الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ بِوُجُوبِ الْخَرْصِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (1) .
وَقَال الْخَطَّابِيُّ: أَثْبَتَ الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الْخَرْصَ وَالْعَمَل بِهِ، وَهُوَ قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَال: الْخَرْصُ بِدْعَةٌ، وَأَنْكَرَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ - يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ - الْخَرْصَ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الْخَرْصُ تَخْوِيفًا لِلأَْكَرَةِ لِئَلَاّ يَخُونُوا، فَأَمَّا أَنْ يَلْزَمَ بِهِ حُكْمٌ فَلَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ وَفِيهِ غَرَرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ جَوَازُهُ قَبْل تَحْرِيمِ الرِّبَا وَالْقِمَارِ (2) .
وَقْتُ الْخَرْصِ:
4 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ يَرَى مَشْرُوعِيَّةَ الْخَرْصِ فِي أَنَّهُ يَكُونُ حِينَ يَطِيبُ الثَّمَرُ وَيَبْدُو صَلَاحُهُ، لِقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها: إِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ عَلَيْهِمُ النَّخْل حِينَ يَطِيبُ قَبْل أَنْ يُؤْكَل مِنْهُ. (3)
(1) مغني المحتاج 1 / 386.
(2)
معالم السنن 2 / 44 وانظر المغني 2 / 706، والأموال لأبي عبيد ط - دار الفكر.
(3)
حديث: " كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر ". أخرجه أبو داود (2 / 260 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وأعله ابن حجر في التلخيص (2 / 171 - ط شركة الطباعة الفنية) بجهالة فيه، ولكن ذكر له شواهد يتقوى بها.
وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخَرْصِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفِ أَرْبَابِ الثِّمَارِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ.
مَا شُرِعَ فِيهِ الْخَرْصُ:
5 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخَرْصَ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ النَّخْل وَالْكَرْمِ، لِوُرُودِ الأَْثَرِ فِيهِمَا، فَلَا يُخْرَصُ الْحَبُّ فِي سُنْبُلِهِ، وَلَا الزَّيْتُونُ لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِمَا أَثَرٌ، وَلَيْسَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ حَتَّى يُقَاسَا عَلَيْهِ، وَالْحَبُّ مَسْتُورٌ فِي سُنْبُلِهِ، وَحَبُّ الزَّيْتُونِ مُتَفَرِّقٌ فِي شَجَرِهِ لَا يَجْمَعُهُ عُنْقُودٌ فَيَصْعُبَ خَرْصُهُ، وَلَا حَاجَةَ بِأَهْلِهِ إِلَى أَكْلِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ، فَإِنَّهُمَا يُؤْكَلَانِ رُطَبًا، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ لِيُخَلَّى بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ أَكْل الثَّمَرَةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ، ثُمَّ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ مِنْهَا عَلَى مَا خُرِصَ.
وَلأَِنَّ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ، وَالنَّخْل ظَاهِرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ، فَخَرْصُهَا أَسْهَل، مِنْ خَرْصِ غَيْرِهَا (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ: بِجَوَازِ خَرْصِ غَيْرِ التَّمْرِ، وَالْعِنَبِ إِذَا احْتَاجَ أَهْلُهُ، أَوْ كَانُوا غَيْرَ أُمَنَاءَ. (2)
وَقَال الزُّهْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ: يُخْرَصُ الزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ، لأَِنَّهُ ثَمَرٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَيُخْرَصُ كَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ.
(1) المغني لابن قدامة 2 / 710، ومغني المحتاج 1 / 387.
(2)
مواهب الجليل 1 / 387.