِدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ بِالإِْكْرَاهِ إِلَى حَدِّ الاِضْطِرَارِ، وَصَارَ نِسْبَةُ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنَ الْفِعْل إِلَيْهِ نِسْبَةُ حَرَكَةِ الْمُرْتَعِشِ
(1) حاشية الجمل 1 / 446، وحاشية ابن عابدين 2 / 77، 6 / 147، وجمع الجوامع 1 / 68، 69، 2 / 193. وانظر غريب الحديث للهروي 3 / 149، والنهاية في غريب الحديث والأثر 5 / 50، وحاشية البيجوري على متن السنوسية ص 29 - النشر الطيب على توحيد ابن عاشر 1 / 355، والمفردات ص 362، 491، والمصباح المنير، ولسان العرب والشرح الصغير 4 / 243، ونهاية السول في شرح منهاج الأصوال بتحقيق المطيعي 1 - 5 / 3، وتيسير التحرير 2 / 264 و305 و306، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص 153، والإحكام في أصوال الأحكام للآمدي 1 / 117، وشرح فتح القدير 1 / 395.