الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَاصِبَ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ يَضْمَنُ الْخَرَاجَ، لأَِنَّ الْخَرَاجَ بِمَنْزِلَةِ الأُْجْرَةِ. (1)
مَنْ لَهُ حَقُّ اسْتِيفَاءِ الْخَرَاجِ:
39 -
قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنَ الأَْمْوَال الْعَامَّةِ الَّتِي يَتَوَلَّى أَمْرَهَا الأَْئِمَّةُ وَالسَّلَاطِينُ. فَالإِْمَامُ هُوَ الَّذِي يُقَدِّرُ الْخَرَاجَ ابْتِدَاءً، وَيُطَالِبُ بِهِ، وَيُقَرِّرُ صَرْفَهُ وَفْقَ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الإِْمَامَ وَكِيلٌ عَنِ الأُْمَّةِ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهَا مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ، وَفِي تَدْبِيرِ شُؤُونِهَا. قَال الْقُرْطُبِيُّ: الأَْمْوَال الَّتِي لِلأَْئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فِيهَا مَدْخَلٌ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: مَا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى طَرِيقِ التَّطْهِيرِ لَهُمْ كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ.
وَالثَّانِي: الْغَنَائِمُ وَمَا يَحْصُل فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَال الْكَافِرِينَ بِالْحَرْبِ، وَالْقَهْرِ، وَالْغَلَبَةِ.
وَالثَّالِثُ: الْفَيْءُ وَهُوَ مَا رَجَعَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَال الْكُفَّارِ عَفْوًا صَفْوًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَا إِيجَافٍ، كَالصُّلْحِ، وَالْجِزْيَةِ، وَالْخَرَاجِ، وَالْعُشُورِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ تُجَّارِ الْكُفَّارِ. (2)
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَالْمُطَالِبُ بِالْخَرَاجِ هُوَ الإِْمَامُ، وَيَجِبُ عَلَى أَرْبَابِ الأَْرْضِ الدَّفْعُ إِلَيْهِ،
(1) الدسوقي 4 / 31، الجمل على المنهج 3 / 488، ومغني المحتاج 2 / 289، والقليوبي 3 / 37، المغني 5 / 246
(2)
القرطبي: الجامع لأحكام القرآن - دار إحياء التراث العربي - بيروت 18 / 14.
لأَِنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَيَفْتَقِرُ إِلَى اجْتِهَادِ الإِْمَامِ.
دَفْعُ الْخَرَاجِ إِلَى أَئِمَّةِ الْعَدْل:
40 -
الإِْمَامُ الْعَادِل: هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِمَامَتِهِ وَبَيْعَتِهِ، وَقَامَ بِتَدْبِيرِ شُؤُونِ الأُْمَّةِ وَفْقَ شَرْعِ اللَّهِ عز وجل، فَإِذَا طَلَبَ مِنْ ذَوِي الأَْمْوَال مَالاً لَا يَطْلُبُهُ إِلَاّ بِحَقٍّ، وَإِذَا قَسَمَ أَمْوَالاً عَامَّةً قَسَمَهَا وَفْقَ شَرْعِ اللَّهِ، وَحَسَبَ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ، كَمَا قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ. (1)
وَقَال أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ هَذَا الْمَال بِمَنْزِلَةِ وَالِي الْيَتِيمِ (2) فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَال: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (3)
فَإِذَا طَلَبَ الإِْمَامُ الْعَادِل الْخَرَاجَ مِنْ أَرْبَابِ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ، وَجَبَ عَلَيْهِمُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ تَوْزِيعُ خَرَاجِ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا أَدَّى شَخْصٌ الْخَرَاجَ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِنَفْسِهِ فَلِلإِْمَامِ أَخْذُهُ مِنْهُ ثَانِيًا، لأَِنَّ حَقَّ الأَْخْذِ لَهُ.
(1) حديث: " ما أعطيكم ولا أمنعكم ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 217 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
(2)
أبو يوسف: الخراج ص 36.
(3)
سورة النساء / 6.