الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحِبَ الأَْرْضِ بِتَأْجِيرِهَا لِمَنْ يَقُومُ بِزِرَاعَتِهَا وَإِلَاّ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا، وَلَا تُتْرَكُ بِيَدِهِ خَرَابًا وَإِنْ دَفَعَ خَرَاجَهَا، لِئَلَاّ تَصِيرَ بِالْخَرَابِ مَوَاتًا، فَيَتَضَرَّرَ أَهْل الْفَيْءِ بِتَعْطِيلِهَا. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الإِْمَامُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ دَفَعَ الأَْرْضَ لِغَيْرِ صَاحِبِهَا مُزَارَعَةً، وَيَأْخُذُ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِهِ وَيُمْسِكُ الْبَاقِيَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ آجَرَهَا وَأَخَذَ الْخَرَاجَ مِنَ الأُْجْرَةِ، وَإِنْ شَاءَ زَرَعَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَال فَإِذَا حَصَلَتِ الْغَلَّةُ أَخَذَ قَدْرَ الْخَرَاجِ وَمَا أَنْفَقَ، وَيَحْفَظُ الْبَاقِيَ لِمُسْتَغِل الأَْرْضِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لِلإِْمَامِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْعَاجِزِ كِفَايَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَال قَرْضًا لِيَعْمَل وَيَسْتَغِل أَرْضَهُ.
فَإِذَا لَمْ يَجِدِ الإِْمَامُ مَنْ يَعْمَل فِي تِلْكَ الأَْرْضِ مُزَارَعَةً أَوْ بِالأُْجْرَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بَيْعَهَا وَأَخْذَ الْخَرَاجِ مِنْ ثَمَنِهَا، وَيُحْفَظُ الْبَاقِي لِمُسْتَغِل الأَْرْضِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهَا، وَإِنَّمَا يَحْجُرُهَا لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَرَى جَوَازَ الْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ إِلَاّ أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْعَامَّةِ. (2)
(1) الماوردي: الأحكام السلطانية ص 152، أبو يعلى: الأحكام السلطانية ص 172، البهوتي: كشاف القناع 3 / 99، ابن القيم أحكام أهل الذمة 1 / 124.
(2)
الفتاوى الهندية 2 / 240 - 241، حاشية ابن عابدين 4 / 191.
ثَالِثًا: هَلَاكُ الزَّرْعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ:
59 -
إِذَا زَرَعَ صَاحِبُ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ أَرْضَهُ بِزَرْعٍ مَا، فَأَصَابَتْهُ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهَا، كَغَرَقٍ، أَوْ حَرْقٍ، أَوْ شِدَّةِ بَرْدٍ، أَوْ جَرَادٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ قَبْل الْحَصَادِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ.
أ - فَإِذَا هَلَكَ الزَّرْعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْل الْحَصَادِ يَسْقُطُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ إِذَا أَدَّتْ تِلْكَ الآْفَةُ إِلَى هَلَاكِ جَمِيعِ الزَّرْعِ؛ لأَِنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ حَقِيقَةً.
وَأَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ فَيَسْقُطُ عَنْ صَاحِبِ الأَْرْضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ مُصَابٌ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعُونَةَ؛ وَلأَِنَّ الْخَرَاجَ صِلَةٌ وَاجِبَةٌ بِاعْتِبَارِ الأَْرَاضِي، فَلَا يُمْكِنُ إِيجَابُهَا بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لأَِنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ اسْتِغْلَال الأَْرْضِ.
وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِسُقُوطِ الْخَرَاجِ بِهَذَا السَّبَبِ شَرْطَيْنِ:
الأَْوَّل: أَنْ لَا تَبْقَى مِنَ السَّنَةِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ زِرَاعَةِ الأَْرْضِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِنْ بَقِيَتْ مِنَ السَّنَةِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ أَنْ يَزْرَعَ الأَْرْضَ ثَانِيَةً لَمْ يَسْقُطِ الْخَرَاجُ لِتَحَقُّقِ الاِنْتِفَاعِ بِالأَْرْضِ، وَقَدَّرُوا الْمُدَّةَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَبْقَى مِنَ الزَّرْعِ ضِعْفُ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ عَلَى الأَْرْضِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الزَّرْعِ ضِعْفُ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ عَلَى الأَْرْضِ لَمْ