الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجُلٌ مِنَ الْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ مُوسِرٌ، فَقَالُوا: هَذَا أَخَفُّ عَلَيْنَا، نُظِرَ فِي ذَلِكَ: فَإِنْ كَانَ صَلَاحًا لأَِهْل هَذَا الْبَلَدِ وَالطَّسُّوجِ، قُبِل وَضُمِنَ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ وَصِيرَ مَعَهُ أَمِيرٌ مِنْ قِبَل الإِْمَامِ يُوثَقُ بِدِينِهِ، وَأَمَانَتِهِ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ أَرَادَ ظُلْمَ أَحَدٍ مِنْ أَهْل الْخَرَاجِ، أَوِ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ أَوْ تَحْمِيلَهُ شَيْئًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، مَنَعَهُ الأَْمِيرُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَنْعِ.
وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَى عَيْنًا بِمَا رَأَى مِنْ ذَلِكَ، وَمَا رَأَى أَنَّهُ أَصْلَحُ لأَِهْل الْخَرَاجِ، وَأَوْفَرُ عَلَى بَيْتِ الْمَال عَمِل عَلَيْهِ مِنَ الْقَبَالَةِ، وَالْوِلَايَةِ بَعْدَ الإِْعْذَارِ وَالتَّقَدُّمِ إِلَى الْمُتَقَبِّل، وَالْوَالِي يَرْفَعُ الظُّلْمَ عَنِ الرَّعِيَّةِ، وَالْوَعِيدُ لَهُ إِنْ حَمَّلَهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، أَوْ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ فَعَل فَفُوا لَهُ بِمَا أَوْعَدَ بِهِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ زَاجِرًا وَنَاهِيًا لِغَيْرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (1)
(وَسَيَأْتِي التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: قَبَالَةٌ) .
مُسْقِطَاتُ الْخَرَاجِ:
أَوَّلاً: انْعِدَامُ صَلَاحِيَّةِ الأَْرْضِ لِلزِّرَاعَةِ:
57 -
الْمَقْصُودُ بِانْعِدَامِ صَلَاحِيَّةِ الأَْرْضِ لِلزِّرَاعَةِ هُوَ أَنْ يَطْرَأَ عَلَى الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ طَارِئٌ خَارِجٌ عَنْ فِعْل الإِْنْسَانِ، يَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِنَ الاِنْتِفَاعِ
(1) الخراج لأبي يوسف ص 105 و 106 والأموال لأبي عبيد ص 71.
بِهَا كَانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا، أَوْ غَلَبَتِهِ عَلَيْهَا بِحَيْثُ تُصْبِحُ غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ.
فَإِذَا تَعَرَّضَتِ الأَْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ لِذَلِكَ سَقَطَ عَنْهَا الْخَرَاجُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْخَرَاجُ الْوَاجِبُ مُقَاسَمَةً، أَمْ وَظِيفَةً، فَيَسْقُطُ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ حَقِيقَةً وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ. وَيَسْقُطُ خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ؛ لأَِنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالأَْرْضِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ. (1)
هَذَا فِي حَالَةِ عَدَمِ إِمْكَانِيَّةِ إِصْلَاحِهَا وَإِعْمَارِهَا، أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ إِصْلَاحُهَا وَإِعْمَارُهَا فَيَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَعْمُرَ الأَْرْضَ وَيُصْلِحَهَا مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَلَا يَجُوزُ إِلْزَامُ أَهْلِهَا بِعِمَارَتِهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
فَإِنْ سَأَلَهُمْ أَنْ يُعَمِّرُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَعْتَدُّ لَهُمْ بِمَا أَنْفَقُوا عَلَيْهَا مِنْ خَرَاجِهَا فَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ.
وَإِذَا كَانَ سَهْمُ الْمَصَالِحِ عَاجِزًا عَنْ سَدِّ نَفَقَاتِ إِصْلَاحِ هَذِهِ الأَْرْضِ أُجْبِرَ أَهْلُهَا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُمْ وَلأَِصْحَابِ الْفَيْءِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الاِنْتِفَاعُ بِتِلْكَ الأَْرْضِ بَعْدَ أَنْ بَارَتْ فِي
(1)(1) حاشية ابن عابدين 4 / 190، الكمال بن الهمام: فتح القدير 5 / 284، الزيلعي: تبيين الحقائق 3 / 274، الباجي: المنتقى 3 / 222، الماوردي: الأحكام السلطانية ص150، أبو يعلى: الأحكام السلطانية ص 168، البهوتي: منتهى الإرادات 2 / 119، ابن القيم: أحكام أهل الذمة 1 / 116.