الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ لَا يَخْتَلِفُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الْخُضُوعُ:
2 -
الْخُضُوعُ لُغَةً: التَّوَاضُعُ، وَخَضَعَ يَخْضَعُ خُضُوعًا، وَاخْتَضَعَ ذَل وَاسْتَكَانَ، وَأَخْضَعَهُ الْفَقْرُ أَذَلَّهُ.
وَالْخُضُوعُ: الاِنْقِيَادُ وَالْمُطَاوَعَةُ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: نَهَى أَنْ يَخْضَعَ الرَّجُل لِغَيْرِ امْرَأَتِهِ. (2)
أَيْ يَلِينُ لَهَا فِي الْقَوْل بِمَا يُطْمِعُهَا مِنْهُ. وَخَضَعَ الإِْنْسَانُ خَضْعًا، أَمَال رَأْسَهُ إِلَى الأَْرْضِ، أَوْ دَنَا مِنْهَا، وَفِي التَّنْزِيل:{فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} . (3)
وَالْخُضُوعُ قَرِيبٌ مِنَ الْخُشُوعِ إِلَاّ أَنَّ الْخُضُوعَ يَكُونُ فِي الْبَدَنِ، وَالْخُشُوعَ فِي الْبَدَنِ وَالصَّوْتِ وَالْبَصَرِ.
وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل الْخُشُوعُ فِي الصَّوْتِ وَالْخُضُوعُ فِي الأَْعْنَاقِ.
وَذَكَرَ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ أَنَّ الْخُضُوعَ قَدْ يَكُونُ بِتَكَلُّفٍ، أَمَّا الْخُشُوعُ فَلَا يَكُونُ تَكَلُّفًا، وَإِنَّمَا بِخَوْفِ الْمَخْشُوعِ لَهُ (4) .
(1) لسان العرب والقاموس والمصباح المنير مادة: " خشع " وتفسير القرطبي 1 / 374
(2)
حديث: " نهى أن يخضع الرجل لغير امرأته ". أورده ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (2 / 43 - ط الحلبي) .
(3)
سورة الشعراء / 4
(4)
لسان العرب والمصباح المنير والفروق للعسكري ص 243
ب -
الإِْخْبَاتُ:
3 -
الإِْخْبَاتُ لُغَةً الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ: قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} . (1) قَال الرَّاغِبُ: وَاسْتُعْمِل الإِْخْبَاتُ اسْتِعْمَال اللِّينِ وَالتَّوَاضُعِ وَقَال أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ: الإِْخْبَاتُ مُلَازَمَةُ الطَّاعَةِ وَالسُّكُونِ، فَهُوَ الْخُضُوعُ الْمُسْتَمِرُّ عَلَى اسْتِوَاءٍ (2) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ هَل هُوَ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ، أَوْ مِنْ فَضَائِلِهَا وَمُكَمِّلَاتِهَا؟
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ بِدَلِيل صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ يُفَكِّرُ بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ إِذْ لَمْ يَقُولُوا بِبُطْلَانِهَا إِذَا كَانَ ضَابِطًا أَفْعَالَهَا.
وَعَلَيْهِ فَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَخْشَعَ فِي كُل صَلَاتِهِ بِقَلْبِهِ وَبِجَوَارِحِهِ وَذَلِكَ بِمُرَاعَاةِ مَا يَلِي:
أ - أَنْ لَا يُحْضِرَ فِيهِ غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ.
ب - وَأَنْ يَخْشَعَ بِجَوَارِحِهِ بِأَنْ لَا يَعْبَثَ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ كَلِحْيَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جَسَدِهِ، كَتَسْوِيَةِ رِدَائِهِ أَوْ عِمَامَتِهِ، بِحَيْثُ يَتَّصِفُ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ بِالْخُشُوعِ، وَيَسْتَحْضِرُ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ مَلَكِ الْمُلُوكِ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى يُنَاجِيهِ. وَأَنَّ صَلَاتَهُ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ.
(1) سورة الحج / 34
(2)
المصباح والقاموس ومفردات الراغب مادة: " خبت " والفروق للعسكري ص 245
ج - أَنْ يَتَدَبَّرَ الْقِرَاءَةَ لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يُكْمِل مَقْصُودَ الْخُشُوعِ.
د - أَنْ يُفْرِغَ قَلْبَهُ عَنِ الشَّوَاغِل الأُْخْرَى؛ لأَِنَّ هَذَا أَعْوَنُ عَلَى الْخُشُوعِ، وَلَا يَسْتَرْسِل مَعَ حَدِيثِ النَّفْسِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَاعْلَمْ أَنَّ حُضُورَ الْقَلْبِ فَرَاغُهُ مِنْ غَيْرِ مَا هُوَ مُلَابِسٌ لَهُ.
وَالأَْصْل فِي طَلَبِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ قَوْله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (1) .
فَسَّرَ عَلِيٌّ رضي الله عنه الْخُشُوعَ فِي الآْيَةِ: بِلِينِ الْقَلْبِ وَكَفِّ الْجَوَارِحِ.
وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَاّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. (2)
وَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَا: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ. (3)
(1) سورة المؤمنون / 1، 2
(2)
حديث: " ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه. . . . " أخرجه مسلم (1 / 209 - 210 - ط الحلبي) من حديث عقبه بن عامر.
(3)
حديث: " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ". أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول كما في الجامع الصغير للسيوطي (بشرحه الفيض 5 / 319 - ط المكتبة التجارية) ، ونقل المناوي عن العراقي أن في أسناده راويا متفقا على ضعفه.
وَمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلَا يَمْسَحُ الْحَصَى. (1)
5 -
إِذَا تَرَكَ الْمُصَلِّي الْخُشُوعَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَكُونُ صَحِيحَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: لَمْ يَأْمُرَ الْعَابِثَ بِلِحْيَتِهِ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُل عَلَى انْتِفَاءِ خُشُوعِهِ فِي صَلَاتِهِ؛ وَلأَِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُل بِعَمَل الْقَلْبِ وَلَوْ طَال، إِلَاّ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا وَلَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَاّ مَا عَقَل. (2)
وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ كُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْخُشُوعَ لَازِمٌ مِنْ لَوَازِمِ الصَّلَاةِ، إِلَاّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ لَا تَبْطُل الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ لأَِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 279، الفواكه الدواني 1 / 208، تفسير القرطبي 12 / 103 مغني المحتاج 1 / 181، تحفة المحتاج 2 / 101، المغني لابن قدامة 2 / 10، كشاف القناع 1 / 392، الفروع 1 / 486 وحديث " إذا قام أحدكم إلي الصلاة فإن الرحمة تواجهه. . . . ". أخرجه أبو داود (1 / 581 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وفي اسناده راو مجهول.
(2)
حديث: " ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل ". أورده الغزالي في الإحياء (1 / 166 - ط الحلبي)، وقال العراقي كما في حاشيته المطبوعة مع الإحياء:" لم أجده مرفوعا "، ولابن المبارك في الزهد موقوفا علي عمار:" لا يكتب للرجل من صلاته ما سهي ".