الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل: بِأَنَّهُ ظَهَرَ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ، وَكَانَ بِإِمْكَانِهِ الْوُقُوفُ عَلَى مَدَى اسْتِحْقَاقِهِ أَوْ عَدَمِهِ فَصَارَ كَالأَْوَانِي وَالثِّيَابِ، فَإِذَا تَحَرَّى فِي الأَْوَانِي الطَّاهِرَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالنَّجِسَةِ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ مِنْهَا بِالتَّحَرِّي ثُمَّ ظَهَرَ خَطَؤُهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَمِثْلُهُ إِذَا قَضَى الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ ظَهَرَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ (1) . وَلأَِنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ وَهُوَ لَا يَخْفَى حَالُهُ غَالِبًا فَلَمْ يُعْذَرْ كَدَيْنِ الآْدَمِيِّ (2) .
وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ دَفْعِهَا خَطَأً إِلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا لِكُفْرٍ أَوْ شَرَفٍ، وَبَيْنَ دَفْعِهَا لِمَنْ ظَنَّهُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا، فَقَالُوا: لَا تُجْزِئُ إِذَا دَفَعَهَا لِلْكَافِرِ أَوْ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا لِكَوْنِهِ هَاشِمِيًّا، وَلَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ مَا دَفَعَ. لأَِنَّ الْمَقْصُودَ إِبْرَاءُ الذِّمَّةِ بِالزَّكَاةِ وَلَمْ يَحْصُل لِدَفْعِهَا لِلْكَافِرِ، فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ دَفْعِهَا لِلْغَنِيِّ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الثَّوَابُ وَلَمْ يَفُتْ (3) .
وَوَجْهُ قَوْل أَبِي يُوسُفَ فِي عَدَمِ الاِسْتِرْدَادِ أَنَّ فَسَادَ جِهَةِ الزَّكَاةِ لَا يَنْقُضُ الأَْدَاءَ (4) .
(1) شرح فتح القدير 2 / 275، 276
(2)
كشاف القناع 2 / 294
(3)
كشاف القناع 2 / 295
(4)
شرح فتح القدير 2 / 275
د -
الصَّوْمُ:
أَوَّلاً: الْخَطَأُ فِي صِفَةِ نِيَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ:
38 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (1) إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَطْلَقَ الصَّائِمُ نِيَّةَ الصَّوْمِ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ نَوَى النَّفَل أَوْ وَصَفَهُ وَأَخْطَأَ الْوَصْفَ صَحَّ صَوْمُهُ.
قَال فِي الدُّرَرِ: وَصَحَّ الصَّوْمُ بِمُطْلَقِهَا أَيِ النِّيَّةِ، وَبِنِيَّةِ النَّفْل، وَبِخَطَأِ الْوَصْفِ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الأُْصُول مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ مُتَعَيِّنٌ لِصَوْمِ رَمَضَانَ، وَالإِْطْلَاقُ فِي الْمُتَعَيِّنِ تَعْيِينٌ، وَالْخَطَأُ فِي الْوَصْفِ لَمَّا بَطَل بَقِيَ أَصْل النِّيَّةِ فَكَانَ فِي حُكْمِ الْمُطْلَقِ، نَظِيرُهُ الْمُتَوَحِّدُ فِي الدَّارِ إِذَا نُودِيَ بِيَا رَجُل أَوْ بِاسْمٍ غَيْرِ اسْمِهِ يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَضَاءِ رَمَضَانَ حَيْثُ لَا تَعْيِينَ فِي وَقْتِهِ إِلَاّ إِذَا وَقَعَتِ النِّيَّةُ مِنْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ حَيْثُ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إِلَى التَّعْيِينِ وَلَا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ (2) .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (صَوْمٌ، نِيَّةٌ) .
ثَانِيًا: الْخَطَأُ فِي الإِْفْطَارِ:
39 -
مَنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ فَأَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ
(1) درر الحكام شرح غرر الأحكام 1 / 197، 198، شرح فتح القدير 2 / 308، 309، المبسوط 3 / 60، 61 والبدائع 2 / 992 - 994، والمنتقى 2 / 41، والمجموع 6 / 294، 295، والمغني 3 / 87
(2)
درر الحكام شرح غرر الأحكام 1 / 197، 198