الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَغَيُّرِ الْمُؤْنَةِ؛ لأَِنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْل وُجُوبِ الْخَرَاجِ - أَيْ فِي الْجُمْلَةِ - (1)
اجْتِمَاعُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ:
63 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ الَّذِي يَمْلِكُ الأَْرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ يُطَالَبُ بِالزَّكَاةِ " الْعُشْرِ " وَالْخَرَاجِ مَعًا إِذَا زَرَعَهَا أَوِ انْتَفَعَ بِهَا.
وَاسْتَدَلُّوا لاِجْتِمَاعِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ} . (2) فَالآْيَةُ عَامَّةٌ فِي كُل أَرْضٍ يُنْتَفَعُ بِهَا وَتُزْرَعُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ خَرَاجِيَّةً، أَوْ عُشْرِيَّةً، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا (3) الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ. (4) وَلأَِنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ ذَاتًا، وَسَبَبًا، وَمَصْرِفًا، وَدَلِيلاً: أَمَّا اخْتِلَافُهُمَا ذَاتًا فَلأَِنَّ الْعُشْرَ فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَالْخَرَاجُ فِيهِ
(1) السرخسي: المبسوط 10 / 80، الكمال بن الهمام: فتح القدير 5 / 285، الزيلعي: تبيين الحقائق 3 / 271، أبو يوسف: الخراج ص 63، 69، الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 928.
(2)
سورة البقرة / 267.
(3)
العثري: ما يشرب بعروقه من ماء المطر المجتمع في حفيرة.
(4)
حديث: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 247 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عمر.
مَعْنَى الْعُقُوبَةِ. وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا سَبَبًا فَلأَِنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ، وَالْخَرَاجَ يَجِبُ فِي الأَْرْضِ النَّامِيَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ النَّمَاءُ حَقِيقِيًّا أَمْ تَقْدِيرِيًّا بِأَنْ يُتَمَكَّنَ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالأَْرْضِ.
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا مَصْرِفًا، فَلأَِنَّ مَصْرِفَ الْعُشْرِ: الأَْصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ، الْمُحَدَّدُ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ، وَمَصْرِفَ الْخَرَاجِ: الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ.
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا دَلِيلاً، فَلأَِنَّ دَلِيل الْعُشْرِ: النَّصُّ، وَدَلِيل الْخَرَاجِ الاِجْتِهَادُ الْمَبْنِيُّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ.
وَإِذَا ثَبَتَ اخْتِلَافُهُمَا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَلَا مَانِعَ مِنَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَوُجُوبُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الآْخَرِ، كَاجْتِمَاعِ الْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ عِنْدَ قَتْل الْمُحْرِمِ لِلصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ اجْتِمَاعِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُسْلِمٌ، وَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الأَْرْضِ سِوَى الْخَرَاجِ.
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ
(1) الحطاب: مواهب الجليل 2 / 287، عليش: منح الجليل 1 / 336، النووي: المجموع شرح المهذب - دار العلوم للطباعة بالقاهرة 1972 م 5 / 454، البكري: إعانة الطالبين - مطبعة دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة 2 / 162، الماوردي: الأحكام السلطانية ص 151، أبو يعلى: الأحكام السلطانية ص 169، ابن قدامة: المغني 2 / 26، ابن رجب: الاستخراج ص 112، ابن القيم: أحكام أهل الذمة 1 / 102.