الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ. يَقْتَضِي رَفْعَ الْخَطَأِ مُطْلَقًا وَرَفْعَ حُكْمِهِ (1) .
10 -
وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الأَْئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفَاتِ وَالدِّيَاتِ وَكُل مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ حَتَّى إِنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَال النَّاسِ سَوَاءٌ (2) . لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل خِطَابِ الْوَضْعِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الأُْصُول أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُكَلَّفِ وَقُدْرَتُهُ وَهُوَ الْخِطَابُ بِكَثِيرٍ مِنَ الأَْسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَجَانِينِ وَالْغَافِلِينَ بِسَبَبِ الإِْتْلَافِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الْوَضْعِ الَّذِي مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: إِذَا وَقَعَ هَذَا فِي الْوُجُودِ فَاعْلَمُوا أَنِّي حَكَمْتُ بِكَذَا، وَمِنْ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بِالإِْضْرَارِ، وَالإِْعْسَارُ، وَالتَّوْرِيثُ بِالأَْنْسَابِ (3) .
وَنَقَل الْخَلَاّل عَنْ أَحْمَدَ قَال: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ مَرْفُوعٌ فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي قَتْل
(1) أحكام القرآن 1 / 437، 438
(2)
البهجة شرح التحفة 2 / 286، 287، المنثور في القواعد 2 / 122، 123.
(3)
الذخيرة للقرافي ص 65، والتمهيد ص 118، 119، الأحكام للآمدي 1 / 115 - 117، والمستصفى 1 / 84، 85 مطبوع مع فواتح الرحموت، وفواتح الرحموت 1 / 165 نفس الطبعة، تيسير التحرير 2 / 306، 307، فتح الباري 14 / 356، 357
النَّفْسِ الْخَطَأِ الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ، يَعْنِي مَنْ زَعَمَ ارْتِفَاعَهُمَا عَلَى الْعُمُومِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ وَالتَّكْلِيفِ (1) .
وَقَال الْبَعْلِيُّ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ: شُرُوطُ التَّكْلِيفِ الْعَقْل وَفَهْمُ الْخِطَابِ. فَلَا تَكْلِيفَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا مَجْنُونٍ لَا عَقْل لَهُ. وَقَال أَبُو الْبَرَكَاتِ فِي الْمُسَوَّدَةِ: وَاخْتَارَ قَوْمٌ تَكْلِيفَهُمَا.
قُلْتُ: مَنِ اخْتَارَ تَكْلِيفَهُمَا، إِنْ أَرَادَ: أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى أَفْعَالِهِمَا مَا هُوَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَا نِزَاعَ فِي تَرَتُّبِهِ. وَإِنْ أَرَادَ خِطَابَ التَّكْلِيفِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنِ اخْتُلِفَ فِي مَسَائِل: هَل هِيَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، أَمْ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ؟ أَوْ بَعْضِ مَسَائِل مِنْ مَسَائِل التَّكْلِيفِ (2) .
قَوَاعِدُ فِقْهِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْخَطَأِ:
قَاعِدَةٌ: لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ
.
11 -
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
وَمِنْ تَطْبِيقَاتِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ لَوْ ظَنَّ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ ضَاقَ فَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْل الْفَائِتَةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ بَطَل الْفَجْرُ، فَإِذَا بَطَل يَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُصَلِّي الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ الْفَجْرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُعِيدُ الْفَجْرَ فَقَطْ.
(1) كشف الخفاء ومزيل الإلباس 1 / 522، 523
(2)
القواعد والفوائد الأصولية ص 15