الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعِدَّةِ وَالْخِطْبَةِ وَمَوَانِعِ النِّكَاحِ تَجُوزُ خِطْبَتُهَا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا.
وَأَمَّا الْمَنْكُوحَةُ، أَوِ الْمُعْتَدَّةُ، أَوِ الْمَخْطُوبَةُ، أَوِ الَّتِي قَامَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ، فَلَا تَجُوزُ خِطْبَتُهَا عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي:
خِطْبَةُ زَوْجَةِ الْغَيْرِ:
5 -
لَا تَجُوزُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا؛ لأَِنَّ الْخِطْبَةَ مُقَدِّمَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَمَنْ كَانَتْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَلَا تَصِحُّ خِطْبَتُهَا وَلَا تَجُوزُ بَل تَحْرُمُ.
خِطْبَةُ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ:
6 -
لَا تَجُوزُ خِطْبَةُ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّ الْخِطْبَةَ مُقَدِّمَةٌ إِلَى النِّكَاحِ، وَمَا دَامَ مَمْنُوعًا فَتَكُونُ الْخِطْبَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَحِل خِطْبَةُ نَحْوِ مَجُوسِيَّةٍ لِيَنْكِحَهَا إِذَا أَسْلَمَتْ (1) .
خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ:
7 -
يَخْتَلِفُ حُكْمُ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ بِاخْتِلَافِ لَفْظِ الْخِطْبَةِ (تَصْرِيحًا كَانَ أَوْ تَعْرِيضًا) وَبِاخْتِلَافِ حَالَةِ الْمُعْتَدَّةِ (رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ، أَوِ انْفِسَاخٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ مُعْتَدَّةٍ مِنْ شُبْهَةٍ) .
(&# x661 ;) نهاية المحتاج 6 / 198</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌التَّصْرِيحُ بِالْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> هُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَحْتَمِل غَيْرَهُ، كَقَوْل الْخَاطِبِ لِلْمُعْتَدَّةِ: أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، أَوْ: إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ تَزَوَّجْتُكِ.</p>وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ حَرَامٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَمْ بَائِنٍ، أَمْ وَفَاةٍ، أَمْ فَسْخٍ، أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ لِمَفْهُومِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (1) وَلأَِنَّ الْخَاطِبَ إِذَا صَرَّحَ بِالْخِطْبَةِ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (2) وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيضُ بِالْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: التَّعْرِيضُ أَنْ يُضَمِّنَ كَلَامَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 235</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 2 / 619، جواهر الإكليل 1 / 276، روضة الطالبين 7 / 30، نهاية المحتاج 6 / 199، أسنى المطالب 3 / 115، كشاف القناع 5 / 18</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 3 / 135، الإقناع 2 / 76، أسنى المطالب 3 / 115، شرح المنهج 4 / 128، وحاشية الجمل، كشاف القناع 5 / 18</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>مَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ إِلَاّ أَنَّ إِشْعَارَهُ بِالْمَقْصُودِ أَتَمُّ، وَيُسَمَّى تَلْوِيحًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْكِنَايَةَ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنِ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ، كَقَوْلِنَا فِي كَرَمِ الشَّخْصِ: هُوَ طَوِيل النِّجَادِ كَثِيرُ الرَّمَادِ (1) .</p>وَعَرَّفَ الشَّافِعِيَّةُ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ بِأَنَّهُ: مَا يَحْتَمِل الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِ: وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ؟</p>وَقَالُوا: وَنَحْوُ الْكِنَايَةِ وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ قَدْ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ التَّصْرِيحُ كَأُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكِ نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَتَحِلِّينَ لِي، وَقَدْ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ تَعْرِيضًا كَذِكْرِ الْعِبَارَةِ السَّابِقَةِ " أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ. . . إِلَخْ " مَا عَدَا " وَتَحِلِّينَ لِي ". (2)</p>وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا التَّعْرِيضَ فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (3) بِقَوْلِهِ: يَقُول: إِنِّي أُرِيدُ التَّزَوُّجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ يُيَسَّرُ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 3 / 417</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 3 / 115، ونهاية المحتاج 6 / 199</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 235</p><font color=#ff0000>(4)</font> نيل الأوطار 6 / 123، وتفسير ابن عباس التعريض في قوله تعالي: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) . أخرجه البخاري (الفتح 9 / 178 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>وَلَيْسَ حُكْمُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ وَاحِدًا بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْمُعْتَدَّاتِ، بَل إِنَّهُ مُخْتَلِفٌ بِالنَّظَرِ إِلَى حَالَةِ كُل مُعْتَدَّةٍ، رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ لأَِنَّهَا فِي مَعْنَى الزَّوْجِيَّةِ لِعَوْدِهَا إِلَى النِّكَاحِ بِالرَّجْعَةِ، فَأَشْبَهَتِ الَّتِي فِي صُلْبِ النِّكَاحِ؛ وَلأَِنَّ نِكَاحَ الأَْوَّل قَائِمٌ؛ وَلأَِنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ تَكْذِبُ انْتِقَامًا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، لِيُفْهَمَ مُرَادُ الْمُعَرِّضِ بِالْخِطْبَةِ لَا لِيُجَابَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (2) وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَلأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَل عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها وَهِيَ مُتَأَيِّمٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنِّي رَسُول اللَّهِ وَخِيرَتُهُ وَمَوْضِعِي مِنْ قَوْمِي. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 3 / 177، وجواهر الإكليل 1 / 276، ونهاية المحتاج 6 / 18 والإقناع 2 / 76</p><font color=#ff0000>(2)</font> البقرة / 235</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لقد علمت أني رسول الله وخيرته ". أخرجه الدارقطني (3 / 224 - ط دار المحاسن) . وفي إسناده إرسال. كذا قال الشوكاني في " نيل الأوطار "(6 / 109 - ط العثمانية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>وَلاِنْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا مَعَ ضَعْفِ التَّعْرِيضِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ - وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (2) وَلِمَا رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهَا لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا: إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي وَفِي لَفْظٍ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ. وَفِي لَفْظٍ لَا تَفُوتِينَا بِنَفْسِكِ (3) وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِخِطْبَتِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَلاِنْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا. (4)</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 2 / 619، مواهب الجليل 3 / 417، نهاية المحتاج 6 / 199، الجمل على شرح المنهج 4 / 128، مطالب أولي النهى 5 / 23</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 235</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث فاطمة بنت قيس:" إذا حللت فآذنيني ". أخرجه مسلم (2 / 1114 - ط الحلبي) . ولفظ: " لا تفوتينا نفسك ". أخرجه مسلم (2 / 1116 - ط الحلبي)، ولفظ:" لا تسبقيني بنفسك " أخرجه مسلم (2 / 1116 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> جواهر الإكليل 1 / 276، نهاية المحتاج 6 / 199، المغني 6 / 608</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ لإِِفْضَائِهِ إِلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ فَسْخٍ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّعْرِيضِ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَفَسْخٍ وَشَبَهِهِمَا، كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ لِعَانٍ أَوْ رِدَّةٍ، أَوِ الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنَ الزِّنَى، أَوِ التَّفْرِيقِ لِعَيْبٍ أَوْ عُنَّةٍ.</p>فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى جَوَازِ التَّعْرِيضِ لَهُنَّ أَخْذًا بِعُمُومِ الآْيَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَأَنَّ سُلْطَةَ الزَّوْجِ قَدِ انْقَطَعَتْ.</p>هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ الَّذِي يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا فِيهَا، أَمَّا هُوَ فَيَحِل لَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَحِل لَهُ نِكَاحُهُ فِيهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ أَوْ رَجْعِيًّا فَوَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَإِنَّ عِدَّةَ الْحَمْل تُقَدَّمُ، فَلَا يَحِل لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا؛ لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ.</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِحَسَبِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِلَاّ فَلَا. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 2 / 619، ونهاية المحتاج 6 / 199</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 136، ومطالب أولي النهى 5 / 23، ومواهب الجليل 3 / 417، وحاشية الدسوقي 2 / 218، 219</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌جَوَابُ الْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> حُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا لِلْخَاطِبِ كَحُكْمِ خِطْبَةِ هَذَا الْخَاطِبِ حِلًّا وَحُرْمَةً، فَيَحِل لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُعْتَدَّةُ أَنْ تُجِيبَ مَنْ عَرَّضَ بِخُطْبَتِهَا بِتَعْرِيضٍ أَيْضًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى كُل مُعْتَدَّةٍ التَّصْرِيحُ بِالْجَوَابِ - لِغَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ الَّذِي يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا - وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي بَقِيَّةِ الْمُعْتَدَّاتِ فِي ضَوْءِ التَّفْصِيل السَّابِقِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌خِطْبَةُ الْمُحْرِمِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَخْطُبَ امْرَأَةً وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْرِمَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ، كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ غَيْرُ الْمُحْرِمِ الْمُحْرِمَةَ، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ، (2) وَالْخِطْبَةُ تُرَادُ لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَإِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا كُرِهَ الاِشْتِغَال بِأَسْبَابِهِ؛ وَلأَِنَّهُ سَبَبٌ إِلَى الْحَرَامِ.</p>وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْخِطْبَةُ حَال الإِْحْرَامِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ تُخْطَبُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ:</span></p>15 م - خِطْبَةُ الْمَرْأَةِ الْمُجْبَرَةِ تَكُونُ إِلَى وَلِيِّهَا، وَقَدْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 3 / 417، نهاية المحتاج 6 / 199، الجمل 4 / 128، كشاف القناع 5 / 18</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا ينكح المحرم ولا ينكح " أخرجه مسلم (2 / 1030 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 1 / 513، مطالب أولي النهى 2 / 345 - 347، المغني 3 / 333، فتح القدير 2 / 374</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ، فَقَال صلى الله عليه وسلم لَهُ: أَخِي فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَهِيَ لِي حَلَالٌ (1) .</p>وَيَجُوزُ أَنْ تَخْطُبَ الْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ إِلَى نَفْسِهَا (2) ، لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ. لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَرْسَل إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَال: أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهُبَ بِالْغَيْرَةِ.</p>وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى: إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَإِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَقَال: أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى فَسَأَدْعُو اللَّهَ لَكِ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَتُكْفَيْنَ صِبْيَانَكِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌عَرْضُ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ وَالْفَضْل، كَمَا عَرَضَ الرَّجُل الصَّالِحُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عروة " أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عائشة " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 123 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 5 / 25</p><font color=#ff0000>(3)</font> نيل الأوطار 6 / 121. وحديث أم سلمة:" لما مات أبو سلمة ". أخرجه مسلم (2 / 632 - ط الحلبي) والنسائي (6 / 81 - ط المكتبة التجارية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>إِحْدَى ابْنَتَيْهِ عَلَى مُوسَى عليه الصلاة والسلام الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ} ، (1) وَكَمَا فَعَل عُمَرُ رضي الله عنه حَيْثُ عَرَضَ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِخْفَاءُ الْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ إِخْفَاءُ الْخِطْبَةِ خِلَافًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَيُنْدَبُ - عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ بَقِيَّةِ الْفُقَهَاءِ - إِعْلَانُهُ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ عَلَى الْخِطْبَةِ حَرَامٌ إِذَا حَصَل الرُّكُونُ إِلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يَخْطُبِ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُل حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة القصص / 27</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 3 / 118، كشاف القناع 5 / 20، رد المحتار 2 / 261، جواهر الإكليل 1 / 275، قليوبي 3 / 295، المغني 6 / 537</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أعلنوا هذا النكاح ". أخرجه ابن حبان (الموارد - ص 313 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن الزبير وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. (1) وَلأَِنَّ فِيهَا إِيذَاءً وَجَفَاءً وَخِيَانَةً وَإِفْسَادًا عَلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَإِيقَاعًا لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَ النَّاسِ.</p>وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ لِلتَّحْرِيمِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَتَى تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ</span>؟</p><font color=#ff0000>19 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمِ أَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الأَْوَّل قَدْ أُجِيبَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَمْ يَعْرِضْ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلْخَاطِبِ الثَّانِي، وَعَلِمَ الْخَاطِبُ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الأَْوَّل وَإِجَابَتِهِ.</p>وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ، أَنْ تَكُونَ إِجَابَةُ الْخَاطِبِ الأَْوَّل صَرَاحَةً، وَخُطْبَتُهُ جَائِزَةٌ أَيْ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الثَّانِي عَالِمًا بِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ إِجَابَةَ الْخَاطِبِ الأَْوَّل تَعْرِيضًا تَكْفِي لِتَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالإِْجَابَةِ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَكَلَامِ أَحْمَدَ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِتَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لا يخطب الرجل على خطبة الرجل ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 198 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عمر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نيل الأوطار 6 / 121 - 122، فتح القدير 5 / 239، جواهر الإكليل 1 / 275، روضة الطالبين 7 / 31، المغني 6 / 607، رد المحتار 2 / 262.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>الْخِطْبَةِ رُكُونُ الْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ أَوْ وَلِيِّهَا، وَوُقُوعُ الرِّضَا بِخِطْبَةِ الْخَاطِبِ الأَْوَّل غَيْرِ الْفَاسِقِ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ لاِبْنِ نَافِعٍ: لَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ قَبْل تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ (1) .</p>وَسَيَأْتِي حُكْمُ خِطْبَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى خِطْبَةِ الْفَاسِقِ، أَوْ خِطْبَةِ الْكَافِرِ لِلذِّمِّيَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ تُعْتَبَرُ إِجَابَتُهُ أَوْ رَدُّهُ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رَدُّ الْوَلِيِّ وَإِجَابَتُهُ إِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَإِلَاّ فَرَدُّهَا وَإِجَابَتُهَا.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُعْتَبَرُ رُكُونُ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ إِلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَرُكُونُ الْمُجْبَرَةِ مُعَرِّضًا مُجْبِرُهَا بِالْخَاطِبِ وَلَوْ بِسُكُوتِهِ، وَعَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ رُكُونُ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رَدِّ مُجْبِرِهَا، وَلَا رَدُّهَا مَعَ رُكُونِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ رُكُونُ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ رَدِّهَا لَا مَعَ عَدَمِهِ فَيُعْتَبَرُ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌خِطْبَةُ مَنْ لَا تُعْلَمُ خِطْبَتُهَا أَوْ جَوَابُهَا:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا يُعْلَمُ أَهِيَ مَخْطُوبَةٌ أَمْ لَا، أُجِيبَ خَاطِبُهَا أَمْ رُدَّ، يَجُوزُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ أَنْ يَخْطُبَهَا لأَِنَّ الأَْصْل الإِْبَاحَةُ، وَالْخَاطِبُ مَعْذُورٌ بِالْجَهْل. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 6 / 199، المغني 6 / 604 - 606 - 607، جواهر الإكليل 1 / 275</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزرقاني 3 / 164، روضة الطالبين 7 / 31، المغني 6 / 606</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل 3 / 411، روضة الطالبين 7 / 32، كشاف القناع 5 / 19</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ الْمُحْتَرَمِ (غَيْرِ الْحَرْبِيِّ أَوِ الْمُرْتَدِّ) حَرَامٌ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ يَخْطُبَ ذِمِّيٌّ كِتَابِيَّةً وَيُجَابُ ثُمَّ يَخْطُبُهَا مُسْلِمٌ، لِمَا فِي الْخِطْبَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الإِْيذَاءِ لِلْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَقَالُوا: إِنَّ ذِكْرَ لَفْظِ الأَْخِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ: لَا يَخْطُبُ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ (1) . خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ؛ وَلأَِنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالاً.</p>وَلَيْسَ الْحَال فِي الْفَاسِقِ كَالْكَافِرِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لأَِنَّ الْفَاسِقَ لَا يُقَرُّ شَرْعًا عَلَى فِسْقِهِ، فَتَجُوزَ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ فِي حَالَةٍ يُقَرُّ عَلَيْهَا بِالْجِزْيَةِ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ كَافِرٍ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلأَِنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ، بِالْمُسْلِمِ وَإِلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ، وَلَا حُرْمَتُهُ كَحُرْمَتِهِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْعَقْدُ بَعْدَ الْخِطْبَةِ الْمُحَرَّمَةِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى الْعَاقِدِ كَالْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ، وَكَالْخِطْبَةِ الْمُحَرَّمَةِ فِي الْعِدَّةِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا يخطب الرجل " تقدم تخريجه ف / 18</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزرقاني 3 / 164، أسنى المطالب 3 / 115، مطالب أولي النهى 5 / 24</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَى مَنْ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا - كَعَقْدِ الْخَاطِبِ الثَّانِي عَلَى الْمَخْطُوبَةِ، وَكَعَقْدِ الْخَاطِبِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا - يَكُونُ صَحِيحًا مَعَ الْحُرْمَةِ؛ لأَِنَّ الْخِطْبَةَ الْمُحَرَّمَةَ لَا تُقَارِنُ الْعَقْدَ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ؛ وَلأَِنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِوُقُوعِهَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ. (1)</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ عَقْدَ الْخَاطِبِ الثَّانِي عَلَى الْمَخْطُوبَةِ يُفْسَخُ حَال خِطْبَةِ الأَْوَّل بِطَلَاقٍ، وُجُوبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْخَاطِبُ الأَْوَّل، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الأَْوَّل، مَا لَمْ يُبَيِّنِ الثَّانِي حَيْثُ اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ لأَِجْل خِطْبَةِ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا لَمْ يُفْسَخْ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الثَّانِي حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلَاّ لَمْ يُفْسَخْ. (2)</p>وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ لِمَنْ صَرَّحَ لاِمْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا بِالْخِطْبَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا يُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: نَظَرُ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ بَيْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نيل الأوطار 6 / 122، كشاف القناع 5 / 18 - 19</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزرقاني وحاشية البناني 3 / 164 - 165</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 276، والزرقاني 3 / 167</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>أَهْل الْعِلْمِ خِلَافًا فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا، وَقَدْ رَوَى جَابِرٌ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَل. (1)</p>قَال: فَخَطَبْتُ امْرَأَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. (2)</p><font color=#ff0000>25 -</font> لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ نَظَرِ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذَا النَّظَرِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: يُنْدَبُ النَّظَرُ لِلأَْمْرِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ {أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا أَيْ تَدُومُ الْمَوَدَّةُ وَالأُْلْفَةُ. فَقَدْ وَرَدَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: خَطَبْتُ امْرَأَةً فَقَال لِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ قُلْتُ: لَا، قَال: فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا. (3)</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِجَابَتُهُ نَظَرَ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إذا خطب أحدكم المرأة " أخرجه أبو داود (2 / 565 - 566 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (9 / 181 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 552 - 553</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 275، روضة الطالبين 7 / 19 - 20، نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 80، رد المحتار على الدر المختار 2 / 262، 5 / 237، وحديث المغيرة بن شعبة: خطبت امرأة. أخرجه ابن ماجه (1 / 600 - ط الحلبي) وأحمد (4 / 246 - ط الميمنية) واللفظ له، وقال البوصيري في " مصباح الزجاجة " (1 / 328 - ط دار الحنان) :" إسناده صحيح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>قَال فِي " الإِْنْصَافِ ": وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ النَّظَرُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَذَلِكَ لِوُرُودِ الأَْمْرِ بِالنَّظَرِ بَعْدَ الْحَظْرِ، فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَظَرُ الْمَخْطُوبَةِ إِلَى خَاطِبِهَا:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> حُكْمُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ إِلَى خَاطِبِهَا كَحُكْمِ نَظَرِهِ إِلَيْهَا لأَِنَّهُ يُعْجِبُهَا مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا، بَل هِيَ - كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ - أَوْلَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ لأَِنَّهُ يُمْكِنُهُ مُفَارَقَةَ مَنْ لَا يَرْضَاهَا بِخِلَافِهَا.</p>وَاشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لِمَشْرُوعِيَّةِ النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ إِلَى الْمَرْأَةِ مُرِيدًا نِكَاحَهَا، وَأَنْ يَرْجُوَ الإِْجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُجَابُ إِلَى نِكَاحِهَا، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الإِْجَابَةُ.</p>وَاكْتَفَى الْحَنَفِيَّةُ بِاشْتِرَاطِ إِرَادَةِ نِكَاحِهَا فَقَطْ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْعِلْمُ بِالنَّظَرِ وَالإِْذْنُ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 5 / 11</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 237، مواهب الجليل 3 / 405، روضة الطالبين 7 / 20 نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>الْمَخْطُوبَةِ أَوْ إِذْنُهَا أَوْ إِذْنُ وَلِيِّهَا بِنَظَرِ الْخَاطِبِ إِلَيْهَا اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَلإِِطْلَاقِ الأَْخْبَارِ، بَل قَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ عَدَمَ ذَلِكَ أَوْلَى لأَِنَّهَا قَدْ تَتَزَيَّنُ لَهُ بِمَا يَغُرُّهُ، وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ السَّابِقِ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الإِْذْنِ، وَقَدْ تَخَبَّأَ جَابِرٌ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي خَطَبَهَا حَتَّى رَأَى مِنْهَا مَا دَعَاهُ إِلَى نِكَاحِهَا.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَحَل نَدْبِ النَّظَرِ إِنْ كَانَ بِعِلْمٍ مِنْهَا إِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً، وَإِلَاّ فَمِنْ وَلِيِّهَا، وَإِلَاّ كُرِهَ لِئَلَاّ يَتَطَرَّقَ الْفُسَّاقُ لِلنَّظَرِ لِلنِّسَاءِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ خُطَّابٌ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَمْنُ الْفِتْنَةِ وَالشَّهْوَةِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> لَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِمَشْرُوعِيَّةِ النَّظَرِ أَمْنَ الْفِتْنَةِ أَوِ الشَّهْوَةِ أَيْ ثَوَرَانِهَا بِالنَّظَرِ، بَل قَالُوا: يَنْظُرُ لِغَرَضِ التَّزَوُّجِ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، أَوْ خَافَ الْفِتْنَةَ؛ لأَِنَّ الأَْحَادِيثَ بِالْمَشْرُوعِيَّةِ لَمْ تُقَيِّدَ النَّظَرَ بِذَلِكَ. (2)</p>وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ لإِِبَاحَةِ النَّظَرِ أَمْنَ الْفِتْنَةِ، وَأَمَّا النَّظَرُ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ أَوِ الشَّهْوَةِ فَهُوَ عَلَى أَصْل التَّحْرِيمِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10، جواهر الإكليل 1 / 275، والحطاب 3 / 404</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 237، روضة الطالبين 7 / 20، جواهر الإكليل 1 / 275</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 6 / 553</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا يُنْظَرُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَا يُبَاحُ لِلْخَاطِبِ نَظَرُهُ مِنْ مَخْطُوبَتِهِ الْحُرَّةِ هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا إِلَى كُوعَيْهِمَا لِدَلَالَةِ الْوَجْهِ عَلَى الْجَمَال، وَدَلَالَةِ الْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ، وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَدَمَيْنِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ حَتَّى فِي غَيْرِ الْخِطْبَةِ.</p>وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِيمَا يَنْظُرُ الْخَاطِبُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ، فَفِي " مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى "" وَكَشَّافِ الْقِنَاعِ " أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا كَوَجْهٍ وَيَدٍ وَرَقَبَةٍ وَقَدَمٍ، لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا، عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، إِذْ لَا يُمْكِنُ إِفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فِي الظُّهُورِ؛ وَلأَِنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ الْوَجْهَ.</p>وَفِي الْمُغْنِي: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ وَمَوْضِعُ النَّظَرِ، وَلَا يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَى مَا لَا يَظْهَرُ عَادَةً.</p>أَمَّا مَا يَظْهَرُ غَالِبًا سِوَى الْوَجْهِ، كَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُظْهِرُهُ الْمَرْأَةُ فِي مَنْزِلِهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ لِلْحَنَابِلَةِ.</p>إِحْدَاهُمَا: لَا يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَيْهِ لأَِنَّهُ عَوْرَةٌ، فَلَمْ يُبَحِ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَالَّذِي لَا يَظْهَرُ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الْمَرْأَةُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>عَوْرَةٌ، (1) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى التَّحْرِيمِ.</p>وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ الْمَذْهَبُ، لِلْخَاطِبِ النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ، قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا مِنْ يَدٍ أَوْ جِسْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَال أَبُو بَكْرٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا حَاسِرَةً. وَوَجْهُ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ عَادَةً إِذْ لَا يُمْكِنُ إِفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الظُّهُورِ، وَلأَِنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأُبِيحَ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَالْوَجْهِ (2)، وَلأَِنَّهَا امْرَأَةٌ أُبِيحَ النَّظَرُ إِلَيْهَا بِأَمْرِ الشَّارِعِ فَأُبِيحَ النَّظَرُ مِنْهَا إِلَى ذَلِكَ كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ.</p>وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: يَنْظُرُ الْخَاطِبُ إِلَى مَوَاضِعِ اللَّحْمِ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ الْخَلِيَّةِ وَتَعَرُّضُهَا لِلْخُطَّابِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَحْلِيَةَ الْبَنَاتِ بِالْحُلِيِّ وَالْحُلَل لِيَرْغَبَ فِيهِنَّ الرِّجَال سُنَّةٌ. (3)</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَقَل الْحَطَّابُ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " المرأة عورة " أخرجه الترمذي (3 / 467 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب "</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 237، جواهر الإكليل 1 / 275، نهاية المحتاج 6 / 183، مطالب أولي النهى 5 / 11، كشاف القناع 5 / 10، المغني 6 / 553 - 554، نيل الأوطار 6 / 126، المواق 3 / 404</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 3 / 78، وابن عابدين 2 / 262</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>قَوْلُهُ: وَلَهَا (أَيْ لِلْمَرْأَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الأَْزْوَاجِ) أَنْ تَتَزَيَّنَ لِلنَّاظِرِينَ (أَيْ لِلْخُطَّابِ) ، بَل لَوْ قِيل بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ مَا كَانَ بَعِيدًا، وَلَوْ قِيل إِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّعَرُّضُ لِمَنْ يَخْطُبُهَا إِذَا سَلِمَتْ نِيَّتُهَا فِي قَصْدِ النِّكَاحِ لَمْ يَبْعُدِ. انْتَهَى.</p>ثُمَّ قَال الْحَطَّابُ: هَل يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ نَظَرُ الرَّجُل؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، قَالُوا: يُسْتَحَبُّ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَقَدْ قَال ابْنُ الْقَطَّانِ: إِذَا خَطَبَ الرَّجُل امْرَأَةً هَل يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصِدَهَا مُتَعَرِّضًا لَهَا بِمَحَاسِنِهِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِبْدَاؤُهَا إِلَيْهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَخْطُوبَةً وَيَتَصَنَّعُ بِلُبْسِهِ، وَسِوَاكِهِ، وَمُكْحُلَتِهِ وَخِضَابِهِ، وَمَشْيِهِ، وَرِكْبَتِهِ، أَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ إِلَاّ مَا كَانَ جَائِزًا لِكُل امْرَأَةٍ؟ هُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ، وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْمَنْعِ إِجْمَاعٌ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ خَطَبَ وَلَكِنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِنَفْسِهِ ذَلِكَ التَّعَرُّضَ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ تَعَرُّضٌ لِلْفِتَنِ وَتَعْرِيضٌ لَهَا، وَلَوْلَا الظَّاهِرُ مَا أَمْكَنَ أَنْ يُقَال ذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تُخْطَبْ عَلَى أَنَّا لَمْ نَجْزِمْ فِيهِ بِالْجَوَازِ. (1)</p>وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: قَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِ الاِسْتِغْنَاءِ فِي مَعْرِفَةِ اسْتِعْمَال الْحِنَّاءِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ اخْتَضِبْنَ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَضِبُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 3 / 405</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>لِزَوْجِهَا، وَإِنَّ الأَْيِّمَ تَخْتَضِبُ تُعَرَّضُ لِلرِّزْقِ مِنَ اللَّهِ عز وجل. (1)</p>وَقَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الأَْسْلَمِيَّةِ كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَل عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِل بْنُ بَعْكَكٍ رضي الله عنه رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَال لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ. إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَال لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي.} (2)</p> </p>‌<span class="title">‌تَكْرِيرُ النَّظَرِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> لِلْخَاطِبِ أَنْ يُكَرِّرَ النَّظَرَ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ هَيْئَتُهَا فَلَا يَنْدَمُ عَلَى نِكَاحِهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروع 3 / 454 وحديث:" يا معشر النساء اختضبن، فإن المرأة تختضب لزوجها ". عزاه صاحب الفروع (3 / 454 - نشر عالم الكتب) إلي موسى المديني في " كتاب الاستغناء في معرفة استعمال الحناء " ولم نره في غيره.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديثه: " سبيعة الأسلمية ". أخرجه مسلم (2 / 1122 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>وَيَتَقَيَّدُ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوِ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ نَظَرٌ أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا.</p>وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَخَافَ الْخَاطِبُ الْفِتْنَةَ أَمْ لَا. . كَمَا قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرُّويَانِيُّ.</p>أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: يُكَرِّرُ الْخَاطِبُ النَّظَرَ وَيَتَأَمَّل الْمَحَاسِنَ وَلَوْ بِلَا إِذْنٍ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، إِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ أَيْ ثَوَرَانَهَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَسُّ مَا يَنْظُرُ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> لَا يَجُوزُ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَمَسَّ وَجْهَ الْمَخْطُوبَةِ وَلَا كَفَّيْهَا وَإِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ؛ لِمَا فِي الْمَسِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ؛ وَلِوُجُودِ الْحُرْمَةِ وَانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ وَالْبَلْوَى. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> لَا يَجُوزُ خَلْوَةُ الْخَاطِبِ بِالْمَخْطُوبَةِ لِلنَّظَرِ وَلَا لِغَيْرِهِ لأَِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِغَيْرِ النَّظَرِ فَبَقِيَتْ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ وَلأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنَ الْخَلْوَةِ الْوُقُوعُ فِي الْمَحْظُورِ. (3) فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: أَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 237، نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 237، جواهر الإكليل 1 / 275، أسنى المطالب 3 / 109.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 6 / 553.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَاّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِرْسَال مَنْ يَنْظُرُ الْمَخْطُوبَةَ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يُرْسِل امْرَأَةً لِتَنْظُرَ الْمَخْطُوبَةَ ثُمَّ تَصِفَهَا لَهُ وَلَوْ بِمَا لَا يَحِل لَهُ نَظَرُهُ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَيَسْتَفِيدَ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُ بِنَظَرِهِ، وَهَذَا لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَل أُمَّ سُلَيْمٍ تَنْظُرُ إِلَى جَارِيَةٍ فَقَال: شُمِّي عَوَارِضَهَا وَانْظُرِي إِلَى عُرْقُوبِهَا. (2)</p>وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ يُرْسَل لِلنَّظَرِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّنْ يَحِل لَهُ نَظَرُهَا رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً كَأَخِيهَا، أَوْ مَسْمُوحٌ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ.</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يُرْسِل رَجُلاً. قَال الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ عَلَى حَسَبِ مَا لِلْخَاطِبِ، وَيُنَزَّل مَنْزِلَتَهُ مَا لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ". أخرجه الترمذي (4 / 466 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب، وقال:" حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " بعث أم سليم إلى جارية " أخرجه أحمد (3 / 231 - ط الميمنية) من حديث أنس بن مالك، وصوب البيهقي إرساله كما في التلخيص لابن حجر (3 / 147 - ط شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>يَخَفْ مَفْسَدَةً مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَفْعَلُهُ الْخَاطِبُ إِنْ لَمْ تُعْجِبْهُ الْمَخْطُوبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> إِذَا نَظَرَ الْخَاطِبُ إِلَى مَنْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا فَلَمْ تُعْجِبْهُ فَلْيَسْكُتْ، وَلَا يَقُل، لَا أُرِيدُهَا؛ لأَِنَّهُ إِيذَاءٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: ذِكْرُ عُيُوبِ الْخَاطِبِ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> مَنِ اسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ أَوْ مَخْطُوبَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مَا فِيهِ مِنْ مَسَاوِئَ شَرْعِيَّةٍ أَوْ عُرْفِيَّةٍ وَلَا يَكُونُ غِيبَةً مُحَرَّمَةً إِذَا قَصَدَ بِهِ النَّصِيحَةَ وَالتَّحْذِيرَ لَا الإِْيذَاءَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ رضي الله عنهما خَطَبَاهَا: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَال لَهُ (3) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ، (4) وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 237، مواهب الجليل 3 / 405، نهاية المحتاج 6 / 183، أسنى المطالب 3 / 109، كشاف القناع 5 / 10، حاشية الدسوقي 2 / 215.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 7 / 21.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث فاطمة بنت قيس: أخرجه مسلم (2 / 1114 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه " أخرجه أحمد (3 / 418 - 419 - ط الميمنية) من حديث أبي زيد، وأعله ابن حجر في التلخيص (3 / 254 - ط المكتب الإسلامي) إلا أنه ذكر له شواهد تقويه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>أَنَّهُ قَال: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ (1) وَقَال: الدِّينُ النَّصِيحَةُ (2)، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ أَخًا لِبِلَالٍ رضي الله عنه خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالُوا: إِنْ يَحْضُرْ بِلَالٌ زَوَّجْنَاكَ، فَحَضَرَ، فَقَال: أَنَا بِلَالٌ وَهَذَا أَخِي، وَهُوَ امْرُؤٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ وَالدِّينِ. قَال الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الإِْسْنَادِ.</p>وَمَنِ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ بَيَّنَهُ، كَقَوْلِهِ: عِنْدِي شُحٌّ، وَخُلُقِي شَدِيدٌ وَنَحْوُهُمَا، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.</p>وَفَصَّل بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْل الْبَارِزِيِّ - مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - لَوِ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّل الرَّغْبَةَ فِيهِ وَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ، اسْتُحِبَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَال وَسَتْرُ نَفْسِهِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: الْخُطْبَةُ قَبْل الْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> يُنْدَبُ لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ قَبْل الْخِطْبَةِ لِخَبَرِ: كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " المستشار مؤتمن ". أخرجه الترمذي (4 / 585 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال:" حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " الدين النصيحة ". أخرجه مسلم (1 / 74 - ط الحلبي) من حديث تميم الداري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 276، نهاية المحتاج 6 / 200، حاشية الجمل 4 / 130، كشاف القناع 5 / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ (1) أَيْ عَنِ الْبَرَكَةِ، فَيَبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى، ثُمَّ يَقُول: جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلاً قَال: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ، وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُول: لَسْتُ بِمَرْغُوبٍ عَنْكَ أَوْ نَحْوَهُ.</p>وَتَبَرَّكَ الأَْئِمَّةُ بِمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (2) عَلَّمَنَا خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِل لَهُ وَمَنْ يُضْلِل فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (3){يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (4) إِلَى قَوْلِهِ: {رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع " أخرجه ابن ماجه (1 / 610 - ط الحلبي) والدارقطني، (1 / 229 - ط دار المحاسن) من حديث أبي هريرة، وصوب الدارقطني إرساله.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عبد الله بن مسعود في خطبة النكاح، أخرجه أحمد (1 / 392 - 393 ط الميمنية) والحاكم (2 / 182 - 183 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده انقطاع ولكن له طرق أخرى تقويه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة آل عمران / 102.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النساء / 1.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>قَوْلاً سَدِيدًا} (1) إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} ، وَكَانَ الْقَفَّال يَقُول بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الأُْمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ، يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ إِلَاّ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ. . أَقُول قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَادِسًا: الرُّجُوعُ عَنِ الْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ بَل هِيَ وَعْدٌ، وَإِنْ تَخَيَّل كَوْنَهَا عَقْدًا فَلَيْسَ بِلَازِمٍ بَل جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ الرُّجُوعُ عَنِ الإِْجَابَةِ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ لِلْمَخْطُوبَةِ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهَا وَهُوَ نَائِبٌ عَنْهَا فِي النَّظَرِ لَهَا، فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الرُّجُوعُ الَّذِي رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، كَمَا لَوْ سَاوَمَ فِي بَيْعِ دَارِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي تَرْكِهَا، وَلَا يُكْرَهُ لَهَا أَيْضًا الرُّجُوعُ إِذَا كَرِهَتِ الْخَاطِبَ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عُمْرِيٌّ يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ، فَكَانَ لَهَا الاِحْتِيَاطُ لِنَفْسِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَظِّهَا، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ إِخْلَافِ الْوَعْدِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الْقَوْل، وَلَمْ يَحْرُمْ لأَِنَّ الْحَقَّ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا، كَمَنْ سَامَ سِلْعَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ أَلَاّ يَبِيعَهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأحزاب / 70.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 275، نهاية المحتاج 6 / 202، أسنى المطالب 3 / 117.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ. يُكْرَهُ لِمَنْ رَكَنَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَانْقَطَعَ عَنْهَا الْخُطَّابُ لِرُكُونِهَا إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَابِعًا: الرُّجُوعُ بِالْهَدِيَّةِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ أَوِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> إِذَا أَهْدَى الْخَاطِبُ إِلَى مَخْطُوبَتِهِ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ الزَّوَاجُ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْهَدِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ:</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ وَبَعَثَ إِلَيْهَا أَشْيَاءَ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا أَبُوهَا فَمَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ يَسْتَرِدُّ عَيْنَهُ قَائِمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالاِسْتِعْمَال، أَوْ بَدَلَهُ هَالِكًا لأَِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَمْ تَتِمَّ فَجَازَ الاِسْتِرْدَادُ، وَكَذَا يَسْتَرِدُّ مَا بَعَثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ دُونَ الْهَالِكِ وَالْمُسْتَهْلَكِ؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ، وَالْهَلَاكُ أَوِ الاِسْتِهْلَاكُ مَانِعٌ مِنَ الرُّجُوعِ بِهَا.</p>وَقَالُوا: لَوْ أَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مَخْطُوبَةٌ أَيْضًا - يَطْمَعُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا، إِنْ تَزَوَّجَتْهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا، وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ إِبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ، أَوْ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ.</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ أَقْوَالٌ أُخْرَى. (2)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ الإِْهْدَاءُ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ لَا الإِْنْفَاقُ عَلَيْهَا فَيَحْرُمُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 4 / 129، المغني 6 / 607 - 608، مواهب الجليل 3 / 411.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 2 / 364 - 366.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>فَإِنْ أَهْدَى لَهَا أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. (1) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ خَطَبَ امْرَأَةً ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً لِيَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْكَلاً أَمْ مَشْرَبًا أَمْ حَلْوَى أَمْ حُلِيًّا، وَسَوَاءٌ رَجَعَ هُوَ أَمْ مُجِيبُهُ، أَمْ مَاتَ أَحَدُهُمَا؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَهُ لأَِجْل تَزَوُّجِهَا فَيَرْجِعُ بِهِ إِنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إِنْ تَلِفَ.</p>وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْهَدِيَّةِ لَا لأَِجْل تَزَوُّجِهِ بِهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ.</p>وَقَالُوا: لَوْ دَفَعَ الْخَاطِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ شَيْئًا مِنْ مَأْكُولٍ، أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ مَلْبُوسٍ لِمَخْطُوبَتِهِ أَوْ وَلِيِّهَا، ثُمَّ حَصَل إِعْرَاضٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَوْتٌ لَهُمَا، أَوْ لأَِحَدِهِمَا رَجَعَ الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ بِجَمِيعِ مَا دَفَعَهُ إِنْ كَانَ قَبْل الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ طَلَّقَ قَبْل الدُّخُول أَوْ مَاتَ، لَا إِنْ مَاتَتْ هِيَ، وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُول مُطْلَقًا. (2)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: هَدِيَّةُ الزَّوْجِ لَيْسَتْ مِنَ الْمَهْرِ نَصًّا، فَمَا أَهْدَاهُ الزَّوْجُ مِنْ هَدِيَّةٍ قَبْل عَقْدٍ إِنْ وَعَدُوهُ بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ وَلَمْ يَفُوا رَجَعَ بِهَا - قَالَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -: لأَِنَّهُ بَذَلَهَا فِي نَظِيرِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، وَإِنِ امْتَنَعَ هُوَ لَا رُجُوعَ لَهُ.</p>وَمَا قَبَضَهُ بَعْضُ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ كَالَّذِي يُسَمُّونَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 1 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الجمل 4 / 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>مَأْكَلَةً بِسَبَبِ نِكَاحٍ، فَحُكْمُهُ كَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ، وَيَكُونُ لَهَا وَلَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ مِنْهُ شَيْئًا إِلَاّ أَنْ تَهَبَهُ لَهُ بِشَرْطِهِ إِلَاّ الأَْبُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ. . وَمَحَل كَوْنِ حُكْمِ الْمَجْعُول مَأْكَلَةً كَمَهْرٍ حَيْثُ قَبَضَهُ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ، أَمَّا قَبْل الْقَبْضِ فَلِلْخَاطِبِ الرُّجُوعُ بِمَا شَرَطَهُ لَهُمْ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يُقْبَضْ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ.</p>وَلَوِ اتَّفَقَ الْخَاطِبُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَأَعْطَى الْخَاطِبُ أَبَاهَا لأَِجْل ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ فَمَاتَتْ قَبْل عَقْدٍ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ - قَالَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - لأَِنَّ عَدَمَ التَّمَامِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْخَاطِبُ لَا رُجُوعَ لِوَرَثَتِهِ.</p>وَتُرَدُّ الْهَدِيَّةُ عَلَى الزَّوْجِ فِي كُل فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ كَفَسْخِ الزَّوْجَةِ الْعَقْدَ لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ أَوْ لِعَيْبٍ فِي الزَّوْجِ، وَنَحْوِهِ قَبْل الدُّخُول لِدَلَالَةِ الْحَال أَنَّهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ، فَإِذَا زَال مَلَكَ الرُّجُوعَ، كَهِبَةِ الثَّوَابِ.</p>قَال صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَاهَا الْخَاطِبُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ الَّذِي يُرَدُّ بِحُصُول الْفُرْقَةِ، أَمَّا مَا كَانَ قَدْ أُهْدِيَ قَبْل الْعَقْدِ فَلَا يُرَدُّ؛ لأَِنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْعَقْدِ. وَتَثْبُتُ الْهَدِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ مَعَ فَسْخٍ لِلنِّكَاحِ مُقَرِّرٍ الصَّدَاقَ أَوْ لِنِصْفِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ؛ لأَِنَّ زَوَال الْعَقْدِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 2 / 214 - 215.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَطَرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَطَرُ بِفَتْحَتَيْنِ فِي اللُّغَةِ، الإِْشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَخَوْفُ التَّلَفِ. وَيُقَال: هَذَا أَمْرٌ خَطَرٌ أَيْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يُوجَدَ، وَأَنْ لَا يُوجَدَ، وَيُطْلَقُ عَلَى السَّبَقِ الَّذِي يُتَرَاهَنُ عَلَيْهِ. وَالْمُخَاطَرَةُ، الْمُرَاهَنَةُ، وَخَاطَرْتُهُ عَلَى مَالٍ رَاهَنْتَهُ عَلَيْهِ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَخَطَرُ الرَّجُل: قَدْرُهُ، وَمَنْزِلَتُهُ، فَيُقَال: رَجُلٌ خَطِيرٌ أَيْ ذُو شَأْنٍ. وَالْخَاطِرُ: هُوَ اسْمٌ لِمَا يَتَحَرَّكُ فِي الْقَلْبِ مِنْ رَأْيٍ أَوْ مَعْنًى، يُقَال: خَطَرَ بِبَالِي كَذَا، أَيْ وَقَعَ فِيهِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْخَطَرُ فِي الاِصْطِلَاحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ تَعْرِيضَ النَّفْسِ لِخَطَرِ الْهَلَاكِ حَرَامٌ؛ لأَِنَّ حِفْظَهَا مِنْ أَهَمِّ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تاج العروس والمصباح، والكليات، التعريفات للجرجاني مادة:" خطر ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 195.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>قَال الْخَازِنُ: كُل شَيْءٍ فِي عَاقِبَتِهِ هَلَاكٌ، فَهُوَ تَهْلُكَةٌ (1) . وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (2)</p>وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَال: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِل فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ الصُّبْحَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاِغْتِسَال، وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فَضَحِكَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُل شَيْئًا (3) .</p>وَيَتَعَلَّقُ بِالْخَطَرِ الرُّخَصُ الشَّرْعِيَّةُ، فَيُبَاحُ بِالْخَطَرِ أَكْل الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَأَكْل سَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَالْخَبَائِثِ اضْطِرَارًا، وَإِسَاغَةُ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ لِدَفْعِ الْخَطَرِ عَنِ النَّفْسِ، وَيَجِبُ قَطْعُ الْعُضْوِ الْمُتَآكِل إِذَا كَانَ فِي تَرْكِهِ خَطَرٌ عَلَى النَّفْسِ (4) (ر: ضَرَرٌ، مَشَقَّةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الخازن 1 / 124.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 29.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عمرو بن العاص:" احتلمت في ليلة باردة ". أخرجه أبو داود (1 / 238 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وقواه ابن حجر في الفتح (1 / 454 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> أسنى المطالب 4 / 191، كشاف القناع 3 / 45، البدائع 7 / 98.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْخَطَرُ الْمُؤَثِّرُ فِي إِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ أَوْ تَخْفِيفِهَا:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ عُمُومًا، وَأَنَّ الْمَشَقَّةَ إِذَا بَلَغَتْ حَدَّ الْخَطَرِ عَلَى النَّفْسِ وَالأَْطْرَافِ وَمَنَافِعُهَا تُوجِبُ التَّرْخِيصَ، وَالتَّخْفِيفَ. وَقَالُوا: إِنَّ حِفْظَ الْمُهَجِ وَالأَْطْرَافِ لإِِقَامَةِ مَصَالِحِ الدِّينِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْفَوَاتِ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِبَادَاتٍ، يَفُوتُ بِهَا أَمْثَالُهَا (1) .</p>فَيَجِبُ التَّيَمُّمُ إِذَا كَانَ فِي اسْتِعْمَال الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالاِغْتِسَال مِنَ الْجَنَابَةِ خَطَرٌ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ، أَوْ حَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ عَدُوٌّ، أَوْ سَبُعٌ؛ لأَِنَّ إِلْقَاءَ النَّفْسِ فِي التَّهْلُكَةِ حَرَامٌ (2) . (ر: تَيَمُّمٌ، مَرَضٌ) .</p>وَيَسْقُطُ وُجُوبُ الْحَجِّ إِذَا كَانَ فِي السَّفَرِ خَطَرٌ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ عِرْضٍ، أَوْ مَالٍ، كَمَا يَحْرُمُ رُكُوبُ الْبَحْرِ لأَِدَاءِ الْحَجِّ إِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ فِيهِ، أَوْ تَسَاوَى الْهَلَاكُ وَالسَّلَامَةُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ (ر: حَجٌّ) وَيَسْقُطُ الصَّوْمُ عَنِ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِل، وَالْمَرِيضِ، إِذَا كَانَ فِي الصَّوْمِ خَطَرٌ عَلَى الْمُرْضِعِ وَالْحَامِل، أَوْ عَلَى الرَّضِيعِ وَالْجَنِينِ، أَوْ خَافَ الْمَرِيضُ الْمَوْتَ، أَوْ زِيَادَةَ الْمَرَضِ (ر: صَوْمٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 118، الأشباه والنظائر ص80 - 81، ط دار الكتب العلمية 1983.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 1 / 76 - 80، بدائع الصنائع 1 / 47، حاشية الدسوقي 1 / 147 - 148.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (1) وَفِي تَعْرِيضِ النَّفْسِ وَالأَْعْضَاءِ لِلْخَطَرِ، حَرَجٌ أَيُّ حَرَجٍ.</p>وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (2)، قَال: إِذَا كَانَ بِالرَّجُل الْجِرَاحَةُ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَالْقُرُوحُ، فَيَخَافُ أَنْ يَمُوتَ إِنِ اغْتَسَل تَيَمَّمَ (3) .</p>وَعَنْ جَابِرٍ قَال: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَل أَصْحَابَهُ فَقَال: هَل تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَل فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَال: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَال. إِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِبَ (4) فَاعْتَبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ قَتْلاً، وَاللَّهُ يَقُول:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (5) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوَاعِدِ دَرْءِ الْخَطَرِ، الْجِهَادُ، فَيَجُوزُ الْمُخَاطَرَةُ بِالنَّفْسِ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ قُرِّرَ مَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحج / 78.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سبل السلام 1 / 153 ط المكتبة التجارية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" قتلوه قتلهم الله ". أخرجه أبو داود (1 / 239 - 240 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والدارقطني (1 / 190 - ط دار المحاسن) ، وأعله الدارقطني.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النساء / 29.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>الْمَشَقَّةِ. وَمَا الْجِهَادُ إِلَاّ بَذْل الْوُسْعِ، وَالطَّاقَةِ بِالْقِتَال أَوِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْقِتَال، لِهَذَا حَرُمَ انْهِزَامُ مِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مِائَتَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ (1) فِي قَوْله تَعَالَى:{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (2) وَجَاءَ فِي الأَْثَرِ عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيل اللَّهِ، فَانْهَزَمَ - يَعْنِي أَصْحَابَهُ - فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ، فَيَقُول اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ (3) . (ر: جِهَادٌ) . وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا دَفْعُ الصَّائِل عَلَى النَّفْسِ أَوِ الْمَال أَوِ الْعِرْضِ (ر: صِيَالٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعَرُّضُ لِلْخَطَرِ بِإِزَالَةِ غُدَّةٍ، أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ قَطْعُ غُدَّةٍ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ، إِذَا كَانَ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ عَلَى النَّفْسِ، وَلَيْسَ فِي بَقَائِهِمَا خَطَرٌ أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَتْ تَشِينُهُ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي إِزَالَتِهَا خَطَرٌ فَلَهُ إِزَالَتُهَا، لإِِزَالَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 98، 176، الأشباه والنظائر للسيوطي ص82، وأسنى المطالب 4 / 191، كشاف القناع 3 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنفال / 65.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأثر:" عجب ربنا من رجل غزا في سبيل الله ". أخرجه أبو داود (3 / 42 - 43 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 112 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>الشَّيْنِ. وَإِنْ تَسَاوَى الْخَطَرَانِ، أَوْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ فَلَهُ قَطْعُهَا</p>وَإِنْ قَطَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ بِلَا إِذْنٍ، فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ مِنْهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَكَذَا السُّلْطَانُ لِتَعَدِّي كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ.</p>وَلِلأَْبِ وَالْجَدِّ قَطْعُ الْغُدَّةِ وَالْعُضْوِ الْمُتَآكِل، مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَعَ الْخَطَرِ فِي الْقَطْعِ إِنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُمَا يَلِيَانِ صَوْنَ مَالِهِمَا عَنِ الضَّيَاعِ فَبَدَنُهُمَا أَوْلَى.</p>فَإِنْ تَسَاوَى الْخَطَرُ وَالسَّلَامَةُ، أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ، ضَمِنَا لِعَدَمِ جَوَازِ الْقَطْعِ (1) .</p>ر:(ضَمَانٌ، وَإِتْلَافٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌عُقُودُ الْمُخَاطَرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> عُقُودُ الْمُخَاطَرَةِ هِيَ مَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، وَحُصُول الرِّبْحِ أَوْ عَدَمِهِ عَنْ طَرِيقِ ظُهُورِ رَقْمٍ مُعَيَّنٍ مَثَلاً، كَالرِّهَانِ وَالْقِمَارِ. وَنَحْوُهُمَا السَّبْقُ لَكِنَّهُ مَشْرُوعٌ بِشُرُوطٍ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 4 / 163، قليوبي 4 / 209، ابن عابدين 5 / 364.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَفَاءٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَفَاءُ فِي اللُّغَةِ مِنْ خَفَيْتُ الشَّيْءَ أُخْفِيهِ إِذَا كَتَمْتَهُ أَوْ أَظْهَرْتَهُ، فَهُوَ مِنَ الأَْضْدَادِ، وَشَيْءٌ خَفِيٌّ: خَافٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى خَفَايَا، وَخَفِيَ عَلَيْهِ الأَْمْرُ يَخْفَى خَفَاءً، وَخَفِيَ الشَّيْءُ يَخْفَى خَفَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ.</p>وَبَعْضُهُمْ يَجْعَل حَرْفَ الصِّلَةِ فَارِقًا فَيَقُول: خَفِيَ عَلَيْهِ: إِذَا اسْتَتَرَ، وَخَفِيَ لَهُ: إِذَا ظَهَرَ (1) .</p>وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهُ بِمَعْنَى الاِسْتِتَارِ وَعَدَمِ الظُّهُورِ، وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ، يَكُونُ فِي الأَْلْفَاظِ الَّتِي يَخْفَى الْمُرَادُ مِنْهَا بِسَبَبٍ فِي الصِّيغَةِ أَوْ خَارِجٍ عَنْهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الاِشْتِبَاهُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِشْتِبَاهُ: الاِلْتِبَاسُ، وَاشْتَبَهَتِ الأُْمُورُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 1 / 81 والجمل 3 / 308، والتلويح والتوضيح 1 / 126، وكشف الأسرار 1 / 52.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>وَتَشَابَهَتْ، الْتَبَسَتْ فَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَلَمْ تَظْهَرْ، وَالْمُتَشَابِهَاتُ مِنَ الأُْمُورِ: الْمُشْكِلَاتُ. وَالْخَفَاءُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الاِشْتِبَاهِ إِمَّا لِتَعَدُّدِ الْمَعَانِي الْمُسْتَعْمَلَةِ لِلَّفْظِ، أَوْ لإِِجْمَال اللَّفْظِ وَاحْتِيَاجِهِ إِلَى الْبَيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْجَهْل وَالْجَهَالَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْجَهْل وَالْجَهَالَةُ: عَدَمُ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ.</p>قَال الْجُرْجَانِيِّ: الْجَهْل هُوَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ.</p>وَخَفَاءُ الشَّيْءِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِمَّا الْجَهْل بِوُجُودِهِ أَصْلاً، كَمَنْ يُنْكِرُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ جَهْلاً مِنْهُ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالإِْسْلَامِ، وَإِمَّا الْجَهْل بِمَكَانِ الشَّيْءِ، كَمَنْ عَلِمَ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً، وَخَفِيَ عَلَيْهِ مَكَانُهَا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَفَاءِ مِنْ أَحْكَامٍ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يُقَسِّمُ الأُْصُولِيُّونَ اللَّفْظَ بِاعْتِبَارِ خَفَاءِ الْمَعْنَى وَمَرَاتِبِ الْخَفَاءِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:</p>الأَْوَّل: الْخَفِيُّ، وَهُوَ مَا اشْتَبَهَ مَعْنَاهُ وَخَفِيَ مُرَادُهُ (أَيِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ) بِعَارِضٍ غَيْرِ الصِّيغَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير والتلويح 1 / 127، وكشف الأسرار 1 / 54.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب والمصباح المنير والتعريفات للجرجاني، والمجموع 5 / 334، والبدائع 1 / 81.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>فَالْخَفَاءُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ، وَلَكِنَّهُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1) فَلَفْظُ السَّارِقِ ظَاهِرٌ فِي كُل سَارِقٍ لَمْ يُعْرَفْ بِاسْمٍ آخَرَ، لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّرَّارِ الَّذِي يَسْرِقُ بِشَقِّ الثَّوْبِ، وَالنَّبَّاشِ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْخَفَاءِ، لاِخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمِ غَيْرِ السَّارِقِ.</p>وَإِزَالَةُ الْخَفَاءِ تَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ، وَبِالتَّأَمُّل يَظْهَرُ أَنَّ الْخَفَاءَ قَدْ يَكُونُ لِزِيَادَةٍ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ كَمَا فِي الطَّرَّارِ، فَإِنَّهُ سَارِقٌ كَامِلٌ يَأْخُذُ مِنْ حُضُورِ الْمَالِكِ، وَيَقِظَتِهِ فَلَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى السَّارِقِ؛ لأَِنَّ السَّارِقَ يَأْخُذُ عَلَى سَبِيل الْخُفْيَةِ، وَلِذَلِكَ يَأْخُذُ الطَّرَّارُ حُكْمَ السَّارِقِ فَيُقْطَعُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ.</p>وَقَدْ يَكُونُ الْخَفَاءُ لِنَقْصٍ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ كَمَا فِي النَّبَّاشِ الَّذِي يَسْرِقُ أَكْفَانَ الْمَوْتَى، فَفِيهِ شُبْهَةُ نُقْصَانِ الْحِرْزِ، وَعَدَمِ الْحَافِظِ لَهُ، وَلِذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ فَيُقْطَعُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ)، وَلَا يُقْطَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.</p><font color=#ff0000>5 -</font> الثَّانِي: الْمُشْكِل: وَهُوَ اسْمٌ لَمَّا يَشْتَبِهُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِدُخُولِهِ فِي إِشْكَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ مِنْهُ إِلَاّ بِدَلِيلٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الأَْشْكَال.</p>وَقَال الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ الدَّبُّوسِيُّ: هُوَ الَّذِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 38.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>أَشْكَل عَلَى السَّامِعِ طَرِيقُ الْوُصُول إِلَى مَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي، لِدِقَّةِ الْمَعْنَى فِي نَفْسِهِ لَا بِعَارِضٍ.</p>فَالْخَفَاءُ فِي الْمُشْكِل إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ ذَاتِ اللَّفْظِ، وَلَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ ابْتِدَاءً إِلَاّ بِدَلِيلٍ مِنَ الْخَارِجِ، كَاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا مُعَيِّنَ لأَِحَدِهِمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (1) فَلَفْظُ {أَنَّى} مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ لاِسْتِعْمَالِهِ كَأَيْنَ وَكَيْفَ، لَكِنْ بَعْدَ التَّأَمُّل وَالطَّلَبِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ (كَيْفَ) دُونَ (أَيْنَ) بِقَرِينَةِ الْحَرْثِ، وَدَلَالَةُ تَحْرِيمِ الْقُرْبَانِ فِي الأَْذَى الْعَارِضِ، وَهُوَ الْحَيْضُ، فَإِنَّهُ فِي الأَْذَى اللَاّزِمِ أَوْلَى.</p><font color=#ff0000>6 -</font> الثَّالِثُ: الْمُجْمَل: وَهُوَ مَا خَفِيَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ خَفَاءً لَا يُدْرَكُ إِلَاّ بِبَيَانِ الْمُجْمَل كَلَفْظِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالرِّبَا. فَالسَّبِيل إِلَى مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ مِنْهُ هُوَ بَيَانُ الشَّارِعِ، كَالصَّلَاةِ مَثَلاً فَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ الْمُرَادَ بِهَا فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي (2) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> الرَّابِعُ: الْمُتَشَابِهُ: وَهُوَ مَا خَفِيَ بِنَفْسِ اللَّفْظِ وَلَا يُرْجَى دَرْكُهُ أَصْلاً، كَالْمُقَطَّعَاتِ فِي أَوَائِل السُّوَرِ وَبَعْضِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 223.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" صلوا كما رأيتموني أصلي ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 111 - ط السلفية) من حديث مالك بن الحويرث) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>هَذَا، وَالْخَفِيُّ هُوَ أَدْنَى مَرَاتِبِ الْخَفَاءِ، وَحُكْمُهُ الطَّلَبُ، أَيِ الْفِكْرُ الْقَلِيل لِنَيْل الْمُرَادِ.</p>وَيَلِيهِ الْمُشْكِل فِي الْخَفَاءِ، وَحُكْمُهُ التَّكَلُّفُ وَالاِجْتِهَادُ فِي الْفِكْرِ.</p>وَيَلِيهِ الْمُجْمَل، وَحُكْمُهُ الاِسْتِفْسَارُ وَطَلَبُ الْبَيَانِ مِنَ الْمُجْمِل.</p>وَيَلِي ذَلِكَ الْمُتَشَابِهُ، وَهُوَ أَشَدُّ خَفَاءً وَحُكْمُهُ التَّوَقُّفُ وَالتَّسْلِيمُ وَالتَّفْوِيضُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. هَذَا حَسَبَ تَفْصِيل الْحَنَفِيَّةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيَجْعَل ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ قَبِيل الْمُجْمَل (1) .</p>وَيُنْظَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الْخَفَاءِ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى عَدَمُ وُقُوعِ التَّنَاقُضِ فِيهَا، لِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الَّتِي يَقَعُ فِيهَا التَّنَاقُضُ، إِلَاّ أَنَّ التَّنَاقُضَ يُغْتَفَرُ فِيمَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَفَاءِ، فَفِي الْمَادَّةِ (1655) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: يُعْفَى التَّنَاقُضُ إِذَا ظَهَرَتْ مَعْذِرَةُ الْمُدَّعِي وَكَانَ مَحَل خَفَاءٍ.</p>وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ حِصَّةً مِنْ دَارٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَذْكُورَ اشْتَرَى بَقِيَّةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار 1 / 52 - 55، والتلويح 1 / 126 - 127، والتقرير والتحبير 1 / 158 - 159.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>الدَّارِ مِنْ وَرَثَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فِي حَال صِغَرِ الْمُصَدِّقِينَ وَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ؛ لأَِنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِي مَحَل الْخَفَاءِ فَيَكُونُ عَفْوًا.</p>وَمِنْ ذَلِكَ دَعْوَى النَّسَبِ، أَوِ الْحُرِّيَّةِ، أَوِ الطَّلَاقِ؛ لأَِنَّ النَّسَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرٍ خَفِيٍّ وَهُوَ الْعُلُوقُ مِنَ الْمُدَّعِي، إِذْ هُوَ مِمَّا يَغْلِبُ خَفَاؤُهُ عَلَى النَّاسِ، فَالتَّنَاقُضُ فِي مِثْلِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالطَّلَاقُ يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ، وَالْحُرِّيَّةُ يَنْفَرِدُ بِهَا الْمَوْلَى.</p>وَمِنْ ذَلِكَ: الْمَدِينُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إِبْرَاءِ الدَّائِنِ لَهُ.</p>وَالْمُخْتَلِعَةُ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَل الْخُلْعِ لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجِ قَبْل الْخُلْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَكَذَا كُل مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَفَاءِ فَإِنَّهُ يُعْفَى فِيهِ عَنِ التَّنَاقُضِ (1) .</p>هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الأَْكْثَرِينَ مِنْ فُقَهَاءِ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الأُْصُول وَالدَّيْنِ فَتُقْبَل الْبَيِّنَةُ فِي الأُْصُول، وَلَا تُقْبَل فِي الدَّيْنِ.</p>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَل لِلْعُذْرِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لَا تُقْبَل لِلْمُنَاقَضَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المادة (1655) من مجلة الأحكام وشرحها للأتاسي 5 / 144، 145، ودرر الحكام 4 / 228، وتنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 29 - 30، 175 والزيلعي وهامشه 4 / 99 - 100، والبدائع 6 / 224.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُمْ بَعْدَ الإِْنْكَارِ. أَمَّا إِنْ قَال: مَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، سُمِعَتْ، لأَِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا ثُمَّ عَلِمَهَا (1) .</p>وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (دَعْوَى) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَفَاءُ النَّجَاسَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> طَهَارَةُ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَإِذَا أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ إِزَالَتُهَا بِغَسْل الْجُزْءِ الَّذِي أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ، وَهَذَا إِذَا عُلِمَ مَكَانُهُ.</p>أَمَّا إِذَا خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ فِي أَيِّ جُزْءٍ هِيَ، فَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّوْبِ وَالْبَدَنِ يَجِبُ غَسْل الثَّوْبِ كُلِّهِ أَوِ الْبَدَنِ كُلِّهِ.</p>وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَهُمْ أَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِلْمَانِعِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَالنَّضْحُ لَا يُزِيل النَّجَاسَةَ.</p>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا غَسَل مَوْضِعًا مِنَ الثَّوْبِ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْبَاقِي، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لأَِنَّ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ، وَهَذَا الْقَوْل (وَهُوَ غَسْل مَوْضِعٍ مِنَ الثَّوْبِ) حَكَاهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحطاب 5 / 223، والفروق للقرافي 4 / 38، والتبصرة بهامش فتح العلي المالك 2 / 55 - 56، ونهاية المحتاج 8 / 250، وقليوبي 4 / 305، وشرح منتهى الإرادات 3 / 493، والمغني 9 / 236 - 237، 269.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>صَاحِبُ الْبَيَانِ وَجْهًا عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَشُكُّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي نَجَاسَتِهِ وَالأَْصْل طَهَارَتُهُ، قَال النَّوَوِيُّ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لأَِنَّهُ تَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ فِي هَذَا الثَّوْبِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهَا (1) .</p>وَقَال عَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: إِذَا خَفِيَتِ النَّجَاسَةُ فِي الثَّوْبِ، نَضَحَهُ كُلَّهُ، وَقَال ابْنُ شُبْرُمَةَ: يَتَحَرَّى مَكَانَ النَّجَاسَةِ فَيَغْسِلُهُ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَعَلَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ فِي الْمَذْيِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَال: يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنْهُ (2) . فَأَمَرَهُ بِالتَّحَرِّي وَالنَّضْحِ (3) .</p><font color=#ff0000>10 -</font> وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَكَانِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ فِي مَكَانٍ صَغِيرٍ كَمُصَلَّى صَغِيرٍ وَبَيْتٍ، وَخَفِيَ مَكَانُهَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ كُلَّهُ، إِذِ الأَْصْل بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا كَالْفَضَاءِ الْوَاسِعِ وَالصَّحْرَاءِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَيُصَلِّي حَيْثُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ناقش ابن قدامة هذا الاستدلال في المغني (2 / 85) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث سهل بن حنيف:" يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء. . " أخرجه الترمذي (1 / 197 - 198 ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 1 / 81، والدسوقي 1 / 78 - 79، والمجموع 3 / 137 تحقيق المطيعي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>شَاءَ؛ لأَِنَّهُ لَوْ مُنِعَ مِنَ الصَّلَاةِ أَفْضَى إِلَى أَنْ لَا يَجِدَ مَوْضِعًا يُصَلِّي فِيهِ، وَلَا يَجِبُ الاِجْتِهَادُ بَل يُسَنُّ كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ، قَالُوا: وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِلَا اجْتِهَادٍ (1) .</p>وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ فِي الأَْرْضِ الَّتِي أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهَا: قَوْلٌ بِالْغَسْل حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ اتِّفَاقًا، وَقَوْلٌ بِالنَّضْحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَكَانِ الضَّيِّقِ وَالأَْرْضِ الْوَاسِعَةِ (2) .</p>وَلَمْ نَطَّلِعْ لِلْحَنَفِيَّةِ عَلَى حُكْمٍ فِي ذَلِكَ إِلَاّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الأَْرْضَ تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنْتُ فَتًى شَابًّا عَزَبًا وَكَانَتِ الْكِلَابُ تَبُول وَتُقْبِل وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (3) .</p>قَال ابْنُ الْهُمَامِ: فَلَوْلَا اعْتِبَارُهَا تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ كَانَ ذَلِكَ تَبْقِيَةً لَهَا بِوَصْفِ النَّجَاسَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ إِذْ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ صِغَرِ الْمَسْجِدِ وَعَدَمِ مَنْ يَتَخَلَّفُ لِلصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ، وَكَوْنِ ذَلِكَ يَكُونُ فِي بِقَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 1 / 189، والمغني 2 / 86، وكشاف القناع 1 / 189.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 1 / 82.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عبد الله بن عمر:" كنت أبيت في المسجد ". أخرجه أبو داود (1 / 265 - 266 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>لَا فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ، حَيْثُ كَانَتْ تُقْبِل وَتُدْبِرُ وَتَبُول (1) .</p>وَلَوْ أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ أَحَدَ الْكُمَّيْنِ فِي الثَّوْبِ وَلَمْ يُعْلَمْ فِي أَيِّ كُمٍّ هِيَ وَجَبَ غَسْلُهُمَا جَمِيعًا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ.</p>وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَتَحَرَّى مِنَ الْكُمَّيْنِ أَحَدُهُمَا فَيَغْسِلُهُ، كَالثَّوْبَيْنِ إِذَا تَنَجَّسَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْلَمْهُ، لَكِنَّ مَحَل الْخِلَافِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِغَسْل الْكُمَّيْنِ وَوُجِدَ مِنَ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُهُمَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يَسَعِ الْوَقْتُ إِلَاّ غَسْل وَاحِدٍ، أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَاءِ إِلَاّ مَا يَغْسِل وَاحِدًا، تَحَرَّى وَاحِدًا يَغْسِلُهُ فَقَطِ اتِّفَاقًا، ثُمَّ يَغْسِل الثَّانِيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ إِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَسَعِ الْوَقْتُ غَسْل وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَسَعِ التَّحَرِّيَ صَلَّى بِدُونِ غَسْلٍ، لأَِنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوَقْتِ أَوْلَى مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ مِنَ الْخَبَثِ.</p>وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَتَحَرَّى لأَِنَّهُمَا عَيْنَانِ مُتَمَيِّزَتَانِ فَهُمَا كَالثَّوْبَيْنِ. قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 1 / 174 - 175، ط دار إحياء التراث العربي والزيلعي 1 / 72.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 1 / 81، والدسوقي 1 / 81 - 82، والمهذب 1 / 32 وكشاف القناع 1 / 45.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>وَمَا مَضَى مِنَ الْحُكْمِ فِي خَفَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ أَوِ الْبَدَنِ، أَوِ الْمَكَانِ، هُوَ مَعَ الْعِلْمِ بِوُجُودِ النَّجَاسَةِ وَخَفَاءِ مَوْضِعِهَا مِنَ الثَّوْبِ، أَوِ الْبَدَنِ، أَوِ الْمَكَانِ، فَإِنْ شَكَّ فِي وُجُودِ النَّجَاسَةِ مَعَ تَيَقُّنِ سَبْقِ الطَّهَارَةِ جَازَتِ الصَّلَاةُ دُونَ غَسْلٍ، لأَِنَّ الشَّكَّ لَا يَرْفَعُ الْيَقِينَ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْبَدَنِ وَنَجَاسَةِ غَيْرِهِ مِنْ ثَوْبٍ، أَوْ حَصِيرٍ مَثَلاً، فَيُوجِبُونَ غَسْل الْبَدَنِ؛ لأَِنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ وَيُوجِبُونَ نَضْحَ الثَّوْبِ وَالْحَصِيرِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَفْسُدُ بِذَلِكَ، وَإِنْ غَسَل فَقَدْ فَعَل الأَْحْوَطَ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَفَاءُ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> مِنَ الْخِيَارَاتِ الْمَعْرُوفَةِ خِيَارُ الْعَيْبِ، أَوْ خِيَارُ النَّقِيصَةِ كَمَا يُسَمِّيهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ خِيَارٌ يُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الرَّدِّ عِنْدَ ظُهُورِ عَيْبٍ مُعْتَبَرٍ فِي الْمَبِيعِ إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الَّتِي حَدَّدَهَا الْفُقَهَاءُ؛ لأَِنَّ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ دَلَالَةً.</p>وَمِنَ الْعُيُوبِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ كَالْعَمَى وَالأُْصْبُعِ الزَّائِدَةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِيٌّ كَوَجَعِ الْكَبِدِ وَالطِّحَال وَالإِْبَاقِ وَالسَّرِقَةِ، وَالْعُيُوبُ الْخَفِيَّةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 81، والدسوقي 1 / 81 - 82، والمهذب 1 / 32 وكشاف القناع 1 / 45.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>كَالظَّاهِرَةِ فِي إِثْبَاتِ حَقِّ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ، كَجَهْل الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ، وَأَلَاّ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدِ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْعَيْبِ وَثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي. إِلَخْ. مَعَ مُرَاعَاةِ تَفْصِيل الْمَذَاهِبِ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ (1) .</p>وَمِمَّا يُعْتَبَرُ مِنَ الْعُيُوبِ الْخَفِيَّةِ الْعَيْبُ الَّذِي يَكُونُ فِي جَوْفِ الْمَأْكُول كَالْبِطِّيخِ، وَالْجَوْزِ، وَالْبَيْضِ وَلَا يُعْرَفُ إِلَاّ بِكَسْرِهِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَوْ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ، فَلَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ، إِلَاّ إِذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَصْلاً رَجَعَ بِكُل الثَّمَنِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِذَا كَانَ لِقِشْرِهِ قِيمَةٌ كَبَيْضِ النَّعَامِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ بِظُهُورِ عَيْبٍ بَاطِنٍ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إِلَاّ بِتَغَيُّرٍ فِي ذَاتِهِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، كَغِشِّ بَطْنِ الْحَيَوَانِ، وَسُوسِ الْخَشَبِ، وَفَسَادِ بَطْنِ الْجَوْزِ، وَالْبُنْدُقِ، وَالتِّينِ، وَمَرَارَةِ الْخِيَارِ، وَبَيَاضِ الْبِطِّيخِ، وَلَا قِيمَةَ لِمَا اشْتَرَاهُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 275 - 276، 278 - 279، وابن عابدين 4 / 73 - 74، 87 - 88، وفتح القدير والكفاية عليه 6 / 4 - 5، 25، 28، والدسوقي 3 / 108، 110، وجواهر الإكليل 2 / 39 - 40 - 41 - 43، وبداية المجتهد 2 / 183، ومغني المحتاج 2 / 50، وما بعدها، والمهذب 1 / 293، والمغني 4 / 169، وشرح منتهى الإرادات 2 / 175.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>وَيُرَدُّ الْبَيْضُ لِظُهُورِ عَيْبِهِ لأَِنَّهُ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ بِدُونِ كَسْرِهِ لأَِنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ قَبْل كَسْرِهِ، فَإِنْ كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ مَكْسُورًا وَرَجَعَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَهَذَا إِذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ بَائِعِهِ، فَإِنْ كَسَرَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَلَا يَرُدُّهُ؛ لأَِنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَمْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا لَا يُرَدُّ كَعَيْبِ وُجُودِ السُّوسِ فِي الْخَشَبِ وَفَسَادِ بَطْنِ الْجَوْزِ: لَا يُرَدُّ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْل الْخِلْقَةِ، وَيُرَدُّ إِنْ كَانَ طَارِئًا.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَا لِقِشْرِهِ قِيمَةٌ كَبَيْضِ النَّعَامِ يُرَدُّ وَلَا أَرْشَ فِي الأَْظْهَرِ، وَالثَّانِي يُرَدُّ وَلَكِنْ يُرَدُّ مَعَهُ الأَْرْشُ، وَالثَّالِثُ لَا يُرَدُّ أَصْلاً كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثَةِ، أَمَّا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَسَرَ الْمُشْتَرِي مَا لَيْسَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ الدَّجَاجِ، رَجَعَ بِثَمَنِهِ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنْ وَجَدَ الْبَعْضُ فَاسِدًا رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ، كَبَيْضِ النَّعَامِ وَجَوْزِ الْهِنْدِ، خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ إِمْسَاكِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ نَقْصِهِ، وَبَيْنَ رَدِّهِ مَعَ أَرْشِ كَسْرِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 2 / 20 - 21، وابن عابدين 4 / 85، وجواهر الإكليل 2 / 41، ومغني المحتاج 2 / 59 - 60 وشرح منتهى الإرادات 2 / 178 - 179 وكشاف القناع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ظُهُورُ دَيْنٍ خَفِيٍّ عَلَى التَّرِكَةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> إِذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ قَضَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ مَضَتِ الْقِسْمَةُ وَلَا تُنْقَضُ، وَإِنِ امْتَنَعُوا مِنَ الأَْدَاءِ يُطْلَبُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ.</p>وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ (1) ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (قِسْمَةٌ، وَدَيْنٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجلة الأحكام المادة 1161 والزيلعي 5 / 275، والدسوقي 3 / 515 والمهذب 1 / 334، 2 / 311، والمغني 9 / 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خِفَارَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخِفَارَةُ فِي اللُّغَةِ مِنْ خَفَرَ الرَّجُل وَخَفَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَخْفِرُ خَفْرًا: أَجَارَهُ وَمَنَعَهُ وَأَمَّنَهُ، وَكَانَ لَهُ خَفِيرًا يَمْنَعُهُ، وَخَفَرْتُ الرَّجُل: أَجَرْتَهُ وَحَفِظْتَهُ، وَخَفَرْتُهُ: إِذَا كُنْتَ لَهُ خَفِيرًا، أَيْ حَامِيًا وَكَفِيلاً، وَالاِسْمُ الْخَفَارَةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْخَفَارَةُ: الذِّمَّةُ وَالْعَهْدُ، وَالأَْمَانُ، وَالْحِرَاسَةُ، وَالإِْخْفَارُ: انْتِهَاكُ الذِّمَّةِ، يُقَال: أَخْفَرْتُ الرَّجُل إِذَا نَقَضْتَ عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلإِْزَالَةِ، أَيْ أَزَلْتُ خَفَارَتَهُ كَأَشْكَيْتُهُ إِذَا أَزَلْتَ شِكَايَتَهُ. وَالْخَفَارَةُ وَالْخُفَارَةُ وَالْخِفَارَةُ أَيْضًا: جُعْل الْخَفِيرِ. وَالْخَفِيرُ: الْحَارِسُ، وَالْخِفَارَةُ حِرْفَةُ الْخَفِيرِ.</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .</p>وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ أَيْضًا لَفْظَ الْبَذْرَقَةِ - بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّال الْمُعْجَمَةِ - قِيل مُعَرَّبَةٌ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير والنهاية لابن الأثير والمعجم الوسيط، والدسوقي 4 / 26، والحطاب 2 / 496، ونهاية المحتاج 8 / 75، وكشاف القناع 2 / 391، والمغني 8 / 397.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>وَقِيل مُوَلَّدَةٌ: وَمَعْنَاهَا الْخَفَارَةُ، أَيْ جُعْل الْخَفِيرِ، وَقَال النَّوَوِيُّ: هِيَ الْخَفِيرُ الَّذِي يَحْفَظُ الْحُجَّاجَ.</p>وَفِي الْمِصْبَاحِ: هِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَتَقَدَّمُ الْقَافِلَةَ لِلْحِرَاسَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الْحِفْظِ وَالْحِرَاسَةِ، قَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً كَحِرَاسَةِ طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ لِلأُْخْرَى الَّتِي تُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ إِذَا أُقِيمَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (2) .</p>وَقَدْ تَكُونُ مُسْتَحَبَّةً، كَالْحِرَاسَةِ وَالْمُرَابَطَةِ فِي الثُّغُورِ.</p>وَقَدْ تَكُونُ جَائِزَةً، كَمَنْ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ لِلْحِرَاسَةِ فِي عَمَلٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ (3) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي:(حِرَاسَةٌ، إِجَارَةٌ، جِهَادٌ، صَلَاةُ الْخَوْفِ) .</p>أَمَّا الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الأَْمَانِ وَالذِّمَّةِ فَالأَْصْل أَنَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والحطاب 2 / 496.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 102.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 1 / 244، والمغني 2 / 401، 8 / 357، والدسوقي 4 / 26، وابن عابدين 5 / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>يَجُوزُ عَقْدُ الأَْمَانِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.</p>وَيَجِبُ إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِمَنْ طَلَبَهُ مِمَّنْ يُرِيدُ التَّعَرُّفَ عَلَى شَرَائِعِ الإِْسْلَامِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِذَلِكَ إِلَى النَّاسِ (1)، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (2) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَمَانٌ، جِهَادٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الْخَفَارَةُ (بِمَعْنَى الْجُعْل، أَوِ الْحِرَاسَةِ)</span></p>يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ الْخَفَارَةَ بِمَعْنَى الْجُعْل، أَوِ الْحِرَاسَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَمِنْهَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ فِي الْحَجِّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُقَرِّرُ الْفُقَهَاءُ أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ مِنْ أَنْوَاعِ الاِسْتِطَاعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ.</p>فَإِذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ عَدُوٌّ، أَوْ لِصٌّ، أَوْ مَكَّاسٌ، أَوْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَطْلُبُ الأَْمْوَال مِنَ الْحُجَّاجِ، أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ آمِنٍ وَاحْتَاجَ الْحُجَّاجُ إِلَى خَفِيرٍ يَحْرُسُهُمْ بِالأَْجْرِ، فَهَل يُعْتَبَرُ ذَلِكَ عُذْرًا يَسْقُطُ بِهِ الْحَجُّ أَمْ لَا؟</p>أَمَّا الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْخِفَارَةِ الَّتِي يَطْلُبُهَا اللُّصُوصُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَهُوَ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ عُذْرًا يَسْقُطُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 396 - 399.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>بِهِ الْحَجُّ، وَذَلِكَ عَلَى الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَوْل ابْنِ حَامِدٍ وَالْمُوَفَّقِ وَالْمَجْدِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يُدْفَعُ يَسِيرًا لَا يُجْحِفُ، وَبِأَنْ يَأْمَنَ بَاذِل الْخَفَارَةِ الْغَدْرَ مِنَ الْمَبْذُول لَهُ بِأَنْ يَعْلَمَ بِحُكْمِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَى الأَْخْذِ ثَانِيًا؛ لأَِنَّ مَا لَا يُجْحِفُ مَعَ الأَْمْنِ بِعَدَمِ الأَْخْذِ ثَانِيًا يُعْتَبَرُ غَرَامَةٌ يَقِفُ إِمْكَانُ الْحَجِّ عَلَى بَذْلِهَا، فَلَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَ الْحَجِّ مَعَ إِمْكَانِ بَذْلِهَا كَثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَفِ الْبَهَائِمِ.</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ مَا يُدْفَعُ يَسِيرًا لأَِنَّهُ رِشْوَةٌ فَلَا يَلْزَمُ بَذْلُهَا فِي الْعِبَادَةِ كَالْكَثِيرِ الَّذِي يُدْفَعُ، وَلأَِنَّ فِي الدَّفْعِ تَحْرِيضًا عَلَى الطَّلَبِ.</p>وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لاِسْتِئْجَارِ خَفِيرٍ لِلْحِرَاسَةِ بِالأَْجْرِ فَعَلَى الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ بِذَلِكَ، لَكِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الأُْجْرَةُ لَا تُجْحِفُ بِالْمَال، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل لَزِمَهُمْ إِخْرَاجُهَا، لأَِنَّهَا مِنْ أُهْبَةِ النُّسُكِ فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُقَابِل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَجِبُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَحْرُسُ؛ لأَِنَّ سَبَبَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ خَوْفُ الطَّرِيقِ وَخُرُوجُهَا عَنِ الاِعْتِدَال، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ شَرْطٌ؛ وَلأَِنَّ لُزُومَ أُجْرَةِ الْخِفَارَةِ خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل وَأُجْرَتِهِ فِي الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَهُوَ قَوْل جَمَاهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ والْخُراسَانِيِّنَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي:(حَجٌّ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَضْمِينُ الْخُفَرَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَدَمَ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ (الْحُرَّاسِ) ؛ لأَِنَّ الْخَفِيرَ أَمِينٌ إِلَاّ أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ (2) .</p>قَال الدَّرْدِيرُ: حَارِسُ الدَّارِ أَوِ الْبُسْتَانِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الثِّيَابِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ إِلَاّ أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا شُرِطَ أَوْ كُتِبَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالأَْسْوَاقِ مِنَ الضَّمَانِ.</p>قَال الدُّسُوقِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ أَصْل الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ وَالْحُرَّاسِ وَالرُّعَاةِ، وَاسْتَحْسَنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 145، وحاشية الطحطاوي على الدر 1 / 484، وجواهر الإكليل 1 / 162، ومنح الجليل 1 / 437 والحطاب 2 / 496، وأسنى المطالب 1 / 448، والمجموع 7 / 56، تحقيق المطيعي والمهذب 1 / 203 والمغني 3 / 219 وكشاف القناع 2 / 392 - 393 ومنتهى الإرادات 2 / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 44 والدسوقي 4 / 26 ونهاية المحتاج 5 / 308 وشرح منتهى الإرادات 2 / 377.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَضْمِينَهُمْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (1) .</p>وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي: (إِجَارَةٌ، حِرَاسَةٌ، ضَمَانٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - الْخَفَارَةُ (بِمَعْنَى الذِّمَّةِ وَالأَْمَانِ وَالْعَهْدِ) :</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> أ - الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ وَالأَْمَانِ قَدْ تَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَكُونُ فِي خَفَارَةِ اللَّهِ، أَيْ أَمَانِهِ وَذِمَّتِهِ مَا دَامَ مُطِيعًا فَإِذَا عَصَى اللَّهَ فَقَدْ غَدَرَ. يَرْوِي الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَل قِبْلَتَنَا وَأَكَل ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تَخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ (2)، وَالْمَعْنَى: لَا تَغْدِرُوا فَمَنْ غَدَرَ تَرَكَ اللَّهُ حِمَايَتَهُ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ أَخَذَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَتْل تَارِكِ الصَّلَاةِ (3) .</p>وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 4 / 26 ومغني المحتاج 2 / 352.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:(من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا. . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 496 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الباري 1 / 496.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>جَهَنَّمَ (1) . قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: الْمُرَادُ نَهْيُهُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ لِمَا يُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ، وَالْمَعْنَى: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْءٍ فَإِنْ تَعَرَّضْتُمْ فَاللَّهُ يُدْرِكُكُمْ، وَقِيل: الْمَعْنَى لَا تَتْرُكُوا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَيُنْتَقَضُ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل وَيَطْلُبُكُمْ بِهِ وَخُصَّ الصُّبْحُ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ (2) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> ب - الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الأَْمَانِ وَالْعَهْدِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (3) .</p>وَقَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (4) .</p>قَال الْفُقَهَاءُ: إِذَا أُعْطِيَ الأَْمَانُ لأَِهْل الْحَرْبِ حَرُمَ قَتْلُهُمْ، وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَالتَّعَرُّضُ لَهُمْ؛ لأَِنَّ إِخْفَارَ الْعَهْدِ حَرَامٌ. وَمَنْ طَلَبَ الأَْمَانَ لِيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ، وَيَعْرِفَ شَرَائِعَ الإِْسْلَامِ وَجَبَ أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من صلى الصبح فهو في ذمة الله. . " أخرجه مسلم (1 / 454 - ط الحلبي) من حديث جندب بن عبد الله.</p><font color=#ff0000>(2)</font> صحيح مسلم بشرح الأبي 2 / 325.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ذمة المسلمين واحدة. . " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 275 - ط السلفية) من حديث علي بن أبي طالب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة التوبة / 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>يُعْطَاهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى مَأْمَنِهِ (1) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (أَمَانٌ، جِهَادٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌‌<span class="title">‌خِفَ</span>اضٌ</span></p> </p>انْظُرْ: خِتَانٌ</p> </p>خُفٌّ</p> </p>انْظُرْ: مَسْحٌ عَلَى الْخُفَّيْنِ</p> </p>‌<span class="title">‌خُفَّاشٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 8 / 396 - 399 والبدائع 7 / 107، ونهاية المحتاج 8 / 75.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خُفْيَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخُفْيَةُ فِي اللُّغَةِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا أَصْلُهَا مِنْ خَفَيْتُ الشَّيْءَ أُخْفِيهِ أَيْ سَتَرْتَهُ أَوْ أَظْهَرْتَهُ فَهُوَ مِنَ الأَْضْدَادِ. وَخَفِيَ الشَّيْءُ يَخْفَى خَفَاءً إِذَا اسْتَتَرَ. وَيُقَال: فَعَلْتُهُ خُفْيَةً إِذَا سَتَرْتَهُ، قَال اللَّيْثُ: الْخُفْيَةُ مِنْ قَوْلِكَ: أَخْفَيْتُ الشَّيْءَ: أَيْ سَتَرْتَهُ، وَلَقِيتُهُ خُفْيًا أَيْ سِرًّا (1)</p>وَفِي التَّنْزِيل:{ادْعُوَا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (2) . وَفِي الاِصْطِلَاحِ تُطْلَقُ عَلَى السَّتْرِ وَالْكِتْمَانِ دُونَ الإِْظْهَارِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الاِخْتِلَاسُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِخْتِلَاسُ: السَّلْبُ بِسُرْعَةٍ عَلَى غَفْلَةٍ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير ولسان العرب مادة:" خفي " وتفسير القرطبي 7 / 9، 223.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 55.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 7 / 223، وحاشية ابن عابدين 3 / 192، 193، والبدائع 7 / 65، والشرح الصغير 4 / 469، وحاشية الجمل 5 / 138، وكشاف القناع 6 / 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>وَلِهَذَا يُقَال: الْفُرْصَةُ خِلْسَةٌ. وَخَلَسْتُ الشَّيْءَ خَلْسًا إِذَا اخْتَطَفْتَهُ بِسُرْعَةٍ عَلَى غَفْلَةٍ. وَاخْتَلَسْتُهُ كَذَلِكَ. فَالْمُخْتَلِسُ يَأْخُذُ الْمَال عِيَانًا وَيَعْتَمِدُ الْهَرَبَ، بِخِلَافِ السَّارِقِ الَّذِي يَأْخُذُهُ خُفْيَةً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الْخُفْيَةُ فِي الدُّعَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الدُّعَاءَ خُفْيَةً أَفْضَل مِنْهُ جَهْرًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ادْعُوَا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (2) . قَال الْقُرْطُبِيُّ: تَضَرُّعًا: أَنْ تُظْهِرُوا التَّذَلُّل، وَخُفْيَةً: أَنْ تُبْطِنُوا مِثْل ذَلِكَ (3) ، فَأَمَرَ اللَّهُ عز وجل عِبَادَهُ بِالدُّعَاءِ، وَقَرَنَ بِالأَْمْرِ صِفَاتٍ يَحْسُنُ مَعَهَا الدُّعَاءُ، مِنْهَا الْخُفْيَةُ وَمَعْنَى خُفْيَةً: سِرًّا فِي النَّفْسِ لِيَبْعُدَ عَنِ الرِّيَاءِ. وَبِذَلِكَ أَثْنَى عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عليه السلام إِذْ قَال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (4) وَنَحْوُهُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي (5) .</p>وَمِنَ الْمَعْلُومِ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ السِّرَّ فِيمَا لَمْ يُفْرَضْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة:" خلس " وحاشية الجمل 5 / 139، والمطلع على أبواب المقنع ص375.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 55.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير القرطبي 7 / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة مريم / 3.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" خير الذكر الخفي، وخير الرزق. . " أخرجه أحمد (1 / 172 - ط الميمنية) من حديث سعد بن أبي وقاص، وأورده الهيثمي في المجمع (10 / 81 - ط القدسي) وقال:" رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة. وقد وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين، وبقية رجالهما رجال الصحيح ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>مِنْ أَعْمَال الْبِرِّ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْجَهْرِ، وَأَنَّ إِخْفَاءَ عِبَادَاتِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنَ الْجَهْرِ بِهَا لِنَفْيِ الرِّيَاءِ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْوَاجِبَاتِ؛ لأَِنَّ الْفَرَائِضَ لَا يَدْخُلُهَا الرِّيَاءُ، وَالنَّوَافِل عُرْضَةٌ لِلرِّيَاءِ (1) .</p>وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ أُمُورًا مِنْهَا: التَّلْبِيَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِهِ أَوْلَى مِنَ الْخُفْيَةِ عَلَى أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِي الْجَهْرِ بِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْخُفْيَةُ فِي السَّرِقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْخْذَ عَلَى سَبِيل الاِسْتِخْفَاءِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ. فَقَدْ عَرَّفُوا السَّرِقَةَ بِأَنَّهَا: أَخْذُ الْعَاقِل الْبَالِغِ نِصَابًا مُحَرَّزًا مِلْكًا لِلْغَيْرِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ (3) .</p>وَمَعَ اخْتِلَافِ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ السَّرِقَةِ وَشُرُوطِهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الأَْخْذُ عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ، وَإِلَاّ لَا يُعْتَبَرُ الأَْخْذُ سَرِقَةً، فَلَا قَطْعَ عَلَى مُنْتَهِبٍ، وَلَا عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القرطبي 3 / 332، و7 / 224.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 175، وجواهر الإكليل 1 / 256، والقليوبي 2 / 114.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 4 / 102، وابن عابدين 3 / 192، والشرح الصغير للدردير 4 / 469، وحاشية الجمل 5 / 139، ومغني المحتاج 4 / 158، وكشاف القناع 6 / 129، والمغني لابن قدامة 8 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>مُخْتَلِسٍ وَلَا عَلَى خَائِنٍ، كَمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ (1) وَالْمُخْتَلِسُ وَالْمُنْتَهِبُ يَأْخُذَانِ الْمَال عِيَانًا وَيَعْتَمِدُ الأَْوَّل الْهَرَبَ، وَالثَّانِي الْقُوَّةَ وَالْغَلَبَةَ، فَيُدْفَعَانِ بِالسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ، بِ‌<span class="title">‌خِلَا</span>فِ السَّارِقِ لأَِخْذِهِ خُفْيَةً فَيُشْرَعُ قَطْعُهُ زَجْرًا (2) .</p>وَفِي تَحَقُّقِ هَذَا الرُّكْنِ مِنْ كَوْنِ الْخُفْيَةِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً مَعًا، أَوِ ابْتِدَاءً فَقَطْ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الأَْرْكَانِ وَالشُّرُوطِ بَيَانٌ وَتَفْصِيلٌ، وَفِي بَعْضِ الْفُرُوعِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(سَرِقَةٌ) .</p> </p>خَلَا</p> </p>انْظُرْ: كَلأٌَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس. . " أخرجه الترمذي (4 / 52 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله. وقال: " حديث حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلَاءٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَلَاءُ لُغَةً مِنْ خَلَا الْمَنْزِل أَوِ الْمَكَانُ مِنْ أَهْلِهِ يَخْلُو خُلُوًّا وَخَلَاءً إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ وَلَا شَيْءَ فِيهِ.</p>وَمَكَانٌ خَلَاءٌ لَا أَحَدَ بِهِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ.</p>وَالْخَلَاءُ بِالْمَدِّ مِثْل الْفَضَاءِ وَالْبِرَازِ مِنَ الأَْرْضِ.</p>وَالْخَلَاءُ بِالْمَدِّ فِي الأَْصْل الْمَكَانُ الْخَالِي ثُمَّ نُقِل إِلَى الْبَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عُرْفًا، وَجَمْعُهُ أَخْلِيَةٌ. وَيُسَمَّى أَيْضًا الْكَنِيفَ وَالْمِرْفَقَ وَالْمِرْحَاضَ. وَالتَّخَلِّي هُوَ قَضَاءُ الْحَاجَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: كَانَ أُنَاسٌ - مِنَ الصَّحَابَةِ - يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، أَيْ يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَنْكَشِفُوا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ تَحْتَ السَّمَاءِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لِلتَّخَلِّي آدَابًا عَدِيدَةً مِنْهَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " خلا " ومغني المحتاج 1 / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>أَنَّ الشَّخْصَ الْمُتَخَلِّيَ يُقَدِّمُ نَدْبًا رِجْلَهُ الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُول الْخَلَاءِ قَائِلاً: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَل الْخَلَاءَ قَال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ (1) . وَتُنْظَرُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْخَلَاءِ تَحْتَ مُصْطَلَحِ: (قَضَاءُ الْحَاجَةِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خِلَافٌ</span></p> </p>انْظُرْ: اخْتِلَافٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌خِلَافَةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: إِمَامَةٌ كُبْرَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 242 - ط السلفية) ومسلم (1 / 283 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك. وانظر: ابن عابدين 1 / 230، جواهر الإكليل 1 / 18 ومغني المحتاج 1 / 39، والمغني لابن قدامة 1 / 167.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلْطٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَلْطُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ خَلَطَ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ يَخْلِطُهُ خَلْطًا إِذَا مَزَجَهُ بِهِ وَخَلَّطَهُ تَخْلِيطًا فَاخْتَلَطَ: امْتَزَجَ.</p>وَالْخَلْطُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَائِعَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ، أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ بَعْدَ الْخَلْطِ، كَالْحَيَوَانَاتِ، وَكُل مَا خَالَطَ الشَّيْءَ، فَهُوَ خَلِطٌ.</p>وَجَاءَ فِي الْكُلِّيَّاتِ: الْخَلْطُ: الْجَمْعُ بَيْنَ أَجْزَاءِ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ: مَائِعَيْنِ، أَوْ جَامِدَيْنِ، أَوْ مُتَخَالِفَيْنِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْخَلْطِ:</span></p>يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْخَلْطِ بِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِ كَمَا سَيَأْتِي.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تاج العروس، الكليات، المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلْطُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> إِنْ خَلَطَ اثْنَانِ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ مَالَيْنِ لَهُمَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ: خَلْطَةَ شُيُوعٍ، أَوْ جِوَارٍ فَيُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْوَاحِدِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(خُلْطَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَلْطُ الْمَالَيْنِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ خَلْطِ الْمَالَيْنِ قَبْل الْعَقْدِ لاِنْعِقَادِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ.</p>فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُل الْخَلْطُ بَيْنَ الْمَالَيْنِ (1) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْعَقْدِ دُونَ الْمَال؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ يُسَمَّى شَرِكَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مَعْنَى هَذَا الاِسْمِ فِيهِ، فَلَمْ يَكُنِ الْخَلْطُ شَرْطًا؛ وَلأَِنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ، فَلَا يُسْتَفَادُ الرِّبْحُ بِرَأْسِ الْمَال وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ بِالتَّصَرُّفِ؛ لأَِنَّهُ فِي النِّصْفِ أَصِيلٌ وَفِي النِّصْفِ وَكِيلٌ، وَإِذَا تَحَقَّقَتِ الشَّرِكَةُ فِي التَّصَرُّفِ بِدُونِ الْخَلْطِ تَحَقَّقَتْ فِي الْمُسْتَفَادِ بِهِ؛ وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ الرِّبْحُ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْخَلْطُ كَالْمُضَارَبَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 24، مواهب الجليل 5 / 125، حاشية الدسوقي 3 / 349 - 350، كشاف القناع 3 / 497.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 24، مواهب الجليل 5 / 125، حاشية الدسوقي 3 / 349 - 350، كشاف القناع 3 / 497.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ خَلْطُ رَأْسِ مَال الشَّرِكَةِ بَعْضِهِ بِبَعْضِهِ قَبْل الْعَقْدِ خَلْطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا، فَلَوْ حَصَل الْخَلْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ عَلَى الأَْصَحِّ، وَيَجِبُ إِعَادَةُ الْعَقْدِ (1) . وَقَالُوا: إِنَّ أَسْمَاءَ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةَ مِنَ الْمَعَانِي يَجِبُ تَحَقُّقُ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ: الاِخْتِلَاطُ وَالاِمْتِزَاجُ.</p>وَهُوَ لَا يَحْصُل إِلَاّ بِالْخَلْطِ قَبْل الْعَقْدِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (شَرِكَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْطُ تَعَدِّيًا:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> إِذَا خَلَطَ الْغَاصِبُ الْمَال الْمَغْصُوبَ بِغَيْرِهِ، أَوِ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ، أَوْ خَلَطَ الأَْمِينُ كَالْمُودَعِ وَالْوَكِيل، وَعَامِل الْقِرَاضِ الْمَال الْمُؤْتَمَنَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ لَزِمَهُ، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ، وَإِلَاّ فَكَالتَّالِفِ، فَيَنْتَقِل الْحَقُّ إِلَى ذِمَّةِ الْغَاصِبِ أَوِ الأَْمِينِ، سَوَاءٌ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ مِنْهُ، أَمْ بِأَرْدَأَ، وَلِلضَّامِنِ أَنْ يَدْفَعَ مِنَ الْمَخْلُوطِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَجْوَدَ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ بَعْضِ مَالِهِ إِلَيْهِ مَعَ رَدِّ الْمِثْل فِي الْبَاقِي، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الاِنْتِقَال إِلَى بَدَلِهِ فِي الْجَمِيعِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 254، الجمل على شرح المنهج 3 / 396، نهاية المحتاج 5 / 7.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 185، حاشية الجمل 3 / 494، كشاف القناع 4 / 94، فتح القدير 5 / 17، روضة الطالبين 6 / 336، البدائع 6 / 213، حاشية الدسوقي 3 / 420.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (وَدِيعَةٌ، وَكَالَةٌ، مُضَارَبَةٌ، غَصْبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَلْطُ الْوَلِيِّ مَال الصَّبِيِّ بِمَالِهِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ خَلْطُ مَال الصَّبِيِّ بِمَالِهِ، وَمُؤَاكَلَتُهُ لِلإِْرْفَاقِ إِذَا كَانَ فِي الْخَلْطِ حَظٌّ لِلصَّبِيِّ، بِأَنْ كَانَتْ كُلْفَةُ الاِجْتِمَاعِ أَقَل مِنْهَا فِي الاِنْفِرَادِ، وَلَهُ الضِّيَافَةُ، وَالإِْطْعَامُ مِنَ الْمَال الْمُشْتَرَكِ، إِنْ فَضَل لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ قَدْرُ حَقِّهِ، وَكَذَا لَهُ خَلْطُ أَطْعِمَةِ أَيْتَامٍ بَعْضِهَا بِبَعْضِهَا وَبِمَالِهِ إِنْ كَانَتْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْجَمِيعِ (1) . لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُل إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأََعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَلْطُ الْمَاءِ بِطَاهِرٍ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ إِذَا خَالَطَ الْمَاءَ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَالطُّحْلُبِ، وَسَائِرِ مَا يَنْبُتُ فِي الْمَاءِ، وَمَا فِي مَقَرِّهِ، وَمَمَرِّهِ، فَغَيَّرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، أَمَّا إِذَا خُلِطَ بِقَصْدٍ فَغَيَّرَهُ فَإِنَّهُ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ (3) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(طَهَارَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 3 / 347، نهاية المحتاج 4 / 385.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 220.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 13، روضة الطالبين 1 / 15.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خُلْطَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخُلْطَةُ (بِضَمِّ الْخَاءِ) لُغَةً مِنَ الْخَلْطِ، وَهُوَ مَزْجُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ. يُقَال: خَلَطَ الْقَمْحَ بِالْقَمْحِ يَخْلِطُهُ خَلْطًا، وَخَلَطَهُ فَاخْتَلَطَ. وَخَلِيطُ الرَّجُل مُخَالِطُهُ. . . وَالْخَلِيطُ، الْجَارُ وَالصَّاحِبُ. وَقِيل: لَا يَكُونُ إِلَاّ فِي الشَّرِكَةِ.</p>وَفِي التَّنْزِيل {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (1) . وَالْخِلْطَةُ الْعِشْرَةُ. وَالْخُلَطَةُ الشَّرِكَةُ (2) .</p>وَالْخُلْطَةُ فِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ نَوْعَانِ:</p>النَّوْعُ الأَْوَّل: خُلْطَةُ الأَْعْيَانِ، هَكَذَا سَمَّاهَا الْحَنَابِلَةُ، وَسَمَّاهَا الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا خُلْطَةَ الاِشْتِرَاكِ وَخُلْطَةَ الشُّيُوعِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَال لِرَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ هُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى الشُّيُوعِ، مِثْل أَنْ يَشْتَرِيَا قَطِيعًا مِنَ الْمَاشِيَةِ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ نَصِيبٌ مُشَاعٌ، أَوْ أَنْ يَرِثَاهُ أَوْ يُوهَبُ لَهُمَا فَيُبْقِيَاهُ بِحَالِهِ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة ص / 24.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>وَالثَّانِي: خُلْطَةُ الأَْوْصَافِ، وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَسْمِيَتُهَا خُلْطَةَ الْجِوَارِ أَيْضًا. وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَال كُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ مَعْرُوفًا لِصَاحِبِهِ بِعَيْنِهِ فَخَلَطَاهُ فِي الْمَرَافِقِ لأَِجْل الرِّفْقِ فِي الْمَرْعَى، أَوِ الْحَظِيرَةِ، أَوِ الشُّرْبِ. بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ فِي الْمَرَافِقِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخُلْطَةُ فِي الأَْمْوَال عَلَى وَجْهٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ مَال كُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ عَنْ صَاحِبِهِ أَمْرٌ مُبَاحٌ فِي الأَْصْل؛ لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ الْمُبَاحِ فِي الْمَال الْخَاصِّ. وَقَدْ يَحْصُل بِهِ أَنْوَاعٌ مِنَ الرِّفْقِ بِأَصْحَابِ الأَْمْوَال كَأَنْ يَكُونَ لأَِهْل الْقَرْيَةِ غَنَمٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ عَدَدٌ قَلِيلٌ مِنْهَا فَيَجْمَعُوهَا عِنْدَ رَاعٍ وَاحِدٍ يَرْعَاهَا بِأَجْرٍ أَوْ تَبَرُّعًا، وَيُؤْوِيهَا إِلَى حَظِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَتُجْمَعُ فِي سَقْيِهَا أَوْ حَلْبِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَذَلِكَ أَيْسَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَقُومَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى غَنَمِهِ وَحْدَهُ، وَكَذَا فِي خُلْطَةِ الْمَزَارِعِ الاِرْتِفَاقُ بِاتِّحَادِ النَّاطُورِ، وَالْمَاءِ، وَالْحِرَاثِ، وَالْعَامِل. وَفِي خُلْطَةِ التُّجَّارِ بِاتِّحَادِ الْمِيزَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (2) .</p>وَأَمَّا خُلْطَةُ الأَْعْيَانِ فَهِيَ الشَّرِكَةُ بِعَيْنِهَا، وَيُرَاجَعُ حُكْمُهَا تَحْتَ مُصْطَلَحِ:(شَرِكَةٌ)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 2 / 607 - ط ثالثة، مكتبة المنار، 1367هـ، وشرح المنهاج للمحلى مع حاشية القليوبي وعميرة 2 / 11 - 13 القاهرة، عيسى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهاج 2 / 13، والمغني 2 / 619.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>وَالأَْصْل فِيهَا أَيْضًا الإِْبَاحَةُ.</p>وَبِمَا أَنَّ الْخُلْطَةَ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا فِي تَقْلِيل الزَّكَاةِ بِشُرُوطِهَا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ إِظْهَارِ صُورَةِ الْخُلْطَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ خُلْطَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ سَعْيًا وَرَاءَ تَقْلِيل الزَّكَاةِ الَّتِي قَدْ وَجَبَتْ فِعْلاً، وَكَذَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ إِظْهَارِ صُورَةِ الاِنْفِرَادِ سَعْيًا وَرَاءَ تَقْلِيل الزَّكَاةِ الَّتِي وَجَبَتْ فِعْلاً فِي الأَْمْوَال الْمُخْتَلِطَةِ، وَذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ (1) . وَيَأْتِي مُطَوَّلاً بَيَانُ مَعْنَى ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْخُلْطَةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p>الأَْوَّل: أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا فِي الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَهَذَا قَوْل الْجُمْهُورِ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهَا لِيَتَحَقَّقَ ذَلِكَ التَّأْثِيرُ. مَعَ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي الأَْمْوَال الَّتِي تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِيهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين. . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 314 - 315 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا يجمع بين متفرق. . " سبق تخريجه ف / 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>قَال الأَْزْهَرِيُّ: جَوَّدَ تَفْسِيرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الأَْمْوَال، وَفَسَّرَهُ عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ. قَال الشَّافِعِيُّ: الَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ " الْخَلِيطَيْنِ ": الشَّرِيكَانِ لَمْ يَقْتَسِمَا الْمَاشِيَةَ، " وَتَرَاجُعُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ": أَنْ يَكُونَا خَلِيطَيْنِ فِي الإِْبِل تَجِبُ فِيهَا الْغَنَمُ، فَتُوجَدُ الإِْبِل فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَتَأْخُذُ مِنْهُ صَدَقَتَهَا فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِالسَّوِيَّةِ. قَال الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ " الْخَلِيطَانِ " الرَّجُلَيْنِ يَتَخَالَطَانِ بِمَاشِيَتِهِمَا، وَإِنْ عَرَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاشِيَتَهُ، قَال: وَلَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يُرِيحَا وَيَسْرَحَا مَعًا، وَتَكُونُ فُحُولَتُهُمَا مُخْتَلِطَةً، فَإِذَا كَانَا هَكَذَا صَدَّقَا صَدَقَةَ الْوَاحِدِ بِكُل حَالٍ.</p>قَال: وَإِنْ تَفَرَّقَا فِي مَرَاحٍ، أَوْ سَقْيٍ، أَوْ فُحُولٍ، صَدَّقَا صَدَقَةَ الاِثْنَيْنِ. ا. هـ.</p>وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ فَهُوَ نَهْيٌ عَنْ أَنْ يَخْلِطَ الرَّجُل إِبِلَهُ بِإِبِل غَيْرِهِ، أَوْ غَنَمَهُ بِغَنَمِهِ، أَوْ بَقَرَهُ بِبَقَرِهِ، لِيَمْنَعَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَيَبْخَسُ الْمُصَدِّقَ (وَهُوَ جَابِي الزَّكَاةِ) ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ، لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَيَكُونَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ شَاةٌ، فَإِذَا أَحَسُّوا بِقُرْبِ وُصُول الْمُصَدِّقِ جَمَعُوهَا لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ.</p>وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ مِثْل أَنْ يَكُونَ نِصَابٌ بَيْنَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>اثْنَيْنِ، فَإِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ أَفْرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِبِلَهُ عَنْ إِبِل صَاحِبِهِ لِئَلَاّ يَكُونَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ (1) .</p>وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {لَا خِلَاطَ وَلَا وِرَاطَ (2)(الْخَدِيعَةَ)" فَالْخِلَاطُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ فَلَوْلَا أَنَّ لِلْخَلْطِ تَأْثِيرًا فِي الزَّكَاةِ مَا نَهَى عَنْهُ (3) .</p>الْقَوْل الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْخُلْطَةَ بِنَوْعَيْهَا لَا تَأْثِيرَ لَهَا، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ نَفْسِهِ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: لَنَا هَذَا الْحَدِيثُ، إِذِ الْمُرَادُ الْجَمْعُ وَالتَّفْرِيقُ فِي الأَْمْلَاكِ لَا فِي الأَْمْكِنَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النِّصَابَ الْمُفَرَّقَ فِي أَمْكِنَةٍ مَعَ وَحْدَةِ الْمَالِكِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ مَلَكَ ثَمَانِينَ شَاةً فَلَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يَجْعَلَهَا نِصَابَيْنِ بِأَنْ يُفَرِّقَهَا فِي مَكَانَيْنِ. قَال: " فَمَعْنَى لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ "، أَنْ لَا يُفَرِّقَ السَّاعِي بَيْنَ الثَّمَانِينَ أَوِ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ فَيَجْعَلَهَا نِصَابَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. وَمَعْنَى " وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ " لَا يَجْمَعُ الأَْرْبَعِينَ الْمُتَفَرِّقَةَ فِي الْمِلْكِ بِأَنْ تَكُونَ مُشْتَرِكَةً لِيَجْعَلَهَا نِصَابًا، وَالْحَال أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والأم للشافعي 2 / 13 القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا خلاط ولا وراط ". ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1 / 215 - ط دائرة المعارف العثمانية) ولم يسنده.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 2 / 608 ط ثالثة، مطبعة المنار 1368هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرِينَ. قَال: " وَتَرَاجُعُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ " أَنْ يَرْجِعَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّةِ مَا أَخَذَ مِنْهُ (1) .</p>وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُل نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ (2) قَال الْكَاسَانِيُّ: نَفَى الْحَدِيثُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي أَقَل مِنْ أَرْبَعِينَ مُطْلَقًا عَنْ حَال الشَّرِكَةِ وَالاِنْفِرَادِ. فَدَل أَنَّ كَمَال النِّصَابِ فِي حَقِّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطُ الْوُجُوبِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَوْجُهُ تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْخُلْطَةُ تُؤَثِّرُ - عِنْدَ مَنْ قَال بِهَا - فِي الْمَالَيْنِ الْمُخْتَلِطَيْنِ مِنْ أَوْجُهٍ:</p>الأَْوَّل: تَكْمِيل النِّصَابِ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، فَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ أَقَل مِنْ نِصَابٍ، وَمَجْمُوعُ مَالِهِمَا نِصَابٌ، تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَفِي كِتَابِ الْفُرُوعِ: لَوْ تَخَالَطَ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لِكُلٍّ مِنْهُمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَعَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ، شَاةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ نِصَابٌ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير لابن الهمام 1 / 496 ط بولاق 1315هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة. . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 318 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 869 القاهرة، نشر زكريا علي يوسف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>الثَّانِي: الْقَدْرُ، فَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً تَخَالَطُوا بِهَا، فَعَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ شَاةٌ. وَهَذَا تَأْثِيرٌ بِالنَّقْصِ. وَقَدْ يَكُونُ التَّأْثِيرُ بِالزِّيَادَةِ، كَخَلِيطَيْنِ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ وَاحِدَةٌ، عَلَيْهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَدْ يَكُونُ التَّأْثِيرُ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلاً عَلَى الآْخَرِ كَخَلِيطَيْنِ لأَِحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ وَلِلآْخَرِ عِشْرُونَ.</p>الثَّالِثُ: السِّنُّ: كَاثْنَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ مِنَ الإِْبِل فَعَلَيْهِمْ جَذَعَةٌ، عَلَى كُل وَاحِدٍ نِصْفُهَا، وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِنْتُ لَبُونٍ، فَحَصَل بِهَا تَغَيُّرٌ فِي السِّنِّ.</p>الرَّابِعُ: الصِّنْفُ، كَاثْنَيْنِ لأَِحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ مِنَ الضَّأْنِ، وَلِلثَّانِي ثَمَانُونَ مِنَ الْمَعْزِ، فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ مِنَ الْمَعْزِ، لأَِنَّ الْمَعْزَ أَكْثَرُ، كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ، فَقَدْ تَغَيَّرَ الصِّنْفُ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِكِ الضَّأْنِ.</p>وَقَدْ لَا تُوجِبُ الْخُلْطَةُ تَغْيِيرًا، كَاثْنَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَشْرُ شِيَاهٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا مَعَ الْخُلْطَةِ أَوْ عَدَمِهَا. أَوِ اثْنَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ، فَعَلَيْهِمَا شَاتَانِ سَوَاءٌ اخْتَلَطَا أَمِ انْفَرَدَا (1) .</p>الْخَامِسُ: أَنَّ الْخُلْطَةَ تُفِيدُ جَوَازَ إِخْرَاجِ الْخَلِيطِ الزَّكَاةَ عَنْ خَلِيطِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 439 والفروع 2 / 383، وحاشية الشبراملسي على النهاية 3 / 59.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>وَالْحَنَابِلَةِ. قَال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: عَقْدُ الْخُلْطَةِ جَعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالآْذِنِ لِخَلِيطِهِ فِي الإِْخْرَاجِ عَنْهُ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: يُجْزِئُ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِلَا إِذْنِ الآْخَرِ.</p>وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: لَا يُجْزِئُ إِلَاّ بِإِذْنٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ الأَْمْوَال الزَّكَوِيَّةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا</p>تَأْثِيرُ الْخُلْطَةِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: السَّائِمَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> قَدِ اتَّفَقَ مَنْ عَدَا الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِيهَا. سَوَاءٌ أَكَانَتْ إِبِلاً مَعَ إِبِلٍ، أَوْ غَنَمًا مَعَ غَنْمٍ، أَوْ بَقَرًا مَعَ بَقَرٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ:</span></p>فَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَ نِصَابٌ مِنْهَا مُشْتَرِكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا خُلْطَةَ جِوَارٍ. وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الآْجُرِّيُّ وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَوَجَّهَهَا الْقَاضِي بِأَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروع 2 / 405 ونهاية المحتاج 3 / 61.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 121 والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 439 ط عيسى الحلبي والمغني 2 / 607 وشرح المنهاج 2 / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>الْمَئُونَةَ تَخِفُّ فَالْمُلَقِّحُ وَاحِدٌ، وَالْحِرَاثُ وَاحِدٌ، وَالْجَرِينُ وَاحِدٌ، وَكَذَا الدُّكَّانُ وَاحِدٌ، وَالْمِيزَانُ وَالْمَخْزَنُ وَالْبَائِعُ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ هُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْخُلْطَةَ فِيهَا لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا، بَل يُزَكِّي مَال كُل شَرِيكٍ أَوْ خَلِيطٍ وَحْدَهُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ قَال: وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا عَلَى الْحَوْضِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْل (1) فَدَل عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ خُلْطَةً مُؤَثِّرَةً، وَدَل عَلَى أَنَّ حَدِيثَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَاشِيَةِ.</p>وَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَقِل بِجَمْعِ الْمَاشِيَةِ تَارَةً وَتَزِيدُ أُخْرَى، وَسَائِرُ الأَْمْوَال غَيْرِ الْمَاشِيَةِ تَجِبُ فِيهَا فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ فَلَا أَثَرَ لِجَمْعِهَا؛ وَلأَِنَّ الْخُلْطَةَ فِي الْمَاشِيَةِ تُؤَثِّرُ لِلْمَالِكِ نَفْعًا تَارَةً وَضَرَرًا تَارَةً أُخْرَى، وَلَوِ اعْتُبِرَتْ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ أَثَّرَتْ ضَرَرًا مَحْضًا بِرَبِّ الْمَال، أَيْ فِي حَال انْفِرَادِ كُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ بِأَقَل مِنَ النِّصَابِ، فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُهَا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الخليطان ما اجتمعا على الحوض. . " أخرجه الدارقطني (2 / 104 - ط دار المحاسن) من حديث سعد بن أبي وقاص، وقال أبو حاتم الرازي في علل الحديث (1 / 219 - ط السلفية) :" هذا حديث باطل ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 2 / 619 والفروع 2 / 398.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: التَّفْرِيقُ بَيْنَ خُلْطَةِ الاِشْتِرَاكِ، فَتُؤَثِّرُ وَبَيْنَ خُلْطَةِ الْجِوَارِ فَلَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا.</p>وَفِي قَوْلٍ رَابِعٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجِوَارِ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ دُونَ النَّقْدِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ.</p>وَقَدْ نَقَل هَذَا الْقَوْل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهَا:</span></p>الَّذِينَ قَالُوا بِتَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاةِ اشْتَرَطُوا لِذَلِكَ شُرُوطًا كَمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الأَْوَّل:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ نِصَابٌ تَامٌّ، وَهَذَا اشْتَرَطَهُ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَسَوَاءٌ خَالَطَ بِنِصَابِهِ التَّامِّ أَوْ بِبَعْضِهِ. فَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ أَوْ أَكْثَرُ مِنَ الْغَنَمِ فَخَالَطَ بِهَا كُلِّهَا مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ أَوْ أَكْثَرُ زُكِّيَ مَا لَهُمَا زَكَاةُ مَالِكٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا خَالَطَ بِعِشْرِينَ وَلَهُ غَيْرُهَا مِمَّا يَتِمُّ بِهِ مَا لَهُ نِصَابًا فَيَضُمُّ مَا لَمْ يُخَالِطْ بِهِ إِلَى مَال الْخُلْطَةِ وَتُزَكَّى غَنَمُهُمَا كُلُّهَا زَكَاةَ مَالِكٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ مَا تَخَالَطَا بِهِ نِصَابًا أَوْ أَكْثَرَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 619، وشرح المنهاج 2 / 13.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 440، والمغني 2 / 607.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ الْمَالَيْنِ لَا يَقِل عَنْ نِصَابٍ، فَإِنْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا أَقَل مِنْ نِصَابٍ فَلَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ مَا لَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا مَالٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِ الْمَال الْمُخْتَلَطِ يَكْمُل بِهِ مَعَ مَالِهِ الْمُخْتَلِطِ نِصَابٌ، كَمَا لَوِ اخْتَلَطَا فِي عِشْرِينَ شَاةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْهَا عَشْرٌ فَلَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ، فَإِنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ أُخْرَى زَكَّيَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ (1) .</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَالْخُلْطَةُ مُؤَثِّرَةٌ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ مَال كُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ نِصَابًا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الثَّانِي:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ مِنْ أَهْل الزَّكَاةِ، مُسْلِمًا، فَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ تَلْزَمِ الزَّكَاةُ الْكَافِرَ وَيُزَكِّي الْمُسْلِمُ زَكَاةَ مُنْفَرِدٍ. فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ خُلَطَاءِ أَحَدُهُمْ كَافِرٌ زَكَّى الآْخَرَانِ مَالَيْهِمَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا فِي كِلَا الْخَلِيطَيْنِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا لأَِنَّ الْعَبْدَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.</p>وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ أَنْ لَا يَكُونَ الْخَلِيطُ غَاصِبًا لِمَا هُوَ مُخَالِطٌ بِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 3 / 59.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروع 2 / 381.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 440، والفروع 2 / 381.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ مَوْقُوفًا أَوْ لِبَيْتِ الْمَال (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الثَّالِثُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> نِيَّةُ الْخُلْطَةِ. وَهَذَا قَدِ اشْتَرَطَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ خِلَافُ الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَقَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ. قَال الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَالْمُرَادُ أَنْ يَنْوِيَ الْخُلْطَةَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ أَوِ الْخُلَطَاءِ، لَا وَاحِدٌ فَقَطْ، بِأَنْ يَنْوِيَا حُصُول الرِّفْقِ بِالاِخْتِلَاطِ لَا الْفِرَارِ مِنَ الزَّكَاةِ. وَوَجَّهَهُ الْمَحَلِّيُّ بِأَنَّ الْخُلْطَةَ تُغَيِّرُ أَمْرَ الزَّكَاةِ بِالتَّكْثِيرِ أَوِ التَّقْلِيل وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْثِّرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ وَرِضَاهُ وَلَا أَنْ يُقَلِّل إِذَا لَمْ يَقْصِدْهُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْفُقَرَاءِ.</p>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْخُلْطَةِ، قَال الْمَحَلِّيُّ: لأَِنَّ الْخُلْطَةَ إِنَّمَا تُؤَثِّرُ مِنْ جِهَةِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَرَافِقِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ النِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْخَلْطَةِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِي حُكْمِهَا. وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخُلْطَةِ الاِرْتِفَاقُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ وُجُودُهَا مَعَهُ كَمَا لَا تَتَغَيَّرُ نِيَّةُ السَّوْمِ فِي الإِْسَامَةِ، وَلَا نِيَّةُ السَّقْيِ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، وَلَا نِيَّةُ مُضِيِّ الْحَوْل فِيمَا الْحَوْل شَرْطٌ فِيهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 3 / 59.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي والشرح الكبير 1 / 440، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 12، والمغني لابن قدامة 2 / 609.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الرَّابِعُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الاِشْتِرَاكُ فِي مَرَافِقَ مُعَيَّنَةٍ، وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالأَْنْعَامِ وَبِغَيْرِهَا. أَوَّلاً: الْخُلْطَةُ فِي الأَْنْعَامِ. وَجُمْلَةُ مَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ تِلْكَ الْمَرَافِقِ.</p><font color=#ff0000>1 -</font> الْمَشْرَعُ، أَيْ مَوْضِعُ الْمَاءِ الَّذِي تَشْرَبُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ حَوْضًا، أَوْ نَهْرًا، أَوْ عَيْنًا، أَوْ بِئْرًا، فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بِمَاءٍ دُونَ الآْخَرِ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> الْمَرَاحُ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تَقِيل فِيهِ أَوْ تَجْتَمِعُ، ثُمَّ تُسَاقُ مِنْهُ لِلْمَبِيتِ أَوْ لِلسُّرُوحِ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الْمَرَاحُ مَأْوَاهَا لَيْلاً.</p><font color=#ff0000>3 -</font> الْمَبِيتُ: وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تَقْضِي فِيهِ اللَّيْل.</p><font color=#ff0000>4 -</font> مَوْضِعُ الْحَلْبِ، وَالآْنِيَةُ الَّتِي يُحْلَبُ فِيهَا، وَالْحَالِبُ.</p><font color=#ff0000>5 -</font> الْمَسْرَحُ: وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَسْرَحُ إِلَيْهِ لِتَجْتَمِعَ وَتُسَاقُ إِلَى الْمَرْعَى.</p><font color=#ff0000>6 -</font> الْمَرْعَى: وَهُوَ مَكَانُ الرَّعْيِ وَهُوَ الْمَسْرَحُ نَفْسُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَغَيْرُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.</p><font color=#ff0000>7 -</font> الرَّاعِي: وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْمَالَيْنِ رَاعٍ لَكِنْ لَوْ تَعَاوَنَ الرَّاعِيَانِ فِي حِفْظِ الْمَالَيْنِ بِإِذْنِ صَاحِبِيهِمَا فَذَلِكَ مِنَ اتِّحَادِ الرَّاعِي أَيْضًا.</p><font color=#ff0000>8 -</font> الْفُحُولَةُ: بِأَنْ تَضْرِبَ فِي الْجَمِيعِ دُونَ تَمْيِيزٍ.</p>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي تَقَدَّمَ نَقْلُهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>الْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا عَلَى الْحَوْضِ وَالْفَحْل وَالرَّاعِي (1) .</p>ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: تَتِمُّ الْخُلْطَةُ بِثَلَاثَةٍ عَلَى الأَْقَل مِنْ خَمْسَةٍ هِيَ الْمَاءُ، وَالْمَرَاحُ، وَالْمَبِيتُ، وَالرَّاعِي، وَالْفَحْل، فَلَوِ انْفَرَدَا فِي اثْنَيْنِ مِنَ الْخَمْسَةِ أَوْ وَاحِدٍ لَمْ يَنْتَفِ حُكْمُ الْخُلْطَةِ.</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الاِشْتِرَاكِ فِي سَبْعَةٍ هِيَ الْمَشْرَعُ، وَالْمَسْرَحُ، وَالْمَرَاحُ، وَمَوْضِعُ الْحَلْبِ، وَالرَّاعِي، وَالْفَحْل، وَالْمَرْعَى. وَزَادَ بَعْضُهُمْ غَيْرَهَا.</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ لَا بُدَّ مِنَ الاِشْتِرَاكِ فِي خَمْسَةٍ: الْمَسْرَحُ وَهُوَ الْمَرْعَى، وَالْمَبِيتُ، وَالْمَشْرَبُ، وَالْمَحْلَبُ، وَالْفَحْل، وَبَعْضُهُمْ أَضَافَ الرَّاعِيَ، وَبَعْضُهُمْ جَعَل الرَّاعِيَ وَالْمَرْعَى شَرْطًا وَاحِدًا. وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ خَلْطَ اللَّبَنِ (2) .</p>وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ كُل مَنْفَعَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِعِ يَحْصُل الاِشْتِرَاكُ فِيهَا إِذَا لَمْ يَخْتَصَّ بِهَا أَحَدُ الْمَالَيْنِ دُونَ الآْخَرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمَا أَمْ لأَِحَدِهِمَا وَأُذِنَ لِلآْخَرِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَأَعَارَهُ لَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً لِلنَّاسِ كَمَا فِي الْمَبِيتِ وَالْمَرَاحِ وَالْمَشْرَبِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الخليطان ما اجتمعا. . " تقدم تخريجه ف / 5.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 440 والفروع لابن مفلح 2 / 382، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 11، 12 والمغني 2 / 608.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>10 -</font> ثَانِيًا: الْخُلْطَةُ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، فَالَّذِينَ قَالُوا مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الْخُلْطَةَ تُؤَثِّرُ فِيهَا حَتَّى تُؤْخَذَ مِنَ النِّصَابِ وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لأَِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، قَالُوا: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ (النَّاطُورُ) وَهُوَ حَافِظُ النَّخْل وَالشَّجَرِ (وَالْجَرِينُ) وَهُوَ مَوْضِعُ جَمْعِ الثَّمَرِ وَتَجْفِيفِهِ، قَال الرَّمْلِيُّ: وَزَادَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتِّحَادَ الْمَاءِ، وَالْحِرَاثِ، وَالْعَامِل، وَجُذَاذِ النَّخْل، وَالْمُلَقِّحِ، وَاللَّقَّاطِ، وَمَا يُسْقَى لَهُمَا بِهِ.</p>وَفِي خُلْطَةِ التَّاجِرَيْنِ اشْتَرَطُوا اتِّحَادَ الدُّكَّانِ وَالْحَارِسِ وَمَكَانِ الْحِفْظِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ كَانَ مَال كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزًا، كَأَنْ تَكُونَ دَرَاهِمُ أَحَدِهِمَا فِي كِيسٍ وَدَرَاهِمُ الآْخَرِ فِي كِيسٍ إِلَاّ أَنَّ الصُّنْدُوقَ وَاحِدٌ. وَفِيمَا زَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتِّحَادُ الْحَمَّال، وَالْكَيَّال، وَالْوَزَّانِ، وَالْمِيزَانِ (1) .</p>وَفِيمَا عَلَّل بِهِ الذَّاهِبُونَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالْعُرُوضِ إِيمَاءً إِلَى اشْتِرَاطِ مِثْل مَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُغْنِي: خَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ أَنَّ الْخُلْطَةَ تُؤَثِّرُ لأَِنَّ الْمَئُونَةَ تَخِفُّ إِذَا كَانَ الْمُلَقِّحُ وَاحِدًا، وَالصَّعَّادُ وَالنَّاطُورُ وَالْجَرِينُ. وَكَذَلِكَ أَمْوَال التِّجَارَةِ، فَالدُّكَّانُ وَالْمَخْزَنُ وَالْمِيزَانُ وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ (2) . وَعَبَّرَ فِي الْفُرُوعِ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِاتِّحَادِ الْمُؤَنِ وَمَرَافِقِ الْمِلْكِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهاج 2 / 13.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 2 / 619.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروع لابن مفلح 2 / 398، بيروت، نشر عالم الكتب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الشَّرْطُ الْخَامِسُ: </span>الْحَوْل فِي الأَْمْوَال الْحَوْلِيَّةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ. وَالْحَنَابِلَةِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُعْتَبَرُ اخْتِلَاطُهُمْ فِي جَمِيعِ الْحَوْل، فَإِنْ ثَبَتَ لَهُمْ حُكْمُ الاِنْفِرَادِ فِي بَعْضِهِ زَكَّوْا زَكَاةَ مُنْفَرِدِينَ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً فِي غُرَّةِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ خَلَطَا فِي غُرَّةِ صَفَرٍ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَيَثْبُتُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.</p>وَالْمَذْهَبُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَمَامِ الْحَوْل عَلَى الاِخْتِلَاطِ. وَعَلَيْهِ يَكُونُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ كَامِلَةٌ فِي نِهَايَةِ السَّنَةِ الأُْولَى عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْمِثَال السَّابِقِ. وَفِي الْقَدِيمِ نِصْفُ شَاةٍ (1) .</p>وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ الاِخْتِلَاطُ آخِرَ حَوْل الْمِلْكِ وَقَبْلَهُ بِنَحْوِ شَهْرٍ، وَلَوْ كَانَا قَبْل ذَلِكَ مُنْفَرِدَيْنِ، فَيَكْفِي اخْتِلَاطُهُمَا فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ مَا لَمْ يَقْرُبْ آخِرُ السَّنَةِ جِدًّا (2) .</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَال حَوْلِيًّا، كَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ مَنْ قَال بِتَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِيهَا، قَال الرَّمْلِيُّ: الْمُعْتَبَرُ بَقَاءُ الْخُلْطَةِ إِلَى زُهُوِّ الثِّمَارِ، وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ فِي النَّبَاتِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهاج 2 / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 440.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 3 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْمَال الْمُخْتَلَطِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الْخُلَطَاءُ سَوَاءٌ أَكَانُوا فِي خُلْطَةِ اشْتِرَاكٍ أَمْ فِي خُلْطَةِ جِوَارٍ، يُعَامَل مَالُهُمُ الَّذِي تَخَالَطُوا فِيهِ مُعَامَلَةَ مَال رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّاعِيَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْفَرْضَ مِنْ مَال أَيِّ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ، سَوَاءٌ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْفَرِيضَةُ عَيْنًا وَاحِدَةً لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا مِنَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، أَوْ كَانَ لَا يَجِدُ فَرْضَهُمَا جَمِيعًا إِلَاّ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ، مِثْل أَنْ يَكُونَ مَال أَحَدِهِمَا صِغَارًا، وَمَال الآْخَرِ كِبَارًا، أَوْ يَكُونُ مَال أَحَدِهِمَا مِرَاضًا، وَمَال الآْخَرِ صِحَاحًا، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ صَحِيحَةً كَبِيرَةً، أَوْ لَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ. قَال أَحْمَدُ: إِنَّمَا يَجِيءُ الْمُصَدِّقُ (أَيِ الْجَابِي) فَيَجِدُ الْمَاشِيَةَ فَيَصْدُقُهَا، لَيْسَ يَجِيءُ فَيَقُول: أَيُّ شَيْءٍ لَكَ؟ وَإِنَّمَا يَصْدُقُ مَا يَجِدُهُ. وَقَال الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ لأَِحْمَدَ: أَنَا رَأَيْتُ مِسْكِينًا كَانَ لَهُ فِي غَنَمٍ شَاتَانِ، فَجَاءَ الْمُصَدِّقُ فَأَخَذَ إِحْدَاهُمَا. وَلأَِنَّ الْمَالَيْنِ قَدْ صَارَا كَالْمَال الْوَاحِدِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَكَذَلِكَ فِي إِخْرَاجِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّرَادُّ فِيمَا يَأْخُذُهُ السَّاعِي مِنْ زَكَاةِ الْمَال الْمُخْتَلِطِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> إِنْ كَانَتِ الْخُلْطَةُ خُلْطَةَ اشْتِرَاكٍ، وَالْمَال مُشَاعٌ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ، فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ السَّاعِي هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 615.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>مِنَ الْمُشَاعِ بَيْنَ الْخُلَطَاءِ، فَلَا إِشْكَال؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمْ فِي أَصْل الْمَال.</p>وَإِنْ كَانَتْ خُلْطَةَ جِوَارٍ، فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِحَقٍّ أَوْ بِبَاطِلٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الأُْولَى:</span></p>أَنْ يَأْخُذَ بِحَقٍّ، وَحِينَئِذٍ فَمَا أَخَذَهُ يَتَرَاجَعَانِ فِي قِيمَتِهِ بِالنِّسْبَةِ الْعَدَدِيَّةِ لِكُلٍّ مِنْ مَالَيْهِمَا. فَلَوْ خَلَطَا عِشْرِينَ مِنَ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ، فَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ، لَا بِنِصْفِ شَاةٍ؛ لأَِنَّ الشَّاةَ غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ.</p>وَلَوْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلآْخَرِ خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْمِائَةِ، رَجَعَ بِثُلُثِ قِيمَتِهِمَا، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ عَلَى الآْخَرِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا، أَوْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةً، رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِهِ، وَصَاحِبُ الْخَمْسِينَ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَتَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ، فَالْقَوْل قَوْل الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ إِذَا احْتَمَل قَوْلُهُ الصِّدْقَ لأَِنَّهُ غَارِمٌ (1) .</p>وَالْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ الْمَرْجُوعِ بِهِ يَوْمَ الأَْخْذِ فِي قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لأَِنَّهُ بِمَعْنَى الاِسْتِهْلَاكِ، وَقَال أَشْهَبُ: يَوْمَ التَّرَاجُعِ؛ لأَِنَّهُ بِمَعْنَى السَّلَفِ، وَالْمُتَسَلِّفُ إِذَا عَجَزَ عَنْ رَدِّ مَا تَسَلَّفَهُ وَأَرَادَ رَدَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 12، والفروع 2 / 399، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 440.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>قِيمَتِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:</span></p>أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ؛ لأَِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَأَوِّلاً تَأْوِيلاً سَائِغًا أَوْ لَا.</p>فَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلاً تَأْوِيلاً سَائِغًا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ رَأَى جَوَازَ ذَلِكَ شَرْعًا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَخَذَ بِحَقٍّ. وَمِثَال ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنْ يَأْخُذَ شَاةً مِنْ خَلِيطَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرُونَ شَاةً، فَيَتَرَاجَعَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَالأَْصْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الأَْخْذَ بِغَيْرِ حَقٍّ، لأَِنَّ الْخُلْطَةَ لَا تُؤَثِّرُ تَكْمِيل النِّصَابِ كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَمِثَالُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا لَوْ أَخَذَ شَاتَيْنِ مِنْ خَلِيطَيْنِ لأَِحَدِهِمَا مِائَةٌ، وَلِلآْخَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَعَلَى الأَْوَّل أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الشَّاتَيْنِ، وَعَلَى الآْخَرِ خُمْسُهُمَا، لأَِنَّ أَخْذَ السَّاعِي يُنَزَّل مَنْزِلَةَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، لأَِنَّهُ نَائِبُ الإِْمَامِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ.</p>وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ، أَوْ كَانَ مُتَأَوِّلاً وَلَا وَجْهَ لِتَأَوُّلِهِ، فَلَا تُرَاجَعُ، وَهِيَ مُصِيبَةٌ حَلَّتْ بِمَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ، إِذِ الْمَظْلُومُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَظْلِمَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ.</p>مِثَال ذَلِكَ، أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ ثَلَاثُونَ شَاةً، فَيَأْخُذَ السَّاعِي مِنْ مَال أَحَدِهِمَا شَاتَيْنِ، فَيَرْجِعَ عَلَى الآْخَرِ بِنِصْفِ إِحْدَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 1 / 441.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>الشَّاتَيْنِ لَا غَيْرُ، أَمَّا الأُْخْرَى فَقَدْ ذَهَبَتْ مِنْ مَال مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ؛ لأَِنَّهَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ السَّاعِي أَخَذَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا، فَتَكُونُ غَصْبًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ يَرَى أَنَّ أَخْذَهَا حَقٌّ شَرْعًا، فَيَكُونُ أَخْذُهَا جَهْلاً مَحْضًا لَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يُنَزَّل مَنْزِلَةَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، إِذْ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الإِْجْمَاعِ يُنْقَضُ (1) .</p>وَكَذَا إِنْ أَخَذَ السَّاعِي سِنًّا أَكْبَرَ مِنَ الْوَاجِبِ يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنَ السِّنِّ الْوَاجِبَةِ، كَمَا لَوْ أَخَذَ جَذَعَةً عَنْ ثَلَاثِينَ مِنَ الإِْبِل بَيْنَ اثْنَيْنِ، يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ لأَِنَّ الزِّيَادَةَ ظُلْمٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 441، 442، والمغني 2 / 615، والفروع 2 / 402.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروع 2 / 399.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلْعٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَلْعُ (بِالْفَتْحِ) لُغَةً هُوَ النَّزْعُ وَالتَّجْرِيدُ، وَالْخُلْعُ (بِالضَّمِّ) اسْمٌ مِنَ الْخَلْعِ (1) .</p>وَأَمَّا الْخُلْعُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ عَرَّفُوهُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ تَبَعًا لاِخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ فِي كَوْنِهِ طَلَاقًا أَوْ فَسْخًا، فَالْحَنَفِيَّةُ يُعَرِّفُونَهُ بِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ: أَخْذِ مَالٍ مِنَ الْمَرْأَةِ بِإِزَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ (2) .</p>وَتَعْرِيفُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي الْجُمْلَةِ هُوَ: فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ لِجِهَةِ الزَّوْجِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الصحاح، القاموس، اللسان، المصباح مادة:" خلع ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 3 / 156، ط المعرفة، فتح القدير مع العناية 3 / 199، ط بولاق، حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2 / 556 - 557، ط الأميرية، تبيين الحقائق 2 / 267 - ط الأميرية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 330 - ط المعرفة، حاشية الدسوقي 2 / 347 - ط الفكر، الزرقاني 4 / 64، ط الفكر، حاشية البناني على الزرقاني 4 / 63 - ط الفكر، أسهل المدارك 2 / 157 - ط الثانية، حاشية القليوبي 3 / 307 - ط الحلبي، روضة الطالبين 7 / 374 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 212 - ط النصر، الإنصاف 8 / 382 - ط التراث.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الصُّلْحُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الصُّلْحُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ مِنَ الْمُصَالَحَةِ وَهِيَ التَّوْفِيقُ وَالْمُسَالَمَةُ بَعْدَ الْمُنَازَعَةِ، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ، وَالصُّلْحُ مِنَ الأَْلْفَاظِ الَّتِي يَئُول إِلَيْهَا مَعْنَى الْخُلْعِ الَّذِي هُوَ بَذْل الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ عَلَى طَلَاقِهَا، وَالْخُلْعُ يُطْلَقُ غَالِبًا عَلَى حَالَةِ بَذْلِهَا لَهُ جَمِيعَ مَا أَعْطَاهَا، وَالصُّلْحُ عَلَى حَالَةِ بَذْلِهَا بَعْضَهُ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الطَّلَاقُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الطَّلَاقُ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُلْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ، كَالسَّلَامِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ وَتَرْكِيبُ هَذَا اللَّفْظِ يَدُل عَلَى الْحِل وَالاِنْحِلَال، وَمِنْهُ إِطْلَاقُ الأَْسِيرِ إِذَا حَل إِسَارُهُ وَخُلِّيَ عَنْهُ.</p>وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَمَعْنَاهُ: رَفْعُ قَيْدِ النِّكَاحِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَأَمَّا صِلَتُهُ بِالْخُلْعِ، سِوَى مَا ذُكِرَ فَهِيَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْخُلْعِ هَل هُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ، أَوْ رَجْعِيٌّ، أَوْ فَسْخٌ، عَلَى أَقْوَالٍ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة:" صلح "، التعريفات للجرجاني / 176 - ط العربي، بداية المجتهد 2 / 57 - ط التجارية الكبرى.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغرب / 292 - ط العربي، والصحاح والمصباح مادة:" طلق "، البناية في شرح الهداية 4 / 368 - ط الفكر، التعريفات للجرجاني / 183 - ط العربي، حاشية القليوبي 3 / 323 - ط الحلبي، كشاف القناع 5 / 232 - ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ هُوَ فِي أَحْكَامِهِ كَالْخُلْعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاقٌ بِعِوَضٍ فَيُعْتَبَرُ فِي أَحَدِهِمَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الآْخَرِ إِلَاّ أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:</p>أَحَدُهَا: يَسْقُطُ بِالْخُلْعِ فِي رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ كُل الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لأَِحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الآْخَرِ بِسَبَبِ الزَّوَاجِ، كَالْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ الْمُتَجَمِّدَةِ أَثْنَاءَ الزَّوَاجِ، لَكِنْ لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ لأَِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً قَبْل الْخُلْعِ فَلَا يُتَصَوَّرُ إِسْقَاطُهَا بِهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَيْنِ، وَيَجِبُ بِهِ الْمَال الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فَقَطْ.</p>الثَّانِي: إِذَا بَطَل الْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ مِثْل أَنْ يُخَالِعَ الْمُسْلِمُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ، وَالْفُرْقَةُ بَائِنَةٌ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْعِوَضَ إِذَا بَطَل فِيهِ وَقَعَ رَجْعِيًّا فِي غَيْرِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ كِنَايَةٌ، أَمَّا الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ فَهُوَ صَرِيحٌ، وَالْبَيْنُونَةُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِتَسْمِيَةِ الْعِوَضِ إِذَا صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ، فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الْتَحَقَتْ بِالْعَدَمِ فَبَقِيَ صَرِيحُ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ رَجْعِيًّا.</p>الثَّالِثُ: الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ، طَلَاقٌ بَائِنٌ، يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلْقَاتِ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَالْفُقَهَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِهِ طَلَاقًا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>الطَّلْقَاتِ، أَوْ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُهَا (1) كَمَا سَيَأْتِي.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْفِدْيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْفِدْيَةُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْمَال الَّذِي يُدْفَعُ لاِسْتِنْقَاذِ الأَْسِيرِ، وَجَمْعُهَا فِدًى وَفِدْيَاتٍ، وَفَادِيَتُهُ مُفَادَاةً، وَفِدَاءً أَطْلَقْتَهُ وَأَخَذْتَ فِدْيَتَهُ. وَفَدَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا تَفْدِي، وَافْتَدَتْ أَعْطَتْهُ مَالاً حَتَّى تَخَلَّصَتْ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ، وَالْفُقَهَاءُ لَا يَخْرُجُونَ فِي تَعْرِيفِهِمْ لِلْفِدْيَةِ عَمَّا وَرَدَ فِي اللُّغَةِ. وَالْفِدْيَةُ وَالْخُلْعُ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ بَذْل الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ عَلَى طَلَاقِهَا، وَلَفْظُ الْمُفَادَاةِ مِنَ الأَْلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ فِي الْخُلْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ (2) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْفَسْخُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْفَسْخُ مَصْدَرُ فَسَخَ وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ الإِْزَالَةُ، وَالرَّفْعُ، وَالنَّقْضُ، وَالتَّفْرِيقُ.</p>وَأَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ وَابْنُ نُجَيْمٍ أَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ حَل ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ، وَذَكَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 152 ط الجمالية، تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، الاختيار 3 / 157 - ط المعرفة، فتح القدير 3 / 205 - ط الأميرية، حاشية ابن عابدين 2 / 561 - ط المصرية ببولاق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح مادة:" فدى "، بداية المجتهد 2 / 57 - ط التجارية الكبرى، ومغني المحتاج 3 / 268 - ط التراث، المغني 7 / 57 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْفَسْخَ قَلْبُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ إِلَى صَاحِبِهِ، وَالاِنْفِسَاخُ انْقِلَابُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ إِلَى دَافِعِهِ، وَصِلَةُ الْفَسْخِ بِالْخُلْعِ هِيَ أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ عَلَى قَوْلٍ (1) . وَالْفَسْخُ مِنَ الأَْلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ فِي الْخُلْعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ</p> </p>. هـ -‌<span class="title">‌ الْمُبَارَأَةُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الْمُبَارَأَةُ صِيغَةُ مُفَاعَلَةٍ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي الْبَرَاءَةِ، وَهِيَ فِي الاِصْطِلَاحِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْخُلْعِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهُوَ بَذْل الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ عَلَى طَلَاقِهَا لَكِنَّهَا تَخْتَصُّ بِإِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ عَنِ الزَّوْجِ حَقًّا لَهَا عَلَيْهِ (2) . وَهِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَالْخُلْعِ كِلَاهُمَا يُسْقِطَانِ كُل حَقٍّ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الآْخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلَةِ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ يُنْبِئُ عَنِ الْفَصْل، وَمِنْهُ خَلْعُ النَّعْل وَخَلْعُ الْعَمَل وَهُوَ مُطْلَقٌ كَالْمُبَارَأَةِ فَيُعْمَل بِإِطْلَاقِهِمَا فِي النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ وَحُقُوقِهِ. وَقَال مُحَمَّدٌ: لَا يَسْقُطُ بِهِمَا إِلَاّ مَا سَمَّيَاهُ لأَِنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ، وَفِي الْمُعَاوَضَاتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة:" فسخ "، الأشباه والنظائر للسيوطي / 287 - ط العلمية، الأشباه والنظائر لابن نجيم / 338 - ط الهلال، المنثور 3 / 42 - ط الأولى، الفروق للقرافي 3 / 269 - المغني 7 / 57 - ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> طلبة الطلبة / 126، ط القلم، والموسوعة الفقهية 1 / 143 - ط الموسوعة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>يُعْتَبَرُ الْمَشْرُوطُ لَا غَيْرُهُ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَدْ وَافَقَ مُحَمَّدًا فِي الْخُلْعِ وَخَالَفَهُ فِي الْمُبَارَأَةِ، وَخَالَفَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْخُلْعِ، وَوَافَقَهُ فِي الْمُبَارَأَةِ؛ لأَِنَّ الْمُبَارَأَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ فَتَقْتَضِيهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَأَنَّهُ مُطْلَقٌ قَيَّدْنَاهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ لِدَلَالَةِ الْغَرَضِ، أَمَّا الْخُلْعُ فَمُقْتَضَاهُ الاِنْخِلَاعُ، وَقَدْ حَصَل فِي نَقْضِ النِّكَاحِ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى انْقِطَاعِ الأَْحْكَامِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَقِيقَةُ الْخُلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْخُلْعَ إِذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي وُقُوعِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ صَرِيحَ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَتَهُ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفْتَى بِهِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَشْهَرِ مَا يُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ فَسْخٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير مع العناية 3 / 215 - 216 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 2 / 272 - ط بولاق، الاختيار 3 / 160 - ط المعرفة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لمبسوط 6 / 171 - ط السعادة، البناية 4 / 658 - ط الفكر، تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، بداية المجتهد 3 / 59 - ط التجارية، مواهب الجليل 4 / 19 - ط النجاح، الخرشي 4 / 12، ط بولاق، شرح الرسالة مع حاشية العدوي 2 / 103 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 375 - ط المكتب الإسلامي، الكافي 3 / 145 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 216 - ط النصر، المغني 7 / 56 - ط الرياض، الإنصاف 8 / 392 - 393 - ط التراث.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>هَذَا وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ (1) ، لأَِنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ الْبَدَل عَلَيْهَا فَتَصِيرُ هِيَ بِمُقَابَلَتِهِ أَمْلَكَ لِنَفْسِهَا؛ وَلأَِنَّ غَرَضَهَا مِنَ الْتِزَامِ الْبَدَل أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنَ الزَّوْجِ وَلَا يَحْصُل ذَلِكَ إِلَاّ بِوُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ. إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ ذَكَرُوا أَنَّ الزَّوْجَ إِنْ نَوَى بِالْخُلْعِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ غَيْرِ زُفَرَ، وَعِنْدَهُ ثِنْتَانِ، كَمَا فِي لَفْظِ الْحُرْمَةِ وَالْبَيْنُونَةِ وَبِهِ قَال مَالِكٌ (2) .</p>وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْخُلْعِ لَا قَبْلَهُ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْخُلْعِ طَلَاقًا أَوْ فَسْخًا، أَنَّ اقْتِرَانَ الْعِوَضِ فِيهِ هَل يُخْرِجُهُ مِنْ نَوْعِ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ إِلَى نَوْعِ فُرْقَةِ الْفَسْخِ، أَوْ لَا يُخْرِجُهُ (3) .</p>احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ذكر ابن حزم في المحلى أنه طلاق رجعي إلا أن يطلقها ثلاثًا أو آخر ثلاث أو تكون غير موطوءة فإن راجعها في العدة جاز ذلك أحبت أم كرهت ويرد ما أخذ منها إليها المحلى 10 / 235، سنة 1978 - ط المنيرية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 6 / 172 - ط السعادة، تفسير القرطبي 3 / 143 - ط الثانية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، بداية المجتهد 2 / 60 - ط التجارية الكبرى.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ثُمَّ قَال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ثُمَّ قَال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِل لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (1) ، فَذَكَرَ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَالْخُلْعَ، وَتَطْلِيقَةً بَعْدَهَا، فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَكَانَ أَرْبَعًا؛ وَلأَِنَّهَا فُرْقَةٌ خَلَتْ عَنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ فَكَانَتْ فَسْخًا كَسَائِرِ الْفُسُوخِ.</p>وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ (2) .</p>وَبِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ (3) .</p>وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْخُلْعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 229 - 230.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس:" أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها ". أخرجه أبو داود (2 / 669 - 670 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (3 / 482 - ط الحلبي) . وقال: " حديث حسن ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث الربيع بنت معوذ أنها اختلعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الترمذي (3 / 482 - ط الحلبي) . وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>لَوْ كَانَ طَلَاقًا لَمْ يَقْتَصِرْ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَْمْرِ بِحَيْضَةٍ (1) .</p>وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ بِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَمْلِكُهُ إِلَاّ الزَّوْجُ فَكَانَ طَلَاقًا، وَلَوْ كَانَ فَسْخًا لَمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ كَالإِْقَالَةِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى جَوَازِهِ بِمَا قَل وَكَثُرَ فَدَل عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ؛ وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا بَذَلَتِ الْعِوَضَ لِلْفُرْقَةِ، وَالْفُرْقَةُ الَّتِي يَمْلِكُ الزَّوْجُ إِيقَاعَهَا هِيَ الطَّلَاقُ دُونَ الْفَسْخِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا؛ وَلأَِنَّهُ أَتَى بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ قَاصِدًا فِرَاقَهَا، فَكَانَ طَلَاقًا كَغَيْرِ الْخُلْعِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ.</p>وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم مَوْقُوفًا عَلَيْهِمُ: الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِل الْفَسْخَ بَعْدَ تَمَامِهِ.</p>وَالْخُلْعُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَيُجْعَل لَفْظُ الْخُلْعِ عِبَارَةً عَنْ رَفْعِ الْعَقْدِ فِي الْحَال مَجَازًا، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الآْيَةُ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى التَّطْلِيقَةَ الثَّالِثَةَ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ، وَبِهَذَا لَا يَصِيرُ الطَّلَاقُ أَرْبَعًا، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ خِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ ثَبَتَ رُجُوعُهُ عَنْهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نيل الأوطار 7 / 35، 38 - ط الجيل، تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، تفسير القرطبي 3 / 143 - 144 - ط الثانية، المغني 7 / 57، - ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 6 / 171 - 172 - ط السعادة، تبيين الحقائق 2 / 268 - ط بولاق، المغني 7 / 57 - ط الرياض، فتح الباري 4 / 396 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>وَيَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْخُلْعِ طَلَاقًا أَنَّهُ إِنْ نَوَى بِالْخُلْعِ أَكْثَر مِنْ تَطْلِيقَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَزُفَرَ يَقَعُ مَا نَوَاهُ.</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ نَوَى ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ، وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ غَيْرِ زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ مَعْنَاهُ الْحُرْمَةُ، وَهِيَ لَا تَحْتَمِل التَّعَدُّدَ لَكِنَّ نِيَّةَ الثَّلَاثِ تَدُل عَلَى تَغْلِيظِ الْحُرْمَةِ فَتُعْتَبَرُ بَيْنُونَةً كُبْرَى.</p>وَيَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِهِ فَسْخًا أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ خَالَعَهَا مَرَّةً أُخْرَى، أَوْ خَالَعَهَا بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى وَإِنْ خَالَعَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ عَلَى هَذَا الْقَوْل لَا يُحْتَسَبُ مِنَ الطَّلْقَاتِ (1) .</p>وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا إِذَا نَوَى بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ مَعَ تَفْرِيعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ هَل يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ (2) .</p><font color=#ff0000>8 -</font> وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ الْخُلْعِ مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ، أَوْ مِنْهُمَا مَعًا، وَفِي كَوْنِهِ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 6 / 172 - ط السعادة، تفسير القرطبي 3 / 143 - ط الثانية، روضة الطالبين 7 / 375 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 57 - ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الروضة 7 / 375.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>مَعًا، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ مُعَاوَضَةٌ، وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ يَمِينٌ، وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّهُ يَمِينٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِ الْخُلْعِ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ قَبْل قَبُولِهَا، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِ الزَّوْجِ، فَلَا يَبْطُل بِقِيَامِهِ، وَيَقْتَصِرُ قَبُولُهَا عَلَى مَجْلِسِ عِلْمِهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِهَا صِحَّةُ رُجُوعِهَا قَبْل قَبُولِهِ، وَصَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ، وَيُشْتَرَطُ فِي قَبُولِهَا عِلْمُهَا بِمَعْنَاهُ؛ لأَِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ لِتَوَقُّفِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ عَلَى قَبُول الْمَال، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُ فَسْخٌ فَهِيَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ لَا مَدْخَل لِلتَّعْلِيقِ فِيهَا، فَيَكُونُ الْخُلْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَابْتِدَاءِ الْبَيْعِ، وَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ قَبْل قَبُول الزَّوْجَةِ؛ لأَِنَّ هَذَا شَأْنُ الْمُعَاوَضَاتِ.</p>وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْعِوَضَ فِي الْخُلْعِ كَالْعِوَضِ فِي الصَّدَاقِ، وَالْبَيْعِ إِنْ كَانَ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا لَمْ يَدْخُل فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ، وَلَمْ يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فِيهِ إِلَاّ بِقَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا دَخَل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الْخُلْعُ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ سَوَاءٌ فِي حَالَةِ الْوِفَاقِ وَالشِّقَاقِ خِلَافًا لاِبْنِ الْمُنْذِرِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَصِحُّ الْخُلْعُ فِي حَالَتَيِ الشِّقَاقِ وَالْوِفَاقِ، ثُمَّ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ إِنْ جَرَى فِي حَال الشِّقَاقِ، أَوْ كَانَتْ تُكْرَهُ صُحْبَتُهُ لِسُوءِ خُلُقِهِ، أَوْ دِينِهِ، أَوْ تَحَرَّجَتْ مِنَ الإِْخْلَال بِبَعْضِ حُقُوقِهِ، أَوْ ضَرَبَهَا تَأْدِيبًا فَافْتَدَتْ، وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِهِ مَا إِذَا مَنَعَهَا نَفَقَةً أَوْ غَيْرَهَا فَافْتَدَتْ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ، قَال الْقَلْيُوبِيُّ: فَإِنْ مَنَعَهَا النَّفَقَةَ لِكَيْ تَخْتَلِعَ مِنْهُ فَهُوَ مِنَ الإِْكْرَاهِ فَتَبِينُ مِنْهُ بِلَا مَالٍ إِذَا ثَبَتَ الإِْكْرَاهُ، قَال الرَّمْلِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ. وَجَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ اسْتِثْنَاءُ حَالَتَيْنِ مِنَ الْكَرَاهَةِ: إِحْدَاهُمَا أَنْ يَخَافَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ أَيْ مَا افْتَرَضَهُ فِي النِّكَاحِ.</p>وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى فِعْل شَيْءٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَيَخْلَعَهَا، ثُمَّ يَفْعَل الأَْمْرَ الْمَحْلُوفَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العناية بهامش فتح القدير 3 / 199 - ط بولاق، حاشية ابن عابدين 2 / 558 - 559 - ط المصرية، الشرح الصغير بحاشية الصاوي 2 / 518 - ط المعارف، مغني المحتاج 2 / 269 - ط التراث العربي، المغني 7 / 66 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَلَا يَحْنَثُ لاِنْحِلَال الْيَمِينِ بِالْفِعْلَةِ الأُْولَى، إِذْ لَا يَتَنَاوَل إِلَاّ الْفِعْلَةَ الأُْولَى وَقَدْ حَصَلَتْ، فَإِنْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَفْعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَتَخَلَّصُ مِنَ الْحِنْثِ فَإِذَا فَعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ النِّكَاحِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لأَِنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ، كَمَا إِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ قَبْل النِّكَاحِ عَلَى صِفَةٍ وُجِدَتْ بَعْدَهُ (1) .</p>وَالْخِلَافُ فِي كَوْنِ الْخُلْعِ جَائِزًا أَوْ مَكْرُوهًا إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى الْعِصْمَةِ، كَمَا فِي حَاشِيَةِ الصَّاوِيِّ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَلَاقًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالنَّظَرِ لأَِصْلِهِ أَوْ خِلَافُ الأَْوْلَى، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: أَبْغَضُ الْحَلَال إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ (2) .</p>وَاسْتَدَلُّوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الأُْمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 2 / 267 - ط بولاق، الشرح الصغير بحاشية الصاوي 2 / 517 - 518 ط المعارف، الدسوقي 2 / 347 - ط الفكر، حاشية العدوي على الرسالة 2 / 102 - 103، ط المعرفة، الخرشي 4 / 12 - ط بولاق، القوانين الفقهية / 233 - ط العربي، القليوبي 3 / 308، نهاية المحتاج 6 / 386، روضة الطالبين 7 / 374 ط المكتب الإسلامي، مغني المحتاج 3 / 262 - ط التراث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أبغض الحلال إلى الله الطلاق ". أخرجه أبو داود (2 / 631 - 632 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمر، وصوب أبو حاتم الرازي في " العلل "(1 / 431 - ط السلفية) إرساله.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>افْتَدَتْ بِهِ} (1)، وقَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (2) .</p>وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ: اقْبَل الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً (3) وَهُوَ أَوَّل خُلْعٍ وَقَعَ فِي الإِْسْلَامِ (4) .</p>وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ فَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالأُْمَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَجَوَازِهِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ حَقُّ الزَّوْجِ فَجَازَ لَهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْقِصَاصِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 229.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 395 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ذكر الحافظ في الفتح عن أبي بكر بن دريد في أماليه أن أول خلع كان في الدنيا الخلع الذي وقع بين عامر بن الحارث بن الظرب وابنة عمه، فتح الباري 9 / 395، 398 - ط الرياض، نيل الأوطار 7 / 36 - 37 - ط الجيل، السنن الكبرى للبيهققي 7 / 313 - 314 ط الأولى.</p><font color=#ff0000>(5)</font> تبيين الحقائق 2 / 267 - ط بولاق، بداية المجتهد 2 / 57 - ط التجارية، مغني المحتاج 3 / 262 - ط التراث، حاشية القليوبي 3 / 307 - ط الحلبي، نهاية المحتاج 6 / 386 - ط المكتبة الإسلامية، تحفة المحتاج 7 / 457 - ط صادر، بجيرمي على الخطيب 3 / 411 - 412 - ط المعرفة، فتح الباري 9 / 395 - ط الرياض، نيل الأوطار 7 / 34 - ط الجيل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>10 -</font> وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْخُلْعَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:</p>الأَْوَّل: مُبَاحُ الْخُلْعِ وَهُوَ أَنْ تَكْرَهَ الْمَرْأَةُ الْبَقَاءَ مَعَ زَوْجِهَا لِبُغْضِهَا إِيَّاهُ، وَتَخَافُ أَلَاّ تُؤَدِّيَ حَقَّهُ، وَلَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ فِي طَاعَتِهِ، فَلَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (1) وَيُسَنُّ لِلزَّوْجِ إِجَابَتُهَا، لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّهِ: مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ إِلَاّ أَنِّي أَخَافُ الْكُفْرَ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَتَرُدِّي عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا (2) وَلأَِنَّ حَاجَتَهَا دَاعِيَةٌ إِلَى فُرْقَتِهِ، وَلَا تَصِل إِلَى الْفُرْقَةِ إِلَاّ بِبَذْل الْعِوَضِ فَأُبِيحَ لَهَا ذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ لَهُ إِلَيْهَا مَيْلٌ وَمَحَبَّةٌ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ صَبْرُهَا وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا، قَال أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَصْبِرَ. قَال الْقَاضِي: أَيْ عَلَى سَبِيل الاِسْتِحْبَابِ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ، لِنَصِّهِمْ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.</p>الثَّانِي: مَكْرُوهٌ: كَمَا إِذَا خَالَعَتْهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَال لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 229.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عبد الله بن عباس: " جاءت امرأة ثابت بن قيس " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 395 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>قَال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ (1) وَلأَِنَّهُ عَبَثٌ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَيَقَعُ الْخُلْعُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (2) وَيَحْتَمِل كَلَامُ أَحْمَدَ تَحْرِيمَهُ وَبُطْلَانَهُ؛ لأَِنَّهُ قَال الْخُلْعُ مِثْل حَدِيثِ سَهْلَةَ تَكْرَهُ الرَّجُل فَتُعْطِيهِ الْمَهْرَ فَهَذَا الْخُلْعُ (3) وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يَحِل لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَاّ أَنْ يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (4) .</p>الثَّالِثُ: مُحَرَّمٌ: كَمَا إِذَا عَضَل الرَّجُل زَوْجَتَهُ بِأَذَاهُ لَهَا وَمَنْعِهَا حَقَّهَا ظُلْمًا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (5) فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي هَذِهِ الْحَال بِعِوَضٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ؛ لأَِنَّهُ عِوَضٌ أُكْرِهَتْ عَلَى بَذْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا.</p>وَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَعَلَى الْقَوْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ثوبان: " أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما. . " أخرجه أبو داود (2 / 667 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 200 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، واللفظ لأبي داود.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 4.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الكافي 3 / 141 - 142 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 212 - 213، ط النصر، الإنصاف 8 / 382 - ط التراث، المغني 7 / 51 - 54 - ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 229.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النساء / 19.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>بِأَنَّهُ طَلَاقٌ فَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ، وَإِلَاّ فَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا، فَإِنْ أَدَّبَهَا لِتَرْكِهَا فَرْضًا أَوْ نُشُوزِهَا فَخَالَعَتْهُ لِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ؛ لأَِنَّهُ ضَرَبَهَا بِحَقٍّ، وَإِنْ زَنَتْ فَعَضَلَهَا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ جَازَ وَصَحَّ الْخُلْعُ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (1) وَالاِسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّهْيِ إِبَاحَةٌ. وَإِنْ ضَرَبَهَا ظُلْمًا لِغَيْرِ قَصْدِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا فَخَالَعَتْهُ لِذَلِكَ صَحَّ الْخُلْعُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَعْضُلْهَا لِيَأْخُذَ مِمَّا آتَاهَا شَيْئًا (2) .</p>وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا أَنَّ الْخُلْعَ يَحْرُمُ حِيلَةً لإِِسْقَاطِ يَمِينِ طَلَاقٍ، وَلَا يَصِحُّ وَلَا يَقَعُ؛ لأَِنَّ الْحِيَل خِدَاعٌ لَا تُحِل مَا حَرَّمَ اللَّهُ. (3) هَذَا وَاخْتَارَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَدَمَ جَوَازِ الْخُلْعِ حَتَّى يَقَعَ الشِّقَاقُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى:{إِلَاّ أَنْ يَخَافَا أَلَاّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (4) .</p>وَبِذَلِكَ قَال طَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ. وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَقُمْ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِبُغْضِ الزَّوْجِ لَهَا فَنُسِبَتِ الْمَخَافَةُ إِلَيْهِمَا لِذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ اعْتِبَارِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 19.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكافي 3 / 143 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر، الإنصاف 8 / 383 - 385 - ط التراث، المغني 7 / 54 - 56 - ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 5 / 231 - ط النصر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَفْسِرْ ثَابِتًا عَنْ كَرَاهَتِهِ لَهَا عِنْدَ إِعْلَانِهَا بِالْكَرَاهَةِ لَهُ، عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْخَوْفِ فِي الآْيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الْخُلْعِ فِي حَالَةِ التَّشَاجُرِ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا جَازَ حَالَةَ الْخَوْفِ وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ إِلَى بَذْل الْمَال فَفِي حَالَةِ الرِّضَا أَوْلَى (1) .</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ - عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ - بِأَنَّهَا إِذَا خَالَعَتْهُ دَرْءًا لِضَرَرِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ الْمَال الَّذِي خَالَعَهَا بِهِ، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ أَسْقَطَتِ الْبَيِّنَةَ الَّتِي أَشْهَدَتْهَا بِأَنَّهَا خَالَعَتْهُ لِدَرْءِ ضَرَرِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ مِنَ الْمَرْأَةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ الزَّوْجِ عِوَضًا مِنَ امْرَأَتِهِ فِي مُقَابِل فِرَاقِهِ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مُسَاوِيًا لِمَا أَعْطَاهَا أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ مَا دَامَ الطَّرَفَانِ قَدْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ نَفْسَ الصَّدَاقِ أَوْ مَالاً آخَرَ غَيْرَهُ أَكْثَرَ أَوْ أَقَل مِنْهُ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا بَل يَحْرُمُ عَلَيْهِ الأَْخْذُ إِنْ عَضَلَهَا لِيَضْطَرَّهَا إِلَى الْفِدَاءِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 9 / 401 - ط الرياض، نيل الأوطار 7 / 38 - ط الجيل، مغني المحتاج 3 / 262 - ط التراث، روضة الطالبين 7 / 374، ط المكتب الإسلامي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 2 / 356.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير بحاشية الصاوي 2 / 517 - 518 - ط المعارف، روضة الطالبين 7 / 374 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 52 - الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: إِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ كُرِهَ لَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (1) . وَلأَِنَّهُ أَوْحَشَهَا بِالْفِرَاقِ فَلَا يَزِيدُ إِيحَاشَهَا بِأَخْذِ الْمَال، وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَل الْمَرْأَةِ لَا يُكْرَهُ لَهُ الأَْخْذُ، وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَل الْقَلِيل وَالْكَثِيرَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (2) . وَقَال الْقُدُورِيُّ: إِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهَا كُرِهَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الأَْصْل (مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا (3) . وَقَدْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهَا، وَلَوْ أَخَذَ الزِّيَادَةَ جَازَ فِي الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَخَذَ وَالنُّشُوزُ مِنْهُ؛ لأَِنَّ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ يَتَنَاوَل الْجَوَازَ وَالإِْبَاحَةَ، وَقَدْ تَرَكَ الْعَمَل فِي حَقِّ الإِْبَاحَةِ لِمُعَارِضٍ، فَبَقِيَ مَعْمُولاً فِي الْبَاقِي (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 20.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 229.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: قوله صلى الله عليه وسلم: " في امرأة ثابت. . " سبق تخريجه ف / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 2 / 269 - ط بولاق، البحر الرائق 4 / 83 - ط الأولى العلمية، فتح القدير 3 / 203 - 204 - ط الأميرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌جَوَازُهُ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْخُلْعِ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْصُولاً " أَنَّ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ أُتِيَ فِي خُلْعٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَلَمْ يُجِزْهُ فَقَال لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ الْخَوْلَانِيُّ: قَدْ أَتَى عُمَرُ فِي خُلْعٍ فَأَجَازَهُ (1) وَلأَِنَّ الطَّلَاقَ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ جَائِزٌ بِلَا حَاكِمٍ فَكَذَلِكَ الْخُلْعُ.</p>وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْخُلْعِ دُونَ السُّلْطَانِ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (2)، وقَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (3) . قَال: فَجَعَل الْخَوْفَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَقُل فَإِنْ خَافَا.</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْتُ الْخُلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري 9 / 396 - 397 - ط الرياض، المبسوط 6 / 173 - ط السعادة، الدسوقي 2 / 347 - ط الفكر، الكافي 3 / 144 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر، المغني 7 / 52 - ط الرياض، المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، بدائع الصنائع 3 / 145 - ط الجمالية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 229.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 35.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ؛ لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ لِلضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِتَطْوِيل الْعِدَّةِ، وَالْخُلْعُ شُرِعَ لِرَفْعِ الضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِسُوءِ الْعِشْرَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَالضَّرَرُ بِذَلِكَ أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ بِتَطْوِيل الْعِدَّةِ، فَجَازَ دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُخْتَلِعَةَ عَنْ حَالِهَا؛ وَلأَِنَّ ضَرَرَ تَطْوِيل الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَالْخُلْعُ يَحْصُل بِسُؤَالِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ رِضَاءً مِنْهَا بِهِ وَدَلِيلاً عَلَى رُجْحَانِ مَصْلَحَتِهَا فِيهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَرْكَانُهُ وَمَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي شُرُوطِهَا:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> لِلْخُلْعِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ وَهِيَ: الْمُوجِبُ - الْقَابِل - الْمُعَوَّضُ - الْعِوَضُ - الصِّيغَةُ.</p>فَالْمُوجِبُ: الزَّوْجُ أَوْ وَلِيُّهُ، وَالْقَابِل: الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ، وَالْمُعَوَّضُ: الاِسْتِمْتَاعُ بِالزَّوْجَةِ، وَالْعِوَضُ: الشَّيْءُ الْمُخَالَعُ بِهِ، وَالصِّيغَةُ، الإِْيجَابُ وَالْقَبُول وَالأَْلْفَاظُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْخُلْعُ.</p>وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرُوا لَهُ رُكْنَيْنِ إِنْ كَانَ بِعِوَضٍ وَهُمَا: الإِْيجَابُ وَالْقَبُول (2) ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، المغني 7 / 52 - ط الرياض، كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 517 - ط المعارف، مغني المحتاج 3 / 263 - ط التراث، بجيرمي على الخطيب 3 / 412 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 383 - 395 - ط المكتب الإسلامي، حاشية القليوبي 3 / 307 - ط الحلبي، كشاف القناع 5 / 213 - 231 - ط النصر، بدائع الصنائع 3 / 145 - ط الجمالية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>عَلَى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ، فَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ بِدُونِ الْقَبُول، بِخِلَافِ الْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّهُ إِذَا قَال خَالَعْتُكِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْعِوَضَ وَنَوَى الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ قَبِلَتْ أَوْ لَمْ تَقْبَل؛ لأَِنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُول، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لِكُل رُكْنٍ مِنْ هَذِهِ الأَْرْكَانِ شُرُوطًا وَأَحْكَامًا نَذْكُرُهَا فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الأَْوَّل: الْمُوجِبُ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُوجِبِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّطْلِيقَ (1) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (طَلَاقٌ) .</p>فَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُجِيزُونَ خُلْعَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، أَوْ سَفَهٍ، أَوْ رِقٍّ قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ، لأَِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ، وَجَازَ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 147 - ط الجمالية، الشرح الكبير 2 / 352 - ط الفكر، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 526 - ط المعارف، جواهر الإكليل 1 / 332 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 383 - ط المكتب الإسلامي، بجيرمي على الخطيب 3 / 412 - ط المعرفة، أسنى المطالب 3 / 244 - ط المكتبة الإسلامية، حاشية القليوبي 7 / 307 - ط الحلبي، كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر، المبدع 7 / 222 - ط المكتب الإسلامي، المغني 6 / 86 - 87 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا خُلْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي وَجْهٍ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِهِ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَسْلِيمُ الْمَال إِلَى السَّفِيهِ بَل يُسَلِّمُهُ إِلَى الْوَلِيِّ؛ لأَِنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ حُقُوقَهُ وَأَمْوَالَهُ وَهَذَا مِنْ حُقُوقِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ حَيْثُ قَال: يَصِحُّ قَبْضُهُ لِعِوَضٍ لِصِحَّةِ خُلْعِهِ فَيَصِحُّ قَبْضُهُ، كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، وَالأَْوْلَى كَمَا فِي الْمُغْنِي عَدَمُ جَوَازِ تَسْلِيمِ الْمَال إِلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْحَجْرَ أَفَادَ مَنْعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الثَّانِي: الْقَابِل:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يُشْتَرَطُ فِي قَابِل الْخُلْعِ مِنَ الزَّوْجَةِ أَوِ الأَْجْنَبِيِّ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَال صَحِيحَ الاِلْتِزَامِ. فَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ عَلَى مَهْرِهَا فَقَبِلَتْ أَوْ قَالَتِ الصَّغِيرَةُ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى مَهْرِي فَفَعَل وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ بَدَلٍ، كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ، وَإِنْ كَانَ بَاذِل الْعِوَضِ غَيْرَ رَشِيدٍ رَدَّ الزَّوْجُ الْمَال الْمَبْذُول وَبَانَتْ مِنْهُ، مَا لَمْ يُعَلِّقْ بِقَوْلِهِ: إِنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَال فَأَنْتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 526 - 527 - ط المعارف، جواهر الإكليل 1 / 332 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 383 - ط المكتب الإسلامي، حاشية القليوبي 3 / 307 - 308 ط الحلبي، أسنى المطالب 3 / 244 - 245 - ط المكتبة الإسلامية، بجيرمي على الخطيب 3 / 412 - ط المعرفة، المغني 7 / 87 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>طَالِقٌ، أَوْ إِنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُكِ فَطَالِقٌ كَمَا ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ، فَإِذَا رَدَّ الْوَلِيُّ أَوِ الْحَاكِمُ الْمَال مِنَ الزَّوْجِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَهُ لِرَشِيدَةٍ أَوْ رَشِيدٍ، أَوْ قَالَهُ بَعْدَ صُدُورِ الطَّلَاقِ فَلَا يَنْفَعُهُ.</p>وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ خُلْعَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ، أَوْ جُنُونٍ لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ؛ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَال وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَا إِذْنَ لِلْوَلِيِّ فِي التَّبَرُّعَاتِ.</p>وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ فَيَصِحُّ مِنْهَا الْخُلْعُ عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتِهَا كَمَا ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ؛ لأَِنَّ لَهَا ذِمَّةً يَصِحُّ تَصَرُّفُهَا فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهَا حَال حَجْرِهَا، كَمَا لَوِ اسْتَدَانَتْ مِنْ إِنْسَانٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بَاعَهَا شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهَا، وَيَكُونُ مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا، يُؤْخَذُ مِنْهَا إِذَا انْفَكَّ عَنْهَا الْحَجْرُ وَأَيْسَرَتْ. أَمَّا لَوْ خَالَعَتْ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهَا فَلَا يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 3 / 218 - ط الأميرية، بدائع الصنائع 3 / 147 - ط الجمالية، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 519 - ط المعارف، الخرشي 4 / 12 - ط بولاق، الشرح الكبير 2 / 347 - 348 - ط الفكر، روضة الطالبين 7 / 384 - 388 - ط المكتبة الإسلامية، حاشية القليوبي 3 / 308 - ط الحلبي، أسنى المطالب 3 / 245 - 247 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 214 - 215 - ط النصر، المبدع 7 / 223 - 226 - ط المكتب الإسلامي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْخُلْعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ:</span></p> </p>أ -‌<span class="title">‌ مَرَضُ الزَّوْجَةِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ الْمَرِيضَةِ مَرَضًا مَخُوفًا أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا فِي مَرَضِهَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، لأَِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ فِي مُقَابِل ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ رَاغِبَةً فِي مُحَابَاتِهِ عَلَى حِسَابِ الْوَرَثَةِ.</p>وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ خُلْعَ الْمَرِيضَةِ يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ فَلَهُ الأَْقَل مِنْ إِرْثِهِ، وَبَدَل الْخُلْعِ إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ وَإِلَاّ فَالأَْقَل مِنْ إِرْثِهِ، وَالثُّلُثُ إِنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ، أَمَّا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْل الدُّخُول فَلَهُ الْبَدَل إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ (1) .</p>وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْخُلْعَ إِنْ كَانَ بِمَهْرِ الْمِثْل نَفَذَ دُونَ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ كَالْوَصِيَّةِ لِلزَّوْجِ، وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ الثُّلُثَ وَلَا تَكُونُ كَالْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ لِخُرُوجِهِ (أَيِ الزَّوْجِ) بِالْخُلْعِ عَنِ الإِْرْثِ، وَلَوِ اخْتَلَعَتْ بِجَمَلٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ (دِرْهَمًا) فَقَدْ حَابَتْ بِنِصْفِ الْجَمَل، فَيُنْظَرُ إِنْ خَرَجَتِ الْمُحَابَاةُ مِنَ الثُّلُثِ، فَالْجَمَل كُلُّهُ لِلزَّوْجِ عِوَضًا وَوَصِيَّةً.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 2 / 570 - ط الأميرية، بدائع الصنائع 3 / 149 - ط الجمالية، البحر الرائق 4 / 81 - 82 - ط الأولى العلمية، الاختيار 3 / 160 - ط المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجْهًا أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمَل، وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَيَرْجِعَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْل؛ لأَِنَّهُ دَخَل فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْجَمَل عِوَضًا. وَالصَّحِيحُ الأَْوَّل، إِذْ لَا نَقْصَ وَلَا تَشْقِيصَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ تَصِحَّ الْمُحَابَاةُ، وَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ نِصْفَ الْجَمَل وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْل وَيَرْضَى بِالتَّشْقِيصِ، وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسَمَّى وَيُضَارِبَ الْغُرَمَاءَ بِمَهْرِ الْمِثْل، وَإِنْ كَانَ لَهَا وَصَايَا أُخَرُ، فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَخَذَ نِصْفَ الْجَمَل وَضَارَبَ أَصْحَابَ الْوَصَايَا فِي النِّصْفِ الآْخَرِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْمُسَمَّى وَتَقَدَّمَ بِمَهْرِ الْمِثْل عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا كَانَتْ مِنْ ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدِ ارْتَفَعَتْ بِالْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، وَلَا وَصِيَّةٌ، وَلَا شَيْءَ لَهَا سِوَى ذَلِكَ الْجَمَل فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَيِ الْجَمَل، نِصْفُهُ بِمَهْرِ الْمِثْل، وَسُدُسُهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَاّ مَهْرُ الْمِثْل (1) .</p>وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ لِلزَّوْجِ مَا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَمَا دُونَ، وَإِنْ كَانَ بِزِيَادَةٍ فَلَهُ الأَْقَل مِنَ الْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ أَوْ مِيرَاثُهُ مِنْهَا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَا تُهْمَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الأَْكْثَرِ مِنْهَا، فَإِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 7 / 387 - ط المكتب الإسلامي، أسنى المطالب 3 / 247 - ط المكتب الإسلامي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>الْخُلْعَ إِنْ وَقَعَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمِيرَاثِ تَطَرَّقَتْ إِلَيْهِ التُّهْمَةُ مِنْ قَصْدِ إِيصَالِهَا إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَتْ أَوْ أَقَرَّتْ لَهُ، وَإِنْ وَقَعَ بِأَقَل مِنَ الْمِيرَاثِ فَالْبَاقِي هُوَ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ، فَتَعَيَّنَ اسْتِحْقَاقُهُ الأَْقَل مِنْهُمَا، وَإِنْ شُفِيَتْ مِنْ مَرَضِهَا ذَاكَ الَّذِي خَالَعَتْهُ فِيهِ فَلَهُ جَمِيعُ مَا خَالَعَهَا بِهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا فِي الصِّحَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَرَضِ مَوْتِهَا (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ خُلْعُ الزَّوْجَةِ الْمَرِيضَةِ مَرَضًا مَخُوفًا إِنْ كَانَ بَدَل الْخُلْعِ بِقَدْرِ إِرْثِهِ أَوْ أَقَل لَوْ مَاتَتْ وَلَا يَتَوَارَثَانِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. أَمَّا إِنْ زَادَ بِأَنْ كَانَ إِرْثُهُ مِنْهَا عَشَرَةً وَخَالَعَتْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَأَوْلَى لَوْ خَالَعَتْهُ بِجَمِيعِ مَالِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لإِِعَانَتِهِ لَهَا عَلَى الْحَرَامِ، وَيَنْفُذُ الطَّلَاقُ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَحِيحًا وَلَوْ مَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا.</p>وَقَال مَالِكٌ: إِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُهُ، كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الأَْشْيَاخِ، وَرَدَّ الزَّائِدَ عَلَى إِرْثِهِ مِنْهَا، وَاعْتُبِرَ الزَّائِدُ عَلَى إِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا لَا يَوْمَ الْخُلْعِ، وَحِينَئِذٍ فَيُوقَفُ جَمِيعُ الْمَال الْمُخَالَعِ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْمَوْتِ، فَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبدع 7 / 243 - المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 228 - ط النصر، المغني 7 / 88 - 89 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>كَانَ قَدْرَ إِرْثِهِ فَأَقَل، اسْتَقَل بِهِ الزَّوْجُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، رَدَّ مَا زَادَ عَلَى إِرْثِهِ، فَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا تَمَّ الْخُلْعُ وَأَخَذَ جَمِيعَ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِهَا، وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُل حَالٍ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَرَضُ الزَّوْجِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ خُلْعَ الزَّوْجِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ جَائِزٌ وَنَافِذٌ بِالْمُسَمَّى، سَوَاءٌ أَكَانَ بِمَهْرِ الْمِثْل أَمْ أَقَل مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَصَحَّ، فَلأََنْ يَصِحَّ بِعِوَضٍ أَوْلَى؛ وَلأَِنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَفُوتُهُمْ بِخَلْعِهِ شَيْءٌ، وَمِثْل الْمَرِيضِ فِي هَذَا الْحُكْمِ مَنْ حَضَرَ صَفَّ الْقِتَال، وَالْمَحْبُوسُ لِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ كَمَا ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ، وَذَكَرُوا أَيْضًا أَنَّ الإِْقْدَامَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِخْرَاجِ وَارِثٍ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ أَمْ بَعْدَهَا خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ زَوْجَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْمَرَضِ تَرِثُهُ إِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ الَّذِي خَالَعَهَا فِيهِ، وَلَوْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَزْوَاجًا، أَمَّا هُوَ فَلَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ مَرِيضَةً أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ مَا كَانَ بِيَدِهِ، وَتَرِثُهُ أَيْضًا إِذَا تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِخُلْعِهَا مِنْهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ؛<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 528 - 529 - ط المعارف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>لأَِنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَذَا الطَّلَاقِ فَيُعْتَبَرَ الزَّوْجُ فَارًّا، فَلَوْ أَوْصَى الزَّوْجُ لَهَا بِمِثْل مِيرَاثِهَا أَوْ أَقَل صَحَّ كَمَا ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ؛ لأَِنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي أَنَّهُ أَبَانَهَا لِيُعْطِيَهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِهَا لأََخَذَتْهُ بِمِيرَاثِهَا، وَإِنْ أَوْصَى لَهَا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهَا ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ اتُّهِمَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ إِيصَال ذَلِكَ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى إِيصَالِهِ إِلَيْهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، فَطَلَّقَهَا لِيُوصِل ذَلِكَ إِلَيْهَا فَمُنِعَ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خُلْعُ الْوَلِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> يَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِوَلِيِّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُمَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَلِيُّ أَبًا لِلزَّوْجِ أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا أَمْ مُقَامًا مِنْ جِهَتِهِ، إِذَا كَانَ الْخُلْعُ مِنْهُ لِمَصْلَحَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِمَا بِلَا عِوَضٍ، وَنَقَل ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ اللَّخْمِيِّ جَوَازَهُ لِمَصْلَحَةٍ، إِذْ قَدْ يَكُونُ فِي بَقَاءِ الْعِصْمَةِ فَسَادٌ لأَِمْرٍ ظَهَرَ أَوْ حَدَثَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 4 / 82 - ط الأولى العلمية، الشرح الكبير 2 / 352 - 353 - ط الفكر، جواهر الإكليل 1 / 332 - 333 - ط المعرفة، الشرح الصغير 2 / 527 - 528 - ط المعارف، روضة الطالبين 7 / 388 - ط المكتب الإسلامي، أسنى المطالب 3 / 248 - ط المكتبة الإسلامية، كشاف القناع 5 / 229 - ط النصر، المبدع 7 / 243 - 244 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 89 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>وَأَمَّا وَلِيُّ السَّفِيهِ فَلَا يُخَالِعُ عَنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا لَا بِيَدِ الأَْبِ، فَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ كَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ (1) .</p>وَالْخُلْعُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِالْمِلْكِ، أَوِ الْوَكَالَةِ، أَوِ الْوِلَايَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ (2) .</p>وَلَا يَجُوزُ لِلأَْبِ أَنْ يَخْلَعَ زَوْجَةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأَْشْهَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (3) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ (4) .</p>وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أَيَّدَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَرَجَّحَهَا صَاحِبُ الْمُبْدِعِ إِلَى أَنَّ الأَْبَ يَمْلِكُ ذَلِكَ، لأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما طَلَّقَ عَلَى ابْنٍ لَهُ مَعْتُوهٍ؛ وَلأَِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَحَّ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا شَأْنُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 526 - 527 - ط المعارف، جواهر الإكليل 1 / 332 - ط المعرفة، مواهب الجليل مع التاج والإكليل 4 / 26 - ط النجاح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 5 / 213 - ط النصر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 568 - 569 - ط المصرية، المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، المبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 88 - ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" الطلاق لمن أخذ بالساق ". أخرجه ابن ماجه (1 / 672 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس، وضعف إسناده البوصيري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>كَالْحَاكِمِ يَفْسَخُ لِلإِْعْسَارِ وَيُزَوِّجُ الصَّغِيرَ (1) .</p>وَأَمَّا خُلْعُ الأَْبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ مَنْ خَلَعَ ابْنَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ لَا نَظَرَ لَهَا فِيهِ، كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ، إِذِ الْبُضْعُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، وَالْبَدَل مُتَقَوِّمٌ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الدُّخُول، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنَ الثُّلُثِ، وَنِكَاحُ الْمَرِيضِ بِمَهْرِ الْمِثْل مِنْ جَمِيعِ الْمَال.</p>وَلأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالاِسْتِمْتَاعِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَالَهَا وَلِلزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُول كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ، وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ رِوَايَتَيْنِ مَنْشَؤُهُمَا قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى الطَّلَاقِ وَأَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى لُزُومِ الْمَال، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ مُنْصَرِفٌ إِلَى الْمَال، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَقَى لأَِنَّ لِسَانَ الأَْبِ كَلِسَانِهَا.</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ جَوَّزُوا خُلْعَ الْمُجْبِرِ كَأَبٍ عَنِ الْمُجْبَرَةِ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبِرِ كَوَصِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 87 - 88 - ط الرياض، المبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>عَمَّنْ تَحْتَ إِيصَائِهِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا، وَكَذَا بِإِذْنِهَا عَلَى الأَْرْجَحِ.</p>وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُبْدِعِ بِلَفْظِ قِيل: إِنَّهُ لَهُ ذَلِكَ إِذَا رَأَى الْحَظَّ فِيهِ كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُتْلِفُ مَالَهَا وَيُخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَعَقْلِهَا، وَالأَْبُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِذَا خَالَعُوا فِي حَقِّ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا خَالَعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ، صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الأَْجْنَبِيِّ، فَمِنَ الْوَلِيِّ أَوْلَى (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خُلْعُ الْفُضُولِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> لِلْفُقَهَاءِ فِي خُلْعِ الْفُضُولِيِّ اتِّجَاهَانِ:</p>الأَْوَّل: جَوَازُهُ وَصِحَّتُهُ وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ لَكِنْ بِقَيْدٍ وَهُوَ أَنْ يُضِيفَ الْبَدَل إِلَى نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ ضَمَانَهُ لَهُ أَوْ مِلْكَهُ إِيَّاهُ، مِثْل أَنْ يَقُول: اخْلَعْهَا بِأَلْفٍ عَلَيَّ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ عَلَى أَلْفَيْ هَذِهِ، فَإِنْ أَرْسَل الْخُلْعَ بِأَنْ قَال عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْجَمَل، فَإِنْ قَبِلَتْ لَزِمَهَا تَسْلِيمُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ عَجَزَتْ، وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى غَيْرِهِ كَجَمَل فُلَانٍ اعْتُبِرَ قَبُول فُلَانٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير مع العناية 3 / 218 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 3 / 273 - 274 - ط بولاق، البناية 4 / 683 - 684 - ط الفكر، الخرشي 4 / 13 - ط بولاق، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 520 - ط المعارف، المهذب 2 / 72 - ط الحلبي، المبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي، الكافي 3 / 144 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 83 - 84 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْفُضُولِيُّ بِذَلِكَ جَلْبَ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةِ أَوْ إِسْقَاطَ نَفَقَتِهَا عَنِ الزَّوْجِ كَمَا فِي ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إِلَاّ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَيَّدَ صِحَّتَهُ بِعَدَمِ قَصْدِ الْفُضُولِيِّ إِسْقَاطَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ عَنِ الزَّوْجِ فَإِنْ قَصَدَ إِسْقَاطَهَا عَنْهُ فَقَدْ حُكِيَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:</p>أ - يُرَدُّ الْعِوَضُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ.</p>ب - يُرَدُّ الْعِوَضُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ.</p>ج - يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَيَجْرِي مِثْل هَذَا فِيمَنْ قَصَدَ دَفْعَ الْعِوَضِ لِيَتَزَوَّجَهَا.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا إِلَى جَوَازِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَمْ خُلْعٍ، فَخُلْعُ الْفُضُولِيِّ عِنْدَهُمْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْل كَاخْتِلَاعِ الزَّوْجَةِ لَفْظًا وَحُكْمًا، وَذَكَرُوا أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الأَْجْنَبِيِّ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ، فَإِذَا قَال الزَّوْجُ لِلْفُضُولِيِّ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِكَ فَقَبِل، أَوْ قَال الْفُضُولِيُّ لِلزَّوْجِ: طَلِّقِ امْرَأَتَكَ عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْل قَبُول الْفُضُولِيِّ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ، وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَرْجِعَ قَبْل إِجَابَةِ الزَّوْجِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>وَخُلْعُ الْفُضُولِيِّ جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَابِلَةِ وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى قَبُول الْمَرْأَةِ فَيَكُونَ الْتِزَامُهُ لِلْمَال فِدَاءً لَهَا، كَالْتِزَامِ الْمَال لِعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ، كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُسِيءُ عِشْرَتَهَا وَيَمْنَعُهَا حُقُوقَهَا.</p>الثَّانِي: عَدَمُ الصِّحَّةِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَمَنْ قَال مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ، وَاسْتَدَل أَبُو ثَوْرٍ بِأَنَّهُ يَبْذُل عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْفَسْخَ بِلَا سَبَبٍ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ فَلَا يَصِحُّ طَلَبُهُ مِنْهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّوْكِيل فِي الْخُلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّوْكِيل فِي الْخُلْعِ جَائِزٌ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَمِنْ أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا، وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ كُل مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِالْخُلْعِ لِنَفْسِهِ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَوَكَالَتُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 569 - ط المصرية، تبيين الحقائق 2 / 274 - ط بولاق، البحر الرائق 4 / 101 - ط الأولى العلمية، نتائج الأفكار 3 / 221 - ط الأميرية، شرح الزرقاني 4 / 64 - 65 - ط الفكر، الخرشي 4 / 12 - ط بولاق، جواهر الإكليل 1 / 330 - ط المعرفة، شرح المنهاج 3 / 321 - ط الحلبي، أسنى المطالب 3 / 260 - 261 - ط المكتبة الإسلامية، روضة الطالبين 7 / 427 - 430 - ط المكتب الإسلامي، نهاية المحتاج 6 / 409 - 412 - ط المكتبة الإسلامية، مغني المحتاج 3 / 276 - 277 - ط التراث، والمبدع 7 / 223 - ط المكتب الإسلامي، والكافي 3 / 144 - ط المكتب الإسلامي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ رَشِيدًا، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ الْخُلْعَ، فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً وَمُوَكِّلاً فِيهِ. وَجَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ تَوْكِيل الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ عَنِ الْبَالِغِ الْعَاقِل بِالْخُلْعِ صَحِيحٌ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ وَكِيل الْمَرْأَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا حَتَّى وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ إِلَاّ إِذَا أَضَافَ الْمَال إِلَيْهَا فَتَبِينُ وَيَلْزَمُهَا؛ لأَِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.</p>وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا تَوْكِيل مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ، فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ وَالْمُوَكِّل مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ.</p>وَالأَْصَحُّ: عِنْدَهُمْ أَيْضًا صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً لِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا لأَِنَّ لِلْمَرْأَةِ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ، وَذَلِكَ تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ.</p>وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لأَِنَّهَا لَا تَسْتَقِل بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ وَكَّلَتِ الزَّوْجَةُ امْرَأَةً بِاخْتِلَاعِهَا جَازَ بِلَا خِلَافٍ لاِسْتِقْلَال الْمَرْأَةِ بِالاِخْتِلَاعِ.</p>وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً فِي الْخُلْعِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْوَكِيل فِي الْخُلْعِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ يَتَوَلَّى طَرَفًا مِنْهُ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ:</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>إِنَّهُ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ؛ وَلأَِنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَوْ قَال: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ، يَقَعُ الطَّلَاقُ خُلْعًا.</p>وَالْوَكِيل فِي الْخُلْعِ لَا يَنْعَزِل بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p>هَذَا وَيَكُونُ تَوْكِيل الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: اسْتِدْعَاءُ الْخُلْعِ - أَوِ الطَّلَاقِ - وَتَقْدِيرُ الْعِوَضِ وَتَسْلِيمُهُ.</p>وَيَكُونُ تَوْكِيل الرَّجُل أَيْضًا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: شَرْطُ الْعِوَضِ - وَقَبْضُهُ - وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ أَوِ الْخُلْعِ.</p>وَالتَّوْكِيل جَائِزٌ مَعَ تَقْدِيرِ الْعِوَضِ وَمِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ؛ لأَِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَصَحَّ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ إِلَاّ أَنَّ التَّقْدِيرَ مُسْتَحَبٌّ لأَِنَّهُ أَسْلَمُ مِنَ الْغَرَرِ، وَأَسْهَل عَلَى الْوَكِيل لاِسْتِغْنَائِهِ عَنِ الاِجْتِهَادِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 4 / 102 - ط الأولى العلمية، حاشية القليوبي 3 / 311 - 312 - ط الحلبي، كشاف القناع 5 / 230 - ط النصر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نتائج الأفكار 3 / 221 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 2 / 275 - ط بولاق، البحر الرائق 4 / 102 - ط الأولى العلمية، جواهر الإكليل 1 / 334 - ط المعرفة، الدسوقي 2 / 355 - ط الفكر، الشرح الصغير 2 / 303 - ط المدني، المهذب 2 / 75 - ط الحلبي، روضة الطالبين 7 / 391 - ط المكتب الإسلامي، حاشية القليوبي 3 / 311 - 312 - ط الحلبي، أسنى المطالب 3 / 249 - ط المكتبة الإسلامية، الكافي 3 / 156 - 157 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 229 - 230 - ط النصر، المبدع 7 / 244 - 245 - ط المكتب الإسلامي، الإنصاف 8 / 419 - 420 - ط التراث، المغني 7 / 90 - 93 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ تَوْكِيل الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَدِّرَا الْعِوَضَ كَمِائَةٍ مَثَلاً.</p>وَالثَّانِي أَنْ يُطْلِقَا الْوَكَالَةَ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، كَأَنْ يُوَكِّلَاهُ فِي الْخُلْعِ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي لِوَكِيل الزَّوْجِ أَوْ وَكِيل الزَّوْجَةِ أَنْ يَفْعَل كُلٌّ مِنْهُمَا مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعُودَ بِالنَّفْعِ عَلَى مُوَكِّلِهِ، فَلَا يُنْقِصُ وَكِيل الزَّوْجِ عَمَّا قَدَّرَهُ لَهُ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ فَلْيَفْعَل وَكَذَا وَكِيل الزَّوْجَةِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَمَّا قَدَّرَتْهُ لَهُ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَخْلَعَهَا بِأَقَل مِنْهُ فَلْيَفْعَل. وَيَنْبَغِي لِوَكِيل الزَّوْجِ فِي حَالَةِ الإِْطْلَاقِ أَنْ لَا يُخَالِعَ بِأَقَل مِنْ مَهْرِ الْمِثْل بَل بِأَكْثَرَ، وَيَنْبَغِي لِوَكِيل الزَّوْجَةِ أَيْضًا أَنْ لَا يَخْلَعَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْل فِي حَالَةِ الإِْطْلَاقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ وَهُوَ قَوْل سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>وَفِي قَوْلٍ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.</p>وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَجَعَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّتَهَا حَيْضَةً (1) .</p>وَبِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَضَى بِهِ.</p>وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ عِدَّتَهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (2) . وَلأَِنَّ الْخُلْعَ فُرْقَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ الدُّخُول فَكَانَتِ الْعِدَّةُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَغَيْرِ الْخُلْعِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُعَوَّضُ وَهُوَ الْبُضْعُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا جَاءَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ، فَأَمَّا الْبَائِنُ بِخُلْعٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُلْعِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا أَنْ يُصَادِفَ مَحَلًّا، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ بَائِنًا وَقْتَ الْخُلْعِ، فَإِنَّ الْخُلْعَ لَا يَقَعُ؛<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عباس " إن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل. . " تقدم تخريجه (ف / 7) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 228.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 3 / 269 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 3 / 26 - ط بولاق، الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 468 - ط الفكر، روضة الطالبين 8 / 365 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 449 - 450 - ط الرياض، الإنصاف 9 / 279.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>لأَِنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَتَسْتَرِدُّ الزَّوْجَةُ الْمَال الَّذِي دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ، وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا، أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ، أَوْ إِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا.</p>وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَصِحُّ إِلَاّ مَعَ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا، حَقِيقَةً، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُفَارِقْ زَوْجَهَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ وَنَحْوِهِ، كَاللِّعَانِ مَثَلاً، أَوْ حُكْمًا، وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ وَالنِّكَاحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا قَائِمٌ، وَتَسْرِي عَلَيْهَا كَافَّةُ الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالزَّوْجَاتِ، وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ، وَلَوْ قَال الزَّوْجُ: كُل امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ تَدْخُل هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، إِلَاّ أَنَّ الْخِرَقِيَّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ذَكَرَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُحَرَّمَةٌ؛ لأَِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ يَدُل عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُغْنِي عَنْهُ (وَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَوَاحِدَةٌ طَلَّقَ أَمْ ثَلَاثًا؟ فَهُوَ مُتَيَقِّنٌ لِلتَّحْرِيمِ شَاكٌّ فِي التَّحْلِيل) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى هَذَا، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ كَمَا قَال الْقَاضِي: إِنَّهَا مُبَاحَةٌ.</p>وَأَمَّا مُخَالَعَةُ الزَّوْجِ لَهَا أَيِ الرَّجْعِيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَتَصِحُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَا تَسْتَرِدُّ الْمَال الَّذِي دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ وَلَزِمَ الزَّوْجَ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا طَلْقَةً أُخْرَى بَائِنَةً، وَتَصِحُّ أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَظْهَرِ الأَْقْوَال، وَهُوَ أَيْضًا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ سِوَى الْخِرَقِيِّ، لأَِنَّهَا زَوْجَةٌ صَحَّ طَلَاقُهَا فَصَحَّ خُلْعُهَا كَمَا قَبْل الطَّلَاقِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ: إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ مُخَالَعَتِهَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى الاِفْتِدَاءِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ آخَرَ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ بِلَفْظِ، قِيل: إِلَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يَصِحُّ خُلْعُهَا بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ لِتَحْصُل الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى، هَذَا وَيَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا صِحَّةُ مُخَالَعَتِهَا لأَِنَّ الْخُلْعَ عَلَى الْقَوْل الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ طَلَاقٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْعِوَضُ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> الْعِوَضُ مَا يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ فِي مُقَابِل خُلْعِهِ لَهَا، وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ أَنْ يَصْلُحَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العناية بهامش فتح القدير 3 / 172 - ط الأميرية، حاشية ابن عابدين 2 / 536 - 537 - ط بولاق، البناية في شرح الهداية 4 / 611 - 612 - ط الفكر، البحر الرائق 4 / 60 - ط الأولى العلمية، تبيين الحقائق 2 / 256 - ط بولاق، الشرح الصغير 2 / 304 - ط المدني، الخرشي 4 / 21 - ط بولاق، جواهر الإكليل 1 / 334 - ط المعرفة، الدسوقي 2 / 356 - ط الفكر، شرح الزرقاني 4 / 75 - ط الفكر، روضة الطالبين 7 / 388 - ط المكتب الإسلامي، أسنى المطالب 3 / 248 - ط المكتبة الإسلامية مغني المحتاج 3 / 265 - ط التراث، نهاية المحتاج 6 / 390 - 391 - ط المكتبة الإسلامية، حاشية القليوبي 3 / 309 - ط الحلبي، تحفة المحتاج 7 / 468 - ط الميمنية، المغني 7 / 279 - ط الرياض، الكافي 3 / 228 - ط المكتب الإسلامي، المبدع 7 / 393 - ط المكتب الإسلامي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>جَعْلُهُ صَدَاقًا، فَإِنَّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَل خُلْعٍ (1) .</p>وَالْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالاً مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ تَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْفَعَةً وَذَلِكَ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى إِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً مُعَيَّنَةً، كَمَا ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، أَوْ مُطَلَّقَةً كَمَا ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ، فَإِنْ مَاتَتِ الْمُرْضِعَةُ، أَوِ الصَّبِيُّ، أَوْ جَفَّ لَبَنُهَا قَبْل ذَلِكَ فَعَلَيْهَا أُجْرَةُ الْمِثْل لِمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ؛ لأَِنَّهُ عِوَضٌ مُعَيَّنٌ تَلِفَ قَبْل قَبْضِهِ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ مِثْلُهُ، كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى قَفِيزٍ فَهَلَكَ قَبْل قَبْضِهِ (2) .</p>وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ إِخْرَاجُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البناية في شرح الهداية 4 / 669 - 670 - ط الفكر، نتائج الأفكار 3 / 207 - ط الأميرية، تبيين الحقائق 2 / 269 - ط بولاق، القوانين الفقهية / 233 - ط العربي، الخرشي 4 / 13 - ط بولاق، الدسوقي 2 / 348 - ط الفكر، أسهل المدارك 2 / 158 - ط الحلبي، روضة الطالبين 7 / 389 - ط المكتب الإسلامي، الكافي 3 / 152، ط المكتب الإسلامي، المهذب 2 / 74 - ط الحلبي، مغني المحتاج 3 / 265 - ط التراث، نهاية المحتاج 6 / 391 - ط المكتبة الإسلامية، بجيرمي على الخطيب 3 / 414 - ط المعرفة، حاشية القليوبي 3 / 309 - 310 - ط الحلبي، المبدع 7 / 229 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 218 - ط النصر، الكافي 3 / 152 - ط المكتب الإسلامي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 2 / 298 - ط المدني، الخرشي 4 / 22 - ط بولاق، الدسوقي 2 / 357 - ط الفكر، روضة الطالبين 7 / 399 - ط المكتب الإسلامي، الكافي 3 / 156 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 64 - 65 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>الْمَرْأَةِ مِنْ مَسْكَنِهَا الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لأَِنَّ سُكْنَاهَا فِيهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَقٌّ لِلَّهِ، لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ إِسْقَاطُهُ لَا بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ كَمَا ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَتَحَمَّل هِيَ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ مِنْ مَالِهَا زَمَنَ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ السُّكْنَى وَلِلزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْل (1) .</p> </p><font color=#ff0000>26 -</font> وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا أَنَّ الْعِوَضَ فِي الْخُلْعِ إِنْ كَانَ مَعْلُومًا وَمُتَمَوَّلاً وَمَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ فَإِنَّ الْخُلْعَ يُعْتَبَرُ صَحِيحًا.</p>أَمَّا إِذَا فَسَدَ الْعِوَضُ بِاخْتِلَال شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، كَاخْتِلَال شَرْطِ الْعِلْمِ، أَوِ الْمَالِيَّةِ، أَوِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَإِنَّ الْخُلْعَ يُعْتَبَرُ فَاسِدًا، وَفِيهِ خِلَافٌ، سَبَبُهُ تَرَدُّدُ الْعِوَضِ هَاهُنَا بَيْنَ الْعِوَضِ فِي الْبُيُوعِ، أَوِ الأَْشْيَاءِ الْمَوْهُوبَةِ، أَوِ الْمُوصَى بِهَا فَمَنْ شَبَّهَهُ بِالْبُيُوعِ اشْتَرَطَ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْبُيُوعِ وَفِي أَعْوَاضِ الْبُيُوعِ. وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالْهِبَاتِ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ ذَلِكَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخرشي 4 / 15 ط بولاق، الزرقاني 4 / 68 - ط الفكر، الدسوقي 2 / 350 - ط الفكر، مغني المحتاج 3 / 265 - ط التراث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 58 - ط التجارية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>وَتَتَلَخَّصُ أَحْكَامُهُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ:</p>الأُْولَى: الْخُلْعُ بِالْمَجْهُول وَبِالْمَعْدُومِ وَبِالْغَرَرِ أَوْ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ.</p>الْخُلْعُ بِالْمَجْهُول جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ عِنْدَهُمْ إِسْقَاطٌ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ وَخُلُوُّهُ مِنَ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُحُ، فَيَجُوزُ بِالْمَجْهُول إِلَى الأَْجَل الْمَجْهُول الْمُسْتَدْرَكِ الْجَهَالَةِ وَعَلَى هَذَا الأَْصْل يَجُوزُ اخْتِلَاعُهَا عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضِهَا، وَرُكُوبِ دَابَّتِهَا، وَخِدْمَتِهَا لَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْزَمُ خَلْوَتُهُ بِهَا، أَوْ خِدْمَةُ الأَْجْنَبِيِّ؛ لأَِنَّ هَذِهِ تَجُوزُ مَهْرًا (1) .</p>وَيَجُوزُ الْخُلْعُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا بِالْمَجْهُول وَالْغَرَرِ، فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا بِمَا فِي بَطْنِ نَاقَتِهَا، وَمِثْلُهُ الآْبِقُ، وَالشَّارِدُ، وَالثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، وَبِحَيَوَانٍ، وَعَرْضٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ، أَوْ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا الْوَسَطُ مِنْ جِنْسِ مَا وَقَعَتِ الْمُخَالَعَةُ بِهِ، لَا مِنْ وَسَطِ مَا يُخَالَعُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ حَال الْمَرْأَةِ، وَإِذَا انْفَشَّ الْحَمْل (2) الَّذِي وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ؛ لأَِنَّهُ مُجَوِّزٌ لِذَلِكَ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 3 / 207 - ط الأميرية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> يقال: انفشت القربة خرج ما فيها من هواء والعلة زالت.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية / 233 - ط العربي، الخرشي 4 / 13 - ط بولاق، الدسوقي 2 / 348 - ط الفكر، أسهل المدارك 2 / 158 - ط الحلبي، التاج والإكليل 4 / 22، مواهب الجليل 4 / 22 - ط النجاح، المدونة 2 / 337 - ط المصرية أو دار صادر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>وَيَصِحُّ الْخُلْعُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا بِالْمَجْهُول فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَبِالْمَعْدُومِ الَّذِي يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ؛ لأَِنَّ الطَّلَاقَ مَعْنًى يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ الْعِوَضَ الْمَجْهُول كَالْوَصِيَّةِ؛ وَلأَِنَّ الْخُلْعَ إِسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنَ الْبُضْعِ وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ شَيْءٍ، وَالإِْسْقَاطُ تَدْخُلُهُ الْمُسَامَحَةُ وَلِذَلِكَ جَازَ بِغَيْرِ عِوَضٍ عَلَى رِوَايَةٍ (1) .</p>وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْخُلْعُ عَلَى مَا فِيهِ غَرَرٌ كَالْمَجْهُول، وَهُوَ قَوْل أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْخُلْعِ بِالْمَجْهُول وَبِالْمَعْدُومِ الَّذِي يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْل أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَمِثْلُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْخُلْعُ عَلَى مُحَرَّمٍ، أَوْ عَلَى مَا لَمْ يَتِمَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، لأَِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا ذُكِرَ، كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، فَلَوْ خَالَعَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبدع 7 / 233 - ط المكتب الإسلامي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 74 - ط الحلبي، مغني المحتاج 3 / 265 - ط التراث، 7 / 233 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 222 - ط النصر، الكافي 3 / 153 ط المكتب الإسلامي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الْخَامِسُ: الصِّيغَةُ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> صِيغَةُ الْخُلْعِ هِيَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول.</p>أَمَّا الإِْيجَابُ وَالْقَبُول فَهُمَا رُكْنَا الْخُلْعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَ بِعِوَضٍ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا كَمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ، كَقَوْلِهِ خَالَعْتُكِ عَلَى كَذَا الْقَبُول لَفْظًا مِمَّنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ النُّطْقُ، وَبِالإِْشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنَ الأَْخْرَسِ وَبِالْكِتَابَةِ مِنْهُمَا، وَأَنْ لَا يَتَخَلَّل بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ كَثِيرٌ مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ لإِِشْعَارِهِ بِالإِْعْرَاضِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ مُطْلَقًا، وَالْكَثِيرِ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الْجَوَابُ، وَأَنْ يَكُونَ الْقَبُول عَلَى وَفْقِ الإِْيجَابِ، فَلَوِ اخْتَلَفَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ، وَعَكْسُهُ كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفَيْنِ فَقَبِلَتْ بِأَلْفٍ، أَوْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ، فَلَغْوٌ فِي الْمَسَائِل الثَّلَاثِ لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ.</p>وَأَمَّا إِذَا ابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فِي الإِْثْبَاتِ، كَمَتَى أَوْ مَتَى مَا، أَوْ أَيْ حِينٍ، أَوْ زَمَانٍ، أَوْ وَقْتٍ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُول لَفْظًا؛ لأَِنَّ الصِّيغَةَ لَا تَقْتَضِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الإِْعْطَاءُ فَوْرًا فِي الْمَجْلِسِ أَيْ مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ. بِخِلَافِ مَا لَوِ ابْتَدَأَ (بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فِي النَّفْيِ، كَقَوْلِهِ مَتَى لَمْ تُعْطِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ) وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ: مَتَى طَلَّقْتَنِي فَلَكَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>عَلَيَّ أَلْفٌ، فَإِنَّ الْجَوَابَ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ التَّوَاجُبِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْلِيقُ الْخُلْعِ بِالشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> الْخُلْعُ إِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ بِأَنْ كَانَتْ هِيَ الْبَادِئَةُ بِسُؤَال الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَل التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ وَالإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَقْبَل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهِ يَمِينٌ، وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ.</p>وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يُجَوِّزُوا تَعْلِيقَ الْخُلْعِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْخُلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> يَصِحُّ لِلزَّوْجَةِ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْخُلْعِ لَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ لَهَا أَيْضًا؛ لأَِنَّ إِيجَابَ الزَّوْجِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 3 / 250 - 251 - ط المكتبة الإسلامية، روضة الطالبين 7 / 395 - ط المكتب الإسلامي، مغني المحتاج 3 / 269 - 270 - ط التراث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 2 / 272 - ط المعرفة، بدائع الصنائع 3 / 152 - ط الجمالية، جواهر الإكليل 1 / 335 - ط المعرفة، روضة الطالبين 7 / 382 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 217 - ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>يَمِينٌ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ وَصَحَّتْ إِضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِ الْمَوْجُودِ مِنْ جَانِبِهِ طَلَاقًا وَقَبُولُهَا شَرْطُ الْيَمِينِ فَلَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِيهِمَا؛ لأَِنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ بَعْدَ الاِنْعِقَادِ لَا لِلْمَنْعِ مِنَ الاِنْعِقَادِ، وَالْيَمِينُ وَشَرْطُهَا لَا يَحْتَمِلَانِ الْفَسْخَ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ لِكَوْنِ الْمَوْجُودِ مِنْ جِهَتِهَا مَالاً، وَلِهَذَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا قَبْل الْقَبُول، وَلَا تَصِحُّ إِضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لِلْفَسْخِ بَعْدَ الاِنْعِقَادِ، بَل هُوَ مَانِعٌ مِنَ الاِنْعِقَادِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَكَوْنُهُ شَرْطًا لِيَمِينِ الزَّوْجِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوَضَةً فِي نَفْسِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَلْفَاظُ الْخُلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> أَلْفَاظُ الْخُلْعِ سَبْعَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهِيَ: خَالَعْتُكِ - بَايَنْتُكِ - بَارَأْتُكِ - فَارَقْتُكِ - طَلِّقِي نَفْسَكِ عَلَى أَلْفٍ - وَالْبَيْعُ كَبِعْتُ نَفْسَكِ - وَالشِّرَاءُ كَاشْتَرِي نَفْسَكِ.</p>وَلَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ وَهِيَ: الْخُلْعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 2 / 271 - 272 - ط بولاق، فتح القدير 3 / 213 - 214 - ط الأميرية، بدائع الصنائع 3 / 145 - ط الجمالية، حاشية ابن عابدين 2 / 559 - ط بولاق، كشاف الأسرار للبزدوي 4 / 364 - 365 - ط العربي، البحر الرائق 4 / 92 - ط الأولى العلمية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>وَالْفِدْيَةُ، وَالصُّلْحُ، وَالْمُبَارَأَةُ وَكُلُّهَا تَئُول إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ بَذْل الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ عَلَى طَلَاقِهَا.</p>وَأَلْفَاظُ الْخُلْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَنْقَسِمُ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ: فَالصَّرِيحُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ لَفْظَانِ: لَفْظُ خُلْعٍ وَمَا يَشْتَقُّ مِنْهُ لأَِنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الْعُرْفُ. وَلَفْظُ الْمُفَادَاةِ وَمَا يَشْتَقُّ مِنْهُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ لَفْظَ فَسْخٍ لأَِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ. وَهُوَ مِنْ كِنَايَاتِ الْخُلْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَمِنْ كِنَايَاتِهِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا بَيْعٌ.</p>وَلَفْظُ بَارَأْتُكِ، وَأَبْرَأْتُكِ، وَأَبَنْتُكِ، وَصَرِيحُ خُلْعٍ وَكِنَايَتُهُ، كَصَرِيحِ طَلَاقٍ وَكِنَايَتِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، فَإِذَا طَلَبَتِ الْخُلْعَ وَبَذَلَتِ الْعِوَضَ فَأَجَابَهَا بِصَرِيحِ الْخُلْعِ وَكِنَايَتِهِ، صَحَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ لأَِنَّ دَلَالَةَ الْحَال مِنْ سُؤَال الْخُلْعِ، وَبَذْل الْعِوَضِ صَارِفَةٌ إِلَيْهِ فَأَغْنَى عَنِ النِّيَّةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلَالَةَ حَالٍ فَأَتَى بِصَرِيحِ الْخُلْعِ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، سَوَاءٌ قُلْنَا هُوَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ، وَلَا يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ إِلَاّ بِنِيَّةٍ مِمَّنْ تَلَفَّظَ بِهِ مِنْهُمَا، كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ صَرِيحِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌اخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي عِوَضِهِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> إِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الْخُلْعَ، وَالزَّوْجَةُ تُنْكِرُهُ بَانَتْ بِإِقْرَارِهِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا دَعْوَى الْمَال فَتَبْقَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 559 - ط بولاق، بداية المجتهد 2 / 57 - ط التجارية، حاشية الجمل على المنهج 4 / 302 - ط التراث، المغني 7 / 57 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>بِحَالِهَا كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ، وَيَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهَا فِيهَا؛ لأَِنَّهَا تُنْكِرُ، وَالْقَوْل قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>أَمَّا إِذَا ادَّعَتِ الزَّوْجَةُ الْخُلْعَ، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَيْفَمَا كَانَ، كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ، وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُهُ، وَالْقَوْل قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لأَِنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ.</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ قَالَتِ الزَّوْجَةُ: طَلَّقْتَنِي ثَلَاثًا بِعَشَرَةٍ فَقَال الزَّوْجُ: بَل طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِعَشَرَةٍ، فَالْقَوْل قَوْل الزَّوْجِ بِلَا يَمِينٍ، وَوَقَعَتِ الْبَيْنُونَةُ؛ لأَِنَّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّوْجُ هِيَ مُدَّعِيَةٌ لَهُ، وَكُل دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إِلَاّ بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَالْمَنْقُول عِنْدَهُمْ أَنَّ الْقَوْل قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَل حُبِسَ، وَلَا يُقَال تَحْلِفُ وَيَثْبُتُ مَا تَدَّعِيهِ، لأَِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُول مَعَ الْحَلِفِ وَتَبِينُ مِنْهُ فِي اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْخُلْعِ، وَتَكُونُ رَجْعِيَّةً فِي غَيْرِهِ.</p>أَمَّا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخُلْعِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ، أَوْ جِنْسِهِ، أَوْ حُلُولِهِ، أَوْ تَأْجِيلِهِ، أَوْ صِفَتِهِ فَالْقَوْل قَوْل الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا أَبُو بَكْرٍ نَصًّا عَنْ أَحْمَدَ، وَالْقَوْل قَوْلُهَا أَيْضًا بِيَمِينِهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْقَوْل قَوْلُهَا فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ؛ وَلأَِنَّهَا مُنْكِرَةٌ لِلزِّيَادَةِ فِي الْقَدْرِ، أَوِ الصِّفَةِ، فَكَانَ الْقَوْل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>قَوْلَهَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (1) وَعَلَى الْقَوْل: إِنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ لَا يُقَال يَتَحَالَفَانِ كَالْمُتَبَايِعِينَ؛ لأَِنَّ التَّحَالُفَ فِي الْبَيْعِ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِفَسْخِ الْعَقْدِ، وَالْخُلْعُ فِي نَفْسِهِ فَسْخٌ فَلَا يُفْسَخُ.</p>وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْقَوْل قَوْل الزَّوْجِ؛ لأَِنَّ الْبُضْعَ يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ فَكَانَ الْقَوْل قَوْلَهُ فِي عِوَضِهِ.</p>وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا تَحَالَفَا كَالْمُتَبَايِعِينَ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ. وَيَجِبُ بِبَيْنُونَتِهَا بِفَوَاتِ الْعِوَضِ مَهْرُ الْمِثْل وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ، لأَِنَّهُ الْمَرَدُّ، فَإِنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عُمِل بِهَا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" اليمين على المدعى عليه ". أخرجه بهذا اللفظ البيهقي (10 / 252 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وأشار إلى شذوذ هذا اللفظ، ورواه بإسناد صحيح بلفظ:" البينة على المدعي، واليمين على من أنكر ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 564 - ط بولاق، البحر الرائق 4 / 94 - ط الأولى العلمية، جواهر الإكليل 1 / 336 - ط المعرفة، الشرح الكبير 2 / 360 - ط الفكر، الشرح الصغير 2 / 206 - ط المدني، الخرشي مع حاشية العدوي عليه 4 / 26 - 27 ط بولاق، بجيرمي على الخطيب 3 / 415 - ط المعرفة، الجمل على المنهج 4 / 318 - 319 - ط التراث، المهذب 2 / 77 - 78 - ط الحلبي، الكافي 3 / 158 - ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 5 / 230 - ط النصر، المبدع 7 / 246 - ط المكتب الإسلامي، المغني 7 / 93 - ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلٌّ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَل فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفٌ، يُقَال: اخْتَل الشَّيْءُ إِذَا تَغَيَّرَ وَاضْطَرَبَ، وَخَلَّل‌<span class="title">‌ الْخَمْرَ </span>أَيْ جَعَلَهَا خَلًّا (1) . وَسُمِّيَ الْخَل بِذَلِكَ لأَِنَّهُ اخْتَل مِنْهُ طَعْمُ الْحَلَاوَةِ إِلَى الْحُمُوضَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل (2) .</p>وَيُطْلَقُ فِي الاِصْطِلَاحِ عَلَى نَفْسِ الْمَعْنَى.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الْخَمْرُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخَمْرُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِكُل مُسْكِرٍ خَامَرَ الْعَقْل أَيْ غَطَّاهُ (3) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ هِيَ عَصِيرُ الْعِنَبِ النِّيءُ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ.</p>وَيُقَال أَيْضًا لِكُل مَا خَامَرَ الْعَقْل وَسَتَرَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الْعِنَبِ أَمْ غَيْرِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير ومتن اللغة مادة: (خلل) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ديث: " نعم الأدم الخل ". أخرجه مسلم (3 / 1623 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب والمصباح والقاموس في المادة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>وَعَلَى ذَلِكَ فَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنِ الْخَل فِي الطَّعْمِ وَفِي أَنَّهَا مُسْكِرٌ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ النَّبِيذُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> النَّبِيذُ فِي اللُّغَةِ مِنَ النَّبْذِ بِمَعْنَى التَّرْكِ، يُقَال: نَبَذْتُهُ نَبْذًا: أَلْقَيْتَهُ، وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ مَا يُلْقَى مِنَ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ وَنَحْوِهِمَا أَوِ الْحُبُوبِ فِي الْمَاءِ لِيَكْسِبَهُ مِنْ طَعْمِهِ، وَالاِنْتِبَاذُ اتِّخَاذُ النَّبِيذِ (2) .</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ:(نَبِيذٌ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْخَلِيطَانِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْخَلِيطَانِ شَرَابٌ خُلِطَ عِنْدَ النَّبْذِ أَوِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، أَوْ بُسْرٍ مَعَ رُطَبٍ، أَوْ تَمْرٍ وَحِنْطَةٍ مَعَ شَعِيرٍ، أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ تِينٍ (3) .</p>وَهُنَاكَ أَشْرِبَةٌ أُخْرَى ذَاتُ صِلَةٍ بِالْخَل لَهَا أَسْمَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَأَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ خَاصَّةٌ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ:(أَشْرِبَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْخَل:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْخَل، مَالٌ مُتَقَوِّمٌ طَاهِرٌ يَحِل أَكْلُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 5 / 288، والمدونة 6 / 261، ونهاية المحتاج 8 / 9، وكشاف القناع 6 / 116، والمغني 9 / 159.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعجم الوسيط والمصباح المنير مادة:(نبذ) والاختيار 4 / 100، 101، وبداية المجتهد 1 / 490 وروضة الطالبين 10 / 168، والمغني لابن قدامة 8 / 317.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 45، 46، وجواهر الإكليل 1 / 219، والمغني 8 / 318 - 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>وَالاِسْتِفَادَةُ مِنْهُ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ كَسَائِرِ الأَْمْوَال الْمُتَقَوِّمَةِ. وَبِمَا أَنَّ أَصْلَهُ وَأَصْل الْخَمْرِ وَسَائِرَ الأَْشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَاحِدٌ غَالِبًا تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ لأَِحْكَامِ الْخَل فِي مَوَاضِعَ نَذْكُرُهَا فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: تَخَلُّل الْخَمْرِ وَتَخْلِيلُهَا:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِذَا تَخَلَّلَتِ الْخَمْرُ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ عِلَاجٍ بِأَنْ تَتَغَيَّرَ مِنَ الْخَمْرِيَّةِ إِلَى الْخَلِيَّةِ حَل ذَلِكَ الْخَل، فَيَجُوزَ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل (1) .</p>كَذَلِكَ إِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَقْلِهَا مِنْ شَمْسٍ إِلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (2) .</p>وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْلِيلِهَا بِالْعِلَاجِ بِإِلْقَاءِ الْخَل، أَوِ الْبَصَل، أَوِ الْمِلْحِ فِيهَا، أَوْ إِيقَادِ نَارٍ عِنْدَهَا بِقَصْدِ التَّخْلِيل:</p>فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَحِل تَخْلِيل الْخَمْرِ بِالْعِلَاجِ وَلَا تَطْهُرُ بِالتَّخْلِيل. لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا فَقَال: أَهْرِقْهَا، قَال: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَال: لَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " نعم الأدم الخل ". تقدم تخريجه ف / 1.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 8 / 166، 167، والزيلعي 6 / 48، 49، وبداية المجتهد 1 / 461، ومغني المحتاج 1 / 81، والروضة 4 / 72، وكشاف القناع 1 / 187.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي طلحة: " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام. . " أخرجه أبو داود (4 / 82 - 83 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>وَلأَِنَّنَا أُمِرْنَا بِاجْتِنَابِ الْخَمْرِ، وَفِي التَّخْلِيل اقْتِرَابٌ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَوُّل فَلَا يَجُوزُ (1) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: جَازَ تَخْلِيل الْخَمْرِ، وَحَل شُرْبُ ذَلِكَ الْخَل وَأَكْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ التَّخْلِيل وَالتَّخَلُّل، وَلأَِنَّ التَّخْلِيل يُزِيل الْوَصْفَ الْمُفْسِدَ، وَيَثْبُتُ وَصْفُ الصَّلَاحِيَّةِ؛ لأَِنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ التَّدَاوِي، وَالتَّغَذِّي وَمَصَالِحَ أُخْرَى، وَإِذَا زَال الْمُفْسِدُ الْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ حَلَّتْ، كَمَا إِذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا؛ وَلأَِنَّ التَّخْلِيل إِصْلَاحٌ فَجَازَ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ دَبْغِ الْجِلْدِ (2)، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دُبِغَ الإِْهَابُ فَقَدْ طَهُرَ (3) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَشْرِبَةٌ ج 5 27 - 29)(وَتَخْلِيلٌ ج 11 54) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: أَكْل وَشُرْبُ الْخَل:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ أَكْل وَشُرْبِ الْخَل، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الْعِنَبِ أَمْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ أَكْل خَل الْخَمْرِ الَّتِي تَخَلَّلَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 461، وجواهر الإكليل 1 / 9، والمجموع 1 / 225، والمغني 8 / 319، وكشاف القناع 1 / 187.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 8 / 166، 167، والزيلعي 6 / 48، 49 وابن عابدين 1 / 209، والاختيار 4 / 101، 102، وجواهر الإكليل 1 / 9.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إذا دبغ الإهاب فقد طهر ". أخرجه مسلم (1 / 277 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ عِلَاجٍ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل (1) .</p>وَكَمَا حَل أَكْل الْخَل حَل أَكْل دُودِهِ مَعَ الْخَل حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، كَدُودِ الْفَاكِهَةِ مَعَهَا لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ كَجُزْئِهِ طَبْعًا وَطَعْمًا. أَمَّا أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا فَحَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ (2)</p>أَمَّا إِذَا خُلِّلَتِ الْخَمْرُ بِالْعِلَاجِ بِإِلْقَاءِ الْخَل أَوِ الْمِلْحِ فِيهَا مَثَلاً، فَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي تَخَلُّل الْخَمْرِ وَتَخْلِيلِهَا ف 6.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الطَّهَارَةُ بِالْخَل:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إِزَالَةِ الْحَدَثِ الأَْصْغَرِ أَوِ الأَْكْبَرِ بِالْخَل وَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُعْتَصَرُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ؛ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ، وَالْخَل لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَمَاءُ الْوَرْدِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ إِلَاّ بِالْقَيْدِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 4 / 101، 102، وجواهر الإكليل 1 / 9، 219، وأسنى المطالب 1 / 567، 568، ومطالب أولي النهى 5 / 250. وحديث:" نعم الأدم الخل ". سبق تخريجه ف / 1.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير مع الهداية 1 / 57، وأسنى المطالب 1 / 567، والمجموع 1 / 131، وكشاف القناع 6 / 204.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 1 / 133، 177، وابن عابدين 1 / 23، والفتاوى الهندية 1 / 21، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 34، والمجموع للنووي 1 / 95 - 97، والمغني 1 / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>كَذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ بِالْخَل، فَالطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَاسَةِ لَا تَحْصُل عِنْدَهُمْ إِلَاّ بِمَا تَحْصُل بِهِ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ، لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (1) ، {وَيُنَزِّل عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} (2)، قَال النَّوَوِيُّ: ذَكَرَهُ سبحانه وتعالى امْتِنَانًا فَلَوْ حَصَلَتِ الطَّهَارَةُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَحْصُل الاِمْتِنَانُ بِهِ (3) .</p>وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ، ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَّ لِتُصَلِّيَ فِيهِ (4) . وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَوَازُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ، فَلَوْ جَازَ بِغَيْرِ الْمَاءِ لَبَيَّنَهُ مَرَّةً فَأَكْثَرَ (5) .</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الفرقان / 48.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنفال / 11.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع للنووي 1 / 95.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة. . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 410 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 240 - ط الحلبي) من حديث أسماء بنت أبي بكر واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المجموع للنووي 1 / 95، والمراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ وَبِكُل مَائِعٍ طَاهِرٍ يُمْكِنُ إِزَالَتُهَا بِهِ، كَالْخَل وَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا إِذَا عُصِرَ انْعَصَرَ بِخِلَافِ الدُّهْنِ وَالزَّيْتِ وَاللَّبَنِ وَالسَّمْنِ.</p>وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا كَانَ لإِِحْدَانَا إِلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا (1) وَبِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَل فِيهِمَا (2) . وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّهَا طَهَارَةٌ بِغَيْرِ الْمَاءِ، فَدَل عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ وَلأَِنَّ الْخَل وَنَحْوَهُ مِنَ الْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ قَالِعٌ لِلنَّجَاسَةِ وَمُزِيلٌ لَهَا كَالْمَاءِ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: بَيْعُ الْخَل وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الأَْصْل أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَكِيل أَوِ الْمَوْزُونِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلاً وَلَا نَسَاءً؛ لأَِنَّهُ يُعْتَبَرُ رِبًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة:" ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد. . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 412 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر. . " أخرجه أبو داود (1 / 427 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وقال النووي في المجموع (2 / 179 - ط المنيرية) : " إسناده صحيح ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير مع الهداية 1 / 133، والفتاوى الهندية 1 / 21، 43، وأسنى المطالب 1 / 18، والمجموع للنووي 1 / 95 - 97، والمغني لابن قدامة 1 / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى، بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ، وَبِيعُوا الْبُرَّ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ، وَبِيعُوا الشَّعِيرَ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ (1) وَفِي رِوَايَةٍ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْشْيَاءُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَل الْعِنَبِ بِخَل الْعِنَبِ، وَلَا بَيْعُ خَل الزَّبِيبِ بِخَل الزَّبِيبِ، وَلَا بَيْعُ خَل التَّمْرِ بِخَل التَّمْرِ مُتَفَاضِلاً وَلَا نَسَاءً، وَيَجُوزُ مُتَمَاثِلاً يَدًا بِيَدٍ، وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لاِتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ؛ لأَِنَّ الْخَل مِنَ الْمَكِيلَاتِ (2) .</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الْخُلُول مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ آخَرَ، كَخَل الْعِنَبِ بِخَل التَّمْرِ مَثَلاً. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الذهب بالذهب مثلاً بمثل. . " أخرجه مسلم (3 / 1211 - ط الحلبي) والترمذي (3 / 541 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت، واللفظ للترمذي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 185، وتبيين الحقائق للزيلعي 4 / 87، 94، وجواهر الإكليل 2 / 18، 19، ومغني المحتاج 2 / 22، 23، 24، وكشاف القناع 3 / 251 - 255، وروضة الطالبين 3 / 291، وحاشية الجمل 3 / 60، 61، والمغني 4 / 4، 25 - 27.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ نَوْعٍ مِنَ الْخَل بِنَوْعٍ آخَرَ مِنْهُ مُتَفَاضِلاً كَاللُّحُومِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ لأَِنَّ أُصُولَهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ، وَأَسْمَاؤُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الإِْضَافَةِ كَدَقِيقِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَالْمَقْصُودُ أَيْضًا مُخْتَلِفٌ، فَبَعْضُ النَّاسِ يَرْغَبُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَقَدْ يَضُرُّهُ الْبَعْضُ وَيَنْفَعُهُ غَيْرُهُ، فَفُرُوعُ الأَْجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ تُعْتَبَرُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً، كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ وَالدُّهْنِ وَالْخَل؛ لأَِنَّ الْفُرُوعَ تَتْبَعُ أُصُولَهَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَخَل التَّمْرِ جِنْسٌ وَخَل الْعِنَبِ جِنْسٌ آخَرُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا مُتَفَاضِلاً (1) .</p>إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ فَصَّلُوا فِي بَيْعِ الْخَل إِذَا دَخَلَهُ الْمَاءُ.</p>وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مِنْ هَذَا بَيْعَ خَل عِنَبٍ بِخَل زَبِيبٍ، فَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِهِ وَلَوْ مُتَمَاثِلاً؛ لاِنْفِرَادِ خَل الزَّبِيبِ بِالْمَاءِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ جَمِيعَ الْخُلُول جِنْسٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنَ الْعِنَبِ، أَمْ مِنَ الزَّبِيبِ، أَوِ التَّمْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَا يَتَعَدَّدُ جِنْسُ الأَْنْبِذَةِ عِنْدَهُمْ. حَتَّى إِنَّ الأَْنْبِذَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 185، والزيلعي 4 / 94، ومغني المحتاج 2 / 23، 24، والروضة 3 / 291، ونهاية المحتاج 3 / 416، وحاشية الجمل 3 / 60، 61، وكشاف القناع 3 / 255، والمغني 4 / 25.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 255.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>وَالْخُلُول اعْتُبِرَتْ جِنْسًا وَاحِدًا فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ.</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُل وَلَا النَّسَاءُ فِي بَيْعِ الْخُلُول وَلَوْ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لأَِنَّهَا كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالأَْنْبِذَةِ مُتَفَاضِلَةً فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ لاِعْتِبَارِهِمْ الْخُلُول وَالأَْنْبِذَةَ جِنْسًا وَاحِدًا لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: الضَّمَانُ فِي غَصْبِ الْخَل وَإِتْلَافِهِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ غَصَبَ أَوْ أَتْلَفَ خَل مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ طَاهِرٌ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَاقْتِنَاؤُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ كَمَا سَبَقَ (2) .</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا صَارَتْ خَلًّا عَلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَدُ الْمَالِكِ لَمْ تَزُل عَنْهَا بِالْغَصْبِ، فَكَأَنَّهَا تَخَلَّلَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 18، 19، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 49.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 114، ومغني المحتاج 2 / 285، والحطاب 5 / 280، وكشاف القناع 4 / 78.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 5 / 134، وجواهر الإكليل على مختصر خليل 2 / 149، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 447، ومغني المحتاج 3 / 291، ومطالب أولي النهى 4 / 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَّلَهَا الْغَاصِبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (وَهُمْ يَقُولُونَ بِجَوَازِ التَّخْلِيل بِالْعِلَاجِ كَمَا سَبَقَ) ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوا بِمَا إِذَا كَانَ التَّخْلِيل بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَإِلْقَاءِ حِنْطَةٍ وَمِلْحٍ يَسِيرٍ، أَوْ تَشْمِيسٍ. أَمَّا لَوْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ وَالْخَل، فَالْخَل مِلْكُ الْغَاصِبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّ الْمِلْحَ وَالْخَل مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، فَيَرْجِعُ جَانِبُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ لَهُ بِلَا شَيْءٍ، خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَا: يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إِنْ شَاءَ، وَيَرُدُّ قَدْرَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنَ الْخَل (1) .</p>وَالْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْخَل لِلْغَاصِبِ مُطْلَقًا لِحُصُول الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ (2) .</p>ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَصَّلُوا بَيْنَ خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَخَمْرِ الْكَافِرِ فَقَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْخَمْرُ لِلْكَافِرِ وَتَخَلَّلَتْ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الْخَل وَبَيْنَ تَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا. وَإِذَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْخَل (3) .</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ عَلَى الْغَاصِبِ الضَّمَانَ بِرَدِّ مِثْلِهِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ لِذَهَابِ مَالِيَّتِهِ بِتَخَمُّرِهِ وَانْقِلَابِهِ إِلَى مَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين مع الدر 5 / 134، وجواهر الإكليل 2 / 149.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 290، 291.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 2 / 149، وحاشية الدسوقي 3 / 447.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ (1) .</p>وَإِذَا تَخَلَّل عِنْدَ الْغَاصِبِ بَعْدَ التَّخَمُّرِ فَقَال الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَرُدُّهُ الْغَاصِبُ وَيَرُدُّ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَصِيرِ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ بِسَبَبِ غَلَيَانِهِ، لأَِنَّهُ نَقْصٌ حَصَل فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَيَضْمَنُهُ.</p>وَفِي الْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: يَلْزَمُهُ مِثْل الْعَصِيرِ. لأَِنَّهُ بِالتَّخَمُّرِ كَالتَّالِفِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ تَخَلَّل الْعَصِيرُ الْمَغْصُوبُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ خُيِّرَ مَالِكُهُ بَيْنَ أَخْذِ عَصِيرِ مِثْلِهِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ خَلًّا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 149، ومغني المحتاج 2 / 291، وكشاف القناع 4 / 110.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 291، وكشاف القناع 4 / 110.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 447.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلْوَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخَلْوَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ خَلَا الْمَكَانُ وَالشَّيْءُ يَخْلُو خُلُوًّا وَخَلَاءً، وَأَخْلَى الْمَكَانُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ وَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَخَلَا الرَّجُل وَأَخْلَى وَقَعَ فِي مَكَان خَالٍ لَا يُزَاحَمُ فِيهِ.</p>وَخَلَا الرَّجُل بِصَاحِبِهِ وَإِلَيْهِ وَمَعَهُ خُلُوًّا وَخَلَاءً وَخَلْوَةً: انْفَرَدَ بِهِ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ فِي خَلْوَةٍ، وَكَذَلِكَ خَلَا بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً.</p>وَالْخَلْوَةُ: الاِسْمُ، وَالْخِلْوُ: الْمُنْفَرِدُ، وَامْرَأَةٌ خَالِيَةٌ، وَنِسَاءٌ خَالِيَاتٌ: لَا أَزْوَاجَ لَهُنَّ وَلَا أَوْلَادَ، وَالتَّخَلِّي: التَّفَرُّغُ، يُقَال: تَخَلَّى لِلْعِبَادَةِ، وَهُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الْخُلُوِّ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الْمُصْطَلَحِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، المصباح المنير، الكليات، المفردات للراغب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 293، الصاوي على الشرح الصغير 1 / 313 ط الحلبي، المجموع 4 / 155 وما بعدها، شرح منتهى الإرادات 3 / 7، شرح صحيح مسلم للنووي 2 / 198.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ</span>.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الاِنْفِرَادُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِنْفِرَادُ مَصْدَرُ انْفَرَدَ، يُقَال: انْفَرَدَ الرَّجُل بِنَفْسِهِ انْقَطَعَ وَتَنَحَّى، وَتَفَرَّدَ بِالشَّيْءِ انْفَرَدَ بِهِ، وَفَرَّدَ الرَّجُل إِذَا تَفَقَّهَ وَاعْتَزَل النَّاسَ، وَخَلَا بِمُرَاعَاةِ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعِبَادَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ: طُوبَى لِلْمُفْرِّدِينَ (1) . وَاسْتَفْرَدَ فُلَانًا انْفَرَدَ بِهِ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعُزْلَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْعُزْلَةُ اسْمُ مَصْدَرٍ، يُقَال عَزَلْتُ الشَّيْءَ عَنْ غَيْرِهِ عَزْلاً نَحَّيْتَهُ عَنْهُ، وَمِنْهُ عَزَلْتُ النَّائِبَ كَالْوَكِيل إِذَا أَخْرَجْتَهُ عَمَّا كَانَ لَهُ مِنَ الْحُكْمِ، وَانْعَزَل عَنِ النَّاسِ، إِذَا تَنَحَّى عَنْهُمْ جَانِبًا، وَفُلَانٌ عَنِ الْحَقِّ بِمَعْزِلٍ، أَيْ مُجَانِبٌ لَهُ، وَتَعَزَّلْتُ الْبَيْتَ وَاعْتَزَلْتُهُ، وَالاِعْتِزَال تَجَنُّبُ الشَّيْءِ عِمَالَةً كَانَتْ أَوْ بَرَاءَةً، أَوْ غَيْرَهُمَا، بِالْبَدَنِ كَانَ ذَلِكَ أَوْ بِالْقَلْبِ. وَتَعَازَل الْقَوْمُ انْعَزَل بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَالْعُزْلَةُ: الاِنْعِزَال نَفْسُهُ، يُقَال: الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " طوبى للمفردين ". أورده ابن الأثير في النهاية (3 / 425 - ط الحلبي) دون عزوه لأحد، وقد ورد بلفظ:" سبق المفردون "، أخرجه مسلم (4 / 2062 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، المصباح المنير مادة:" فرد ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، المصباح المنير، المفردات للراغب مادة:" عزل ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ السِّتْرُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> السِّتْرُ مَا يُسْتَرُ بِهِ، أَيْ يُغَطَّى بِهِ وَيُخْفَى، وَجَمْعُهُ سُتُورٌ، وَالسُّتْرَةُ مِثْلُهُ، قَال ابْنُ فَارِسٍ: السُّتْرَةُ مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ، وَالسِّتَارَةُ بِالْكَسْرِ، وَالسِّتَارُ بِحَذْفِ الْهَاءِ لُغَةً.</p>وَيُقَال لِمَا يَنْصِبُهُ الْمُصَلِّي قُدَّامَهُ عَلَامَةً لِمُصَلَاّهُ مِنْ عَصًا، وَتَسْنِيمِ تُرَابٍ، وَغَيْرِهِ، سُتْرَةً، لأَِنَّهُ يَسْتُرُ الْمَارَّ مِنَ الْمُرُورِ أَيْ يَحْجُبُهُ. وَالاِسْتِتَارُ: الاِخْتِفَاءُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْخَلْوَةُ بِمَعْنَى الاِنْفِرَادِ بِالنَّفْسِ فِي مَكَان خَالٍ، الأَْصْل فِيهَا الْجَوَازُ، بَل قَدْ تَكُونُ مُسْتَحَبَّةً، إِذَا كَانَتْ لِلذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ، وَلَقَدْ حُبِّبَ الْخَلَاءُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْل الْبَعْثَةِ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ (2)، قَال النَّوَوِيُّ: الْخَلْوَةُ شَأْنُ الصَّالِحِينَ وَعِبَادِ اللَّهِ الْعَارِفِينَ (3) .</p>وَالْخَلْوَةُ بِمَعْنَى الاِنْفِرَادِ بِالْغَيْرِ تَكُونُ مُبَاحَةً بَيْنَ الرَّجُل وَالرَّجُل، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا، كَالْخَلْوَةِ لاِرْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ مُبَاحَةٌ بَيْنَ الرَّجُل وَمَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ، وَبَيْنَ الرَّجُل وَزَوْجَتِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) اللسان، المصباح المنير، مفردات الراغب مادة:" ستر ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " كان يخلو بغار حراء يتحنث فيه ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 23 - ط السلفية) من حديث عائشة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح صحيح مسلم 2 / 198.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>وَمِنَ الْمُبَاحِ أَيْضًا الْخَلْوَةُ بِمَعْنَى انْفِرَادِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ فِي وُجُودِ النَّاسِ، بِحَيْثُ لَا تَحْتَجِبُ أَشْخَاصُهُمَا عَنْهُمْ، بَل بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُونَ كَلَامَهُمَا.</p>فَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَْنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَلَا بِهَا (1) وَعَنْوَنَ ابْنُ حَجَرٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِبَابِ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُل بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ، وَعَقَّبَ بِقَوْلِهِ: لَا يَخْلُو بِهَا بِحَيْثُ تَحْتَجِبُ أَشْخَاصُهُمَا عَنْهُمْ، بَل بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُونَ كَلَامَهُمَا إِذَا كَانَ بِمَا يُخَافِتُ بِهِ كَالشَّيْءِ الَّذِي تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ مِنْ ذِكْرِهِ بَيْنَ النَّاسِ (2) .</p>وَتَكُونُ الْخَلْوَةُ حَرَامًا كَ‌<span class="title">‌الْخَلْوَةِ بِالأَْجْنَبِيَّةِ </span>عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.</p>وَقَدْ تَكُونُ الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ وَاجِبَةً فِي حَال الضَّرُورَةِ، كَمَنْ وَجَدَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مُنْقَطِعَةً فِي بَرِيَّةٍ، وَيَخَافُ عَلَيْهَا الْهَلَاكَ لَوْ تُرِكَتْ (3) .</p> </p>الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ:</p><font color=#ff0000>6 -</font> الأَْجْنَبِيَّةُ: هِيَ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مَحْرَمًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم. . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 333 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 9 / 333.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 5 / 125، ابن عابدين 5 / 235، 236، الحطاب 3 / 410، المجموع 4 / 157، تحقيق المطيعي، المغني 6 / 553، منتهى الإرادات 3 / 7.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>وَالْمَحْرَمُ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، إِمَّا بِالْقَرَابَةِ، أَوِ الرَّضَاعَةِ، أَوِ الْمُصَاهَرَةِ (1) ، وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل الْخَلْوَةُ بِهَا، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ، قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ (2) .</p>وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالأَْجْنَبِيَّةِ مُحَرَّمَةٌ.</p>وَقَالُوا: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ، وَلَا زَوْجَةٍ، بَل أَجْنَبِيَّةٌ؛ لأَِنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ بِفِعْل مَا لَا يَحِل، قَال صلى الله عليه وسلم: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَاّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ (3) .</p>وَقَالُوا: إِنْ أَمَّ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَخَلَا بِهَا، حَرُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إِلَاّ لِمُلَازَمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ، وَدَخَلَتْ خَرِبَةً (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 2 / 124.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 331 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ". أخرجه الترمذي (4 / 466 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب، وقال:" حسن صحيح ".</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم / 288، والفواكه الدواني 2 / 409، 410، والمجموع 4 / 155، ومطالب أولي النهى 5 / 18، وشرح منتهى الإرادات 3 / 7.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا مَعَهَا:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ خَلْوَةِ الرَّجُل بِالأَْجْنَبِيَّةِ مَعَ وُجُودِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَكَذَا خَلْوَةُ عَدَدٍ مِنَ الرِّجَال بِامْرَأَةٍ، فَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ، فَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُوَ بِنِسْوَةٍ، وَلَوْ خَلَا رَجُلٌ بِنِسْوَةٍ، وَهُوَ مَحْرَمُ إِحْدَاهُنَّ جَازَ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَتِ امْرَأَةٌ بِرِجَالٍ، وَأَحَدُهُمْ مَحْرَمٌ لَهَا جَازَ، وَلَوْ خَلَا عِشْرُونَ رَجُلاً بِعِشْرِينَ امْرَأَةً، وَإِحْدَاهُنَّ مَحْرَمٌ لأَِحَدِهِمْ جَازَ، قَال: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُل أَنْ يُصَلِّيَ بِنِسَاءٍ مُنْفَرِدَاتٍ، إِلَاّ أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُنَّ مَحْرَمًا لَهُ.</p>وَحَكَى صَاحِبُ الْعِدَّةِ عَنِ الْقَفَّال مِثْل الَّذِي ذَكَرَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَحَكَى فِيهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي تَحْرِيمِ خَلْوَةِ الرَّجُل بِنِسْوَةٍ مُنْفَرِدًا بِهِنَّ.</p>وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَ إِيرَادِ الأَْقْوَال السَّابِقَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ خَلْوَةِ رَجُلٍ بِنِسْوَةٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ؛ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لأَِنَّ النِّسَاءَ يَسْتَحْيِينَ مِنْ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا فِي ذَلِكَ (1) .</p>وَفِي حَاشِيَةِ الْجَمَل: يَجُوزُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. أَمَّا خَلْوَةُ رِجَالٍ بِامْرَأَةٍ، فَإِنْ حَالَتِ الْعَادَةُ دُونَ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 7 / 61، 62.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>وُقُوعِ فَاحِشَةٍ بِهَا، كَانَتْ خَلْوَةً جَائِزَةً، وَإِلَاّ فَلَا (1) . وَفِي الْمَجْمُوعِ: إِنْ خَلَا رَجُلَانِ أَوْ رِجَالٌ بِامْرَأَةٍ فَالْمَشْهُورُ تَحْرِيمُهُ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَقَعُ اتِّفَاقُ رِجَالٍ عَلَى فَاحِشَةٍ بِامْرَأَةٍ، وَقِيل: إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَبْعُدُ مُوَاطَأَتُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ جَازَ (2) .</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَتَنْتَفِي عِنْدَهُمْ حُرْمَةُ الْخَلْوَةِ بِوُجُودِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ جَوَازَ الْخَلْوَةِ بِأَكْثَرَ مِنَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ، أَنَّ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ بِالأَْجْنَبِيَّةِ تَنْتَفِي بِالْحَائِل، وَبِوُجُودِ مَحْرَمٍ لِلرَّجُل مَعَهُمَا، أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ قَادِرَةٍ (3) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ أَيْ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ، وَكَذَا مُحَاذَاتُهُ لَهُنَّ بِأَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ عَنْ يَمِينِهِ وَأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ، وَيُقَال مِثْل ذَلِكَ فِي امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كُنَّ مَحَارِمَ (4) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَحْرُمُ خَلْوَةُ الرَّجُل مَعَ عَدَدٍ مِنَ النِّسَاءِ أَوِ الْعَكْسِ كَأَنْ يَخْلُوَ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَال بِامْرَأَةٍ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الْمَخْطُوبَةُ تُعْتَبَرُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ خَاطِبِهَا، فَتَحْرُمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 4 / 466.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 4 / 156.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 5 / 236.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بلغة السالك والشرح الصغير 1 / 158، 159.</p><font color=#ff0000>(5)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 7.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>الْخَلْوَةُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنَ الأَْجْنَبِيَّاتِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ لِلْعِلَاجِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ لِضَرُورَةِ عِلَاجٍ إِلَاّ مَعَ حُضُورِ مَحْرَمٍ لَهَا، أَوْ زَوْجٍ، أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لأَِنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا مَعَ وُجُودِ هَؤُلَاءِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمَحْظُورِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(ضَرُورَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِجَابَةُ الْوَلِيمَةِ مَعَ الْخَلْوَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> تَجِبُ إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى الْوَلِيمَةِ، أَوْ تُسَنُّ، إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الإِْجَابَةِ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَإِلَاّ حَرُمَتْ، كَمَا جَاءَ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ (3) .</p>(ر: وَلِيمَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالأَْمْرَدِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالأَْمْرَدِ إِنْ كَانَ صَبِيحًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 237، البناية في شرح الهداية 3 / 442، شرح البهجة 4 / 93، 94، الفواكه الدواني 2 / 410، مطالب أولي النهى 5 / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 410، مغني المحتاج 3 / 133، مطالب أولي النهى 5 / 12.</p><font color=#ff0000>(3)</font> منح الجليل 2 / 167، 168، حاشية الجمل على المنهاج 4 / 272، مطالب أولي النهى 5 / 234.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>وَخِيفَتِ الْفِتْنَةُ، حَتَّى رَأَى الشَّافِعِيَّةُ حُرْمَةَ خَلْوَةِ الأَْمْرَدِ بِالأَْمْرَدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ، أَوْ خَلْوَةِ الرَّجُل بِالأَْمْرَدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ رِيبَةٌ فَلَا تَحْرُمُ، كَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(أَمْرَدُ)(1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالْمَحَارِمِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ خَلْوَةُ الرَّجُل بِالْمَحَارِمِ مِنَ النِّسَاءِ. وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، وَيَخْلُوَ بِهَا - يَعْنِي بِمَحَارِمِهِ - إِذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا أَوْ تَشْتَهِيهِ إِنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا، أَوْ كَانَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فَلَا يُبَاحُ (2) .</p>وَمِمَّا يَدْخُل فِي حُكْمِ الْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ الْخَلْوَةُ بِالْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، مَعَ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْخَلْوَةِ رَجْعَةً أَمْ لَا، عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا فَهِيَ كَالأَْجْنَبِيَّةِ فِي الْحُكْمِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> لِلْخَلْوَةِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَثَرٌ فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي تَحْدِيدِ الْخَلْوَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الأَْثَرُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموسوعة الفقهية 3 / 252.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية 3 / 407.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْخَلْوَةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> الْخَلْوَةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ هِيَ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ، أَوْ خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ كَمَا يُطْلِقُ عَلَيْهَا الْمَالِكِيَّةُ.</p>وَهِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الَّتِي لَا يَكُونُ مَعَهَا مَانِعٌ مِنَ الْوَطْءِ، لَا حَقِيقِيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ وَلَا طَبَعِيٌّ.</p>أَمَّا الْمَانِعُ الْحَقِيقِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ، أَوْ صَغِيرًا لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ، أَوْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا، أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ، لأَِنَّ الرَّتْقَ وَالْقَرَنَ يَمْنَعَانِ مِنَ الْوَطْءِ.</p>وَتَصِحُّ خَلْوَةُ الزَّوْجِ الْعِنِّينِ أَوِ الْخَصِيِّ؛ لأَِنَّ الْعُنَّةَ وَالْخِصَاءَ لَا يَمْنَعَانِ مِنَ الْوَطْءِ، فَكَانَتْ خَلْوَتُهُمَا كَخَلْوَةِ غَيْرِهِمَا.</p>وَتَصِحُّ خَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ السَّحْقُ وَالإِْيلَادُ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا تَصِحُّ خَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ لأَِنَّ الْجَبَّ يَمْنَعُ مِنَ الْوَطْءِ فَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ كَالْقَرَنِ وَالرَّتْقِ.</p>وَأَمَّا الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَائِمًا صَوْمَ رَمَضَانَ أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ، أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لأَِنَّ كُل ذَلِكَ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ، فَكَانَ مَانِعًا مِنَ الْوَطْءِ شَرْعًا، وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ يَمْنَعَانِ مِنْهُ طَبْعًا أَيْضًا لأَِنَّهُمَا أَذًى، وَالطَّبْعُ السَّلِيمُ يَنْفِرُ مِنَ اسْتِعْمَال الأَْذَى.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>وَأَمَّا فِي غَيْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقَدْ ذَكَرَ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءَ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ نَفْل الصَّوْمِ كَفَرْضِهِ، فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الأَْخِيرَةِ أَنَّ صَوْمَ التَّطَوُّعِ يُحَرِّمُ الْفِطْرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَصَارَ كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَذَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ.</p>وَفِي رِوَايَةِ بِشْرٍ أَنَّ صَوْمَ غَيْرِ رَمَضَانَ مَضْمُونٌ بِالْقَضَاءِ لَا غَيْرُ فَلَمْ يَكُنْ قَوِيًّا فِي مَعْنَى الْمَنْعِ بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.</p>وَأَمَّا الْمَانِعُ الطَّبَعِيُّ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ بِحَضْرَةِ ثَالِثٍ، وَيَسْتَحِي فَيَنْقَبِضُ عَنِ الْوَطْءِ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الثَّالِثُ بَصِيرًا أَمْ أَعْمَى، يَقْظَانَ أَمْ نَائِمًا، بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا بَعْدُ، إِنْ كَانَ عَاقِلاً، رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، أَجْنَبِيَّةً أَوْ مَنْكُوحَتَهُ؛ لأَِنَّ الأَْعْمَى إِنْ كَانَ لَا يُبْصِرُ فَهُوَ يُحِسُّ، وَالنَّائِمُ يَحْتَمِل أَنْ يَسْتَيْقِظَ سَاعَةً فَسَاعَةً، فَيَنْقَبِضُ الإِْنْسَانُ عَنِ الْوَطْءِ، مَعَ حُضُورِهِ. وَالصَّبِيُّ الْعَاقِل بِمَنْزِلَةِ الرَّجُل يَحْتَشِمُ الإِْنْسَانُ مِنْهُ كَمَا يَحْتَشِمُ مِنَ الرَّجُل. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَاقِلاً فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْبَهَائِمِ، لَا يَمْتَنِعُ الإِْنْسَانُ عَنِ الْوَطْءِ لِمَكَانِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَالإِْنْسَانُ يَحْتَشِمُ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، وَيَسْتَحْيِي، وَكَذَا لَا يَحِل لَهَا النَّظَرُ إِلَيْهِمَا فَيَنْقَبِضَانِ لِمَكَانِهَا.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>وَلَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالطَّرِيقِ، وَالصَّحْرَاءِ، وَعَلَى سَطْحٍ لَا حِجَابَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ يَجْمَعُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ، وَلَا يُؤْمَنُ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَكَذَا الْوَطْءُ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ، قَال عز وجل:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (1) .</p>وَالطَّرِيقُ مَمَرُّ النَّاسِ لَا تَخْلُو عَنْهُمْ عَادَةً، وَذَلِكَ يُوجِبُ الاِنْقِبَاضَ فَيَمْنَعُ الْوَطْءَ، وَكَذَا الصَّحْرَاءُ وَالسَّطْحُ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَنْقَبِضُ عَنِ الْوَطْءِ فِي مِثْلِهِ لاِحْتِمَال أَنْ يَحْصُل هُنَاكَ ثَالِثٌ، أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَحَدٌ.</p>وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي حَجَلَةٍ أَوْ قُبَّةٍ فَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهِ فَهِيَ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْبَيْتِ.</p>وَلَا خَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لأَِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ حَرَامٌ فَكَانَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ قَائِمًا (2) .</p><font color=#ff0000>15 -</font> وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهِيَ خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ، مِنَ الْهُدُوءِ وَالسُّكُونِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ سَكَنٌ لِلآْخَرِ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ، كَانَ هُنَاكَ إِرْخَاءُ سُتُورٍ، أَوْ غَلْقُ بَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ. وَمِنَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ عِنْدَهُمْ أَيْضًا، خَلْوَةُ الزِّيَارَةِ، أَيْ زِيَارَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآْخَرِ. وَتَكُونُ بِخَلْوَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 187.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 292 - 293.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>بَالِغٍ - وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا - حَيْثُ كَانَ مُطِيقًا، وَلَوْ كَانَتِ - الزَّوْجَةُ الَّتِي يَخْلُو بِهَا - حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ، أَوْ صَائِمَةً، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَجْبُوبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ، وَأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ شَغْلُهَا بِالْوَطْءِ، فَلَا يَكُونُ مَعَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مُتَّصِفَاتٌ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ، أَوْ وَاحِدَةٌ كَذَلِكَ، وَبِحَيْثُ لَا تَقْصُرُ مُدَّةُ الْخَلْوَةِ فَلَا تَتَّسِعُ لِلْوَطْءِ، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا نِسَاءٌ مِنْ شِرَارِ النِّسَاءِ، فَالْخَلْوَةُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ؛ لأَِنَّهَا قَدْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا بِحَضْرَتِهِنَّ، دُونَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَهَا (1) .</p>وَجَاءَ فِي بُلْغَةُ السَّالِكِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ: أَنَّ الْخَلْوَةَ - سَوَاءٌ أَكَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَمْ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ - هِيَ اخْتِلَاءُ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ بِمُطِيقَةٍ، خَلْوَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ عَادَةً، فَلَا تَكُونُ لَحْظَةً تَقْصُرُ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ (2) .</p>وَلَا يَمْنَعُ مِنْ خَلْوَةِ الاِهْتِدَاءِ عِنْدَهُمْ وُجُودُ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ، كَحَيْضٍ، وَصَوْمٍ، وَإِحْرَامٍ؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُل إِذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ أَوَّل خَلْوَةٍ لَا يُفَارِقُهَا قَبْل وُصُولِهِ إِلَيْهَا (3) .</p><font color=#ff0000>16 -</font> وَالْخَلْوَةُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الأَْثَرُ السَّابِقُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي والشرح الكبير 2 / 468.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بلغة السالك والشرح الصغير 1 / 497، 498.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 1 / 413، 498، جواهر الإكليل 1 / 308.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (1) الآْيَةَ وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْجِمَاعُ (2) .</p><font color=#ff0000>17 -</font> وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْخَلْوَةُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَثَرٌ هِيَ الْخَلْوَةُ الَّتِي تَكُونُ بَعِيدًا عَنْ مُمَيِّزٍ، وَبَالِغٍ مُطْلَقًا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، عَاقِلاً أَوْ مَجْنُونًا، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ، وَلَمْ تَمْنَعْهُ مِنَ الْوَطْءِ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَطَأُ مِثْلُهُ كَابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ، وَكَانَتِ الزَّوْجَةُ يُوطَأُ مِثْلُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَتَقَرَّرْ بِالْخَلْوَةِ شَيْءٌ، وَلَمْ يُرَتَّبْ لَهَا أَثَرٌ.</p>وَلَا يَمْنَعُ أَثَرُ الْخَلْوَةِ نَوْمَ الزَّوْجِ، وَلَا كَوْنُهُ أَعْمَى، وَلَا وُجُودُ مَانِعٍ حِسِّيٍّ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَجَبٍّ وَرَتْقٍ، وَلَا وُجُودُ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاجِبٍ.</p>وَمُجَرَّدُ الْخَلْوَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا آثَارُهَا، وَقَدْ قَال الْفَرَّاءُ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (3) أَنَّهُ قَال: الإِْفْضَاءُ، الْخَلْوَةُ، دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل؛ لأَِنَّ الإِْفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَضَاءِ، وَهُوَ الْخَالِي، فَكَأَنَّهُ قَال: وَقَدْ خَلَا بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 237.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 225.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 21.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 76، 83، المغني 6 / 724.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌آثَارُ الْخَلْوَةِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: أَثَرُهَا فِي الْمَهْرِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مِمَّا يَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَهْرُ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي اسْتَوْفَتْ شَرَائِطَهَا. فَلَوْ خَلَا الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً صَحِيحَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل الدُّخُول بِهَا فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ لِلْمَهْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النِّكَاحِ تَسْمِيَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَال مَهْرِ الْمِثْل لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (1) .</p>وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَتِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَجَبَ الصَّدَاقُ، دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل (2) وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ.</p>وَرُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ قَال: قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّهُ إِذَا أَرْخَى السُّتُورَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلاً، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل، حَكَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 20، 21.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من كشف خمار امرأة ونظر إليها. . " أخرجه الدارقطني (3 / 307 - ط دار المحاسن) من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلاً، وفي إسناده ضعف كذلك، فقد علقه عنه البيهقي في السنن (7 / 256 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: " وهذا منقطع، وبعض رواه غير محتج</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>الطَّحَاوِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْخَلْوَةِ فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (1) وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْجِمَاعُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: أَثَرُهَا فِي الْعِدَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، فَلَا تَجِبُ فِي الْفَاسِدِ إِلَاّ بِالدُّخُول، أَمَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَتَجِبُ بِالْخَلْوَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (3) وَلأَِنَّ وُجُوبَهَا بِطَرِيقِ اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الاِسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الدُّخُول لَا قَبْلَهُ، إِلَاّ أَنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أُقِيمَتْ مُقَامَ الدُّخُول فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ الَّتِي فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يُحْتَاطُ فِي إِيجَابِهِ؛<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 237.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 294، الشرح الصغير 1 / 413 ط الحلبي، والزرقاني 3 / 10، ومغني المحتاج 3 / 225، المغني 6 / 724.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأحزاب / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>وَلأَِنَّ التَّسْلِيمَ بِالْوَاجِبِ بِالنِّكَاحِ قَدْ حَصَل بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ فَتَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ كَمَا تَجِبُ بِالدُّخُول؛ لأَِنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ إِنَّمَا أُقِيمَتْ مُقَامَ الدُّخُول فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدُخُولٍ حَقِيقَةً لِكَوْنِهَا سَبَبًا مُفْضِيًا إِلَيْهِ، فَأُقِيمَتْ مُقَامَهُ احْتِيَاطًا إِقَامَةً لِلسَّبَبِ مُقَامَ الْمُسَبَّبِ فِيمَا يُحْتَاطُ فِيهِ. وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى وَلَوْ نَفَى الزَّوْجَانِ الْوَطْءَ فِيهَا؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَسْقُطُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ.</p>وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بَيْنَ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا مَعَ الْمَانِعِ مِنَ الْوَطْءِ أَوْ مَعَ عَدَمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ حَقِيقِيًّا كَالْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ، وَالْفَتْقِ، وَالرَّتْقِ، أَوْ شَرْعِيًّا كَالصَّوْمِ، وَالإِْحْرَامِ، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَالظِّهَارِ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ عُلِّقَ هَاهُنَا عَلَى الْخَلْوَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الإِْصَابَةِ دُونَ حَقِيقَتِهَا.</p>وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْوَطْءِ (1) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 191، الزرقاني 4 / 199، مغني المحتاج 3 / 384، المغني 7 / 451.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: أَثَرُ الْخَلْوَةِ فِي الرَّجْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَلْوَةَ لَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى الرَّجْعَةِ لَا قَوْلاً وَلَا فِعْلاً (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الاِرْتِجَاعِ عِلْمُ الدُّخُول وَعَدَمُ إِنْكَارِ الْوَطْءِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْهُ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اخْتَلَى بِهَا فِي زِيَارَةٍ أَوْ خَلْوَةِ اهْتِدَاءٍ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ. الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ فِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ، أَمَّا خَلْوَةُ الاِهْتِدَاءِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ، وَلَا إِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ فِي زِيَارَةٍ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتِ الزَّائِرَةُ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ الْوَطْءَ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ، وَقَال الصَّاوِيُّ تَعْلِيقًا عَلَى قَوْلِهِ (وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ) بِقَوْلِهِ: ذُكِرَ فِي الشَّامِل أَنَّ الْقَوْل بِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَلْوَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ (2) .</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْخَلْوَةُ كَالإِْصَابَةِ فِي إِثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي خَلَا بِهَا فِي ظَاهِرِ قَوْل الْخِرَقِيِّ لِقَوْلِهِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الدُّخُول فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا.</p>وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَاّ أَنْ يُصِيبَهَا (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (رَجْعَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 3 / 147.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير 1 / 474.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير 1 / 474، المغني 7 / 290، 291.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌رَابِعًا: أَثَرُ الْخَلْوَةِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخَلْوَةِ وَلَوْ مِنَ الْمَجْبُوبِ، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ رَاوِيًا عَنِ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ: إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْل الدُّخُول لَوْ وَلَدَتْ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ لِلتَّيَقُّنِ بِأَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ قَبْل الطَّلَاقِ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الدُّخُول، وَلَوْ وَلَدَتْهُ لأَِكْثَرَ لَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ، وَلَوِ اخْتَلَى بِهَا فَطَلَّقَهَا يَثْبُتُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، قَال: فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الْخُصُوصِيَّةُ لِلْخَلْوَةِ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِهَا حَتَّى إِذَا وَلَدَتْ لِلإِْمْكَانِ مِنَ الْخَلْوَةِ بِهَا لَحِقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الاِسْتِمْتَاعُ وَالْوَلَدُ، فَاكْتَفَى فِيهِ بِالإِْمْكَانِ مِنَ الْخَلْوَةِ (2) .</p>وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْخَلْوَةَ يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ (3) .</p>انْظُرْ:(نَسَبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: أَثَرُ الْخَلْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لاِنْتِشَارِ الْحُرْمَةِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> مِنَ الآْثَارِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ انْتِشَارُ الْحُرْمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 341.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهاج للجلال المحلي 4 / 61.</p><font color=#ff0000>(3)</font> منتهى الإرادات 3 / 213.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>أَنَّ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ تُفِيدُ حُرْمَةَ نِكَاحِ الأُْخْتِ وَأَرْبَعٍ سِوَى الزَّوْجَةِ فِي عِدَّتِهَا (1) .</p>أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِ بِنْتِ الزَّوْجَةِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَرَوَى ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالزَّوْجِ لَا تَقُومُ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ بِنْتِهَا. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ: إِذَا خَلَا بِهَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، أَوْ حَال إِحْرَامِهِ لَمْ يَحِل لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَهَا، وَقَال مُحَمَّدٌ: يَحِل، فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُجْعَل وَاطِئًا، حَتَّى كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ.</p>ثُمَّ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ، أَمَّا الصَّحِيحَةُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا تُحَرِّمُ الْبِنْتَ (2) .</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الدُّخُول بِالأُْمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (3) .</p>وَهَذَا نَصٌّ وَالْمُرَادُ بِالدُّخُول فِي الآْيَةِ الْوَطْءُ كَنَّى عَنْهُ بِالدُّخُول، فَإِنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا لَمْ تَحْرُمِ ابْنَتُهَا، لأَِنَّ الأُْمَّ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا، وَظَاهِرُ قَوْل الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُهَا لِقَوْلِهِ: فَإِنْ خَلَا بِهَا، وَقَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 341 نشر دار إحياء التراث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 22 / 278، الطبعة السابقة، الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية 4 / 141.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 23.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>لَمْ أَطَأْهَا، وَصَدَّقَتْهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهَا، وَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الدُّخُول (1) .</p>وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ خِلَافًا فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ فَقَال: وَأَمَّا تَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَحْصُل بِالْخَلْوَةِ، وَقَال الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَحْرُمُ، وَحَمَل الْقَاضِي كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ حَصَل مَعَ الْخَلْوَةِ نَظَرٌ أَوْ مُبَاشَرَةٌ، فَيُخَرَّجُ كَلَامُهُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} وَالدُّخُول كِنَايَةٌ عَنِ الْوَطْءِ وَالنَّصُّ صَرِيحٌ فِي إِبَاحَتِهَا بِدُونِهِ، فَلَا يَجُوزُ خِلَافُهُ (2) .</p>(ر: نِكَاحٌ - صِهْرٌ - مُحَرَّمَاتٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 6 / 725.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 570.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خُلُوٌّ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الْخُلُوُّ لُغَةً مَصْدَرُ خَلَا، يُقَال خَلَا الْمَكَانُ أَوِ الإِْنَاءُ خُلُوًّا وَخَلَاءً إِذَا فَرَغَ مِمَّا بِهِ، وَخَلَا الْمَكَانُ مِنْ أَهْلِهِ وَعَنْ أَهْلِهِ، وَخَلَا فُلَانٌ مِنَ الْعَيْبِ: بَرِئَ مِنْهُ. وَخَلَا بِصَاحِبِهِ خَلْوًا، وَخَلْوَةً وَخُلُوًّا وَخَلَاءً انْفَرَدَ بِهِ فِي خَلْوَةٍ، وَأَخْلَى لَهُ الشَّيْءَ: فَرَغَ لَهُ عَنْهُ، وَأَخْلَى الْمَكَانَ وَالإِْنَاءَ وَغَيْرَهُمَا: جَعَلَهُ خَالِيًا (1) .</p>وَالْخُلُوُّ فِي الاِصْطِلَاحِ يَكُونُ بِمَعْنَيَيْنِ:</p>الأَْوَّل: الْخُلُوُّ بِمَعْنَى الاِنْفِرَادِ يُقَال: خَلَوْتُ بِنَفْسِي أَوْ خَلَوْتُ بِفُلَانٍ وَالْخُلُوُّ أَيْضًا: الاِنْفِرَادُ بِالزَّوْجَةِ، بِأَنْ يُغْلِقَ الرَّجُل الْبَابَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَيَنْفَرِدَ بِهَا. وَأَكْثَرُ مَا يُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ خَلْوَةً، وَلِذَا تُنْظَرُ أَحْكَامُهُ تَحْتَ عِنْوَانِ:(خَلْوَةٌ) .</p>وَالثَّانِي: وَلَيْسَ مَعْرُوفًا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، وَلَكِنْ يُوجَدُ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي كُتُبِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَهُ بِمَعْنَى الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِعَقَارِ الْوَقْفِ مُقَابِل مَالٍ يَدْفَعُهُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المعجم الوسيط.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>النَّاظِرِ لِتَعْمِيرِ الْوَقْفِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُعَمِّرُ بِهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ، مَعْلُومٌ بِالنِّسْبَةِ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ، وَيُؤَدِّي الأُْجْرَةَ لِحَظِّ الْمُسْتَحِقِّينَ عَنِ الْجُزْءِ الْبَاقِي مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَيَنْشَأُ ذَلِكَ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ سَيَأْتِي بَيَانُ بَعْضِهَا.</p>وَعَرَّفَهُ الزُّرْقَانِيُّ بِتَعْرِيفٍ أَعَمَّ فَقَال: هُوَ اسْمٌ لِمَا يَمْلِكُهُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي دَفَعَ فِي مُقَابَلَتِهَا الدَّرَاهِمَ (1) .</p>وَأُطْلِقَ الْخُلُوُّ أَيْضًا عَلَى حَقِّ مُسْتَأْجِرِ الأَْرْضِ الأَْمِيرِيَّةِ فِي التَّمَسُّكِ بِهَا إِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا أَثَرٌ مِنْ غِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ كَبْسٍ بِالتُّرَابِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُقُوقِ لِبَيْتِ الْمَال، وَهَذَا النَّوْعُ الثَّانِي سَمَّاهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ خُلُوًّا، وَفِي أَكْثَرِ كَلَامِ الشَّيْخِ عُلَيْشٍ قَال: هُوَ مُلْحَقٌ بِالْخُلُوِّ، وَقَال فِي مَوْضِعٍ: يَكُونُ خُلُوًّا. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ إِطْلَاقُ الْخُلُوِّ عَلَى نَفْسِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَنَحْوِهِمَا، الَّذِي يُقِيمُهُ مَنْ بِيَدِهِ عَقَارُ وَقْفٍ أَوْ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ (2) .</p>وَفِي كَلَامِ الدُّسُوقِيِّ مِثْل ذَلِكَ (3) . وَيَكُونُ الْخُلُوُّ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَمْلُوكَةِ أَيْضًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزرقاني 6 / 127.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين، وقانون العدل والإنصاف لقدري باشا (مادة 360، 361) والفتاوى الهندية 5 / 61، ومرشد الحيران م598، والفتاوى الخيرية 2 / 198. وفتح العلي المالك 2 / 243، 245، 246، 247.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير في باب الغصب 3 / 432، 467.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>وَلَعَل أَصْل اسْتِعْمَال لَفْظِ الْخُلُوِّ بِهَذَا الاِصْطِلَاحِ أَنَّهُ أُطْلِقَ أَوَّلاً عَلَى خُلُوِّ الْعَقَارِ أَيْ إِفْرَاغِهِ وَالتَّخَلِّي عَنْهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ (1) . وَأُطْلِقَ عَلَى الْبَدَل النَّقْدِيِّ الَّذِي يَأْخُذُهُ مَالِكُ هَذَا الْحَقِّ مُقَابِل التَّخَلِّي عَنْهُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُتَخَلَّى عَنْهَا نَفْسِهَا. وَقَدْ وَقَعَ بِهَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ عُلَيْشٍ (2) .</p>وَقَدْ ذَكَرَ الْبُنَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الزُّرْقَانِيِّ أَنَّ الْخُلُوَّ فِي الأَْوْقَافِ سَمَّاهُ شُيُوخُ الْمَغَارِبَةِ فِي فَاسَ بِالْجِلْسَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْحَكْرُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْحَكْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ قَال فِي اللِّسَانِ هُوَ ادِّخَارُ الطَّعَامِ لِلتَّرَبُّصِ. وَقَال ابْنُ سِيدَهْ: الاِحْتِكَارُ جَمْعُ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَل وَاحْتِبَاسُهُ انْتِظَارَ وَقْتِ الْغَلَاءِ بِهِ (4) .</p>وَالاِحْتِكَارُ أَيْضًا، وَالاِسْتِحْكَارُ عَقْدُ إِجَارَةٍ يُقْصَدُ بِهَا اسْتِبْقَاءُ الأَْرْضِ مُقَرَّرَةً لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ أَحَدِهِمَا (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الخيرية 1 / 180.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر مثلاً: فتح العلي المالك 2 / 250.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البناني على الزرقاني 6 / 128.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بن عابدين 55 / 20 نقلاً عن الفتاوى الخيرية. ومرشد الحيران لقدري باشا (م590) ط بولاق 1308هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>أَمَّا الْحِكْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَعَاجِمِ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ، وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ هُوَ الْعَقَارُ الْمَحْبُوسُ، وَيَرِدُ فِي كَلَامِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الأُْجْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ عَلَى عَقَارِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تُؤْخَذُ مِمَّنْ لَهُ فِيهِ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ، وَإِذَا انْتَقَل الْعَقَارُ مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ انْتَقَل الْحِكْرُ مَعَهُ يُدْفَعُ لِحَظِّ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ.</p>قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُلُوِّ يَكُونُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةٌ لِلَّذِي يَئُول إِلَيْهِ الْوَقْفُ يُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ حِكْرًا لِئَلَاّ يَذْهَبَ الْوَقْفُ بَاطِلاً، وَلَا يَصِحُّ الاِحْتِكَارُ إِلَاّ إِذَا كَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل وَلَا تَبْقَى عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ بَل تَزِيدُ الأُْجْرَةُ وَتَنْقُصُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْفَرَاغُ وَالإِْفْرَاغُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَظْهَرُ مِنَ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا التَّنَازُل عَنْ حَقٍّ مِنْ مِثْل وَظِيفَةٍ لَهَا رَاتِبٌ مِنْ وَقْفٍ وَنَحْوِهِ (2) . أَوِ التَّنَازُل عَنِ الْخُلُوِّ مِنْ مَالِكِهِ لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ، فَهُوَ بَيْعٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، إِلَاّ أَنَّهُ خُصَّ بِاسْمِ الإِْفْرَاغِ تَمْيِيزًا لَهُ عَنِ الْبَيْعِ الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْهُ الإِْطْلَاقُ إِلَى بَيْعِ الرَّقَبَةِ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ فَرَاغًا لأَِنَّ مَالِكَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح العلي المالك - فتاوى الشيخ عليش 2 / 243 القاهرة، مصطفى + الحلبي 1378هـ، وقانون العدل والإنصاف (مادة 336) وابن عابدين 4 / 18.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 386، و4 / 14، 5 / 18.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ الأَْرْضِ بَل يَمْلِكُ حَقَّ التَّمَسُّكِ بِالْعَقَارِ أَوْ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ. وَقَدْ وَقَعَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي كَلَامِ الشَّيْخِ عُلَيْشٍ (1) .</p>وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ أَنَّ الْفَرَاغَ الْخَلَاءُ، وَالإِْفْرَاغُ الإِْخْلَاءُ، فَالْمُتَنَازِل يُفَرِّغُ الْمَحَل مِنْ حَقِّهِ لِيَكُونَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْجَدَكُ أَوِ الْكَدَكُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> 1 - أَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَضَعُهُ فِي الْحَانُوتِ مُسْتَأْجِرٌ مِنَ الأَْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ الْمُتَّصِلَةِ بِمَبْنَى الْحَانُوتِ اتِّصَال قَرَارٍ، أَيْ " وُضِعَ لَا لِيُفْصَل " كَالْبِنَاءِ، وَسُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى بِالسُّكْنَى (2) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُوضَعُ فِي الْحَانُوتِ مُتَّصِلاً لَا عَلَى سَبِيل الْقَرَارِ، وَذَلِكَ كَالرُّفُوفِ الَّتِي تُرَكَّبُ فِي الْحَانُوتِ لِوَضْعِ عِدَّةِ الْحَلَاّقِ مَثَلاً فَإِنَّهَا مُتَّصِلَةٌ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلدَّرَاهِمِ الَّتِي يَدْفَعُهَا صَاحِبُهَا إِلَى الْمَالِكِ أَوْ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِتُسْتَعْمَل فِي مَرَمَّةِ الْوَقْفِ أَوْ بِنَاءِ الأَْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ مَا يُرَمُّ بِهِ أَوْ يُبْنَى، وَيَشْتَرِطُ دَافِعُهَا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فِي الْمَحَل الْمُسْتَأْجَرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح العلي المالك 2 / 250.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الأشباه للحموي 1 / 136، والفتاوى الحامدية 2 / 199، 200.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>وَجُزْءٌ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الَّتِي سَبَقَ تَسْمِيَتُهَا بِالْخُلُوِّ.</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَيُطْلَقُ عَلَى الأَْعْيَانِ الَّتِي تُوضَعُ لِلاِسْتِعْمَال فِي الْحَانُوتِ دُونَ اتِّصَالٍ أَصْلاً كَالْبَكَارِجِ وَالْفَنَاجِينِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَقَاهِي، وَالْفُوَطِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمَّامِ (1) .</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَدَكِ وَبَيْنَ الْخُلُوِّ، أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ يَمْلِكُ جُزْءًا مِنْ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ وَلَا يَمْلِكُ الأَْعْيَانَ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي حَوَانِيتِ الْوَقْفِ بِمَال الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهَا قَدْ أُقِيمَتْ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا وَقْفٌ، أَمَّا الْجَدَكُ فَهُوَ أَعْيَانٌ مَمْلُوكَةٌ لِمُسْتَأْجِرِ الْحَانُوتِ (2) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْكِرْدَارُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> هُوَ مَا يُحْدِثُهُ الْمُزَارِعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الأَْرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ كَبْسٍ بِالتُّرَابِ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ أَوِ النَّاظِرِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ (3) وَالْمُرَادُ بِكَبْسِ التُّرَابِ مَا يَنْقُلُهُ مِنَ التُّرَابِ إِلَى تِلْكَ الأَْرْضِ لإِِصْلَاحِهَا إِذَا أَتَى بِهِ مِنْ خَارِجِهَا (4) فَالْكِرْدَارُ أَعْيَانٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأَْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ.</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الْمُرْصَدُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> هُوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلٌ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ دَارٍ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 4 / 17، والبكارج أباريق الشاي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مرشد الحيران م596، 597.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الخيرية 11 / 180، والفتاوى الحامدية 2 / 199، نقلاً عن المغرب والقاموس.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 199، ومرشد الحيران م596.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>حَانُوتٍ مَثَلاً وَيَأْذَنَ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِعِمَارَتِهِ أَوْ مَرَمَّتِهِ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ، وَعَدَمِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يُمْكِنُ تَعْمِيرُهُ أَوْ مَرَمَّتُهُ بِهَا، فَيُعَمِّرُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ بِذَلِكَ فِي مَال الْوَقْفِ عِنْدَ حُصُولِهِ أَوِ اقْتِطَاعِهِ مِنَ الأَْجْرِ فِي كُل سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ مَثَلاً، وَهَذِهِ الْعِمَارَةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ بَل هِيَ وَقْفٌ، فَلَا تُبَاعُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْتَأْجِرِ لِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.</p>وَلَكِنْ إِذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْخُرُوجَ مِنَ الدُّكَّانِ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ دَيْنِهِ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ الْجَدِيدِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ لَهُ كَمَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ السَّابِقِ (1) .</p>وَالْمُرْصَدُ هُوَ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمُسْتَقِرُّ عَلَى الْوَقْفِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.</p>فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُلُوِّ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ يَكُونُ حَقُّهُ مِلْكًا فِي مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ، وَصَاحِبُ الْمُرْصَدِ يَكُونُ لَهُ دَيْنٌ مَعْلُومٌ عَلَى الْوَقْفِ (2) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ مِشَدُّ الْمَسْكَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> مِشَدُّ الْمَسْكَةِ اصْطِلَاحٌ لِلْحَنَفِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقْصِدُونَ بِهِ اسْتِحْقَاقَ الزِّرَاعَةِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ، وَهُوَ مِنَ الْمَسْكَةِ لُغَةً وَهِيَ مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَكَأَنَّ الْمُسْلِمَ لِلأَْرْضِ (أَيِ الأَْرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لِبَيْتِ الْمَال غَالِبًا) الْمَأْذُونَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 200.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مرشد الحيران م599.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>فِي الْحَرْثِ صَارَ لَهُ مَسْكَةٌ يَتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْحَرْثِ فِيهَا. قَال: وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تَقُومُ، فَلَا تُمْلَكُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَقِيقَةُ مِلْكِ الْخُلُوِّ عِنْدَ مَنْ قَال بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَال الْعَدَوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ إِذْ مَالِكُ الاِنْتِفَاعِ يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يَهَبُ وَلَا يُعِيرُ. وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ تِلْكَ الثَّلَاثَةُ مَعَ انْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ. قَال: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكَ الاِنْتِفَاعِ يَقْصِدُ ذَاتَهُ مَعَ وَصْفِهِ، كَإِمَامٍ وَخَطِيبٍ وَمُدَرِّسٍ وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، بِخِلَافِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ. ثُمَّ إِنَّ مَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ غَيْرُهُ بِهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ أَهْلُهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَلِكَ يُورَثُ (2) .</p>وَصَرَّحَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ كَذَلِكَ بِأَنَّ الْخُلُوَّ الْمُشْتَرَى بِالْمَال يَكُونُ مِنْ بَابِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْخُلُوِّ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> تَنْقَسِمُ الْعَقَارَاتُ مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافُ أَحْكَامِ الْخُلُوِّ فِيهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 22 / 198، وقانون العدل والإنصاف في القضاء على مشكلات الأوقاف لقدري باشا (مادة 330) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> العدوي على الخرشي 77 / 79، وانظر مثل كلامه عند الزرقاني أول باب العارية 6 / 127، 128.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 4 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>1 -</font> عَقَارَاتُ الأَْوْقَافِ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> الأَْرَاضِي الأَْمِيرِيَّةُ - أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال -</p><font color=#ff0000>3 -</font> الْعَقَارَاتُ الْمَمْلُوكَةُ مِلْكًا خَاصًّا.</p>وَيُقَسَّمُ الْبَحْثُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَبَعًا لِذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الأَْوَّل - الْخُلُوُّ فِي عَقَارَاتِ الأَْوْقَافِ:</span></p>أَحْوَال نُشُوءِ الْخُلُوِّ فِي عَقَارَاتِ الأَْوْقَافِ: يَنْشَأُ الْخُلُوُّ فِي عَقَارَاتِ الأَْوْقَافِ فِي أَحْوَالٍ مِنْهَا:</p> </p><font color=#ff0000>10 -</font>‌<span class="title">‌ الْحَالَةُ الأُْولَى: </span>أَنْ يَنْشَأَ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ الْوَاقِفِ أَوِ النَّاظِرِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ.</p>وَهَذِهِ الْحَال لَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ تَعَرُّضًا لَهَا، وَقَدْ قَال بِهَا مُتَأَخِّرُو الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ وَنَقَلَهَا عَنِ الْمَالِكِيَّةِ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ.</p>قَال الْعَدَوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ يُصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا:</p> </p><font color=#ff0000>11 -</font>‌<span class="title">‌ الصُّورَةُ الأُْولَى: </span>أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ آيِلاً لِلْخَرَابِ، فَيُؤَجِّرُهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْحَانُوتُ مَثَلاً يُكْرَى بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فِي السَّنَةِ، وَيُجْعَل عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَصْفِ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَتَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَبَيْنَ جِهَةِ الْوَقْفِ. وَمَا قَابَل الدَّرَاهِمَ الْمَصْرُوفَةَ فِي التَّعْمِيرِ هُوَ الْخُلُوُّ. قَال: وَشَرْطُ جَوَازِهِ أَنْ لَا يُوجَدَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يُعَمَّرُ بِهِ الْوَقْفُ.</p> </p><font color=#ff0000>12 -</font>‌<span class="title">‌ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: </span>أَنْ يَكُونَ لِمَسْجِدٍ مَثَلاً حَوَانِيتُ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ، وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِلتَّكْمِيل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>أَوِ الْعِمَارَةِ، وَلَا يَكُونُ الرِّيعُ كَافِيًا لِلتَّكْمِيل أَوِ الْعِمَارَةِ، فَيَعْمِدُ النَّاظِرُ إِلَى مُكْتَرِي الْحَوَانِيتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرًا مِنَ الْمَال يُعَمِّرُ بِهِ الْمَسْجِدَ، وَيُنْقِصُ عَنْهُ مِنْ أُجْرَةِ الْحَوَانِيتِ مُقَابِل ذَلِكَ، بِأَنْ تَكُونَ الأُْجْرَةُ فِي الأَْصْل ثَلَاثِينَ دِينَارًا فِي كُل سَنَةٍ، فَيَجْعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَطْ فِي كُل سَنَةٍ، وَتَكُونُ مَنْفَعَةُ الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةُ شَرِكَةً بَيْنَ ذَلِكَ الْمُكْتَرِي وَبَيْنَ جِهَةِ الْوَقْفِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لِذَلِكَ الْمُكْتَرِي هُوَ الْخُلُوُّ، وَالشَّرِكَةُ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ.</p> </p><font color=#ff0000>13 -</font>‌<span class="title">‌ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: </span>أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رِيعٌ تُعَمَّرُ بِهِ وَتَعَطَّلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الدَّرْدِيرُ فَيَسْتَأْجِرُهَا مِنَ النَّاظِرِ وَيَبْنِي فِيهَا أَيْ لِلْوَقْفِ، دَارًا مَثَلاً عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فِي كُل شَهْرٍ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَلَكِنَّ الدَّارَ بَعْدَ بِنَائِهَا تُكْرَى بِسِتِّينَ دِرْهَمًا. فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُقَابِل الثَّلَاثِينَ الأُْخْرَى يُقَال لَهَا الْخُلُوُّ (1) .</p>قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ: هَذَا الَّذِي أَفْتَى بِهِ عُلَمَاؤُنَا وَوَقَعَ الْعَمَل بِهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ. قَال: وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إِذَا بَيَّنَ الْمِلْكِيَّةَ (أَيْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ يَنْوِي أَنَّهُ يَمْلِكُ مَا يُقَابِل الْبِنَاءَ أَوِ الْغَرْسَ وَهُوَ حَقُّ الْخُلُوِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَبْنِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العدوي على الخرشي 77 / 79 بيروت، دار صادر، والشرح الكبير مع الدسوقي 3 / 467.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>مُتَبَرِّعًا بِهِ لِلْوَقْفِ) قَال: أَمَّا إِنْ بَيَّنَ التَّحْبِيسَ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَقْفٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، لَا حَقَّ فِيهِمَا لِوَرَثَةِ الْبَانِي وَالْغَارِسِ؛ لأَِنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إِنَّمَا بَنَى لِلْوَقْفِ، وَمِلْكُهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الأَْصْل.</p>وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ فِي حَال بِنَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ أَوْ غَرْسِهِ فِي الأَْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ، أَمَّا لَوْ بَنَى الأَْجْنَبِيُّ فِي الْوَقْفِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِلْكًا، وَالْغَرْسُ كَالْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إِنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ مَا يُدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ، هَذَا إِنْ كَانَ مَا بَنَاهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ، وَإِلَاّ فَيُوَفَّى ثَمَنُهُ مِنَ الْغَلَّةِ قَطْعًا، بِمَنْزِلَةِ مَا إِذَا بَنَاهُ النَّاظِرُ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>14 -</font>‌<span class="title">‌ الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: </span>أَنْ يُرِيدَ الْوَاقِفُ بِنَاءَ مَحَلَاّتٍ لِلْوَقْفِ، فَيَأْتِيَ لَهُ أَشْخَاصٌ يَدْفَعُونَ لَهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُل شَخْصٍ مَحَلٌّ مِنْ تِلْكَ الْمَحَلَاّتِ يَسْكُنُهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ يَدْفَعُهَا كُل شَهْرٍ، فَكَأَنَّ الْوَاقِفَ بَاعَهُمْ حِصَّةً مِنْ تِلْكَ الْمَحَلَاّتِ قَبْل التَّحْبِيسِ وَحُبِسَ الْبَاقِي، فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ تَصَرُّفٌ فِي تِلْكَ الْمَحَلَاّتِ، لَكِنْ لَهُ الأُْجْرَةُ الْمَعْلُومَةُ كُل شَهْرٍ أَوْ كُل سَنَةٍ، وَكَأَنَّ دَافِعَ الدَّرَاهِمِ شَرِيكٌ لِلْوَاقِفِ بِتِلْكَ الْحِصَّةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح العلي المالك 22 / 243، 244، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 423 أو باب العارية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 2 / 249، 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>وَقَال خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي مِثْل هَذِهِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ: " رُبَّمَا بِفِعْلِهِ تَكْثُرُ الأَْوْقَافُ، وَمِمَّا بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ عَمَّرَ مِثْل ذَلِكَ بِأَمْوَال التُّجَّارِ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ الدِّرْهَمَ وَالدِّينَارَ، بَل فَازَ بِقُرْبَةِ الْوَقْفِ، وَفَازَ التُّجَّارُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يُحِبُّ مَا خَفَّفَ عَلَى أُمَّتِهِ (1) وَالدِّينُ يُسْرٌ وَلَا مَفْسَدَةَ فِي ذَلِكَ فِي الدِّينِ "(2) . ا. هـ</p> </p><font color=#ff0000>15 -</font>‌<span class="title">‌ صُورَةٌ خَامِسَةٌ: تُضَافُ إِلَى الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْعَدَوِيُّ: </span>وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ حَقَّ الْخُلُوِّ شِرَاءً مِنَ النَّاظِرِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّفْعُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ نَفْسُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْعَدَوِيِّ نَفْسِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الْخُلُوِّ. وَوَجْهُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ كَبَيْعِ جُزْءٍ مِنَ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ، إِذْ أَنَّ قِيمَتَهُ إِذَا كَانَ مُحَمَّلاً بِحَقِّ الْخُلُوِّ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحَمَّلاً بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَجَازَ فِي الصُّوَرِ الأَْرْبَعِ السَّابِقَةِ لأَِنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَقُصَ مِنَ الْوَقْفِ لِيُعِيدَهُ فِيهِ مَعَ حَاجَةِ الْوَقْفِ إِلَى ذَلِكَ. وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْحَنَابِلَةَ لَمَّا أَجَازُوا بَيْعَ الْوَقْفِ إِذَا خَرِبَ وَتَعَطَّل، قَال الْبُهُوتِيُّ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)" كان يحب ما يخفف على أمته ". يستنبط ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: " يسروا ولا تعسروا " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 524 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 180.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>الْخُلُوَّاتُ الْمَشْهُورَةُ مُمْكِنٌ تَخْرِيجُهَا عِنْدَنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - أَيْ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْوَقْفِ الْخَرِبِ - مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ مُفْرَدَةً عَنِ الْعَيْنِ كَعُلُوِّ بَيْتٍ يُبْنَى عَلَيْهِ، إِذِ الْعِوَضُ فِيهَا مَبْذُولٌ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الدَّارِ عِشْرِينَ مَثَلاً، وَدَفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا مَعْلُومًا عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ فَقَدِ اشْتَرَى نِصْفَ الْمَنْفَعَةِ وَبَقِيَ لِلْوَقْفِ نِصْفُهَا، فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا بَيْعُ الْوَقْفِ، بَل هَذَا أَوْلَى؛ لأَِنَّ فِيهِ بَقَاءَ عَيْنِ الْوَقْفِ فِي الْجُمْلَةِ.</p>وَنَقَل هَذَا صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ (1) .</p>وَوَاضِحٌ أَنَّ الْبُهُوتِيَّ لَا يَرَى جَوَازَ إِنْشَاءِ الْخُلُوِّ بِمَالٍ عَلَى الإِْطْلَاقِ، بَل حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ لإِِصْلَاحِ بَاقِيهِ، وَحَاصِل شُرُوطِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الْوَقْفِ لإِِصْلَاحِ بَاقِيهِ إِذَا لَمْ تُمْكِنْ إِجَارَتُهُ وَأَنْ يَتَّحِدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ إِنْ كَانَا عَيْنَيْنِ فَتُبَاعُ إِحْدَاهُمَا لإِِصْلَاحِ الأُْخْرَى، أَوْ كَانَ عَيْنًا وَاحِدَةً يُمْكِنُ بَيْعُ بَعْضِهَا لإِِصْلَاحِ بَاقِيهَا (2) .</p>وَكَذَلِكَ صُورَةُ مَا لَوِ اسْتَقَرَّ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ لَا يُعْطِيهِ ذَلِكَ حَقَّ الْخُلُوِّ، وَلَا يَلْزَمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى في مسألة بيع الوقف المتعطل 44 / 370 دمشق، المكتب الإسلامي (د. ت) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 4 / 369.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>النَّاظِرَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لَهُ بَل لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ إِنْ شَاءَ مَتَى انْتَهَتْ إِجَارَتُهُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُسَمَّى الْجَدَكَ أَوِ الْكِرْدَارَ فِي الأَْرْضِ فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةَ الْمِثْل يُؤْمَرُ بِرَفْعِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا بِإِذْنِ الْوَاقِفِ أَوْ إِذْنِ أَحَدِ النُّظَّارِ (1) .</p>وَلَوْ تَلَقَّى الْمُسْتَأْجِرُ الْعَقَارَ عَنْ مُسْتَأْجِرٍ قَبْلَهُ بِمَالٍ فَلَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ حَقُّ الْخُلُوِّ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَمَّا مَا يَتَمَسَّكُ بِهِ صَاحِبُ الْخُلُوِّ مِنْ أَنَّهُ اشْتَرَى خُلُوَّهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ وَأَنَّهُ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ (يَنْبَغِي أَنْ) تَصِيرَ أُجْرَةُ الْوَقْفِ شَيْئًا قَلِيلاً، فَهُوَ تَمَسُّكٌ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ الأَْوَّل لَمْ يَحْصُل مِنْهُ نَفْعٌ لِلْوَقْفِ، فَيَكُونُ الدَّافِعُ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، فَكَيْفَ يَحِل لَهُ ظُلْمُ الْوَقْفِ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ فِي لُزُومِ الْخُلُوِّ فِي الْحَال الأُْولَى بِصُوَرِهَا الأَْرْبَعِ أَوْ عَدَمُ لُزُومِهِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> الْخُلُوُّ الَّذِي يَنْشَأُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِل مَالٍ يَدْفَعُهُ إِلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ اعْتَبَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ نَوْعًا مِنْ بَيْعِ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ، وَالْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَالْوَظَائِفِ فِي الأَْوْقَافِ مِنْ إِمَامَةٍ وَخَطَابَةٍ وَتَدْرِيسٍ فِي جَوَازِ النُّزُول عَنْهَا بِمَالٍ قَوْلَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ. فَمَنْ قَال بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَعَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 16.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، قَال لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ وَمِنْهَا الْخُلُوُّ. قَال الشَّهِيدُ: لَا نَأْخُذُ بِاسْتِحْسَانِ مَشَايِخِ بَلْخٍ بَل نَأْخُذُ بِقَوْل أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ لأَِنَّ التَّعَامُل فِي بَلَدٍ لَا يَدُل عَلَى الْجَوَازِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الاِسْتِمْرَارِ مِنَ الصَّدْرِ الأَْوَّل، فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ شَرْعًا مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِعْلُهُمْ حُجَّةً إِلَاّ إِذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ كَافَّةً فِي الْبُلْدَانِ فَيَكُونُ إِجْمَاعًا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَأْنُ الْخُلُوِّ. ا. هـ.</p>قَال الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَابِدِينَ: وَلأَِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إِخْرَاجِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ لِصَاحِبِ الْخُلُوِّ حَجْرُ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِتْلَافُ مَالِهِ. وَفِي مَنْعِ النَّاظِرِ مِنْ إِخْرَاجِهِ تَفْوِيتُ نَفْعِ الْوَقْفِ وَتَعْطِيل مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِنْ إِقَامَةِ شَعَائِرِ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ (1) .</p>وَقَال الْحَصْكَفِيُّ: لَكِنْ أَفْتَى كَثِيرُونَ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ يُفْتَى بِجَوَازِ النُّزُول عَنِ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ، وَبِلُزُومِ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ، فَيَصِيرُ الْخُلُوُّ فِي الْحَانُوتِ حَقًّا لَهُ، فَلَيْسَ لِرَبِّ الْحَانُوتِ إِخْرَاجُهُ مِنْهَا وَلَا إِجَارَتُهُ لِغَيْرِهِ، قَال: وَقَدْ وَقَعَ فِي حَوَانِيتِ الْجَمَلُونِ فِي الْغُورِيَّةِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْغُورِيَّ لَمَّا بَنَاهَا أَسْكَنَهَا لِلتُّجَّارِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 44 / 16، والأشباه والنظائر لابن نجيم مع حاشية الحموي في شرح قاعدة (العادة محكمة) 1 / 136.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>بِالْخُلُوِّ، وَجَعَل لِكُل حَانُوتٍ قَدْرًا أَخَذَهُ مِنْهُمْ، وَكَتَبَ ذَلِكَ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ.</p>وَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي بِنَاءِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْعُرْفِ الْخَاصِّ.</p>وَقَدْ مَال الْحَمَوِيُّ إِلَى عَدَمِ إِثْبَاتِ الْخُلُوِّ وَعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ وَأَنَّهُ أَلَّفَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً سَمَّاهَا " مُفِيدَةُ الْحُسْنَى فِي مَنْعِ ظَنِّ الْخُلُوِّ بِالسُّكْنَى " (1) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَمِمَّنْ أَفْتَى بِلُزُومِ الْخُلُوِّ الَّذِي يَكُونُ مُقَابِل مَالٍ يَدْفَعُهُ لِلْمَالِكِ أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْعَلَاّمَةُ الْمُحَقِّقُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ قَال: فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَهُ مِنْهَا وَلَا إِجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَرْقُومَ، فَيُفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ الَّذِي تَعَارَفَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ (2) . ا. هـ</p>وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ لِلرَّمْلِيِّ الْحَنَفِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعْتَبَرٌ - يَعْنِي خِلَافَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الشَّيْخُ نَاصِرٌ اللَّقَانِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، قَال: فَيَقَعُ الْيَقِينُ بِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ بِالْحُكْمِ (أَيْ حُكْمِ الْقَاضِي) حَيْثُ اسْتَوْفَى شَرَائِطَهُ مِنْ مَالِكِيٍّ يَرَاهُ، أَوْ غَيْرِهِ، فَيَصِحُّ الْحُكْمُ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 14، 15، 16، والأشباه مع حاشيته 1 / 135، 139.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 17.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>خُصُوصًا فِيمَا لِلنَّاسِ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ وَلَا سِيَّمَا فِي الْمُدُنِ الْمَشْهُورَةِ كَمِصْرَ وَمَدِينَةِ الْمُلْكِ - يَعْنِي إِسْتَانْبُول - فَإِنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَهُ وَلَهُمْ فِيهِ نَفْعٌ كُلِّيٌّ يَضُرُّ بِهِمْ نَقْصُهُ وَإِعْدَامُهُ (1) . هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّ أَوَّل فُتْيَا مَنْقُولَةٍ عِنْدَهُمْ هِيَ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ فِي إِنْشَاءِ الْخُلُوِّ وَتَمَلُّكِهِ وَجَرَيَانِ الإِْرْثِ فِيهِ، وَنَصُّهَا مَا أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ كَمَا يَلِي:(سُئِل الْعَلَاّمَةُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ) بِمَا نَصُّهُ: مَا تَقُول السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ فِي خُلُوَّاتِ الْحَوَانِيتِ الَّتِي صَارَتْ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَغَيْرِهَا، وَبَذَلَتِ النَّاسُ فِي ذَلِكَ مَالاً كَثِيرًا حَتَّى وَصَل الْحَانُوتُ فِي بَعْضِ الأَْسْوَاقِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ ذَهَبًا فَهَل إِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِهِ عَمَلاً بِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ أَمْ لَا، وَهَل إِذَا مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بَيْتُ الْمَال أَمْ لَا، وَهَل إِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُخَلِّفْ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ يُوَفَّى ذَلِكَ مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ (2) ؟</p>أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.</p>فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: نَعَمْ إِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِهِ عَمَلاً بِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ، وَإِذَا مَاتَ مَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الخيرية 1 / 180 ونقله عنها ابن عابدين 4 / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 2 / 249، 250، والزرقاني على مختصر خليل 6 / 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>لَا وَارِثَ لَهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بَيْتُ الْمَال، وَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُخَلِّفْ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُوَفَّى مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ. وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَتَبَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ الْمَالِكِيُّ حَامِدًا مُصَلِّيًا مُسْلِمًا.</p>وَأَوْرَدَهَا الزُّرْقَانِيُّ وَنُقِل أَنَّ التَّعْوِيل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا.</p>وَقَال الْحَمَوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّعْوِيل فِيهَا عَلَى فَتْوَى اللَّقَانِيِّ وَالْقَبُول الَّذِي حَظِيَتْ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَمَل (1) .</p>وَقَال الْغَرْقَاوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ مُخَرَّجَةٌ عَلَى النُّصُوصِ، وَقَدْ أُجْمِعَ عَلَى الْعَمَل بِهَا وَاشْتَهَرَتْ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَانْحَطَّ الْعَمَل عَلَيْهَا وَوَافَقَهُ عَلَيْهَا مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ كَأَخِيهِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ اللَّقَانِيِّ (2)</p> </p>‌<span class="title">‌حَقُّ مَالِكِ الْخُلُوِّ فِي الاِسْتِمْرَارِ فِي الْعَقَارِ إِنْ كَانَ</span></p> </p>‌<span class="title">‌مُقَابِل مَالٍ (أَيْ فِي الْحَال الأُْولَى) :</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ عِنْدَ إِنْشَاءِ الْخُلُوِّ عَلَى اسْتِمْرَارِ حَقِّ صَاحِبِهِ يُحْمَل عَلَيْهِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ، قَال الْعَدَوِيُّ: جَرَى الْعُرْفُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنَّ الأَْحْكَارَ مُسْتَمِرَّةٌ لِلأَْبَدِ، وَإِنْ عَيَّنَ فِيهَا وَقْتَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحموي على الأشباه والنظائر (ضمن الكلام على قاعدة: العادة محكمة) 1 / 137، 138.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كلام الغرقاوي هو في رسالة في الخلو طبعتها وزارة الأوقاف للشئون الإسلامية بالكويت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>الإِْجَارَةِ مُدَّةً، فَهُمْ لَا يَقْصِدُونَ خُصُوصَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَالْعُرْفُ عِنْدَنَا كَالشَّرْطِ، فَمَنِ احْتَكَرَ أَرْضًا مُدَّةً وَمَضَتْ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَمْرَ الْوَقْفِ إِخْرَاجُهُ، نَعَمْ إِنْ حَصَل مَا يَدُل عَلَى قَصْدِ الإِْخْرَاجِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الأَْبَدِ فَإِنَّهُ يُعْمَل بِذَلِكَ. (1)</p>لَكِنْ قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ضَرْبَ الأَْجَل يَصِيرُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، إِلَاّ أَنْ يُقَال: ضَرَبَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَقْبُوضِ وَمَعَهُ تَأْبِيدُ الْحَكْرِ، فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ عُجِّلَتْ فِي نَظِيرِ شَيْئَيْنِ: الأَْجَل الْمَضْرُوبِ، وَالتَّأْبِيدِ بِالْحَكْرِ، وَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ. (2)</p>وَإِنَّمَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ قَدْ جَرَى فِيهَا ذَلِكَ الْعُرْفُ، فَيَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ، وَإِلَاّ فَلَا، قَال الدُّسُوقِيُّ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ مُؤَجَّرٍ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الإِْجَارَةِ الأَْوْلَى لِلْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِعَدَمِ إِيجَارِهَا إِلَاّ لِلأَْوَّل، كَالأَْحْكَارِ بِمِصْرَ، وَإِلَاّ عُمِل بِهِ؛ لأَِنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ إِذَا اسْتَأْجَرَ إِنْسَانٌ دَارًا مَوْقُوفَةً مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ بِالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ لَهُ خُلُوًّا وَجَعَل لَهُ حَكْرًا كُل سَنَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا مُدَّةَ إِيجَارِ الأَْوَّل لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العدوي على الخرشي 7 / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 2 / 250 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>إِلَاّ الأَْوَّل، وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. (1)</p>وَقَدْ بَيَّنَ الدُّسُوقِيُّ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ مَالِكِ الْخُلُوِّ فِي اسْتِئْجَارِ عَقَارِ الْوَقْفِ لِمُدَّةٍ لَاحِقَةٍ لَا يَصِحُّ إِلَاّ إِنْ كَانَ يَدْفَعُ مِنَ الأَْجْرِ مِثْل مَا يَدْفَعُ غَيْرُهُ وَإِلَاّ جَازَ إِيجَارُهَا لِلْغَيْرِ. (2) وَقَال مِثْل ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ قَال: وَهُوَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنْ يَدْفَعَ أَجْرَ الْمِثْل، وَإِلَاّ كَانَتْ سُكْنَاهُ بِمُقَابَلَةِ مَا دَفَعَهُ مِنَ الدَّرَاهِمِ عَيْنُ الرِّبَا، كَمَا قَالُوا فِيمَنْ دَفَعَ لِلْمُقْرِضِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قَرْضَهُ: يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْل الدَّارِ. (3)</p>وَقَدْ بَيَّنَ الزُّرْقَانِيُّ أَنَّ الاِسْتِمْرَارَ فِي الْمَأْجُورِ هُوَ الْفَائِدَةُ فِي الْخُلُوِّ إِذْ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِْجَارَةِ الْمُعْتَادَةِ، قَال:" الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَمَا مَعْنَى الْخُلُوِّ وَمَا فَائِدَتُهُ، إِلَاّ أَنْ يُقَال فِي فَائِدَتِهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ نَاظِرًا أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتِ الإِْجَارَةُ مُشَاهَرَةً، فَتَأَمَّلْهُ "(4)</p>وَفِي حَاشِيَةِ الْبُنَانِيِّ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي إِثْبَاتِ حَقِّ الاِسْتِمْرَارِ إِنَّمَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ قَال: وَقَعَتِ الْفَتْوَى مِنْ شُيُوخِ فَاسَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالشَّيْخِ الْقَصَّارِ، وَابْنِ عَاشِرٍ، وَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِيِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 11.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 17.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الزرقاني على خليل 6 / 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>وَعَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ، وَأَضْرَابِهِمْ بِمِثْل فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَأَخِيهِ شَمْسِ الدِّينِ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ فَهِيَ عِنْدَهُمْ كِرَاءٌ عَلَى التَّبْقِيَةِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مِقْدَارُ الأُْجْرَةِ (الْحَكْرِ) الَّتِي يَدْفَعُهَا صَاحِبُ الْخُلُوِّ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَقْفَ إِنَّمَا يُؤَجَّرُ بِأَجْرِ الْمِثْل وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْل إِلَاّ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ عَادَةً، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا تُؤَجَّرُ دَارُ الْوَقْفِ أَوْ دُكَّانُهُ لأَِكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَأَرْضُ الْوَقْفِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مَبَاحِثِ الإِْجَارَةِ</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْل فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً وَجَبَ فَسْخُ الْعَقْدِ وَإِجَارَتُهُ بِأَجْرِ الْمِثْل مَا لَمْ يَقْبَل الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ. أَمَّا إِذَا انْتَهَتِ الْمُدَّةُ فَلِلنَّاظِرِ إِجَارَتُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الأَْوَّل بِأَجْرِ الْمِثْل أَوْ إِخْرَاجُهُ عَنْهُ وَإِجَارَتُهُ لِغَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْل. قَال الرَّمْلِيُّ الْحَنَفِيُّ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ إِجْمَاعِيَّةٌ. (2)(عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْمَكَانِ خُلُوٌّ صَحِيحٌ، أَوْ لَهُ فِيهِ حَقُّ الْقَرَارِ كَمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البناني على الزرقاني 6 / 128.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 173، وتنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 100، 101.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>يَأْتِي فَلَا يَمْلِكُ إِخْرَاجَهُ.</p>فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْخُلُوِّ بِمَالٍ دَفَعَهُ لِلْوَاقِفِ أَوِ النَّاظِرِ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ طِبْقًا لِلصُّوَرِ وَالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَدْ بَيَّنَ الدُّسُوقِيُّ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ مَالِكِ الْخُلُوِّ الاِسْتِئْجَارَ لِمُدَّةٍ لَاحِقَةٍ لَا يَصِحُّ إِلَاّ إِنْ كَانَ يَدْفَعُ مِنَ الأَْجْرِ مِثْل مَا يَدْفَعُ غَيْرُهُ، وَإِلَاّ جَازَ إِيجَارُهُ لِلْغَيْرِ. (1) وَالْمُرَادُ مِثْل إِيجَارِ الْمَكَانِ خَالِيًا عَنِ الإِْضَافَةِ الَّتِي قَابَلَتِ الْمَال الْمَدْفُوعَ إِلَى الْوَاقِفِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَ الْخُلُوِّ أُجْرَةُ الْمِثْل لِلْمُسْتَحِقِّينَ يَلْزَمُ ضَيَاعُ حَقِّهِمْ. اللَّهُمَّ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبَضَهُ الْمُتَوَلِّي صَرَفَهُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ حَيْثُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا إِلَى عِمَارَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل مَعَ دَفْعِ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ اللَاّزِمِ لِلْعِمَارَةِ. وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ أَجْرِ الْمِثْل أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا دَفَعَهُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ لِلْوَاقِفِ أَوِ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَإِلَى مَا يُنْفِقُهُ فِي مَرَمَّةِ الدُّكَّانِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا كَانَ النَّاسُ يَرْغَبُونَ فِي دَفْعِ جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَأْجِرُونَ الدُّكَّانَ بِمِائَةٍ مَثَلاً فَالْمِائَةُ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْل، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى مَا دَفَعَهُ هُوَ لِصَاحِبِ الْخُلُوِّ السَّابِقِ مِنْ مَالٍ كَثِيرٍ طَمَعًا فِي أَنَّ أُجْرَةَ هَذَا الدُّكَّانِ عَشَرَةُ مَثَلاً؛ لأَِنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ مَالٍ كَثِيرٍ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ نَفْعٌ لِلْوَقْفِ أَصْلاً بَل هُوَ مَحْضُ ضَرَرٍ بِالْوَقْفِ حَيْثُ لَزِمَ مِنْهُ اسْتِئْجَارُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>الدُّكَّانِ بِدُونِ أُجْرَتِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى مَا يَعُودُ نَفْعُهُ لِلْوَقْفِ فَقَطْ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الشُّرُوطُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا مِلْكُ الْخُلُوِّ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> قَال الأُْجْهُورِيُّ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْخُلُوِّ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ الْمَدْفُوعَةُ (أَيْ مِنَ السَّاكِنِ الأَْوَّل) عَائِدَةً عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِهِ.</p>قَال: فَمَا يُفْعَل الآْنَ مِنْ أَخْذِ النَّاظِرِ الدَّرَاهِمَ مِمَّنْ يُرِيدُ الْخُلُوَّ، وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ وَيَجْعَل لِدَافِعِهَا خُلُوًّا فِي الْوَقْفِ فَهَذَا الْخُلُوُّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ بِهَا عَلَى النَّاظِرِ.</p>قَال: وَمِنَ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ رِيعٌ يُعَمَّرُ بِهِ مِثْل أَوْقَافِ الْمُلُوكِ الْكَثِيرَةِ فَيُصْرَفُ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ خُلُوٌّ، وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ بِهَا عَلَى النَّاظِرِ.</p>لأَِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ عَلَى شَرْطٍ لَمْ يَتِمَّ، لِظُهُورِ عَدَمِ صِحَّةِ خُلُوِّهِ.</p>وَمِنْهَا ثُبُوتُ الصَّرْفِ فِي مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، فَلَوْ صَدَّقَهُ النَّاظِرُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ، وَلَا ظُهُورِ عِمَارَةٍ إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمَنْفَعَةُ، لَمْ يُعْتَبَرْ لأَِنَّ النَّاظِرَ لَا يُقْبَل قَوْلُهُ فِي مَصْرِفِ الْوَقْفِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 17، وتنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 199.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 2 / 250، 251، وحاشية الأشباه والنظائر للحموي 1 / 138 نقلاً عن الشيخ نور الدين على الأجهوري المالكي في شرحه على مختصر خليل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌بَيْعُ صَاحِبِ الْخُلُوِّ خُلُوَّهُ وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> إِذَا أَنْشَأَ الْمُسْتَأْجِرُ خُلُوَّهُ بِمَالٍ دَفَعَهُ إِلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ بِشُرُوطِهِ الْمُبَيَّنَةِ سَابِقًا صَارَ الْخُلُوُّ مِلْكًا لَهُ، وَأَصْبَحَ مِنْ حَقِّهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَلَامِ مَنْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. (1)</p>وَوَاضِحٌ أَنَّهُ إِذَا بَاعَ صَاحِبُ الْخُلُوِّ خُلُوَّهُ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهُ بِالْوَجْهِ الصَّحِيحِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ فَلِمَنْ صَارَ إِلَيْهِ الْخُلُوُّ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا كَانَ لِمَنْ قَبْلَهُ.</p>وَصَرَّحَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْخُلُوَّاتِ إِذَا اشْتُرِيَتْ بِالْمَال مِنَ الْمَالِكِ تَكُونُ مَمْلُوكَةً لِمُشْتَرِيهَا مُشَاعًا لأَِنَّهُ يَكُونُ قَدِ اشْتَرَى نِصْفَ الْمَنْفَعَةِ مَثَلاً وَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ إِجَارَةُ الْخُلُوِّ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ. (2)</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَلَمْ نَجِدِ التَّصْرِيحَ عِنْدَهُمْ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ بِجَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِهِ قَاضٍ يَرَاهُ مِنْ مَالِكِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ. (3)</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ أَخْرَجَ النَّاظِرُ الْمُسْتَأْجِرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 467 في أثناء كتاب الاستحقاق 3 / 433 في العارية، والزرقاني 7 / 75، والعدوي على الخرشي 7 / 79، وفتاوى عليش 2 / 251.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 4 / 370.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 17، نقلاً عن الفتاوى الخيرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>مِنَ الْمَكَانِ أَوْ آجَرَهُ لِغَيْرِهِ فَفِي فَتْوَى الْعِمَادِيِّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَرْقُومَ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌شُفْعَةُ صَاحِبِ الْخُلُوِّ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ أَرْضًا بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فِي كُل عَامٍ مَثَلاً وَبَنَوْا عَلَيْهَا دَارًا وَلَكِنَّ الدَّارَ تُكْرَى بِسِتِّينَ، فَحَقُّهُمْ يُقَال لَهُ الْخُلُوُّ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ فِي الْبِنَاءِ فَلِشُرَكَائِهِ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ. (2)</p>وَمِنْ صُوَرِهِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ أَبُو السُّعُودِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ خُلُوٌّ فِي أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ وَكَانَ خُلُوُّهُ عِبَارَةً عَنْ غِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا اتَّصَل بِالأَْرْضِ اتِّصَال قَرَارٍ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ. وَلَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: هَذَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَنْصُوصَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ (3) أَيْ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْفُ الْخُلُوِّ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> رَجَّحَ جُمْهُورُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ الْقَوْل بِأَنَّ الْخُلُوَّ يَجُوزُ وَقْفُهُ، فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ بَعْضُهَا مَوْقُوفٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ مَوْقُوفٍ، وَهَذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> العدوي على الخرشي 7 / 79.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 4 / 18.</p><font color=#ff0000>(4)</font> انظر مبحث الشفعة في الوقف في رد المحتار 5 / 142، وتنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 199.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>الْبَعْضُ الثَّانِي هُوَ الْخُلُوُّ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ الْوَقْفُ. وَبِمِثْلِهِ قَال الرَّحِيبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ خَرَّجَهُ مِنْ قَوْل أَحْمَدَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَاءِ إِنْ كَانُوا قَدِ اعْتَادُوهُ. ثُمَّ قَال: وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَجِدْهُ مَسْطُورًا، لَكِنَّ الْقِيَاسَ لَا يَأْبَاهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ.</p>قَال الْعَدَوِيُّ: عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْخُلُوُّ لِكِتَابِيٍّ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَى كَنِيسَةٍ مَثَلاً.</p>وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لَدَى كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّرْوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّ الْخُلُوَّاتِ لَا يَجُوزُ وَقْفُهَا؛ لأَِنَّهَا مَنْفَعَةُ وَقْفٍ، وَمَا تَعَلَّقَ الْوَقْفُ بِهِ لَا يُوقَفُ. (1)</p>وَقَدْ قَال بِذَلِكَ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيُّ وَعَلِيٌّ الأُْجْهُورِيُّ، قَال الأُْجْهُورِيُّ: مَحَل صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةَ حَبْسٍ، لِتَعَلُّقِ الْحَبْسِ بِهَا، وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْحَبْسُ لَا يُحْبَسُ، وَلَوْ صَحَّ وَقْفُ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ لَصَحَّ وَقْفُ الْوَقْفِ، وَاللَاّزِمُ بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقْلاً، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُل ذَاتٍ وُقِفَتْ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْوَقْفُ بِمَنْفَعَتِهَا وَأَنَّ ذَاتَهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْوَاقِفِ. قَال: وَبِهَذَا تَعْلَمُ بُطْلَانَ تَحْبِيسِ الْخُلُوِّ. (2) وَوَافَقَ الأُْجْهُورِيُّ عَلَى فُتْيَاهُ هَذِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العدوي على الخرشي 7 / 79، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 76، ومطالب أولي النهى 4 / 371.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتاوى عليش 2 / 251، والشبراملسي على نهاية المحتاج 5 / 357، وحاشية الشرواني على التحفة 6 / 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي، ثُمَّ لَمَّا رُوجِعَ بِفَتْوَى اللَّقَانِيِّ بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَإِرْثِهَا أَفْتَى بِجَوَازِ وَقْفِهَا (1) قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: وَالْعَمَل عَلَى الْفَتْوَى بِجَوَازِ وَقْفِ الْخُلُوِّ، وَبِهِ جَرَى الْعَمَل فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ (2) وَلَمْ يُخَالِفِ الأُْجْهُورِيُّ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ، كَالْبَيْعِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالإِْعَارَةِ وَالرَّهْنِ. (3)</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ تَعَرُّضًا لِمَسْأَلَةِ وَقْفِ مَنْفَعَةِ الْخُلُوِّ. وَلَكِنَّهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِمَسْأَلَةِ وَقْفِ مَا بَنَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الأَْرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ أَوْ غَرْسِهِ فِيهَا. مِمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ.</p>وَالأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الأَْرْضِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الأَْرْضُ مَمْلُوكَةً أَوْ مَوْقُوفَةً عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَاّمَةُ قَاسِمٌ، وَعَزَاهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِلَى هِلَالٍ وَالْخَصَّافِ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَحَيْثُ تُعُورِفَ وَقْفُهُ جَازَ. وَقَال ابْنُ الشِّحْنَةِ: إِنَّ النَّاسَ مُنْذُ زَمَنٍ قَدِيمٍ نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ عَلَى جَوَازِهِ، وَالأَْحْكَامُ بِهِ مِنَ الْقُضَاةِ الْعُلَمَاءِ مُتَوَاتِرَةٌ، وَالْعُرْفُ جَارٍ بِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ فِيهِ ا. هـ. وَأَمَّا إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتاوى عليش 2 / 253، وانظر شرح الزرقاني 7 / 75 أول باب الوقف فقد قرر جواز وقف الخلو، وكذا محشيه البناني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتاوى عليش 2 / 251.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 3 / 443، 467.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>وَقَفَهُ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي كَانَتِ الْبُقْعَةُ وَقْفًا عَلَيْهَا جَازَ اتِّفَاقًا تَبَعًا لِلْبُقْعَةِ، وَحَرَّرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ الْقَوْل الأَْوَّل وَوَافَقَهُ ابْنُ عَابِدِينَ. قَال: لأَِنَّ شَرْطَ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ، وَالأَْرْضُ إِذَا كَانَتْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَلِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهَا وَأَمْرُهُ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ، فَإِنَّ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ الْوَقْفُ مُؤَبَّدًا. قَال: فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ مُعَدَّةً لِلاِحْتِكَارِ؛ لأَِنَّ الْبِنَاءَ يَبْقَى فِيهَا كَمَا إِذَا كَانَ وَقْفُ الْبِنَاءِ عَلَى جِهَةِ وَقْفِ الأَْرْضِ فَإِنَّهُ لَا مُطَالِبَ لِنَقْضِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا وَجْهُ جَوَازِ وَقْفِهِ إِذَا كَانَ مُتَعَارَفًا. (1)</p>وَنَقَل صَاحِبُ الدُّرِّ أَنَّ ابْنَ نُجَيْمٍ سُئِل عَنِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الأَْرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ، هَل يَجُوزُ بَيْعُهُ وَوَقْفُهُ؟ فَأَجَابَ: نَعَمْ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَوَقْفُ الشَّجَرِ كَوَقْفِ الْبِنَاءِ. أَمَّا مُجَرَّدُ الْكَبْسِ بِالتُّرَابِ أَيْ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مُسْتَهْلَكٌ كَالسَّمَادِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَنُقِل عَنِ الإِْسْعَافِ فِي أَحْكَامِ الأَْوْقَافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ مَا بُنِيَ فِي الأَْرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَا لَمْ تَكُنْ مُتَقَرِّرَةً لِلاِحْتِكَارِ. (2) وَمَا يُسَمَّى الْكَدَكَ أَوِ الْجَدَكَ فِي حَوَانِيتِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهَا مِنْ رُفُوفٍ مُرَكَّبَةٍ فِي الْحَانُوتِ عَلَى وَجْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار وابن عابدين 3 / 390، 391، وانظر البحر الرائق 5 / 220، ط أولى بالمطبعة العلمية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 391.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>الْقَرَارِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ لِعَدَمِ الْعُرْفِ الشَّائِعِ بِخِلَافِ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِرْثُ الْخُلُوَّاتِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> الَّذِينَ قَالُوا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنَّ الْخُلُوَّ يُمْلَكُ وَيُبَاعُ وَيُرْهَنُ ذَهَبُوا كَذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ يُورَثُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ فُتْيَا اللَّقَانِيِّ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ مَنْ وَافَقُوهُ عَلَيْهَا. (2)(ف 16) .</p>وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخُلُوَّ فِي الأَْوْقَافِ عِنْدَ مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ يُمْلَكُ، يُورَثُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى.</p> </p>‌<span class="title">‌تَكَالِيفُ الإِْصْلَاحَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ أَوْ أَصْحَابِهِ مَا يَقُومُونَ بِهِ مِنَ الإِْصْلَاحَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمْ فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ مِنْهُ شَيْءٌ، كَمَا لَوِ اشْتَرَكُوا فِي بِنَاءٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ اكْتَرَوْهُ مِنْ نَاظِرِهِ لِذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى النَّاظِرِ بِالنِّسْبَةِ، كَمَا لَوْ عَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ حَانُوتَ الْوَقْفِ إِذَا تَخَرَّبَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خُلُوًّا. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ أَحْوَال نُشُوءِ حَقِّ الْخُلُوِّ فِي عَقَارَاتِ الأَْوْقَافِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ حَقُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 391.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 2 / 249، 250، ومطالب أولي النهى 4 / 370، والفتاوى المهدية 5 / 8.</p><font color=#ff0000>(3)</font> العدوي على الخرشي 7 / 79.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>الْقَرَارِ بِسَبَبِ مَا يُنْشِئُهُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ إِذَا أَنْشَأَهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِ لأَِجْل أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ، وَخُلُوًّا يَنْتَفِعُ بِهِ، مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ كَبْسٍ بِالتُّرَابِ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (الْكِرْدَارَ) أَوْ مَا يُنْشِئُهُ كَذَلِكَ فِي مَبْنَى الْوَقْفِ، مِنْ بِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ مُتَّصِلٍ اتِّصَال قَرَارٍ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ (الْجَدَكَ) قَال صَاحِبُ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ: صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا بِأَنَّ لِصَاحِبِ الْكِرْدَارِ حَقَّ الْقَرَارِ، فَتَبْقَى فِي يَدِهِ. وَنُقِل ذَلِكَ عَنِ الْقُنْيَةِ وَالزَّاهِدِيِّ، قَال الزَّاهِدِيُّ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَقْفًا وَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا بِأَجْرِ الْمِثْل، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إِلَاّ الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. ا. هـ. (1)</p>لَكِنْ لَوْ كَانَ فِي الْبَقَاءِ ضَرَرٌ لَمْ يَجِبِ الاِسْتِبْقَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ وَارِثُهُ مُفَلِّسًا، أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ، أَوْ مُتَغَلِّبًا يُخْشَى مِنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (2)، قَال الرَّمْلِيُّ: أَصْل ذَلِكَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ حَيْثُ قَال: " حَانُوتٌ أَصْلُهُ وَقْفٌ وَعِمَارَتُهُ لِرَجُلٍ، وَهُوَ لَا يَرْضَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ الأَْرْضَ بِأَجْرِ الْمِثْل "، قَالُوا: " إِنْ كَانَتِ الْعِمَارَةُ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَتْ يَسْتَأْجِرُ الأَْصْل بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ كُلِّفَ رَفْعَهُ وَيُؤَجِّرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا يُتْرَكُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الخيرية 1 / 180، وابن عابدين 3 / 399.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخيرية 2 / 198، وابن عابدين 5 / 20.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>يَدِهِ بِذَلِكَ الأَْجْرِ ". (1)</p>وَلَا يَخْفَى أَنَّ الأَْصْل فِي الإِْجَارَةِ أَنَّهُ إِذَا انْتَهَتِ الْمُدَّةُ فَالنَّاظِرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُجَدِّدَ عَقْدَ الإِْجَارَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الأَْوَّل أَوْ لَا يُجَدِّدَهُ بَل تَنْتَهِي الإِْجَارَةُ، وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الأَْوَّل. قَال الرَّمْلِيُّ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ إِجْمَاعِيَّةٌ. لَكِنَّ اسْتِبْقَاءَ الأَْرْضِ الْوَقْفِيَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ عِنْدَ مَنْ أَفْتَى بِهِ إِنْ بَنَى عَلَيْهَا مُسْتَأْجِرُهَا عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَجْهُهُ أَنَّهُ أَوْلَوِيٌّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، لَا سِيَّمَا مَعَ مَا ابْتُلِيَ بِهِ النَّاسُ كَثِيرًا. (2)</p>وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عِنْدَ كُل مَنْ أَفْتَى بِثُبُوتِ هَذَا الْحَقِّ أَنْ لَا تُجَدَّدَ الإِْجَارَةُ بِأَقَل مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل مَنْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْوَقْفِ، كَمَا أَنَّ حَقَّ الاِسْتِبْقَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ إِنَّمَا ثَبَتَ لَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ لَوْ طُولِبَ بِرَفْعِ جَدَكَةٍ أَوْ كِرْدَارَةٍ. (3)</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ إِيجَارُ الْوَقْفِ بِأُجْرَةِ الْمِثْل، فَلَوْ زَادَ أَجْرُهُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْل أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ زِيَادَةً فَاحِشَةً، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ بِالأُْجْرَةِ الزَّائِدَةِ، وَقَبُول الْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةَ يَكْفِي عَنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإسعاف في أحكام الأوقاف ص66، 67، والفتاوى الخيرية 1 / 180.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 173.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 173، والفتاوى الحامدية 2 / 115، 117.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>وَالْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ أُجْرَةُ الْوَقْفِ فِي نَفْسِهِ لِزِيَادَةِ الرَّغْبَةِ، لَا زِيَادَةَ مُتَعَنِّتٍ، وَلَا بِمَا يَزِيدُ بِعِمَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ. فَإِنْ قَبِل الْمُسْتَأْجِرُ بِالزِّيَادَةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ يَزُول الْمُسَوِّغُ لِلْفَسْخِ فَلَا يَكُونُ لَهُ دَاعٍ. فَإِنْ لَمْ يَقْبَل الْمُسْتَأْجِرُ الاِلْتِزَامَ بِالزِّيَادَةِ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُ الإِْجَارَةِ، فَإِنِ امْتَنَعَ فَسَخَهَا الْقَاضِي، وَيُؤَجِّرُهَا الْمُتَوَلِّي مِنْ غَيْرِهِ.</p>وَهَذَا إِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْل فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْعَقْدِ، فَبَعْدَ انْتِهَائِهَا أَوْلَى. (1)</p>هَذَا وَيُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ حَقِّ الْقَرَارِ عِنْدَ مَنْ أَفْتَى بِهِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَا صَنَعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ وَضْعِ غِرَاسِهِ، أَوْ بِنَائِهِ، أَوْ جَدَكَةٍ بِإِذْنِ النَّاظِرِ لِيَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِلْكًا وَخُلُوًّا، فَإِنْ وَضَعَهُ دُونَ إِذْنٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الإِْجَارَةِ لَهُ. (2)</p>أَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي مَحَل الإِْجَارَةِ جَدَكٌ وَلَا كِرْدَارٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ حَقُّ الْقَرَارِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالاِسْتِئْجَارِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ اسْتِئْجَارِهِ، سَوَاءٌ أَزَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْل أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَبِل الزِّيَادَةَ أَمْ لَا، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَمَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ إِنَّ قَبْل الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، فَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ كُتُبُ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ، وَشُرُوحٍ، وَحَوَاشٍ، وَفِيهِ الْفَسَادُ وَضَيَاعُ الأَْوْقَافِ، حَيْثُ إِنَّ بَقَاءَ أَرْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 399، والإسعاف ص63.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 180، والفتاوى المهدية 5 / 61.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>الْوَقْفِ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ وَاحِدٍ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ يُؤَدِّي بِهِ إِلَى دَعْوَى تَمَلُّكِهَا، مَعَ أَنَّهُمْ مُنِعُوا مِنْ تَطْوِيل الإِْجَارَةِ فِي الْوَقْفِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ. ا. هـ (1) إِذِ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِلْبِنَاءِ، وَثَلَاثَ سِنِينَ لِلأَْرْضِ. (2)</p>وَلَوْ كَانَ لإِِنْسَانٍ حَقُّ الْقَرَارِ فِي عَقَارٍ وُقِفَ بِسَبَبِ كِرْدَارَهِ، ثُمَّ زَال ذَلِكَ الْكِرْدَارُ زَال حَقُّهُ فِي الْقَرَارِ. قَال الرَّمْلِيُّ: فِي أَرْضٍ فَنِيَتْ أَشْجَارُهَا، وَذَهَبَ كِرْدَارُهَا وَيُرِيدُ مُحْتَكِرُهَا أَنْ تَسْتَمِرَّ تَحْتَ يَدِهِ بِالْحَكْرِ السَّابِقِ وَهُوَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْل: قَال: لَا يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ، بَل النَّاظِرُ يَتَصَرَّفُ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ لِجَانِبِ الْوَقْفِ مِنْ دَفْعِهَا بِطَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ، أَوْ إِجَارَتِهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَالْحَكْرُ لَا يُوجِبُ لِلْمُسْتَحْكِرِ اسْتِبْقَاءَ الأَْرْضِ فِي يَدِهِ أَبَدًا عَلَى مَا يُرِيدُ وَيَشْتَهِي. (3)</p>ثُمَّ قَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ هَذَا الْجَدَكَ الْمُتَّصِل اتِّصَال قَرَارٍ الْمَوْضُوعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبِينِ قَال فِيهِ أَبُو السُّعُودِ: إِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خُلُوٌّ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ كَالْخُلُوِّ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِ بِجَامِعِ الْعُرْفِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. (4)</p>وَمِثْل ذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى الْمَهْدِيَّةِ وَقَال: إِنَّ الْحَقَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 399.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإسعاف في أحكام الأوقاف ص64، والحامدية 2 / 125.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 161، والحامدية 2 / 131.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 4 / 17.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>الْمَذْكُورَ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ إِذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ فِعْلاً، أَوْ غَرَسَ فِعْلاً، فَلَوْ مَاتَ قَبْل أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يَغْرِسَ انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ وَفَاتَ الْوَرَثَةَ ذَلِكَ الْحَقُّ. (1)</p>‌<span class="title">‌بَيْعُ الْخُلُوِّ الثَّابِتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُبَيَّنَةِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> إِذَا ثَبَتَ حَقُّ الْقَرَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، أَوْ حَوَانِيتِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُبَيَّنَةِ سَابِقًا وَوَضَعَ أَبْنِيَةً أَوْ جَدَكًا ثَابِتًا، أَوْ أَشْجَارًا فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، فَإِنَّ مَا يَضَعُهُ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ، وَيَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ أَوْ بَعْدَهَا بَيْعُ مَا أَحْدَثَهُ مِنَ الأَْعْيَانِ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَنْتَقِل حَقُّ الْقَرَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْل أَجْرِ الأَْرْضِ خَالِيَةً عَمَّا أَحْدَثَهُ فِيهَا، وَكَذَا الْحَانُوتُ. (2)</p>أَمَّا الأَْرْضُ الْمَوْقُوفَةُ إِذَا اسْتَأْجَرَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ بِهِ حَقُّ الْقَرَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ كَانَ اسْتِئْجَارُهَا عَلَى وَجْهٍ يَثْبُتُ بِهِ حَقُّ الْقَرَارِ لَكِنْ لَمْ يَبْنِ فِعْلاً، أَوْ بَنَى شَيْئًا فَفَنِيَ وَزَال فَلَا يُبَاعُ ذَلِكَ الْحَقُّ فِيهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهُ مُجَرَّدٌ. وَقَدْ تَعَرَّضَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ لِلْفَرَاغِ عَنْ ذَلِكَ مُقَابِل عِوَضٍ مَالِيٍّ لَيْسَ مِنْ قَبِيل الْبَيْعِ بَل مِنْ قَبِيل التَّنَازُل عَنِ الْحَقِّ الْمُجَرَّدِ بِمَالٍ. فَفِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَصْلاً، وَنُقِل فِي وَاقِعَةٍ: حَكَمَ بِصِحَّتِهِ قَاضٍ حَنْبَلِيٌّ نَفَذَ لَوْ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى المهدية 5 / 23، 61.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى المهدية 5 / 61.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ، لَكِنْ قَال إِنَّهُ لَا يَنْفُذُ لأَِنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ (لَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ فِي الأَْوْقَافِ الأَْهْلِيَّةِ، وَأَوْقَافِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا، سَوَاءٌ أَذِنَ فِي ذَلِكَ النَّاظِرُ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ، بَل لِلنَّاظِرِ إِيجَارُهَا وَصَرْفُ أُجْرَتِهَا فِي جِهَاتِ الْوَقْفِ، وَلَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ إِلَاّ فِي مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ وَضُرِبَ عَلَيْهِ خَرَاجٌ يُؤْخَذُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ) . (1)</p>وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ: سُئِل فِي أَرْضِ وَقْفٍ دَفَعَهَا النَّاظِرُ لِمُزَارِعٍ يَزْرَعُهَا بِالْحِصَّةِ هَل يَمْلِكُ الْمُزَارِعُ دَفْعَهَا لِمُزَارِعٍ آخَرَ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابِلِهَا، أَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ. فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا فَرَاغُهُ، وَيَرْجِعُ الْمُزَارِعُ الثَّانِي عَلَى الأَْوَّل بِمَا دَفَعَهُ مِنْ مَالٍ؟</p>فَأَجَابَ: أَرْضُ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُهَا الْمُزَارِعُ وَلَا تَصَرُّفَ لَهُ فِيهَا بِالْفَرَاغِ عَنْ مَنْفَعَتِهَا بِمَالٍ يَدْفَعُهُ لَهُ مُزَارِعٌ آخَرُ لِيَزْرَعَهَا لِنَفْسِهِ؛ لأَِنَّ انْتِفَاعَ الأَْوَّل بِهَا مُجَرَّدُ حَقٍّ، لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ بِمَالٍ، فَإِذَا أَخَذَ مَالاً فِي مُقَابَلَةِ الاِعْتِيَاضِ عَنْهُ يَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ شَرْعًا. وَالْوَقْفُ مُحَرَّمٌ بِحُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. (2)</p>وَمِثْل ذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى الْمَهْدِيَّةِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ. وَنَقَلَهُ عَنِ ابْنِ عَابِدِينَ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ (تَحْرِيرُ الْعِبَارَةِ فِيمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالإِْجَارَةِ) (3) وَقَال:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 204.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 136.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى المهدية 5 / 61.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إِسْقَاطُ حَقِّهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ يَأْخُذُهُ، ثُمَّ يَسْتَأْجِرُ الْمُسْقَطَ لَهُ مِنَ النَّاظِرِ إِذْ هَذَا مِنْ قَبِيل الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهَا، كَحَقِّ الشُّفْعَةِ.</p>ثُمَّ قَال: إِنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُؤَجِّرَ لِغَيْرِهِ إِلَى بَاقِي الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ؛ لأَِنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ إِلَى نِهَايَةِ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ فَلَهُ بَيْعُهَا بِطَرِيقِ الإِْجَارَةِ. (1)</p>أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَلَمْ نَجِدِ التَّصْرِيحَ مِنْهُمْ بِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ أَنَّ الشَّيْخَ عُلَيْشًا ذَكَرَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ إِنْ آجَرَ الْوَقْفَ وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْبِنَاءِ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ تَنْفَسِخُ الإِْجَارَةُ، وَالْبِنَاءُ مِلْكٌ لِلْبَانِي فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يَدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهَذَا إِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَحْتَاجُ لِمَا بَنَاهُ وَإِلَاّ فَيُوَفَّى لَهُ مِنَ الْغَلَّةِ قَطْعًا. قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: أَفَادَ ذَلِكَ الشَّيْخُ الْخَرَشِيُّ رحمه الله. (2)</p>وَلَمْ نَجِدْ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَا فِيهِ النَّصُّ عَلَى ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ قَاعِدَةَ الإِْجَارَةِ تَقْتَضِي إِنْهَاءَ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ بِانْتِهَاءِ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ. قَال ابْنُ رَجَبٍ: غِرَاسُ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِنَاؤُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إِذَا لَمْ يُقْلِعْهُ الْمَالِكُ، فَلِلْمُؤَجِّرِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْقَبُول، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ فَصْلُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى المهدية 5 / 61.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتاوى عليش 2 / 241، وانظر الخرشي 7 / 32.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>بِدُونِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ مَالِكَ الأَْصْل، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ قَهْرًا. (1) وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْل مِنْ صَاحِبِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ مُقَابِل مَالٍ فِي الأَْوْقَافِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّانِي:</p>الْخُلُوُّ فِي أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال:</span></p>26 م - الأَْرَاضِي الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأُبْقِيَتْ بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا مِنْ أَهْل الأَْرْضِ بِالْخَرَاجِ هِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِلْكٌ لأَِهْلِهَا يَجْرِي فِيهَا الْبَيْعُ، وَالشِّرَاءُ، وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.</p>أَمَّا أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال وَهِيَ الَّتِي آلَتْ إِلَيْهِ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا، أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَبْقَاهَا الإِْمَامُ لِبَيْتِ الْمَال، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى (أَرْضَ الْحَوْزِ) فَإِذَا دَفَعَهَا الإِْمَامُ إِلَى الرَّعِيَّةِ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهَا، وَلَا اسْتِبْدَالُهَا إِلَاّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، وَلَا تَكُونُ مِلْكًا لأَِحَدٍ إِلَاّ بِتَمْلِيكِ السُّلْطَانِ لَهُ. (3) ثُمَّ إِنَّ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ مِنَ الرَّعَايَا إِنْ تَسَلَّمَهَا بِوَجْهِ حَقٍّ فَهُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْرِهِ مَا دَامَ يَدْفَعُ أَجْرَ الْمِثْل، فَيَكُونُ لَهُ فِيهَا (مِشَدُّ مَسْكَةٍ) يَتَمَسَّكُ بِهَا مَا دَامَ حَيًّا فِي الْحَرْثِ وَغَيْرِهِ، وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تُقَوَّمُ، وَلَا تُمَلَّكُ، وَلَا تُبَاعُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر القاعدة 77 من قواعد ابن رجب ص147.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر القاعدة 77 من قواعد ابن رجب ص147.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 102، 201.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>وَكَذَا إِنْ أَجْرَى فِيهَا كِرَابًا أَيْ حَرْثًا، أَوْ كَرَى أَنْهَارَهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَالاً وَلَا بِمَعْنَى الْمَال، وَهُوَ مُجَرَّدُ الْفِلَاحَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مُتَقَوِّمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ. وَقَال بَعْضُهُمْ: يُبَاعُ حَتَّى يَزُول وُجُودُهُ مِنَ الأَْرْضِ فَتَرْجِعُ إِلَى الأَْوَّل. أَمَّا إِنْ كَانَ لَهُ كِرْدَارٌ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ أَشْجَارٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُورَثُ دُونَ الأَْرْضِ، وَلَمْ يُسَمُّوهُ خُلُوًّا. وَإِنْ كَانَ الْمَالِكِيَّةُ سَمَّوْهُ خُلُوًّا أَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْخُلُوِّ كَمَا يَأْتِي، عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةٍ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الأَْرْضِ كِرْدَارٌ - فَلِصَاحِبِهَا تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِهِ وَتَكُونُ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ عَارِيَّةً وَالأَْوَّل أَحَقُّ بِهَا، وَلَهُ إِجَارَتُهَا، وَلَهُ أَيْضًا الْفَرَاغُ عَنْهَا لِغَيْرِهِ بِمَالٍ، جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّة: عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِيعَتْ فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ لَمْ يَجُزْ، قَالُوا: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا رَهْنُهَا، وَلِذَا جَعَلُوهُ الآْنَ (فَرَاغًا) أَيْ كَالنُّزُول عَنِ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ. فَإِذَا فَرَغَ عَنْهَا لأَِحَدٍ لَمْ يَنْتَقِل الْحَقُّ فِيهَا إِلَاّ إِذَا اقْتَرَنَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ. (1) عَلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالاً مُقَابِل الْفَرَاغِ ثُمَّ لَمْ يَأْذَنِ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ بِنَقْلِهَا يَكُونُ لِدَافِعِ الْمَال حَقُّ الرُّجُوعِ فِيهِ. (2)</p>أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَإِنَّ الأَْرْضَ الصَّالِحَةَ لِلزَّرْعِ، وَأَرْضَ الدُّورِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً فِي الشَّامِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 129، 198، 199، 201.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 15.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقِ، هِيَ وَقْفٌ وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا عَنْوَةً، وَيَقْطَعُهَا الإِْمَامُ أَوْ يُكْرِيهَا لِمَنْ شَاءَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَيَنْتَهِي إِقْطَاعُهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى وَقْفِيَّتِهَا، فَلَا تُبَاعُ، وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُورَثُ.</p>لَكِنْ قَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:</p>الْقَوْل الأَْوَّل: قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: قَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ، فَإِنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْخُلُوَّاتِ وَالْخَرَاجِ كَالْكِرَاءِ. قَال: وَإِنَّمَا يُلْحَقُ بِهَا إِنْ حَصَل مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الأَْرْضِ أَثَرٌ فِيهَا كَإِصْلَاحٍ: بِإِزَالَةِ شَوْكِهَا، أَوْ حَرْثِهَا، أَوْ نَصْبِ جِسْرٍ عَلَيْهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْحَقُ بِالْبِنَاءِ فِي الأَْوْقَافِ، فَيَكُونُ الأَْثَرُ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الأَْرْضِ خُلُوًّا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيُمْلَكُ. فَكَأَنَّ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِذَلِكَ نَظَرُوا إِلَى أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ الأَْمْرُ مِنْ وُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، أَوْ مِنْ دَفْعِ مَغَارِمَ لِلْمُلْتَزِمِ (وَهُوَ الَّذِي يَتَقَبَّل الأَْرَاضِيَ مِنَ السُّلْطَانِ مُقَابِل مَالٍ يَدْفَعُهُ لَهُ، وَيَأْخُذُ الْمُلْتَزِمُ الْمَال مِنَ الْفَلَاّحِينَ لِتَمْكِينِهِمْ مِنَ الأَْرْضِ) قَال: فَالَّذِي يَنْبَغِي فِي هَذِهِ الأَْزْمَانِ الإِْفْتَاءُ بِالإِْرْثِ؛ وَلأَِنَّهُ أَدْفَعُ لِلنِّزَاعِ وَالْفِتَنِ بَيْنَ الْفَلَاّحِينَ، وَلِلْمُلْتَزِمِ الْخَرَاجُ عَلَى الأَْرْضِ لَا أَكْثَرَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عَزْل الْفَلَاحِ عَنْ أَثَرٍ لَهُ فِي الأَْرْضِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتاوى الشيخ عليش 2 / 245، 246، 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>الْقَوْل الثَّانِي: ذَهَبَ الدَّرْدِيرُ إِلَى أَنَّ الْفَتْوَى السَّابِقَ بَيَانُهَا. مَكْذُوبَةٌ عَلَى مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ. (1)</p>قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: مُرَاعَاةُ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي عَدَمَ التَّوْرِيثِ فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً بَل يَفْعَل السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَلَا تُورَثُ، بَل الْحَقُّ لِمَنْ يُقَرِّرُهُ فِيهَا نَائِبُ السُّلْطَانِ لأَِنَّهَا مُكْتَرَاةٌ، وَالْخَرَاجُ كِرَاؤُهَا وَلَا حَقَّ لِلْمُكْتَرِي فِي مِثْل هَذَا (2) ثُمَّ إِنَّهُ إِذَا تَنَازَل مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ مُقَابِل عِوَضٍ مَالِيٍّ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُسْقَطِ لَهُ، فَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ عُلَيْشٌ بِجَوَازِ ذَلِكَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. (3)</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الأَْرْضُ الْمَذْكُورَةُ قُسِمَتْ عَلَى الْغَانِمِينَ ثُمَّ طَلَبَهَا عُمَرُ مِنْهُمْ فَبَذَلُوهَا فَوَقَفَهَا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَآجَرَهَا لأَِهْلِهَا إِجَارَةً مُؤَبَّدَةً بِالْخَرَاجِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهَا وَقْفًا بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا، وَلَهُمْ إِجَارَتُهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً لَا مُؤَبَّدَةً. (4) وَهَذَا حُكْمُ الأَْرْضِ نَفْسِهَا، أَمَّا الْبِنَاءُ وَالأَْشْجَارُ الَّتِي يُحْدِثُهَا فِي الأَْرْضِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مِنَ الرَّعَايَا فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَقِفَهُ كَمَا هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتاوى الشيخ عليش 2 / 247، والشرح الكبير معه حاشية الدسوقي 2 / 189، وفيه أنها منسوبة إلى الشيخ الخرشي والشيخ عبد الباقي والشيخ يحيى الشادي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتاوى عليش 2 / 246.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتاوى عليش 2 / 248.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح المنهج وحاشية الجمل 5 / 203 في كتاب الجهاد فصل في حكم الأسر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>الأَْصَحُّ فِيمَا يَبْنِيهِ فِي الأَْرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَيُرْهَنُ وَيُبَاعُ. (1)</p>أَمَّا النُّزُول عَنِ الأَْرْضِ الْمَذْكُورَةِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ إِلَى غَيْرِهِ مُقَابِل عِوَضٍ مَالِيٍّ فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَعَرُّضًا لَهُ.</p>وَلَكِنَّهُمْ فِي الْمُتَحَجِّرِ قَالُوا إِنَّ الأَْصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَا تَحَجَّرَهُ لأَِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَالْقَوْل الثَّانِي يَصِحُّ، وَكَأَنَّهُ يَبِيعُ حَقَّ الاِخْتِصَاصِ. قَال الْمَحَلِّيُّ: كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحَقَّ. (2)</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَمَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسَمُّوا مِثْل هَذَا الْحَقِّ خُلُوًّا فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ مَنَافِعَ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ يَجُوزُ نَقْلُهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَمَنْ نَزَل عَنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمَتْرُوكَ لَهُ أَحَقُّ بِهَا، فَيَجُوزُ نَقْلُهَا بِلَا عِوَضٍ، وَأَجَازَ أَحْمَدُ دَفْعَهَا عِوَضًا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ مِنَ الْمَهْرِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَنَهَى عَنْهُ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْعِمَارَةِ الَّتِي فِيهَا لِئَلَاّ تُتَّخَذَ طَرِيقًا إِلَى بَيْعِ رَقَبَةِ الأَْرْضِ الَّتِي لَا تُمْلَكُ، بَل هِيَ إِمَّا وَقْفٌ، وَإِمَّا فَيْءٌ.</p>وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُ آلَاتِ عِمَارَتِهِ بِمَا تُسَاوِي أَيْ بِثَمَنِ الْمِثْل، وَكَرِهَ أَنْ يَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَنَقَل عَنْهُ ابْنُ هَانِئٍ: يُقَوَّمُ دُكَّانُهُ وَمَا فِيهِ وَكُل شَيْءٍ يُحْدِثُهُ فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 99 في باب الوقف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 91.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>فَيُعْطَى ذَلِكَ، وَلَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ سُكْنَى دَارٍ وَلَا دُكَّانٍ. (1) وَبَيَّنَ ابْنُ رَجَبٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَحْمَدَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ إِلَى بَيْعِ الأَْرْضِ نَفْسِهَا بِدَعْوَى بَيْعِ مَا فِيهَا مِنَ الْعِمَارَةِ. قَال: وَالأَْظْهَرُ أَنَّ أَحْمَدَ إِنَّمَا أَرَادَ النَّهْيَ عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ رَقَبَةِ الأَْرْضِ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ، وَبِهَذَا قَال: هَذَا خِدَاعٌ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ آلَاتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا. وَنُقِل عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ تَجْوِيزُ بَيْعِهَا فَتَنْتَقِل بِخَرَاجِهَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُبْطِل حَقَّ الْبَطْنِ الثَّانِي. ا. هـ (2)</p>وَقَال فِي الإِْقْنَاعِ وَشَرْحِهِ: إِنْ آثَرَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِهَا أَحَدًا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا. وَمَعْنَى الْبَيْعِ هُنَا بَذْلُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجٍ إِنْ مَنَعْنَا بَيْعَهَا الْحَقِيقِيَّ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ، لأَِنَّ عُمَرَ وَقَفَهَا وَالْوَقْفُ لَا يُبَاعُ. (3)</p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ تَوَارُثِ الْخُلُوِّ فِي أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> إِذَا مَاتَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الأَْرَاضِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مطالب أولي النهى 4 / 191 وقواعد ابن رجب القاعدة 87 ص200 وكشاف القناع باب الأرضين المغنومة 3 / 99، وانظر، الاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب ص76، وما بعدها فقد أطال في ذلك وذكر عن أحمد روايات ونقل فتيا للشيخ ابن تيمية وذكر تأويلات مختلفة لما رُوي عن أحمد بهذا الصدد.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب ص77، 78، والقواعد لابن رجب أيضًا القاعدة 87 ص199، 200.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 99.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>الأَْمِيرِيَّةِ فَإِنَّهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تُورَثُ عَنْهُ لأَِنَّ رَقَبَتَهَا لِبَيْتِ الْمَال فَتَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ انْتِقَالُهَا إِلَى وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ إِلَاّ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا عَلَيْهَا مِنْ غِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ فَإِنَّهُ يُورَثُ طِبْقًا لِلْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ. (1) أَمَّا مِشَدُّ الْمَسْكَةِ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ أَصْلاً لأَِنَّهُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ. لَكِنْ جَرَتْ فَتْوَى مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَنْتَقِل إِلَى الأَْبْنَاءِ الذُّكُورِ انْتِقَالاً لَا عَلَى سَبِيل الْمِيرَاثِ، بَل بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَكُونُونَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَيَنْتَقِل مَجَّانًا. وَجَرَى الرَّسْمُ عَلَى ذَلِكَ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ. (2)</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالأَْرَاضِي الأَْمِيرِيَّةُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ عِنْدَهُمْ فِي ثُبُوتِ حَقِّ الْخُلُوِّ فِيهَا، وَأَنَّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَنْ قَال: إِنَّهَا لَا تُورَثُ وَذَلِكَ مُقْتَضَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّهَا وَقْفٌ، وَأَنَّ السُّلْطَانَ أَحَقُّ بِتَوْجِيهِهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ، وَمِنْ وَرَثَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: بِأَنَّهَا تُورَثُ، وَأَنَّ الإِْرْثَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ لِرَقَبَتِهَا بَل لِمَنْفَعَتِهَا مَا دَامَ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهَا مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ كَالأُْجْرَةِ.</p>ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَئُول إِلَيْهِ الأَْرْضُ إِذَا مَاتَ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ، فَالَّذِينَ قَالُوا بِعَدَمِ التَّوْرِيثِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 205.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وجاءت الأوامر السلطانية في أواخر الدولة العثمانية فأعطت للنساء حق وضع اليد بتفصيلات يرجع إليها في هذه الأوامر، ويجب طاعتها ما لم تخالف الشرع على أن هذه الأوامر (الآن) أصبحت غير ذات موضوع (اللجنة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>قَالُوا: السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِتَوْجِيهِهَا إِلَى مَنْ شَاءَ، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ قَدْ جَرَتْ بِنَقْلِهَا إِلَى وَرَثَتِهِ جَمِيعًا، أَوْ لأَِوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الإِْنَاثِ يَعْمَل بِذَلِكَ، قَال الدَّرْدِيرُ: وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ قُرَى الصَّعِيدِ أَنْ يَخْتَصَّ الذُّكُورُ بِالأَْرْضِ دُونَ الإِْنَاثِ، فَيَجِبُ إِجْرَاؤُهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ لأَِنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ صَارَتْ كَالإِْذْنِ مِنَ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ. (1)</p>أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلُوِّ فِيهَا تُورَثُ قَالُوا: إِنَّهَا تُورَثُ طِبْقًا لِمَا تُوجِبُهُ أَحْكَامُ التَّوْرِيثِ فَهِيَ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِنَ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ وَالأَْبَوَيْنِ وَالْعَصَبَاتِ وَالأَْوْلَادِ الذُّكُورُ مِنْهُمْ وَالإِْنَاثُ طِبْقًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: الْحَقُّ فِيهَا يُورَثُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الذُّكُورِ لأَِنَّهَا خَصْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ لَا تَحِل فِي الإِْسْلَامِ وَإِنِ اسْتَظْهَرَ ذَلِكَ الدَّرْدِيرُ. (2) وَقَال أَيْضًا: تَوْرِيثُ الذُّكُورِ دُونَ الإِْنَاثِ عُرْفٌ فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَل بِهِ. (3) وَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ قَال الدَّرْدِيرُ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا لِمَنْ شَاءَ. ثُمَّ قَال: وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إِلَى الْهَرَجِ وَالْفَسَادِ، وَأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير على مختصر خليل 2 / 189.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتاوى عليش 2 / 246.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتاوى عليش 2 / 268.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>الْعَادَةُ تُنَزَّل مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَنَّ كُل مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لأَِوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الإِْنَاثِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ. نَعَمْ إِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَحْتَ يَدِهِ أَرْضٌ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ فَالأَْمْرُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ، أَيْ يُقَرِّرُ فِي الأَْرْضِ مَنْ يَشَاءُ، وَلَا تُورَثُ عَنِ الْمَيِّتِ.</p>قَال الدُّسُوقِيُّ: نَعَمْ وَارِثُهُ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ. (1) وَلَمْ يَتَّضِحْ لَنَا قَوْل الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَالْوَرَثَةُ أَحَقُّ بِالتَّمَسُّكِ بِالأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ فَتَنْتَقِل إِلَيْهِمْ بِوَفَاةِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ، وَلَيْسَ لِلإِْمَامِ نَزْعُهَا مِنْهُمْ مَا دَامُوا يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ.</p>قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: مَنْ بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَتَرِثُهَا وَرَثَتُهُ كَذَلِكَ فَيَمْلِكُونَ مَنَافِعَهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي يَبْذُلُونَهُ. (2) وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ تَوَارُثَ هَذَا الْحَقِّ يُسْتَحَقُّ طِبْقًا لأَِنْصِبَةِ الْمِيرَاثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ الْمَوْرُوثُ مَالاً.</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْفُ مَا يُنْشِئُهُ فِي أَرْضِ بَيْتِ الْمَال:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْخَصَّافِ أَنَّهُ قَال: إِنَّ وَقْفَ حَوَانِيتِ الأَْسْوَاقِ يَجُوزُ إِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 2 / 189.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 4 / 192، والقواعد لابن رجب القاعدة (87) ، ص 200، وكشاف القناع باب الأرضين المغنومة 3 / 99.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>بِأَيْدِي الَّذِينَ بَنَوْهَا بِإِجَارَةٍ لَا يُخْرِجُهُمُ السُّلْطَانُ عَنْهَا مِنْ قِبَل أَنَّا رَأَيْنَاهَا فِي أَيْدِي أَصْحَابِ الْبِنَاءِ تَوَارَثُوهَا وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمُ السُّلْطَانُ فِيهَا وَلَا يُزْعِجُهُمْ مِنْهَا، وَإِنَّمَا لَهُ غَلَّةٌ يَأْخُذُهَا مِنْهُمْ وَتَدَاوَلَهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَمَضَى عَلَيْهَا الدُّهُورُ وَهِيَ فِي أَيْدِيهمْ يَتَبَايَعُونَهَا، وَيُؤَجِّرُونَهَا، وَتَجُوزُ فِي وَصَايَاهُمْ، وَيَهْدِمُونَ بِنَاءَهَا، وَيُعِيدُونَهُ، وَيَبْنُونَ غَيْرَهُ، فَكَذَلِكَ الْوَقْفُ جَائِزٌ. ا. هـ.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَأَقَرَّهُ فِي الْفَتْحِ وَوَجْهُهُ بَقَاءُ التَّأْبِيدِ. (1)</p>وَإِنْ كَانَ مَا جَعَلَهُ فِي الأَْرْضِ غِرَاسًا فَالْحُكْمُ فِي وَقْفِهَا حُكْمُ الْبِنَاءِ. أَمَّا إِنْ كَانَ مَا عَمِلَهُ فِي الأَْرْضِ مُجَرَّدَ كَبْسٍ بِالتُّرَابِ أَوِ السَّمَادِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ. (2)</p>وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى كَلَامٍ لِغَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ:</p>الْخُلُوُّ فِي الأَْمْلَاكِ الْخَاصَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> فَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ فِي ثُبُوتِ حَقِّ الْقَرَارِ فَأَثْبَتُوهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي عَقَارَاتِ الأَْوْقَافِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَنَفَوْهُ فِي الأَْمْلَاكِ الْخَاصَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ، وَبَيَّنُوا أَنَّ الْفَرْقَ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الْمَالِكَ أَحَقُّ بِمِلْكِهِ إِذَا انْتَهَى عَقْدُ الإِْجَارَةِ، ثُمَّ هُوَ قَدْ يَرْغَبُ فِي تَجْدِيدِ إِيجَارِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الأَْوَّل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 3 / 391.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 391.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>بِنَفْسِ الأَْجْرِ، أَوْ أَقَل، أَوْ أَكْثَرَ، وَقَدْ لَا يَرْغَبُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ، أَوْ يُعَطِّلَهُ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ الْمُعَدِّ لِلإِْيجَارِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إِلَاّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، فَإِيجَارُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْلَى مِنْ إِيجَارِهِ لأَِجْنَبِيٍّ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ. وَلِمَالِكِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعَ جَدَكَةٍ وَإِفْرَاغَ الْمَحَل لِمَالِكِهِ. (1) وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَثْبُتَ حَقُّ الْقَرَارِ فِي الأَْمْلَاكِ الْخَاصَّةِ حَتَّى عِنْدَ مَنْ سَمَّاهُ فِي عَقَارَاتِ الْوَقْفِ خُلُوًّا؛ وَلأَِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إِخْرَاجِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ لِصَاحِبِ الْخُلُوِّ حَجْرُ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِتْلَافُ مَالِهِ. (2) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ إِجْمَاعِيَّةٌ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَكَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَحْكَامِ الإِْجَارَةِ (3) فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الإِْجَارَةِ فِي الأَْرْضِ بِنَاءٌ أَوْ أَشْجَارٌ، أَوْ فِي الْحَانُوتِ بِنَاءٌ، يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي أَحْكَامِ الإِْجَارَةِ.</p>أَمَّا إِنْشَاءُ الْخُلُوِّ قَصْدًا بِتَعَاقُدٍ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَالِكِ مُقَابِل دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ لِيُمَكِّنَهُ مِنْ وَضْعِ بِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الأَْرْضِ أَوِ الْحَانُوتِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخُلُوُّ، فَقَدْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: مِمَّنْ أَفْتَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 200.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 16.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الخيرية 1 / 173، والموسوعة الفقهية (الإجارة ف90، 92) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>بِلُزُومِ الْخُلُوِّ بِمُقَابَلَةِ دَرَاهِمَ يَدْفَعُهَا إِلَى الْمَالِكِ الْعَلَاّمَةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ وَقَال: فَلَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَهُ مِنْهَا وَلَا إِجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ فَيُفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. (1)</p>وَسُئِل الْمَهْدِيُّ الْعَبَّاسِيُّ فِي رَجُلٍ لَهُ حَانُوتٌ مُتَخَرِّبٌ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ رَجُلٌ سَنَةً، وَأَذِنَ لَهُ بِالْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ فِيهِ لِيَكُونَ مَا عَمَّرَهُ وَبَنَاهُ وَأَنْشَأَهُ خُلُوًّا لَهُ وَمِلْكًا مُسْتَحَقَّ الْبَقَاءِ وَالْقَرَارِ، وَجَعَل عَلَيْهِ أُجْرَةً لِلأَْرْضِ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنَ الدَّرَاهِمِ مُسَانَهَةً (سَنَوِيًّا) فَهَل إِذَا بَنَى وَعَمَّرَ وَأَنْشَأَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ ذَلِكَ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا مَاتَ الآْذِنُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ أُجْرَةُ الأَْرْضِ فَقَطْ؟ فَأَجَابَ: مَا بَنَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَمْلُوكٌ لِبَانِيهِ يُورَثُ عَنْهُ إِذَا مَاتَ، وَعَلَيْهِ الأُْجْرَةُ الْمُقَرَّرَةُ عَلَى الأَْرْضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (2)</p>ثُمَّ قَرَّرَ أَنَّ الْخُلُوَّ فِي هَذِهِ الْحَال يَجُوزُ بَيْعُهُ لأَِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ أَعْيَانٍ مَمْلُوكَةٍ لِصَاحِبِهَا مُسْتَحَقٌّ قَرَارُهَا فِي الْمَحَل. (3)</p>وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَقَدْ قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: الْخُلُوُّ رُبَّمَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَدَكُ الْمُتَعَارَفُ فِي حَوَانِيتِ مِصْرَ، فَإِنَّ الْخُلُوَّ إِذَا صَحَّ فِي الْوَقْفِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى المهدية 5 / 26، ومثله في 5 / 43 وفي 5 / 44.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى المهدية 5 / 23، 49، 61.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>فَفِي الْمِلْكِ أَوْلَى لأَِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَل فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ. لَكِنَّ بَعْضَ الْجَدَكَاتِ بِنَاءٌ، أَوْ إِصْلَاحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ، وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ خُصُوصًا وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي تَأْبِيدِ الْحَكْرِ لِلْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ حَاصِلٌ فِي الْجَدَكِ. وَالْبَعْضُ الآْخَرُ مِنَ الْجَدَكَاتِ وَضْعُ أَشْيَاءَ مُسْتَقِلَّةٍ فِي الْمَحَل (أَيْ مُنْفَصِلَةٍ) غَيْرِ مُسَمَّرَةٍ فِيهِ كَمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ، وَحَوَانِيتِ الْقَهْوَةِ بِمِصْرَ، فَهَذِهِ بَعِيدَةٌ عَنِ الْخُلُوَّاتِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَالِكِ إِخْرَاجَهَا. ا. هـ.</p>وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ:" إِنَّ الْخُلُوَّ إِذَا صَحَّ فِي الْوَقْفِ فَفِي الْمِلْكِ أَوْلَى "، أَنْ يَتَعَاقَدَ الْمَالِكُ وَمُسْتَأْجِرُ الْحَانُوتِ عَلَى إِنْشَاءِ الْخُلُوِّ وَتَأْبِيدِهِ لَا إِنْ حَصَل ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الإِْذْنِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ (لأَِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَل فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ) . (1)</p>وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ أَجَازُوا بَيْعَ الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا خَرَّجَهُ الْبُهُوتِيُّ إِنْشَاءُ الْخُلُوِّ بِمَالٍ يُدْفَعُ إِلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ بِشُرُوطِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (2)</p>‌<span class="title">‌أَخْذُ الْمُسْتَأْجِرِ بَدَل الْخُلُوِّ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لَاحِقٍ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> يَدُورُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الأَْوَّل إِنْ كَانَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ إِلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ مَعَ الْمَالِكِ، أَوْ نَاظِرِ الْوَقْفِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتاوى الشيخ عليش 2 / 252.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مطالب أولي النهى 4 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>فَتَخَلَّى عَنِ الْحَانُوتِ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ لِمُسْتَأْجِرٍ آخَرَ يَحِل مَحَلَّهُ وَأَخَذَ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يَحِل مَحَلَّهُ جَازَ ذَلِكَ، وَمِنْ شَرْطِ ذَلِكَ فِي حَوَانِيتِ الْوَقْفِ أَنْ تَكُونَ الإِْجَارَةُ بِأَجْرِ الْمِثْل، قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ فِي فَتَاوِيهِ: إِنَّ حَوَانِيتَ الأَْوْقَافِ بِمِصْرَ جَرَتْ عَادَةُ سُكَّانِهَا أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ الْخُرُوجَ مِنَ الدُّكَّانِ أَخَذَ مِنَ الآْخَرِ مَالاً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِالسُّكْنَى فِيهِ، وَيُسَمُّونَهُ خُلُوًّا وَجَدَكًا، وَيَتَدَاوَلُونَ ذَلِكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ يَعُودُ عَلَى تِلْكَ الأَْوْقَافِ نَفْعٌ أَصْلاً غَيْرَ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ، بَل الْغَالِبُ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ أَقَل مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل بِسَبَبِ مَا دَفَعَهُ الآْخِذُ مِنْ مَالٍ. ثُمَّ قَال: وَالَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّاكِنَ الَّذِي أَخَذَ الْخُلُوَّ إِنْ كَانَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْحَانُوتِ مُدَّةً فَأَسْكَنَهَا غَيْرَهُ وَأَخَذَ عَلَى ذَلِكَ مَالاً فَإِنْ كَانَ الآْخِذُ بِيَدِهِ إِجَارَةٌ صَحِيحَةٌ مِنَ النَّاظِرِ أَوِ الْوَكِيل بِشُرُوطِهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْل فَهُوَ سَائِغٌ لَهُ الأَْخْذُ عَلَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ لِصُدُورِ الأُْجْرَةِ مُوَافَقَةً لأُِجْرَةِ الْمِثْل. وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ فَلَا عِبْرَةَ بِخُلُوِّهِ وَيُؤَجِّرُهُ النَّاظِرُ لِمَنْ يَشَاءُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل. وَيَرْجِعُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ عَلَى مَنْ دَفَعَهَا لَهُ. ا. هـ (1)</p>وَأَمَّا بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ عَقْدِ الإِْجَارَةِ فَالْمَالِكُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتاوى الشيخ عليش 2 / 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>أَحَقُّ بِمِلْكِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (ف 29) مَا لَمْ يَكُنِ الْمُسْتَأْجِرُ قَدِ اتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى إِنْشَاءِ الْخُلُوِّ بِمَالٍ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فَلَهُ بَيْعُ الْخُلُوِّ إِلَى مُسْتَأْجِرٍ يَأْتِي بَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل هَذَا الْبَحْثِ؛ لأَِنَّ الْخُلُوَّ الصَّحِيحَ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِنْ تَمَّتْ شُرُوطُهُ عِنْدَ مَنْ أَخَذَ بِذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌خُلُوُّ عَقْدِ النِّكَاحِ عَنِ الْمَهْرِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> إِذَا عُقِدَ النِّكَاحُ بِلَا تَسْمِيَةِ مَهْرٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى (التَّفْوِيضَ فِي النِّكَاحِ) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (تَفْوِيضٌ) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَلِيطٌ</span></p> </p>انْظُرْ: خُلْطَةٌ</p> </p>‌<span class="title">‌خَلِيطَانِ</span></p> </p>انْظُرْ: خُلْطَةٌ:</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>‌<span class="title">‌الآجري (؟ - 360 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر، الآجري، البغدادي. والآجري نسبة إلى قرية من قرى بغداد. فقيه، محدث. حافظ، أخباري. سمع أبا مسلم الكجي وأبا شعيب الحراني، وأحمد بن يحيى الحلواني وغيرهم. روى عنه أبو الحسن الحمامي وأبو الحسين بن بشران وأبو نعيم الحافظ وغيرهم. وقال الخطيب: كان دينا ثقة. من تصانيفه: " التهجد "، و " كتاب الشريعة في السنة "، و " تحريم النرد والشطرنج والملاهي "،و " آداب العلماء "،و " أخبار عمر بن عبد العزيز "،و " كتاب الرؤية ". [سير أعلام النبلاء16 / 133، وتذكرة الحفاظ 3 / 936، وشذرات الذهب 3 / 35 والعبر2 / 318، والبداية والنهابة 11 / 270] .</p> </p>الآمدي: هو علي بن أبي علي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p> </p>أبان بن عثمان:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص339.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ابن أبي الدم (583 - 642 ه</span>ـ)</p>هو إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن محمد، شهاب الدين، أبو إسحاق، الحموي، الهمداني، الشافعي، القاضي، المعروف بابن أبي الدم، مؤرخ، فقيه، أديب، شاعر. تفقه ببغداد على المذهب الشافعي، وصار إماما فيه، وسمع بالقاهرة، وحدث بها، وتولى قضاء حماة، وقال ابن العماد:" كان صاحب حلقة وطلاب ". من تصانيفه: " شرح مشكل الوسيط "، و " الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات " و " تدقيق العناية في تحقيق الرواية "، و " الفرق الإسلامية "، و " الفتاوى وكتاب التاريخ الكبير "، و " إيضاح الأغاليط الموجودة في الوسيط ". [طبقات الشافعية الكبرى 5 / 47، وشذرات الذهب 5 / 213، والنجوم الزاهرة 4 / 6، والأعلام 1 / 42، ومعجم المؤلفين 1 / 35]</p> </p>ابن أبي زيد القيرواني: هو عبد الله بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p> </p>ابن أبي شيبة: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص397.</p> </p>ابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>ابن الأثير: هو المبارك بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص398.</p> </p>ابن بطة: هو عبيد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p> </p>ابن تيمية (تقي الدين) : هو أحمد بن عبد الحليم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p> </p>ابن تيمية: هو عبد السلام بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p> </p>ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p> </p>ابن جرير الطبري: هو محمد بن جرير:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص421.</p> </p>ابن حبيب: هو عبد الملك بن حبيب:</p>تقدمت في ترجمته في ج1 ص399.</p> </p>ابن حجر العسقلاني: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص399.</p> </p>ابن حجر المكي: هو أحمد بن حجر الهيتمي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص327</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>ابن رجب: هو عبد الرحمن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص328.</p> </p>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الحفيد)</p>تقدمت: ترجمته في ج1 ص328.</p> </p>ابن الرفعة: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج9 ص284.</p> </p>ابن سحنون: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص341.</p> </p>ابن سريج: هو أحمد بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص329.</p> </p>ابن سيرين: هو محمد بن سيرين:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص329.</p> </p>ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة:</p>تقدمت ترجمته ج2 ص400.</p> </p>ابن الشحنة: هو عبد البر بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص342.</p> </p>ابن عابدين: هو محمد أمين بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص330.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>ابن عاشر: هو عبد الواحد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج17 ص332.</p> </p>ابن عباس: هو عبد الله بن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج10 ص330.</p> </p>ابن عبد البر: هو يوسف بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص400.</p> </p>ابن عبد الحكم: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص342.</p> </p>ابن عبد السلام: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>ابن العربي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 331.</p> </p>ابن عرفة: هو محمد بن محمد بن عرفة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p> </p>ابن عطية: هو عبد الحق بن غالب:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص401.</p> </p>ابن عقيل: هو علي بن عقيل:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص401.</p> </p>ابن عمر: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ابن الفرج (490 - 551 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن الفرج بن راشد بن محمد، القاضي أبو العباس، المدني الوراق البغدادي. فقيه حنبلي، ولي القضاء بدجيل مدة. تفقه على عبد الواحد بن سيف، وقرأ القرآن بالروايات على مكي بن أحمد الحنبلي وغيره. وسمع من أبي منصور محمد بن أحمد الخازن وأبي العباس بن قريش، وأبي غالب القزاز وغيرهم. وحدث، وروى عنه ابن السمعاني وغيره. [شذرات الذهب4 / 107والذيل على طبقات الحنابلة 1 / 30] .</p> </p>ابن فرحون: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص332.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن الفرس (524 - 597 ه</span>ـ)</p>هو عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد، أبو محمد، الخزرجي، الأنصاري. المعروف بابن الفرس. فقيه مالكي، محدث، نحوي، لغوي، ولي القضاء بجزيرة شقر، ثم في وادي آش، ثم في جيان، وأخيرا بغرناطة، وجعل إليه النظر في الحسبة والشرطة. قال أبو الربيع بن سالم: سمعت أبا بكر بن الجد، يقول غير مرة، ما أعلم بالأندلس أحفظ لمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون. من تصانيفه:" كتاب أحكام القرآن "،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>و " أدب القضاء "، و " مسائل الخلاف "، في النحو. [سير أعلام النبلاء21 / 364، وكشف الظنون 2 / 1669، والديباج ص218، والأعلام 4 / 317، ومعجم المؤلفين 6 / 196، وشجرة النور الزكية ص150] .</p> </p>ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص332.</p> </p>ابن قدامة: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن القطان (؟ - 628 ه</span>ـ)</p>هو علي بن محمد بن عبد الملك، أبو الحسن، المكناسي. يعرف بابن القطان. فقيه مالكي، من حفاظ الحديث. ولي القضاء بسجلماسة. سمع أبا عبد الله بن الفخار، وأبا عبد الله بن البقال وأبا ذر الخشني، وأبا الحسن بن موسى، وأبا عبد الله التجيبي وغيرهم، وممن كتب إليه ولقيه أبو جعفر بن مضاء، وأبو محمد التادلي وأبو عبد الله بن زرقون وغيرهم. من تصانيفه:" النظر في أحكام النظر "، و " بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام "، و " مقالة في الأوزان "، و " نظم الجمان "، و " برنامج " فيه شيوخه ومروياته.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>[شذرات الذهب5 / 128، وشجرة النور الزكية ص 179، والأعلام 5 / 152] .</p> </p>ابن القطان: هو عبد الله بن عدي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص343.</p> </p>ابن قيم الجوزية: هو محمد بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p> </p>ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج7 ص330.</p> </p>ابن كج: هو يوسف بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج15 ص314.</p> </p>ابن الماجشون: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج10 ص333.</p> </p>ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p> </p>ابن مفلح: هو محمد بن مفلح:</p>تقدمت ترجمته في ج4 ص321.</p> </p>ابن المنذر: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p> </p>ابن المنير: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج11 ص370.</p> </p>ابن نافع: هو عبد الله بن نافع:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص345.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>ابن نجيم: هو زين الدين بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p>ابن نجيم: هو عمر بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p> </p>ابن هاني: هو إبراهيم بن هاني:</p>تقدمت ترجمته في ج9 ص285.</p> </p>ابن الهمام: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص335.</p> </p>ابن يونس: هو أحمد بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج10 ص335.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو البركات المدايني (570 - 667 ه</span>ـ)</p>هو أبو البركات بن أبي الحسن بن النجيب بن معمر بن البناء المدايني. فقيه حنفي، أديب. له مصنفات في والأدب. [الجواهر المضيئة 2 / 238،ومعجم المؤلفين 3 / 41] .</p> </p>أبو بكر بن أبي شيبة: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص397.</p> </p>أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>أبو جعفر الهندواني: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج4 ص322.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أبو الحسن القابسي (324 - 403 ه</span>ـ)</p>هو علي بن محمد بن خلف، أبو الحسن، المعافري، الفاسي. المعروف بأبي الحسن القابسي. فقيه مالكي. حافظ، محدث، أصولي. سمع من أبي زيد المروزي، وأبي محمد الأصيلي وأبي الحسن بن مسرور الحجام وغيرهم. وروى عنه أبو محمد عبد الله بن الوليد وأبو عمرو الداني وأبو القاسم الكندي وغيرهم. وتفقه عليه أبو عمران الفاسي وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو عبد الله المالكي وغيرهم. من تصانيفه:" المهدي في الفقه وأحكام الديانة "، و " كتاب المناسك "، و " ملخص الموطأ "، و " الرسالة المفصلة لأحوال المعلمين والمتعلمين "، و " المنقذ من شبه التأويل ". [شجرة النور الزكية ص97، وشذرات الذهب 3 / 168، والديباج ص 199، وتذكرة الحفاظ 3 / 264، والأعلام 5 / 145، ومعجم المؤلفين 7 / 194] .</p> </p>أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>أبو الخطاب: هو محفوظ بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>أبو داود: هو سليمان بن الأشعث:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>أبو زيد: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج9 ص286.</p> </p>أبو زيد الدبوس: عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 350.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو زيد الفاسي (1040 - 1096 ه</span>ـ)</p>هو عبد الرحمن بن عبد القادر بن علي، أبو زيد، الفاسي، الفهري المالكي. فقيه. محدث، أديب، مشارك في أنواع من العلوم، أخذ عن والده وعمه أحمد ومحمد بن أحمد بن أبي المحاسن الفاسي، والقاضي، ابن سودة وعبد الوهاب بن العربي الفاسي وغيرهم، وكان والده يقول: إنه سيوطي زمانه. من تصانيفه: " مفتاح الشفاء "، و " أزهار البساتين "، و " التوقيت "، و " الأقنوم في مبادئ العلوم ". [شجرة النور الزكية ص 315، والأعلام 3 / 310، واليواقيت الثمينة ص 199، ومعجم المؤلفين 5 / 145] .</p> </p>أبو سعيد الخدري: هو سعد بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو السنابل بن بعكك (؟ - قبل 110ه</span>ـ)</p>هو أبو السنابل بن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق بن عبد الدار. العبدري القرشي. قيل اسمه عمرو، وقيل عبيد ربه.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>صحابي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنه زفر بن أوس بن الحدثان والأسود بن يزيد النخعي. [الإصابة 4 / 95، والاستيعاب 4 / 1684، وأسد الغابة 5 / 156، وتهذيب التهذيب 12 / 121] .</p> </p>أبو الشعثاء: هو جابر بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص408.</p> </p>أبو طالب: هو أحمد بن حميد الحنبلي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص347.</p> </p>أبو عبيد: هو القاسم بن سلام:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>أبو علي الطبري: هو الحسين بن القاسم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص338.</p> </p>أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص404.</p> </p>أبو الليث السمرقندي: هو نصر بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص338.</p> </p>أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>أبو يعلى: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم:</p>تقدت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>الأجهوري: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>أحمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>‌<span class="title">‌أحمد الحراني (631 - 695 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن حمدان بن شبيب بن محمود، أبو عبد الله، النمري، الحراني. فقيه. حنبلي، أصولي. أديب، ولي نيابة القضاء في القاهرة. سمع من الحافظ عبد القادر الرهاوي، والخطيب أبي عبد الله بن تيمية، والحافظ بن خليل وغيرهم. وتفقه على ابن أبي الفهم وابن جميع، وجالس ابن عمه الشيخ مجد الدين، وبرع في الفقه، وانتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه وغوامضه. من تصانيفه:" الرعاية الصغرى "، و " الرعاية الكبرى " كلاهما في فروع الفقه الحنبلي، و " صفة المفتي والمستفتي "، " ومقدمة في أصول الدين "، و " الإيجاز في الفقه الحنبلي ". [شذرات الذهب 5 / 428، وذيل طبقات الحنابلة ص331، والمنهل الصافي 1 / 272 والأعلام 1 / 116، وكشف الظنون 1 / 908، ومعجم المؤلفين 1 / 211] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>إسحاق بن راهويه:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص340.</p> </p>الأسنوي: هو عبد الرحيم بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص349.</p> </p>أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</p> </p>إلكيا الهراسي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج13 ص306.</p> </p>أم عطية: هي نسيبة بنت كعب:</p>تقدمت ترجمتها في ج10 ص318.</p> </p>إمام الحرمين: هو عبد الملك بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص350.</p> </p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص402.</p> </p>الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ب</span></p>الباجي هو سليمان بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص342.</p> </p>‌<span class="title">‌البازري (580 - 669 ه</span>ـ)</p>هو إبراهيم بن المسلم بن هبة الله بن البازري، الحموي، الشافعي، قاضي حماة. فقيه. تفقه بدمشق بالفخر بن عساكر، ودرس بالرواحية، وولي تدريس معرة النعمان، ثم تحول إلى حماة ودرس بها وأفتى وصنف. [شذرات الذهب 5 / 328، ومرآة الجنان 4 / 170، ومعجم المؤلفين 1 / 112] .</p> </p>البرزلي: هو أبو القاسم بن أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص343.</p> </p>‌<span class="title">‌البعلي (645 - 709 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل، أبو عبد الله، شمس الدين، البعلي. فقيه،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>نحوي، محدث، مجود للقرآن الكريم، وأم بجامع دمشق مدة طويلة، ودرس به بحلقة الصالح بن صاحب حمص، ودرس بالصدرية، وأفتى زمنا طويلا. تفقه على إبراهيم بن خليل، ومحمد بن عبد الهادي، وابن عبد الدائم وغيرهم. قال الذهبي: كان إماما في المذهب، والعربية والحديث. من تصانيفه:" شرح الرعاية "، و " المطلع على أبواب المقنع "، و " شرح الجرجانية "، و " شرح ألفية ابن مالك "، وكلاهما في النحو، و " شرح المقدمة الجزرية في التجويد ". [شذرات الذهب 6 / 20، وذيل طبقات الحنابلة 2 / 356، ومعجم المؤلفين 11 / 116] .</p> </p>البغوي: هو الحسين بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص343.</p> </p>البناني: هو محمد بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص352.</p> </p>البهوتي: هو منصور بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص344.</p> </p>البيجوري: هو إبراهيم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص344.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>البيهقي: هو أحمد بن الحسين:</p>‌<span class="title">‌ت</span>قدمت تر‌<span class="title">‌ج</span>مته في ج2 ص407.</p> </p>ت</p>الترمذي: هو محمد بن عيسى:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص344.</p> </p>‌<span class="title">‌ث</span></p>الثوري: هو سفيان بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p> </p>ج</p>جابر بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص408</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>الجرجاني: هو علي بن م‌<span class="title">‌ح</span>مد الجرجاني:</p>تقدمت ترجمته في ج4 ص326.</p> </p>ح</p>الحاكم: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص408.</p> </p>الحسن البصري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص346.</p> </p>الحسن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص409.</p> </p>الحصكفي: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>الحطاب: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>الحكم: هو الحكم بن عتيبة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص410.</p> </p>حماد بن أبي سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>الحموي: هو أحم‌<span class="title">‌د </span>بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج10 ص321.</p> </p>‌<span class="title">‌خ</span></p>الخرشي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p>الخصاف: هو أحمد بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p> </p>الخطابي: هو حمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</p> </p>د</p>الدردير: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص355.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>الدسوقي: هو محمد بن أحمد الدسوقي:</p>تقدمت ت‌<span class="title">‌ر</span>جمته في ج1 ص350.</p> </p>ر</p>الراغب: هو الحسين بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج6 ص347.</p> </p>الرافعي: هو عبد الكريم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص351.</p> </p>الرحيباني: هو مصطفى بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص411.</p> </p>الرملي: هو خير الدين الرملي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</p> </p>‌<span class="title">‌ز</span></p>‌<span class="title">‌الزاهدي (؟ - 658 ه</span>ـ)</p>هو مختار بن محمد بن محمد، أبو الرجا، نجم الدين الزاهدي العزميني نسبة إلى عزمين</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>قصبة من قصبات خوارزم، فقيه حنفي، أصولي، فرضي تفقه على علاء الدين سديد بن محمد الخياطي ومحمد بن عبد الكريم التركستاني وناصر الدين المطرزي وغيرهم. من تصانيفه:" الحاوي في الفتاوى "، و " المجتبى " شرح به مختصر القدوري في الفقه، و " زاد الأئمة "، و " قنية المنية لتتميم الغنية "، و " الجامع في الحيض " و " كتاب الفرائض ". [الجواهر المضيئة 2 / 166، والفوائد البهية ص 213، والأعلام 8 / 72، ومعجم المؤلفين1 / 211] .</p> </p>الزرقاني: هو عبد الباقي بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص352.</p> </p>الزركشي: هو محمد بن بهادر:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص412.</p> </p>زروق: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج17 ص341.</p> </p>زفر: هو زفر بن الهذيل:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>الزهري: هو محمد بن مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>الزيلعي: هو عثمان بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌س</span></p>سالم بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص412.</p> </p>السرخسي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p> </p>السرخسي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص413.</p> </p>‌<span class="title">‌ش</span></p>الشيخ تقي الدين: هو أحمد بن عبد الحيلم بن تيمية:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 326.</p> </p>الشيخ عليش: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص414. 316</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ص</span></p>الصاحبان.</p>تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج1 ص357.</p> </p>صاحب البحر الرائق: هو زين الدين بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p> </p>صاحب البيان: هو إبراهيم بن مسلم المقدسي:</p>تقدمت ترجمته في ج9 ص283.</p> </p>صاحب الدر المختار: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>صاحب الرعاية: هو أحمد بن محمد:</p>ر: أحمد الحراني.</p> </p>صاحب العدة: هو عبد الرحمن بن محمد الفوراني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص85.</p> </p>صاحب الفتاوى الخيرية: هو خير الدين الرملي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>صاحب الفتاوى الهندية:</p>تقدمت ترجمته في ج10 ص325.</p> </p>صاحب المبدع: هو محمد بن مفلح:</p>تقدمت ترجمته في ج4 ص321.</p>صاحب المجموع: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص373.</p> </p>صاحب م‌<span class="title">‌ط</span>الب أولي النهى: هو مصطفى بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص411.</p> </p>صاحب المغني: هو عبد الله قدامة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p>ط</p>طاوس بن كيسان:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>الطبراني: هو سليمان بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص415.</p> </p>الطبري المكي: هو المحب الطبري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p> </p>الطحاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ع</span></p>عائشة:</p>تقدمت ترجمتها في ج1 ص359.</p> </p>عبد الحق: هو عبد الحق بن غالب بن عطية:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص401.</p> </p>عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج6 ص351.</p> </p>عبد الرحمن العمادي: هو عبد الرحمن بن محمد العمادي:</p>تقدمت ترجمته في ج10 ص549.</p> </p>عبد الرحمن بن عوف:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص416.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد القادر الفاسي (؟ - 1219 ه</span>ـ)</p>هو عبد القادر بن أحمد بن العربي بن شقرون الفاسي. فقيه، نحوي، لغوي. محدث، أديب. أخذ عن أبي العباس الهلالي، وأبي العباس الدلائي، وعبد الرحمن المنجرة وغيرهم. وعنه أخذ السلطان أبو الربيع سليمان. وفي شجرة النور الزكية كان معروفا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>بالضبط والإتقان مملوءا بالصدق والعرفان. من تصانيفه: " شرح العشرة الثانية من الأربعين النووية " ونسب إليه واضعا فهرس المخطوطات بخزانة الرباط " الأرجوزة "[شجرة النور الزكية ص374، والأعلام4 / 37، ومعجم المؤلفين 5 / 284] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن شهاب الخولاني (؟ - توفي قبل 75ه</span>ـ)</p>هو عبد الله به شهاب، أبو الجزل، الخولاني الكوفي، تابعي. روى عن عمر بن الخطاب وعائشة رضي الله عنهما. وعنه الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن ووثقه ابن خلفون. [طبقات ابن سعد 6 / 153، وتهذيب التهذيب 4 / 254] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن عتاب (224 - 320 ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن عتاب بن أحمد بن كثير، أبو العباس، البصري الدمشقي. المحدث المتقن الثقة. سمع هشام بن عمار وعيسى بن حماد وهارون بن سعيد الأيلي وغيرهم. حدث عنه علي بن عمرو الحريري وشافع بن محمد الإسفراييني وأبو احمد الحاكم وغيرهم. قال أبو أحمد الحاكم: رأيناه ثبتا. [شذرات الذهب 2 / 285، والعبر 2 / 182، وتاريخ ابن عساكر 9 / 259، وسير أعلام النبلاء1 / 64] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>عبد الله بن مغفل:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p> </p>عثمان بن مظعون:</p>تقدمت ترجمته في ج14 ص293.</p> </p>العدوي: هو علي بن أحمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص375.</p> </p>عطاء بن أبي رباح:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p> </p>‌<span class="title">‌العلاء بن الحضرمي (؟ - 21 ه</span>ـ)</p>هو العلاء بن عبد الله بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك الحضرمي. صحابي. من رجال الفتوح في صدر الإسلام أصله من حضرموت. سكن أبوه مكة، فولد بها العلاء ونشأ، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين وجعل له جباية، وأعطاه كتابا به فرائض الصدقة في الإبل، والبقر، والغنم، والثمار، والأموال، وأقره أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما. روى عنه من الصحابة السائب بن يزيد وأبو هريرة ويقال: إن العلاء أول مسلم ركب الحر للغزو. [الإصابة 2 / 497، وأسد الغابة 3 / 571، والاستيعاب 3 / 1085، والأعلام 5 / 45] .</p> </p>علي بن أبي طالب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>عمران بن حصين:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>عمر بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>عمر بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>عمرو بن شعيب:</p>تقدمت ترجمته في ج4 ص332.</p> </p>عمرو بن العاص:</p>تقدمت ترجمته في ج6 ص354.</p> </p>‌<span class="title">‌غ</span></p>‌<span class="title">‌الغرقاوي (؟ - 1101 وقيل 1069 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن الفيومي. المعروف بالغرقاوي. فقيه مالكي مشارك في بعض العلوم. من تصانيفه: " رسالة في مسألة الخلو عن الأوقاف "، و " كشف النقاب والران عن وجوه</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>مخدارات " أسئلة ت‌<span class="title">‌ق</span>ع‌<span class="title">‌ ف</span>ي بعض سور القرآن، و " القول التام " في أطوار سيدنا لآدم،و " حسن السلوك في معرفة آداب الملك والملوك ". [هدية العارفين 1 / 162،وإيضاح المكنون 2 / 369،والأعلام1 / 89ومعجم المؤلفين1 / 152] .</p> </p>ف</p>الفضل بن العباس:</p>تقدمت ترجمته في ج13 ص317.</p> </p>ق</p>القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص418.</p> </p>القاضي أبو يعلى: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p> </p>القاضي عياض: هو عياض بن موسى:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>قتادة بن دعامة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص365.</p> </p>القرطبي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص419.</p> </p>‌<span class="title">‌القصار الفاسي (931 - 1012ه</span>ـ)</p>هو محمد بن قاسم، أبو عبد الله، القيسي، الشهير بالقصار. فقيه مالكي، محدث. أخذ عن عبد الوهاب الزقاق، وأبي القاسم بن إبراهيم الراشدي، وابن جلال وغيرهم، وعنه أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الدلائي، والشهاب المقري، ومحمد العربي الفاسي وغيرهم، وفي شجرة النور الزكية: هو شيخ الفتيا بفاس وخاتمة أعلامها. من تصانيفه: " فهرسة " جمعت روايته في الفقه والحديث، و " مصنف في مناقب الإمامين إدريس بن عبد الله الكامل الأكبر وولده إدريس الأزهر ". [شجرة النور الزكيةص295،ومعجم المؤلفين 11 / 142] .</p> </p>القفال: هو محمد بن أحمد الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص365.</p> </p>القليوبي: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ك</span></p>ا‌<span class="title">‌ل</span>كاساني: هو أبو بكر بن‌<span class="title">‌ م</span>سعود:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p> </p>ل</p>اللخمي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص367.</p> </p>اللقاني: هو شمس الدين محمد بن حسن:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص368.</p> </p>اللقاني: هو ناصر الدين محمد بن حسن:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص368.</p> </p>الليث بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص368.</p> </p>م</p>الماوردي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>المتولي: هو عبد الرحمن بن مأمون:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص420.</p> </p>المجد: هو عبد السلام بن تيمية:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p> </p>المحلي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص420.</p> </p>محمد أبو السعود: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص347.</p> </p>محمد بن الحسن الشيباني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص370.</p> </p>‌<span class="title">‌معتمر بن سليمان (106 - 187ه</span>ـ)</p>هو معتمر بن سليمان بن طرخان، أبو محمد، أبو التميمي، البصري. محدث، كان حافظا ثقة. روى عن أبيه، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وإسحاق بن سويد العدوي، وهشام بن حسان، وغيرهم. وعنه الثوري، وهو أكبر منه، وابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن النيسابوري، وغيرهم. قال أبو حاتم وابن معين وابن سعد: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>م‌<span class="title">‌ن </span>تصانيفه: " كتاب المغازي ".</p>[تهذيب التهذيب 10 / 227، وطبقات ابن سعد 7 / 290، وتذكرة الحفاظ 1 / 245، والأعلام 8 / 179] .</p> </p>المغيرة بن شعبة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص422.</p> </p>مكحول:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص372.</p> </p>المواق: هو محمد بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص 368.</p> </p>ن</p>النخعي: هو إبراهيم النخعي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p>النووي: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص373.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٩</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ه</span>ـ</p>‌<span class="title">‌اله‌<span class="title">‌ي</span>ثم بن خارجة (؟ - 227 ه</span>ـ)</p>هو الهيثم بن خارجة، أبو أحمد، ويقال: أبو يحيى، المروذي ثم البغدادي. محدث، حافظ. حدث عن مالك، والليث، وحفص بن ميسرة، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن أيوب بن ميسرة، وغيرهم. وحدث عنه أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، وإسماعيل بن أبي الحارس البغدادي، وأبو زرعة وغيرهم. وقال يحيى بن معين: ثقة. وقال صالح: كان أحمد بن حنبل يثني عليه. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الخليلي: ثقة متفق عليه. [تهذيب التهذيب11 / 93، وسير أعلام النبلاء 10 / 477، وطبقات الحنابلة1 / 394، وطبقات ابن سعد 7 / 342] .</p> </p>ي</p>يحيى بن آدم:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص369.</div>
</div></body></html>