الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَالِثًا: الْخَطَأُ فِي الْقِبْلَةِ:
23 -
اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ.
فَإِنْ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الْقِبْلَةِ: فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَتَحَرَّى الْمُصَلِّي لاِشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ وَعَدَمِ الْمُخْبِرِ بِهَا، وَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ إِنْ أَخْطَأَ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ، وَلَا وُسْعَ فِي إِصَابَةِ الْجِهَةِ حَقِيقَةً، فَصَارَتْ جِهَةُ التَّحَرِّي هُنَا كَجِهَةِ الْكَعْبَةِ لِلْغَائِبِ عَنْهَا، وَقَدْ قِيل فِي قَوْله تَعَالَى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (1) أَيْ قِبْلَةُ اللَّهِ نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ حَال الاِشْتِبَاهِ، وَلَوْ عَلِمَ خَطَأَهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ تَحَوَّل رَأْيُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِالتَّحَرِّي اسْتَدَارَ فِي الأَْوَّل إِلَى جِهَةِ الصَّوَابِ وَفِي الثَّانِي إِلَى جِهَةِ تَحَوُّل رَأْيِهِ إِلَيْهَا (2) .
24 -
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ لَوْ صَلَّى إِلَى جِهَةِ اجْتِهَادِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، فَإِنْ كَانَ تَحَرِّيهِ مَعَ ظُهُورِ الْعَلَامَاتِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إِنِ اسْتَدْبَرَ، وَكَذَا لَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِهَا فَلَا إِعَادَةَ (3) .
25 -
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فَفِيهِ قَوْلَانِ: الأَْوَّل يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَ؛ لأَِنَّهُ تَعَيَّنَ لَهُ يَقِينُ الْخَطَأِ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْقَضَاءِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا مَضَى، كَالْحَاكِمِ إِذَا حَكَمَ ثُمَّ وُجِدَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لأَِنَّهُ جِهَةٌ تَجُوزُ الصَّلَاةُ
(1) سورة البقرة / 115
(2)
درر الحكام شرح غرر الأحكام 1 / 61
(3)
شرح الخرشي 1 / 257، القوانين الفقهية 42
إِلَيْهَا بِالاِجْتِهَادِ فَأَشْبَهَ إِذَا لَمْ يَتَيَقَّنِ الْخَطَأَ. وَإِنْ صَلَّى إِلَى جِهَةٍ ثُمَّ رَأَى الْقِبْلَةَ فِي يَمِينِهَا أَوْ شِمَالِهَا لَمْ يُعِدْ؛ لأَِنَّ الْخَطَأَ فِي الْيَمِينِ وَالشِّمَال لَا يُعْلَمُ قَطْعًا فَلَا يُنْتَقَضُ بِالاِجْتِهَادِ (1) .
26 -
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا صَلَّى بِالاِجْتِهَادِ إِلَى جِهَةٍ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ (2) . وَقَالُوا: إِذَا صَلَّى الْبَصِيرُ فِي حَضَرٍ فَأَخْطَأَ، أَوْ صَلَّى الأَْعْمَى بِلَا دَلِيلٍ بِأَنْ لَمْ يَسْتَخْبِرْ مَنْ يُخْبِرُهُ وَلَمْ يَلْمِسَ الْمِحْرَابَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَ بِهِ الْقِبْلَةَ أَعَادَا وَلَوْ أَصَابَا، أَوِ اجْتَهَدَ الْبَصِيرُ؛ لأَِنَّ الْحَضَرَ لَيْسَ بِمَحَل اجْتِهَادٍ لِقُدْرَةِ مَنْ فِيهِ عَلَى الاِسْتِدْلَال بِالْمَحَارِيبِ وَنَحْوِهَا، وَلِوُجُودِ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ غَالِبًا، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الإِْعَادَةُ عَلَيْهِمَا لِتَفْرِيطِهِمَا بِعَدَمِ الاِسْتِخْبَارِ أَوِ الاِسْتِدْلَال بِالْمَحَارِيبِ (3) .
رَابِعًا: الْخَطَأُ فِي الْقِرَاءَةِ:
27 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: خَطَأُ الْقَارِئِ إِمَّا فِي الإِْعْرَابِ، أَوْ فِي الْحُرُوفِ، أَوْ فِي الْكَلِمَاتِ، أَوِ الآْيَاتِ، وَفِي الْحُرُوفِ إِمَّا بِوَضْعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ أَوْ تَقْدِيمِهِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ، أَوْ زِيَادَتِهِ، أَوْ نَقْصِهِ.
أَمَّا الإِْعْرَابُ فَإِنْ لَمْ يُغَيِّرَ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ؛ لأَِنَّ تَغْيِيرَهُ خَطَأٌ لَا يُسْتَطَاعُ الاِحْتِرَازُ
(1) المجموع 3 / 222، 225
(2)
المغني 1 / 395
(3)
كشاف القناع 1 / 311