الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرِ الزِّرَاعَةِ كَالرَّعْيِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، يُوضَعُ عَلَيْهَا خَرَاجٌ جَدِيدٌ بِحَسَبِ مَا تَحْتَمِلُهُ.
وَهَذِهِ الأَْرْضُ تَخْتَلِفُ عَنْ أَرْضِ الْمَوَاتِ، فَإِنَّ أَرْضَ الْمَوَاتِ مُبَاحَةٌ. (1)
ثَانِيًا: تَعْطِيل الأَْرْضِ عَنِ الزِّرَاعَةِ:
58 -
إِنْ كَانَ التَّعْطِيل مِنْ غَيْرِ جِهَةِ صَاحِبِ الأَْرْضِ، كَأَنْ يَدْهَمَ الْبِلَادَ عَدُوٌّ يَمْنَعُ أَهْل الأَْرْضِ مِنْ زِرَاعَتِهَا وَالاِنْتِفَاعِ بِهَا، أَوْ يَلْحَقَهُمْ جَوْرٌ مِنَ الْوُلَاةِ لَمْ تُمْكِنْهُمُ الإِْقَامَةُ عَلَيْهِ. فَهَذَا يُسْقِطُ الْخَرَاجَ عَنْهُمْ حَتَّى تَعُودَ الأَْرْضُ كَمَا كَانَتْ وَيَتَمَكَّنُوا مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا. (2)
وَإِنْ كَانَ التَّعْطِيل مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الأَْرْضِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ.
فَإِذَا عَطَّلَهَا بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ كَأَنْ يَتْرُكَهَا بِلَا زِرَاعَةٍ وَاسْتِغْلَالٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَقَادِرٌ عَلَى زِرَاعَتِهَا سَقَطَ عَنْهُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ اتِّفَاقًا، وَذَلِكَ لأَِنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ حَقِيقَةً وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ. (3)
وَلَا يُقِرُّ الْمُفَرِّطُ عَلَى عَدَمِ اسْتِغْلَالِهِ لِلأَْرْضِ
(1) الماوردي: الأحكام السلطانية ص 150، ابن القيم: أحكام أهل الذمة 1 / 117.
(2)
المرجعان السابقان.
(3)
حاشية ابن عابدين 4 / 191، الزيلعي: تبيين الحقائق 3 / 274 - 275، الباجي: المنتقى 3 / 224، الماوردي: الأحكام السلطانية ص 150، الفراء: الأحكام السلطانية ص 172، ابن القيم: أحكام أهل الذمة 1 / 124.
الْخَرَاجِيَّةِ، بَل يُؤْمَرُ بِزِرَاعَتِهَا وَاسْتِغْلَالِهَا لِئَلَاّ يَتَضَرَّرَ أَصْحَابُ الْفَيْءِ.
وَأَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالأَْرْضِ وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَلأَِنَّ الْخَرَاجَ بِمَنْزِلَةِ الإِْجَارَةِ فَإِذَا عَطَّل الْمُسْتَأْجِرُ الاِنْتِفَاعَ بِالْمُؤَجَّرِ لَمْ تَسْقُطِ الأُْجْرَةُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ خَرَاجِ الْوَظِيفَةِ بِتَعْطِيل الأَْرْضِ عَنِ الزِّرَاعَةِ، سَوَاءٌ عَطَّلَهَا مُخْتَارًا أَمْ مَعْذُورًا، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الاِنْتِفَاعِ بِالأَْرْضِ. (1)
وَإِذَا عَطَّلَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ كَأَنْ تَرَكَ زِرَاعَتَهَا لِعَدَمِ قُوَّتِهَا وَقُدْرَتِهِ الْجِسْمِيَّةِ، أَوْ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَحَمُّل تَكَالِيفِ الزِّرَاعَةِ وَنَفَقَاتِهَا يَسْقُطُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ حَقِيقَةً. (2)
وَأَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَيَسْقُطُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الاِنْتِفَاعِ بِالأَْرْضِ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى عَدَمِ سُقُوطِ الْخَرَاجِ.
وَعَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الأَْرْضِ تَصَرُّفًا يُحَقِّقُ الْمَصْلَحَةَ لأَِهْل الْفَيْءِ، وَلِصَاحِبِ الأَْرْضِ.
وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ: مَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مِنْ أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَأْمُرَ
(1) المراجع السابقة.
(2)
المراجع السابقة.