الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثْل قَضَاءِ الْحَوَائِجِ مِنَ السُّوقِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَاّهَا الرَّجُل الأَْجْنَبِيُّ.
قَال الْحَطَّابُ: وَسُئِل عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُل، فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ، هَل تَرَى لَهُ ذَلِكَ جَائِزًا؟ قَال: لَا بَأْسَ بِهِ وَلْيَدْخُل مَعَهُ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ، وَهَذَا عَلَى مَا قَال إِنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُل أَنْ يَقُومَ لِلْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ بِحَوَائِجِهَا وَيُنَاوِلَهَا الْحَاجَةَ إِذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لَا يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ، مِمَّا لَا يَظْهَرُ مِنْ زِينَتِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (1) وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْل التَّأْوِيل، فَجَائِزٌ لِلرَّجُل أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى الدُّخُول عَلَيْهَا أَدْخَل غَيْرَهُ مَعَهُ لِيُبْعِدَ سُوءَ الظَّنِّ عَنْ نَفْسِهِ (2) .
خِدْمَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ:
5 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا أَنْ يَخْدُمَ الْكَافِرَ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِإِجَارَةٍ أَوْ إِعَارَةٍ، وَلَا تَصِحُّ الإِْجَارَةُ وَلَا الإِْعَارَةُ
(1) سورة النور / 31.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 273، 2 / 333، 5 / 238، مواهب الجليل 5 / 393، مغني المحتاج 2 / 265، 3 / 131، 3 / 432، المغني لابن قدامة 7 / 569، الفواكه الدواني 2 / 108، القليوبي وعميرة 3 / 18، تحفة المحتاج 5 / 417، وجواهر الإكليل 2 / 145.
لِذَلِكَ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ إِهَانَةً لِلْمُسْلِمِ وَإِذْلَالاً لَهُ، وَتَعْظِيمًا لِلْكَافِرِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (1)
وَأَمَّا إِذَا أَجَّرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِلْكَافِرِ لِعَمَلٍ مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ، كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ قِصَارَتِهِ جَازَ؛ لأَِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَتَضَمَّنُ إِذْلَالاً وَلَا اسْتِخْدَامًا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لأَِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ يَسْتَقِي لَهُ كُل دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ (2) . وَكَذَا إِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْهُ لِعَمَلٍ غَيْرِ الْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ أَيْضًا.
وَكَذَا إِعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لِعَمَلٍ مُعَيَّنٍ لَا يَقْتَضِي الْخِدْمَةَ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا.
وَيُشْتَرَطُ فِيمَا جَازَ مِنَ الإِْجَارَةِ وَالإِْعَارَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَمَل مِمَّا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَرَعْيِ الْخَنَازِيرِ أَوْ حَمْل الْخَمْرِ (3) .
خِدْمَةُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ وَعَكْسُهُ:
6 -
إِذَا قَامَ الْوَالِدُ بِنَفْسِهِ بِخِدْمَةِ وَلَدِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْخِدْمَةُ أَوِ الإِْخْدَامُ لِوَلَدِهِ
(1) سورة النساء / 141.
(2)
حديث: " آجر علي نفسه من يهودي. . . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 181 - ط الحلبي)، وقال البوصيري:" في إسناده حنش، واسمه حسين بن قيس، ضعفه أحمد وغيره ".
(3)
البدائع 4 / 189، الخرشي على مختصر خليل 7 / 19، حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 456، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 18، المغني لابن قدامة 5 / 554، نهاية المحتاج 4 / 232، القليوبي وعميرة 3 / 18.